منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - السندات التنفيذية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-02-05, 15:51   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 اضافة

- الشرط الأول : طلب وقف التنفيذ : لا يجوز للمحكمة الإستئناف أن تتعرض لمسألة وقف النفاذ المعجل من تلقاء نفسها وإنما يجب طلب منها ذلك وذلك لأن مسألة النفاذ المعجل ليست من النظام العام (1) وأن طلب وقف التنفيذ هو وقتي متميز عن الطعن الأصلي في الحكم.
- الشرط الثاني : أن يطعن المحكوم عليه في الحكم بالإستئناف : ذلك أن هذا الطلب الرامي لوقف التنفيذ المعجل لا يكون مقبولا إلا إذا كان هناك طعن بالإستئناف في الحكم المطلوب وقف تنفيذه لأن الطلب وحده ليس طريقا للطعن وإنما هو وسيلة قانونية أعطاها المشرع للمحكوم عليه للحصول على حماية القضاء الوقتية لحقه المحتمل الوجود نظرا لإحتمال إلغاء الحكم.

- الشرط الثالث : أن يقدم الطلب قبل تمام التنفيذ : يجب أن يقدم طلب وقف التنفيذ المعجل قبل إتمام إجراءات التنفيذ بهذف تحقيق حماية وقتية ينصرف أثارها للإجراءات التالية لرفع الطلب وليست الإجراءات السابقة عليه لأن ما سبق إتمامه لا يرد عليه الوقف بل يرد عليه الإلغاء.

- الحكم في طلب الوقف وأثاره :

تفصل الجهة القضائية المختصة في طلب التنفيذ المعجل (المعارضة)
في أقرب جلسة ويكون ذلك قبل الفصل في موضوع الإستئناف المرفوع طبقا لنص المادة 40/4 فإذا تبين للقاضي من أسباب (1) الطعن أنه يرجح إلغاء الحكم جاز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ وفقا لما قدرت من أسباب والمحكمة هنا يقتصر دورها على الأمر بوقف التنفيذ أو رفضه ويكون الحكم في طلب وقف التنفيذ المعجل وقتيا (2).

وأثر الحكم توقف التنفيذ بإعتباره حكما وقتيا ينصرف للمستقبل فقط ولا يتصرف أثره ما تم من تنفيذ قبل صدوره (3).

الفرع الثاني : قرارات المجالس القضائية

تصدر قرارات المجالس القضائية بصفة نهائية حائزة لقوة الأمر المقضي فيه ومن ثمة للقوة التنفيذية وبذلك يمكن تنفيذها جبرا إلا أنه يجب أن تميز بين ثلاثة أنواع من القرارات.

- القرار المؤيد كليا أو جزئيا للحكم المستأنف.
- القرار الملغى له.
- قرار عدم القبول.

النوع الأول : القرار المؤيد كليا أو جزئيا للحكم المستأنف

إذا حكم برفض الإستئناف وتأييد الحكم المعاد فقد إختلف الفقه في هذا الشأن إذ نجد رأي ذهب إلى إعتبار الحكم الصادر عن أول درجة هو السند التنفيذي بإعتباره يتضمن تأكيد حق المحكوم له وأن حكم الدرجة الثانية لم يفعل سوى تأييده (1) وذهب رأي أخر إلى إعتبار الحكم الصادر عن جهة الإستئناف هو السند التنفيذي إنطلاقا من فكرة التقاضي على درجتين بإعتبار أن المجلس أعاد النظر في النزاع ثانية وبذلك فالقرارهو الذي أكد الحق الموضوعي المتنازع فيه بتأكيده للحكم المستأنف.
- أما إذا حكم بتأييد الجزئي أو إلغاء الحكم في شق منه وتأييد الشق الأخر فإن الحكمين يكونان سندا تنفيذيا وبالتالي يجب أن تشملان كلاهما بالصيغة التنفيذية ومثال ذلك كأن يصدر حكم إبتدائي يقضي بإلزام البائع بتسليم المبيع والتعويض عن التأخير في التسليم فإذا طعن البائع في الحكم في الشق المتعلق بالتعويض فقط وأيد الحكم في الإستئناف فإن حكم أول درجة يعتبر سندا تنفيذيا في الشق المتعلق بالتعويض (2).

النوع الثاني : القرار الملغى للحكم المستأنف

إذا ألغى المجلس حكم أول درجة وفصل من جديد في موضوع النزاع ففي هذه الحالة قرار الإلغاء هو الذي يحوز القوة التنفيذية وبالتالي يعتبر سند تنفيذي لإعادة الحالة لما كانت عليه قبل تنفيذ الحكم تطبيقا للقاعدة الواردة
في نص المادة 103 من القانون المدني التي مفادها أنه في حالة الحكم بإبطال أو بطلان العقد يعاد الأطراف إلى حالة التي كانوا عليها قبل إبرام العقد. ومثال ذلك إذا كان الحكم الإبتدائي مشمولا بالنفاذ المعجل ونفذ جبرا فأن قرار المجلس الملغى للحكم الإبتدائي يعتبر سندا تنفيذيا لإعادة الحال إلى ما كان عليه دون حاجة للمحكوم له لسند جديد لأن القرار الملغى للحكم الإبتدائي يؤدي إلى إلغاء جميع الأثار المترتبة عنه.

وهذا ما يسمى بالتنفيذ العكسي والمقصود به مثلا في حالة الحكم بطرد المدعى عليه من المسكن بموجب حكم إستعجالي تم التنفيذ عليه ثم صدرعن المجلس بعد إستئناف الحكم قرار قضى من جديد بعدم الإختصاص النوعي ففي هذه الحالة يعتبر القرار القاضي بعدم الإختصاص هو السند التنفيذي يكفي لإجراء عملية التنفيذ العكسي وذلك بإرجاع المدعى عليه إلى المسكن الذي طرد منه تنفيذا للأمر الإستعجالي محل الإلغاء.
النوع الثالث : القرار بعدم القبول (عدم قبول الإستئناف)

في هذه الحالة يبقى حكم أول درجة هو السند التنفيذي لأنه بصدور قرار بعدم القبول يصبح الحكم محل الإستئناف نهائي حائز لقوة الأمر المقضي فيه ومثال ذلك القرار القاضي بعدم قبول الإستئناف لوروده خارج الأجل القانوني المقرر للإستئناف.

الفرع الثالث : قرارات المحكمة العليا

إلى جانب القرارات التي يصدرها المجلس هنالك قرارات التي تصدر
عن المحكمة العليا بمجرد صدورها يتمتع بالقوة التنفيذية التي تلحقها من خلال وصف النهائية وهي تنقسم إلى ثلاثة أنواع :
- قرارات النقض.
- قرارات الرفض.
- قرارات بعدم القبول.
- النوع الأول : قرارات النقض.

تطبيقا للمبدأ الوارد في المادة 103 من القانون المدني القاضي بأن يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد في حالة بطلان العقد أو إبطاله فإن قرار المحكمة العليا يصبح في هذه الحالة سندا تنفيذا لإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل الحكم أو القرار محل الطعن ويتعين على المنفذ ضده الذي إعتمد قرار النقض للمطالبة بالتنفيذ العكسي القيام بمقدمات التنفيذ المتمثلة في تبليغ السند التنفيذي وتكليف المحكوم عليه بإعادة الحال إلى ما كان عليه ثم بعد ذلك يقوم المحضر بعملية التنفيذ العكسي.

- النوع الثاني : قرارات الرفض

هي القرارات التي ترفض فيها أوجه الطعن التي قدمها الطاعن وفي هذه الحالة يبقى الحكم أو القرار محل الطعن هو السند التنفيذي لأن قرار المحكمة العليا في هذه الحالة لا يرد على الحق أو المركز القانوني.

- النوع الثالث : القرارات القاضية بعدم القبول

هي القرارات القاضية بعدم قبول الطعن المقدم إلى المحكمة العليا إذا تخلفت إحدى الشروط الشكلية المقررة قانونا كأن تكون مذكرة الطعن غير موقعة من قبل محامي معتمد لدى المحكمة العليا وفي هذه الحالة كذلك يبقى الحكم أو القرار محل الطعن هو السند التنفيذي ويتعين مهر بالصيغة التنفيذية من أجل تنفيذه جبرا.

تناولنا فيما سبق كل من الحكم والقرار بنوعيه قرار المجلس وقرار المحكمة العليا كعمل قانوني يصلح أن يكون سندا تنفيذا يخول لمن صدر لمصلحته سلطة إقتضاء حقه جبرا والآن سنتناول الأمر كعمل قانوني قضائي قرره المشرع كسند تنفيذي بحيث يتطرق لبعض الأوامر على العرائض التي إعتبرها القانون سندات تنفيذية بموجب نصوص خاصة.

المطلب الثاني : الأوامر

يقصد بالأوامر ما يصدره القضاء من قرارات بناء على طلب الخصم من غير مرافعة ودون تكليف الخصم الأخر بالحضور وفي غيبته (1) فصاحب الشأن لا يرفع دعوى يعلن بها خصمه فالأصل أنه لا يوجد خصم (2) أو مع افتراض وجوده فإنه يراد عدم علمه في الوقت الحالي على الأقل وإنما يتقدم صاحب الشأن بعريضة يوضح فيها طلباته وأسانيده يبث فيها القاضي دون مواجهة الخصم وسماع دفاعه ويصدر أمره عليها سواء بالرفض أو بالقبول دون الإلتزام (كقاعدة) لتسبيب هذا الأمر بالأوامر هي الشكل الخارجي للقرارات يصدرها القضاء بغير إتباع إجراءات الخصومة القضائية.
والأوامر القضائية على أنواع متعددة ولم ترد جميعها في قانون الإجراءات المدنية وأهمها أوامر الأداء – أوامر تقدير – الأوامر على العرائض، وتعتبر سندات تنفيذية بقوة القانون.

الفرع الأول : أمر الأداء

تنص المادة 174 من قانون الإجراءات المدنية وما بعدها
" خلافا للقواعد العامة في رفع الدعاوى أمام جهات القضاء المختصة يجوز أن تتبع الأحكام الواردة في هذا الباب – الباب الثاني من الكتاب الرابع من قانون الإجراءات المدنية – عند المطالبة بدين من النقوذ ثابت بالكتابة حال الأداء ومعين المقدار (1) وأن يكون للمدين موطن أو إقامة معروف في الجزائر المادة 177 من قانون الإجراءات المدنية (2).

