منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التصوف من صور الجاهلية لمحمد الجامي رحمه الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 2024-04-11, 06:32   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي


والخرافات التي يوهم بها مشايخ الصوفية عوام الناس أن لهم تصرفات في هذا الكون وصلاحيات للمشاركة في أقدار الله تلك الألقاب التي اصطنعوها لأشخاص مجهولين بل لا وجود لهم في الدنيا منها :

1- الغوث أو الغوث الأعظم :

وهو واحد دائماً لا يتعدد وهذا المنصب منصب متنازع فيه دائماً فابن عربي يدعيه بوصفه خاتم الأولياء - كما زعم - والتيجاني يدعيه ويصدقه أتباعه المؤمنون به ويرون أنه الغوث الأعظم والقادرية تدعيه للشيخ عبد القادر الجيلاني وهو برئ منهم ومن دعواهم لأن الشيخ عبد القادر الجيلاني - وهو خلاف ( الجيلي ) - عالم حنبلي بغدادي نشأ ببغداد وتوفي ببغداد .

وذكره الذهبي في " العلو " واستشهد بكلامه في الصفات وذكر أنه معروف بالكرامة وإجابة الدعاء أو كلاماً قريباً من هذا فليراجع .

ولعل هذا المعنى هو الذي جعل عوام الناس تبالغ في تعظيمه إلى حد العبادة ثم زعم بعض الماكرين من المتصوفة أنه صاحب طريقة ونسبوا له الطريقة القادرية ثم زعموا أنه غوث الزمان والغريب في الأمر تلك القباب المنتشرة في أكثر الجهات في المدن والقرى ويطلقون عليها قبة الشيخ عبد القادر وأنا أجزم أن من سموه الشيخ عبد القادر الجيلاني وعبدوه من دون الله وبنوا عليه تلك القباب إنما هو كلئن مجهول اخترعه شياطين الإنس مستعينة بشياطين الجن وليس هو الشيخ عبد القادر الجيلاني البغدادي - هذه هي النتيجة التي وصلت إليها بعد تفكير طويل في أمر الجيلاني - والله أعلم .

ومما لا يخفى على صغار طلاب العلم قبل الكبار أن إطلاق الغوث على مخلوق ما والاعتقاد بأنه هو الذي يغيث العباد أو أن الله لا يغيث العباد إلا بواسطته اعتقاد وثني كانت تعتقده الجاهلية الأولى بالنسبة للواسطة لا الاستقلال وأما اعتقاد أن مخلوقاً ما يغيث العباد مستقلاً بنفسه ويعطي ويمنع وينفع ويضر فهو اعتقاد لا يوجد حتى عند الجاهلية الأولى وإنما يدين بهذا الاعتقاد أتباع الصوفية فقط وهم يشركون بالله في عبادته وربوبيته كما علمت مما تقدم .

2- اللقب الثاني : لقب القطب أو الأقطاب :

ومن أساطير الصوفية الطريفة أن الأقطاب لا يزيد عددهم على سبعة أشخاص وأما من حيث الصلاحيات فإن الغوث مهمته الإشراف العام على التصرفات والصلاحيات التي يقوم بها الأقطاب من إعاثة الملهوف والتصرفات الأخرى .

3-واللقب الثالث: الأوتاد :

وعددهم أربعة أو ثلاثة ولو مات هؤلاء الأوتاد جميعاً لفسدت الأرض واختل نظام الحياة فيها - في زعم المتصوفة -

4- اللقب الرابع : الأبدال :

وعددهم أربعون موزعون على النحو التالي :
اثنان وعشرون منهم يسكنون الشام
وثمانية عشر منهم يسكنون العراق
ولست أدري من تواى هذا التوزيع .

5- اللقب الخامس : النجباء :

وهم دون الأبدال في الدرجة طبعاً وعددهم سبعون ومقرهم بمصر ووظيفتهم أنهم يحملون عن الخلق أثقالهم .

