منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - جرائم المخذرات
الموضوع: جرائم المخذرات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-08, 15:15   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الضبط القضائي و الضبط الإداري

خـطـة الـبـحـث

مـقـدمــة :

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

المبحث الأول : ماهية كل من الضبط الإداري و الضبط القضائي و معيار التفرقة بينهما :
المطلب الأول : تعريف الضبط الإداري
المطلب الثاني : تعريف الضبط القضائي
المطلب الثالث : معيار التفرقة بين الضبط الإداري و الضبط القضائي

المبحث الثاني : من لهم صفة ضابط الشرطة القضائية ?
المطلب الأول : أعوان الضبط القضائي و الموظفون المنوط بهم مهام الضبط
الفرع الأول : الأعوان التابعون لضباط الشرطة القضائية الأصليين
الفرع الثاني : الأعوان التابعون لضباط الشرطة الفضائية الإستثنائيين
المطلب الثاني : بعض الموظفون الإداريين لهم بعض سلطات الضبط القضائي
الفرع الأول : سلطات الولاة في مجال الضبط القضائي
الفرع الثاني : وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق و الضبط القضائي

المبحث الثالث : التحقيق الأولي و الإختصاص الوظيفي للشرطة القضائية .
المطلب الأول : البحث و التحري
المطلب الثاني : جمع الأدلة
المطلب الثالث : تلقي التبليغات و الشكاوي
المطلب الرابع : جمع الإستدلالات
المبحث الرابع : الأوامر القضائية
المطلب الأول : الأمر بالإحضار
الفرع الأول : طبيعة الأمر بالإحضار
الفرع الثاني : تنفيذ أمر بالإحضار

المطلب الثاني : أمر إيداع في السجن
الفرع الأول : الهيئات المختصة بإصدار أمر الإيداع
الفرع الثاني : شروط صحة أمر الإيداع
المطلب الثالث : الأمر بالقبض
الفرع الأول : تبليغ أمر بالقبض
الفرع الثاني : تنفيذ الأمر بالقبض

2

الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالة تلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس
المبحث الأول : حالات التلبس
المطلب الأول : إرتكاب الجريمة في الحال
المطلب الثاني : مشاهدة الجريمة عقب إرتكابها
المطلب الثالث : تتبع الجاني بالصياح إثر وقوع الجريمة
المطلب الرابع : حيازة الجاني لأشياء تدل على مساهمته في الجريمة
المطلب الخامس : وجود أثار المشتبه فيه تدل على مساهمته في الجريمة
المطلب السادس : المبادرة بإبلاغ الشرطة لإثبات الجريمة عقب إكتشافها

المبحث الثاني : حالات التلبس و شروط صحتها
المطلب الأول : شروط صحة التلبس
الفرع الأول : أن يكون التلبس سابقا زمنيا على إجراءات التحقيق
الفرع الثاني : مشاهدة التلبس بمعرفة ضابط الشرطة القضائية
الفرع الثالث : أن يكون إكتشاف التلبس و إثباته قد تم بطريق مشروع
المطلب الثاني : بطلان إجراءات التلبس

المبحث الثالث : السلطات الإستثنائية لضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس
المطلب الأول : إخطار وكيل الجمهورية و الإنتقال فورا الى مكان الجريمة و
إجراء المعاينة .
المطلب الثاني : الإستعانة بأشخاص مؤهلين كالخبراء

المبحث الرابع : تفتيش المساكن و المحلات و حجز الأشخاص
المطلب الأول : كيفية عمليات التفتيش
المطلب الثاني : حجز الأشخاص المشتبه فيهم
المطلب الثالث : الشروط الواجب توافرها في محاضر الحجز تحت المراقبة

المبحث الخامس : إختصاصات ضابط الشرطة القضائية عند الإنتداب للتحقيق
المطلب الأول : الندب القضائي
المطلب الثاني : شروط صحة الأنابة القضائية
المطلب الثالث : الأثار القانونية للإنابة القضائية
الفرع الأول : الطبيعة القانونية لقرار الإنابة القضائية و الأثار المترتبة على ذلك
الفرع الثاني : سلطة ضابط الشرطة القضائية في تنفيذ قرار الإنابة القضائية و
القيود التي ترد عليها


الــخـــاتـــمـــــة
4


المــقـــدمـــة : - الإطار التاريخي للشرطة –
1- نظام الشرطة القضائية

لم يكن في الجزائـر أي نظـام للشرطة قبـل الفتح الإسلامي بالمعنى المتعارف عليه للشرطة و ذلك رغم تعاقب الدول التي شهدتها بلادنا من رومان و وندال و غيرهم و حيث أن هؤلاء الغزاة كانوا يحاولون إقطاع الجزائر و تسيير شؤونها بالقوة العسكرية وحدها و مع ذلك فقد شهدت بلادنا نظاما للأمن أيام ماسينيسا و يوغرطة رغم بساطتهم إلا أنهم تمكنوا من توفير الأمن و تحقيق النظام في الحواضر الكبرى خصوصا و بعد الفتح الإسلامي للجزائر ، عرفت بلادنا كغيرها من مناطق الأمبراطورية الإسلامية نظاما للشرطة أتبتت فعاليته و قوته في زمن كثرت فيه حملات الفتح و الغزوات ، و يهمنا في هذا المجال أن نستعرض تاريخ الشرطة الجزائرية أثناء العهد العثماني و خلال الإحتلال الفرنسي ، و ذلك لأن هاتين الفترتين أقرب إلينا تاريخنا من غيرها ، و لتوفر الوثائق التاريخية التي تبرز تطور هذا النظام أثناء هذين العهدين ، لقد كان نظام العثمانيين الإداري يعتمد أساسا على أعـوان يسمـون الحكام في المـدن و الشيوخ في الأرياف ، و كان هؤلاء يمارسون مهامهم بلباس مدني لتميزهم عن بقية الناس فقد يضعون أشرطة على أذرعتهم اليسرى و يتمتع هؤلاء الحكام بسلطات واسعة يراقبون بمقتضاها الضرائب و الجبايات و تكون تحت تصرفهم عناصر – أعوان – مهمتهم إقامة النظام و ضمان الأمن و السكينة و في قمة السلم الإداري نجد داي الجزائر الذي يدعم حكمه بقوة بوليسية خاصة يرتدي أفرادها الزي الأخضر ، و لا يعتدى نفوذ هؤلاء الأتراك ، و قد خولت لهم صلاحيات كبرى و كانوا مثال رهبة و خوف لدى الأقلية التركية ، و حتى أنه كان في إستطاعتهم توقيف أي باي أو ضابط دون حاجة الى قرار أو أمر بذلك ، و تعترف المؤرخة الفرنسية نسيان فالنسي في كتابها ) المغرب قبل إحتلال الجزائر – 1790-1830 ( بأنه رغم وجود نظام مركزي ضعيف و إدارة قاصرة و فرق قليلة إلا أن الحكومة التركية قد نجحت في تحقيق السكينة العامة بصفة دائمة ، و ما عجز عنه النظام الإستعماري الذي حاول إستغلال النظام التركي القائم قبل الإحتلال ريثما تستتب الأمور و يتم إحتلال أهم مناطق البلاد .
* يقول فاني كولونا أحد مفكري الإحتلال : - لقد تم الإحتلال الأول للجزائر بقوة السلاح ، و إنتهى عام 1871 بنزع السلاح من القبائل و يتضمن الإحتلال الثاني قبول إدارتنا و عدالتنا من قبل أهل البلد – و بالفعل لقد أنشأت إدارة للأمن أسندت الى قائد سام في جيش الإحتلال

5



و كان مفهوم الأمن لدى المستعمرين يتمثل في قمـع الأهـالي و إرهابـهم بزجـهم في السـجون و المعتقلات و إسكات الأصوات الحرة التي وقفت في وجه جحافـل الغـزو و الإحـتلال ، و يتذكر الكثيرون من ممن عاشوا أيام الإحتلال البغيض الممارسات القمعية و الصورة السيئة لقوات البوليس الإستعماري التي كانت تلاحق الوطنيين و تضيقهم ألوان و أصناف من العذاب فإن ضحايـا هذا الجهاز الإرهابي لا يتجاوزون المئات بل الآلاف ممن قضوا نحبهم داخل السـجون و مراكز التعذيب التي كانت منتشرة عبر مدن البلاد.



































7
* الشرطة الجزائرية بعد الإستقلال :
بعد إعلان الإستقلال تم تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني و ذلك في السادس من شهر يوليو عام 1962 وسط ظروف دقيقة و حساسة للغاية و قد كان الجهاز الجديد ملزما أن ينطلق من الصفر فبالنسبة للتوظيف لم تكن هناك مقاييس معينة مثلما هو عليه الحال الآن لإختيار موظفي الشرطة من بين أعضاء جيش التحرير الوطني ، و من بين العوامل التي يسرت التغلب على المشاكل المورثة عن العهد الإستعماري و الناجمة عن حرب تحريرية طويلة ، توفر إدارة ثورية صلبة لدى الرعيل الأول الذي كان يمثل القاعدة البشرية لجهاز الأمن في بلادنا ، إن المفهوم الحديث للشرطة يتمثل في كونها الرمز لقوة المجتمع و إرادته في حماية نفسه و أفراده من الأخطار التي يمكن أن تهدده و ليس عن عبث أن إعتمدت بعض الشعارات التي توحي بهذه الوظيفة السامية في حياة المجتمع عندما تعرف الشرطة عن نفسها بأنها العين الساهرة التي لا تنام ، إن دور الشرطة في بلادنا لم يعد يقتصر على توفير الأمن للمواطنين و حفظ النظام و حمايـة الأشـخاص و الممتلكـات و مكافحة الجريمة و الإنحراف بل إمتد ليشمل مجالات أخرى كالإعلام . و قد تأثر جهاز الأمن في الجزائر بالتغيرات التي طرأت على بلادنا في المجالات الإجتماعـية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية و إنعكس ذلك عليه في تطوير نظمه و لوائحه و وظائفـه بـل و في هيكلـه البنائي و التنظيمي .

و نجد الشرطة نفسها في سباق مرهق لتطوير مصالحها لمواجهة السرعة المتزايدة في شتى نواحي الحياة الإجتماعية و الإقتصادية و تفاقم المشاكل الناجمة عـن التـغيرات الإجتماعـية و المفاجئة و رغم كل المصاعب و الأخطار التي تواجهها الشرطة فإن دورها يتعاظم بإستمرار . إن تشكل العدو الأساسي لجهاز الشرطة و هي لا تكتفي بقمعها حال حدوثها بل الهدف الحقيقي و الأساسي للشرطة يتمثل في منع حدوث الجريمة ذاتها و هكذا يصبح دورها وقائيا أو تربويا على الأصح ، ذلك أننا في الأمن الوطني نؤمن بصحة الحكمة القائلة * الوقاية خير من العلاج * و نريد تطبيقها في جميع ميادين نشاطها.
إن مجتمعنا العربي المسلم مجتمع أسس على الخير وجب الفضيلة مـصداقا للتوجيـه الإلهـي الكـريم : = و لتكن منكم أمة يدعون الى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر أؤلئك هم المفلحون =
* صدق الله العظيم * صورة آل عمران الأية 104





9







































11

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

المبحث الأول : ماهية كل من الضبط الإداري و الضبط القضائي و معيار التفرقة بينهما:

إن أهم الأدوار التي تمر بها القضايا الجنائية أو الجنحية هي مراحل ثلاثة :

المرحلة الأولى : جمع الإستدلالات بواسطة الشرطة القضائية و التي تنحصر مهمتها في البحث و التحري عن الجرائم و مرتكبيها و جمع العناصر الخاصة بهذه الجرائم و جمع عناصر التحقيق و هذا ما يسمى بالتحقيق الأولي .

المرحلة الثانية : أما الدور الثاني الذي تمر به القضية هو التحقيق الإبتدائي الذي يباشر قضاء التحقيق عادة أو النيابة العامة إستثناءا و الهدف منه هو مراقبة أعمال الضبطية القضائية و إتمامه إن كان يحتاج الى إتمام ثم جمع الأدلة و القرائن القضائية و في الأخير تقرير ما يجب إتخاذه مرتكبي هذه الجريمة ، أي ما إذا كان هناك محل للمتابعة و المحاكمة .

