منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدول العربية وحقوق الإنسان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-11-06, 23:30   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










M001 الدول العربية وحقوق الإنسان

الفصل الأول
على مستوى دساتير الدول العربية

قبل الخوض في الدراسة المقارنة بين دساتير الدول العربية وحقوق الإنسان، لا بد أن نذكر أن إشكالاً يُطرح في البداية بالنسبة لعلاقة الدولة بحقوق الإنسان، حيث أن حقوق الإنسان في معناها القانوني لا تتصور إلا في مواجهة الدولة، وهو جانب التعقيد في المسألة، إذ كيف تكون الدولة وهي طرف في الصراع، هي القادرة على حله. وهنا نجد أهم مناطق الخلاف السياسي بين الفرد كإنسان، والدولة كسلطة. لقد استقرت الدولة العصرية على إخضاع السلطة لعدد من القواعد القانونية التي تحمي حقوق الإنسان من الدولة نفسها، أي أن الضمانة الأولى والأدق لحماية الإنسان، هي خضوع الدولة نفسها للقانون، وهو الشرط المبدئي للحديث عن أي حق فإذا لم تكن الدولة خاضعة للقانون فلا مجال للحديث عن حق كائناً ما كان.(1)
وبالتالي فإن الحديث عن حقوق الإنسان لا يتم إلا في ظل نظام حكم ذو مبادئ معينة قائمة على الفصل بين السلطات واستقلال النظام القضائي، ودستور يحتوي ضوابط وسلطات محددة للحكم العرفي والطوارئ.(2)
فإذا عدنا إلى نشأة الدولة القطرية العربية الحديثة وجدناها قد قامت على عناصر مختلطة ومتناقضة، فقد كانت الحركات الوطنية الاستقلالية تعتمد بشكل عام، على التعبئة الإسلامية، وكانت العودة إلى الإسلام كهوية وثقافة ودين، من المحركات الأساسية للكفاح ضد الاستعمار الذي سعى إلىمحو الهوية الوطنية.
وبالمقابل قامت الدولة الحديثة التي ولدت من الاستقلال على استلهام قيم نمط الشرعية الحديث، الوطني أو القومي، وفي الواقع ظل تداول السلطة في الأقطار العربية دون أساس واضح، بسبب اختلاط القيم وتضارب النزوعات والتطلعات معاً. واختلطت في كل الأقطار العربية، بدرجة متفاوتة، عناصر القوة والاستيلاء والانقلاب بعناصر مستمرة من الشرعية الإسلامية وأخرى مستدمة من الشرعية الملكية أو القومية.(3) وكان من الطبيعي بعد ذلك أن تعمد هذه الدولة الفاقدة الشرعية إلى ترسيخ شرعيتها ونظامها معاً، وذلك عن طريق تبنيها نماذج التحديث القائم على الأساس الغربي والتنمية والتقدم وغير ذلك من الشعارات التي رفعت في تلك الفترة، لذلك رأت هذه الأنظمة أن الاهتمام يجب أن ينصب بكامله على تلك القضايا واعتبرت قضايا من مثل حقوق الإنسان وحقه في الحياة والحرية تعتبر ثانوية، مادامت الغاية العليا التي تطمح إلى تحقيقها هي التقدم والتنمية.(4)
ورغم ذلك كله فإن الدساتير العربية عمدت إلى تضمين نصوصها قدراً كبيراً من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وإن اختلفت في مستوى ضماناتها وفي قدرة حجم الحريات والحقوق المسموح بها والتي نص عليها كل دستور.