ويجدر الإشارة أن أمر الأداء كأمر الصادر على عريضة يصدر بغير مواجهة الخصم الأخر كما أنه من حيث الشكل ليس حكما (3) ومع ذلك فإنه يتميز بنظام خاص كون مضمونه يتعلق بإلزام المدين بإداء معين، كما أنه شكل من أشكال طلب الحماية القضائية الموضوعية التي هي في الأصل تتم عن طريق نظام الدعوى القضائية (1) وخروجا عن الأصل لأمر الأداء نظام مختصر كون الحقوق موضوع النزاع هي في الغالب ديون ثابتة بالكتابة لا تستدعي مرافعة أو تحقيق.

تبعا لنص المادة 176 من قانون الإجراءات المدنية فإن النظام الخاص بأمر الأداء يستخذم تقنيات الأوامر الولائية كونه يتم بغير المواجهة بين الخصوم من جهة ومن جهة أخرى يفصل في النزاع عكس الأوامر الولائية التي لاتفصل في الموضوع فهو ولائي في شكله الخارجي ونظامه الإجرائي وقضائي من حيث مضمونه أو موضوعه.

شروط أمر الأداء :
لايجوز إستصدار أمر الأداء عند المطالبة بدين إلا إذا توافرت الشروط التي نصت عليها المادة 174 منها ما هو موضوعي ومنها
ما هو شكلي.

أولا : الشروط الموضوعية :
يتعلق بالدين المطالب به وهي :
- أن يكون الدين المطالب به دينا من النقود فإذا كان محل الدين غير النقود لا يمكن قبول الطلب، كما إذا كان محل الدين نقود في جزء منه وأشياء أخرى في الجزء الأخر فلا يمكن كذلك إستصدار أمر الأداء بسبب إرتباط الدين أما إذا كان محل الدين فيه إلتزام تخييري للمدين أي يخير بين دفع مبلغ من النقود أو شيء مقابل سلع مثلا ففي هذه الحالة نفرق بين أمرين.
- إذا كان الإختيار للدائن : يمكن له المطالبة القضائية عن طريق أمر الأداء أما إذا كان الإختيار للمدين فلا يمكن له ذلك كون الدائن لا يستطيع جبر المدين بالوفاء بالنقود لكون الخيار بيده (1).
- أن يكون الدين النقدي معين المقدار وفقا لهذا النظام فإنه يشترط لقبول الطلب أن يكون مبلغ الدين النقدي معين المقدار تعيينا نافيا للجهالة.
- أن يكون الدين ثابثا بالكتابة بشرط أن يتم إثبات الدين بالمطالب له ثابت بالكتابة حتى ولو كانت قيمة الدين تقل عن 1000دج أو كان دينا تجاريا حسب نص المادة 333 قانون المدني وهذا تطبيقا لقاعدة على الدائن
إثبات الإلتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه طبقا لنص المادة 323
من القانون المدني.
- أن يكون الدين حال الأداء وذلك كون أن أمر الأداء يصدر
في غياب المدين خلافا لمبدأ المرافعة الوجاهية في التقاضي فلا يمكن إجبار المدين بالوفاء قبل حلولأجل الوفاء.
ويكون الدين حال الأداء ما لم يكن معلق على قيد أو شرط أو مضاف إلى أجل ما معين.

- أن يكون للمدين موطن أو محل إقامة معروف بالجزائر طبقا لنص المادة 177 من قانون الإجراءات المدنية التي نصت على أنه :
" لا يجوز إصدار أمر الأداء إذا كان سيجري تبليغه في الخارج أو إذا لم يكن للمدين موطن أو محل إقامة معروف في الجزائر " وهذا تحقيقا للمحكمة المتوخاة من أمر الأداء وهي السرعة والإختصار.

ثانيا : الشروط الشكلية :

وطبقا لنص المادة 175 فإن يقدم طلب أمر الأداء بإيداع عريضة على نسختين متطابقتين لدى قلم كتاب المحكمة تحتوي على بيانات تشكل الشروط الشكلية لأمر الأداء والمتمثلة في ذكر أسماء وألقاب الخصوم ومهنة كل واحد منهم وموطنه ومقدار المبلغ المطالب به على وجه التحديد، سبب الدين
في الطلب والذي يرفق به جميع المستندات المؤيدة والمعززة لوجود الدين وبذلك فإن أمر الأداء يعد مطالبة قضائية يترتب عليها جميع الأثار المرتبة
عن رفع الدعوى.

ثالثا : الجهة المختصة للنظر في أمر الأداء :
لم يحدد نص المادة 174 من قانون الإجراءات المدنية الجهة القضائية المختصة في النظر في أمر الأداء وقد جرى العرف على أن يؤول الإختصاص
إلى رئيس الجهة القضائية وسبب ذلك راجع لكون أن أمر الأداء عمل
قانوني مركب.
أما فيما يخص الإختصاص المحلي فإنه لا يوجد نص خاص يحدد ذلك مما يستوجب الرجوع للقواعد العامة للإختصاص فيرفع الأمر إلى دائرة إختصاص محكمة محل إقامة المدين طبقا لقاعدة الدين المطلوب وليس محمول.

رابعا : إجراءات إستصدار أمر الأداء :

يتم الطلب بتقديم عريضة من الدائن أو وكيله للقاضي الإستعجالي رئيس المحكمة بإعتباره المختص في القانون الجزائري بإصدار أمر الأداء وبعد تسجيله يتولى هذا الأخير فحصه والتحقق من توافر الشروط الشكلية والموضوعية المذكورة أنفا إذا تبين للقاضي صحة الدين فإنه يؤشر في أسفل العريضة بإبلاغ أمر الأداء إلى المدين وإلا فإنه يرفض الطلب دون أن يكون للطالب وجه طعن في الأمر الصادر بالرفض.

- لا يجوز إصدار أمر بالأداء إذا كان سيجري تبليغه في الخارج أو إذا لم يكن للمدين موطن أو محل إقامة معروف في الجزائر ويشتمل تبليغ أمر الأداء على إنذار المدين بأن يسدد الدين لدائن وملحقاته من فوائد ومصروفات تذكر قيمتها بالتحديد، في ميعاد 15 يوما وإلا أجبر على ذلك مع تنبيه المدين أن له مهلة 15 يوما للمعارضة إذا كان له أوجه دفاع.

خامسا : المعارضة في أمر الأداء :

ترفع المعارضة في أمر الأداء بكتاب يسلم إلى قلم كتاب الجهة القضائية التي صدر عنها الأمر وهذا طبقا لنص المادة 179 إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن المعارضةفي أمر الأداء يعد بمثابة منازعة في الأمر بمعنى أن المدين ينازع في أصل الحق والصحيح إذا هو أن ترفع المعارضة أمام قاضي الموضوع وليس أمام قاضي الأمور المستعجلة وما يؤكد هذا القول هو نص المادة 181 التي تشترط ضرورة الحكم الصادر في المعارضة نهائيا من أجل التسليم الصيغة التنفيذية لأن الأحكام الإستعجالية مشمولة بالنفاذ المعجل قانونا.

سادسا : الأثار المترتبة عن أمر الأداء :

يتضمن أمر الأداء قضاءا قطعيا في أصل الحق لذا فإنه يخضع
في قوته التنفيذية إلى القواعد التي تحكم نفاذ الأحكام الموضوعية ويترتب
على ذلك :

أ – يكون أمر الأداء نافذا عاديا أي قابلا للتنفيذ العادي وذلك إذا فات ميعاد المعارضة في أمر الأداء دون رفعه ولم يكن يقبل الطعن بالإستئناف ففي هذه الحالة يحوز أمر الأداء القوة التنفيذية العادية شأنه في ذلك شأن الحكم الحضوري وهذا طبقا لنص المادة 180 من قانون الإجراءات المدنية.
ب – يكون أمر الأداء نافذا نفاذا معجلا طبقا للقواعد الخاصة بالنفاذ المعجل بإنقضاء ميعاد الإستئناف إذا كان يقبل الإستئناف أو بالحكم برفض المعارضة وإنقضى ميعاد الإستئناف دون الطعن فيه ففي هذه الأحوال يكون أمر الأداء والحكم الصادر في المعارضة نافذا نفاذا معجلا طبقا للقواعد الخاصة بالنفاذ المعجل المادة 181 من قانون الإجراءات المدنية.
ج – يسقط بالتقادم المسقط أمر الأداء إذا لم يحصل فيه معارضة ولم يشمل على الصيغة التنفيذية خلال 6 أشهر من تاريخ صدوره طبقا لنص المادة 182 من قانون الإجراءات المدنية.

الفرع الثاني : الأوامر على العرائض

يعترف المشرع لأوامر على العرائض بقوة تنفيذية لأنها تصدر مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني (1) فهي قابلة للتنفيذ فورا رغم قابليتها للتظلم منها، لكن النفاذ المعجل للأوامر على العرائض لا يمنع الجهة المرفوعة أمامها التظلم من أن تأمر بوقف النفاذ المعجل للأمر المتظلم منه، لكن بالشروط الخاصة بوقف التنفيذ في المواد المستعجلة.

والتنفيذ المعجل للأوامر على العرائض يستمد من القانون مباشرة دون الحاجة للنص عليه في الأمر طبقا لنص المادة 172/1، 2 من قانون الإجراءات المدنية التي تصدر بمناسبة إثبات حالة أو معاينة أو توجيه إنذار.

يخص رئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة بإصدار هذه الأوامر إذ يقوم صاحب الشأن الذي يريد إستصدار أمر على عريضة بموجب طلب يتضمن عريضة يقدمها إلى رئيس المحكمة على نسختين متطابقتين يذكر فيها وقائع طلبه والأسانيد مرفق بالمستندات المؤيدة لطلبه ويقوم القاضي بإصدار الأمر دون سماع أقوال من سيتم إستصدار الأمر عليه ويكون أمر القاضي على ذيل عريضة أو خلفها وتسلم النسخة الثانية للطالب.