المرحلة الثالثة : و هو التحقيق النهائي و التي تجريه المحكمة في جلسة و يجب أن تتوفر في التحقيق النهائي ، الشروط اللازمة التي تكفل للجميع حرية الإتهام و حريـة الدفـاع شفـوية و علنية و مواجهات في المرافعات ، إن هذه الأدوار الثلاثة السابقة ذكرها تتعاون على أدائها سلطتان منفصلتان عن بعضهما البعض و هما الضبط القضائي و الشرطة – الأمن الوطني – بصفة عامة هي تلك الهيئة التي يناط بها المحافظة على النظام العام و السكينة العامة داخل التراب الجمهوري و هي تنقسم الى شرطة إدارية و شرطة قضائية و هذا ما سنتكلم عنه بشيء من التفصيل:

المطلب الأول : تعريف الضبط الإداري
البوليس الإداري أو الضبط الإداري مهمته الإحتياط لمنع الجرائم و وقوعها ، لذلك يتخذ الضبط الإداري تدابير لازمة ، عامة و قائمة بواسطة اللوائح و الأوامر التي يصدرها لهذا الغـرض و تهدف الى منع أسباب الإضطراب و إزالة الأسباب الـتي تؤدي الى الإخـلال بالنظـام العـام و السكينة العامة و البحث عن الأسباب التي تزيد في عدد الجرائم المرتكبة و في حصر و إحصـاء




13

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

المجرمين و مراقبتهم بإختصار دورها متمثل في حفظ الأمن و المحافظة عليـه داخـل البلاد و ذلك بمقاومة الآفات الإجتماعية و الميول الإنحرافية و الإجرامية مهمـا كان نوعـها أو مصدرها و يدخل ضمن إختصاصات الضبط الإداري المسائل الخاصة و إحراز الأسلحة التي تحتاج الى ترخيص و الى الإتجار بالمخدرات أو إستعمالها و مراقبة المشبوهين و المحلات العمومية ، و المحلات المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة العمومية و الخطيرة ، و محلات و بيوت الدعارة ، و الطرق العامة و المؤسسات الوطنية .... الى غير ذلك من وظائف الشرطة .

المطلب الثاني : تعريف الضبط القضائي
أما البوليس القضائي أو الضبطية القضائية أو الضبط القضائي كما يسميه قانون الإجراءات الجزائية الجزائري فوظيفته جمع الإستدلالات الموصلة للتحقق ، فهو يجري نوعا من التحقق التحضري أو الأولي الذي يسبق النيابة العامة أو قاضي التحقيق و تتلخص مهمة الشرطة القضائية في تلقي الشكاوي و التبليغات التي تصل إليها من أصحابها أو من الغير بشأن الجرائم على إختلاف أنواعها و إرسالها فورا الى النيابة العامة و جمع الإستدلالات و إجراء التحريات الضرورية لتسهيل الوصول الى مرتكبي الجريمة و لتسهيل تحقيق الوقائع التي تصل أو تبلغ إليها أو تعلم بهـا مباشـرة أو بأية طريقة أو كيفية كانت و في حالة التلبس بالجريمة تقوم بإثبات حقيقة وجود الجريمة و كيفية إرتكابها أو وقوعها و المكان الذي وقعت فيه و حالته و الظروف و الملابسات المحيطـة بالجـريمة ، و جمع الأدلة المتحصل عليها في مكان وقوع الجريمة و تحرير محضر بذلك يرسل على الفور الى السيد وكيل الجمهورية و الذي يكون قد أخبر بتلك الجريمة من قبل سواء بطريق الهاتف أو البرق أو مباشرة ، و ينتج من ذلك أن للشرطة القضائية صفتين إثنين :

الأولى : أنها تنحصر لعمل القاضي ، إذا هي تتقدم التحقيق و تسهله له ، و لكنها لا تجري أي عمل من أعمالها إلا بإذنه و بصفة مؤقتة ، و هي أيضا تتحرى و تعاين و تبحث و تثبت كل في محاضر ، و لكنها لا تستطيع أو تقدر تلك الإجراءات التي قامت بها ، و لا تفصل فيها ، وهي من الناحية الثانية أنها منسوبة الى القضاء بالرغم من أنها لا تشترك في العمل القضائي ، فهي إذ تنوب عنه أحيانا و مؤقتا و تعمل له و بإسمه و لمصلحته1

أنظر : جندي عبد المالك الموسعة الجنائية دار المؤلفات القانونية ، بيروت لبنان ، الجزء الرابع ص509 و ما بعد

15

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

المطلب الثالث : معيار التفرقة بين الضبط الإداري و الضبط القضائي
الناظر لأول وهلة لنصوص القانون يجد أن التفرقة بين تلك الأعمال – أي أعمال البوليس الإداري و القضائي – سهلة و لكنها في الحقيقة صعبة المنال و خاصة إذا كان القائم بالعملين واحد ، و حيث في هذه الحالة تحتد التفرقة و تصعب2 ، و ذلك كالشرطي الذي ينظم حركة المرور في الطريق ، فهو الذي يكلف السائق بالوقوف و هو في نفس الوقت الذي يقوم بتحرير محضر الواقعة المرتكبة و هي مخالفة قانون المرور ، و نتيجة لهذا الخلط و اللبس وجدت عدة معايير للتفرقة بين ما يعتبر من أعمال الضبطية القضائية و ما يعتبر من أعمال الضبطية الإدارية ، و من بين تلك المعايير القائل أن العمل لا يعتبر عمل ضبطية قضائية إلا إذا كان رجل الضبطية و قـد تحـرى في عمـل و موضوع محدد يمكن أن يؤدي الى تحريك الدعوى ، وهذا العمل أو الموضوع قد يكون نتيجة مجهودات قامت ها الضبطية أو بلاغ أو شكوى و لكن هذا المعيار لم يعول عليه طويلا لعدم كفايته وحده في تكييف عمل رجل الضبطية ، حيث أن هناك من البلاغات ما يكـون مـحدد الموضوع ، و من ثم يبدىء البحث عن معيار آخر للتفرقة بين عمل الضبطية بنوعيها.
فظهر بعد ذلك معيار الجريمة المحددة أي إذا كان عمل رجل الضبطية في جريمة محددة و قيامه بالتحريات منطلقا منها بعد تعيينها ، كان عمله محل ضبطية قضائية ، و إذا لم يكن كذلك بأن كان العمل عاما و لا يرمي الى الكشف عن جريمة محددة لا يخرج هو أيضا و لا يتعدى عمل الضبطية الإدارية3.
و قد كتب Jean Rivero4 في هذا الصدد قائلا : عن الضبط القضائي و الإداري يتميزان بالغاية من إجرائهما فالضبط الإداري مهمته مانعة لكل إضطراب أما الضبط القضائي فغايته قمعية .
و عليه يمكن التمييز بين الضبط الإداري و الضبط القضائي في كون الأولى مانعة للجريمة قبل وقوعها بإتخاذ التدابير للحيلولة دونها ، و الثانية تهدف الى تعقب الجريمة بعد وقوعها و جمع الإستدلالات اللازمة لإثبات و معرفة مرتكبيها و هذا بعـد تـحديددها ، و نتيجة لتلك التفرقة فإننا نجد من أطلق على رجال الضبطية الإدارية - بوليس منع –1


1- نفس المرجع 510
2- نفس المرجع 510
3- عبد الفتاح الشهاوي أعمال الشرطة ، و مسؤوليتها إداريا وجنائيا ط1 الغسكندارية ك منشأ المعارف 1969، ص28
4Jean Rivero, Droit administratif, précis delloz,Paris 1960,P332
1دمحمود مصطفى ، شرح قانون الإجراءات الجنائية ، القاهرة ، مطبعة جامعة القاهرة ط11 ص203

17

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي


المبحث الثاني : من لهم صفة ضابط الشرطة القضائية
لقد حددت المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية من يتمتع بصفة ضابط الشرطة القضائية :
1- رؤساء المجالس الشعبية البلدية
2- ضباط الدرك الوطني
3- محافظوا الشرطة
4- ضباط الشرطة
5- ذووا الرتب في الدرك الوطني و رجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل و الذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل و وزير الدفاع الوطني ، و بعد موافقة لجنة خاصة .
6- مفتشوا الأمن الوطني الذين قضوا في خدمتهم بهذه الصفة ثلاث سنوات على الأقل و عينوا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل و وزير الداخلية و الجماعات المحلية بعد موافقة لجنة خاصة .
7- ضباط و ضباط الصف التابعين للأمن العسكري الذين تم تعيينهم خصيصا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير الدفاع الوطني و وزير العدل.
و يحدد تكوين اللجنة المنصوص عليها في هذه المادة و تسييرها بموجب مرسوم بناءا على ذلك يتضح من هذه المادة أن هناك ثلاث فئات يتمتعون بصفة ضابط الشرطة القضائية و هي :
الفئة الأولى :
رؤساء المجالس الشعبية البلدية ، ضباط الدرك الوطني ، محافظوا الشرطة و ضباط الشرطة ، و هؤلاء لا يشترط فيهم أي شرط سوى تمتعهم بهذه الصفة دون مراعاة الأقدمية أو شكليات أخرى ، فهم إذن يعتبرون ضباط الشرطة القضائية بحكم القانون.








19

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي


الفئة الثانية :
ستقسم هؤلاء الى قسمين :
القسم الأول : و هم الأعوان التابعون لضباط الشرطة القضائية الأصليين.
القسم الثاني : و هم الأعوان التابعون لضباط الضبط القضائي الإستثنائيون .

الفرع الأول : الأعوان التابعون لضباط الضبط القضائي الأصليين .
لقد حددت المادة 19 من قانون الإجراءات الجزائية و المعدلة بالقانون 95/10 أعوان الضبط القضائي التابعون لرجال الضبطية الأصليين و ذلك بنصها على أنه يعد من أعوان الضبط القضائي = موظفوا مصالح الشرطة و ذووا الرتـب في الـدرك الوطـني و رجـال الـدرك و مستخدموا الأمن العسكري الذين ليست لهم صفة ضابط الشرطة القضائية فهذه المادة قد بينت أعوان الضبط ذوي الإختصاص العام و الذين يستطعون مباشرة أعمالهم في جميع الجرائم التي يستطيع رجال الضيطية القضائية القيام بها ما عدا ما منحه المشرع إستثناءا لرجال الضبطية القضائية كما فعل في حالة التلبس من حجز أو تفتيش مثلا :
فهم يقومون بمعاونتهم و تلبية طلباتهم و القيام بما كلفوا به من طرفهم و هؤلاء الأعوان كثيرون و متعددون منهم من هو ذو إختصاص عام كما حددته المادة 19 السابق ذكرهه أعلاه و منهم من هو ذو إختصاص خاص كما نصت على المادة 21 و هؤلاء الأعوان هم :
一- موظفوا مصالح الشرطة العاملون الذين لم يكتسبوا صفة ضباط الضبط القضائي ، سواء لعدم إنهائهم مدة 3 سنوات المطلوبة عليهم أو عدم ترشيحهم لذلك أو لعدم قبول اللجنة المشتركة لهم ، فهذه الطائفة إذا ما كانت كذلك عدت من الأعوان الضبطية القضائية و لها أن تقوم بالتحريات و جمع الإستدلالات و بما تطلبه منها الضبطية القضائية ذات الإختصاص الأصيل.
二- ذووا الرتب في الدرك و رجال الدرك و مستخدموا الأمن العسكري الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية و طبيعيا لا بد أن يكونوا متصفين بمانع من الموانع السابق
ذكرها و المتعلقة بموظفي مصالح الشرطة و العاملين التي منعتهم من الإتصاف بصفة الضبطية .

21


الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي


ج- الأعوان و المساعدون ذووا الإختصاص الخاص طبقا للمادة 21 قانون الإجراءات الجزائية حيث تنص هذه المادة على مايلي : يقوم رؤساء الأقسام ، المهندسون و الأعوان الفنيون و التقنيون و المختصون في الغابات و حماية الأراضي و إستصلاحها بالبحث و التحري و معاينة جنح و مخالفات قانون الغابات و تشريع الصيد و نظام السير و جميع الأنظمة التي عينوا فيها بصفة خاصة و إثباتها في محاضر ضمن الشروط المحددة في النصوص الخاصة .
فالمشرع قد حدد لكل فئة من هؤلاء المذكورين إختصاصا معينا لا يجوز لهم الخروج عنه فاصحاب الغابات فيما أنيطوا به و أصحاب الصيد فيما كلفوا به و أوكل إليهم أمره، هذا من جهة ، و من جهة ثانية أن تخصصهم آت أيضا من أنه لا يجوز لهم البحث و التحري إلا في الجنح و المخالفات على عكس الأعوان الذين لهم إختصاص عام في جميع الجرائم طبقا لما جاء في المادة 20 التي تقول ... يثبتون الجرائم المقررة في قانون العقوبات ممتثلين في ذلك لأوامر رؤساهم ...