فالدستور المصري الصادر سنة 1971 نص على أن الحرية هي حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وحظر تقييد الحرية الشخصية بأي قيد (المادة 41)، وأكد على حرمة الحياة الخاصة، وحرمة المراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال (المادة 45). وقرر حرمة المساكن وحظر دخولها أو تفتيشها (المادة 44)، وحظر إبعاد المواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها (المادة 51)، كما نص على حرمة الملكية الخاصة وعلى حظر فرض الحراسة عليها (المادة 34)، وحظر المصادرة العامة للأموال (المادة 36). ذلك بالنسبة للحقوق الشخصية، أما بالنسبة للحقوق المدنية فقد نص على أن:
- المواطنون متساوون لدى القانون وهم متساوون في الحقوق والواجبات ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
وتكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
-حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير ضمن حدود القانون.
- حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة.
- للمواطنين حق الاجتماع دون سلاح ودون حاجة إلى إخطار سابق.
- الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة ضمن حدود القانون.
- حق التنقل الداخلي والخارجي، وتكوين الجمعيات والنقابات وتكافؤ الفرص.(5)
أما الدستور السوري الدائم والصادر في سنة 1973 فقد نص على حقوق الإنسان ضمن المواد (25-49) وتتلخص بالمبادئ التالية:
المادة 25- 1- الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.
2- سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة.
3- المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات.
المادة 27- يمارس المواطنون حقوقهم ويتمتعون بحرياتهم وفق القانون.
المادة 28- 1- كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم.
2- لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا وفقاً للقانون.
3- لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك.
4- حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون.
المادة 29- لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني.
المادة 30- لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يكون لها أثر رجعي، ويجوز في غير الأمور الجزائية النص على خلاف ذلك.
المادة 31- المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا في الأحوال المبينة في القانون.
المادة 32- سرية المراسلات البريدية والاتصالات السلكية مكفولة وفق الأحكام المبينة في القانون.
المادة 33- 1- لا يجوز إبعاد المواطن عن أرض الوطن.
2- لكل مواطن الحق بالتنقل في أراضي الدولة إلا إذا منع من ذلك بحكم قضائي أو تنفيذاً لقوانين الصحة والسلامة العامة.
المادة 34- لا يسلم اللاجئون السياسيون بسبب مبادئهم السياسية أو دفاعهم عن الحرية.(6)
أما المواد الأخرى فقد نصت على أن حرية الاعتقاد مصونة، وتحترم الدولة جميع الأديان وتكفل حرية القيام بالشعائر الدينية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام.
وتكفل الدولة حق التعليم وهو مجاني في جميع مراحله وإلزامي في المرحلة الابتدائية، وحرية الرأي بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير، وحرية الطباعة والصحافة والنشر وفق أحكام القانون، وحق الاجتماع والتظاهر السلمي.
ثم كفالة الأسرة ورعاية الطفولة والأمومة، وحماية صحة المواطنين، وكفالة جميع الفرص أمام المرأة التي تتيح المشاركة الكاملة في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية وتعمل على إزالة جميع القيود التي تمنع مشاركتها وتطورها.(7)
أما الدستور اللبناني الصادر في 23/5/1926، فإنه يتضمن فصلاً خاصاً بالحريات العامة، وعدد مواده عشرة، أرقامها من 6 إلى 15، وقد وضع هذا الدستور في عهد الانتداب الفرنسي، ومازال معمولاً به إلى الآن، مع بعض تعديلات طفيفة أدخلت عليه فيما بعد.
فمادته السابعة تؤكد مبدأ مساواة جميع اللبنانيين في الحقوق والواجبات، مدنية كانت أم سياسية، وتضمن المادة (8) الحرية الشخصية، فلا يمكن توقيف أي كان أو سجنه، ما لم يكن قد اقترف جرماً محدداً يعاقب عليه القانون بنص صريح.
والمادة (9) تشير إلى أن حرية الاعتقاد مطلقة، وتضمن حرية إقامة الشعائر الدينية لكل الطوائف، وحرية إنشاء أنظمة مستقلة ترعى الأحوال الشخصية لكل طائفة.
المادة (10) تنص على حرية التعليم، أما المادة (12) فتنص على مساواة جميع اللبنانيين في تولي الوظائف.