وعليه تعتبر الأوامر على العرائض سندات تنفيذية طبقا لنص المادة 188 وتختلف القواعد التي تحكمها كسندات تنفيذية بإختلاف طبيعتها ومضمونها وللأوامر على العرائض قوة تنفيذية بمجرد صدورها فهي قابلة للتنفيذ فورا رغم قابليتها للتظلم منها أو التظلم فيها فعلا أمام قاضي الإستعجال لأن الأمر على ذيل عريضة يصدر بموجب السلطة الولائية للقاضي.

كما تجدر الإشارة إلى أن هذه الأوامر غير قابلة مبدئيا للإستئناف أو المعارضة كونها لا تمس بحقوق ومراكز القانونية (1) أما الحالات التي يحدث بموجبها الأمر على ذيل عريضة ضررا للمدين فقد أجاز المشرع لمن صدر الأمر ضده أن يطعن فيه كما هو الشأن بالنسبة للحجز التحفظي لأن الإجراءات قد يفوت ربحا أو يحقق خسارة للمدين مما يصعب جبره مستقبلا.
ولم يحدد المشرع حالات إستصدار الأوامر على عرائض بل أشار إليهافي نصوص متفرقة سواء في نصوص قانون الإجراءات المدنية أو غيرها من نصوص القوانين الأخرى ومنها :
أ – الأمر بإثبات حالة أو بإنذار أو بإتخاذ أي إجراء أخر مستعجل : طبقا لنص المادة 172.
ب – الأمر بإنقاص ميعاد التكليف بالحضور حسب المادة 185
من قانون الإجراءات المدنية.
ج – الأمر بالتبليغ قبل الساعة الثامنة صباحا أو بعد الساعة الثامنة عشر مساءا وفي أوقات العطل الرسمية طبقا لنص المادة 463 من قانون الإجراءات المدنية.
على أنه يمكن إستصدار أمر على عريضة في حالة توافر شروط إستصداره ولو لم يوجد نصا خاص به.
د – أمر بالحجز التحفظي تنص عليه المادتين 345، 346 من قانون الإجراءات المدنية إذ يعتبر هذا الأمر من الأوامر الولائية التي يصدرها القاضي لجانب سلطته القضائية الذي لا يصدر إلا في حالة الضرورة بموجب أمر على ذيل عريضة والأثر الوحيد له هو وضع أموال المدين المنقولة تحت تصرف القضاء ومنعه من التصرف فيها إضرار بدائنه.
ويعد الأمر بالحجز التحفظي سندا تنفيذيا وينفذ الأمر بموجب مسودته ورغم حصول معارضة أو الإستئناف وذلك خلافا للقاعدة الأصلية المكرسة في المادة 320 من قانون الإجراءات المدنية التي لا تجيز تنفيذ أي سندا مهما كان إلا إذا كان ممهور بالصيغة التنفيذية.
هـ - الأمر بالتخصيص طبقا للمواد من 941 إلى 945 من القانون المدني يعتبر الأمر على عريضة الصادر بالتخصيص يندا تنفيذيا واجب التنفيذ بغض النظر عن جميع طرق الطعن والتظلم في هذا الأمر جائز أمام قاضي الأمور المستعجلة والحكم الصادر فيه يكون نافذا نفاذا معجلا بقوة القانون طبقا لنص الماذة 188 من قانون الإجراءات المدنية.

إلا أنه تجدر الملاحظة أن هذا الأمر لا يكون سندا تنفيذيا لوحدة ذلك أن الأمر بالتخصيص يكون نتيجة لحكم نهائي سابق في الموضوع أي أنه لا يمكن الأمر بالتخصيص إلا إذا كان هناك حكم فاصل في موضوع الدعوى وحاز القوة التنفيذية وتمت من خلاله مباشرة إجراءات التنفيذ.
و – أمر على عريضة بحجز وبيع ممتلكات المسحوب عليه بموجب سفتجة : طبقا للمادة 440 من القانون التجاري فإن تبليغ إحتجاج لعدم الوفاء الذي تم بالمسحوب عليه لسفتجة مقبولة يعد بمثابة أمر بالدفع فإذا تعذر الدفع ضمن أجل عشرين يوما من تاريخ التبليغ يمكن للحامل إستصدار أمر على ذيل عريضة بحجز وبيع ممتلكات المسحوب عليه وفي حالة الإشكال في التنفيذ فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بالإشكال العارض ويخبر الأطراف أن عليهم أن يحضروا أمام قاضي الأمور المستعجلة الذي يفصل فيه طبقا لنص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية.
ي – أمر على عريضة بحجز وبيع أملاك المسحوب عليه المتضمن الشيك :
طبقا لنص المادة 536 من القانون التجاري فإن تبليغ شهادة عدم الدفع لإنعدام الرصيد أو نقصه لساحب الصك يعد بمثابة أمر بالدفع، وفي حالة عدم الدفع ضمن أجل عشرين يوما من تاريخ التبليغ يمكن لحامل الصك عن طريق إستصدار أمر على ذيل عريضة بحجز وبيع أملاك المسحوب عليه ضمن الشروط التي أقرها القانون وفي حالة الإشكال في التنفيذ فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بالإشكال العارض ويخبر الأطراف أن عليهم أن يحضروا أمام قاضي الأمور المستعجلة الذي يفصل فيه طبقا لنص المادة 183 من قانون
الإجراءات المدنية.



الفرع الثالث : أوامر التقدير
يدخل ضمن هذه التسمية عدد من الأوامر والقرارات المختلفة تصدر جميعها لتقدير مبلغ من النقود مقابل القيام بخدمة قضائية معينة وتختلف هذه الأوامر والقرارات من حيث قوتها التنفيذية على النحو التالي :
أولا : أوامر تقدير مصاريف الدعوى
يتعين على المحكمة عند إصدار الحكم الذي ينهي به الخصومة
أن تحدد الخصم الذي يتحمل مصاريف الدعوى وذلك طبقا لنص المادة 225 من قانون الإجراءات المدنية، أما تقدير هذه المصاريف فتقضي به المحكمة
في الحكم الصادر منها في موضوع الدعوى وإذا تعذر تحديدها قبل صدوره فيتم تحديدها بأمر من القاضي ويرفق بيانها بمستندات الدعوى المادة 226
من قانون الإجراءات المدنية، ويجوز لكل من الخصوم رفع معارضة في تحديد المصاريف في خلال 8 أيام من تاريخ تبليغهم الحكم أو الأمر الصادر بتحديد المصروفات إذا كان الحكم في الموضوع نهائيا.

القوة التنفيذية لأمر تقدير المصاريف :

لا يعتبر أوامر تقدير المصاريف سندات تنفيذية إلا بتوافر الشرطين التاليين :
1 – أن يصبح أمر التقدير نهائي وذلك لفوات ميعاد الطعن فيه بالمعارضةأو بصدور أمر برفض المعارضة فيه.
2 – أن يكون الحكم الصادر في الموضوع نهائيا فإذا كان الحكم في الموضوع يقبل الإستئناف فلا يجوز للخصوم المنازعة في تحديد المصروفات بغيرطريق الإستئناف طبقا لنص المادة 230 من قانون الإجراءات المدنية.
فرغم أن أوامر تقدير المصاريف هي أوامر على عرائض إلا إنها لا تكتسب القوة التنفيذية بمجرد صدورها كما في الأوامر على العرائض (1) وإنما بشرط توافر الشرطين السابقين.
ثانيا : أوامر تقدير أتعاب الخبراء ومصاريفهم
يجوز للخبير أو مترجم أن يحصل على أمر تقدير أتعابه ومصروفاته بمجرد صدور الحكم في الموضوع وذلك بموجب أمر على عريضة من رئيس المحكمة التي عينته ويؤشر عليها بالصيغة التنفيذية طبقا لنص المادة 227
من قانون الإجراءات المدنية.
ويجوز للخبير أو المترجم أن يعارض في أمر التقدير خلال 3 أيام من تاريخ تبليغه ويكون القرار الصادر في هذه المعارضة غير قابل لأي طعن 328 من قانون الإجراءات المدنية.
القوة التنفيذية لأمر الصادر بتقدير أتعاب الخبير :
يكتسب أمر تقدير أتعاب الخبير أو المترجم القوة التنفيذية بمجرد صورة لكونه من الأوامر على العرائض فهو ينفذ نفاذا معجلا بقوة القانون إلا أنه إذا تمت المعارضة فيه فإنه يترتب على ذلك وفق تنفيذ الأمر فهذا إستثناءا من القواعد العامة في النفاذ المعجل (1) وبذلك يختلف أمر تقدير أتعاب الخبير والمترجم على تقدير مصاريف الدعوى في أن واحد يحوز القوة التنفيذية معجلة بمجرد صدوره أما الثاني فلا يحوز القوة التنفيذية العادية إلا بشروط، كما يختلف أمر تقدير أتعاب الخبير أو المترجم عن الأحكام في أنه بمجرد رفع المعارضة يؤدي إلى وقف تنفيذه (2) .
ثالثا : أمر تقدير مصروفات الشهود
يستحق الشاهد الذي يستدعيه الخصوم للشهادة مقابل لإنتقاله ولتعطله عن العمل لأنه يعتبر أجنبيا عن الخصومة ولا مصلحة له فيها وعليه فإنه إذا طلب الشاهد تقدير مصاريف له أن يراعى في شأنها ما هو منصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 227 قانون الإجراءات المدنية.
فيجري التأشير على الأمر بتقديرها بالصيغة التنفيذية وتسلم إلى الشاهد وهذا طبقا لنص المادة 229 من قانون الإجراءات المدنية، كما يجوز للشاهد أن يعارض في أمر التقدير خلال 3 أيام من تاريخ تبليغه ويكتسب أمر تقدير مصروفات الشهود نفس القوة التي يكتسبها أمر تقدير مصاريف الخبير أو المترجم وتسري عليه نفس الأحكام.