الفرع الثاني : الأعوان التابعون لضباط الشرطة القضائية الإستثنائيون
و هؤلاء الأعوان حددتهم الفقرة الثانية من المادة 19 ذلك أنها بينت نوعية هؤلاء الأعوان و جاءت المادة 26 من القانون 93/14 تنص على أنه يسلم الأعوان الشرطة البلدية محاضرهم لوكلاء الدولة عن طريق ضباط الشرطة القضائية الأقرب كما ترسل نسخ من تلك المحاضر الى قائد فرقة الدرك و محافظ الشرطة ، و عليه فإن هؤلاء الأعوان يرسلون محاضرهم الى وكيل الدولة عن طريق رئيس المجلس الشعبي البلدي الذي يعتبر رجل ضبطية قضائية ، و لقد كان هذا المحضر فيما مضى يرسل الى وكيل الدولة عن طريق محافظ الشرطة أو ضابط الشرطة رئيس مصالح الأمن العمومي المحلي للجهة و في حالة عدم وجوده فلقائد فرقة الدرك ، و يتعين لتعديل 82 إرسال هذه المحاضر للمختصين خلال 5 ايام على الأكثر يحتسب فيها اليوم الذي أتبثوا فيه الواقعة موضوع المحضر ، و هذا ما نصت عليه المادة 26 من الأمر السالف الذكر و الذي به اصبح الإتصال بالنيابة يتم عن طريق رئيس المجلس الشعبي البلدي ، و لقد طلب القانون إرسال نسخة من تلك المحاضر الى قائد فرقة الدرك و محافظ الشرطة قصد إطلاعها على ماحدث .
23
الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي


المطلب الثاني : سلطات الولاة في مجال الضبط القضائي
لقد أجاز المشرع الجزائري و في حالات خاصة قد حددها للولاة أن يقوموا بأنفسهم بإتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لإثبات الجنايات و الجنح المرتكبة ضد أمن الدولة و عند الإستعجال فقط ، و لهم أن يكلفوا ضباط الشرطة القضائية بذلك ، و إذا قام بإستعمال هذا الحق ، فإنه يجب عليه أن يبلغ وكيل الجمهورية فورا و خلال 48 ساعة الموالية لبدء الإجراءات و أن يتخلى عنها للسلطات القضائية المختصة و يرسل الأوراق لوكيل الجمهورية و يقدم له جميع الأشخاص المضبوطين أو الأشياء المحجوزة.
و إن المادة 28 من قانون الإجراءات الجزائية قد نصت على ذلك بقولها : = يجوز لكل والي في حال وقوع جناية أو جنحة ضد أمن الدولة و عند الإستعجال فحسب إذا لم يكن قد وصل الى علمه أن السلطة القضائية قد أخطرت بالحادث أن يقوم بنفسه بإتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لإثبات الجنايات أو الجنح الموضحة آنفا أو يكلف بذلك كتابة ضباط الشرطة القضائية المختصين.
و إذا إستعمل الوالي هذا الحق المخول له فإنه يتعين عليه أن يقوم فورا بتبليغ وكيل الجمهورية خلال 48 ساعة التالية لبدء هذه الإجراءات و ان تتخلى عنها السلطة القضائية و يرسل الأوراق لوكيل الجمهورية و يقدم له جميع الأشخاص المضبوطين
و يتعين على كل ضابط من الشرطة القضائية تلقي طلبات من الوالي حال قيامه بموجب الأحكام السابقة و على كل موظف بلغ بحصول الأخطار طبقا لهذه الأحكام ذاتها أن يرسل الأول هذه الطلبات و أن يبلغ الثاني هذه الإخطارات بغير تأخير الى وكيل الجمهورية .
و بناءا على ما جاء في نص المادة 28 من قانون الإجراءات الجزائية يكون للوالي سلطات الضبط القضائي في حالات التالية ، و ضمن الشروط الواردة في المادة المذكورة أعلاه هي :
1-الجرائم ضد أمن الدولة : يعني هذا أن الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص و
الأموال و الأعراض لا دخل له فيها و لا صلاحيات له في التحري عنها .
2-أن تكون تلك الجرائم موصوفة قانونا بأنها جنحة أما خيانة المخالفة و أيا
كان نوعها فهي خارج عن نطاق إختصاصه و لاحق له فيها.


24
الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

3-أن يتوافر في تلك الجرائم وجه الإستعجال فإذا فقد هذا الوصف فإنها تبقى من إختصاص ضباط الشرطة القضائية الأصليين.
4-أن لا يكون الوالي قد علم بأن السلطة القضائية قد أخطرت بالجريمة حيث
علمها – أي النيابة أو الشرطة القضائية – يسقط على الوالي تلك الصفة و ينزع منه تلك الصلاحيات ما دام قد علم بذلك لأن القانون إشترط لمباشرة هذا الحق ألا يكون قد وصل علمه أن السلطة القضائية قد أخطرت بالحادث .
الفرع الثاني : وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق و الضبط القضائي .
هل يعتبر كل من وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق من ضباط الشرطة القضائية ?
و الجواب عن هذا السؤال يكون بنعم إذ ما استقر أنا بعض المواد من قانون
الإجراءات الجزائية ، و لا سيما المادة 12 منه إذ تنص على أنه : يقوم بمهمة الضبط القضائي رجال القضاء و الضباط و الأعوان الموظفون المبنينون في هذا الفصل ، و يتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي و يشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة إختصاص كل مجلس قضائي و ذلك تحت رقابة غرفة الإتهام بذلك المجلس.
و يتضح من عبارة ) يقوم بمهمة الضبط القضائي رجال القضاء ( و المقصود
هم أعضاء النيابة العامة و قضاة التحقيق على أساس أن هؤلاء هم الأقرب الى هيئة الضبط القضائي من غيرهم ، بمعنى هم المختصون مباشرة بالمتابعة و التحقيق كل في حدود إختصاصه التي منحه أياه القانون و بالتالي فهم من ضباط الشرطة القضائية وفقا للمادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية ، كما تنص المادة 56 منه على انه >> ترفع يد ضباط الشرطة القضائية من التحقيق بوصول وكيل الجمهورية لمكان الحادث ، و يقوم وكيل الجمهورية بإتمام جميع أعمال الضبط القضائي المنصوص عليها في هذا الفصل <<








26


الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

المبحث الثالث : التحقيق الأولي و الإختصاص الوظيفي للشرطة القضائية
لقد حدد المشرع في قانون الإجراءات الجزائية مهمة ضابط الشرطة القضائية و
واجباته المكلف بها أثناء تأديته وظيفته المتعلقة بمرحلة التحقيق الأولي و ما يناط به من أعمال خلال مرحلة الإستدلال و البحث و التحري .
و قد حددت تلك الإختصاصات المادة 12 الفقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية ،
إذ نصت على أنه >> يناط بالضبط القضائي مهمة البحث و التحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات و جمه الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ما دام لم يبدأ تحقيق قضائي <<.
و بناءا على نص هذه الفقرة فإن ضابط الشرطة القضائية تتلخص في البحث و
التحري عن الجرائم ، و البحث عن مرتكبي هذه الجرائم بالإضافة الى تلقي التبليغات و الشكاوي و جمع الإستدلالات و تحرير محاضر عن كل ذلك المهام و إرسالها الى النيابة العامة و إذا ما أفتتح التحقيق فإن على الضبط القضائي تنفيذ تفويضات جهات التحقيق و تلبية طلباتها = المادة 13 من قانون الإجراءات الجزائية = .
و إن إختصاصات الشرطة القضائية في هذه المرحلة هي :

المطلب الأول : البحث و التحري
لقد بين قانون الإجراءات الجزائية أن من بين مهام الشرطة القضائية مهمة البحث و
التحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات ، و ذلك طبقا لما نصت عليه المادة 12 الفقرة 2 حيث نقول = و يناط بالشرطة القضائية مهمة البحث و التحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات و جمع الأدلة و البحث عن مرتكبيها ما دام لم يبدأ فيها بتحقيق قضائي .
و التحري : هو عبارة عن إتخاذ كافة الإجراءات التي توصل رجل الشرطة القضائية
الى معرفة مرتكب الجريمة متى وصل الى عمله إرتكابها ، و ذلك عن طريق تجميعه للقرائن و الأدلة التي تثبت وقوع الجريمة و نسبتها الى فاعلها1 ، و التحري عن الجرائم عام إذا ما أطلق يشمل البحث المستمر لرجل الشرطة القضائية عن أي جريمة وصل علم

د سرور ، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية 1 ، ج/3 القاهرة : دار النهضة العربية 1980 ص18



28

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

و نبأ إرتكابها إليه ، و هذا هو أصل عملهم الذي لا ينفكون عنـه مـا دامـوا في دوائــر
إختصاصهم و هو خاص إذا ما قصر على جريمة معينة كالتي هي موضع الشكوى أو البلاغ و التحريات مطلوب فيها الجدية لأنها و إن كانت غير ملزمة للقاضي ، حيث هو غير مقيد في تكوين عقيدته و إقتناعه بأي دليل ، إلا أنه يمكن أن يعول عليها في إستصدار إذن ببعض الإجراءات الأخرى و التي قد يكون لها مساس بالحرية ، و التحريات يستطيع أن يقوم بها ضابط الشرطة القضائية كما يمكن أن يقوم بها عون من اعوانه و عليه إشترط فيها ألا تكون ماسة بحرمة المسكن و لا منهكة له و لا مساس لها بالحرية الشخصية )1( ، و هذا في حد ذاته يعد ضمانة للمشتبه فيه.

المطلب الثاني : جمع الأدلة
يقصد بجمه الأدلة الواردة في المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية ، القيام بعدة إجراءات الغرض منها التأكد بكل وضوح من وقوع الجريمة فعلا و معرفة من قام بها و التوصل عن طريق هذه الإجراءات التي تجمع الأدلة و القرائن ، و على إختلاف أنواعها من أوجه الإتباث الى إسناد الجريمة الى مرتكبيها قانونا .
و إن كل هذه الإجراءات يشترط فيها و في واضعيها أن تكون قانونية بمعني أن تكون صحيحة شكلا و يكون قد حررها و واضعوها أثناء مباشرة أعمال وظيفتهم و أوردوا فيها عن موضوع داخل في نطاق إختصاصاتهم ما قد رأوه أو سمعوه أو عاينوه بأنفسهم.
و يكون جمع الأدلة بالبحث عن الشخاص الذين شاهدوا الجريمة أو سمعوا بها و التحري عن الجاني و شركائه ، و عما يثبت التهمة قبلهم .
و إذا كانت مهمة ضابط الشرطة القضائية و واجباته هي البحث و التحري عن الجرائم و مرتكبيها عموما ، فإن ذلك لا يكون عفويا أو عشوائيا ، بل هناك نظام دقيق و فعال للوصول الى الهدف المنشود ، ألا و هو العثور على المجرم الحقيقي الذي قام بإرتكاب هذه الأفعال التي يعاقب عليها القانون الجزائري ، و ليس بالإمكان التوصل أحيانا الى ذلك

1
ذلك لأن الأصل في الإجراءات الماسة بالحرية الشخصية أو المسكن هي إجراءات تحقيق و لا يملكها رجال الضبطية أصلا ، و لكن لظروف إستلزمت منحها لهم ،
فكان ذلك إستثناء في التحريات لرجال الشرطة فحسب
3جندي عبد المالك ، الموسوعة الجنائية ، ج4 ص 523



30

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

و معرفة الجاني إلا ألقي الإخطارات أو الأخبار عن وقوع الجرائم عن طريق الشكاوي أو البلاغات التي تقدم الى ضباط الشرطة القضائية ، سواء من المتضررين أنفسهم أو من أناس آخرين من العامة ، شاهدوا وقوع الجريمة أو سمعوا عنها.

