منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لكل من يبحث عن مرجع سأساعده
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-12-17, 15:02   رقم المشاركة : 466
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفاكر مشاهدة المشاركة
لو سمحتي اختي عندي بحث حول الفيس بوك .لم اعرف العناصر والنقاط التي اطرق اليها في هذا البحث من فضلك ساعديني
ولا تنسي بحثي حول النظرية التطورية للانسان
الاتجاهات النظرية الحديثة في سوسيولوجيا التنمية

عزيزة خرازي
الحوار المتمدن - العدد: 2175 - 2008 / 1 / 29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

تقديم:
شغلت قضية التنمية والتخلف – ولا تزال – اهتماما كبيرا على الصعيدين الأكاديمي والسياسي منذ ما عرفه العالم من تحولات اقتصادية، سياسية، اجتماعية وثقافية، بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك ما أحدثته كل من الثورتين الفرنسية والثورة الصناعية، حيث أن هذه القضية هي إحدى القضايا دائمة الحضور في الجدل بين الشمال والجنوب، حتى ولو تغيرت أشكال طرحها أو مسلماتها أو محاور الاقتراب منها وبؤر التركيز فيها، تبعا لتغير مصالح واهتمامات ورؤى الطرف الأقوى في المعادلة الدولية.
انطلاقا مما سبق نلاحظ أن الاهتمام بموضوع التنمية والتخلف ليس وليد اللحظة الراهنة، بل على العكس من ذلك له جذور في الماضي، حيث حظيت هذه الإشكالية باهتمام العلوم الاجتماعية وخاصة منها علم الاجتماع الذي عرف بمجموعة من النظريات السوسيولوجية والمقاربات المعرفية للإشكالية ذاتها، وتدخل هذه المقاربات في إطار النظريات السوسيولوجية الكبرى، كالنظرية الماركسية والنظرية البنيوية الوظيفة.
وترجع حدة هذا الاهتمام المتزايد بقضايا التخلف والتنمية إلى الطبيعة البنيوية لظاهرة التخلف الذي يتميز عن غيره من الوقائع الاجتماعية الأخرى بالتركيب والتعقيد وبالدينامية، التي تجعل منه دائما في تغير مستمر، هذا بالإضافة إلى كون مطلب التنمية هو مطلب تاريخي تتطلع إليه كل المجتمعات بمختلف مكوناتها وشرائحها، الأمر الذي جعل موضوع التنمية من أهم قضايا العصر، مما حتم على الباحث داخل العلوم الاجتماعية ولاسيما علم الاجتماع، الاجتهاد للإحاطة بإشكالية التنمية من خلال مقاربة ظاهرة التخلف من زاوية معينة والتي تختلف باختلاف توجهات الباحثين الإيديولوجية ومشاربهم الفكرية.
ومن أهم الاتجاهات والمقاربات النظرية التي حاولت أن تتطرق لإشكالية التخلف والتنمية، نجد ما يلي :
- اتجاه النماذج أو المؤشرات.
- الاتجاه التطوري المحدث.
- الاتجاه الانتشاري.
- الاتجاه السيكولوجي أو السلوكي.
- الاتجاه الماركسي المحدث أو اتجاه التبعية.
- اتجاه المكانة الدولية.
ويمكن تلخيص أهم ما جاءت به هذه الاتجاهات في:

1) النظرية التطورية الجديدة:
والتي جاءت لإحياء المنظور التطوري الذي كان سائدا عند هربرت سبنسر وتشارلز داورني، الذي كان ينكر ضرورة وأهمية الثورة، كما أكدت هذه النظرية الطابع التقليدي للمجتمعات المتخلفة، أي أن هاته المجتمعات وحدها تتحمل مسؤولية تخلفها، متجاهلة بذلك الدور التاريخي الذي قام به المجتمع الغربي في هذه المجتمعات .
وقد استفادت هذه النظرية من دراسة المجتمعات النامية وذلك من خلال :
 تحديد المراحل المختلفة التي مرت بها المجتمعات المتطورة ( المصنعة ).
 قياس المسافة المتبقية بين النموذجين المتقدم، والمتخلف، أي معرفة المدة اللازمة لكي يلتحق البلد المتخلف بالبلد المتقدم النموذج. وخير من يعبر عن هذا الاتجاه هو روستو بمراحل النمو الخمس وهي:
1. مرحلة المجتمع التقليدي.
2. مرحلة التهيؤ للأنطلاق.
3. مرحلة الانطلاق.
4. مرحلة النضج .
5. مرحلة الاستهلاك الوفير.