والمادة (13) تؤكد أن حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة، بما فيها حرية الطباعة، مصونة.
وتضمن سرية المراسلات والاتصالات الهاتفية، وتتيح الحرية لتأليف الجمعيات ضمن حدود القانون.
أما المادة (14) فتنص على حرمة المنزل، ولا يجوز دخوله عنوة من قبل الغير إلا في الأحوال والطرق المبينة في القانون، وفي المادة (15) ينص الدستور على حماية الملكية وعلى عدم جواز نزعها من صاحبها إلا للمصلحة العامة مع تعويض المالك تعويضاً عادلاً.(8)
وفي الدستور الأردني الصادر بتاريخ 1/1/1952 أكد في مواده (6-23) مبادئ حقوق الإنسان كما هو مبين:
المادة 7- نصت على أن الحرية الشخصية مصونة ولا يجوز أن يوقف أحد أو يحبس إلا وفق أحكام القانون، وكفلت المادة 9 حرية التنقل ضمن أراضي الدولة.
المادة 10- نصت على أن للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه.
المادة 18- تعتبر المراسلات البريدية والبرقية والمخاطبات الهاتفية سرية، فلا تخضع للمراقبة أو التوقيف إلا في الأحوال المبينة في القانون.(9)
هذا بالنسبة للحقوق الشخصية أما الحقوق المدنية فقد أكدت:
المادة 14- تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في المملكة ،ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب.
أما المادة 15- فقد جاء فيها: تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير، وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا تتجاوز حدود القانون.
أما المادة 16- فقد قررت حق الاجتماع ضمن حدود القانون، والحق في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتهامشروعة ووسائلها سلمية، ذات نظم لا تخالف أحكام الدستور.
والمادة 17- تكفل للأردنيين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية أو فيما له صلة بالشؤون العامة بالكيفية والشروط التي يعينها القانون.
أما حرية الملكية قد ضمنتها المادة (11) إذ تستلزم حرية الملكية عدم الاعتداء عليها فلا يجوز مصادرتها أو الاستيلاء عليها إلا في الحدود التي نص عليها القانون مقابل تعويض عادل.
أما بالنسبة للحقوق الاجتماعية والثقافية فقد أقرت المادة 23 من الدستور حق العمل لجميع المواطنين وعلى الدولة أن توفره للأردنيين، إضافة إلى حق الانضمام إلى النقابات (المادة 68) وحق الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم والتنمية الذهنية.(10)
وفي الدستور العراقي الصادر في عام 1970، فقد أكد ضمن مواده (19/20،21/22/23) على ضمانات حقوق الإنسان، من أن المواطنين سواسية أمام القانون دون تفريق بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين، وأكد على أن تكافؤ الفرص لجميع المواطنين مضمون في حدود القانون، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية، وأن حق الدفاع مقدس في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون، وأن كرامة الإنسان مصونة، ويحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي، ولا يجوز القبض على أحد أو توقيفه أو حبسه أو تفتيشه إلا وفق القانون، وأن للمنازل حرمة لا يجوز الدخول إليها أو تفتيشها إلا وفق الصيغ التي يحددها القانون.
كما أشار الدستور إلى أن سرية المراسلات البريدية والبرقية والهاتفية مكفولة، ولا يجوز كشفها إلا لضرورات العدالة وفق الحدود والأصول التي يقررها القانون.(11)
وأما الدستور الكويتي فإنه ينص في المادة (27) لا يجوز إسقاط الجنسية أو سحبها إلا في حدود القانون، (المادة 28) لا يجوز إبعاد كويتي عن الكويت أو منعه من العودة إليها. (المادة 29) الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين. (المادة 30) الحرية الشخصية مكفولة. (المادة 31) لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أوتفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون، ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة.
(مادة 34) المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً.
