منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بحث الشروع في الجريمة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-13, 17:27   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
stiva
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي الشروع في الجريمة الى حريزي

مقدمــــــة: لا يكتمل الركن المادي للجريمة الا إذا كانت هناك نتيجة للسلوك الإجرامي، ولكن قد يحدث أن يكون الفعل الإجرامي كاملا لكن لا تتحقق نتيجة كأن تبدأ الجريمة ولا تنتهي . وهنا نجد أن السلوك قد ارتكب دون أن يكتمل الركن المادي للجريمة الذي يتكون من السلوك والنتيجة والعلاقة السببية التي تربطهما وهذا مايسمى بالشروع. فماهو الشروع وماهي أنواعه و ما حكم الشروع ؟ هل يعاقب عليه؟
المبحــث الأول: مفهوم الشروع ومراحل ارتكاب الجريمة.
المطلب الأول:تعريف الشروع وأنواعه
تعريف الشروع : الشروع هو عدم اكتمال الركن المادي للجريمة وقد نصت عليه المادة 30 من قانون العقوبات تحت اسم المحاولة( كل محاولات ارتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال لا لبس فيها تؤدي مباشرة الى ارتكاب تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو يخيب أثرها إلا الظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى ولم يمكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها).(1)
من خلال نص المادة يظهر أن الجريمة إن وقعت ولم تكتمل فهي جريمة ناقصة لأمرين :
-أوقف الجاني تنفيذها قبل إتمامها.
-أو فشل الجاني في إكمالها لسبب خارج عن إرادته ..
أنواع الشروع:
أ- الشروع الموقوف : هو شروع ناقص لأن الجاني لم يقم بكل الأفعال التنفيذية لإتمام الركن المادي.
مثال : محاولة الجاني الضرب فعندما يرفع عصاه وفي اللحظة التي يهوي بها على رأس المجني عليه ينهره شخص ثالث وينهاه عن عملية القتل.
ب- الشروع الخائب : هو شروع تام ويفترض أن الجاني قد قام بفعله كاملا ولكن النتيجة لم تتحقق ولهذا فهي جريمة خائبة.
مثال : إطلاق الجاني النار على شخص لكن الرصاصة لم تصبه ، فتح خزانة لسرقة المال لكن السارق لم يجد شيء في الخزانة.
المطلب الثانـي :مراحل ارتكاب الجريمة( الشروع)
الفرع الأول : مرحلة التفكير
و يراد بها مرحلة النشاط النفسي الذي يدور داخل شخصية الجاني فتطرأ فكرة ارتكاب الجريمة على ذهنه و يراود نفسه بين دوافع الإقدام على الجريمة و دوافع الإحجام عن اقترافها و بعدها يعقد الجاني العزم على ارتكاب الجريمة.
و المشرع هنا لا يهتم بما يدور في ذهن الشخص و لا يعاقب عليه، إلا إذا ظهر في صورة نشاط خارجي كالاتفاق مع الغير لارتكاب الجرائم ففي هذه الحالة يرى المشرع أنه يعد فعلا خطيرا يهدد المصالح التي يحميها المشرع فيجرمها.
الفرع الثاني : مرحلة التحضير
بعد العزم على الجريمة يبدأ الاستعداد لها بأعمال تحضيرية لتنفيذ الجريمة كأن يشتري سلاحا و يتدرب على استعماله ثم يراقب المجني عليه في مواعيد هو يدرس الأمكنة التي يرتادها، فهذه كلها أفعال تحضيرية لا تعد بدورها شروعا، و تفلت من العقاب بوصفها مرحلة في الجريمة غير أن الشارع قد يرى بعض تلك الأعمال التي تعتبر تحضيرية لارتكاب جريمة معينة ما يمكن أن يكون فعلا خطرا فيجرمه بصفة جريمة مستقلة كمجرد تقليد المفاتيح، فهو وإن كان عملا تحضيريا بالنسبة لجريمة السرقة إلا أن المشرع رأى بأن هذا الفعل يهدد المصالح التي يحميها القانون فجرمه بصفة مستقلة.