المبحـث الثانـي : السنـدات غيـر القضائيـة
تطرقنا فيما سبق في المبحث الأول إلى السندات التنفيذية التي تتكون نتيجة عمل قانوني قضائي وهي الأحكام والقرارات والأوامر وسنتعرض بعد ذلك في المبحث الثاني إلى السندات التي تتكون نتيجة العمل القانوني غير القضائي وهي العقد الموثق أحكام المحكمين والحكم والعقد الرسمي الصادر من هيئات قضائية أجنبية وهذه السندات الغير قضائية تتدرج من حيث قوة حجيتها إلى العقود الرسمية ثم أحكام المحكمين ثم السندات الأجنبية وعلى أساس ذلك سنتطرق إلى النقاط التالية :

1 – العقود الرسمية.
2 - أحكام المحكمين والسندات الأجنبية.












المطلـب الأول : العقـود الرسميـة
يقصد بالعقود الرسمية العقود القابلة للتنفيذ بذاتها دون حاجة إلى استصدار حكم قضائي بشأنها وهي تختلف عن المحررات العرفية التي و إن كانت لها حجية في الإثبات لكن ليست لها القوة التنفيذية لانتفاء صفة الرسمية وكذلك ليست كل ورقة رسمية سندا تنفيذيا قابلا للتنفيذ بذاته، فالمحاضر التي يحررها رجال الضبط القضائي والأوراق التي يحررها رجال الإدارة تعد محررات رسمية لكن ليست سندات قابلة للتنفيذ إنما يجب على الدائن الالتجاء إلى القضاء للمطالبة بحقوقه. إذ أن العقود الرسمية هي عقود موثقة بغض النظر عن محل العقد سواء تعلق الأمر بدين أو عقار أو بحقوق عينية عقارية فالعقود التوثيقية هي تلك السندات المثبتة لتصرف سواء تمت بالإرادة المنفردة كالوصية، الوقف، التنازل أو باتفاق الإرادتين كالبيع والتي يقوم بتحريرها ضابط عمومي يطلق عليه اسم الموثق وقفا للأمر رقم 70/91 المؤرخ
في 15/12/1970 المتضمن تنظيم التوثيق المعدل بموجب القانون رقم 88/27 المؤرخ في 12/7/1988 (1).
إن إطلاق اسم المحرر الرسمي على العقد الموثق تسمية ليست في محلها إذ أن المحرر الرسمي عبارة عن شكل أوجده القانون أو قالب يصب فيه ذلك التصرف القانوني(2) الذي قد يصدر عن إرادة منفردة أو اتفاق إرادتين كذلك فإن جميع الأوراق التي يثبتها موظف عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة تصدر في شكل محررات رسمية طبقا للمادة 324 من القانون المدني، وبذلك فإن تسمية المحرر الرسمي تسمية عامة تشمل جميع السندات بما في ذلك العقود الرسمية.
أولا : أسـاس القـوة التنفيذيـة للعقـود الرسميـة :
اختلف الفقهاء في تحديد أساس القوة التنفيذية للعقد الرسمي فهناك من يرى أن أساسها هو الخضوع الإرادي للمدين فيرتضي مقدما التنفيذ ضده دون الحكم وهو ما يعرف بالتنفيذ الاختياري (1)، وفي رأي آخر أن أساس هذه القوة التنفيذية هي صفة الموثق الذي يشترط عليه القانون مراعاة بعض الإجراءات كمراقبة صفة الأطراف وأهليتهم وأركان العقد بصفة عامة بحيث يفترض أن يكون مطابقا لما قام به الموثق وحضورهم أمام الموثق معادل لحضورهم أمام القضاء (2)، وهناك رأي ثالث يرى بأن الأساس هو أن العقد شريعة المتعاقدين. كل هذه الأراء لم تسلم من النقد بحيث يرد على الرأي الأول بأن الإرادة قد لا تتوفر دائما، أما الرأي الثاني المتعلق بالثقة فإن هذه الأخيرة قد تتوفر في بعض الأوراق ولكنها لا تعتبر سندات تنفيذية أي أن الأوراق الرسمية ليست كلها سندات تنفيذية أما عن الرأي الثالث فإن العقد شريعة المتعاقدين لا تتعلق بالمحررات الموثقة فحسب بل تتعلق حتى بالعقود غير الموثقة أي العرفية ومن ثمة يمكن القول أن أساس إسناد القوة التنفيذية للعقد الرسمي هو نتيجة اعتبارات تاريخية والتوثيق شكل والشكل هو وسيلة للتعبير عن العمل القانوني (3).


منح الصيغة التنفيذية للعقود الرسمية :
من الإشكاليات العويصة التي أثارت الكثير من النقاش على الصعيد التطبيقي مسألة الصيغة التنفيذية للعقود الرسمية، فهل أن هذه الأخيرة تمنح لجميع المحررات التوثيقية التي يحررها الموثق أو أن منحها يقتصر
على عقود معينة؟.

الصيغة التنفيذية هي عبارة عن خطاب موجه إلى شخصين المحضر القضائي والنيابة العامة والطاقم التابع لها (القوة العمومية) بأن يقوم كل منهما في حدود اختصاصه بإجراءات التنفيذ وقد حددت المادة 320 قانون الإجراءات المدنية الصيغة التنفيذية المقررة في التشريع الجزائري وهي تبدأ " باسم الجمهورية والشعب الجزائري " وتنتهي بعبارة " على جميع أعوان التنفيذ تنفيذ هذا القرار أو الحكم أو العقد ... " وقد خول القانون رقم 88/27 المؤرخ في 12/7/1988 المتعلق بتنظيم التوثيق في المادة 21 منه لمكاتب التوثيق حق وضع الصيغة التنفيذية على المحررات الرسمية الواجبة التنفيذ، ولا تسلم إلا نسخة تنفيذية واحدة كما هو الشأن في الأحكام القضائية لكي لا يقع التنفيذ أكثر من مرة.

وتوضع الصيغة التنفيذية على العقود التي تتضمن مقر أو التزام واجب التنفيذ، لذلك إذا لم يكن المحرر متضمن لحق أو التزام واجب التنفيذ جاز للموثق الامتناع عن وضع الصيغة التنفيذية عليه، كما يجوز له أن يمتنع عن تسليم صورة تنفيذية من المحرر لمن لا يكون السند مثبت لحق مسند إليه واجب التنفيذ.

والصيغة التنفيذية هي التي توضع على العقد الرسمي هي ذاتها الصيغة التنفيذية التي توضع على الأحكام القضائية وغيرها من السندات التنفيذية.
ثانيا : مجال العقود الرسمية التي تذيل بالصيغة التنفيذية
الصيغة التنفيذية لا توضع على جميع المحررات التوثيقية بل أن مجالها ينحصر فقط في العقود التي تتضمن حق أو التزام واجب التنفيذ.
إن نص المادة 21 من قانون 88/27 جاءت عامة مما أدى بالموثقين التوسع في منح الصيغة التنفيذية حتى إلى عقود يخضع إنهاؤها إلى إجراءات خاصة تخضع رقابتها للقضاء.
ومن العقود التوثيقية الرسمية التي يمكن للموثق تذييلها بالصيغة التنفيذية :
1 - عقد إيجار التسيير الحر.
2 - عقد الاعتراف بالدين (1).
3 - عقد العارية.
4 - عقد المبادلة.
5 - عقد الرهن.
6 - عقد إيجار المحلات السكنية دون ..... المبرمة بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 93/03 المؤرخ في 01 مارس 1993 المتعلق بالنشاط العقاري.
7 - عقود إيجار المحلات المعدة للإستغال التجاري أو الحرفي
أو الصناعي إذا كانت مدتها أقل من سنتين.
ثالثا : الأوراق الرسمية الأخرى التي يعطيها القانون صفـة السنـدات التنفيذيـة
إن هذه السندات وإن كانت أوراق رسمية غير أنها لا تعبر من قبيل العقود الرسمية ولكن تم اعتبارها بمثابة سندات تنفيذية وذلك بموجب نص قانوني (1)، وهذه السندات هي :
1 - المحضر المثبت لتعهد الكفيل :
إن كان الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل مع إيداع كفالة عملا بالمادة 40 فقرة 02 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري فعلى المحكوم له إيداع كفالة أو تقديم كفيل ويكون المحضر المثبت لتعهد الكفيل واجب النفاذ دون حاجة إلى صدور حكم بذلك عملا بالمادة 309 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري ويكون هذا المحضر تنفيذيا قبل الكفيل بالالتزامات المترتبة على عاتقه جراء هذا التعهد.







2 - محضر بيع المنقولات المحجوزة :
نصت المادة 373 من قانون الإجراءات المدنية على أن يرسو الشيء المباع بالمزاد على من تقدم بأعلى عرض ولا يسلم إليه المبيع إلا بعد دفع ثمنه نقدا فإذا لم يتسلم الراسي عليه المزاد الشيء في الميعاد المحدد بشروط البيع أو قبل إقفال المزاد عند عدم وجود هذه الشروط فإن هذا الشيء يعاد بيعه على نفقته وتحت مسئوليته ويلزم المزايد المتخلف بالفرق بين الثمن الذي عرضه وثمن إعادة البيع دون أن يكون له الحق في طلب الزيادة في الثمن إن وجدت فعملا بهذه المادة يعتبر محضر البيع سندا تنفيذيا بفرق الثمن بالنسبة للمشتري المتخلف عن دفع الثمن ويجب لذلك استخراج صورة تنفيذية من محضر البيع وإعلانها على الراسي عليه المزاد المتخلف عن دفع الثمن.
3 - حكم رسو المزاد :
وهي الحالة الخاصة بالتنفيذ على العقار، وحكم رسو المزاد
(إيقاع البيع) يعتبر سندا تنفيذيا للمدين أو للحائز أو خلفائهما في استفاء الثمن الذي رسا به المزاد وذلك بنص المادة 399 من قانون الإجراءات المدنية التي تقضي بأنه : " يترتب على رسو المزاد في البيع الجديد على ذمة المتخلف أن يبطل بأثر رجعي مرسي المزاد الأول ويلتزم المزايد المتخلف بالفرق في الثمن الجديد عن الثمن الذي رسا به المزاد الأول دون أن يكون له الحق في المطالبة بالزيادة في الثمن إن وجدت ".
ونلاحظ أن حكم رسو المزاد وإن كان حكما بحسب شكله إلا أنه ليس حكما في جوهره لأنه لا ينطوي على فصل في خصومة و لا قضاء بأمر ملزم وإنما هو في طبيعته محضر للبيع كمحضر بيع المنقولات يتضمن بيان إجراءات المزايدة وإثبات رسو مزاد على المشتري ولا يتضمن حكم رسو المزاد قضاءا بالزام الراسي عليه المزاد بدفع الثمن، ومن هنا كان اعتبار حكم رسو المزاد سندا تنفيذيا ضده.