(مادة 35) حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب. (مادة 36) حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما. (مادة 37) حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة. (مادة 38) حرمة المساكن. (مادة 39) حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة، وسريتها مكفولة. (مادة 41) لكل كويتي الحق في العمل وفي اختيار نوعه. (مادة 43) حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون. (مادة 44) حرية حق الاجتماع. (مادة 45) لكل فرد أن يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه.(12)
أما الدستور الجزائري الصادر بتاريخ 25 شباط (فبراير) 1989 فقد أكد على حماية الحقوق الأساسية والحريات الفردية وهو ما نصت عليه المادة 31 وما بعدها:
المادة 33- تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة الإنسان.
المادة 37- لا يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة وحرمة شرفه ويحميها القانون.
المادة 38- تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة المسكن.
المادة 44- لا يتابع أحد، ولا يوقف أو يحجز إلا في الحالات المحددة بالقانون، وطبقاً للأشكال التي نص عليها.
المادة 45- يخضع التوقيف للنظر في مجال التحريات الجزائية للرقابة القضائية ولا يمكن أن يتجاوز مدة (48) ساعة.(13)
لقد كان دستور 1989 استكمالاً لدستوري أيلول/ سبتمبر 1963، والثاني في 1976 بالنسبة لضمان حقوق الإنسان والحريات العامة.
ففضلاً عن الضمانات التي التزمت بها الدولة في المواد المذكورة سابقاً، فقد أكد دستور (89) مبدأ المساواة ضمن المادة (30) التي تستهدف المؤسسات ضمان مساواة كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات، ومبدأ حرية الرأي والمعتقد في المادة (35): "لا مساس بحرمة حرية المعتقد وحرمة حرية الرأي".
أما بالنسبة للحقوق والحريات ذات المضمون الاقتصادي والاجتماعي فقد أشارت المادة (52) إلى أن لكل المواطنين الحق في العمل، وأضافت الفقرة (2) يضمن القانون في أثناء العمل الحق في الحماية، والأمن، والنظافة، واعترفت المادة (53) بالحق النقابي «الحق النقابي معترف لجميع المواطنين»، كذلك اعترف بحق الإضراب ضمن المادة (54) لكنه ترك المجال للقانون لتحديد بعض المجالات التي من الممكن أن تكون حساسة: «الحق في الإضراب معترف به، ويمارس في إطار القانون، من الممكن أن يمنع القانون ممارسة هذا الحق، أو يجعل حدوداً لممارسته في ميادين الدفاع الوطني والأمن، أو في جميع الخدمات أو الأعمال العمومية ذات المنفعة الحيوية للمجتمع»، ولذلك فقد عد دستور 1989 منعطفاً جديداً للحياة الدستورية في الجزائر، خصوصاً في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان.(14)
أما في المغرب فإن الدساتير الأربعة التي صدرت في أعوام 1962- 1970- 1972- 1992 فإنها تتضمن مواداً تتحدث عن حقوق الإنسان وواجباته، حيث نصت على أن:
- جميع المغاربة سواء أمام القانون، ومساواة الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق السياسية والمدنية والحق في أن يكون كل منهماناخباً.
كما ضمنت جميع الحريات العامة والحقوق السياسية والاجتماعية، ففيما يخص الحقوق القانونية/ السياسية نقرأ في الدساتير الأربعة:
- تساوي المغاربة أمام القانون.
- تحريم الاعتقال والعقاب بدون نص قانوني.
- حرية التجول والاستقرار وحرية التعبير والرأي والاجتماع وحرية تأسيس الجمعيات وحرية الانتماء السياسي والنقابي.
- حرية العبادة.
- حق الانتخاب.
- حرمة المراسلات.
وفيما يخص الحقوق الاقتصادية/ الاجتماعية، فقد نصت الدساتير الأربعة على:
- حق كل مواطن في التعليم والشغل.
- حق الإضراب.
- حق الملكية.
