منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - محكمة الجنايات
الموضوع: محكمة الجنايات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-16, 18:38   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 محكمة الجنايات

مقدمـــــة:
عند دراستنا لقانون الإجراءات الجزئية في الجزائر نجده هو الآخر لم يسلم كغيره من بقية القوانين الأخرى من التأثر بالنظم القانونية الغربية، و ذلك للأسباب التاريخية المعروفة و نلاحظ ذلك من خلال الإجراءات المتعلقة بمحكمة الجنايات. حيث أنها لم تكن نابعة من عقول جزائرية، بل هي امتداد لأفكار غربية.
إلا أن الجزائريين أضافوا شيئا إيجابيا وهو ما يعرف بالاجتهاد القضائي الجزائري.
و كيف ما كان الحال، فإن الإجراءات الجنائية تهدف إلى تحقيق التوازن بين مصلحة المتهم في ضمان حريته و حق المجتمع في الدفاع عن نفسه.
و ليتحقق هذا الهدف فقد أتاح المشرع الجزائري أبوابا عدة بداية من مرحلة جمع الأدلة لتأتي بعدها مرحلة الاتهام ثم التحقيق و أخيرا مرحلة المحاكمة، هذه المرحلة التي يعد أهم مراحل الدعوى العمومية ومن خلالها يتم النطق بالحكم سواء بالإدانة أو البراءة.
و بما أن العقوبات في مواد الجنايات تعتبر أشد العقوبات لأنها تطبق على مرتكبي أخطر الجرائم و أشدها جسامة لذلك خصصت محكمة الجنايات للفصل في مثل هذه القضايا.
إن الدارس لموضوع محكمة الجنايات في التشريع الجزائري يواجه صعوبة في الإحاطة بكل قواعد الإجراءات التي تخضع لها هذه المحكمة و ذلك نظرا لخطورة و أهمية هذه المحكمة و العقوبات التي قد تسلط على المتهم في حالة الحكم عليه بالإدانة كما تظهر الأهمية البالغة في إجراءات سير هذه الدعوى أمام هذه المحكمة و تميزها عن إجراءات الجهات القضائية الجزائية الأخرى شكلا و مضمونا.
كما يفترض أن الشرع قد منح فيها ضمانات أكبر للمتهم الماثل أمام هذه المحكمة.
و سوف نستعرض كل ما يتعلق بمحكمة الجنايات استنادا إلى الاجتهاد القضائي الجزائري. و طبقا لمواد قانون الإجراءات الجزائية المتعلقة بمحكمة الجنايات.




و حاولنا في هذا البحث دراسة كيفية انعقاد محكمة الجنايات؟ و ما هي الإجراءات اللازمة لسير الدعوى أمام محاكم الجنايات؟
وللإجابة على هذه الأسئلة تطرقنا أولا إلى الإجراءات الأولية قبل المحاكمة و فيها بينا ضمانات المتهم في هذه المرحلة و كيفية الطعن في صحة هذه الإجراءات بالإضافة إلى كيفية انعقاد محكمة الجنايات.
ثم تناولنا في المرحلة الثانية مراحل إجراءات المحاكمة أمام محكمة الجنايات بدءا بمرحلة سير المحاكمة و القيام بالمرافعات ثم مرحلة العودة إلى الجلسة و النطق بالحكم و أخيرا تطرقنا إلى طريقة الطعن في الحكم.

الفصل الأول الإجراءات الأولية قبل المحاكمة و كيفية انعقاد المحاكمة

المبحث الأول الاجراءت الأولية قبل المحاكمة
المطلب الأول الإجراءات الخاصة بالمتهم
بعد صدور قرار غرفة الاتهام بإحالة المتهم و القضية أمام محكمة الجنايات هناك إجراءات خاصة بالمتهم المتمثلة في تبليغ قرار الإحالة و نقل المتهم و الملف و أدلة الإثبات بالإضافة إلى القيام باستجواب المتهم مع منحه حق اختيار و تعيين محامي للدفاع عليه و هذا ما سنتطرق إليه كما يلي:
الفرع الأول: تبليغ قرارالإحالة و نقل المتهم و الملف و أدلة الإثبات
أ- تبليغ قرار الإحالة للمتهم : يبلغ المتهم شخصيا بقر ار الإ حالة بواسطة مدير السجن ة و يترك له نسخة من القرار و ان لم يكن المتهم محبوسا فان التبليغ سيكون وفقا للشروط المنصوص عليها في المواد من 439 الى 481 من قانون الإجراءات الجزائية.
و المفهوم من هذا أن قرار إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات للفصل في موضوع التهمة المنسوبة يجب أن يبلغ إليه بواسطة إدارة السجن إذا كان في الحبس الإحتياطي أو محتزا على ذمة التحقيق و يقوم هذا الإجراء كتاب الضبط على مستوى الموْسسة العقابية تحت إشراف كل من النائب العام أو مدير الموْسسة العقابية حيث يتم تحرير مصضر التبليغ يوقعه كل من المبلغ و المبلغ به.
أما اذا لم يكن المتهم محبوسا بالموْسسة العقابيةفإن تبليغ قرار الإحالة إليه يكون عبر طريق التبليغ العادية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية في نص المادة 439 منه.
كل ذلك قصد تمكين المتهم من الإطلاع عليه و إعداد دفوعه أو الطعن فيه اذا رأى أنه معيب ’أو به أخطاْء في الواقع ’ أما اذا لم يبلغ إطلاقا فمن حقه أن يثير ذالك أمام محكمة الجنايات بحجة تجاوز قاعدة جوهرية و علء هذا الأ ساس فإن عدم التبليع يمكن أ ن يحتج به أمام محكمة الجنايات كواحد من الدفوع العارضة المتعلقة بالإجراءات التحضيرية