4 - محاضر الصلح :

التي تصادق عليها المحكمة ويصدر الحكم بها بموجب سلطتها الولائية و دور المحكمة هنا قريب الشبه بعمل الموثق لأنه يقتصر على مجرد إقرار ما اتفق عليه الخصوم، ولا نصدر حكما فاصلا في خصومة، لكن إذا تضمن هذا الصلح إلزاما على عاتق أحد الطرفين كان بمثابة سند تنفيذي فيكون للطرف الآخر الحق في الحصول على نسخة منه ممهورة بالصيغة التنفيذية (1).












المطلب الثاني : أحكام المحكمين و السندات الأجنبية
إن أحكام المحكمين سواء منها قرارات التحكيم الوطنية أو الدولية والسندات الأجنبية كالعقود والأحكام الأجنبية لا تعتبر سندات تنفيذية إلا إذا تمت المصادقة عليها من طرف جهات قضائية مختصة وهذا ما نتناوله فيما يلي :

الفرع الأول : أحكام المحكمين

يبنى التحكيم في جوهره على مبدأ سلطان الإرادة، إذ بدل أن يلتزم الأطراف بعرض نزاعاتهم على الجهات القضائية لطلب الحماية القضائية، أجاز المشرع للأفراد طرح النزاع بعيدا عن القضاء وعرضه على محكمين، وشرط اللجوء إلى التحكيم هو اتفاق الأطراف على ذلك وهذا ما يسمى بالتحكيم الاختياري حيث تسود إرادة الخصوم في سلوك ذلك التحكيم بعكس التحكيم الاجباري حيث تسود إرادة المشرع في فرض اللجوء إلى التحكيم بقوة
القانون (1).

أولا : الطبيعة القانونية للتحكيم :

يعد التحكيم إجراء يراد منه الفصل في المنازعات الناشئة أو المحتمل نشؤها بين الأطراف المتعاقدة وأساس التحكيم انصراف إرادة الخصوم إلى الاتفاق على حل النزاعات القائمة بينهم أو المحتملة دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء، عن طريق تعيين المحكمين مع تحديد شروط تعينهم أو عزلهم أو استبدالهم.
وتصدر أحكام المحكمين بموجب اتفاق يسمى اتفاق التحكيم ويصح تنفيذ هذا الحكم الذي يأخذ صورة القرار التحكيمي بعد أن يؤذن بتنفيذه بأمر صادر عن رئيس الجهة القضائية وبمهر بالصيغة التنفيذية ويودع أصل القرار بكتابة الضبط المحكمة أو المجلس المختص (1).

التحكيم على حسب قانون الإجراءات المدنية الجزائري :

لقد كان التحكيم في الجزائر قبل صدور المرسوم التشريعي رقم
93/09 المعدل لقانون الإجراءات المدنية المؤرخ في 25/4/1993 أمر اجازته قاصرة على النزاعات بين الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الجزائريين دون الأجانب مع استبعاد الأشخاص المعنوية التابعة للقانون العام الوارد ذكرها
في المادة سبعة 07 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري بصفة مطلقة
من دائرة التحكيم (2) وما يدعم هذا الاتجاه هو القرار الصادر في 27/7/92
عن المحكمة العليا تحت رقم 96228 وهي قضية بين الشركة الجزائرية للتأمين النقل بالجزائر ضد بسفيك انترناسيونال لبن بسنغفورة فقد جاء فيه " من المقرر قانونا أن اجراءات التحكيم لا تطبق إلا إذا كان النزاع قائما بين مؤسسات عمومية وطنية، ومن ثم فإن القضاء بخلاف ذلك يعد خطأ في تطبيق القانون ولما كان ثابتا أن النزاع الحالي يخص شركة أجنبية وشركتين وطنيتين فإن ذلك يؤدي إلى عدم تطبيق اجراءات التحكيم، وبما أن القرار المطعون فيه قضى بخلاف ذلك فقد خرق القانون ويستحق النقض " (3).
إلا أن التعديل الوارد على قانون الإجراءات المدنية الجزائري بموجب المرسوم التشريعي رقم 93/09 المؤرخ في 25/4/93 المعدل والمتمم للأمر رقـم 66-154 المؤرخ في 08 جوان 1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية فتح مجال واسعا أمام التحكيم حيث استحدث فصل رابع تحت عنوان " الأحكام الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي " إذ على أثر ذلك سمح المشرع الجزائري للمؤسسات الوطنية باللجوء إلى التحكيم إذا ما كان مقر
أو موطن الطرف المتعاقد الآخر متواجد في الخارج كما أجاز للأشخاص المعنوية التابعة للقانون العام أن يطلبوا التحكيم في علاقاتهم التجارية الدولية ولم يستثني من دائرة التحكيم إلا حالات أوردها على سبيل الحصر في المادة
442 من قانون الإجراءات المدنية المعدلة بموجب المرسوم التشريعي رقم
93/09 التي جاء فيها :
" يجوز لكل شخص أن يطلب التحكيم في حقوق له مطلق التصرف فيها. ولا يجوز التحكيم في الالتزام بالنفقة و لا في حقوق الإرث والحقوق المتعلقة بالمسكن والملبس ولا في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة الأشخاص وأهليتهم. و لا يجوز للأشخاص المعنويين التابعين للقانون العام أن يطلبوا التحكيم، ما عدا في علاقاتهم التجارية الدولية ".

ويطبق المحكمون والخصوم أثناء النظر في النزاع كافة الإجراءات المقررة أمام الجهات القضائية العادية من قواعد ومبادئ قانونية بما فيها المسائل المعلقة بالمواعيد، ما لم يتفقوا على خلاف ذلك، واحترام هذه الإجراءات يخضع لرقابة القاضي (1)، غير أن التحكيم في تشريعات العمل يتميز جزئيا عما هو مقيد في المواد من 442 إلى 454 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري فالتحكيم المنصوص عليه وفقا للمادة 13 من القانون رقم
90/02 المؤرخ في 06 فبراير 1990 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب مقيد بشرطين : أولهما فشل إجراء المصالحة وفقا للمادة 09 من القانون رقم 90/02 ثم ضرورة مراعاة الأحكام الخاصة من نفس القانون خلافا للمقتضيات المتعلقة بالتحكيم الواردة في قانون الإجراءات المدنية التي فتحت مجال التحكيم واسعا للأطراف كلما تعلق الأمر بحقوق لهم مطلق التصرف فيها حيث تنص الفقرة الأولى من المادة
13 من قانون رقم 90/02 أنه : " في حالة اتفاق الطرفين على عرض خلافهما على التحكيم تطبق المواد من 442 إلى 454 من قانون الإجراءات المدنية مع مراعاة الأحكام الخاصة في هذا القانون ".
و بالنسبة للجنة الوطنية للتحكيم في مجال تسوية النزاعات الجماعية للعمل وفقا للمرسوم التنفيذي رقم 90/418 المؤرخ في 22/12/90 فإن صلاحياتها و تشكيلتها المنظمة سلفا تجعل منها لجنة تحكيم تتميز حمله وتفصلا عن تلك المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية (1).
ثانيا : تنفيذ حكم التحكيم
أحكام المحكمين النهائية هي التي تحوز حجية الشيء المقضي فيه وتكون واجبة النفاذ. فإذا ما اتفق الأطراف على التنازل على الاستئناف، أو إذا كان التحكيم وارد على قضية إستئناف أو على قضية التماس إعادة النظر فإن حكم المحكمين يكون نهائيا ومع ذلك يجب أن يصدر أمر من القضاء بتنفيذه حتى يمكن مراقبة عمل المحكم قبل تنفيذ حكمه، من حيث التثبت من وجود مشاركة التحكيم أو اتفاق التحكيم، وأن الحكم قد راعى الشكل الذي يتطلبه القانون. والقاعدة أن التنفيذ لا يجوز إلا بتوافر سند تنفيذي ممهور بالصيغة التنفيذية، وعلى ذلك لا يكتسب حكم المحكمين القوة التنفيذية ومن ثم يجوز تنفيذه جبرا بتوافر أمرين هما :
1 - صدور أمر من القضاء بتنفيذ حكم المحكمين
2 - وضع الصيغة التنفيذية على حكم المحكم (1).
1 - الأمـر بتنفيـذ حكـم المحكميـن :
يطلق على موقف المحكمين صبغة الحكم إلا أن هذا المصطلح المجازي لا يعادل الحكم الصادر عن جهة قضائية نظامية فالحكم القضائي لا يحتاج من حيث قوته إلى مصادفة جهة قضائية أخرى عند مباشرة إجراءات التنفيذ بينما أحكام المحكمين لا تنفذ إلا بأمر من رئيس الجهة القضائية (2) ويجب أن يكون حكم المحكم قد صدر بالإلزام فإن كان حكم تقريري أو منشئ بحت تخلف السند ويجب أن يتمتع بقوة الأمر المقضي فيه (3) وطبقا للمادة
453 من قانون الإجراءات المدنية يختص رئيس المحكمة التي يكون القرار التحكيمي قد صدر في نطاق دائرة إختصاصها بإصدار أمر بذيل أو هامش أصل الحكم يتضمن الإذن للكاتب بتسليم نسخة رسمية منه ويكون ذلك بناء على طلب ذوي الشأن ويجب أن يرفق بطلب بتنفيذ حكم المحكمين ما يلي :
- أصل القرار الذي يودع في كتابة ضبط المحكمة.
- نسخة من اتفاق التحكيم، كما يشترط لقبول طلب تنفيذ حكم التحكيم أن يكون ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم قد إنقضى وأن لا يتضمن ما يخالف النظام العام (1).
التعليق على الأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية لقرار تحكيمي
في هذا الصدد وتدعيما لما سبق قوله إرتأينا تقديم مثال حي عن حكم التحكيم وأمر المصادقة عليه الصادر عن محكمة عنابة والتعليق عليه،
وهو الأمر المؤرخ في 03/5/2004 الصادر عن رئيس محكمة عنابة والقاضي بمنح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم الصادر عن غرفة التحكيم بباريس
في 02/8/2000 (الوثيقة المرفقة بالملحق) إذ تتمثل وقائع القضية في أن هناك عقد بيع بين الشركة الفرنسية سوفلات تيوغوس والشركة الجزائرية ليانة الواقع مقرها بعنابة، حيث تم الاتفاق بينهما على بيع ما يقارب 5000 طن من القمح اللين الأوروبي من طرف الشركة الفرنسية للشركة الجزائرية على أن تقوم الشركة الجزائرية، بتسديد قيمة القمح ومصاريف الشحن عند وصول الحمولة إلى الميناء الجزائري، وذلك بواسطة رسالة اعتماد نهائية معتمدة من طرف الشركة العامة بباريس، غير أن الشركة الجزائرية أخلت بإلتزامها بدفع الثمن، مما أدى بالشركة الفرنسية إلى إعادة بيع الحمولة بفارق في الثمن، وقد تضمن اعتماد البائع والمصادقة عليه بندا تحكيما عينت بموجبه غرفة التحكيم بباريس لفض النزال في حالة وقوعه.

