منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بحث حول مظاهر الحياة العقلية للعرب في العصر الجاهلي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-10-27, 22:06   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
MAISSE
عضو جديد
 
الصورة الرمزية MAISSE
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحياة

مقدمة لاريب في ان كل امة من الامم على وجه الارض تختزن في وجدانها عقلية تتوافق مع درجة تطور هذه الامة ومع العصر الذي تعيش فيه , والامة العربية واحدة من الامم التي أفرز عصرها الجاهلي بطبيعته البدوية مجموعة من المظاهر التي تمسك بها العربي ودافع عنها بل وكانت الناظم لحياته ولعلاقته مع الآخرين , ولكي تكون مفهومة يجب ان ينظر اليها من زاوية العصر الذي عاش فيه وليس من زاوية عصر آخر أكثر تطوراً ,.
لكن طالما ان المظاهر تختلف بين عصر وآخر وبين أمة وأخرى فاننا نستطيع القول ان المظاهر التي سادت في المجتمع العربي البدوي الجاهلي تنقسم الى مجموعتين هما مجموعة المظاهر الايجابية ومجموعة المظاهر السلبية , ولم يكن العربي الجاهلي يستطيع أن يميز بوضوح بين ايجابية أو سلبية, ولكن رغم ذلك فقد نبغ من بينهم حكماء ورؤساء كانوا قادرين على تلمس الحد بين السئ والجيد في منظومة المثل المتبعة و من هذه المظاهر :