أما دستور 1992 فقد تميز بالتنصيص في الفقرة الثالثة من ديباجته بأن المملكة المغربية تؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالمياً. وهذه أول مرة يلتزم المغرب باحترام الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ويعتبر هذا الالتزام قفزة نوعية لتعزيز وضمان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وبالإضافة إلى تكريس احترام حقوق الإنسان، فقدحوت الدساتير الأربعة على قوانين تنظيمية تصرف هذه الحقوق وتكملها.(15)
أما الدستور الليبـي فقد أشار الإعلان الدستوري المؤقت الصادر في الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) عام 1969 بإيجاز إلى أهم ضمانات حقوق الإنسان الأساسية، ومنها أن للمنازل حرمة، فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه (المادة 12) ونصت المادة (31) على أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على القانون، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، وتؤمن له كافة الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع.
وفي الثاني من آذار (مارس) عام 1977 أُعلن عن قيام سلطة الشعب، إلا أن هذا الإعلان لم يشر إلى ضمانات حقوق الإنسان بحكم الطابع السياسي الذي يغلب عليه، فهو إعلان عن قيام حكم جديد وليس وثيقة حقوقية.(16) لذا تم الإعداد لإصدار الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان(17) وصدرت في تاريخ 12/6/1998م.
وينص أيضاً دستور جمهورية الصومال الصادر عام 1966 وتعديلاته في أعوام 1968 و1969 على الحقوق المدنية والسياسية وذلك في مواده (1-29).
حق تقرير المصير (المادة 1)، الحق في الجنسية (المادة 2)، والمساواة في الحقوق والواجبات أمام القانون دون تمييز بسبب العنصر أو اللغة أو الدين أو الجنس أو المركز الاقتصادي أو الوضع الاجتماعي أو الرأي السياسي، حق التصويت والانتخاب (المادة 3)، حرية التنقل والإقامة (المادة 11)، وحق تكوين الجمعيات السياسية والتنظيم النقابي (المادتان 12-13)، كفالة الحرية الشخصية وحظر إخضاعها لأية صورة من صور السخرة والاسترقاق واعتبار ذلك جريمة تستوجب العقاب (المادة 17) وحق اللجوء السياسي (المادة 19) وحرمة المساكن والمراسلة وسريتها (المادتان 21-22) وضمان حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات وحرية الرأي والاعتقاد وإقامة الشعائر الدينية (المواد 25-29). إضافة إلى الحقوق القضائية المواد (38-46)، أما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الواردة في الدستور فهي المساواة الاجتماعية (المادة 23) وتأكيد الوظيفة الاجتماعية للملكية (المادة 24) وحماية الأسرة والأمومة والطفولة (المادة 31) وتحريم السخرة والعمل الجبري (المادة 36).(18) وغير ذلك من الحقوق التي تتعلق بالضمانات الاجتماعية من مثل الأجر المتساوي من العمل المتساوي القيمة، والحق في الراحة الأسبوعية، وتحديد الحد الأقصى لساعات العمل اليومي، والحد الأدنى للسن لأنواع العمل المختلفة.
أما الدستور التونسي الصادر عن الجمعية التأسيسية بتاريخ 1/1/1959 فقد تضمن أهم مبادئ حقوق الإنسان الطبيعية والشخصية، وضمان الحرية الفردية، وحق الاجتماع والتفكير والاعتقاد وذلك في الفصول من (5-14) منه.
- الجمهورية التونسية تضمن حرية الفرد وحرية المعتقد وتحمي حرية القيام بالشعائر الدينية ما لم تخل بالأمن العام.
- المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون.
- حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر والاجتماع، وتأسيس الجمعيات مضمونة، وتمارس حسب ما يضبطه القانون.
- حرية التنقل في الداخل والخارج مضمونة.
- كل متهم بريء حتى يدان في محاكمة تكفل له الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه.