الفرع الثالث : مرحلة الشروع
إذا تجاوز الجاني مرحلة التحضير للجريمة بدأ في تنفيذها، و بذلك يدخل في مرحلة جديدة تسمى الشروع، و هذا العمل الذي يقترفه الجاني ينطوي على تهديد للمجتمع بخطر معين مما دفع المشرع إلى تجريمه إذا ما وقفت الجريمة عند هذه المرحلة و يتم هذا الوقف إما بسبب تدخل عامل خارجي منع الجاني من الوصول إلى غايته، أو بسبب فشل الجاني في تنفيذ الجريمة رغم قيامه بنشاطه كاملا، و عندئذ يكون بصدد الشروع في الجريمة الذي يعاقب عليه المشرع، و يطلق على الحالة الأولى بالجريمة الموقوفة و الثانية بالجريمة الخائبة


(1) عبد الله سليمان، شرح قانون العقوبات الجزائري، القسم العام ، طبعة 1998، ديوان المطبوعات الجامعية، ص 163.


كما إعتبر المشرع الجزائري مرحلة الشروع هي المرحلة التي يتجاوز فيها الجاني مرحلتي التفكير و التحضير ليسلك الجريمة، و لكن لا يصل إلى التنفيذ الكامل للجريمة.
و في هذه الحالة يعتد المشرع بفعل الجاني و الجريمة في الجنايات و بعض الجنح و ذلك ما نصت عليه المادتين 30 و 31 من قانون العقوبات.
المبحــث الثاني: أركان الشروع والعقاب عليه
المطلـب الأول:أركان الشروع
الركن المادي في الشروع:
لقد عرفت لنا المادة 30 من قانون العقوبات الشروع و هذا التعريف للشروع يتطلب توافر عنصرين لقيام الركن المادي:
العنصر الأول : و هو البدء في التنفيذ : حيث أن وضع حد بين الأعمال التحضيرية التي لا يعاقب عليها القانون يقتضي وضع معيار ثابت يفصل بين المرحلتين، و لتحديد معيار فاصل في هذا الشأن لا مفر من الرجوع إلى المعايير الفقهية السائدة في شأنها و قد جرى الفقه على تصنيف الآراء المختلفة التي قيلت في هذه المعايير إلى مذهبين:
المذهب الموضوعي الذي يهتم بالفعل المادي الذي أرتكب فعلا و بخطواته الإجرامية.و المذهب الشخصي الذي يهتم بإرادة الجاني و اتجاه إرادته إلى السلوك الإجرامي و هو المذهب الذي استقر عليه العمل في القضاء الفرنسي و الذي أخذ منه المشرع الفرنسي، و يهتم هذا المذهب بخطورة الشخصية الإجرامية للجاني أكثر من الاهتمام بالفعل نفسه.
العنصر الثاني : من شروط الركن المادي للشروع هو وقف التنفيذ أو خيبة أثره و هو أن يقف هذا التنفيذ أو يخب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها، و هذا يعني أنه يجب ألا يعدل الجاني بإختياره عن تحقيق الجريمة، و وجوب التوقف أو الخيبة لكي لا تصبح جريمة تامة.
الركن المعنوي في الشروع:
يشترط في كل جريمة توافر الركن المعنوي و هو ركن القصد الجنائي بمعنى انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العلم بعناصرها القانونية، لذلك يشترط أيضا لقيام الشروع توافر هذا الركن، و القصد الجنائي اللازم توافره في الشروع هو نقس القصد الجنائي الواجب توافره في الجريمة التامة، فالجاني لا يمكن اعتباره شارعا في جريمة إلا إذا انصرفت نيته إلى إرتكابها تامة، فمثلا إذا كان القصد الجنائي يتطلب في جريمة القتل نية إزهاق الروح و في اختلاس مال مملوك للغير فهو يتطلب نفس النية بالنسبة للشروع في كل من الجريمتين، فإذا نجح الجاني فالجريمة تامة و إذا فشل فالجريمة شروع.
و بالتالي فإن صفة الشروع في الجريمة تلحق بالركن المادي من حيث تحقق أو عدم تحققه و لا تلحقه هذه الصفة بالركن المعنوي أي القصد الجنائي.المطلـب الثانـي:العقاب على الشروع
يتعين في دراسة عقاب الشروع البحث في موضوعين :
الأول : تحديد الجرائم التي يعاقب عليها القانون على الشروع فيها.