6- اللقب السادس : النقباء :

وهم ثلاثمائة وقيل خمسمائة وهم الذين يستخرجون خبايا الأرض .

هذه مملكة الصوفية المسؤولة عن الدنيا كلها من غوث يخطط للأقطاب ويشرف وأقطاب يغيثون ويدبرون الأمور تحت إشراف الغوث ويقبضون على من تحتهم من الأوتاد بالعلم الخاص وهؤلاء مجموعة احتياطية لمنصب القطبانية بحيث لو مات أحد الأقطاب السبعة يرقى أحد الأوتاد الأربعة إلى منصب القطب الميت فيصبح عددهم ثلاثة .... إلى آخر ذلك العبث الصوفي .

ففي هذه المملكة الوهمية يستعبد مشايخ الصوفية أتباعهم ولم يكن الله - في دين الصوفية - هو الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ولم يكن له ملكوت كل شيء "3"
ولكنه خلق الخلق ثم أمر التصرف والتدبير لبعض خلقه وهم مشايخ الصوفية هذا ما تدين به الصوفية - تعالى الله عما تزعمه الصوفية .

للصوفية ديوان باطني :

ومن مزاعم الصوفية الغريبة التي لا تنطلي إلا على من باع عقله في سوق التصوف أن لهم ديواناً باطنياً ومقراً بغار حراء ورئيس الديوان هو الغوث الذي تقدم ذكره وهو هنا بمثابة رئيس القضاة لأن هذا الديوان مركز للقضاء الكوني يحضره الأحياء والأموات من الأولياء وقد تحضره الملائكة والأنبياء ويذكر بعضهم أن النبي الكريم يحضر هذا الديوان أحياء ومعه عدد من آل البيت .

وأما كيف يتم هذا الحضور للأحياء والأموات من الملائكة والأنبياء والأولياء وكيف يسعهم الغار ؟ أو المكان الذي أمام الغار وهل الجبل الذي فيه الغار نفسه يسعهم ؟!!

هذه الأسئلة غير واردة لأن مثل هذا الهذيان من الكلام غير الواقعي إنما يحكى ولا يتحقق وهذا ديدن القوم لأنهم يغربون دائماً وهذا الاغراب مقصود عندهم وهو مقبول عند الغوثيين وهو ميدان عملهم وأما غيرهم فيخفون عنهم هذه الأسرار إن استطاعوا أو يبتعدون عنهم بل يعدونهم كما تقدم .

وهناك رواية أخرى تقول : إن المجلس الذي يسمى ديواناً في لغتهم إنما ينعقد في القاهرة في فضاء صغير خلف ( زويلة المتولي ) وهو المكان الذي يستطب فيه كثير من المصابين بأمراض مختلفة إذ تنهطل البركات والرحمات مجلوبة بسر ذلك الكائن المجهول الذي يقيم هناك مختفياً عن الأنظار وهو الغوث ليرأس المجلس وهو لا يسأل عنه ولا يبحث عن وجوده الفعلي وإنما الواجب الإيمان بوجوده السري هكذا يزين الشيطان لمشايخ الصوفية وأتباعهم مثل هذه الأسطورة وأما ماذا يفعل المؤتمرون في هذا الديوان ؟!!

يجيب على هذا السؤال مشايخ الصوفية قائلين :

إنهم ينظرون في أقدار الله ثم يحكم فيها الأقطاب تحت إشراف الغوث دون أن يرد لهم أي حكم أصدروه من ذلك الديوان في الأرزاق والآجال بل حتى في خواطر الناس بحيث لا يهجس في خاطر أحد شيء إلا بإذن الأقطاب .