المطلب الثالث : تلقي التبليغات و الشكاوي
إن الواجب الأول الذي تلقي على ضابط الشرطة القضائية هو قبول التبليغات و الشكاوي التي ترد إليهم بشأن الجرائم التي تقع ، و إرسالها فورا الى النيابة العامة ، إذ يتعين عليهم أن يحرروا محاضر بأعمالهم و ان يبادروا بغير تمهل الى إخطار وكيل الجمهورية بالجنايات أو الجنح التي تصل الى علمهم ) المادة 18/1 من قانون الإجراءات الجزائية ( سواء ما يرد منها من أفراد الناس ، أو من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة عن الجرائم التي تقع أثناء تأدية عملهم أو بسببه .
و المقصود هنا ، بالتبليغ عن الجرائم إخبار عنها السلطات المختصة و هو غير الشكوى التي يقوم بها المجني عليه أو المتضرر من الجريمة أو الضحية و التبليغ عن الجرائم هو مجرد إيصال خبرها الى علم السلطات العامة و قد تكون تلك الأخبار من مصدر مجهول أو من مصدر معلوم ، كما قد يكون كتابة أو شفاه )1 (أو عن طريق الهاتف أو غيره من وسائل الأخبار و التبليغ و هو حق مقرر لكل إنسان سواء أكان مجنيا أم لا ، ذا مصلحة أو ليست له مصلحة في ذلك و يعقب و يتبع مباشرة تلقي التبليغات عن الجرائم القيام بالبحث و التحري عن مرتكبيها فورا.
و الجدير بالذكر أن الشكاوي تختلف عن البلاغات ، بحيث ان الشكاوي لا تكون إلا من الضحية أو المتضرر من الجريمة كما قد تكون من أي شخص كان ، كالموظف العمومي أو المكلف بخدمة ، كما قد تكون من مصدر مجهول على السواء ، يلاحظ أن الشكاوي التي ترد الى ضابط الشرطة القضائية ليس المقصود بها فقط الشكاوي التي تكون بصدد جريمة علق القانون فيما رفع الدعوى على الشكوى من المجني عليه ، و إنما يقصد بها الطلبات التي تقدم بها المتضررين من الجريمة مطالبين متابعة الجناة و تقديمهم الى العدالة طبقا للقانون ، أي تحريك الدعوى العمومية ضدهم.



1رؤوف عبيد ، مبادىء الإجراءات الجنائية في القانون المصري سنة 1974 ص 292



32

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

و قد نص المشرع على وجوب قيام ضباط الشرطة القضائية بإرسال التبليغات و الشكاوي التي يتصلون بها فورا الى وكيل الجمهورية ، إذ تنص المادة 18 من قانون الإجراءات الجزائية ، على أنه يتعين على ضباط الشرطة القضائية أن يحرروا محاضر لأعمالهم و أن يبادروا بغير تمهل الى إخطار وكيل الجمهورية بالجنايات و الجنح التي تصل الى عملهما و تنص المادة 17 من قانون تالإجراءات الجزائية على أن يباشر ضباط الشرطة القضائية السلطات الموضحة في المادتين 12 و 13 و يتلقون الشكاوي و البلاغات و يقومون بجمع الإستدلالات و إجراء التحقيقات الإبتدائية ، و في حالة الجرم المشهود سواء أكان جناية أو جنحة فإنهم يمارسون السلطات المخولة لهم بمقتضى المادة 42 منه و مايليها.

المطلب الرابع / جمع الإستدلالات
يقصد بجمع الإستدلالات تلك الإجراءات التي من شأنها التأكد من وقوع الجريمة و معرفة مرتكيها و التوصل عن طريق الإيضاحات الى تجميع القرائن و أوجه الإثبات التي يترتب عليها إسناد الجريمة الى مرتكبيها قانونا )1(. و تعتبر جمع الإستدلالات من إختصاصات ضباط الشرطة القضائية الوظيفة و هم يملكون إتخاذ عدة إجراءات قانونية للتمكن من جمع هذه الإستدلالات عن الجرائم و لو في غير حالة التلبس و بلا إستئذان سلطة التحقيق.
أولا : الإنتقال الى مكان الجريمة و إجراء معاينة ، و يعتبر هذا الإنتقال في بعض الجرائم من أوجب واجبات ضابط الشرطة القضائية ، و من ألزم الإجراءات التي يجب القيام بها في أسرع وقت ممكن ، كي لا تضيع معالم الجريمة أو آثار المجرم الذي إرتكبها و التحفظ على ما يجب الحفاظ عليه للوصول الى ما يفيذ التحقيق و ضبط ما يوجد في مكان الجريمة من أشياء تكون قد أسنعملت في الجريمة ، و فحصها بدقة بحيث قد تكون عليها بصمات أصابع المتهم أو المجرم الذي إرتكبها ، أو يكون قد ترك في مكان الجريمة أدوات معروفة لديه ، أو آلات حادة إساخدمها في الجريمة ، الى غير ذلك من الأشياء التي تفيد التحقيق من جهة و توصل الى معرفة الجاني ، و التي أوجب القانون على ضباط الشرطة القضائية القيام بها من جهة أخرى.


1د.إسحاق إبراهيم منصور المبادىء الأساسية في ق.إ.ج الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية 1982 ص67



34


الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

ثانيا: جمع الإيضاحات عن الجريمة و التي تفيد التحقيق ، سواء كانت من المبلغ أو الشهزد و ذلك عن طريق أخذ أقوالهم إذا كانوا قد شاهدوا الجريمة أو المجرم أولهم ما يفيد التحقيق من قريب أو من بعيد
ثالثا: سماع أقوال المتهم أو المتهمين و التحري عنهم بجميع المعلومات المختلفة ممن يعلم عنهم شيئا و مواجهتهم ببعضهم البعض و الشهود ، و كل ذلك في حدود القانون و المشروعة شـكلا و موضوعا .
تحرير محضر الإستدلالات :
أوجب قانون الإجراءات الجزائية على ضباط الشرطة القضائية أن يدون جميع الإجراءات التي تقوم بها في محضر موقع عليه منه و يوضح فيه كل الأعمال التي قام بها و وقعت قيامه و تاريخ و مكان حصولها.
كما يشمل هذا المحضر على توقيع الذين سئلوا بمعرفته من شهود أو خبراء أو ضحايا ، يرسل هذا المحضر على الفور الى وكيل الجمهورية مع الأوراق و الأشياء المضبوطة أو المحجوزة و في هذا الشأن تنص المادة 18 من قانون الإجراءات الجزائية على مايلي :
>> يتعين على ضباط الشرطة القضائية أن يحرروا محاضر أعمالهم و أن يبادروا بغير تمهل الى إخطار وكيل الجمهورية بالجنايات و الجنح التي تصل الى عملهم و عليهم بمجرد إنجاز أعمالهم أن يوافوه مباشرة بأصول المحاضر التي يحررونها مصحوبة بنسخة منها مؤشر عليها بأنها مطابقة للأصول تلك المحاضر التي حرروها و كذا جميع المستندات و الوثائق المتعلقة بها و كذلك الأشياء المضبوطة.
و ترسل المحاضر الخاصة بالمخالفات و الأوراق المرفقة بها الى وكيل الجمهورية لدى المحكمة المختصة و يجب أن ينوه في تلك المحاضر بصفة الضبط القضائي الخاصة بمجريها<<.
و إذا كان قانون الإجراءات الجزائية يوجب على ضباط الشرطة القضائية بعد إتمام عملهم أن يرسلوا محاضر الإستدلال الى النيابة العامة ، مع كل ما تم ضبطه من أشياء و أوراق للمادة 180 المذكورة أعلاه ، فالنيابة العامة أن تتصرف في تلك المحاضر و الأوراق و الأشياء على أحد الوجوه الثلاثة : فهي أن ترفع الدعوى و تحيلها مباشرة على المحكمة و إما أن تقوم بإحالتها على السيد قاضي التحقيق أو تأمر بحفظ الأوراق1 و إذا لم تريد هناك خرقا لقانون و أن لا وجه للمتابعة.

1د عوض محمد ، الوجيز في الإجراءات الجنائية ص208
36
الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

المبحث الرابع : الأوامر القضائية
يتطلب التحقيق الذي يقوم به القاضي المختص إتخاذ بعض الإجراءات الإحتياطية إتجاه المتهم و قد أعطى المشرع بعض السلطات لقاضي التحقيق لإتخاذ هذه الإجراءات الإحتياطية الهادفة الى خدمة القضية المطروحة أمامه للتحقيق فيها ، و هذه الإجراءات هي الأمر بالإحضار و الأمر بالقبض و الأمر بالإيداع ) و الحبس الإحتياطي و الإفراج المؤقت ( و أوامر التصرف بعد إنتهاء التحقيق ، و نتكلم عن هذه الأوامر بإيجاز فيما يلي :

المطلب الأول : الأمر بالإحضار
الأمر بالإحضار هو من إجراءات التحقيق يأمر بمقتضاه قاضي التحقيق شخص المتهم بالحضور أمامه في المواعيد المحددة في ذات الأمر و هو جائز في جميع أنواع الجرائم و قد عرفت المادة 110 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها : >> الأمر بالإحضار هو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق الى القوة العمومية لإقتياد المتهم و مثوله أمامه على الفور ، و تنص الفقرة الأخيرة من نفس المادة على أنه يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر الإحضار <<، و من إستقراء المادة المذكورة أعلاه يتضح أن الأمر بالإحضار أو الإستقدام هو الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق ضد المتهم و إلى القوة العمومية لتحضر المتهم أمامه على الفور لإجراء تحقيق معه و يبلغ الأمر بالإحضار الى المتهم أحد ضباط أو أعوان الشرطة القضائية ، و يقوم المبلغ بتسليم المتهم نسخة من الأمر بالإحضار و إذا كان المتهم معتقلا لسبب آخر بلغ إليه عن طريق المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية بنفس الإجراءات و عند الإستعجال و إذا لم يتمكن قاضي التحقيق من تسليم الأمر بالإحضار الى احد ضباط الشرطة القضائية المكلف بتنفيذه ، يمكنه أن يلجأ الى جميع الوسائل الإعلامية لإذاعته ، و عليه أن يوجه إيضاح محتويات الأمر بالإحضار الأساسية و على الأخص هوية المتهم و نوع التهمة الموجهة إليه و صفة القاضي المختص الذي أصدر الأمر ، و يجب على المتهم الصادر ضده الأمر بالإحضار أن ينقاد لعون القوة العمومية و أن يرافقه الى قاضي التحقيق الذي أصدر بشانه الأمر ، و إذا رفض مرافقة المكلف بتنفيذ الأمر يجوز لهذا الأخير الإستغاثة بالقوة العمومية القريبة منه إرغام المتهم على الإنقياد للأمر و الحضور أمام قاضي التحقيق و لو بالقوة و الشدة .

37



الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

على ماذا يجب أن يحتوي الأمر بالإحضار :
لقد نصت الفقرتان الثانية و الرابعة من المادة 109 من قانون الإجراءات الجزائية عن المشتملات التي يجب ذكرها في كل أمر بالإحضار و هذه المشتملات هي :
- يتعين أن يذكر في أمر بالإحضار نوع التهمة الموجهة الى المتهم .
- نصوص و المواد القانونية المطبقة على تلك التهمة
- يجب إيضاح هوية المتهم و هي ذكر إسمه و لقبه و نسبه بالكامل و عنوانه أو محل إقامته و كل ما هو ضمن الهوية .
- أن يؤرخ الأمر بالإحضار و يوقع عليه من القاضي الذي أصدره ، و يمهر بختمه.
- يجب أن يؤشر على الأمر وكيل الجمهورية و يرسل بمعرفته .