و ذلك قبلا بداية المرافعات و تحت ذريعة عدم القبول استنادا إلى ما نصت عليه المادة 290 من قانون الإجراءات الجزائية .
ب نقل المتهم:
بعد تبليغ المتهم بقرار الإحالة الذي أصبح نهائيا لعدم الطعن فيه أو فوات أجل الطعن ’ أو لرفض الطعن من المحكمة العليا’ ينقل المتهم المحبوس إلى مقر انعقاد جلسة محكمة الجنايات من طرف وكيل الجمهورية للمحكمة التي أجرى فيها التحقيق دون أن يحدد المشرع أي أجل معين لنقل المتهم’ و لكن التأخير في ذلك قد يوْدي إلى تأجيل القضية إذا ترتب عنه المساس بحقوق الدفاع دون أن يشكل ذلك سببا للبطلان.
وإذا كان المتهم المتابع بجناية في حالة إفراج أو لم يكن قد حبس موْقتا أثناء سير التحقيق ’ فيجب أن يقدم نفسه للسجن بمقر محكمة الجناياتفي موعده لا يتجاوز اليوم السابق للجلسة.
أما إذا لم يتقدم المتهم الحر أو الهارب في اليوم المحدد أمام رئيس المحكمة لاستجوابه بغير عذر مشروع رغم تكليفه بالحضور تكليفا صحيحا بالطريق الإداري بمعرفة قلم كتاب المحكمة الجنائية’ فينفذ ضده الأمر بالقبض الجسدي و تتخذ إجراءات التخلف عن الحضور طبقا للمادتين 269 و 317 قانون الإجراءات الجزائية.
و إذاألغت المحكمة العليا قرار محكمة الجنايات و أحالت القضية و الأطراف على محكمة جنايات أخرى ’ فيجب نقل المتهم إلى الموْسسة العقابية التي تقع فيها محكمة الجنايات التي أحيلت عليها القضية في أجل كافي لتمكينه من تحضير دفاعه.
ج نقل الملف و أدلة الإقناع
تنص المادة 269 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه بعد النطق بقرار غرفة الإتهام القاضي بإحالة المتهم على محكمة الجنايات يرسل النائب العام ملف الدعوى و أدلة الإقناع إلى كتابة ضبط مقر محكمة الجنايات و الملاحظة التي يمكن أن أبديها بشأن صياغة هذه المادة



هو أنه كان من المفروض أن تنص على نقل الملف و أدلة الإقناع إلى كتابة الضبط عندما يصبح قرار الإحالة نهائي كما أنها لم تحدد أجلا لذلك ’ و أعتقد أنه من المستحسن تحديد هذا الأجل لتسهيل مهمة الدفاع .
الفرع الثاني استجواب المتهم
تنص المادتين 270 و 271 من قانون الإجراءات الجزائية أن رئيس محكمة الجنايات أو أحد مساعديه من القضاة المفوضين يقوم باستجواب المتهم قبل افتتاح المناقشات بثمانية أيام على الأقل و هذه المهلة شرعت لتمكين المتهم من تحضير دفاعه لذا فإن عدم احترامها يترتب عنه بطلان الإجراءات اللاحقة.
كما يترتب البطلان كذلك إذا كان التاريخ المذكور في محضر الاستجواب لا يسمح من التأكيد من ذلك في وثائق أخرى و تضيف الفقرة الأخيرة من المادة 271 قانون الإجراءات الجزائية أنه يجوز للمتهم و وكيله التنازل عن هذه المهلة ’ لكن محكمة النقض الفرنسية اشترطت أن يكون هذا التنازل صريحا لكي يكون صحيحا و أن يكون من المتهم و محاميه معا و أن يثبت من أي ورقة من أوراق الملف كمحضر الاستجواب مثلا أو محضر تشكيل المحلفين و المرافعات.
و يعتبر الاستجواب تلأولي للمتهم الذي يتم في غياب الدفاع من أهم الإجراءات السابقة لمناقشتها في محكمة الجنايات ’ لأنه بفضله يتأكد رئيس الجلسة ما إذا كانت القضية مهيأة للفصل فيها أم لا و انطلاقا منه يبدأ المتهم في ممارسة حقوق دفاعه و لقد اعتبرته المحكمة العليا من الإجراءات الجوهرية غير أنها قررت أنه إذا أجري فلا يعاد من جديد إذا أجلت القضية إلى دورة أخرى أو أن القاضي الذي قام به عوض مثلا.




و تجري الاستجواب الأولي عادة في كتابة ضبط الموْسسة الهقابية لمقر مكجمة الجنايات دون أن يترتب أي بطلان إذا أجري في مكان آخر غير مقر محكمة الجنايات ما دام أن قانون الإجراءات الجزئية لم يحدد المكان الذي يجري فيه.
و إذا كان المتهم غير محبوس فان المادة 137 من قانون الإجراءات الجزائية تنص أنه يستدعي إداريا إلى كتابة ضبط محكمة الجنايات لاستجوابه و إذا لم يمثل في اليوم المحدد بغير عذر مشروع ينفذ ضده الأمر بالقبض الجسدي.
و من الإشكالات الهملية التي غالبا ما تطرح على محكمة الجنايات في هذه المسألة غياب المتهم المتابع بالجنح و المخالفات المرتبطة بالجناية و الذي تم استدعاوْه لإجراء الاستجواب الأولي بالمشرع لم ينص على الإجراءات التي تطبق في هذه الحالة خاصة أن تصدر حكم غيابي ضده و رأى أنه من المستحسن في هذه الحالة فصل ملفه عن ملف المتهم المتابع بجناية لتتم محاكمة هذا الأخير و منح محكمة الجنايات صلاحية الحكم ضده غيابيا .
و يتمثل موضوع الاستجواب حسب ما نصت عليه المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية و ينصب على ثلاث نقاط تتمثل فيما يلي يستجوب الرئيس المتهم عن هويته و يتأكد من أن المتهم قد بلغ بقرار الإحالة و يدعوه لاختيار محامي أو يعين له محامي تلقائيا.
1- هوية المتهم
يجب على الرئيس أن يتأكد من الهوية الكاملة للمتهم الاسم اللقب تاريخ و مكان الميلاد المهنة الموطن حالته العائلية و الجنسية و إذا ظهرت مسألة عارضة حول هوية المتهم يمكن للرئيس أن يأمر بإجراء تحقيق تكميلي في هذه المسألة و لكن لا يجوز للرئيس أن يستجوب المتهم عن موضوع القضية لأن الاستجواب الأولي لا يعتبر إجراء من إجراءات