: 1 الشعر :
هو الشعر الذى قبل الإسلام بنحو من مائة وخمسينإلى مئتى عام في رأى بعض المحققين الذين أشاروا إلى أن الشعر الناضج يعود إليها وقداشتمل على عدد كبير من الشعراء على رأسهم شعراء المعلقات مثل عنترة وزهير ولبيدوامرىء القيس كما ضم دواوين عدد من الشعراء والشاعرات الذى وصلنا شعر بعضهم كاملاتقريبا ووصلتنا شذرات من شعر بعضهم ويتميز هذا الشعر بجزالة لفظه ومتانة تراكيبهواحتوائه على معلومات غنية عن البيئة الجاهلية بما فيها من حيوان وطير وجماد كماأنه عبر عن أحداث حياة العرب وتقاليدهم ومعاركهم المشهورة وأماكن معيشة قبائلهموأسماء آبار مياههم وأسماء فرسانهم المشهورين ومحبوباتهم حتى قال عمر بن الخطاب رضىالله عنه ( كان الشعر علم قوم لم يكن لديهم علم أصح منه ) واعتبر هذا الشعر سجلالحياة الأمة العربية قبل ظهور الإسلام كما اعتمد عليه علماء اللغة في وضع قواعدالنحو والاستشهاد على صحتها واعتمد عليه مفسرو القرآن في بيان معانى الكلمات ومدىورودها في لغة العرب
2اللغة:إن لغة كل امة في كل عصر مظهر من مظاهرعقلها فلم تخلق اللغة دفعة واحدة ولم يأخذها الخلق عن السلف كاملة إنما تخلق الناسألفاظا على قدر حاجتهم فإذا ظهرت أشياء جديدة وإذا اندثرت أشياء قد تندثر ألفاظهاوهكذا اللغة في حياة أو موت مستمرين وكذلك الاشتقاقات والتعبيرات فهي أيضا تنمووترتقي تبعا لرقي الأمة هذا ما ليس فيه مجال للشك وإذا كان هذا أمكننا إذا حصرنامعجم اللغة الذي تستعمله الأمة في عصر من العصور ان نعرف الأشياء المادية التي كانتتعرفها والتي لا تعرفها والكلمات المعنوية التي تعرفها والتي لا تعرفها إلاإذا كانت المعاجم أثرية كمعاجم اللغة العربية التي نستعملها نحن اليوم فإنها لا تدلعلينا لأنها ليست معاجمنا ولم تسر معنا ولم تمثل عصرنا كذلك يخرج عليهم كتابناوشعراؤنا وإنما كانت معاجم صحيحة للعصر العباسي او نحوه أما معاجم كل امة حية الآنفهي دليل عليها فإذا أمسكت معجم منذ مائة عام للأمة الفرنسية ولم تجد كلمة التلغرافأو التليفون فمعنى ذلك أن الأمة لا تعرفها وإذا لم تجد كلمة تدل على معنى منالمعاني دل ذلك على أنهم لم ينتبهوا إلى هذا المعنى وهكذا فلا نستطيع إذا حصرالكلمات العربية المستعملة في الجاهلية ، فطبيعة العقل العربي لا تنظر الى الاشياء نظرة شاملة فاذا رأى منظرا أعجبه تحرك له جاس بأبيات من الشعر أو الحكمة أو المثل. 3 القصص :من اضعف فروع الأدب ويراد به تمثيل الأخلاق والعادات والآداب والعرب قلمااهتموا بهذا الفن في صدر دولتهم ولكنهم نقلوا شيئا من هذا القبيل عن الفرس والهندعلى يد عبد الله بن المقفع وغيره.
على أننا نرى بين أيدينا قصص ا وروايات مطبوعةيتداولها وإنما يهمنا هنا القصص والروايات التي دونت في العصر الجاهلي وأثرها علىعقليتهم وتفكيرهم وهي تنقسم إلى قسمين الأول ما وضعه العرب من عندهم والثاني مانقلوه عن غيرهم وتوسعوا فيه.
أما ما وضعوه عن أنفسهم فيرجع في الغالب إلى تصويرمناقب الجاهلية وحال الاجتماع فيها كالحماسة والوفاء والشجاعة والعصبية والثار وتجدهذه المناقب ممثلة في أخبارهم وأيامهم المشهورة في جاهليتهم.
وكانوا يتلون تلكالقصص على جندهم لتحميسهم واستحثاث بسالتهم.
وقد نضج هذا الفن عند العرب فيالعصر العباسي فدونت تلك الروايات أو القصص قبل انقضائه وهي تتفاوت بعدا عن الحقيقةوقربا منها وصار بعضها يتلى في المنازل لمجرد التسلية.
أما ما نقله العرب منالقصص عن اللغات الأخرى فهو يمثل الغالب آداب الأمة التي نقلت القصة عنها.
وهناكمن قصص العرب ما يدل على الوقائع الحربية التي وقعت في الجاهلية بين القبائل كقصةداحس والغبراء وكانت هذه القصص موضوع العرب في جاهليتهم وفي إسلامهم وقد زاد القصاصفي بعض هذه الروايات وشوهوا بعض حقائقها كالذي تراه في أخبارهم التي حكوها في موتالزباء وما قصوه وما ذكروه عن زنوبيا.
ولسنا ندري هل أفسدها العرب في جاهليتهمأم أفسدها رواة الأدب في الإسلام. 4 الخطابة: كانت في العصر الجاهلي كثيرة بواعثها متعددة أفكارها بسيطة مفككة لا تجمعهاوحدة فنية وجملها قصيرة بليغة والإيجاز في التعبير ميزة كان العرب يفتخرون بهافاعتبروها خاصة بهم ووقفا عليهم ومن أشهر خطباء الجاهلية قي بن ساعدة وهاشم بن عبدمناف.
اتسع نطاق الخطابة العربية في الجاهلية حيث كانت تعتمد على الحديث المباشرمن الخطيب إلى جمهور السامعين.
ومما يجعل الخطبة تتحقق اتصاف الخطيب بقوة شخصيةأكثر من قوة كلماته وعباراته وتتوفر قوة الشخصية لمن كان شجاعا حاضر البديهة سليمالنطق يجيد استخدام النبرات الصوتية وتتخذ الخطابة أشكالا متعددة لا تخرجها عنكونها حديثا مباشرا من المتحدث إلى
جمهوره ولكنها تأخذ أسماء تبعا لنوعيةالجمهور ومستوياتهم الثقافية وموضوع الحديث
والوسيلة التي تنقل بها إلى السامعينومن هذه الأشكال المحاضرة والمناصرة...
وكانت الخطابة في العصر الجاهلي تستعملفي الدعوة إلى الحروب والغزوات أما في الأمور الأخرى فقلما تجدها.
والخطباءالجاهليون كانوا ذوي شخصيات قوية وعقول راجحة وأدت الخطابة عندهم دورا كبيرا فيتجنيد القبائل للاضطلاع والقيام بالمهام التي تحفظ كيانها وتصون مجدها وشرفها وكانتتعبيرا صادقا عما يجيش في نفوس الناس في اللم والحرب وذلك بضرب أمثلة وأدلة وبراهينوالاستفادة من القصص.
.


