منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بحث الادب العربي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-03-04, 12:44   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
7abseya
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

العربيابن بطوطة
يعتبر ماركوبولو أشهررحالةالعالم في العصور الوسطى. فقد كان رجلاً استثنائياً خرج في مغامراته إلىأراض بعيدة مجهولةواستكشف أرجاء مثيرة من العالم في أسفارهليسرد لنا قصة رائعة عن تجاربه مع شعوب وثقافات غريبة. لكن كم منا يا ترى يعرف أنرجلاً آخر عاش في الفترةذاتهاتقريباً التي عاش فيها ماركو بولو غير أنه سافر أكثر منه؟ إنه ابن بطوطة, الرحالةالعربيالذي فاق كلرحالةعصره وقطع حوالي 75 ألف ميل تقريباً في أسفاره. كما أنه أيضاً الرحالةالوحيد في العصور الوسطى الذيرأى بلاد كل حاكم مسلم من حكام عصره.
في رحلته التي أراد منها أن يحج إلىمكة, زار ابن بطوطةخلالهاشمال أفريقيا وسورية. ثم خرج يستكشف باقي الشرق الأوسط وفارس وبلاد الرافدين وآسياالصغرى. ووصل إلى شبه القارة الهندية وأمضى هناك قرابة عقد في بلاط سلطان دلهيالذيأرسله سفيراً له إلىالصين.

بعد 30 عاماً من الترحال والاستكشاف, قرابة عام 1350, بدأ ابن بطوطة طريق عودته إلىوطنه. وأخيراً عاد إلى مدينة فاس في المغرب. وهناك, في بلاط السلطان ابن عنان, قرأأوصاف ما رآه في أسفاره على ابن الجوزي. الذيخطمنها كتاباً. وهذا الكتاب موجود بين أيدينااليوم ويعرف بعنوان "رحلات ابن بطوطة".
يتحدث كتاب الرحلات عن المغامرات التيعاشها ابن بطوطة في أسفاره. فخلالهاتعرض للهجوم مرات كثيرة, وفي إحداها كاد يغرق مع السفينة التي يستقلها, وفي أخرىأصبح على وشك أن يلاقي مصيره إعداماً على يد أحد الزعماء الطغاة. كما تزوج عدداً منالمرات وعرف أكثر من عشيقة, الأمرالذي جعل منه أباً للعديد منالأبناء أثناء سفره.
منطنجة للعالم في 30عاماً
ولد ابن بطوطة في طنجة بالمغرب عام 1304 لعائلة عرف عنهاعملها في القضاء. وفي فتوته درس الشريعة وقرر عام 1325, وهو ابن 21 عاماً, أن يخرج حاجاً. كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة فيأنحاء بلادالعرب.
في أول رحلة له مر ابن بطوطة في الجزائروتونس ومصر وفلسطين وسوريا ومنها إلى مكة. وفيما يلي مقطع مما سجله عنهذهالرحلة:
"كانخروجيمن طنجةمسقط رأسي... معتمداً حج بيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام, منفرداً عن رفيق آنس بصحبته, وركب أكون في جملته, لباعث على النفس شديد العزائم, وشوق إلى تلك المعاهد الشريفة... فجزمت نفسي على هجر الأحباب من الإناث والذكور, وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور, وكان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وصباً, ولقيت كما لقيانصباً."
في تلك الأيام الخوالي, كان السفر عبر هذه المسافات الشاسعة والمغامرة بدخول أراضغريبة مجازفة. غير أن ابن بطوطة كانت لديه الجرأة, أو على الأقل العزم, بما يكفيللشروع في رحلته وحيداً على حمار. وفي الطريق, التحق بقافلة من التجار, ربما بدافعالسلامة, وكانت القافلة تتكاثر مع الطريق بانضمام المزيد إليها. ومع وصولهم القاهرةكان تعداد القافلة قد بلغ عدة آلاف من الرجال ولم يتوقف بعد عن الازدياد. ولابد أنابن بطوطة قد أحس بإثارة بالغة لتقدم رحلته. فقد كانت أول تجاربه المباشرة في تعلمالمزيد عن أكثر ما يهواه, وهو دار الإسلام. فقد قابل علماء المسلمين واكتسب مزيداً من المعارف الدينيةوالشرعية.
الجزائروليبيا
حين وصولهم إلى الجزائر, أمضت القافلة بعض الوقت خارج أسوار المدينةلينضم إليها مزيد من الحجيج. وعند مدينة بجاية, تدهورت صحة ابن بطوطة. غير أنه بقيعازماً على مواصلة المسير وعدم التخلف عن الركب بسبب صحته. ومشيراً إلىهذا الحادث يقول: "إذا ما قضى الله أجلي, فسيكونموتي على الطريق, ميمماً وجهي شطر مكة."
وأثناء مسيرة القافلة في أراضي ليبيا, وجد ابن بطوطة أن من المناسب له أن يتزوج ابنة تاجر تونسي مسافر معهم في القافلةإلى الحج. وقد تزوجها ابن بطوطة في مدينة طرابلس, غير أن الزواج لم يعمر طويلاًبسبب خصومته مع حميه الجديد. لكن على ما يبدو لم يزعج هذا ابن بطوطة كثيراً فسرعان ما خطب فتاة أخرىهي ابنة حاج من فاس. وفي هذهالمرة كان حفل الزفاف يوماً كاملاً من الاحتفالات.
مصر وسوريا
بدأت القافلة تقترب من مصر. وقد أذهلت القاهرة ابن بطوطة, إذكانت كما هي اليوم, أكثرالمدنالعربيةصخباً ونشاطاً ولهذا قرر أنيمضي فيها بضعة شهور. إذلايزالعلىموعد الحج على أية حالثمانية شهور. كانت القاهرة كما وصفها ابن بطوطة "أمالمدن, سيدة الأرياف العريضة والأراضي المثمرة, لا حدود لمبانيها الكثيرة, لا نظير لجمالهاوبهائها, ملتقى الرائح والغادي, سوق الضعيف والقوي... تمتد كموج البحر بما فيها من خلق بالكادتسعهم..."