الفرع الأول : طبيعة الأمر بالإحضار
يعتبر الأمر بالإحضار الذي يصدره قاضي التحقيق ذا طبيعة إدارية أو تحقيقية أو بعبارة
أخرى يعتبر ذا طبيعة غير قضائية و بالتالي لا يستطيع المتهم الصادر في شأنه الأمر بالإحضار أن يستأنفه أمام غرفة الإتهام لأنه ليس أمرا قضائيا بل هو إجراء تحقيق الغرض من إصداره إقتياد المتهم فورا أمام قاضي التحقيق للتحقيق معه ، و لكن الإشكال يقع مع النيابة العامة و هل يجوز إستئناف أمر الإحضار من قاضي التحقيق أم لا يجوز لها و من إستقراء أحكام المادة 109/4 من قانون الإجراءات الجزائية نجد أن من مشتملات الأمر بالإحضار الذي يصدره قاضي التحقيق ) يجب أن يؤشر عليه وكيل الجمهورية و أن يرسل بمعرفته ( فكيف نتصور أن يؤشر وكيل الجمهورية و يرسل الى الشرطة القضائية بمعرفته للتنفيذ ثم يستأنف و لكن بالرجوع أيضا الى أحكام المادة 170 من نفس القانون نرى أنها تنص بكل وضوح على إمكانية وكيل الجمهورية بإستئناف بقوله : >> لوكيل الجمهورية الحق في أن يستأنف أمام غرفة افتهام جميع أوامر قاضي التحقيق <<
و من إستقراء المادتين 109 و 170 من قانون الإجراءات الجزائية نجد أن هناك نوعا من
الإشكال و يتمثل في تناقض إجراءات إصدار الأمر بالإحضار و التأشير عليه من طرف وكيل الجمهورية و إرساله بمعرفته من جهة و من جهة اخرى حقه في يستأنفه أمام غرفة الإتهام حسب مفهوم أحكام المادة 170المذكورة أعلاه علما أنه لا توجد أحكام قضائية في مثل هذه الحالة كي تضع

39

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

مفهوما واضحا للمادتين المشار إليها أعلاه و تعطيها ما كان يقصده المشرع الجزائري عند وضعهما و بعبارة أوضح ليس هناك إجتهاد قضائي لهاتين المادتين .

إستجواب المتهم فورا :
تنص المادة 112 من قانون الإجراءات الجزائية على وجوب إستجواب كل من أقتيد
الى قاضي التحقيق تنفيذا لأمر بالإحضار علة الفور و إذا تعذر إستجوابه لسبب من الأسباب سيق الى السجن ، حيث لا يجوز حجزه أكثر من 24 ساعة دون إستجوابه إذا إنقضت المهلة و لم يستجوب خلالها المتهم وجب على المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية أن يقدمه من تلقاء نفسه أمام وكيل الجمهورية الذي يجب عليه هو أيضا أن يطلب من القاضي المحقق و في حالة غيابه أو تعذر عليه التحقيق مع المتهم ، فمن أي قاض آخر من قضاة الحكم أن يقوم بإستجواب المتهم في الحال و على الفور و إلا أخلي سبيل المتهم و كل متهم سيق الى مؤسسة إعادة التربية تنفيذا لأمر بالإحضار و مكث فيها اكثر من 48 ساعة دون أن يستجوب أعتبر محبوس حبس تعسفيا و يجوز قانونا معاقبة كل قاضي أو موظف قام بهذا الحبس التعسفي أو تهاون فيه بالعقوبات المنصوص عليها في الأحكام الخاصة بالحبس التعسفي و الواردة في المادة 107 من قانون العقوبات.

الفرع الثاني : تنفيذ أمر بالإحضار
إذا قام قاضي التحقيق بإصدار أمر بالإحضار طبقا للمادة 109 من قانون الإجراءات
فإنه يحوله الى وكيل الجمهورية لدى نفس المحكمة ليؤشر عليه و يرسل بمعرفته للتنفيذ الى العون المكلف و الذي يقع في دائرة إختصاصه مسكن المتهم الصادر ضده الأمر ، و إذا كان هذا الأخير يسكن في دائرة إختصاص قاضي التحقيق الذي اصدر الأمر أو بدائرة إختصاص المحكمة التي يوجد بها مصدر الأمر ، و في حالة ما إذا كان المتهم الذي يبحث عنه يسكن خارج دائرة إختصاص المحكمة التي يعمل بها قاضي المحقق الذي أمر بالإحضار علما أنه لا توجد أحكام قضائية في مثل هذه الحالة فإن وكيل الجمهورية يرسل إصدار الأمر الى وكيل الجمهورية لدى المحكمة التي يوجد بدائرة



41


الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

إختصاصها مسكن المتهم الذي يبحث عنه و يقوم بإرسال الأمر الى ضباط أو عون الشرطة القضائية المكلف بتنفيذ الأمر
و فور تسلم ضابط الشرطة القضائية أمر باإحضار يشرع في البحث عن المتهم ، و عند
العثور عنه يتأكد من شخصيته و هويته ) كالإسم و اللقب و تاريخ الإزدياد و الحالة العائلية و المهنية و العنوان .... ( و يعرض عليه أمر الإحضار و يسلمه نسخة منه ثم يوقع المتهم على محضر قانوني يقوم به عون الشرطة القضائية المكلف ، و بعد الإجراءات يقدمه الى وكيل الجمهورية في هذه الحالة نكون أمام وضعيتين :
الوضعية الأولى : أن يعثر على المتهم الذي يبحث عنه داخل الإختـصاص القضــائي
للمحكمة التي يعمل بها قاضي التحقيق الذي أصدر الإحضار ، فإن عون الشرطة القضائية يقدم المتهم الى وكيل الجمهورية الذي يحوله الى قاضي التحقيق الذي اصدر الأمر بنفس المحكمة .
الوضعية الثانية : أن يعثر على المتهم الذي يبحث عنه خارج دائرة إختصاص قاضــي
الأمر، و في هذه الحالة يقدم عون الشرطة القضائية المتهم الى وكيل الجمهورية الذي عثر في دائرة إختصاص محكمته على المتهم أي سياق المتهم الى وكيل الجمهورية للمكان الذي وقع فيه القبض و يستوجب عن هويته و يتلقى أقواله بعد أن يتنبه بأنه جر في عدم الإدلاء بأقواله ثم يحيله الى حيث يوجد قاضي التحقيق المختص.
و إذا عارض المتهم على إحالته على قاضي الأمر و قد حججا جدية تنفيذ التهمة الموجهة اليه قام وكيل الجمهورية في هذه الحالة يبعث المتهم الى مؤسسة إعادة التربية الموجودة بالقرب منه و يبلغ فورا و بأسرع الوسائل قاضي التحقيق الذي اصدر الأمر بالإحضار يرسل له محضر الإحضار أيضا كاملا للوقائع و الإجراءات التي تمت ضد المتهم و به كافة البيانات التي تساعد على التعرف على هوية المتهم و على الحجج التي أدلى بها أمام وكيل الجمهورية ، و يقرر قاضي التحقيق المنظورية أمام القضية ما إذا كان ثمة وجه لأمر ينقل المتهم أمام المحكمة التي يعمل بها قاضي الأخير.



42



الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

المطلب الثاني : أمر بالإيداع في السجن
يعرف أمر بالإيداع بأنه هو الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق المختص الى المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية لكي يستلم المتهم و يعتقله ، و قد عرفت المادة 117/1 من قانون الإجراءا الجزائية بقولها : = أمر الإيداع بمؤسسة إعادة التربية هو ذلك الأمر الذي يصدره القاضي الى المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية بإستلام و حبس المتهم يرخص هذا الأمر أيضا بالبحث عن المتهم و نقله إلى مؤسسة إعادة التربية إذ كان قد بلغ به من قبل

الفرع الأول : الهيئات المختصة بإصدار أمر الإيداع
بمناسبة الكلام عن الأمر بالإيداع ، فإن من الأفيد أن نلقي بعض الأصوات الى الجهات المختصة في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري بإصدار الأمر بالإيداع في الحبس و ذلك فقد نصت المادة 117 من قانون الإجراءات الجزائية على أن أمر الإيداع بمؤسسة إعادة التربية هو ذلك الأمر الذي يصدره القاضي المشرق رئيس مؤسسة إعادة التربية بإستلام و حبس المتهم و كلمة قاضي مطلقة و ليست خاصة بقاضي التحقيق وحده ، و بالتالي فهناك قضاة آخرون يمكنهم إصدار أمر الإيداع ، و بالتالي تكون الهيئات المختصة بإصداره هي :
أولا : قاضي التحقيق
إن قاضي التحقيق المختص يجوز له إصدار أمر الإيداع حسب الشروط الواردة في القانون ، فقد نصت المادة 109 من قانون الإجراءات >> يجوز لقاضي التحقيق حسبما تقتضي الحالة أن يصدر أمر بإحضار المتهم و إيداعه السجن أو بإلقاء القبض عليه ، كما تشير المادة 118 من نفس القانون إلى أنه لا يجوز لقاضي التحقيق إصدار أمر إيداع بمؤسسة إعادة التربية إلا بعد إستجواب المتهم .....<< و إختصاص قاضي التحقيق بإصدار أمر الإيداع هو إختصاص وظيفي تمليه عليه مقتضيات ظروف القضايا التي تطرح أمامه للتحقيق فيها .
ثانيا : وكيل الجمهورية
لقد منح المشرع الجزائري وكيل الجمهورية إصدار أمر الإيداع السجن ذلك إذا توفرت في القضية شروط قد أوردها المشرع في أحكام المادة 59 من قانون الإجراءات الجزائية ، و فمحتوى

44


الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

هذه المادة هو أنه يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر الإيداع إذا توفرت في الجريمة الشروط التالية :
- أن تكون الجريمة من الجنح المتلس بها.
- أن لا يقدم المتهم ضمانات كافية للحضور للمحاكمة.
- أن يكون الفعل معاقبا بالحبس
- لم يكن قاضي التحقيق قد أخطر بالجريمة
ففي هذه الحالة يصدر وكيل الجمهورية أمر إيداع المتهم الحبس بعد إستجوابه عن هويته و عن
الأفعال المنسوبة إليه ، و تنص أيضا الفقرة الأخيرة من المادة 117 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بإيداع المتهم بمؤسسة إعادة التربية ضمن الشروط المنصوص عليها في المادة 59 إذ ما رأى المتهم بإرتكاب الجنحة لم يقدم ضمانات كافية لحضور مرة أخرى ، و بهذه النصوص يتضح أنه بإمكان وكيل الجمهورية إصدار أمر لإيداع المتهم الحبس ضمن الشروط الواردة في أحكام المادة 59 من قانون الإجراءات الجزائية .
ثالثا : محكمة الجنح
يجوز لمحكمة الجنح ) دون الدخول في تفاصيل الإجراءات ( أن تأمر بقرار خاص مسبب إيداع المتهم في السجن أو القبض عليه و ذلك إذا كانت الواقعة جنحة من جنح القانون العام و كانت العقوبة المقضى بها تقل عن الحبس سنة ، و كل ذلك حسبما جاء في أحكام المادة 358 من قانون الإجراءات الجزائية و تحيز المادة 55 من تنظيم الأسعار للمحكمة أن تصدر أمر إيداع ضد المتهم المحكوم عليه بالحبس أقل من سنة.
رابعا : رئيس غرفة الإتهام
تجيز المادة 181 من قانون الإجراءات الجزائية لرئيس غرفة الإتهام إصدار أمر بالإيداع بناءا على طلب النائب العام الذي يتلقى على إثره صدور قرار من غرفة الإتهام بالأوجه للمتابعة ، أوراقا ظهر له من خلالها أنه تحتوي على ادلة جديدة كأقوال الشهود و الأوراق و المحاضر التي لم يمكن عرضها على هيئة التحقيق ففي هذه الحالة و ريثما تنعقد غرفة الإتهام يجوز لرئيسها أن يصدر بناءا على طلب النائب العام أمرا بالقبض على المتهم أو بإيداعه السجن.

46
الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

كيف هو شكل أمر بالإيداع ?
من إستقراء أحكام المادة 109 من قانون الإجراءات الجزائية يتضح شكل الأمر أو الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق أثناء مباشرة مهام التحقيق في القضايا المطروحة أمامه ، و يجب أن يذكر في كل أمر من الأوامر مايلي :
- نوع التهمة الموجهة للمتهم أهي جنحة أو جناية مع تحديدها بالضبط .
- المواد القانونية المطبقة على الجريمة محل المتابعة .
- إيضاح هوية المتهم : و هو ذكر الإسم و اللقب و تاريخ و مكان الإزدياد و الحالة العائلية و المهنة التي يباشرها و عنوان سكناه أو محل إقامته.
- يؤخ الأمر و يوقع عليه القاضي الذي أصدره و يمهر بختمه.
- يؤشر على الأمر الذي يصدره وكيل الجمهورية و يرسل بمعرفته

كيف ينفذ أمر الإيداع ?
يتم تنفيذ أمر الإيداع في السجن بأن يسلم الى عون الشرطة القضائية في نسختين و
يقوم المكلف بالتنفيذ بإقتياد المتهم الى مؤسسة إعادة التربية و يسلمه الى المشرف رئيس المؤسسة الذي يقدم له إقرار بإستلام المتهم و وضعه في المؤسسة يؤشر على إحدى النسختين و يعيدها الى الهيئة التي لأصدرت الأمر.