التحقيق، و إذا رأى أنه من الضروري إجراء استجواب جديد للمتهم فلا يمكن له القيام به إلا في إطار التحقيق التكميلي .
2- تبليغ قرار الإحلة
يتحقق الرئيس ما إذا كان المتهم قد بلغ بقرار الإحالة فان لم يكن قدبلغ به يسلم له نسخة من هذا القرار.
*- محضر الاستجواب
و تنص على تحرير هذا المحضر المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية و هو يعد الوثيقة الوحيدة التي تثبت القيام بإجراء الاستجواب الأولي و الإجراءات الأخرى المنصوص عليها في المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية .
و يعتبر إجراء جوهري كالاستجواب نفسه ’ و عجم تحريره يترتب عنه البطلان و يوقع عليه الرئيس و الكاتب و المتهم ’ و المترجم عند الاقتضاء ’ و إذا لم يكن في استطاعة المتهم التوقيع أو امتنع عنه ذكر ذلك في المحضر ’ و اذا تضمن هذا المحضر تحشيرا بين السطور أو شطب أو تخريج فيها فإنه يجب المصادقة إليها من طرف الرئيس و الكاتب و المتهم و من المترجم أيضاإن كان ثمة محل لذلك و بغير هذه المصادفة تعتبر هذه التشطيبات أو التخريجات ملغاة ’ و كذلك الشأن في المحضر الذي لم يوقع عليه توقيعا صحيحا تطبيقا لأحكام المادة 95 من قانو ن الإجراءات الجزائية.
و تجدر الإشارة أن الرئيس ملزم بالاستجواب الأولي للمتهم مرة واحدة و لا يقوم باستجواب جديد إذا أجلت القضية إلى دورة أخرى أو عوض القاضي الذي قام به أو بعد إحالة القضية بعد النقض لكن إعادة هذا الاستجواب لا يرتب عنه أي بطلان .
الفرع الثالث اختار أو تعيين محامي
يعتبر هذا الحق أول حق من حقوق المتهم فهو الذي يملك حق اختيار محامي أو عدة محامين بكل حرية في أي وقت قبل أو أثناء الاستجواب الأولي أو حتى بعده كما يمكنه أن بغير المحامي متى شاء و لكن يجب أن يكون له محامي واحد على الأقل و هو حق لا يمكن له التنازل عنه لأنه يعتبر حقا دستوريا و هذا ما جاء به دستور 1996 في مادته 151 و يعين المحامي بطريقتين فإنما أن يكون اختياره من طرف المتهم أو يكون تعيينه تلقائيا.
1- اختاره من طرف المتهم:
تنص المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية أن الرئيس يطلب من المتهم اختيار محام للدفاع عنه ’ و إذا تم هذا الاختيار يذكر المتهم اسم المحامي أو المحامين الذين اختارهم لتسجيلهم في المحضر دون أن يشترط المشرع شروط معينة في المحامي الذي سوف يساعد المتهم أمام محكمة الجنايات ’ و المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية تسمح للمتهم حتى أن يعهد بالدفاع عنه لأحد أقاربه أو أصدقائه بصفة استثنائية بعد ترخيصه من الرئيس الذي له السلطة التقديرية في ذلك.
2 -التعين التلقائي:
تنص الماد ة 271 من قانون الإجراءات الجزائية أنه إذا لم يختار المتهم محاميا عين له الرئيس من تلقاء نفسه محاميا و كذا إذا لم يرخص الرئيس المتهم بالاستعانة بأحد أصدقائه أو أقاربه للدفاع عنه و اختيار الرئيس للمحامي و لا يمكن للمتهم أن يلزم الرئيس أن يعين له محامي معين لكن هذا التعيين يصبح كأن لم يكن إذا اختار المتهم محامي فيما بعد.
و إذا أجاب المتهم أثناء الاستجواب أنه اختار محامي و رفض الإدلاء باسمه فان الرئيس يعين له محامي تلقائيا و إذا دافع عنه هذا المحامي أثناء محاكمته دون أن يظهر من أوراق الملف
أن المتهم قد ذكر اسمه فيما بعد فإن تمسك المتهم بغياب المحامي الذي اختاره غير موْسس.
كما أن تكون هناك حرية اتصال بين المتهم و محاميه و هذا ما نصت عليه المادة 272 من قانون الإجراءات الجزائية على أن للمتهم أن يتصل بحرية بمحاميه و كل عرقلة تحد من هذه الحرية يترتب عنها بطلان الإجراءات و بالإضافة إلى أن المادة 272 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أن المحامي المتهم أن يطلع على جميع أوراق ملف الدعوى في مكان وجودها دون أن
يترتب على ذلك تأخر في سير الإجراءات و ان الملف يوضع تحت تصرف المحامي قبل الجلسة بخمسة أيام على الأقل.
المطلب الثاني: إعداد قائمة الشهود و كيفية مشاركة المحلفين
الفرع الأول : إعداد قائمة الشهود
تعتبر شهادة الشهود من أهم أدلة الإثبات أمام محكمة الجنايات ’ بغض النظر عن الجهة التي سيدلون بشهادتهم لصالحها و تكون الشهادة بما سمعوا و رأوا ’ و ذلك نفيا أو اثباتا لواقعة معينة.
و عليه فإذا كانت رغبة النيابة العامة في تقديم عدد من الشهود لأجل تدعيم إتهامها و تقوية حجتها أو كان للضحية المدعى المدني عدد من الشهود ير يد تقديمهم للمحكمة لسماعهم قصد إثبات ضرره الناتد عن الأفعال الجرمية الناجمة عن المتهم ’ فيقدم كلا من الطرفين قائمى شهوده إلى المتهم في مدة لا تقل عن ثلاثة أيام قبل افتتاح جلسة المرافعات .
و في حالة تعدد الشهود وجب تقديم إلى كل واحد منهم قائمة خاصة به.
و في حالة عدم احترام المهلة المسموح بها المقدرة بثلاثة أيام قبل بدأ جلسة المرافعات بإمكان المتهم و محاميه اثارة هذه النقطة أمام محكمة الجنايات قبل مباشرة إجراءات المرافعات في الموضوع تحت طائلة عدم القبول.
غير أنه و في عدم الدفع ببطلان هذا الإجراء أو عدم مراعاة تورطه وفيا للمادة 290 من قانون الإجراءات الجزائية فإنه لا يمكن إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا و يجعله وجها من أوجه الطعن بالنقض.
الفرع الثاني: كيفية مشاركة المحلفين
تعتبر الجزائر من البلدان العربية التي قلدت الأسلوب الفرنسي الأنقلوسكسوني في الأخذ بنظام المحلفين و اشتراك من أشخاص من عامة الناس و أفراد الشعب في المساهمة مع
القضاة المحترفين في ممارسة العمل القضائي و إصدار الأحكام بشأن الجرائم التي توصف قانونا بأنها جنايات ’ و ذلك عند توفر شروط معينة و تبعا لإجراءات محددة.