بقي ابن بطوطة في القاهرة قرابة شهر. وحين رحيله عنها قرر أن يسلكطريقاً غير مباشر إلى مكة مادامت شهور عديدة تفصله عن موعد الحج. ومضى إلى دمشق, التي كانت حينها العاصمة الثانية للدولة المملوكية في مصر. لم يكن هذا الجزء من رحلة ابن بطوطة مليئاً بالأحداث, ربما لاستتباب الأمن فيه نسبياً في عهد المماليك. لكن دمشق سحرت ابن بطوطة بجوالتسامح والتعاضد الذي يسودفيها. وعنها يقول: "تنوع ونفقات الأوقاف الدينية في دمشق تتجاوز كل حساب. هناكأوقاف للعاجزين عن الحج إلى مكة, ومنها تدفع نفقات من يخرجون للحج نيابة عنهم. وهناك أوقاف أخرى توفر أثواب الزفاف للعرائس اللائي تعجز عوائلهن عن شرائها, وأوقافأخرى لعتق رقاب السجناء. وهناك أوقاف لعابري السبيل تدفع منريعها أثمان طعامهموكسائهمونفقات سفرهم لبلدانهم. كما أن هناكأوقافاًلتحسين ورصف الدروب, لأن كل الدروب في دمشق لها أرصفة على جانبيها يمشي عليها الراجلون, أما الراكبونفيمضون في وسط الدرب."
أخيراً مضى ابن بطوطة للحج. وبعد قضائه مناسك الحج, أدركأن نفسه تواقة أكثر من أي وقت مضي لمواصلة الترحال. ولم يكن لديه بلاد بعينها يريدأن يقصدها, بل كان هدفه الوحيد هو زيارة قدر ما يستطيع من البلدان, لكنه توخى أنيعبر دروباً مختلفة. وهكذا تنقلفي الشرق الأوسط بأكمله, من إثيوبيا جنوباً إلى فارس شمالاً. "ثم سافرنا إلى بغداد, دار السلام وعاصمة الإسلام. فيها شاهدت جسرين كالذي في الحلة, يعبرهما الناس صباحمساء,رجالاً ونساء. الدروب إلى بغداد كثيرة ومعمرةبإتقان, معظمها مطلي بالزفت من نبع بين الكوفة والبصرةيفيض منه بلا انقطاع. ويتجمع على جوانب النبع كالطينفيجرف من هناك ويؤتى به إلى بغداد. في كلمعهد ببغداد عدد من الحمامات الخاصة به, وفي كل منها جرن اغتسال عند أحد أركانهايتدفق الماءفوقهمن صنبورينأحدهما للماء الساخن والآخر للبارد. ويعطى كل مغتسل ثلاث مناشف, واحدة ليلفها حولخصره حينما يدخل والأخرى ليلفها حول خصره حينما يخرج والثالثة ليجفف بهاجسده."
ثم توجه ابن بطوطة شمالاً ليستطلع بحر قزوين والبحر الأسود وجنوبروسيا. لكن أسفاره اللاحقة الأكثر متعة كانت إلى الشرق في آسيا. فقد قصد الهند حيثنال هناك إعجاب الإمبراطور المغولي لمعارفه وقصصه. وعرض الإمبراطور على ابن بطوطةمنصباً في بلاطه فقبله. وهذا ماأتاح له الفرصة ليجوب كل أنحاء الهند. وبعد اكتسابه معرفة وفيرة ببلاد الهند لكثرةأسفاره فيها, أرسله الإمبراطور سفيراً للهند إلى الصين. وكان مقدراً لهذه الرحلة أن تكون الأخيرة قبل عودته ابنبطوطة لوطنه. فرغم بعد المسافة قرر أن يقصد المغرب. وقد وصل شمال غرب إفريقيا عام 1351. وقبل عودته أخيراً إلى فاس في المغرب عام 1353 خرج في رحلة صغيرة إلى إسبانباثم في سفرةجنوبية إلى الصحراءالكبرى.

