منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مواضيع مقترحة لبكالوريا مادة الفلسفة........
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-02-21, 13:11   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
بن عرفة
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية بن عرفة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لشعورواللاشعور
مقدمة
إن الإنسان كائن حي يشتركمع غيره من الكائنات الحية في مجمل الوظائف الحيوية كالتغذية والتكاثر والانقسام ،إلا أن الإنسان يزيد عن غيره من هذه الكائنات بالشعور فينطبع سلوكه بطابع منالمعقولية و الذي يصطلح على تسميته عادة بالوعي الذي يمكننا من التعرف على دواتنا وفهم ما يجري حولنا و تكفي المقارنة بين غافل و يقظ لنكتشف الفرق بينهما فاليقظ يشعربحالته النفسية بل و يستطيع وصفها بينما يلاحظ العجز عند الغافل كما يستطيع اليقظأن يضبط أفعاله و يعطيها طابعا إراديا عكس الغافل الذي يفتقد الإرادة على ذلك، إنالفرق بين الاثنين كامن في الشعور و هذا يعني أنه يكتسب أهمية بالغة في حياتنا إذيشكل الأساس لكل معرفة و من ثمة لا نستغرب كيف أن جميع المناطقة القدامى عرفواالإنسان بأنه كائن عاقل ناطق و بناءعلى..هل السلوك الإنساني يمكن فهمه برده الىالوعي فقط ؟
النظرية التقيدية: اعتقد الكثير من الفلاسفة و من بعدهم علماء النفسأن الشعور قوام الحياة الإنسانية و لعل أوضح اتجاه فلسفي أكد هذه الحقيقة و بشكلقطعي هو الاتجاه العقلاني الذي أرسى دعائمه ديكارت من خلال الكوجيتو "أنا أفكر إذنأنا موجود" غير أن الفكرة أخذت عمقها مع علم النفس التقليدي و ننتقي للتعبير عنهبرغسون مؤسس علم النفس الاستبطاني و معه وليام جيمس في بداية حياته هذا الأخير الذيكتب يقول "إن علم النفس هو وصف وتفسير للأحوال الشعورية من حيث هي كذلك" لقد ناضلعلماء النفس التقليديون في البدء ضد النزعة المادية السلوكية التي أنكرت وجود النفسو رأت في الظواهر النفسية و الأحوال الشعورية مجرد صدى للنشاط الجسمي، غير أن فكرةالشعور كأساس للحوادث النفسية تعزز مع الظواهرية، إذا أعطى إدموند هوسرل بعدا جديداللمبدأ الديكارتي "أنا أفكر إذن أنا موجود" و حوله إلى مبدأ جديد سماه الكوجيتاتومو نصه "أنا أفكر في شيء ما، فذاتي المفكرة إذن موجودة". و معناه أن الشعور ل يقومبذاته و إنما يتجه بطبعه نحو موضوعاته.
يلزم عن موقف كهذا أن ل حياة نفسية إلاما قام على الشعور أي لا وجود لفاعلية أخرى تحكم السلوك سوى فاعلية الوعي و الشعورو من ثمة فعلم النفس التقليدي على حد تعبير هنري آي في كتابه الوعي "و قد قام علمالنفس التقليدي على المعقولية التامة هذه و على التطابق المطلق بين الموضوع و العلمبه و تضع دعواه الأساسية أن الشعور و الحياة النفسية مترادفان".
إذا أردنا أننقرأ الحجة التي يركن إليها هؤلاء وجدناها منطقية في طابعها فإذا كان ما هو شعورينفسي فما هو نفسي شعوري أيضا و ما هو خارج الشعور لا يمكنه إلا أن يكف عن الوجود إذكيف السبيل إلى إثبات ما لا يقبل الشعور و يلزم عن ذلك أن الحياة الشعورية مساويةتماما للحياة النفسية و اعكس صحيح.
زيادة على حجة نفسية إذ الدليل على الطابعالواعي للسلوك هو شهادة الشعور ذاته كملاحظة داخلية.
النقد: إذا كان الاعتقادبأن ما هو شعوري نفسي صحيحا فإن عكس القضية القائل كل ما هو نفسي شعوري غير صحيح منالناحية المنطقية إذ الأصح أن يقال بعض ما هو نفسي شعوري أما من الناحية الواقعيةفالسؤال الذي يطرح هو كيف نفسر بعض السلوكات التي نؤتيها و لا ندري لها سببا.