2) الاتجاه الانتشاري:
يقوم على مسلمة أساسية هي أن الدول الصناعية الرأسمالية المتقدمة تمثل بالنسبة للدول النامية أمل أو صورة المستقبل التي ينبغي أن تحتذى وذلك عن طريق نقل العناصر الثقافية ( المادية والروحية )، من المتقدمة إلى المتخلفة ونشرها فيها. ويعتبر دانييل لينر أحد رواد هذا الاتجاه، والذي يشكو ( الاتجاه الانتشاري ) من ضعف نظري أساسي يتمثل في:
• تأكيده المستمر على فكرة الثنائية ( تقليد / تحديث ).
• اهتمامه بالأجزاء وابتعاده عن أي نظرة شاملة، بمعنى أن تغيير العلاقات بين الأجزاء هو السبيل إلى تجاوز الفروق والاختلافات.
• الانحراف عن المهام الأصلية التي سعى منذ البداية إلى تحقيقها وابتعاده عن أعمال الرواد المحدثين.

3) الاتجاه السيكولوجي أو السلوكي:
حيث يحاول هذا الاتجاه التركيز على درجة " الدافعية " الفردية، أو الحافز الفردي باعتباره الدعامة الأساسية للتنمية، ولا بد وفق هذا الاتجاه من تحديد الصفات السلوكية والنفسية للإنسان المتقدم سواء الآن، أو إبان فترة " الإقلاع " التنموي الأولى، باعتبارها الموذج الذي على الإنسان المتخلف تقليذه وحذوه .
ومن أهم رواد هذا الاتجاه نجد: دافيد ماكليلاند وهيجن هذين الرائدين الذي يقول في حقهما السيد محمد الحسيني بأن : " أفضل وصف لوجهتي نظر ما كليلاند وهيجن أنهما بمثابة تشويه لآراء ماكس فيبر... " . رغم كون هذا الاتجاه هو رد فعل للاتجاهات النظرية الأخرى التي ركزت في تحليلاتها على العوامل الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والسياسية.

4) الاتجاه الماركسي المحدث أو اتجاه التبعية:
شكل اتجاه التبعية تيارا نقديا مناهضا لتيار التحديث الذي يضم جميع الاتجاهات المذكورة سالفا، وهو بذلك استجابة نقذية " لوجهة نظر المراكز الكولونيالية "، حسب Dos Santos في قضايا التخلف والتنمية. فماذا نقصد بالكولونيالية؟
الكولونيالية تعنى احتلال دولة لدولة أخرى خارج حدودها سياسيا واقتصاديا بالاعتماد على القوة العسكرية، أي الاستعمار، لكن هذه الدول حصلت على الاستقلال، فماذا بعد الكولونيالية؟
يعرف الباحث كريس دوهمان نظرية ما بعد الكولونيالية بأنها حركة فى النقد الاجتماعى والأدبى التى ترد على آثار الامبريالية الأوروبية على الشعوب المستعمرة ، إن ما بعد الكولونيالية تقدم سردية مضادة تتصل بالشعوب المستعمرة سابقاً ، أو تسرد بالوكالة عن خصومها ؟ وذلك بشأن الافتراضات المتمركزة إثنياً فى الثقافة الغربية ، ويضيف هذا الباحث موضحا ، أن دلالة مصطلح ما بعد الكولونيالية لا تتضمن فقط بعد المرحلة الاستعمارية بل إنها مقاربة نقدية أيضاً التى تبرز من الاستعمار لتصارع أسسه.
إذا كانت ما بعد الكولونيالية مقاربة نقدية ، فذلك أنها لا تنتقد الافتراضات الغربية المتمركزة إثنياً على أساس أن الشعوب الغربية الآرية أكثر مدنية وتحضرا وديمقراطية وعقلانية من الشعوب المستعمرة سابقا فقط ، إنما يمتد نقد هذه المقاربة إلى مرحلة ما بعد الاستقلال ، لأن هذه الحقبة القصيرة من حيث المدى الزمنى لا تمثل قطيعة تامة مع آثار وكدمات ، أو لنقل التأثيرات النفسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية التى تعرضت لها الشعوب المستعمرة فى العالم الثالث على مدى مئات السنين ، والدليل على ذلك ، أن مجتمعات هذا العالم لا تزال تابعة للمراكز الغربية على مستوى جميع النواحي.
وقد تضمنت مدرسة التبعية مجموعتين متميزتين من الاقتصاديين هم:
o مجموعة البنيويين في شخصها Celso Furtado.
o مجموعة من الماركسيين الجدد، مثل: سمير أمين وأندري جوندر فرانك.
حيث يقول جوندر فرانك: " إنهم لن يتمكنوا من تحقيق هذه الأهداف باستيراد القوالب الكلامية العقيمة من المركز والتي لا تتماشى مع حقيقة اقتصادهم التابع، ولا تستجيب لاحتياجاتهم الاستقلالية السياسية " .