الوطن وكتاب الرحلات
في فاس, أعجب سلطان المغرب ابن عنان (1348- 1358 تقريباً) جداً بأوصاف البلاد التي قصها عليه ابن بطوطة وأمره بأن يلزمفاس ويضع هذه القصص في كتاب. وفعلاً, بمساعدة كاتب طموح هو ابن الجوزي الكلبي (1321- 1356 تقريباً), ألف ابن بطوطة كتابه الشهير "الرحلات" فيأربعة أجزاء منفصلة. وربما كان ابن الجوزي قد أضاف للكتاب قليلاً من العنصر القصصيبين الحين والآخر بهدف التشويق وسهولة التواصل مع القراء, لكن يعتقد عموماً أنهالتزم تماماً بما سرده ابن بطوطة عليه. غير أن الغريب هو أن كتاب "الرحلات" لميكتسب شعبية في الغرب إلا مؤخراً نسبياً, في القرن التاسع عشر, حينما ازداد التواصلمع أوروبا وقدم الكتاب هناك ليترجم إلى الإنجليزية والفرنسية واللغات الأوروبيةالأخرى. ويقدرالباحثونالأوروبيون كتاب الرحلات عالياً باعتباره وثيقة تاريخيةمهمة.

بعد انتهائه من كتاب الرحلات. لم يخرج ابن بطوطة, الذي تقدم في السن, بأي رحلة مطولة لا إلى الصحاري ولا غيرها. بل أخذيعمل في القضاء ويواصل نشر ما اكتسبه منحكمةخلالأسفاره. ورغم عدم توفر معلومات وافية عن السنوات الأخيرة من عمره, إلا أننا نعرفأنه توفي عن عمر 65 عاماً. وبعد سنين طويلة من وفاته ظل ابن بطوطة صاحب أطول أسفارفي العالم.
واليوم حصل ابن بطوطة على التقدير الذي يستحقه بجدارة في عالم الاستكشاف. فلتخليدانجازاته الفريدة في الأسفار, أطلق علماء العصر اسم ابن بطوطة على إحدى الفوهاتالبركانية على سطح القمر.
هدا واش لقيتلك يا اختي









رد مع اقتباس