- حق الملكية مضمون ويمارس ضمن حقوق القانون.(19)
أما دستور الإمارات العربية المتحدة الصادر بتاريخ 18/12/1971 فنجد أن حقوق الإنسان قد تضمنتها المواد (25-41) منه وتنص على مساواة جميع المواطنين أمام القانون، والحرية الشخصية مكفولة، وحرية الرأي والتعبير، وحرية ممارسة الشعائر الدينية والاجتماع وتكوين الجمعيات، والمتهم بريء حتى يدان، والملكية الفردية مصانة، والمساكن الفردية مصانة، وحق اللجوء إلى القضاء والشكوى في حال امتهان تلك الحريات العامة والحقوق.
وفي دستور البحرين الصادر عن المجلس التأسيسي بأمر من أمير دولة البحرين بتاريخ 6-12-1973 ورد فيه عن حقوق الإنسان ما يلي:
الناس متساوون في الكرامة الإنسانية، لا يجوز القبض على إنسان أو توقيفه أو حبسه إلا بموجب القانون، لا يجوز أن يتعرض أي إنسان للتعذيب المادي والمعنوي، حرية الضمير مطلقة، وحرية الرأي والبحث العلمي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة. حرمة المساكن والمراسلة البريدية والبرقية والهاتفية، وحرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية ولأهداف مشروعة، وللأفراد حق الاجتماع دون حاجة إذن أو إخطار سابق، الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة.
ولا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عنها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون بناء عليه، ولا يجوز أن ينال هذا التنظيم والتحديد من جوهر الحق أو الحرية.
أما دستور دولة قطر الصادر عن أمير دولة قطر بتاريخ 19/4/1972 فقد جاء فيه ما ينص على حقوق الإنسان من مثل:
- الناس متساوون في الحقوق والواجبات، المتهم بريء حتى يدان، وعدم رجعية القوانين إلا بنص خاص، وتكفل الدولة للمواطنين حرمة المساكن.
- حرية النشر والصحافة مكفولة وفق القانون، والملكية الفردية والجماعية مصونة، ولا يجوز نزعها إلا للمصلحة العامة ووفقاً للقانون.
- الأسرة هي أساس المجتمع وتسعى الدولة إلى توفير الوسائل الكفيلة لحمايتها.(20)
ولا يختلف عن ذلك الدستور السوداني الذي أقر في 11/4/1973، ثم دستور السودان الانتقالي لعام 1985 وإن تم تعطيله بموجب المرسوم الدستوري الأول الصادر في 30/6/1989، إلا أن القوانين الخاصة بحقوق الإنسان بقيت كما هي عليه.(21)
والأمر نفسه بالنسبة لليمن (قبل توحيد شطريهما) سواء اليمن الديمقراطية ودستورها الذي صدر في 30 تشرين ثاني 1970، أو الدستور المعدل في 31/10/1978 وقد جرى بموجبه توسيع حقوق المواطنين وحرياتهم وتعزيز ضمانات الحقوق والحريات الأساسية وكفل ممارستها لجميع المواطنين وذلك في الفصل الأول من الباب الثاني من المواد (34-62) التي قررت الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.(22)
أو الجمهورية اليمنية الذي نظم دستورها الصادر سنة 1970 مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.(23)
إننا نجد بعد استعراضنا لهذه النصوص الدستورية أنها متقاربة في معانيها إلى حد بعيد، وجميعها تنص على ضمان وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ولقد خلص أحد الباحثين في دراسته المقارنة للدساتير العربية إلى أن:
- عموم الدساتير العربية اهتدت إلى حد ما بالحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تضمنها العهدان الدوليان الصادران عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966، وبالمقابل فإن ثمة دساتير لا يلمس فيها المرء أن المشرع الوطني اهتم بأن يتضمن دستور بلده هذه المسألة، فجاء التعبير عن هذه الحقوق محدود أو أبتر إذا ما قورن بالتفصيلات الواردة في باقي الدساتير العربية.(24)
بيد أنه لا بد من الذكر أن العنوان الحقيقي لهذا الفصل يجب أن يكون (اقرأ وابتسم) ذلك أن أي مواطن عربي يعيش داخل وطنه وبلده يعرف أن هذه النصوص إنما هي حُليٌ تتقلدها السلطة دون أن يكون من حظ الشعب والجماهير منها أي شيء.