أولا: شروط اختيار المحلفين
لقد تناولت المادة 261 قانون الإجراءات الجزائية معظم الشروط التي يتطلب القانون توفرها في الشخص ليكون مع قائمة المحلفين و تتمثل فيمايلي
1- أن يكون المحلف المختار من ذوي الجنسية الجزائرية ’ و ذلك لأن عمل الملف يشكل عملا من أعمال القضاة ’ و العمل القضائي يتعلق بالسيادة لا يسمح بممارسته لغير الجزائريين.
2 أن يكون المحلف قد بلغ ثلاثين سنة من عمره على الأقل عند تاريخ إجراء عملية القرعة لإعداد جدول المحلفين للسنة القضائية الحالية أو المستقبلية.
3- أن يكون من الذين يعرفون القراءة و الكتابة باللغة التي تستعملها المحكمة لأن تقرير الإدانة و العقوبة في محكمة الجنايات يكون كتابيا و بالتصويت السري بإستعمال أداة نعم أو لا و من لا يعرف كتابة هذه العبارة لا يصلح لان يكون مساعدا محلفا و لا لان يمارس العمل القضائي في محكمة الجنايات.
4- أن يكون أيضا ممن يتمتعون بالحقوق المدنية و الوطنية و العئلية بحيث لم يكن قد صدر حكم يمنعه من ممارسة هذه الحقوق أو يقضي بإسقاط سلطته الأبوية عن أولاده تبعالإدانته و الحكم عليه لجريمة من جرائم قانون العقوبات.
5- أن لا يكون في حالة من حالات فقد الأهلية أو التعارض المنصوص عليها في المادة 262 263 من قانون الإجراءات الجزائية.
ثانيا: إعداد قائمة المحلفين.
تنص المادة 264 265 من قانون الإجراءات الجزائية على كيفية تسجيل مواطني مدينة مقر محكمة الجنايات في قائمة الكشف السنوية للمحلفين التي تجري عليها القرعة لاستخراج محلفي الدورة.
أ - إعداد القائمة السنوية
تعد قائمتين سنويتين الأولى تتضمن المحلفون الأصليون و الثانية المحلفون الإضافيون.
و تنص المادة 264 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه يعد سنويا في دائرة اختصاص كل محكمة جنايات كشف للمحلفين خلال الثلاثي الأخير من كل عام للعام الذي يليه من طرف اللجنة المنصوص عليها في المرسوم رقم 10990 الموْرخ في 1990417المتكونة من:
* رئيس المجلس القضائي أو ممثله رئيس.
* قاضي حكم أو من النيابة في كل محكمة مقر محكمة مقر محكمة الجنايات يعينه رئيس المجلس باقتراح من رئيس المحكمة.
* رئيس المجلس الشعبي البلدي مقر محكمة الجنايات أوممثله .
و تجتمع اللجنة بمقر المجلس القضائي بدعوى من رئيسها بخمسة عشر يوما على الأقل قبل يوم اجتماعها’ و قرارها يعتبر إجراء إداري غير قابل لأي طعن.
 قائمة المحلفين الأصليين:
عدد المحلفين الذين يسجلون في هذه القائمة يبلغ 36 محلف في كل دائرة اختصاص محكمة الجنايات طبقا للمادة 264 2ف من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة بالأمر رقم 10/95 الموْرخ في في 25/02/1995.
 قائمة المحلفين الإضافيين:
بالإضافة الى قائمة المحلفين الأصليين تعد اللجنة قائمة المحلفين الإضافيين الذين يبلغ عددهم 12 محلف يوْخذون من بين مواطني المدينة التي يقع بها مقر محكمة الجنايات طبقا للمادة 265من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة بالأمر رقم 95/10الموْرخ في 25/02/ 1995.
و نلاحظ هنا أن المشرع لم يبين كيفية اختيار محلفي القائمة السنوية فيمكن بالتالي لأعضاء اللجنة المذكورة أعلاه اختيار من يريدون أن يكون محلفا و يعزل المحلف الذي لا يرغب فيه.
ب- إعداد قائمة محلفي الدورة
تنص المادة 266من قانون الإجراءات الجزائية على أنه قبل إفتتاح دورة محكمة الجنايات بعشر أيام على الأقل يحسب رئيس المجلس القضائي بطريق القرعة عن الكشف السنوي في جلسة علنية أسماء الثني عشر 12 من المساعدين المحلفين الذين يتألف منهم جدول المحلفين لتلك الدورة كما يسحب اسم المحلفين الإضافيين 2 من الكشف الخاص بهم بعد تعديل هذه المادة بموجب الأمر 9510 الموْرخ في 25021995’ و يبلغ النائب العام كل محلف بنسخة من جدول الدورة الخاصة به قبل افتتاح الدورة بثمانية أيام على الأقل طبقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 267 من قانون الإجراءات الجزائية.
ج- تشكيل محلفي الحكم
تنعقد محكمة الجنايات في اليوم المحدد لكل قضية و تستحضر المتهم أمامها ’ و يقوم الرئيس بصدد كل قضية لإجراء القرعة على المحلفين 2 المستدعيين للجلوس بجانب
قضاة المحكمة من بين المحلفين من صندوق القرعة أن يقوم المتهم برد ثلاثة من المحلفين و النيابة برد إثنتين و لا يسمح للمدعى المدني بالسوْال عن الحقوق المدنية أو بالرد لأن المحلفين لا يشتركون في الفصل في الدعوى المدنية .
المطلب الثالث القيام بالإجراءات التكميلية:
بالإضافة إلى التحقيق التكميلي الذي يقوم به رئيس المحكمة أو بتفويض منه إلى أحد القضاة هناك كذلك إجراءات استثنائية منها ضم القضايا أو تأجيل القضية إلى دورة أخرى.
* ضم القضايا
إذا كانت الإجراءات العادية تتطلب أن يصدر عن غرفة الإتهام قرار إحالة واحدة عن جناية واحدة أو عدة جنايات مرتبطة ضد متهم واحد أو ضد متهمين أصليين و شركا ْ فإنه قد يحصل أن تنشأ حالة غير عادية فيصدر عن غرفة الاتهام أكثر من قرار إحالة واحدة ضد متهمين شركا ْ في جناية واحدة ’ أو أن تصدر قرارات إحالة متعددة عن جنايات مختلفة ضد متهمواحد ’ و من أجل اختصار الإجراءات و تحقيق حكم عادل منحت المادة 277من قانون الإجراءات الجزائية إلى رئيس محكمة الجنايات سلطة إصدار أمر بضمها إلى بعضها و الفصل فيها في جلسة واحدة و بحكم واحد و كأنها قضية واحدة سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب من النائب العام أو من المتهم.
* تأجيل القضية إلى دورة أخرى
إذا رأى رئيس المحكمة أن قضية ما غير جاهزة و غير مهيأة للفصل فيها بالحالة التي هي عليها لأي سبب من الأسباب فإنه يجوز له سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب النائب العام أن يأمر بتأجيل قضايا يراها غير جاهزة للفصل فيها خلال الدورة المقيدة
بجدولها إلى دورة أخرى لاحقة أو إلى اخر الدورى نفسها و هذا ما نصت عليه المادة 278 من قانون الإجراءات الجزائية .
