ثانيا : بيان نوع و مقدار العقاب على الشروع.
أولا : الجرائم التي يعاقب القانون على الشروع فيها : تنقسم الجرائم إلى جنايات و جنح و مخالفات و كقاعدة فالجنايات يعاقب الشروع فيها و ذلك طبقا
لما جاء في نص المادة 30، أما الجنح فلا يعاقب على الشروع فيها إلا بنص خاص، و قد عبر المشرع عن هذه القاعدة في نص المادة 31 بقوله :
: "المحاولة في الجنح لا يعاقب عليها إلا بنص صريح في القانون"، أما المخالفات فلا عقاب على الشروع فيها طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 31 :
"المحاولة في المخالفة لا يعاقب عليها إطلاقا".
و تفسير هذه القاعدة أنه إذا كانت الجريمة جسيمة فالشروع فيها جسيم بدوره و يستحق العقاب، فإن قلت جسامة الجريمة قلت خطورة الشروع، و تطبيقا لذلك فالجنايات جرائم جسيمة لدلك يعاقب على الشروع فيها أما الجنح فهي أقل درجة لذلك لا يعاقب على الروع فيها إلا بناءا على نص خاص.
ثانيا : مقدار العقاب على الشروع : تختلف التشريعات الجنائية في عقاب الشروع فتذهب الغالبية العظمى من التشريعات الجنائية إلى تقدير عقوبة للشروع أخف من عقوبة الفعل التام و منها القانون البلجيكي و المجري و الدنمركي و غيرها و بعض هذه التشريعات لا يميز في عقابه للشروع بين الجريمة الموقوفة و الخائبة.
و البعض الآخر يميز بين هذين النوعين من الجرائم كما يميز في العقاب أيضا بين الشروع و بين الجريمة التامة، فيخفف من عقاب الجريمة الموقفة و يفرض أشد العقاب على الجريمة الخائبة، أما الجريمة التامة فتلقى أشد من الجريمة الخائبة و تفسير هذا التمييز في عقوبة الشروع و الجريمة التامة يمكن في أن الشروع لا ينال بالاعتداء على الحق الذي يحميه القانون و إنما يقتصر على مجرد تهديده بالخطر و الخطر أقل إضرارا بالمجتمع من الاعتداء أي أن الشروع أقل إضرارا من الجريمة التامة، غير أن هناك بعض التشريعات القليلة تسوي بين عقاب الجريمة التامة و الشروع فيها منها القانون الفرنسي و الروسي و البولوني و الجزائري، و يمكن أن نفسر هذا الموقف أنه اعتداد بالجانب الشخصي للجريمة في تحديد عقابها و القول بأن الإرادة الإجرامية تتوافر في الجريمة التامة، فإن كانت هذه الإرادة أساس العقاب و علته فلا مقر من القول بإيجاد هذا الأساس في الحالتين و من ثم يجب التوحيد لبن عقاب الجريمة التامة و الشروع فيها.
و التشريع الجزائري سوى في العقاب بين الجريمة التامة و الشروع فيها و ذلك حسب نص المادة 30.
كذلك ألغى المشرع الجزائري التمييز بين الجريمة الموقوفة و الجريمة الخائبة كما حسم كل تمييز بين الجريمة المستحيلة من حيث الوسيلة.

الخاتمة
إن الجدل الفقهي الذي ثار حول هذا الموضوع إن دل على شيء إنما يدل على خطورة هذا الفعل و أهميته العملية التي نجد تطبيقات كثيرة في العمل القضائي فيما بعد بدءا في التنفيذ يعاقب عليه، و بين ما هو عمل تحضيري لا عقاب عليه.
اهتمام الفقهاء بالتفرقة بين الجرائم التامة و الجرائم غير التامة و العمل التحضيري و البدء في التنفيذ، و العدول الإختياري و الجريمة المستحيلة هذه كلها أمور ساهمت في تحديد الأعمال التي يعد من قبيل الشروع و حددت أي شروع يمكن العقاب عليه، و المشرع الجزائري كغيره من المشرعين نص على الشروع و عاقب عليه هذا لأن الشروع يهدد مصلحة المجتمع لأن عمله إذا لم يوقف لسبب يجهله فإن النتيجة ستتحقق و بالتالي يكون أستهدف المجتمع.