إذا كان هذا الديوان الذي يرأسه الغوث هو الذي ينظر في شؤون الخلق ويصدر أحكامه لا ترد فما الذي بقي لله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير

وهو الفعال لما يريد وهو الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض وهو الذي ما شاء كان ومالم يشأ لم يكن وهو الذي إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون أما هذه فعقيدة المسلمين الذين سلموا من وثنية التصوف ولذا فأقول مكرراً ما قلته سابقاً إن وثنية التصوف وجاهليتها أقبح بكثير من وثنية أبي جهل وزملائه وجاهليتهم علماً بأن ما ذكرته من تصرفات الصوفية وأعمالهم قطرة صغيرة من بحار كفرهم وجاهليتهم وظلمهم ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بالحق لما جآءه أليس في جهنم مثوى للكافرين ) (الآية :68 من سورة العنكبوت )
( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ) (الآية :93 من سورة الأنعام )

فهل يجوز بعد هذا كله أن يقال : إن التصوف من الإسلام أو أن يزعم زاعم أن مشايخ الصوفية دخل على أيديهم في الإسلام خلق كثير من الأفارقة والآسيويين ؟ وهذه أسطورة كالأساطير التي تقدم الحديث عنها مثل أسطورة الديوان وأسطورة الأقطاب والأوتاد مثلاً .

فعلى الذين يزعمون هذه المزاعم أن يراجعوا معلوماتهم في الصوفية وفي دخول الإسلام في القارتين وفي الواقع أن كل ما فعل مشايخ الصوفية في القارتين وغيرهما أنهم نقلوا بعض الوثنيين الذين كانوا يعبدون الأوثان من الأشجار والأحجار ويتركون بها نقلوهم من عبادة تلك الأوثان إلى عبادة مشايخهم الأحياء منهم والأموات ومعنى ذلك أنهم نافسوا الأوثان وهي من الجمادات وغلبوها وحولوا العبادة لمشايخهم فصار الوثنيون - فهم لا يزالون وثنيين قطعاً - يعبدونهم ويقدسونهم ويقدمون لهم النذر ويذبحون لهم الذبائح فهل يقال لأمثال هؤلاء أنهم دخلوا في الإسلام ؟ !
الجواب :
" لا " قطعاً وإنما الصواب أن يقال : إنهم تطوروا في وثنيتهم حيث أصبحوا يمرون على تلك الأشجار التي كانوا يعبدونها فلا يلتفتون إليها بل إنهم استطاعوا أن يقطعوا لهم منها الحطب وأخشاب لتسقيف بيوتهم مثلاً وقد كان يعد من ضرب المستحيلات سابقاً وبسبب تطوير مشايخ الصوفية وثنيتهم استطاعوا أن يدركوا أن تلك الأشجار وهي من الجمادات لا تنفع ولا تضر فلا تستحق العبادة لأنها عاجزة لا تخلق ولا ترزق ولا تملك موتاً ولا حياة ولا نشوراً ولكن الذي لم يفطنوا له بعد أن الأوثان الناطقة من مشايخ الصوفية وسماسرتهم هي الضر ولو فظن عباد مشايخ الصوفية لهذه النقطة لما مكثوا عندهم في ذلك العذاب الشديد عذاب الذل والهوان والانقطاع عن الله رب العالمين وقد حالت بينهم وبين عبادة الله التي خلقوا من أجلها وهم قطاع الطريق استولوا على عقول الناس واستعبدوهم ظلماً وعدواناً .

هذا وإذا كنا قد حكمنا على وثنية مشايخ الصوفية وجاهليتهم أنها أقبح من وثنية وجاهلية أبي جهل وقومه .

