هو بالفعل ربيع ... و لكنه ربيع التطرف و الغلو في الدين و التعصب للرأي ... هو ربيع الغوغاء و إزدهار ثقافة " الخوار " بدل ثقافة الحوار ... هو زمن تراجعت فيه النخب و تقدم فيه الرعاع ... هو زمن الغيرة بدل العقل و الحماسة بدل الفكر و الحمق بدل الحكمة.
هو ربيع أزمنة " الإحتباس الفكري " ... قد يأتيك خارج دورة المواسم ...
هي مصطلحات لم نصنعها .. بل نكتفي بترديدها كأي ببغاوات جميلة المظهر قبيحة المخبر.
كنا نحن العرب قديما نستعمل كل لفظ يدل على الرجولة و الصلابة ... كنا نسمي أبناءنا ضرغاما و ليثا ... و اليوم كأي صبية حالمة لا نجد في قواميس اللغة سوى عبارات " ثورة الياسمين " و البنفسج ..... إلخ ... و قريبا قد نطلق على " ثوراتنا " أسماء الماكياجات و الماركات العالمية.
لم يكن للعرب شتاء حتى يكون لهم ربيع ... مازلنا نحترق بويلات هذا الصيف القاحل الحار المتوحش الذي بدأ قبل قرون طويلة جدا و ما زال مستمرا .... و ما يراه البعض ربيعا هو مجرد وابل عابر لا يلبث أن يجف بمجرد ملامسة قشرة الأرض العطشة فلا ينبت زرعا و لا يطفيء ظمأ .. بل و أكثر من ذلك ينزل مشبعا بكل السموم التي تملآ سماءنا و فضاءنا فلا يصلح حتى للشرب.