5) اتجاه المكانة الدولية:

تعتمد هذه النظرية على وجود نوع من البناء الدولي في ضوئه يمكن أن تتدرج دول العالم وفقا لمحكات معينة.
ونجد بارسونز قد ذهب إلى أن الاستقطاب خاصية أساسية تميز المجتمع الدولي المعاصر.
في حين أن لاجوس Lagos قدم إطار فكري يقوم على فكرة أن المجتمعات القومية تشكل نسقا اجتماعيا دوليا، وأن هذه المجتمعات تحتل داخل هذا النسق أوضاعا مختلفة يمكن ترتيبها أو تدريجها في ضوء المركز الاقتصادي والقوة والهيبة .
ونجد لاجوس أولى الدول المتخلفة نوعا من الاهتمام، حيث أن انخفاض هذه المكانة يكون إما جزئي، ويعني عدم القدرة على اتخاذ موقف الريادة التكنولوجية، وإما كلي، ويعني فقدان التنمية الاجتماعية أو انخفاض مستوى المعيشة.
كما أن هناك مجموعة من نظريات مفكرين بخصوص هذا المجال، أمثال: هورفيتر، بيندكس، نيتل وروبرتسون.
أما بخصوص اتجاه النماذج والمؤشرات والذي هو الموضوع الرئيسي في عرضنا هذافسنتطرق له باستفاضة من خلال المحور التالي.

لقد حاول الأستاذ الدكتور عبد السلام فراعي، في الفقرة الثانية من الفصل الثاني المعنون ب : " ميادين البحث في سوسيولوجيا التنمية " ، أن يعالج العديد من الأسئلة المتعلقة بالاتجاهات النظرية المتصلة بسوسيولوجيا التنمية، وقد أطر مقاربته هذه بالقضايا التي اهتمت بها هذه الاتجاهات، والتي تتلخص في الأسئلة التالية :
1) ما هي الأسباب أو العوامل الكامنة وراء ظاهرتي التخلف والتنمية؟ ولماذا استطاعت مجتمعات معينة أن تنمو بشكل أسرع من مجتمعات أخرى؟.
2) ما هي الاتجاهات التي تتخذها عملية التنمية الاقتصادية والتغير الثقافي، وهل يمكن القول بأن ثمة مراحل تنموية متتالية؟
3) إلى أي مدى تتطلب التنمية الاقتصادية حدوث تحول اجتماعي – ثقافي؟
4) كيف تستجيب الدول النامية للمؤثرات المختلفة التي تتلقاها من المجتمع الدولي؟
وبعد ذلك عمد إلى تقسيم هذه الاتجاهات وفق تصور ينطلق من مرجعيتها الفكرية، وهذا ما تأتى له باعتماد رؤية ثنائية ركناها: المرجعية الماركسية والمرجعية الفيبيرية، بمعنى النظريات الكلاسيكية في التنمية، بالرغم من كون البعض يرفض هذا التقسيم بين النظريات الكلاسيكية والنظريات الحديثة في التنمية.
ويمكن تلخيص أهم ما جاءت به هاتين النظريتين في الجدول التالي:


الاتجاه المادي: كارل ماركس
- البداية: علاقة الإنسان بالطبيعة وبالوسائط التي تنتج الخيرات المتفاوت في امتلاكها.
- الواقع الاقتصادي.
- التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية تحدد الثقافة.
- الرأسمالية خلقت الثروة واقتصاد السوق.
الاتجاه المثالي: ماكس فيبر

- البداية: نظام الأفكار والعقائد والقيم الفاعلة في النشاط الاقتصادي.
- القيم الثقافية.
- القيم الثقافية تحدد نوع ومستوى النشاط الاقتصادي.
- البروتستانية خلقت العقلانية الاقتصادية،والحداثة الديمقراطية.