بالنسبة للإجراءات التي تم اتباعها من قبل طرفي النزاع بالشركة الفرنسية سوفلات تيوغوس تقدمت بتاريخ 19/11/1998 إلى غرفة التحكيم بباريس من أجل تسوية النزاع وعلى إثر ذلك أصدرت محكمة التحكيم حكما ابتدائيا بتاريخ 23/12/1999 يقضي برفض طلبها و عندها تم إستئناف الحكم أمام محكمة التحكيم الدرجة الثانية التي أصدرت قرارا تحكيميا
في 02/8/2000 يقضي بإلزام شركة ليانة الجزائرية بأن تدفع للشركة الفرنسية تعويضا عن فسخ العقد، وعليه قامت الشركة الفرنسية بإيداع أصل القرار بكتابة ضبط محكمة عنابة وكذلك نسخة من الاتفاق المبرم بين الشركتين المتضمنتين البند التحكيمي للمصادقة عليه من قبل الجهة القضائية الجزائرية لتنفيذه وفعلا صدر أمرا عن رئيس محكمة عنابة بتاريخ 03/5/2004 يقضي بمنح الصيغة التنفيذية لقرار التحكيم.
إن هذا الأمر محل الدراسة إحترمت فيه جميع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 458 مكرر 17 إلى مكرر 20 المتعلقة بالاعتراف بالقرارات التحكيمية الصادرة في مادة التحكيم الدولي وتنفيذها الجبري وطرق الطعن فيها وكذا الاتفاقية المتعلقة بتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين المبرمة بين الجزائر وفرنسا لا سيما المواد من 1 إلى 7 منها (الوثيقة المرفقة بالملحق).
غير أنه ما يمكن التعقيب عليه في قضية الحال هو استغراق مدة طويلة بين صدور قرار التحكيم ومنح الصيغة التنفيذية بالجزائر رغم أن موضوع النزاع يتعلق بمعاملة تجارية دولية يفترض فيها توافر عنصر السرعة.
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة 449 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري " أن حكم التحكيم غير قابل للمعارضة " كما تنص الفقرة الثانية
من المادة 458 من نفس القانون " ويجوز للخصوم في جميع الأحوال المعارضة في أمر التنفيذ أمام الجهة القضائية التي أصدرت الحكم وطلب الحكم ببطلان الورقة الموصوفة بأنها حكم المحكمين ".

نستخلص من محتوى النصين بأنه لا يجوز المعارضة في أحكام المحكمين من حيث هي، بينما يجوز المعارضة في الأمر الصادر عن الجهة القضائية بشأن تنفيذ هذه الأحكام أما بالنسبة لحكم المحكمين للتحكيم التجاري الدولي فإنه وبعد صدور المرسوم التشريعي رقم 93/09 الذي استحدث المادة 458 مكرر 17 التي تنص : " أنه يتم الاعتراف في الجزائر بالقرارات التحكمية الدولية... " فأصبح التحكيم إجراء عاديا ممكن اللجوء إليه مسايرة للإتجاهات المعاصرة بشأن اتفاق التحكيم بينما في مجال المعاملات التجارية التي تتطلب السرعة في التبادل والفصل في المنازعات الناجمة عنها.
كما نصت الفقرة الثانية من المادة 458 مكرر 17 : " بأنه تعتبر قابلة للتنفيذ في الجزائر من لدن رئيس المحكمة التي صدرت هذه القرارات في دائرة اختصاصها أو من رئيس محكمة محل التنفيذ إذا كان مقر محكمة التحكيم موجودا خارج تراب الجمهورية ".
وتخضع القرارات التحكمية الصادرة في مادة التحكيم الدولي لنفس قواعد التنفيذ المتعلقة بالتحكيم الوطني من حيث وجوب صدور أمر من رئيس الجهة القضائية بذيل أصل القرار التحكيمي أو هامشه لكي يصبح القرار قابلا للتنفيذ وسواء تعلق الأمر بحكم المحكمين بالنسبة للتحكيم الوطني أو حكم المحكمين بالنسبة للتحكيم التجاري الدولي فإن تنفيذ هذه الأحكام المؤشر عليها من طرف رئيس الجهة القضائية يتم وفق نفس القواعد لتنفيذ الأحكام
القضائية (1).
وضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم
إذا كان المشرع قد اشترط لتنفيذ حكم المحكمين أن يصدر أمر بذلك من المحكمة المختصة فإن هذا لا يعني قبول الحكم للتنفيذ الفوري لمجرد صدور الأمر به وإنما يجب الحصول على نسخة تنفيذية إذ تنص المادة 453 من قانون الإجراءات المدنية أن : " أحكام المحكمين ومن ضمنها الأحكام التمهيدية لا يجوز تنفيذها إلا بأمر يصدره رئيس الجهة القضائية بذيل أو بهامش أصل الحكم ويتضمن الإذن للكاتب بتسليم نسخة رسمية منه ممهورة بالصيغة التنفيذية ".
الفرع الثاني : السندات الأجنبية
الأصل أن لا تنفذ الأحكام الصادر عن جهات قضائية أجنبية والعقود الرسمية المحررة بمعرفة موظفين عموميين أو قضائيين أجانب إلا على تراب الدولة التي صدرت منها كونها تعد من قبيل الأعمال السيادية.
غير أنه و نظرا لتطور العلاقات الدولية والمعاملات الأجنبية خاصة التجارية منها، جعل الدول تهتم أكثر بمبدأ المعاملة بالمثل واضطرت للخروج من هذه القاعدة وأصبح تنفيذ الأحكام والعقود الرسمية الأجنبية ينظم بموجب معاهدات و قوانين خاصة وهي المسألة التي تسمى بتنفيذ الأحكام الأجنبية Exquatur والتي تمارس بواسطة أنظمة مختلفة التي تصدت لموضوع التنفيذ منها نظام المراجعة أو إعادة النظر في الحكم، نظام المراقبة، ثم نظام رفع قضية موضوعية جديدة حول أصل النزاع أمام القضاء الوطني بغرض الحصول على حكم نهائي صادر عن هذا القضاء ويكون واجب النفاذ، وهو ما تتناوله في الفقرة الأولى ثم تناقش الشروط الواجب توافرها لتنفيذ الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي على التراب الوطني في الفرع الثاني.
أنظمة التصدي لموضوع التنفيذ :
أولا : نظام المراقبة
هو نظام يتيح الاكتفاء بموجبه مدى احترام السند الأجنبي لقواعد النظام العام و الآداب العامة وتوفر المعاملة بالمثل بين الدولتين، الصادر عن إحداها السند الأجنبي أو الحكم والتي سوف ينفذ على تراب الدولة الأخرى مع إعطاء السند الوطني الأولوية إذا كان قد سبق وأن تصدى لنفس الخصومة ولتنفيذ الحكم الأجنبي في ظل نظام المراقبة، على صاحب المصلحة أن يرفع دعوى أمام قضاء الدرجة الأولى يطالب من خلالها استصدار حكم بالتنفيذ الغرض منه الموافقة على تنفيذه فوق تراب دولة أجنبية ومن الدول التي أخذت بهذا النظام دول المشرق العربي، مصر، سوريا، لبنان، وبعض الدول الأوروبية تركيا، ألمانيا (1).
ثانيا : نظام إعادة التقاضي لاستصدار حكم نهائي وطني :
ويتمثل هذا النظام في أن المتقاضي الذي يتمسك بالسند أو الحكم الأجنبي عليه أن يعيد السير في قضيته أمام القضاء المحلي وفقا للقواعد الإجرائية والموضوعية المنصوص عليها، وليس للحكم أو العقد الرسمي الأجنبي أية حجية وإنما يعتبر كوسيلة اثبات تخضع للسلطة التقديرية للقاضي ومن الدول التي أخذت بهذا النظام الولايات المتحدة الأمريكية انجليترا، الدول الأسكندينافية.
ثالثا : نظام المراجعة
وهو نظام يجمع بين خصائص النظامين السابقين وهو الذي أخذ به المشرع الجزائري بنص المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية التي جاء فيها : " الأحكام الصادرة من جهات قضائية أجنبية والعقود الرسمية المحررة بمعرفة موظفين عموميين أو موظفي قضائيين أجانب لا تكون قابلة للتنفيذ
في جميع الأراضي الجزائرية إلا وفقا لما تقضي بتنفيذه من إحدى جهات القضاء الجزائرية دون إخلال بما تنص عليه الاتفاقيات السياسية من أحكام مخالفة " (1).