المبحث الثاني كيفية الطعن في صحة الإجراءات التحضيرية
المطلب الأول تخلف أحد الإجراءات المطلوبة.
إن إغفال بعض الإجراءات التحضيرية قد يؤدي إلى التأثير في الحكم الصادر من حيث عدالته كما قد يؤدي إلى التأثير على سير المحاكمة بصفة عامة، فبإغفال هذه الإجراءات قد يمس حق من حقوق المتهم سواء في إعداد دفوعه مثل تبليغ قرار الإحالة الصادر عن غرفة الاتهام في آجاله المحددة أو تعلق الأمر بتبليغه قائمة المحلفين و قائمة الشهود أو استجوابه قبل جلسة المرافعات و تعيين محامي للدفاع عنه، فإن إغفال أي إجراء من الإجراءات التحضيرية كتابيا عن طريق إيداع مذكرة واحدة قبل الشروع في مناقشة الموضوع و إلا كان الدفع غير مقبول.
المطلب الثاني: كيفية الدفع بعدم صحة الإجراءات
* إذا رأى المتهم أن إجراء من الإجراءات التحضيرية غير صحيح و أراد ممارسة حقه في الدفع بعدم صحة هذه الإجراءات وجب عليه تقديم مذكرة كتابية واحدة قبل البدء في مناقشة الموضوع، تتضمن نوع الإجراء المعين و الضرر الذي لحقه جراء هذا العيب في الإجراء.
* و يشترط في ممارسة المتهم أو محاميه لحقه في الطعن بعدم صحة إحدى هذه الإجراءات أن يقدم طلبه مباشرة عند افتتاح الجلسة، و قبل الشروع في مناقشة القضية، أما إذا شرع في مناقشة الموضوع أصبح الطلب دون جدوى و في حالة تقديم الدف في آجاله المحددة وجب على المحكمة الفصل فيه خلال الجلسة نفسها بعد استطلاع رأي النيابة العامة، على أن يكون للمحلفين رأي في المناقشة و لا في اتخاذ القرار و ينبغي على المحكمة عدم الخلط بين هذا الفصل و الموضوع الأساسي محل الدعوى، شأنها في ذلك شأن الدعاوي المتعلقة بالاختصاص أو بالتقادم أو بانتفاء وجه الدعوى، حيث في هذه الحالات و ما يشابهها لا يجوز للمحكمة أن تضم الدفع إلى الموضوع بل يتعين عليها الفصل فيه بحكم خاص مسبب.