نلاحظ أن هاته النظريات قد تأثرت بالاتجاه التاريخي الذي سيطر على الفكر الاجتاعي، ورغم كون هذين الاتجاهين متعارضين إلا أنهما يتكاملان في معالجة مسألة التخلف والتنمية. ودليل ذلك ظهور عدة نظريات في سوسيولوجيا التنمية، انطلقت بشكل أو بآخر من الثرات الماركسي أو الفيبيري. فإلى أي مدى استطاعت هذه الاتجاهات الإسهام في التشخيص العلمي لما يصطلح على تسميته بواقعة التخلف؟ وما هي نوع التطورات المقترحة من أجل أن تأخذ بها المجتمعات المتخلفة وتسترشد بها إذا أرادت الخروج من وضعها المتخلف إلى وضع متقدم؟ .
سبق وأشرنا في مقدمة هذا العرض إلى الاتجاهات النظرية الحديثة للتنمية، إضافة إلى اتجاه النماذج والمؤشرات، الذي اعتمد على معالجة مشكلات التنمية الاقتصادية والتغير الثقافي بإقامة نماذج مثالية متقابلة بعد القيام بمقارنات عديدة.
ومن أهم ممثلي هذا الاتجاه نجد:
مانتج ناش:
رئيس تحرير مجلة التنمية الاقتصادية والتغير الثقافي، والذي خلص إلى القول:
 اتجاه النموذج المثالي، يقوم على فكرة النموذج المثالي.
 تجريد الخصائص العامة للاقتصاد المتقدم.
 مقابلة النموذج المثالي للاقتصاد المتقدم، بالنموذج المثالي للخصائص العامة للاقتصاد المتخلف.
ومنه فإن التنمية حسب ناش تمثل تحولا من نموذج لآخر.
ويمكننا انطلاقا من ذلك أن نجد أمثلة عديدة عن هذه النماذج مثل:
 مؤلف هوسيليتز: " العوامل السوسيولوجية للتنمية الاقتصادية ".
 مؤلف تالكوت بارسونز: " البنية والعملية في المجتمعات الحديثة ".
 أعمال ماريو ليفي.
 مؤلف E. Hagen : " نظرية في التغير الاجتماعي ".
هوسيليتز:

الممثل الرئيسي لاتجاه المؤشرات حيث نشر نظريته بهذا الخصوص لأول مرة سنة 1953، في مقال بعنوان: " البنية الاجتماعية والنمو الاقتصادي "، الذي أعاد كتابة بعض أفكاره في مقال نشره سنة 1963 بعنوان: " التراتب الاجتماعي والتنمية الاقتصادية "، حيث وضح في هذين المقالين كيف أن الدول المتقدمة تشهد متغيرات النموذج، وذلك كما يلي:

النموذج المثالي للمجتمعات المتقدمة النموذج المثالي للمجتمعات
المتخلفة
- العمومية
- الأداء
- التخصيص - الخصوصية
- النوعية
- الانتشار

ويخلص هوسيليتز، إلى الاعتقاد أنه يمكن للدول المتخلفة أن تحقق تنميتها عن طريق التخلي عن متغيرات النموذج السائدة فيها (المجتمع التقليدي)، وتبني أو اكتساب واستيعاب المتغيرات السائدة في الدول المتقدمة.
طرح هوسيليتز، يستمد روحه من النظرية الثنائية كتقليد سوسيولوجي يصنف المجتمعات إلى مجموعة من ثنائيات متمحورة حول ازدواجية، التقليد / الحداثة.
كما أن محاولات Hagen بدورها سقطت في أحضان النظرية الثنائية وفخ الأمبريقية الضيقة العمياء.


جورج بلاندي:
وقد أشرف جورج بلاندي ( الذي رأى أن النظرية الثنائية ليست سوى خطاطة عامة تفتقد للقيمة التفسيرية )، على دراسة استخدمت المؤشرات الكمية، حيث نجد أن مؤشرات التخلف تصل إلى 11 مؤشرا هي:
1. ارتفاع نسبة الوفيات وبالخصوص وفيات الأطفال.
2. ارتفاع نسبة الخصوبة.
3. انعدام الوقاية الصحية.
4. ارتفاع نسبة الأمية.
5. سوء التغذية.
6. استهلاك ضعيف للطاقة.
7. ارتفاع نسبة المزارعين.
8. تدني المكانة الاجتماعية للمرأة.
9. تشغيل الأطفال.
10. حجم الطبقة المتوسطة.
11. حجم المجتمع.
كما يمكن إضافة مؤشرات أخرى، كمتوسط الدخل الفردي ودرجة التصنيع، وطبيعة الحراك الاجتماعي.
ويرى بلاندي أن:
 اتجاه المؤشرات الكمية لم يعمل سوى على جمع ركام مؤشرات غير متجانسة، ومعطيات إحصائية وخصائص بنيوية.
 يؤدي هذا الاتجاه بالضرورة إلى إقرار تصور استاتيكي للمجتمع موضع الدراسة.
 واقعة التنمية تستلزم تصورا ديناميا ومعرفة بالعمليات التي تصنف الانتقال من تشكيلة اجتماعية إلى أخرى.
 استعمال المؤشرات يساعد على رصد التخلف ووصف تجلياته فقط ولا يفسر الواقع.
 أغفل هذا الاتجاه ميكانيزمات التخلف.
وقد لخص تشارلز كيند لبيرجر عناصر هذا الاتجاه كما يستخدمه علماء الاقتصاد، وخبراء البنك الدولي بقوله:
" يمكننا عزل السمات النموذجية المثالية المعبرة عن التخلف عن تلك المعبرة عن التقدم، بحيث تبقى لنا السمات التي هي بحاجة إلى تنمية والتي من أجلها يجب أن تخطط المشروعات ".