الفرع الثاني : شروط صحة أمر الإيداع
لقد وردت شروط صحة أمر الإيداع في المادتين 117 و 118 من قانون الإجراءات الجزائية و هذه الشروط هي :
الشرط الأول : لا يجوز لقاضي التحقيق إصدار أمر الإيداع إلا بعد إستجواب المتهم إذ إشترطت الفقرة الأولى من المادة 118 لصحة أمر الإيداع من قاضي التحقيق أن يقوم هذا الأخير بإستجواب المتهم قبل إصدار الأمر .
و الإستجواب هو إجراء من إجراءات التحقيق يثبت بمقتضاه قاضي التحقيق من هوية المتهم ، و يناقشه في التهمة المنسوبة إليه و مواجهته بالأدلة القائمة ضده ، و السماح له بالدفاع عن نفسه.
47


الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

و قد نصت المادة 100 من قانون الإجراءات الجزائية على مضمون الإستجواب الذي يقوم به المحقق أثناء مثول المتهم أمامه لأول مرة و قد أكدت على وجود أن يتضمن الإستجواب بصفته إجراء من إجراءات التحقيق الأمور التالية :
- يتأكد قاضي التحقيق من هوية المتهم الماثل أمامه لأول مرة
- يحيطه علما و صراحة بكل واقعة من الوقائع المنسوبة إليه ، مع تحديد وصفها القانوني إن أمكن ذلك .
- ينبه قاضي التحقيق المتهم بأنه حر في عدم الإدلاء بأي شيء و يشير الى ذلك في محضر الإستجواب .
- ينبه قاضي التحقيق المتهم بأنه له الحق في إختيار محامي للدفاع عنه أو يعين له محاميا إذا طلب منه ذلك و يشير الى ذلك في المحضر أيضا .
- و يجب عليه أن ينبه المتهم الى وجوب إخطاره بكل تغيير يطرا على عنوانه أو إقامته
فإذا لم يقم قاضي التحقيق بإستجواب المتهم طبقا لأحكام المادة 100 المشار إليها
أعلاه ، لا يجوز له إصدار أمر بإيداع المتهم مؤسسة إعادة التربية و إلا أعتبر أمر الإيداع باطلا لمخالفته لأحكام القانون.
الشرط الثاني : أن تكون الجريمة المتابع من أجلها جنحة معاقبا عليها بالحبس ، و إشترطت المادة 118 من قانون الإجراءات الجزائية لجواز قاضي التحقيق إصدار أمر الإيداع أن تكون الجريمة المتابع من أجلها المتهم جنحة معاقبا علبها بالحبس أو باية عقوبة أخرى أشد جسامة ، و بالتالي لا يجوز لقاضي التحقيق إصدار أمر بالإيداع في جريمة مخالفة أو جنحة معاقبا عليها بالغرامة فقط بل لابد لصحة الأمر أن تكون الجريمة جنحة على الأقل معاقبا عليها بالحبس أو بعقوبة أشد أو أن تكون جناية

الشرط الثالث : أن يبلغ قاضي التحقيق أمر الإيداع للمتهم و ينص عليه في محضر الإستجواب لقد أوجب المشرع لصحة أمر الإيداع أن يبلغ قاضي التحقيق للمتهم أمر الإيداع ، و يتعين عليه أن ينص هذا التبليغ في محضر الإستجواب ن فإذا لم تتوفر الشروط السالفة الذكر في أمر الإيداع الذي أصدره القاضي كان أمرا باطلا .




49
الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

وقف أثار الأمر بالإيداع :
يتوقف مفعول أمر بافيداع بالإفراج المؤقت عن المتهم المحبوس أو بالإفراج القانوني أو التلقائي و يتوقف مفعوله أيضا بصدور الأمر بإنتقاء وجه المتابعة ، أو عدم تجديد الأمر بعد إنتهائه حسب الشروط الواردة في القانون.

المطلب الثالث : الأمر بالقبض
لقد عرفت المادة 119 من قانون الإجراءات الجزائية الأمر بالقبض بقولها : >> الأمر بالقبض هو ذلك الذي يصدر الى القوة العمومية بالبحث عن المتهم و سوقه الى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجري تسليمه و حبسه << و بناءا على هذا التعريف يكون الأمر بالقبض غير مطابق لأمر بالإيداع ، حيث لا يصدر هذا الأخير إلا ضد المتهم الذي يساق أمام قاضي التحقيق مثلا و بعد إستجوابه طبقا لأحكام المادة 118 من قانون الإجراءات الجزائية في حين أن الأمر بالقبض يصدر للقوة العمومية للبحث عن المتهم الفار أو الموجود خارج التراب الوطني و سوقه ألى مؤسسة إعادة التربية المنوه عنها في الأمر .
متى يصدر الأمر بالقبض ?
يصدر عادة الأمر بالقبض على المتهم في الحالات التالية :
1- إذا كان المتهم هاربا و لم يستجب لإستدعاء القاضي الآمر .
2- إذا كان المتهم خارج إقليم الجمهورية و خيف هروبه ، و لم يقدم الضمانات الكافية للحضور مرة أخرى .
3- إذا كانت العقوبة المتابع من أجلها المتهم معاقبا عليها بعقوبة جنحة بالحبس أو عقوبة اشد جسامة ، ففي هذه الأحوال يجوز لقاضي التحقيق بعد إستطلاع راي وكيل الجمهورية أن يصدر ضد المتهم أمر بالقبض






50

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

الفرع الأول : تبليغ أمر بالقبض
يبلغ الأمر بالقبض و ينفذ بمعرفة أحد ضباط الشرطة القضائية أو أحد أعوان القوة
العمومية الذي يجب عليه عرض الأمر بالقبض على المتهم و تسليمه نسخة منه و إذا كان محبوسا بجرم آخر فيجوز تبليغه بمعرفة المشرق رئيس مؤسسة إعادة التربية ، و في حالة الإستعجال يجوز إذاعة الأمر بجميع الوسائل الإعلامية الممكنة و المتوفرة ، و يجب إيضاح البيانات الجوهرية المبينة في اصل الأمر بالقبض و على الأخص هوية المتهم = الإسم و اللقب ، مكان و تاريخ الإزدياد ، مهنته أو صناعته ، حالته العائلية و عنوانه إن أمكن = و نوع التهمة بالضبط الى غير ذلك من البيانات التي ينص عليها القانون و على الخصوص أن ينفذ المر طبقا لأحكام المواد 110 ، 111 و 116 من قانون الإجراءات الجزائية .

الفرع الثاني : تنفيذ الأمر بالقبض
ينفذ الأمر بالقبض وفقا لقواعد قانون الإجراءات الجزائية الخاصة بتنفيذ أمر الإحضار
فيقوم ضباط أو أعوان الشرطة القضائية أو القوة العمومية بالبلحث عن المتهم و سوقه الى المؤسسة العقابية المعنية بالأمر بالقبض و تسليمه الى المشرق رئيس مؤسسة إعلدة التربية ، الذي يسلم الى المكلف بالتنفيذ إقرار بتسليم المتهم ، و إذا قبض على المتهم خارج دائرة إختصاص القاضي الذي اصدر الأمر سيق المتهم فورا الى وكيل الجمهورية التابع له مكان القبض و عليه أن يتلقى أقواله بعد أن ينبهه بأنه حر في عدم الإدلاء باي شيء من أقواله ن و ينوه عن ذلك في المحضر ، ثم يقوم بغير تمهل بإخطار قاضي التحقيق الذي أصدر أمر القبض و يطلب منه نقل المتهم فإن تعذر نقله في الحال معليه أن يعرض الموضوع على القاضي الذي أصدر الأمر بالقبض .
- لا يجوز للعون المكلف بتنفيذ الأمر بالقبض أن يدخل مسكن أي مواطن قبل الساعة الخامسة صباحا و بعد الساعة الثامنة مساءا ، و عليه أي يصحب معه القوة الكافية حتى لا يتمكن المتهم من الإفلات ، و إذا تعذر القبض على المتهم فيبلغ الأمر بالقبض بلصقه في آخر محل لسكنى المتهم ، و كل ذلك حسبما ورد في المادة 122 من قانون الإجراءات الجزائية .


51

الفصل الأول : الضبط الإداري و الضبط القضائي

إستجواب المتهم :
إن المتهم الذي نفذ عليه أمر بالقبض و قدم الى السجن طبقا للمادة 120 من قانون الإجراءات الجزائية يجب إستجوابه خلال 48 ساعة من إعتقاله ن فإن لم يستجوب خلال هذه المدة ن يجب على المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية أن يقدمه من تلقاء نفسه الى وكيل الجمهورية الذي يطلب من قاضي التحقيق المختص ، و في حالات قليلة يطلب من أي قاض آخر من قضاة الحكم أن يقوم بإستجواب المتهم فورا و إلا أخلي سبيله .
و أعتبر المشرع أن كل متهم ، عتقل تنفيذا لأمر باقبض و بقي في مؤسسة إعادة التربية أكثر من 48 ساعة دون أن يستجوب أعتبر محبوسا تعسفيا ، و مظرا لمساس هذه الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق بشخص المتهم و بحريته ن فإن المشرع قد اوجب شروطا معينة لإصدارها و إيداع المتهم الحبس و إستجوابه خلال مهل معينة ن قد حددها القانون بكل موضوعية و أوجب إحترامها تحت طائلة العقاب الوارد في نص المادة 107 من قانون الإجراءات الجزائية ، إذ نصت الفقرة الثانية من المادة 113 من قانون الإجراءات الجزائية على أن كل رجل قضاء أو موظف أمر بالحبس التعسفي أو تسامح فيه عن علم إستجواب مجازاته بالعقوبات المنصوص عليها في الأحكام الخاصة بالحبس التعسفي .












51


































51

الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس -

تعريف التلبس )1 (:
التلبس في اللغة : كما جاء في الصحاح من لبس عليه المر خلط و منه قوله تعلى : >> و لبسنا عليهم ما يلبسون << و في الأمر لبسة بالضم أي شبهة يعني ليس بالواضح. كما جاء فيه ايضا لبس الثوب ، يلبسه بالفتح لبسا بالضم ، و لباس الرجل إمرأته ، و زوجها لبـاسها قال تعالـى : >> هـن لباس لكم و أنتم لباسا لهن << و تلبس بالأمر و باثوب ، و غيرها من المعاني 2
و يستفاد من هذا التعريف أن اللفظ يوحي بشدة الإقتراب و الإلتصاق ، قالرجل بعد الزواج يصير بمثابة اللباس للزوجة و هي تصير له كذلك ، و لا شيء أقرب الى الجسد من اللباس أو الثوب و هنا وصف المجم بالجريمة في حال ما إذا كانت الأدلة لا زالت قائمة و واضحة عند إنعدام الفارق الزمني أو كونه يسيرا لدرجة أنه لا يشك شخص في كون غيره هو المرتكب للجريمة .
و لقد عرف التلبس فقها بأنه : عبارة عن تقارب زمني بين وقوع الجريمة و إكتشافها و ذلك إما بمشاهدته عند الإرتكاب أو عند نهايته منها و لا زالت الأثار المتبثة كلها دالة عليها أو عقب الإرتكاب ببرهة يسيرة و بزمن قليل ، و من ثم فإن التلبس يمكن أن نقول عنه أيضا بأنه تلك الجريمة الواقعة و التي أدلتها ظاهرة و واضحة بحيث مظنة وقوع الخطأ حولها طفيفة و التأخير في مباشرة إجراءاتها يعرقل سبيل الوصول الى حقيقتها و طمس معالمها ن و هذا ما ذهب إليه المجلس الأعلى في قراره الصادر عن الغرفة الجزائية ليوم 27/10/1964 حيث لم يعتبر القبض على المتهم في مكان إرتكابه للجريمة هو المعيار المعتمد لقيام حالة التلبس ، بل إن حالة التلبس تكون قائمة و إجراءاتها صحيحة ما دامت أدلتها ظاهرة


1 و التلبس في اللغة العربية أصله لاتيني مستمد من كلمة FLAGRARE و منها جاءت التسمية الفرنسية FLAGRANCE
2 محمد الرازي ، مختار الصحاح ، مكتبة لبنان 1986 ص 246









51


الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس -

و واضحة و باتالي فالتأخر في إجراءاتها يعرقل سبيل الوصول الى الحقيقة فيها ن و عليه عللت الغرفة رفض نقص المتهم بما يلي :
- بأن تعريف التلبس لا يتطلب القبض على المتهم في نفس المكان الذي إرتكب الجريمة كما أن الفقه و القضاء متفقان على ان بداية التحريات طبقا لحالة التلبس تكون قائمة ما دامت الأدلة ظاهرة و قائمة و البحث فيها جاريا قصد إكتشاف المشتبه فيه و الذي تتطلب إجراءات القبض عليه فورا1 و مما سبق ذكره فالتلبس حالة تتعلق بإكتشاف الجريمة لا بأركانها القانونية2 ، و هذا الإكتشاف سواء كان بالسمع ، البصر أو بالشم .
- و التلبس يلحق جميع الجرائم إلا أن البعض منها لا يتسنى لنا وصفه بذلك طبقا للمعيار الزمني لإضفاء صفة التلبس عليها من عدمه ن ذلك لأن هذا المعيار مبينا على التقارب بين وقوع و الكشف للجريمة عن عدمهما و ما دام هذا المعيار فواقعا و فعلا أي جريمة تقع أو وقعت لا بد أن تكوًن فعلا حالة التلبس و لكن إكتشافها في تلك اللحظات و عدمه هو الذي يضفي عليها هذه التسمية ظاهريا أو ينزعها عنها ، و يحيلها الى الأحوال العادية .