إن الإنسان والمواطن العربي عندما يقرأ عن ضمان حرية الرأي والتعبير والاجتماع لا شك سيبتسم، ويبتسم كثيراً، لأن ذلك يمثل بالنسبة له طرفة، لا شيء سوى للمفارقة الشاسعة بين النص والواقع، بل وإذا عدنا إلى النصوص الدستورية السابقة وتتبعنا كيفية معالجتها للحقوق والحريات العامة(25) لوجدناها جميعاً تنص على احترام حرية الرأي والتعبير، ولكنها بالمقابل تعمل على تقييد هذه الحرية بالقانون في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الدفاع المدني.(26) وتعكس بذلك تردداً واضحاً في الإقرار الكامل بحرية التعبير، أما حرية التجمع السلمي وهي تشمل الحق في تشكيل الأحزاب والنقابات والتجمعات السياسية، فإن الدساتير تتفاوت، من دساتير تنص على التعددية، إلى دساتير تأخذ بنظام الحزب الواحد إلى دساتير لا تبيح تكوين الأحزاب بتاتاً.
والخلاصة أن ما تقرره الدساتير قانونياً يُفقد عملياً مع العديد من القيود التشريعية والإجراءات الاستثنائية علاوة على عدم الضمانة الحقيقية لهذه الحقوق.(27)

الفصل الثاني
على مستوى انضمام الدول العربية إلى الاتفاقيات الدولية

إذا انتقلنا الآن إلى البحث في مستوى آخر مكملٍ للأول، يتعلق بانضمام أوتصديق الدول العربية على المواثيق والاتفاقيات الدولية، حيث يعبر ذلك عن موقف تلك الدول من مفهومها لقضايا حقوق الإنسان وآلياتها الدولية.
إن ما يبرز بشكل واضح هو التردد والتباين في مواقف هذه الدول، كما لمسنا ذلك على مستوى الدساتير العربية بالنسبة لحقوق الإنسان.
وسنعرض هنا إلى الدول العربية المصدقة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وذلك وفقاً لثلاثة عقود، أي في أعوام 1978 و1988 و1996.
إن ذلك سيساعدنا بشكل جلي على إبراز التردد الذي تبديه الدول العربية في الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية، والتطور (البطيء) الذي تحققه تلك الدول على هذا المستوى نفسه.
ففي البيان الصادر عن منظمة اليونسكو في أول مايو 1978 والذي يشير إلى الدول المصدقة على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ذكر أن هناك 43 اتفاقية دولية عالمية وإقليمية تتعلق بحقوق الإنسان قد أصبحت بالفعل سارية المفعول بعد أن صدق عليها عدد كبير من الدول.
وإذا قمنا بتحليل موقف الدول العربية من هذه المعاهدات، فإننا نجد التالي:
1- إن البيان يحتوي على 30 اتفاقية عالمية مفتوحة للانضمام إليها من جانب جميع الدول بالإضافة إلى 13 اتفاقية إقليمية لا يحق إلا للدول الواقعة في نطاق الإقليم المقصود (أو المنظمة الإقليمية التي أقرتها) الانضمام إليها. ولا يشير البيان إلى وجود أيّة اتفاقيات عربية تتعلق بحقوق الإنسان(28) وتوجد اتفاقية إقليمية واحدة، من بين الاتفاقيات الثلاث عشر، تخص القارة الأفريقية (منظمة الوحدة الأفريقية) وتتعلق باللاجئين الأفارقة صدقت عليها ثلاث دول عربية أفريقية هي الجزائر والسودان وموريتانيا.