 شرح اتجاه النماذج والمؤشرات:

من خلال قراءة النص المأخوذ من أطروحة الأستاذ الدكتور عبد السلام فراعي، نلاحظ أن اتجاه النماذج والمؤشرات كغيره من الاتجاهات تعرض لمجموعة من الانتقادات التي كانت ولا تزال مجال جدال بين العديد من المفكرين والباحثين في مجال التنمية والتخلف.
وقبل الحديث عن هذه الانتقادات لا بأس أن نتعرض بالشرح لهذه النظرية وكذلك لبعض الأشكال الأخرى من هذا الاتجاه.
يعتبر هذا الاتجاه هو الأكثر شيوعا في الدول النامية ، والذي أكد السيد الحسيني على ضرورة الاستعانة بالمؤشرات، ولكن من خلال ربطها بالسياق التاريخي والبنائي للدول المتخلفة، مثل ضعف التصنيع، التفاوت الطبقي، التبعية الاقتصادية، انخفاض الإنتاجية، سيطرة الازدواجية... ، ويتخذ شكلين أساسيين أو اتجاهين هما:

اتجاه كمي:
يميل إلى اختزال تنمية الدول النامية والتعبير عنها في صورة مؤشرات كمية مثل:
• متوسط الدخل الفردي.
• نسبة السكان الذين يعملون في الزراعة.
• درجة التعليم.
• عدد الأطباء.
• توزيع الصحف.
وقد وجه انتقاد إلى هذا الاتجاه على أن هذه المؤشرات هي مجرد برهنة على صحة مفاهيم معينة مشتقة من واقع الدول الغربية.
كما نجد سيمور ليبست،S. Lipset، قد ربط مفهوم التنمية السياسية بمؤشرات مثل:
• الثروة.
• التصنيع والتحضر.
• التعليم.
ولم يخلو هذا الرأي أيضا من النقد وذلك لكونه لم يدع مجالا للشك في صدق هذه المؤشرات الحسابية، وخير مثال على ذلك هو مثلا:
 الأرجنتين لديها معدل تحضر أعلى من ألمانيا الغربية.
 الكويت لديها متوسط دخل فردي أعلى من الولايات المتحدة الأمريكية.
كما اقترح البعض مجموعة من المؤشرات تعكس مستوى القوى الإنتاجية وعلاقات الإنتاج معا. مثلا بالنسبة للقوى الإنتاجية هناك مؤشري الإنتاج والاستهلاك ( بمعنى الربط بين تحليل المؤشرات الإحصائية وتحليل الموارد ).
ومنه فإن هذه المؤشرات ما هي إلا متوسطات حسابية وليست اجتماعية، وبالتالي فاعتقاد أصحاب هذا الاتجاه أن الخصائص الكمية الأمبريقية تكاد تمثل أو تعبر عن الواقع الاجتماعي في كليته وشموله هو اعتقاد خاطئ، لأن التنمية تتطلب أكثر من ذلك.

اتجاه كيفي:
ويميل إلى تحديد بعض العناصر النموذجية للتنمية والتي تصبح بذلك مجرد عملية اكتساب أو فقدان خصائص أو سمات معينة.
سبق ورأينا في التلخيص أن هوسيليتز هو الممثل الرئيسي للاتجاه الكيفي في هذه النظرية، والذي حدد ثلاث متغيرات نمط من أصل خمس متغيرات نمط حددها تالكوت بارسونز، والتي يمكن أن تنطوي على أهمية بالغة في دراسة التخلف والتنمية. وبتحليل هوسيليتز لهذين الأخيرين نجده قد دعم الاتجاه الذي عبر عنه بارسونز أبو الوظيفية، والذي حاول إظهار جوانب الاتساق والتكامل في المجتمع وإخفاء جوانب الاستغلال والسيطرة فيه .

ويمكن إجمال نظرية بارسونز في خمسة أزواج من البدائل والتي يعتبرها شاملة على أساس مستوى من التعميم، هاته الأزواج اعتبرها بديلا عن النموذج المثالي عند فيبر، وهي :

النموذج المثالي للمجتمعات المتقدمة النموذج المثالي للمجتمعات
المتخلفة
- العمومية
- الأداء
- التخصيص
- المصلحة الجمعية.
- الحياد الوجداني. - الخصوصية
- النوعية
- الانتشار
- المصلحة الذاتية.
- الوجدانية.