1 كلية الحقوق و العلوم الإدارية ، المجلة الجزائية للعلوم القضائية و السياسية و الإقتصادية الجزائر ، المطبعة الرسمية العدد 41 السنة 1964 ص 55
2د سرور الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية ج/2 ، القاهرة : دار النهضة العربية 1980 ص 30












51
الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس -

المبحث الأول : حالات التلبس

حدد المشرع الجزائري حالات التلبس و ضكرها على سبيل الحصر نصب عينيه هذا كله خطورة ما ترتبه تلك الجرائم من آثار غالبيتها حريات الأفراد ، الناظر الى نص المادة 41 قانون الإجراءات الجزائية يجد أنها قد حررت صورا للتلبس .
و الذي يمكن ملاحظته على نص المادة 41 هو أن المشرع حسنا ما فعل عندما بين أن التلبس حالة تتصف بها الجريمة ذاتها لا المجرم نفسه ، مثل ما كان عليه قانون تحقيق الجنايات الفرنسي في المادة 41 ، حيث كان هذا الأخير يتكلم عن مشاهدة الجاني متلبسا بالجريمة ، و الأصح هو أن تكون الجريمة متلبسا بها و لو لم يعرف الجاني حيث أن مشاهدة جثة القتيل لا زالت تنزف دما أو حريقا لا زالت النار مشتعلة فيه أو أن نورا كهربائيا مضيئا ، و مصابيح معلقة من بيت صاحبه ليس متعاقدا مع إدارة الشركة الوطنية للكهرباء و الغاز ، و كل هذه الصور للجريمة المتلبس بها و إن كان صاحبها مجهولا .
و هذا ما هو مستنتج من قول المشرع في المادة 41 من قانون الإجراءات الـجزائية : >> توصف الجناية أو الجنحة بأنها في حالة تلبس ...... الخ << فالوصف هنا كان للجناية أو الجنحة و ليس للمشتبه فيه أو الفاعل ، كما يمكن أن نلاحظ على هذا النص أيضا إستخدامه عدة تعبيرات مختلفة في التدليل على الجريمة بأنها في حال تلبس و ذلك في فقرات المادة 41 الثلاث .
و هذا بقوله الأولى : ) توصف الحناية أو الجنحة بأنها في حال تلبس (
و في الفقرة الثانية : )كما تعتبر الجناية أو الجنحة متلبسا بها (
و في الفقرة الثالثة : ) و تتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة (
و في هذه التفرقة اللفظية من ننصف الى تعتبر الى تتسم التي أتى بها المشرع ليست إعتباطية عفوية و إنما هي مقصودة ، فالمشرع بقوله توصف الجناية أو الجنحة بأنها في حالة تلبس قاصدا بذلك التلبس الحقيقي و الفعلي ، أما ما أشار إليه في الفقرة الثانية بقوله : ) تعتبر الجناية أو الجنحة متلبسا بها ( فهو يشير الى التلبس الإعتباري ، و ما فعله و أشار إليه المشرع في الفقرة الثالثة و ذلك بقوله : ) تتسم الجريمة بصفة التلبس ( و هو ما لبس بتلبس حقيقي أو إعتباري و إنما أضفى عليه المشرع تلك الصفة لظروف و ملابسات رأى بأنها حرية يجب أن تكون كذلك و توصف بهذا الوصف.
51
الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس -

و لقد إستعمل المشرع العمل الزمني كمعيار للتفرقة بين تلك الأوصاف الثلاثة فإذا إنعدم الفاصل الزمني أو كان طفيفا جدا كنا بصدد التلبس الحقيقي المنصوص عليه في الفقرة الأولى ، و إذا وجد فاصل زمني طويل نوعا ما و لكن معالم التلبس و دلائل الإثبات و الإشتباه لا زالت قائمة كنا بصدد الجريمة المعتبرة متلبسا بها و هو ما يسمى بالتلبس الإعتباري المنصوص عليه في الفقرة الأولى ، و إذا زاد الفارق الزمني أي بين الإرتكاب و الإكتشاف ، كنا بصدد الجرائم المضفى عليها صفة التلبس و هو ما نص عليه أخيرا في الفقرة الثالثة .
و بعد هذا التقديم البسيط يجدر بنا أن نبين أحوال التلبس طبقا لما أتى به المشرع الجزائري حتى يتم إخرجها من نطاق التحريات الأولية العادية .

المطلب الأول : إرتكاب الجريمة في الحال
و تمثل هذه الحالة التلبس بمعناه الصحيح ، و الذي عبر عنه المشرع الجزائـري بقوله : ) توصف الجناية أو الجنحة بأنها في حالة تلبس إذا كانت مرتكبة في الحال ...( و المقصود بهذه العبارة هو أن تشاهد الجريمة وقت إرتكابها أو وقوعها. كما تتحقق هذه الحالة بمشاهدة الجريمة أثناء حدوثها أو تنفيذها أي أثناء إرتكاب الأفعال المادية أو الشروع فيها ، و في الغالب تكون عن طريق المشاهدة كما قد تكون عن طريق إحدى الحواس الأخرى للإنسان كالسمع أو الشم ، كأن يشم ضابط الشرطة القضائية أو فرد آخر رائحة المخدرات في مقهى يوجد به من يستعمل المخدرات ، أو سماع المجني عليه و هو يصرخ أو سماع العيارات النارية أثناء إطلاق النار على الضحية .
و يتحقق التلبس بمشاهدة الجريمة)1( لا بمشاهدة المجرم الذي قام بإرتكاب الجريمة ، فالتلبس عيني لا شخصي ، لأنه حالة تلازم الفعل لا الفاعل ، و يكفي أن يكون شاهدها قد حضر بنفسه وقت إرتكابها أو وقوعها بأية حاسة من حواسه ، و لهذا فقد أعطى قانون الإجراءات الجزائية سلطات إستثنائية خاصة لضباط الشرطة القضائية واسعة في حالة التلبس ، و لو لم يكن قد شاهد المجرم الذي إرتكب الجريمة بل شاهد الجريمة فقط




1د. رؤوف عبيد : نفس المرجع ص337

51
الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس -

كان يعتدي على شخص مار بالطريق العام و يصاب بطلقة نارية و يسقط على الأرض دون أن يشاهد المجرم .
المطلب الثاني : مشاهدة الجريمة عقب إرتكابها
و هذه الجريمة لم يكتشف أمرها أثناء إرتكابها أو حال وقوعها و إنما إكتشفت بعد إرتكابها بوقت قليل و لقد قامت بعض التشريعات بتقييد لفظ إرتكاب الجريمة بلفظ يفهم منه التقارب الزمني بين إكتشافها و إرتكابها .
أما المادة 41 الفقرة 1 ق.إ.ج ، فلقد نصت على أن حالة التلـبس تتوافـر بـكون ) الجريمة مرتكبة في الحال أو عقب إرتكابها ( و لم تقيد ذلك بأي وقت و لا بأي زمن محدود ، فعقب الإرتكاب بنصف ساعة و 6 ساعات ، و عليه كان من الأولى و الأفضل للمشرع أن يقرن تلك اللفظة بما يفيد التقارب الزمني بين الوقوع و الإكتشاف و لو بلحظة تفيد ذلك كعقب إرتكابها ببرهة يسيرة أو عقب إرتكابها بوقت قريب ، أو تبدل تلك العبارة بما يفيد ذلك كأثر وقوعها حيث تفيد اللفظة الفورية و هذه الفورية و تلك البرهة اليسيرة متروك تقديرها لضابط الشرطة القضائية خاضعا فيها لرقابة محكمة الموضوع ، و إن كان بعض الفقهاء قد قالوا بان الفترة التي تفهم من أثر وقوع الجريمة أو عقب إرتكابها مباشرة هي ذلك الوقت الضروري و الكافي لضابط الشرطة للإنتقال الى محل الحادث متى أخطر به ، و لقد عرفها محمود مصطفى بأنها الوقت التالي مباشرة لوقوع الجريمة أي أن الجريمة قد إنتهت و لكن الحركة الإجرامية لا زالت مستمرة حكما1.

و بمعنى أخر أن إنتهاءها كان من لحظة أو لحظات قصيرة حيث تمت مكتملة لجميع الأفعال المستلزمة لها و لكن أثارها لا زالت تنبىء عن وقوعها و نارها لم تخمد بعد بل تخلفت عنها بقايا لا زالت خامدة و دخان لا زال داخنا .
و هذا ما أورده جندي عبد المالك في التدليل على هذه الحالة و ذلك بإيراده حكم لمحكمة النقض المصرية الصادرة بتاريخ 16/03/1936 تحت رقم 40 سنة و 6 وقائع هذا الحكم تتمثل في الآتي : = إن زوجة القتيل رأت بعينها المتهمين وقت إرتكاب جناية القتل ، فجعلت تصرخ و تستغيث فسمع صراخها كثير من السكان المجاورين و بعض رجال الحفظ و قد أسرع أحدهم بناءا

1د. عبد الفتاح الشهاوي ، أمال الشرطة مسؤوليتها إداريا و جنائيا ، طبعة 1 الإسكندارية : منشاة المعارف 1969 ص 253

51
الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس -

على طلب هذه الزوجة و بلغ إثنين من قريب القتيل بالحادث ، فحضرا الى مكان الواقعة ، و بعد أن علما بتفاصيلها ذهب أحدهما الى العمدة و بلغه بها فحضر و سمع من زوجة القتيل أنها رأت فردا بيد أحد المتهمين قبادر بضبطهما و تفتيش منزلهما فعثر في منزل المتهم الذي قالت عنه الزوجة على فرد مخبأ تحت دولا بالمنزل فطعن هذا المتهم في الحكم الصادر ضده باعقوبة بحجة أن محكمة الجنايات أخذت بدليل باطلا في إثبات جريمة القتل و إعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، و هذا الدليل هو وجود في منزله عثر عليه العمدة عند تفتيش هذا المنزل حصل في غير حالة التلبس بالجريمة ، لآن العمدة لم يحضر إلا بعد وقوع الجريمة بساعة أو ساعتين ، و لكن محمكمة النقض قررت أنه يتضح من وقائع القضية أن العمدة بلغ بالحادث عقب حصول القتل قبادر بالحضور للمكان الذي به جثة القتيل و تحقق من حصول جريمة على إثر علمه فاسرع بتفتيش منزل الطاعن الذي إتهم بإرتكابها ، فيكون هذا التفتيش ، و قد وقع عقب إرتكاب الجريمة بزمن يسير ، و لم يكن قد جمدت نارها ، و يكون ما ذكره الحكم المطعون من وقوع التفتيش في حالة التلبس صحيحا و لا غبار عليه ، أما ما يعترف به الطاعن من أن العمدة لم بنتقل الى مكان الحادث إلا بعد وقوعها بساعة أو ساعتين فلا يزيل عن الجريمة صفة التلبس ، ما دام الثابت أن العمدة بادر باحضور الى محل الواقعة عقب إخباره مباشرة و شاهد آثار الجريمة و هي لا تزال بادية هذا ما أقضى به القضاء المصري و يعتبر قد تماشى مع ما يهدف إليه المشرع بنصه على هذه الحالة . أما القضاء الجزائري ، فقد ذهب المجلس الأعلى في قضائه الى تفسير واسع لكلمة عقب إرتكابه الجريمة مما جعلها تشمل 24 ساعة ، و هذا ما هو مستنتج من القرار الصادر بتاريخ 28/10/1961 .1 ، حيث إعتبرت الغرفة الجنائية للمجلس الأعلى حالة التلبس قائمة بالرغم من أن السارق قد قبض عليه صبيحة اليوم التالي لإرتكابه الجريمة.