المطلب الثالث: آثار الطعن في صحة الإجراءات.
إذا توفرت كل الشروط المطلوبة بالدفع في صحة الإجراءات التحضيرية السالف ذكرها و كان سليما يتوجب على المحكمة قبوله، فإذا قبلته و ظل المتهم أو محاميه متمسكا به قررت الفصل في موضوع الدعوى في جلسة لاحقة يمكن قبلها تصحيح الإجراء محل النزاع ثم العودة إلى متابعة إجراءات المحاكمة بقصد الفصل في الموضوع.
- أما إذا كان الطلب غير سليم لسبب من الأسباب كأن يثار بعد الدخول في مناقشة الموضوع الأصلي، أو لم يتعلق أساسا بالإجراءات التحضيرية، و قررت عدم القبول كان لازما عليها إصدار حكما مسببا بذلك بعد أخذ رأي النيابة العامة، ثم تبدأ مباشرة في المرافعات بشأن الموضوع الأصلي.
- هذا و نشير في الأخير إلى أن الإجراءات التحضيرية هي إجراءات جوهرية و أساسية، قد يؤدي تجاوزها قصدا أو سهوا إلى تأجيل الموضوع محل النظر، إذ يتوقف الفصل في الموضوع الأصلي على الفصل في الدفع بعدم صحة الإجراءات التحضيرية، و تختص محكمة الجنايات بالفصل فيها في إطار قاعدة قاضي الدعوى قاضي الدفع.
- و من خلال استقرائنا للمادة 290 من قانون الإجراءات الجزائية و كذا المادة291 من نفس القانون أنها لم تتضمن أي دور للنيابة العامة فيما يخص الإجراءات التحضيرية إلا أنها المعنية بالنسبة إلى تبليغ قائمة الشهود و الخبراء و المحلفين.
لذلك فإن دورها عند المنازعة في صحة الإجراءات سيكون دورا أساسيا فيما يتعلق بإثبات صحة أو عدم صحة مراعاة الإجراءات التحضيرية لأن عبء الإثبات سيكون على عاتقها.
و بناءا على ذلك يتعين أخذ رأيها قبل اتخاذ أي قرار من القرارات المتعلقة بالدفع المثار من المتهم أو محاميه بخصوص عدم صحة إجراءات التبليغ الخاصة بالخبراء أو المحلفين أو الشهود.




المبحث الثالث: كيفية انعقاد محكمة الجنايات
بموجب قرار الإحالة من غرفة الاتهام و بعد القيام بالإجراءات التحضيرية سابقة الذكر تعقد محكمة الجنايات جلستها بمقر المجلس القضائي، غير أنه يجوز لها أن تنعقد بأي مكان آخر من دائرة الاختصاص و ذلك بقرار من وزير العدل، و يشمل اختصاصها الإقليمي كل دائرة اختصاص المجلس القضائي و ذلك طبقا لنص المادة 252 من قانون الإجراءات الجزائية.
- و محكمة الجنايات لا تنعقد بصفة دائمة و إنما في دورات انعقاد كل ثلاثة أشهر و يجوز لرئيس المجلس القضائي تقرير انعقاد دورة إضافية أو أكثر إذا تطلب ذلك أهمية القضايا المعروضة.
المطلب الأول: تشكيل محكمة الجنايات
في إطار تشكيل هيئة محكمة الجنايات التي ستتولى الفصل في القضايا الجزائية المرفوعة إليها بموجب قرار نهائي صادر من غرفة الاتهام يجب مراعاة توفر عدة عناصر أساسية هي: عنصر رئيس المحكمة و عنصر قضاة الحكم المعنيين والمحلفين و عنصر وجود ممثل النيابة العامة بالجلسة، و عنصر كتابة الضبط لذلك فإننا سنحاول أن نتحدث باختصار عن كل واحدة من هذه العناصر وفقا للترتيب التالي:
 رئيس محكمة الجنايات:
يعتبر رئيس محكمة الجنايات الشخصية الأساسية و هو يشكل العضو الفعال و المؤثر في مجريات المحاكمة، نظرا لأنه هو المكلف وحده بإعداد و تلاوة الأسئلة و بالسهر على أمن الجلسة، و على إدارتها و تسييرها و نظرا لأنه هو الذي يقوم باستجواب المتهم و ينظم سماع الشهود و يمنح الكلمة لمن يستحقها وفقا للترتيب القانوني.
و نظرا لأهمية رئيس محكمة الجنايات فإن تعيينه لهذه المهمة يكون بموجب أمر تنظيمي يصدره رئيس المجلس القضائي لرئاسة جلسات الدورة كلها أو بعضها، و يشترط فيه أن يكون برتبة رئيس غرفة على الأقل و يكون هذا التعيين عادة ضمن الأمر الذي يتضمن



تاريخافتتاح الدورة إما رئيس المجلس نفسه فإنه يجز له أن يترأس محكمة الجنايات لجلسة أو أكثر دون وجوب إصدار أمر بتعيين نفسه و خاصة إذا أراد أن يترأس جلسة محددة لقضية معينة بسبب أهميتها أو بسبب ظروفها الخاصة.
و من سلطات رئيس محكمة الجنايات خلال الفترة ما بين صدور قرار الإحالة عن غرفة الاتهام و بين انعقاد جلسة المحاكمة، فإن قانون الإجراءات الجزائية قد منح رئيس محكمة الجنايات بموجب المادة 276 قانون الإجراءات الجزائية صلاحية اتخاذ إجراءات التحقيق حيث نصت هذه المادة على أنه يجوز لرئيس محكمة الجنايات إذا رأى من خلال الإطلاع على ملف الدعوى أن التحقيق غير واف، أو اكتشف عناصر جديدة بعد صدور قرار الإحالة أن يأمر باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق. و عندما تنعقد جلسة المحاكمة فإن هذه السلطة تنتقل إلى هيئة المحكمة.
و من صلاحيات رئيس محكمة الجنايات حسب المادة 233 من قانون الإجراءات الجزائية أن له وحده سلطة و حق توجيه الأسئلة الموجهة من أطراف الدعوى و محاميهم إلى المتهمين و الشهود و الخبراء، كما يحق لرئيس المحكمة أن يمنع الدفاع و الأطراف المدنية من توجيه الأسئلة مباشرة إلى شاهد أو خبير أو مدعى مدني دون استئذانه، غير أنه لا يجوز لرئيس المحكمة أن يظهر أو يعلن عن رأيه الشخصي حول قيمة شهادة شاهد أو تصريح خبير.
 القضاة المعنيون و المحلفون:
لقد نصت المادة 258 من قانون الإجراءات الجزائية قبل تعديلها أن محكمة الجنايات تتشكل من هيئة قضائية قوامها سبعة أعضاء، و يمثل النيابة أمامها النائب العام لدى المجلس القضائي أو أحد معاونيه الذي يندب لذلك، و يعاون المحكمة كاتب جلسة.