وما نلاحظه في المجتمعات المتخلفة وخصوصا مجتمعاتنا العربية أن هذه النظرية إلى حد ما صحيحة رغم ما قدم إليها من انتقادات، خصوصا فيما يتعلق بسيادة المصلحة الجمعية في الدول المتقدمة على عكس الدول المتخلفة والتي تطغى عليها المصلحة الذاتية. ونفس الشيء بالنسبة للحياد الوجداني الملحوظ في الدول المتقدمة مقابل طغيان الوجدانية في الدول المتخلفة.

الانتقادات الموجهة لنظريتي بارسونز وهوسيليتز:
كون التنمية عندهم تتمثل في اكتساب واستيعاب المجتمعات المتخلفة لمتغيرات النمط السائدة في الدول المتقدمة، وبالتالي فهي تعاني من بعض جوانب القصور المتمثلة في:
 تحديدها للعناصر المعبرة عن الدول المتقدمة والمتخلفة على السواء.
 كون الدول المتخلفة هي متخلفة لتواجد الأسرة الممتدة والقبيلة البدائية والمجتمع الشعبي.
 العمومية ليست سائدة تماما في الدول المتقدمة ( مثال ذلك اليابان وفرنسا ).
 الخصوصية هي قدر من التعسف لأن المجتمعات المتخلفة تعرف قدرا من العمومية لا يمكن تغافله، وبهذا الخصوص نجد أندري جوندر فرانك قد أعطى مجموعة من الأمثلة توضح شيوع خاصية العمومية في الدول النامية خصوصا في المجتمعات المسيحية، الإسلامية...
كما وجه السيد الحسيني من خلال كتابه دراسات في التنمية الاجتماعية ، نقدا لنظرية هوسيليتز بخصوص اتصاف المجتمعات المتقدمة بالأداء ( الإنجاز ) والمتخلفة بخاصية النوعية ( العزو، النسبة )، ومثل لذلك بالولايات المتحدة حيث نجد أن المكافأة على القيام بالوظيفة تتوقف على الأداء، في حين يتوقف الالتحاق بالوظائف على الطبقة التي ينتمي إليها الشخص.
في حين أن هارتجتون، فقد أشار إلى أن خاصية العزو تسود لدى جماهير الفقراء في الولايات المتحدة، حيث إن المجتمع الأمريكي يتجه إلى إحلال خاصية الإنجاز بخاصية العزو.
أما بخصوص التخصص ( تخصيص الدور يسود المجتمعات المتقدمة )، وأن الانتشار ( أو تشتت الدور يسود المجتمعات النامية )، نجد فرانك ينتقد هذه النقطة حيث يكشف بوضوح عن أن الوضع المهني لعلم الاجتماع في بلد كالولايات المتحدة الأمريكية أبعد ما يكون عن تخصيص الدور.





 الأصول المشتركة بين نظرية النماذج والمؤشرات ونظرية ماكس فيبر:
- النموذج المثالي عند ماكس فيبر:
ماذا يقصد فيبر بالنموذج المثالي؟ وما هي هويته ووظائفه الأساسية؟ وما علاقته باتجاه النماذج أو المؤشرات؟

 تعريف النموذج المثالي:
قدم فيبر عدة تعاريف للنموذج المثالي، ولعل أهم تعريف هو كونه بناء من العناصر التي جردتا عن الواقع والتي وضعت مع بعضها البعض، لكي تشكل جوانب الحقيقة. وهو ما يتضمن المبالغة في بعض جوانب الحقيقة . وبالتالي فهو بناء أو تشييد نظري عقلي يتشكل من خلال ظهور أو وضوح سمة أو أكثر يمكن ملاحظتها في الواقع، كما يعبر عن مفردات ملموسة يحددها الباحث بنفسه لكي تكون أساسا تنهض عليه المقارنة.

 هوية ووظيفة النموذج المثالي:
- الهوية:  ليس فرضا نظريا، بمعنى أن يكون قضية تتعلق بالحقيقة الواقعية، ومن ثم يمكن اختيار صدقها الواقعي، لأن النموذج المثالي عادة ما يتسم بالتجريد.
 أنه ليس وصفا للواقع.
 أنه ليس صياغة للسمات الواقعية المشتركة بين فئات الموضوعات الواقعية ( مثلا: وجود اللحية عند الرجال يميزهم عن النساء ) .
- الوظيفة:
 وسيلة موجهة نحو توضيح معنى الموضوع.
 وسيلة توضيحية تساعد على إصدار الأحكام التي تتضمن التنسيب السببي.
ومنه فإن ه-ا النمو-ج يستمد أهميته من خلال كونه وسيلة لفهم العالم الوقعي، إذ لا ضرورة له إذا كان العلم يعرض نفسه أمامنا بطريقة تمكننا من الوصول إلى التعميمات بسهولة. ونجد فيبر يقول بهذا الصدد: " إن النموذج – بما يتضمنه من مفاهيم محددة – يمثل أداة تحليلية تمكننا من السيطرة الفكرية على البيانات الواقعية " .