فمن الإنصاف أن نورد ما يدل على صحة ما قلنا من آيات الكتاب المبين حتى نتصور نوع شركهم ليكون حكمنا صادقاً وعادلاً والحكم الذي تدعمه أدلة الكتاب والسنة وهو الحكم العادل الذي يجب الأخذ به ولكي يدرك القارئ بالمقارنة المحق والمبطل يقول الله تعالى لنبيه - وقد عانده قومه فأبو إلا الإشراك بالله - ( قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السموات السبه ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون ) (الآيات من : 84-98 من سورة المؤمنون )

هكذا نجد الجاهلية الأولى توحد الله رب العالمين في ربوبيته ولكن القوم كانوا يتناقضون فيشركون في عبادته غير ملتزمين بما يلزمهم توحيدهم في ربوبيته وكيفية الالتزام إذا كان الله قد تفرد بخلق السموات والأرض وما بينهما وتفرد بتدبير خلقه وأرزاقهم وآجالهم فيجب أن يفرد بالعبادة هذا ما يقتضيه المنطق السليم ويدعو إليه العقل الصريح ويوجب الشرع الحكيم ( أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون ) (الآية :17 من سورة النحل)

هكذا يتناقض الجاهليون الأولون يؤمنون ويشركون وصدق الله العظيم حين يقول ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) (الآية :106 من سورة يوسف)

وأما مشايخ الصوفية وأتباعهم فإنهم يشركون بالله في ربوبيته وعبوديته بل ويصرفون الناس عن عبادته تعالى بل إنهم يصرفون الناس عن كل ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام من شريعة وعقيدة ويزهدون فيه من أطاعهم حتى يخلطوا لهم في طاعتهم وخدمتهم دون مزاحم .

وكل من يدين بدين الصوفية فهو يشرك باله في الربوبية والعبادة عرف بذلك من عرب وجهل من جهل ولا تقبل دعواهم بأنه يشهد ألا إله إلا الله حيث أنهم يأتون بما يناقضه في كل وقت بل كل لحظة ولأن الإيمان بالله لا يقبل إلا مع الكفر بالطاغوت كما نص على ذلك القرآن الكريم ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ) (الآية :256 من سورة البقرة)

فليفطن القارئ أن الآية قدمت الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله تعالى على ضوء كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) لأن التخلية قبل التحلية كما يقولون .

إذا كان هذا شرك المشركين الأولين شرك في العبادة وتوحيد في الربوبية وشرك مشايخ الصوفية شرك في العبادة والربوبية ويدل على ذلك ما سمعناه من أقوال مشايخهم ودعايتهم وتصريحاتهم يتبين من هذه المقارنة أن مشايخ الصوفية أشد كفراً وزندقة وأبعد عن الطريق الموصل إلى الله ألا وهو التمسك بدين الله الذي جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام شريعة وعقيدة مع الكفر بما عداه مما يخالفه ويعارضه من الطرق المنتشرة في الأقطار الإسلامية التي تسمى طرق الصوفية وغيرها من صور الجاهليات الأخرى التي سوف نتناولها بالبحث إن شاء الله .

والله الموفق ...

هذا وإن الكلام حول هذه الجاهلية طويل الذيل ومتشعب لأن الطرق الصوفية المنتشرة اليوم في العالم الإسلامي قد اتخذت كل طريقة أسلوباً خاصاً لإفساد عقيدة المسلمين السذج وسلب أموالهم وتغيير مفاهيم كثيرة من الدين لديهم وهم فيما بينهم مختلفون ومتناحرون ولكنهم متفقون على محاربة الشريعة التي ترفعوا عنها وزهدوا فيها لأنهم أصبحوا أصحاب الحقيقة التي لا يعلمها - في زعمهم - إلا مشايخ الصوفية .

_______________________________________
"1" ولعل ما يشاع في الآونة الأخيرة بين الكتاب المعاصرين من أن ( الإنسان خليفة الله في الأرض ) لعل هذا الخطأ الفادح مأخوذ من كلام هذا الكاهن وأمثاله من مشايخ الصوفية الذين يزعمون أنهم مفوضون للنظر في شئون الخلق والحكم فيها وأرجو أن أتمكن من تحقيق هذه المسألة قريباً .
"2" جواهر المعاني في فيض التيجاني ص 97
"3" " هذه هي الصوفية " للشيخ عبد الرحمن الوكيل - بتصرف - الطبعة الثالثة .










رد مع اقتباس