منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مواضيع مقترحة لبكالوريا مادة الفلسفة........
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-03-10, 16:45   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
ترشه عمار
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ترشه عمار
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



ترشة عمار - ثانوية حساني عبد الكريم - الوادي









هل يمكن الحديث عن علمية جديدة في حقل العلوم الإنسانية؟.

أضحت العلوم الإنسانية باعتبارها الحقل العلمي الذي يتخذ من الإنسان موضوعا له, مسالة تتمركز في شتى مجالات فلسفة العلوم . الشيء الذي جعل لهذا المفهوم إشكالا من تجلياته طبيعتها بذاتها، أي ما طبيعة العلوم الإنسانية ؟ هل يمكن تحقيق علمية بخصوص موضوع الإنسان ؟ وكيف الحديث عن تحقيق علمية بكائن تميز بالوعي و الإرادة و الرغبة ؟
إن الحديث داخل حقل العلوم الإنسانية عن علمية جديدة يصاغ بالأساس على اعتبار إمكانية وضع الإنسان، المعروف بأبعاده النفسية والاجتماعية والتاريخية، كموضوع للدراسة العلمية، بمعنى تطبيق، إذا أمكن، منهج قياس كما يتم في العلوم التجريبية، الشيء الذي يجعل الحديث عن هذه المقاربة تدخل ضمن إطار النزعة العلمية في العلوم الإنسانية، والتي أكدت طروحاتها على إمكانية دراسة الظواهر الإنسانية دراسة علمية .
ذهب هذا الاتجاه بأصحاب الفلسفة الوضعية و التي من ابرز ممثليها “اوغست كونت” إلى القول بان الفيزياء الاجتماعية ما هي إلا امتداد للفيزياء، وكذلك الفروع العلمية التي تندرج ضمنها، مما يجعلها بعد اعتبارها علوما للملاحظة، علوما تقبل أي تطبيق تجريبي، كما هو الشأن في العلوم الفيزيائية بغية الحصول على نتائج يقينية، وبالتالي الوصول إلى قوانين دقيقة و موضوعية.
يحذو “دوركايم” هو الآخر ذو النزعة العلمية في تصوره، حذو “كونت” من مجال تخصصه الاجتماعي العلمي، بالميل إلى دراسة الظاهرة الاجتماعية دراسة علمية وفق قواعد منهجية، خاصة بعلم الاجتماع مثلا. كما آلت به دراسته البحثة لظاهرة الانتحار بنتائج جد مقنعة ،وإن اعتبرت هذه النزعة في الدراسة وفي نظر بعض المتخصصين تندرج ضمن خصوصية الظاهرة الطبيعية. لكن هل كل هذا هو أوفى وأغنى للدراسة العلمية؟
أمدت النزعة العلمية، وبالأخص الفلسفة الوضعية، الدراسة العلمية بركائز و أطروحات مكنت من فتح مجالات أفضت إلى إمكانيات أخرى لتحقيق الدراسة العلمية في حقل العلوم الإنسانية،وبوجه الخصوص، على الإنسان باعتباره موضوعا وظاهرة من الظواهر الكونية، والى الوقوف عند علوم كعلم الاجتماع مثلا بكونه علما حقيقيا يرجى به تحقيق دراسة علمية للحصول على نتائج وقوانين يقينية منهجية بالدرجة الأولى،إذا أمكن ذلك. بيد أن هذا الاتجاه قد يكون بنظرته هاته لم يتجاوز إلى ما وراء الإنسان بأبعاده البتّة . وأن هذا الأخير يتميز بملكة الوعي والإرادة، التي قد يكون لها بالغ الأثر في عملية الدراسة العلمية نظرا لصعوبة التجربة على الذات. مما يفرض تعقيدا طبائعيا (يطبعه التعقيد) على العلوم الإنسانية. وهذا ما حمل “بياجي” لتبنيه الموقف الابستيمولوجي، على اعتبار وجود تداخل قائم بين الذات الامبيريقية(الملاحِظة) والموضوع الملاحَظ أو المدروس، وبذلك تتقلص المسافة العلمية بينهما،و أيضا لالتزام الباحث بمواقف فلسفية و إيديولوجية . هكذا، وحسب “بياجي”، تتكون صعوبات تعاني منها علوم الإنسان ، فتكون حاضرة كذلك في العلوم الطبيعية.
يضفي “فرانسوا باستيان” لمسته إلى جانب “بياجي” التي أكدت هي الأخرى عن استحالة وجود علمية داخل حقل العلوم الإنسانية، فذات الباحث الاجتماعي لا يمكن أن تنفصل كموضوع للبحث، لأنه ينخرط رغما عنه في المنظومة والصيرورة المعيشية الاجتماعية، فيلزم باستحضار الوعي والإرادة باعتبارهما ميزة الذات الإنسانية.
أكد هذان الموقفان ضرورة الوقوف عند الباحث أو الملاحظ للعلمية، على انه لا ينفك بنظرته داخل دراسته الحقة، فهو ذو ميزة نمطية (أي داخل نمط معين) قبل أن يكون صاحب تجربة . بحيث لا تخلو التجربة من وقائع معيشية تضفي طابعا لايقينيا على النتائج، فتصبح العلمية بذلك لا موضوعية. وبالتالي تخلص إلى لاتحقيقية العلمية في العلوم الإنسانية الذي كان للوعي فيها العائق الأكيد.
من الصعب خلو أي علمية، كانت كلاسيكية النزعة أو حديثة، من نظرتان متقاربتان ومتقابلتان، في حقل العلوم الإنسانية الحالية، للخروج بنتائج قطعية تدع مجالا للمنهجية في شتى طرقها، للمضي قدما نحو أنمذجة العلوم في هذه العلوم الإنسانية. وبذلك يكون تركيبيا قد تم الجمع بين إمكانية العلمية داخل هذا الحقل، وبين تحقيق تلك العلمية بخصوص موضعة صاحب الوعي و الإرادة، الذي يبقى في الأخير وقبل كل اعتبار، إنسانا .
------------------------------------









رد مع اقتباس