 علاقة النموذج المثالي الفيبري باتجاه النماذج والمؤشرات:
ترجع هذه العلاقة إلى كون اتجاه النماذج هذا قد استلهم من النموذج الفيبري وذلك من خلال إمكانية استخدامه كوسيلة للمقارنة الموضوعية والعلمية بتحديد نماذج تحدد المجتمع المتقدم ومقارنتها بأخرى تحدد المجتمع المتخلف. ومنه تأسيس نماذج مثالية لمختلف قضايا النظرية الاقتصادية، والتي تتعلق بالساليب التي يتصرف البشر وفقا لها في مواجهة موضوعات اقتصادية خالصة.
وبرغم فاعلية النماذج المثالية كوسائل منهجية تعمق من عملية المنهج المقارن، وتلغي إلى حد كبير التحيزات القيمية التي يسقط في أسرها الباحث، فلم تخلو من انتقادات عديدة لعل أهمها: انتقادات جوندر فرانك.

 انتقادات أندري جوندر فرانك:
انتقد جوندر فرانك اتجاه النماذج والمؤشرات، وتجلت هذه الانتقادات في:
 تجاهله للواقع التاريخي وإسهامه في ظهور التفاوت بين الدول المتقدمة والمتخلفة، وكذلك للواقع البنائي للدول المتخلفة.
 اتجاه النموذج المثالي لا يستطيع بحكم القيود المفروضة عليه أن يحلل بكفاءة البناء الداخلي للمجتمعات المتخلفة.
 عجزه في فهم التغيرات التي تطرأ على البناء الداخلي للمجتمعات ووضع السياسات الملائمة له.
 تجنب ممثلي النموذج المثالي دراسة الخصائص البنائية العامة لظاهرتي التخلف والتنمية.
 كون التخلف ليس أصيلا أو تقليديا، وأن ماضي وحاضر الدول المتخلفة لا يشابه حاضر وماضي الدول المتقدمة في مراحلها السابقة .
كما نجد الأستاذعبد السلام فراعي، في أطروحته قد وجه انتقادا لا ذعا لهذا الاتجاه، تجلى في كونه ضعيف أمبريقيا، وواه نظريا ومظلل تطبيقيا.

أضف إلى ذلك انتقادات أخرى وهي:
 كون هذا الاتجاه لا يزود بالفهم العميق للميكانيزمات الواقعية أو الممكنة للتغيير.
 أنه عبارة عن تعريفات تستند إلى معايير إحصائية، وليست معايير نظرية.
 اختزال عملية التنمية في مجرد اكتساب خصائص الدول المتقدمة.
 النظر إلى الحقيقة وهي في حالتها الساكنة، وعدم قدرته على استيعاب الجوانب الدينامية للظاهرة، ذلك أن الواقع متغير يطرح دائما متغيرات جديدة.
انطلاقا مما سبق، تطرح أمامنا مجموعة من التساؤلات، هي:
1. إلى أي مدى استطاع اتجاه النماذج والمؤشرات مقاربة إشكالية التخلف؟.
2. هل هناك نموذج واحد أو نماذج متعددة للتنمية، تستطيع الدول المتخلفة الاختيار فيما بينها لتضع نفسها على مسار النمو الذاتي؟ .
3. إذا كان هناك نموذج واحد للتنمية وهو النموذج الغربي، فهل تمثل الدول المتخلفة مجموعة متجانسة حتى تتبع هذا النمط؟ أم أن لكل دولة خصوصياتها سواء الاقتصادية، السياسية، الثقافية...؟.
4. لماذ فشلت كل التجارب التنموية بالدول النامية، هل يرجع هذا الفشل إلى أسباب كامنة في الدول المتخلفة متعلقة بطبيعة سكانها ونوعيتهم، وهيكلها الاقتصادي، أم ترجع إلى أسباب خارجية، أم الاثنين معا؟
5. هل تترك عملية التنمية للتفاعل التلقائي، أم يجب أن توضع مخططات تنموية؟ ومن المسؤول عن وضع هذه المخططات؟ وإلى أي مدى يمكن أن يهتم المسؤول عن تنفيذ هذه المخططات بتفعيلها؟

 خلاصة عن التنمية:
وكخلاصة لما سبق يمكن القول أن:
 التنمية مفهوم معقد التركيب، وتوضح هذه الخطاطة مقاربة قاموس التنمية وعائلة المفاهيم ، هذه المقاربة تعلمنا الكثير، أن المفاهيم أصبحت لا توجد ضمن حلقات مفردة، بل هي حلقات متواصلة، وأن المفاهيم أصبحت لا توجد إلا في أشكال منظومات، أو شجرة ذات فروع.