وعليه نجد أن المشرع الجزائري اكتفى بنص المادة 325 المذكورة أعلاه ولم يحدد أو يعرف النظام القانوني للتنفيذ بل أورد فقط قاعدة عدم إمكانية تنفيذ أي حكم أو عقد أجنبي إلا بأمر من الجهات القضائية الجزائرية المختصة دون الإخلال بالأحكام الاتفاقية المخالفة (1).
والقاعدة في التشريع الجزائري هي أن الحكم الأجنبي أو العقد الرسمي الأجنبي الواجب التنفيذ في دولته لا يكون صالحا بذاته لإجراء التنفيذ بمقتضاه في الأراضي الجزائرية وإنما لابد من صدور حكم وطني يقضي بتنفيذه وأن يكون ممهورا بالصيغة التنفيذية من إحدى الجهات القضائية الجزائرية ولا ينعقد إلا في حدود وبقدر ما تقضي الجهة القضائية الجزائرية بتنفيذه بعد مراجعة صحة تطبيق القانون الأجنبي الإجرائي والموضوعي، والجهة القضائية المختصة هي المحكمة التي يقع بدائرتها محل التنفيذ طبقا للمادة 8 من قانون الإجراءات المدنية.
ويجب أن يكون هذا الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي غير مخالف للنظام العام أو الآداب في الجزائر وغير متعارض مع حكم قضائي صادر في الجزائر وحائز لقوة الشيء المقضي (2).
ويطلق على نظام المراجعة أيضا أسلوب إعادة النظر في الحكم، وهو ما سار عليه القضاء في فرنسا، وقضت محكمة النقض الفرنسية بأنه لا يجوز للقاضي الفرنسي أن يأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي إلا بعد التأكد من أنه قد روعيت فيه عند إصداره المبادئ الأساسية الواجب مراعاتها تحقيقا للعدالة بغض النظر عما يقرره القانون الأجنبي (3).
وعليه وبالرجوع للقانون الجزائري و لا سيما المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية علينا أن نفرق بين حالتين :
1 - حالة عدم وجود معاهدة خاصة بين الجزائر والدولة الأجنبية، حينئذ تطبق أحكام المادة 325 السالفة الذكر، وبين
2 - حالة وجود معاهدة أو اتفاق خاص في شأن تنفيذ الأحكام والعقود الرسمية الأجنبية حينئذ تطبق هذه الأخيرة وهو ما يسمى بنظام التنفيذ الاتفاقي أو النظام الاتفاقي للتنفيذ.
ومن بين هذه الاتفاقيات ما يلي :
- البروتوكول المؤرخ في 28/8/1962 بين الجزائر وفرنسا المصادق عليه بموجب الأمر رقم 65/194 المؤرخ في 29/7/1965.
- الاتفاقية القضائية بين الجزائر وتونس المصادق عليها بموجب المرسوم رقم 63/490 المؤرخ في 14/11/1963.
- الاتفاقية القضائية بين الجزائر وسوريا المصادق عليها بموجب المرسوم رقم 83/130 المؤرخ في 19/02/1983.
- الاتفاقية القضائية بين الجزائر والمغرب في 19/3/1963.
- الاتفاقية القضائية بين الجزائر ومصر في 29/02/1964.
- الاتفاقية القضائية بين الجزائر و موريتانيا في 03/12/1969.

أما فيما يخص غياب اتفاقية أو معاهدة بين الجزائر والدولة الأجنبية المراد تنفيذ حكمها في الجزائر فإنه يتعين على المحكوم له الحائز على السند الأجنبي سواء كان أجنبيا أو جزائريا أن يرفع دعوى قضائية بموجب عريضة افتتاح دعوى طبقا للقواعد العامة التي جاءت بها المادتين 12 و13 من قانون الإجراءات المدنية وهذا أمام المحكمة الواقعة بمقر المجلس القضائي وذلك وفقا لما تقضي به نص المادة 8 من قانون الإجراءات المدنية في فقرتها الأخيرة والتي تنص على ما يلي :

" و يؤول الاختصاص للمحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية للفصل دون سواها بموجب حكم قابلا للاستئناف أمام المجلس القضائي
" في المواد التالية : الحجز العقاري، وتسوية قوائم التوزيع وبيع المشاع، وحجز السفن والطائرات وبيعها قضائيا، وتنفيذ الحكم الأجنبي، ومعاشات التقاعد الخاصة بالعجز، والمنازعات المتعلقة بحوادث العمل ودعاوي الافلاس والتسوية القضائية وطلبات بيع المحلات التجارية المثقلة بقيد الرهن
الحيازي ".

أما السندات المتعلقة بعقود الحالة المدنية فيكون أمر تنفيذها
من اختصاص محكمة الجزائر العاصمة طبقا للمادة 108 من الأمر 70/20 المتعلق من قانون الحالة المدنية التي تنص على أن : " لا يمكن تصحيح أي عقد للحالة المدنية مقيد في مركز دبلوماسي أو قنصل بسبب أغلاط أو إغفالات إلا بموجب حكم من رئيس محكمة مدينة الجزائر وإذا صحح عقد مسجل في سجلات الحالة المدنية بموجب حكم قضائي أجنبي فإن هذا الحكم يخضع لحكم بالتنفيذ من قبل محكمة مدينة الجزائر ويكون موضوع العريضة الافتتاحية هو طلب تنفيذ الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي و للقيام بذلك لا بد من توافر الشروط التي سوف نتناولها فيما يلي :



2 - شروط تنفيذ السند الأجنبي :
لابد من توافر الشروط التالية حتى يتمكن الحائز على الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي من تنفيذه على تراب الدولة المراد تنفيذه فيها وهي :
1 - يجب أن يقتصر جانب التنفيذ على الالتزامات المدنية.
2 - يجب أن لا يكون هناك حكم حائز لقوة الأمر المقضي فيه صادر عن جهات قضائية وطنية ويتعارض مع الحكم أو العقد الرسمي المراد تنفيذه.
3 - أن لا يكون الحكم أو العقد الرسمي الأجنبيين المراد تنفيذه متعارضا مع النظام العام والآداب العامة.

أولا : اقتصار التنفيذ على الالتزامات المدنية

يجب أن يقتصر جانب التنفيذ للحكم الأجنبي أو العقد الرسمي الأجنبي فيما قضى به من التزامات مدنية دون أن يمتد إلى الشق الجزائي، فالأحكام المقدمة كسندات أجنبية المرغوب في تنفيذها هي تلك المتعلقة بمنازعة مدنية أو تجارية أو أحوال شخصية والتي تكون صادرة عن جهات قضائية أجنبية مختصة، هي التي تكون محلا للتنفيذ بينما الأحكام المتضمنة للإدانة أو عقوبة جزائية مهما كان مصدرها فتكون غير قابلة للتنفيذ فوق الاقليم الجزائري وإنما يمكن المطالبة بتنفيذ ما قضى به في الدعوى المدنية بالتبعية من تعويضات (1).




ثانيا : عدم وجود حكم حائز لقوة الأمر المقضي فيه صادر عن جهة قضائيـة وطنيـة

يجب أن لا يكون هناك حكم حائز لقوة الأمر المقضي فيه، صادر عن جهات قضائية وطنية ويتعارض مع الحكم أو العقد الأجنبي المراد تنفيذه، فإذا ثبت أثناء المطالبة بالتنفيذ أن الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي يتضمن التزامات سبق الفصل بشأنها من جهة قضائية جزائرية وأصبح الحكم نهائيا فإن الأولوية تمنح للحكم الصادر في الجزائر ولو كان التعويض أو الالتزام أقل مما ورد في السند الأجنبي و بذلك لا يؤذن بتنفيذه.
ثالثا : عدم تعارض الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي مع النظام العام والآداب
يجب أن لا يتعارض الحكم أو العقد الرسمي الأجنبي مع النظام العام والآداب العامة في الجزائر كالحكم أو العقد الرسمي الأجنبي الذي يحتوي على التزام المدين بدفع ما بذمته لدى الغير إضافة للفوائد يعد مخالفا للنظام العام في الشق المتعلق بالفوائد طبقا لنص المادة 454 من القانون المدني.
وفي هذه الحالة يجوز للقاضي الجزائري أن يمنع تنفيذ محتوى الحكم أو السند الأجنبي كليا أو جزئيا فيما يتعلق بالفوائد مع الإذن بتنفيذ جانب الدين فحسب (1).
وهذا ما أقرته محكمة الجزائر في حكم صادر لها في 04/8/1975 وكذا محكمة النقض الفرنسية في قضية Munzer عام 1964.

وأهم اجتهاد في هذا المجال ما أقرته المحكمة العليا في قرار صادر عنها في 09/5/1999 ملف 58820 جاء فيه " من المقرر قانونا أن الأحكام الصادر من جهات قضائية والعقود الرسمية المحررة بمعرفة موظفين عموميين أو موظفين قضائيين أجانب لا تكون قابلة للتنفيذ في جميع الأراضي الجزائرية إلا وفقا لما يقضي بتنفيذه من إحدى جهات القضاء الجزائرية دون الإخلال بما قد تنص عليه الاتفاقيات القضائية من أحكام مخالفة ومن ثمة فإن النعي عن القرار المطعون فيه بمخالفة القانون غير وجيه.
ولما كان في قضية الحال " أن كل الإجراءات التي اتخذت لتنفيذ الحكم الصادر عن محكمة فرنسية طبقت بصفة قانونية أمام الهيئات المختصة وتم احترامها وفقا لما ينص عليه القانون، ومن ثمة فإن قضاة المجلس بمصادقتهم على الحكم المستأنف طبقوا صحيح القانون ومتى كان كذلك استوجب رفض الطعن ".
- وهناك اجتهاد قضائي آخر للمحكمة العليا مؤرخ في 03/6/1990 رقم 59607 مجلة القضائية 1991 عدد 02 ص 85، ورد فيه ما يلي :
" من المقرر قانونا أن العقود التوثيقية التي تبرم في الخارج لا تطبق في الجزائر ما لم يصادق عليها من طرف السلطات الجزائرية المختصة ومن ثمة فإن القضاء بخلاف ذلك يعد مخالفا للقانون.
ولما كان من الثابت – في قضية الحال – أن المجلس بقضائه بصحة التعاملات بوكالة أبرمت بدولة أجنبية دون التصديق عليها من طرف السلطات الجزائرية المختصة يكون قد خالف القانون ".