ب- النظرية اللاشعورية: قبل الحديث عن النظرية اللاشعورية ينبغي أن نفرق بين المعنىالعام للاشعور و بين المعنى الخاص أي بالمعنى السيكولوجي، فالأول يعني كل ما لايخضع للوعي و للإحساسا كالدورة الدموية، أما المعنى الثاني فيقصد به مجموع الأحوالالنفسية الباطنية التي تؤثر في السلوك دون وعي منا. غير أن الفكرة تتضح مع فرويدباعتباره رائدا للتحليل النفسي القائم على فكرة اللاشعور، إذ اللاشعور لديه هو ذلكالجانب الخفي من الميول و الرغبات التي تؤثر في السلوك بطريقة غير مباشرة و دونوعي.
فكرة اللاشعور من الطرح الفلسفي إلى الطرح العلمي: ظل الاعتقاد سائدا لمدةطويلة أن الحياة النفسية قائمة أساسا على الشعور و الوعي و لا مجال للحديث عناللاشعور، غير أن ذلك لا يعني أن الفلسفة لم تطرح فكرة اللاشعور بل يلاحظ أنلايبنتز في اعتراضه على الفكرة الديكارتية القائلة أن النفس قادرة على تأمل كلأحوالها و من ثمة الشعور بها و يلخص هذه المعارضة في ثلاث نقاط هي:
1/
الإدراكاتالصغيرة: هنالك إدراكات متناهية في الصغر لا حصر لها في النفس، تعجز النفس عنتأملها مثلها في ذلك مثل الموجة التي تحدث هديرا نسمعه و لكن لا نستطيع سماع صوتذرات من ماء هذه الموجة رغم أنها مؤلفة لذلك الهدير.
2/
مبدأ التتابع: لا يوافقلايبنتز على أن النفس قادرة على تأمل كل أفكارها تبعا لمبدأ التتابع فالحاضر مثقلبالماضي و مشحون بالمستقبل و ليس بالإمكان أن نتأمل و بوضوح كل أفكارنا و إلافالتفكير يأخذ في تأمل كل تأمل إلى ما لا نهاية دون الانتقال إلى فكرة جديدة.
3/
الأفعال الآلية: و هذه ينعدم فيها الشعور، إن تأثير العادة في السلوك يجعلنا لانشعر به أو يجعله لا شعوريا، يقول لايبنتز: "إن العادة هي التي لا تجعلنا نأبهلجعجعة المطحنة أو لضجة الشلال".
النقد: إم محاولة لايبنتز الفلسفية لتأكيدإمكانية وجود اللاشعور لاقت معارضة شديدة لأن السؤال المطروح هو كيف يمكن أن نثبتبالوعي و الشعور ما لايقبل الوعي أو الشعور.
وضعية علم النفس قبيل التحليلالنفسي: إن تقدم علم النفس و الاهتمام بالمرضى النفسيين أدى إلى نتائج هامة في علمالنفس و منها المدرستين الشهيرتين في علم النفس.
1/
المدرسة العضوية: كان تفكيرالأطباء في هذه المدرسة يتجه إلى اعتبار الاضطرابات النفسية و العقلية ناشئة عناضطرابات تصيب المخ، و يمثل هذا الرأي الطبيب الألماني وليم جريسنجر (1818-1868م) لتنتشر بعد ذلك آراء جريسنجر و كانت تعالج الاضطرابات النفسية بالعقاقير و الأدويةو الراحة و الحمامات و التسلية...
2/
المدرسة النفسية: في مقابل المدرسة السابقةاعتقد بعض الأطباء ذوي النزعة النفسية أن الاضطرابات النفسية تعود إلى علل نفسية ومن المؤسسين الأوائل لهذه المدرسة مسمر (1784-1815م) الذي اعتقد بوجود قوةمغناطيسية تحكم النفس و أن امرض ناتج عن اختلال في هذه القوة و من ثمة كان جهدالطبيب ينصب على إعادة التوازن لهذه القوة.
و من أشهر الأطباء الذي استخدمواالتنويم في علاج الأمراض برنهايم (1837-1919م) و لقيت هذه النظرية رواجا و خاصة بعدانضمام شاركو إليها بعد ما رفضها مدة طويلة في هذه الأثناء كان فرويد يولي اهتماماإلى كيفية علاج الأمراض النفسية فسافر إلى فرنسا أين اشتغل بالتنويم ثم عدل عنه بعدحين.