11 هذا ما قال به الدكتور إبراهيم منصور عند كلامه عن أحوال التلبس في قانون الإجراءات الجزائري حيث قسمها الى قسمين تلبس حقيقي و ذكر فيه حالة إرتكاب الجريمة و في الحال و كذلك حال مشاهدة الجريمة عقب إرتكابها ، ثم تلبس إعتباري و ذكر أن تتبع الجاني من طرف المجني عليه أو العامة بالصياح من بين تلك الحالات ، و كذلك ما يقوله رؤوف عبيد حيث يقول عن إكتشاف الجريمة حال إرتكابها = تمثل هذه الحالة التلبس بمعناه العرفي الصحيح ، أما الحالات الأربع الأخرى فهي صور من التلبس الإعتباري = مبادىء الإجراءات الجنائية في القانون المصري ، طبعة 12 ، عين شمس طبعة جامعة عين شمس 1978 ص 302.







51

الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس -

و مع هذا علل المجلس قضاءه في ذلك بأن حالة التلبس قائمة لأن إكتشاف الأشياء المسروقة و إعترفات المتهم و كل الإجراءات قد تمت في أجل لا يتجاوز 24 ساعة ، أي أن 24 ساعة في نظر المجلس الأعلى هي وقت من الوقت القريب جدا ، و المعتبر عقب إرتكاب الجريمة ، و هذا المذهب وسع جدا كلمة عقب و زاد بالتالي من صلاحيات رجال الضبطية على حساب الحريات الفردية ، و كان الأولى بالمجلس الأعلى أن ينزع عن هذه الحالة صفة التلبس و تحري جميع إجراءاتها عادية لعدم إنضوائها تحت أحوال التلبس .

المطلب الثالث : تتبع الجاني بالصياح إثر وقوع الجريمة
و هي الصورة الثالثة للتلبس بالجريمة ، حيث نص عليها في الفقرة الثانية من المادة 41 ق.إ. ج بقولها : ) كما تعتبر الجناية أو الجنحة متلبسا بها إذا كان الشخص المشتبه في إرتكابها ... قد تتبعه العامة بالصياح ... ( و إستنتاجا من هذا اللفظ ذهب بعض الشراح الى ان التلبس نوعان.
إما حقيقي ، و إما إعتباري و التلبس الحقيقي هو ما نص عليه أولا ، أما التلبس الإعتباري فهو ما عبر عنه المشرع بلفظ تعتبر ، فهو ليس حقيقة و إنما إعتبارا)1( و التلبس في هذه الصورة لا يكون إلا بتوافر الشروط التي ذكرها القانون و هي التالية :
1- أن يتبع العامة ذلك المرتكب للجريمة ، و هذا الشرط نص عليه المشرع صراحة و لكن أخذه
بهذا الإطلاق قد يثير تساؤلات في حال ما إذا أتبعه المجني وحده هل هذه المتابعة من المجني عليه حالة التلبس و تكون كافية لها أم لا بد من الناس حتى يكون ذلك التتبع قانونيا و مكون لحالة التلبس ?. نقول بادؤه إن المشرع المصري كان أفصح من المشرع الجزائري ، حيث نص في المادة 30 إجراءات مصري بقوله ) و تكون متلبسا بها حال إرتكابها أو عقب إرتكابها ببرهة يسيرة ، و تعتبر الجريمة أيضا متلبسا بها إذا تبع المحني عليه مرتكبها ، أو تبعه العامة مع الصياح إثر وقوعها ( .
و شبه هذا القانون في الوضوح القانون الليبي ن حيث تنص المادة 20 إجراءات ليبية بقولهـا ) و تعتبر الجريمة متلبسا بها إذا تبع الجاني مرتكبها أو تبعه العمة بالصياح إثر وقوعها (


11 هذا ما قال به الدكتور إبراهيم منصور عند كلامه عن أحوال التلبس في قانون الإجراءات الجزائري حيث قسمها الى قسمين تلبس حقيقي و ذكر فيه حالة إرتكاب الجريمة و في الحال و كذلك حال مشاهدة الجريمة عقب إرتكابها ، ثم تلبس إعتباري و ذكر أن تتبع الجاني من طرف المجني عليه أو العامة بالصياح من بين تلك الحالات ، و كذلك ما يقوله رؤوف عبيد حيث يقول عن إكتشاف الجريمة حال إرتكابها = تمثل هذه الحالة التلبس بمعناه العرفي الصحيح ، أما الحالات الأربع الأخرى فهي صور من التلبس الإعتباري = مبادىء الإجراءات الجنائية في القانون المصري ، طبعة 12 ، عين شمس طبعة جامعة عين شمس 1978 ص 302.

51
الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس -


و المطلع الى النصين السالف الذكر يجدهما أنهما صريحان في إعتبار تتبع المجني مكونا لحالة التلبس .
أما المسرع الجزائري ، فلم ينص على ذلك صراحة ، و لا ندري هل إتباع المجني عليه للجاني من باب الأولى أم إتباعه وحده غير كاف ، و عليه لا بد من التعدد زيادة في الثقة و الإطمئنان حتى يدخل المجني عليه في عموم الناس ، أم أن المشرع قد قصد و أراد بكلمة عامة الناس أي فرد تتبع الجاني و لو كان واحدا ، دون إستلزام للتعدد و إيجاب له .
2- أن يكون لهذا التتبع مظهرا خارجي متمثل في الصياح)1(و ذلك لأن من متطلبات قيام حالة
التلبس وفق هذه الصورة هو تتبع العامة مع الصياح)2(، و المشرع صريح في نصه على ذلك ، حيث تقول الفقرة الثانية من المادة 41 : ) كما تعتبر الجناية أو الجنحة متلبسا بها إذا كان الشخص المشتبه في إرتكابه إياها في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح ( ومن هنا كان النص صريحا و ضرورة توافر الصياح سواء أكان مصحوبا بالمتابعة الجسدية و المطاردة أولا ، و منه أمكن القول بأن التتبع وحده دون الصياح لا يكفي لقيام حالة التلبس و لو بناء على إشاعة عامة إنتشرت بين الناس ذلك لأن الإشاعة و إن أمكنها تنبيه السلطات المختصة الى التحري أو التحقيق إلا أنها ليس في إستطاعتها أن تكون حالة التلبس و من تم فإن رجال الشرطة القضائية لو قاموا بأي عمل بناء على ذلك لا يزيد عن كونه تحريا في الأحوال العادية و الصياح المطلوب هنا ليس مشروطا بالصوت العالي المرتفع بل يكفي فيه أن يكون مسموعا بنبىء عن إستغاثة الشخص و طلب المساعدة في ضبط الجاني و عدم تمكينه من الفرار ، و به ـ أي الصياح ـ ينتبه المارة لمحاصرته و ضبطه كما يمنح ضابط الشرطة القضائية الحق في إتخاذ جميع الإجراءات الممنوحة له في أحوال التلبس الأخرى إزاء ذلك الشخص
3- أن يكون هناك تقارب زمني بين التتبع و وقوع الجريمة .
نص المشرع على أن الجنحة أو الجناية لكي تعتبر تلبسا بها على هذه الحالة يكون الشخص المشتبه في إرتكابه إياها في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح ،


1د.محمد سلامة الإجراءات الجنائية في التشريع المصري الجزء 2 القاهرة ، دار الفكر العربي السنة? ص 454
2د.سرور ، الوسيط في القانون الإجراءات الجنائية ، الجزء 2 ، القاهرة ، دار النهضة العربية 1980 ص 35



51


الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس -

و لكن لم يحدد المشرع ذلك الوقت القريب جدا بل ترك ذلك الأمر الى سلطة تقدير ضابط الشرطة القضائية خاضعا فيه إلى رقابة محكمة الموضوع إلا أنه مع ذلك يفهم من النص أنه يكون التتبع عقب وقوع الجريمة مباشرة .
و المعيار الزمني في هذه الحالة أوسع نطاقا منه في الحالة الثانية ، حيث إن تلك الحالة مشروطة بأن تكتسف الجريمة عقب إرتكابها من طرف ضابط الشرطة القضائية ، بينما هذه أن يتبع الشخص من طرف العامة بالصياح عقب إرتكابها و قد تستمر هذه المتابعة أو ذلك الصياح وقتا طويلا و حيث إن المشرع لم يحدد ذلك الوقت و لقد ذهبت محكمة النفض الفرنسية في حكمها الصادر في 07/01/1932 إلى أن هذا الوقت يمكن أن يستمر الى اليوم التالي من وقوع الجريمة ، و عليه لو طارد العامة شخصا لمدة زمنية معينة و هم في مطاردتهم هذه شاهدهم ضابط الشرطة القضائية المختص قتابعه و إستمر في مطاردته حتى إختفى الجاني في مزرعة فإستمر محاصرا لها يوما أو بعض يوم حتى تم القبض عليه ، فالجريمة باقية على وصفها من تلبس و لا تخرجها تلك المدة إلى الأحوال العادبة و لا تنقص ضابط الشرطة القضائية من الصلاحيات في شيء بالرغم من طول وقت المتابعة و هذا لعدم إنقطاعها من الوقوع حتى القبض عليه

المطلب الرابع : حيازة الجاني على أشياء تدل على مساهمته في الجريمة
حيث إن العثور على أشياء من شأنها التدليل على إرتكاب جريمة أو المساهمة فيها مع كونه في وقت قريب جدا من إرتكابها يجعلها في حالة تلبس، و المشرع عندما نص على هذه الحالة أطلق ما يثبتها و ما يعتبر أشياء ، حيث قالت المادة 41 : ) أو وجدت في حيازة أشياء ( و الأشياء تعني كل شيء يفيد في إثبات الجريمة و نسبتها إلى من وجدت عنده سواء أكان مساهما أو فاعلا أصليا و هذا كآلات و الأسلحة و الأمتعة و غيرها ، و هذه الحالة تشترط لنا معرفة مرتكبي الجريمة لو يكن معروفا ما قامت ، و لما شوهد الجاني و هو حامل لأشياء تدل على أنه مرتكب لتلك الجريمة ، و لكن هذه الدلالة ليست قطعية بل موجبة للشبهة و التهمة فقط ، و عليه إذا أتى بأدلة أو قام براهين تدل على براءته قضى له بالرغم من إعتباره في حالة التلبس ، و هذه الشياء أو تلك الدلائل لا بد من أن يكشف صاحبها في وقت قريبا جدا من إرتكاب الجريمة و إن كان المشرع لم يحدد هذا الوقت القريب تماشيا مع عدم تحديده في الآجال السابقة حيث ترك ذلك التقدير لضباط الشرطة القضائية خاضعا فيه لرقابة محكمة الموضوع ، و الشيء الملاحظ على هذا النص أنه مرن و موسع

الفصل الثاني : إختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس – مهام الضبطية في حالة التلبس -

لمجال التلبس بهذه الصور ، و كما نعلم بان الحيازة لا تستلزم وجود الشيء عند المشتبه و إتصاله به إتصالا ماديا بل يكفي في ذلك أن توجد الأشياء في حيازته .
فلو كانت الجريمة سرقة و كانت المسروقات موضوعة في حديقته عدت في حيازته و كان هذا كافيا لقيام حالة التلبس ضده.
كما أن المشرع لم يشترط التيقن و التأكد من جدية دلالة هذه الأشياء على إتهام الشخص ، بل إكتفى بمجرد إفتراض أنه فاعل أو شريك في تلك الجريمة فقط بينما المشرع المصري و اللبناني كل منهما يشترط لقيام هذه الحالة أن تكون الأشياء دالة على أنه فاعل أو مساهم في إرتكابها ، مما جعلهما أكثر إحترازا و تحفظ في قيام تلك الحالة و بالتالي كانا أكثر محافظة على الحريات الشخصية .