- وهناك اجتهاد المحكمة العليا مؤرخ في 27/9/1994 تحت رقم 116876 مجلة قضائية 1994، عدد 03 ص 146 جاء فيه : " من المقرر قانونا أن العقود الرسمية المحررة بمعرفة موظفين قضائيين أجانب لا تكون قابلة للتنفيذ في الجزائر إلا وفقا لما تقضي بتنفيذه إحدى الجهات القضائية الجزائرية، ودون الإخلال بأحكام الاتفاقيات السياسية "، ولما ثبت – في قضية الحال – أن عقد الإيجار أبرم أمام موثق بمرسيليا (فرنسا) فإن قضاة المجلس برفضهم الدفع الخاص بضرورة استصدار أمر قضائي لتنفيذ العقد، قد خالفوا القانون وأعطوا – لتبرير ذلك – تفسيرا خاطئا للمادة 8 من الاتفاقية الجزائرية الفرنسية المؤرخة في 29/7/1965 مما يتعين نقض وإبطال قرارهم.














الـخـاتـمـة :
ونخلص في النهاية إلى أنه لا يجوز إجراء التنفيذ بغير سند تنفيذي وذلك باعتباره الوسيلة الوحيدة المؤكدة لوجود حق الدائن عند إجراء التنفيذ.
ولأجل ذلك فقد خص المشرع الإجرائي السند التنفيذي بخصائص وضمانات جعلته يتمتع بالقوة التنفيذية تترتب عليها آثار خطيرة في الذمة المالية للمدين قد تصل إلى حد المساس بحريته الشخصية أين أعتبر الإجبار أهم خصائص التنفيذ الجبري لأنه يتم بغير حاجة إلى مشاركة إيجابية من المدين للوصول إلى إعادة التوازن للعلاقة القانونية التي أخلت بفعل امتناع المدين
على الوفاء بالتزاماته وما ينتج عنها من عدم التطابق بين الواقع والقانون.

فكان التنفيذ الجبري هو النتيجة الحتمية لامتناع المدين على الوفاء بالتزاماته وهو الذي ينقل الحقوق من مجرد التصور العقلي إلى حيز الواقع العملي، وهو نظام إجرائي وضعه المشرع لإجبار المدين على الوفاء بالتزاماته تحت إشراف القضاء بواسطة المحضر رغما عن إرادة المدين.

وحتى يتسنى للدائن استيفاء حقه كان عليه أن يحوز هذا السند الذي أصبغه المشرع بالصيغة التنفيذية واشترط توافر شروط شكلية وأخرى موضوعية فيه حددها في المواد : 320 – 321 – 325 – 354 من قانون الإجراءات المدنية والتي ينص في مجملها على أن السند التنفيذي يكون إما نتيجة عمل قضائي (كالحكم والقرار..) وإما نتيجة عمل غير قضائي كالعقد الرسمي والقرار التحكيمي والحكم والمحرر الرسمي الأجنبيان.


وكقاعدة عامة فإن السندات التنفيذية القضائية تلحقها القوة التنفيذية
من خلال وصف النهائية وكاستثناء من خلال وصفها بالنفاذ المعجل، إلا أن المشرع لم ينظم هذه السندات كلها نذكر من بينها القرارات الصادرة
عن المجالس القضائية والمحكمة العليا وهي قرار الرفض، قرار عدم القبول، قرار الإلغاء والنقض، فلم يحدد ما إذا كانت هذه الأخيرة كلها سندات تنفيذية أم أنها غير ذلك أم أنها أحيانا تكون مع الحكم والقرار محل الطعن سندا تنفيذيا.

ولذلك لابد من الرجوع إلى القواعد العامة في هذه الحالات. الشيء الذي يثير إشكالات عملية في التنفيذ لاسيما عنه القائمين بأعمال التنفيذ، خاصة قاعدة التنفيذ العكسي التي يكاد ينعدم العمل بها وهي قاعدة قانونية محضة منصوص عليها في المادة 103 من القانون المدني.

ومن بين السندات التي سهى المشرع الإجرائي عن تنظيمها أوامر الأداء إذ لم يحدد الجهة المختصة بنظر المعارضة في أمر الأداء واكتفى فقط بالنص في المادة 179 من قانون الإجراءات المدنية " الجهة التي صدر عنها الأمر " دون توضيح، الشيء الذي أدى إلى وجود عدة نقائص وتأويلات.

وكذا الحال بالنسبة لسقوط أمر الأداء إذ أن المادة 182 من قانون الإجراءات المدنية هي الأخرى لم تكن واضحة فلم تحدد معنى السقوط فيما إذا كان سقوط للحق الإجرائي أو الحق الموضوعي. علما أن المقصود هو سقوط الحق الإجرائي.


وبالمقابل فإن المشرع نص صراحة على أن الأوامر على عرائض هي سندات تنفيذية كقاعدة عامة إلا أنه نص على حالات أخرى في نصوص متفرقة سواء في قانون الإجراءات المدنية أو في القانون المدني أو القانون التجاري كأمر الحجز التحفظي والأمر بالتخصيص إذ نص على تنفيذها رغم المعارضة والاستئناف فيها وأحيانا تنفذ بموجب مسودتها وهو الأمر الذي يثير عدة اشكالات فيما إذا كانت هذه الأوامر على عرائض سندات تنفيذية لوجود نص خاص خروجا عن القاعدة العامة أم أنها رغم وجود نص خاص فإنها لا تعتبر لوحدها سندات تنفيذية بل تعتبر كذلك إذا وجدت رفقة سندات أخرى ومثالها أمر تقدير المصاريف الذي يرفق مع الحكم الفاصل في الموضوع حتى يعتبر سندا تنفيذيا.

كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري لم يحدد ميعاد سقوط الأمر على عريضة فيما نصت المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية والمحددة لميعاد سقوط أمر الأداء بستة أشهر ونص المادة 319 من القانون المدني المحددة لميعاد 15 سنة سقوط الحق فهل نطبق القواعد العامة أم نقيس على نص المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية؟

من جهة أخرى فإن السندات التنفيذية غير القضائية التي نص عليها قانون الإجراءات المدنية باستثناء المحرر الرسمي لا يمكن تنفيذه إلا بأمر من القضاء حتى يمكن ممارسة الرقابة على هذه الأعمال القانونية وهي رقابة شكلية لا تتعلق بالموضوع الذي سبق الفصل فيه وإنما من أجل مراقبة العيوب الإجرائية.

أما بالنسبة للعقد الرسمي الذي ورد في قانون الإجراءات المدنية وهو مصطلح غير صحيح كون المصطلح الأدق هو " المحرر الرسمي " ذلك أنه هناك من المحررات التي تعتبر سندات تنفيذية ولكنها ليست عقودا كالتصرف الصادر بإرادة منفردة والتي هي في الأصل تنفذ دون حاجة للجوء إلى القضاء لاستصدار أمر بتنفيذها. إلا أن الواقع يثبت العكس إذ لا يمكن للحائز على عقد رسمي مباشرة التنفيذ بموجبه دون اللجوء إلى القضاء.

والسندات التنفيذية الأجنبية هي الأخرى يتعذر تنفيذها ما لم يتم استصدار أمر من المحاكم الجزائرية ومهرها بالصيغة التنفيذية، حتى يمكن تسليط الرقابة الشكلية عليها دون التطرق إلى الموضوع سبق الفصل فيه فهي مجرد رقابة للعيوب الإجرائية.












قائمة المراجع

أولا : المراجع الجزائرية :
1 – الدكتور محمد حسنين : طرق التنفيذ في الإجراءات المدنية ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 90.
2 – الدكتور محمد حسنين : التنفيذ القضائي وتوزيع حصيلة في قانون الإجراءات المدنية الجزائرية مكتبة الفلاح الكويت الطبعة الثانية سنة 1986.
3 – الدكتور بوشهدان عبد العالي : إجراءات التنفيذ وفقا لقانون الإجراءات المدنية الجزائري س.ك.م.م.
4 – الأستاذ أحمد خلاصي : قواعد وإجراءات التنفيذ الجبري وفقا لقانون الإجراءات المدنية الجزائري والتشريعات المرتبطة به - منشورات عساس طبعة 2003.
5 – الأستاذ بربارة عبد الرحمان : طرق التنفيذ في المسائل المدنية منشورات بغدادي.
6 – الأستاذ حمدي باشا عمر : دراسات قانونية مختلفة دار - هومة الطبعة 2003.

ثانيا : المراجع العربية :
1 – الدكتور أحمد أبو الوفا : إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية بمقتضى قانون أصول المحاكمات اللبناني دار الجامعية طبعة 1984.
2 – الدكتور أحمد أبو الوفا : إجراءات التنفيذ - منشأة المعارف الطبعة العاشرة.
3 – الدكتور فتحي والي : التنفيذ الجبري وفقا لمجموعة المرافعات الجديدة طبعة 1971.
4 – الدكتور فتحي والي : التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية - دار النهضة العربية طبعة 1995.
5 – الدكتور نبيبل اسماعيل عمر : أصول التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية الدار - الجامعية طبعة 1996.
6 – الدكتور نبيل اسماعيل عمر : الوسيط في التنفيذ الجبري للأحكام دار الجامعة العربية للنشر.
7 – الدكتور محمد محمود إبراهيم أصول التنفيذ الجبري دار الفكر العربي طبعة 1983.
8 – الدكتور أحمد مليجي : التنفيذ - دار الفكر العربي طبعة 1994.
9 – الدكتور محمد فؤاد إبراهيم : أصول التنفيذ الجبري على ضوء المنهج القضائي - دار الفكر العربي الطبعة 1983.
10 – الدكتور محمد الصاوي مصطفى : قواعد التنفيذ الجبري - دار النهضة العربية الطبعة الثانية 2002.
11 – الدكتور أحمد ماهر زعلول : أصول التنفيذ وفقا لمجموعة المرافعات المدنية والتجارية والتشريعات المرتبطة بها الطبعة الرابعة.
12 – الدكتورة أمينة مصطفى النمر : أوامر الأداء في القانون المصري والقوانين العربية والأجنبية.

ثالثا : المحاضرات :
1 – الأستاذ زودة عمر : محاضرات في الإجراءات المدنية التي ألقت
على طلبة القضاة الدفعة 13 لسنة 2003-2004.
2 – الأستاذ زوبيري مختار : محاضرات في طرق التنفيذ ألقت على طلبة القضاة لسنة 1997-1998.

رابعا : المجلات القضائية :
1 - المجلة القضائية لسنة 1994 العدد الثالث.
2 – المجلة القضائية لسنة 1991 العدد الثاني.