-5الكرم :من الخصال الحميدة عند العرب فهي قيمة أصيلة من قيم الجاهلية وكانت درسا من الدروس التي لقنتها الطبيعة للإنسان وعلمته ممارستها في بيئة شحيحة بالماء والزاد
وكانوا يتبارونفيذلكويفتخرون به، وقد استنفدوا فيه نصف أشعارهم بين ممتدح به ومُثْنٍ على غيره، كانالرجليأتيه الضيففيشدة البرد والجوع وليسعندهمنالمالإلا ناقتهالتيهي حياته وحياة أسرته،فتأخذه هزة الكرم فيقوم إليها، فيذبحها لضيفه‏.‏ ‏. فكلهم معرّض لأن ينفذ زاده وعليه ان يقري ضيفه لانه سيضطر الى ان يضاف يوما ما , كما ان الكرم كان وسيلة من وسائل السيادة والجاه , وكانوا اذا اقبل الضيف استبشروا به وبالغوا في اكرامه وتذللوا له . قال حاتم الطائي :
اني لعبد الضيف مادام ثاوياً ......وما فيّ الا تلك من شيمة العبد
وافتخروا بتقديمهم للضيف اشهى مايملكون كسنم البعير مثلاً وهو انفس مافيه ومن صنوف الحفاوة بالضيف ان يلقاه المضيف بالبشر والايناس . قال عروة :
فراشي فراش الضيف والبيت بيته .....ولم يلهـــــني عنه غزال مقنع

.
ومن مظاهر الجود عند العرب ايقاد النار في الليل ليراها الغريب والجائع من بعيد واطلقوا على هذه النار اسم "نار القرى".قال احدهم :
اذا أخمدت النيران من حذر القرى...... رأيت سنا ناري يشب اضطرامها ------
3الوفاء بالعهد‏:‏ فقد كان العهد عندهم دينًا يتمسكون به، ويستهينونفيسبيله قتل أولادهم، وتخريبديارهم، وتكفيفيمعرفة ذلكقصة هانئ بن مسعود الشيباني، والسَّمَوْأل بن عاديا، وحاجب بن زرارة التميمي ‏6ـ عزة النفسوالإباء عن قبول الخسف والضيم‏:‏ وكان مننتائجهذا فرط الشجاعة وشدةالغيرة، وسرعة الانفعال، فكانوا لا يسمعونكلمةيشمون منها رائحة الذلوالهوان إلا قاموا إلى السيف والسنان، وأثاروا الحروب العوان، وكانوا لا يبالونبتضحية أنفسهمفيهذاالسبيل‏ 7 ـ الحلم، والأناة، والتؤدة‏:‏كانوا يتمدحون بها إلا أنها كانت فيهم عزيزةالوجود؛ لفرط شجاعتهم وسرعة إقدامهم على القتال‏ --فالاقدام مطلوب والحياة الذليلة مرفوضة , وفرار المحارب من واجبه أو من لقاء أعدائه هو موت له وعار عليه بل سبب لابتعاد الناس عنه واحتقاره , ومن الذي لايستعيد بطولات عنترة وشجاعة "حامي الظعينة" وفتوة عمرو بن معدي بل لعل هذه الشجاعة العظيمة جرت مجرى الاساطير التي يتداولها الناس في سهراتهم ومجالسهم الى يومنا هذا . قال احدهم :
ان تبتدر غاية يوما لمكرمة ...... تلق السوابق فينا والمصلينا
انا لمن معشر افنى اوائلـــنا....... قيل الكماة الا اين المحامونــا
وقال الآخر :
قوم اذا الشر أبدى ناجذيه لهم ..... طاروا اليه زرافات ووحدانا 8 -الشجاعة :تعد في الجاهلية مفخرة للعربي وحليته التي يتجمل بها فهي ولدت مع البدوي وتمشت في دمه فقد سمع قعقعة السلاح طفلا وشهد المعارك يافعا وسمع قصص البطولة وايام العرب ورأى ان الشجاعة والاقدام وسيلة الى بلوغ المراتب العالية والصيت الحسن , والشجاعة في المجتمع العربي البدوي انواع ارفعها واسماها الموت بين طعن القنا وخفق البنود حتى لو كانت الشجاعة تدني من الاجل بل من واجب الانسان ان يحبها حتى لو كان فيها حتفه :
وانا لقوم لانـرى القتل سبة .........اذا مارأته عامر وسلول
يقرب حب الموت آجالنا لنا...........وتكرهه آجالهم فتطول
الى جانب تلك القيم الايجابية التي ذكرنا بعضا منها نجد ان هناك ايضا قيما سلبية في حالة تنازع دائم مع القيم الايجابية من الناحية الانسانية -1الثأر: قيمة من القيم السلبية التي سادت في المجتمع الجاهلي وهو نظام بدوي متعارف عليه فلم تكن ثمة سلطة او حكومة تحول بين الموتور والواتر أي ليس ثمة قانون يقتص من الجاني اذا ارتكب جريمة فلا يجد صاحب الثأر امامه من أن يقتص بنفسه من المجرم وهذه المهمة صعبة فاذا احجم عن المطالبة بثأره عده