أما الهيئة القضائية لهذه المحكمة التي تتكون من سبعة أعضاء منهم ثلاثة من رجال القضاء و أربعة من المحلفين، و الأعضاء الفضائيون الثلاثة أحدهم رئيسا يختار من بين رجال القضاء بالمجلس و الاثنان الآخران يختاران من قضاة المجلس القضائي أو قضاة المحاكم فيه بصفتهما قاضيين مساعدين للرئيس، و يعين القضاة الثلاثة بقرار من رئيس المجلس القضائي، أما الأربعة المحلفون فيختارون بطريقة القرعة (259 قانون الإجراءات الجزائية) من بين المحلفين المقيدين بجدول المحلفين للدورة و البالغ عددهم 18 محلفا.
و لكن بعد تعديل المادة 258 من قانون الإجراءات الجزائية سنة 1995. بموجب الأمر رقم 95-10 أصبحت هيئة الحكم تتشكل من ثلاثة قضاة محترفين برئاسة قاضي يكون برتبة رئيس غرفة على الأقل و عضوية قاضيين اثنين برتبة مستشار بالمجلس القاضي على الأقل و من محلفين اثنين يتم اختيارهم من عامة الناس عن طريق القرعة.
و يعين القضاة بأمر من رئيس المجلس الذي يجب عليه أن يعين أيضا و بنفس الأمر أو بأمر منفصل قاضيا احتياطيا أو أكثر لحضور جلسة المرافعات و استكمال تشكيلة هيئة المحكمة في حالة وجود مانع واحد أو أكثر من أعضائها الأصليين.
 عنصر النيابة العامة:
جاء في المادة 256 من قانون الإجراءات الجزائية ما ينص على أن يقوم النائب العام لدى المجلس القضائي أو مساعده بمهام النيابة العامة، و هذا يعني أن تمثل النيابة العامة أمام محكمة الجنايات أمر أساسي و جوهري و من النظام العام لا غنى عنه مطلقا. و يمكن أن يقوم بهذه المهمة إما النائب العام نفسه شخصيا أو ينتدب لذلك أحد نوابه أو مساعديه من قضاة النيابة سواء أكانوا قضاة على مستوى المجلس أو على مستوى المحاكم و ذلك لحضور جلسات الدورة كلها أو لتأمين حضور جلسة واحدة أو أكثر من جلسات المحكمة خلال نفس الدورة، و بقصد المرافعة باسم النيابة العامة في قضية معينة أو عدة قضايا. و لهذا
يتحتم على ممثل النيابة أن يتحمل مسوْولية كاملة سواء فيما يتعلق بعبء الإثبات الذي يقع على كاهله أو بحماية حق المجتمع الذي يمثله و إذا لم يكن مطلعا على الملف و عالما بالقانون فإنه سيجد نفسه أمام قضاة الحكم و أمام الدفاع في موقف الخصم الضعيف الذي لا يستطيع دحض قرنية البراءة التي يتمتع بها المتهم بموجب العقل و بموجب الدستور في المادة 45 منه .
غير أن ما نلاحظه اليوم في المجال الواقعي و العملي هو أن ملف الدعوى لا يسلم إلى ممثل النيابة إلا قبل أيام معدودات من يوم الجلسة. و أن ممثل النيابة العامة لا يتمكن أحانا من الإطلاع على الملف و الإحاطة بمضمونه كما يجب و سيجد نفسه مضطرا إلى أن يقوم بمرافعة مرتجلة و شمولية و نادرا ما يتناول فيها وقائع الجناية و ملابستها .
 عنصر كتابة الضبط:
لقد أشارت المادة 257 من الإجراءات الجزائية إلى أن يعاون المحكمة بالجلسة كاتب ضبط و هذا يعني أن وجود كاتب الضبط ضمن هيئة محكمة الجنايات يكون عنصرا أساسيا و جوهريا لتشكيل المحكمة من جهة ’ و لمساعدة القضاة في تنظيم سير الإجراءات’ و ضبط الجلسات ’ و تنظيم أوراق ملف الدعوى من جهة أخرى بالإضافة إلى تتدوين ما يجري في الجلسة من إجراءات و ما يقدم إلى المحكمة من دفوع و طلبات و لذلك يتعين أن يتذكر اسمه إلى جانب أسماء قضاة الحكم و النيابة في مقدمة كل من الحكم الفاصل في الدعوى العامة و الحكم الفاصل في الدعوى المدنية و إلا كان الحكم معيبا و ناقصا و لكن إذا كان توقيع كاتب الضبط على حكم محكمة الجنايات إلى جانب توقيع رئيس المحكمة أمرا واجبا فان توقيعه على ورقة الأسئلة غير مطلوب.
لكن إذا كان وجود كاتب الضبط ضروريا في تشكيل هيئة المحكمة و أن عمله بها عمل أساسي و لاسيما فيما يتعلق بإثبات سير الجلسة و تدوين إجراءات المحاكمة بالإضافة إلى
تلاوة قرار الإحالة و تحضير محضر المرافعات فإننا كثيرا ما نلاحظ أن هذا الكاتب كاتب مستجد لا يعرف جيدا مهامه و صلاحياته كموثق لما يجري بالجلسة و كشاهد على صحة أو عدم صحة و تمام أو نقص الإجراءات و نلاحظ أحيانا أنه يكون منشغلا بأمور أخرى لا علاقة لها بسير الجلسة و المرافعات و لا يدون أي شيء ذي قيمة قانونية مما يمكن أن يرجع إليه عند الحاجة إلا إذا تلقى إشارة الأمر أو إشارة الرضاء من رئيس الجلسة و خاصة فيما يتعلق بالدفوع و المذكرات الختامية و بطلبات الإشهاد التي يقدمها المحامون عادة مما يتطلب تكوين كتاب الضبط لمحاكم الجنايات تكوينا خاصا لضمان حسن سير المرافعات و لضمان حسن تدوين الإجراءات و الدفوع و الطلبات أثناء سير الجلسات.
المطلب الثاني: ممارسة المتهم لحق الرد
 بالنسبة لرد المحلفين
و هو رد تنحيهم عن المساهمة في هيئة الحكم بمحكمة الجنايات يمكن القول أن القانون في المادة 284 من قانون الإجراءات الجزائية منح و أعطى المتهم واحدة من أهم ضمانات الدفاع أمام محكمة الجنايات بحيث أعطاه حق طلب رد و تنحية ثلاثة من المحلفين عند استخراج أسمائهم من صندوق القرعة. بعد المناداة على محلفي جلسة الحكم مباشرة على أن يمارس هذا الحق مباشرة أو بواسطة محاميه. و قد جرت العادة على أن يتولى المحامون ممارسة هذا الحق نيابة عن موكلهم ’ و إذا كان القانون لا يطلب من المتهم أو محاميه بيان أسباب رد المحلفين ’ فإن الأسباب الحقيقية لرد المحلفين كثيرا ما تكون مبنية على عدم كفاءتهم أو إنعدام حنانيتهم و أحيانا تكون مبنية على المجهول بحيث يستعمل حق الرد لمجرد الرد.
و لمكين المحكمة العليا من ممارسة رقابة تطبيق هذا الإجراء الجوهري أوجب القانون بيان سير عملية القرعة على محلفي جلسة الحكم ضمن محضر المرافعات’ و في محضر خاص بإجراء القرعة .و رتب جزاء البطلان لكل إجراء و رد ذكره في هذا المحضر بشكل مخالف للقانون.