2- إذا حاولنا ترتيب الدول العربية بحسب عدد الاتفاقيات الدولية العالمية التي صدقت عليها فسوف نحصل على الترتيب التالي: تحتل تونس المركز الأول (24 اتفاقية)، وكلٌ من الجزائر والمغرب وسوريا والعراق المركز الثاني (19 اتفاقية)، مصر المركز الثالث (17 اتفاقية)، كلٌ من ليبيا والأردن المركز الرابع (16 اتفاقية)، لبنان المركز الخامس (14 اتفاقية)، كلٌ من السودان والكويت المركز السادس (13 اتفاقية)، اليمن الشمالية المركز السابع (10 اتفاقيات)، كلٌ من موريتانيا والصومال المركز الثامن (9 اتفاقيات)، السعودية واليمن الجنوبية المركز التاسع (8 اتفاقيات)، الإمارات وقطر المركز العاشر (6 اتفاقيات)، جيبوتي المركز الحادي عشر (5 اتفاقيات)، ويأتي كلٌ من البحرين وعمان في المركز الثاني عشر والأخير، ولم يصدق كلٌ منهما إلا على أربع اتفاقيات دولية فقط، وهي تمثل إذن الحد الأدنى للاتفاق العربي المشترك في مجالات حقوق الإنسان في تلك الفترة.
3- إذا حاولنا النظر إلى هذه الاتفاقيات من حيث موضوعها سوف نجد أن مجموعة الاتفاقيات المتعلقة بأوضاع المحاربين والمسجونين والمدنيين في حالة النزاع المسلح (اتفاقيات جنيف الأربع) هي المجموعة الوحيدة التي صدقت عليها جميع الدول العربية دون استثناء، (21) دولة.
تليها في الترتيب مجموعة الاتفاقيات المتعلقة بالعبودية والرق والسخرة ويبلغ متوسط عدد الدول العربية المصدقة عليها (10.5)، ثم مجموعة الاتفاقيات المتعلقة بمكافحة التمييز، ويبلغ متوسط عدد الدول العربية المصدقة عليها (9.9)، ثم مجموعة الاتفاقيات المتعلقة بالحقوق العمالية ويبلغ متوسط عدد التصديقات عليها من جانب الدول العربية (7.75)، ثم مجموعة الاتفاقيات المنظمة لحقوق المرأة ويبلغ المتوسط فيها (2.66)، ثم مجموعة الاتفاقيات الخاصة بحقوق الأجانب المتعلقة بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ويبلغ المتوسط (5) تصديقات، ثم مجموعة الاتفاقيات واللاجئين وعديمي الجنسية، ويبلغ المتوسط فيها (2.5)، وأخيراً تأتي مجموعة الاتفاقيات الخاصة بحرية الإعلام وهي اتفاقية واحدة تسمى (الاتفاقية الدولية للتصحيح) وقد صدقت عليها دولة عربية واحدة.
أما الاتفاقيات العامة لحقوق الإنسان، وهي الأساس التي تنبثق عنه جميع الاتفاقيات الأخرى وعددها ثلاث وهي العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية فلم يصدق عليها سوى 6 دول (تونس وسوريا والعراق وليبيا والأردن ولبنان) ولم تصدق أية دولة عربية على البروتوكول الاختياري المرتبط بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حتى وقت صدور البيان (أول مايو 1978).
والنتيجة على حد تعبير د. حسين السيد نافعة أن درجة التشتت في مواقف الدول العربية من الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان هي من الضخامة بحيث يصعب الاتفاق على حد أدنى معقول يكفي لتشكيل نواة صلبة لعمل عربي مشترك في مجال حقوق الإنسان.(29)
وحتى فبراير 1981 فإن دولة عربية ما لم تصدق على أيٍّ من الاتفاقيات الثلاث المذكورة غير المغرب، وفيما يلي جدول يبين الدول المصدقة على العهدين والبروتوكول.(30)
الدولة العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية البروتوكول
الاختياري
تصديق انضمام تصديق انضمام
تونس
سوريا
ليبيا
العراق
لبنان
الأردن
المغرب 18/3/69