الناس جبانا رعديدا واذا اقدم على ذلك وجد امامه قبيلة الجاني بكاملها تدافع عنه

ولذلك شكلت المطالبة بالثأر لونا من ألوان الشجاعة الخاصة فالضحايا التي ستسقط قد لاتكون لها علاقة بالامر كله , واذا تطور الموقف وتعقد قد يتحول الى حرب بين القبائل وتسفح لاجل ذلك الدماء , وفي حرب البسوس نجد كيف ترك المهلهل النساء والخمر والطيب لكي يتفرغ لطلب ثأر اخيه كليب وصمم ان لايخلع درعه وسيفه و لايستحم الى ان يدرك ثأره ويبيد قبيلة بكر:
ولست بخالع درعي وسيفي ..... الى ان يخلع الليل النهار
والا ان تبيد ســـــــراة بكر...... فلايبقـــــى لهــــا ابداً اثار
وكانت نتيجة ذلك الحرب الشهيرة التي استمرت اربعين عاما ومات فيها خلق كثير .
واقترنت فكرة الثأر بوهم سيطر عليهم مفاده ان طائراً يخرج من رأس القتيل يسمى الهامة يصيح دائماً اسقوني ...اسقوني ولايكف عن الصياح الى ان يقتل القاتل ويثأر منه , وبلغ من ايمانهم بالثأر ان عدوه شرفا ومنعوا نساءهم من البكاء على القتيل الى ان يؤخذ بثأره .
-2الاندفاع وراء الملذات من خمر وربيع :لانهم كانوا يعيشون في بيئة اجتماعية الفراغ فيها اكثر من العمل وطرق التسلية ومرافق اللهو قليلة ولذلك اقبلوا على قتل الفراغ بكل مايبعث في نفوسهم النشوة والطرب حتى كان احدهم اذا سكر ظن انه ملك او سلطان الخورنق والسدير :
فاذا سكرت فانني.... رب الخورنق والسدير
واذا صحوت فانني .... رب الشويهة والبعير


-3الاندفاع لنصرة القبيلة: سواء أكانت على خطأ أم على صواب لأن القبيلة تشكل الملاذ الحامي للبدوي يلجأ اليها اذا هرب من خطر داهم ويحتمي فيها اذا جارت عليه ظروف العيش وكان الارتباط القبلي يفرض عليهم التكاتف في وجه عدو القبيلة حتى لو كانوا ظالمين له متجنين عليه . قال دريد :
امرتهم امري بمنعــــــــرج اللوى..... فلم يستبينوا الرشد الا ضحى الغد
وهل انا الا من غزية ان غوت .... غويت وان ترشـــــــــــد غزية ارشد
.. اذا ان اكبر ما يتميز به العرب في العصر الجاهلي الذكاء وحضور البديهة وفصاحة القول لذلك كان أكبر مظاهر حياتهم الفكرية: لغتهم وشعرهم وخطبهم ووصاياهم و أمثالهم العقلية في العصر الجاهلي