و عليه فمتى وردت بيانات متعارضة في محضر إجراء القرعة تتعلق بإختيار محلفي الحكم فإن ذلك سيوْدي إلى بطلان هذا المحضر و ينتج عنه عيب التناقض الذي يستوجب نقضه.
 بالنسبة لرد القضاة
أي قضاة هيئة محكمة الجنايات فإننا عثرنا على نص المادة 554من قانون الإجراءات الجزائية الذي جاء عاما و شاملا لكل قضاة الحكم.حيث جاء فيه أنه يجوز طلب رد أي قاضي من قضاة الحكم لأسباب و حالات و رد ذكرها حصرا ضمن تسعة بنود ، إذ أنه إذا توفرت لدى المتهم و محاميه أو أي خصم في الدعوى أحد أو بعض الأسباب أو الحالات المشار إليها في المادة 554 فإنه يجوز له تقديم طلب يرد القاضي المطلوب رده على أن يكون هذا الطلب كتابيا قبل الشروع في مناقشة الموضوع ، و يجب تحت طائلة البطلان أن يتضمن الطلب اسم و لقب وصفة القاضي موضوع الطلب ، و أن يشتمل على الأوجه و الأسباب القانونية المبررة للطلب.
كما يجب أن يكون مرفقا بكل الوثائق و المستندات المدعمة للطلب، و أن يوقع عليه من الطالب شخصيا و يوجه إلى رئيس المجلس القضائي مباشرة.
و مما يتميز به رد المحلفين عن رد القضاة هو أن الأول يكون شفاهة أثناء إجراء عملية القرعة و أن الثاني لا يكون إلا كتابة و قبل الشروع في مناقشة موضوع التهمة.
و من جهة أخرى فإن رد المحلفين لا يتطلب أن يكون مسببا في خلاف طلب رد القضاة فإنه يجب أن يكون مسببا بأن يشتمل على سبب أو حالة واحدة أو أكثر من الأسباب و الحالات المنصوص عليها القانون.





المطلب الثالث اختصاص محكمة الجنايات
يقصد بالاختصاص صلاحية المحكمة بنظر النزاع المعروض عليها من حيث الأشخاص و الوقائع ’ و قواعد الاختصاص من النظام العام و مخالفتها يوْدي إلى البطلان ’ و بالتالي فإنه يتعين على الجهة القضائية المطروح عليها الدعوى ’ كما يجوز إثارته تلقائيا’ و هذا ما قررته المحكمة العليا في العديد من قراراتها ’ فقد قضت مثلا أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المواد الجزائية هي من النظام العام فإنه يتعين على الجهة القضائية المطروحة عليها الدعوى أن تتأكد من اختصاصها قبل الشروع في نظرها و قضت أيضا أن الدفع بعدم الاختصاص يجوز التمسك به في أية مرحلة كانت عليها الدعوى و تقضي به المحاكم و لو تلقائيا.
- هذا و حسب المادة 248 من قانون الإجراءات الجزائية فإن محكمة الجنايات تعتبر الجهة القضائية المختصة بالنظر و الفصل في الأفعال الموصوفة جنايات و الجنح و المخالفات المرتبطة بها و المحالة إليها من غرفة الاتهام ما لم ينص القانون على خلاف ذلك .
- و تطبيقا لهذه المادة قضت المحكمة العليا بما يلي أن القواعد المتعلقة باختصاص الجهات القضائية من حيث نوع الجريمة هي من النظام العام و أن عدم مراعاتها يترتب عليها النقض لأن المشرع الجزائري قسم الجرائم إلى المخالفات و جنح و خص كل جهة بالنظر في نوع معين منها ’ لذلك يعتبر مخالفا للقانون و يستوجب البطلان قرار غرفة الاستئناف الجزائية الفاصل في جناية اختلاس الأموال العمومية لأن المادة 248 من قانون الإجراءات الجزائية حولت القسم الاقتصادي لمحكمة الجنايات الاختصاص المانع للنظر فيها.
- و نصت المادة 249 من ذات القانون على أن لمحكمة الجنايات كامل الولاية في الحكم جزائيا على الأشخاص البالغين ... و تطبيقا لهذه المادة قضت المحكمة العليا بمايلي:

من المستقر قضاء أن محكمة الجنايات لها كامل الولاية في الحكم جزائيا على الأشخاص البالغين سن الرشد الجنائي و المحالين إليها بقرار من غرفة الاتهام ظبقا لمقتضيات المادة 249 من قانون الإجراءات الجزائية لذلك يجب عليها أن تستنفذ و لايتها بالنسبة لجميع الأفعال المحالة إليها من طرف غرفة الاتهام متى تبين لها من المرافعات أن هذه الوقائع تقتضي وصفا قانونيا مخالفا لما ورد في قرار الإحالة .