اللاشعور مع فرويد: ما كان لفرويد أن يبدع النظرية اللاشعورية لو لا شعورهبعجز التفسير العضوي للاضطرابات النفسية وكذا عجز النظرية الروحية و يمكن تبين وجهةالنظر اللاشعورية من خلال إجابتها على الأسئلة التالية:
إذا كان هنالك لا شعورما الدليل على وجوده؟
كيف يمكن أن يتكون و يشتغل؟ و كيف يمكن النفاذإليه؟
مظاهر اللاشعور: حرص فرويد على بيان المظاهر المختلفة التي يبدو و منخلالها البعد اللاشعوري للسلوك و التي تعطي المشروعية التامة لفرضية اللاشعور إذيقول فرويد "إن فرضية اللاشعور فرضية لازمة و مشروعة و أن لنا أدلة كثيرة على وجوداللاشعور".
ومنها:
*
الأفعال المغلوطة: التي نسميها عادة فلتات لسان و زلاتقلم و التي تدل على أنها تترجم رغبات دفينة، لأن السؤال الذي يطرحه فرويد هو لماذاتظهر تلك الأفعال مع أن السياق لا يقتضيها، و لماذا تظهر تلك الأخطاء بالذات لا شكأن الأمر يتعلق بوجه آخر للحياة النفسية، لأن الوعي لا ينظر إليها إلا باعتبارهاأخطاء، مع أن فهمها الحقيقي لا يكون إلا في مستوى لا شعوري "فأنت ترى الإنسانالسليم، كالمريض على السواء يبدي من الأفعال النفسية ما ل يمكن تفسيره إلا بافتراضأفعال أخرى يضيق عنه الشعور".
*
الاضطرابات النفسية أو العقد النفسية: مظهر آخريدل على أن الحياة النفسية حياة لا شعورية فهي من وجهة نظر فرويد تعبير مرضي تسلكهالرغبة المكبوتة فيظهر أعراضا قسرية تظهر الاختلال الواضح في السلوك.
*
أحلامالنوم: اكتسب الحلم معنى جديدا عند فرويد، إذ أوحت له تجاربه أن الرغبة المكبوتةتتحين الفرص ااتعبير عن نفسها و أثناء النوم حينما تكون سلطة الرقيب ضعيفة تلبسالرغبة المكبوتة ثوبا جديدا وتطفو على السطح في شكل رموز على الحيل اللاشعوريةكالإسقاط و التبرير...إلخ.
و حاصل التحليل أن فرويد يصل نتيجة حاسمة أن المظاهرالسابقة تعبر عن ثغرات الوعي و هي تؤكد على وجود حياة نفسية ل شعورية.
و بتعبيرفرويد تكون هذه المظاهر "حجة لا ترد" على وجود اللاشعور.
الجهاز النفسي: لكينفهم آلية اشتغال اللاشعور و طريقة تكونه يضع فرويد أمامنا تصورا للحياة النفسية،إذ يفترض أن النفس مشدودة بثلاث قوى:
الهوى: الذي يمثل أقدم قسم من أقسام الجهازالنفسي و يحتوي على كل موروث طبيعي أي ما هو موجود بحكم الولادة، بمعنى أن الهوىيمثل حضور الطبيعة فينا بكل بدائيتها و حيوانتها الممثلة رأسا في الغرائز و أقوامهاالجنسية و هذه محكومة بمبدأ اللذة و بالتالي فهي تسعى التي التحقق، إنها في حالةحركة و تأثير دائم.
الأنا: ونعني بها الذات الواعية و التي نشأت ونبتت في الأصلمن الهوى و بفعل التنشئة امتلكت سلطة الإشراف على الحركة و السلوك و الفعل الإراديو مهمتها حفظ الذات من خلال تخزينها للخبرات المتعلقة بها في الذاكرة و حفظ الذاتيقتضي التكيف سواء بالهروب مما يضر بحفظ الذات أو بالنشاط بما يحقق نفس الغاية، وهي بهذا تصدر أحكاما فيما يتعلق بإشباع الحاجات كالتأجيل أو القمع.
الأناالأعلى: و هي قوة في النفس تمثل حضور المجتمع بأوامره و نواهيه أو بلغة أخرى حضورالثقافة، فقد لاحظ فرويد أن مدة الطفولة الطويلة تجعل الطفل يعتمد على والديه الذينيزرعان فيه قيم المجتمع ونظامه الثقافي لأن هذا ما يقتضيه الواقع، فيمارس الأناالأعلى ضغطا على الأنا. التي تكون مطالبة في الأخير بالسعي إلى تحقيق قدر منالتوفيق بين مطالب الهوى و أوامر و نواهي المجتمع فيلزم على ذلك صد الرغبات و ينتجعن هذا الصد ما يسمى بالكبت، الذي يختلف عن الكبح في كون الأول لا شعوري و الثانيشعوري و كبت الرغبة لا يعني موتها بل عودتها إلى الظهور في شكل جديد تمثله المظاهرالسابقة.