ويعود هذا التعقيد لاتسام التنمية بالطابع الإيديولوجي الذي يتجلى بالأساس في كثرة الأبعاد التي تنظمها ) بيئي، ثقافي، اقتصادي... (، وبذلك في قضية علم وسياسة بحيث لا يمكن الحديث عن تنمية بمعزل عن إرادات سياسية واضحة ومتكاملة تعتمد على البحث والتخطيط العلميين اللذين يشكلان أساسا لكل فعل تنموي ومجتمعي حداثي وديمقراطي، كما لا يمكن الحديث عن تنمية متكاملة بمعزل عن إدارات ومشاريع سياسية قادرة على أجرأة مقتضيات الفعل التنموي على واقع الممارسة الميدانية.
ونجد صاموئيل هنتنجتون يقول في هذا الصدد: " تقتضي الحركة الاجتماعية تغييرات في طموحات الأفراد والجماعات والمجتمعات، وتقتضي التنمية الاقتصادية تغييرات في قدراتهم، وتتطلب الحداثة كلتيهما " .
 التنمية هي السعي المنظم والمقصود للارتقاء المتكامل بالمجتمع من جميع نواحيه عن طريق نهج مجتمعي يرتاح إليه الجميع ويؤدي إلى تغيرات نوعية مرغوبة.
 لا يمكن للتنمية المتوازنة أن تتم إلا عن طريق التخطيط الواعي القائم على القناعة بالدور الأساسي للدولة في رسمها وتوجيهها.
 ومن أسباب فشل الجهود التنموية المتبناة من قبل الدول النامية هو افتقار تلك الجهود للانتماء، للتطلعن وللواقع المحلي، ولفشلها في سبر أغوار الحاجات الحقيقية للمجتمع ومسارها بناء على سياسة تملى عليه من واقع شديد الاختلاف .
 لم تجن الدول النامية المتبنية للبرامج التنموية سوى مشكلات ترتبت على تراكم الديون اتجاه الدول المصنعة والمصدرة لإيديولوجيات وسياسات تلك البرامج، الشيء الذي اضطر الدول المستوردة – النامية – إلى تصدير ثرواتها القومية – اليد العاملة، المواد الخام، الأدمغة... -، لمواجهة أعباء الاستيراد وتسديد الديون المتراكمة.
 ويشير الدكتور جورج قرم إلى نقطة هامة بها الصدد، مفادها: " أن فشل العديد من الجهود التنموية في دول العالم الثالث يدل على أن عملية التنمية ليست مجرد مسألة تخطيط مبني على عمليات رياضية معقدة أو نقل لتجارب وتقنيات لمجرد استخدامها بنجاح لدى دول العالم الصناعي، بل إنها مسألة اتساق مجتمعي اتزان حضاري يتطلب وجود قيادات فكرية من داخل نفس المجتمع لها رؤية واضحة لمفهوم التطور والتقدم ومواقف تابثة قائمة على تلك الرؤية " .
وبالتالي فإنه لم تعد مفاهيم الاستعمار الحديث والتبعية للغرب وحدها كافية لتفسير أسباب فشل المجهودات التنموية، بل لابد من توسيع الإشكالية لتشمل مكونات فكرية وحضارية واجتماعية خاصة بتلك المجتمعات. ومنه لا بد من رسم سياسة تنموية لتحقيق رفاهية المجتمع.
ويقول Graham Room : " أن وجود تنمية من غير خطة يعتبر ضربا من المجازفة التي لا تحمد عواقبها، فالأمر هنا لصيق بالكشف عن الضرورات والاستجابة لها. ويضيف بأن الخطة يمكن لها أن تؤدي الفرض بشرط أن تسندها توجهات لها صلتها الوثيقة بما يطمح إليه "

إذن كل نجاح وإنجاز في العمل التنموي يتحقق عادة نتيجة عملية متكاملة تبدأ من استقراء واقعي لاحتياجات المجتمع وإمكانياته وتطلعاته، ثم تصور استراتيجي عملي يحدد معالم العمل ووسائله وأساليبه وكيفية التعامل مع معطياته ومتابعته وتقويمه، وهذا يتحقق اعتمادا على سند رسمي وشعبي ينظر إلى الواقع بوعي ويتطلع إلى المستقبل بأمل وتصميم على الوصول إلى حياة أفضل.
ولتحقيق ذلك يجب الانطلاق من الإجابة عن الأسئلة التالية:
1. التنمية لمن؟
2. التنمية بمن؟
3. التنمية متى؟

Read more: https://www.kolchi.tv/vb/showthread.p...#ixzz1gngzUqk5



https://www.kolchi.tv/vb/showthread.php?t=22625








 


رد مع اقتباس