التحليل النفسي: لم تتوقف جهود فرويد على القول بحياة نفسية لا شعوريةبل اجتهد في ابتكار طريقة تساعد على النفاذ إلى المحتوى اللاشعوري لمعرفته من جهة ولتحقيق التطهير النفسي من جهة أخرى و يقوم التحليل النفسي على مبدأ التداعي الحرللذكريات و القصد منه مساعدة المريض على العودة بذاكرته إلى مراحل الطفولة الأولى والشكل المرضي و الشاذ و المنحرف للرغبة و استعان فرويد في وقت لاحق بتحليل رموزالأحلام وكان ذلك في الأصل بطلب من إحدى مريضاته زيادة إلى البحث في النسيان شأنأستاذ الأدب الجامعية التي كانت تنسى باستمرار اسم أديب مشهور فكان أن اكتشف فرويدأن اسم الأديب هو نفس الاسم
لشخص كانت له معها تجربة مؤلمة.
و باختصار يمكنتلخيص مراحل العلاج في: أولا اكتشاف المضمون اللاشعوري للمريض ثانيا حمله على تذكرالأسباب و التغلب على العوائق التي تمنع خروج الذكريات من اللاشعور إلىالشعور.
لكن ينبغي أن نفهم أن فرويد لم يجعل من التحليل النفسي مجرد طريقةللعلاج بل أصبح منهجا لمعرفة و فهم السلوك ثم أصبح منهجا تعدى حدود علم النفس إلىالفلسفة.
قيمة النظرية اللاشعورية:
حققت النظرية اللاشعورية نجاحات مهمة وعدت فتحا جديدا في ميدان العلوم الإنسانية، فمن الناحية العرفية أعطت النظرية فهماجديدا للسلوك يتم بالعمق إذ لم تعد أسباب الظواهر هي ما يبدو بل أصبحت أسبابها هيما يختفي و هذا ما أوحى للبنيوية لا حقا لتعطي ميزة للبنية من أنها لا شعوريةمتخفية ينبغي كشفها. أما من الناحية العملية فالنظرية اللاشعورية انتهت إلى منهجساهم في علاج الاضطرابات النفسية. و مع ذلك كانت للمبالغة في القول باللاشعورانتقادات لاذعة يمكن إجمالها في اثنين: أولا: معرفيا ترتب على اللجوء البسيط إلىاللاشعور نقل ثقل الحياة النفسية من مجال واع إلى مجال مبهم غامض و هذه ملاحظةالمحلل النفساني جوزاف نتان، كما ترتب على ذلك التقليل من شأن الشعور أو الوعي و هيخاصية إنسانية و هو ما ترفضه الوجودية و الظواهرية معا فكارل ياسبرس يرفض أن يكوناللاشعور أساس الوجود لأنه ببساطة وجد لدراسة السلوك الشاذ أو المرضي و لا مبررلتعميمه، فالوجود أوسع من أن يستوعبه اللاشعور و هو نفس الرفض الذي نجده عند سارترالذي لا يراه سوى خداعا و تضليلا إذ يتعارض مع الحرية، إن ربط اللاشعور بدوافعغريزية (الغريزة الجنسية) آثار حفيظة الأخلاقيين و الإنسانيين إذ كيف تفسر مظاهرالإبداع و الثقافة الإنسانية بردها إلى ما دونها و هي الغريزة الجنسية.
ثانياعمليا و تطبيقيا: لم يحقق التحليل النفسي ما كان مرجوا منه إذ يعترف فرويد بصعوبةإثارة الذكريات الكامنة و هو ما دفع بعض امحللين إلى توسيع دائرة التحليل باعتمادطريق جديد مثل إكمال الصورة المنقوصة أو إكمال حوار أو قصة ناقصة. أو التعليق علىبقعة الحبر...إلخ.
خاتمة:
مهما تكن الانتقادات الموجهة إلى التحليل النفسيفإن علم النفس اليوم يسلم بأن حياتنا النفسية يتقاسمها تفسيرات كثيرة منها النفسيةشعورية و لا شعورية و منها العضوية السلوكية و منها الاجتماعية الثقافية









رد مع اقتباس