منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بحوث الخاصة اولى جامعي ارجوالتيت
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-18, 23:31   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
sarasrour
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

المطلب الثالث: النظريات الاجتماعية

(1) نظرية التغلب والقوة

تُرجِع هذه النظريةُ أصلَ نشأة الدولة إلى واقعة التغلب؛ حيث أن القانون الطبيعي يعني البقاء للأقوى؛ وحيث إن القوى البشرية في صراعٍ دائمٍ, وهذا الصراع يُسفر دائمًا عن منتصر ومهزوم، والمنتصر يفرض إرادته على المهزوم, والمنتصر النهائي يفرض إرادته على الجميع, فيتولى بذلك الأمر والنهي في الجماعة, ويكون بمثابة السلطة الحاكمة.. فتنشأ بذلك الدولة مكتملة الأركان.
وقد تمحورت هذه النظرية في ثلاثة اتجاهات معينة:
*نظرية ابن خلدون
* النظرية الماركسية
* نظرية التضامن الاجتماعي.
فكلا من هؤلاء الفقهاء يحاول تبرير نظرته حسب واقعه المعيشي
فأبن خلدون يدافع على فروضه الثلاث الذي استخلصها من تفسيره الذي سماه العقلاني للتحول من الحكم بالشريعة إلى الحكم الاستبدادي المطلق.
أما في النظرية الماركسية، فتنظر للتاريخ من الزاوية المادية، فالصراع عبر التاريخ كان على أساس طبقي..
وبناء على هذا ظهرت ثلاث أنماط من الدول عبر التاريخ كانت تخدم مصالح طبقات معينة وبذلك نصل إلى المجتمع المنشود .
اما في نظرية التضامن الاجتماعي : فمفهوم القوة عند أصحاب هذه النظرية لا تقتصر على القوة المادية ، وإنما أشمل من ذلكـ ، كقوة النفوذ الأدبي ، والقوة الاقتصادية والحنكة سياسية..الخ.

(3)نظرية التطور التاريخي

يرى أنصار هذه النظرية ، ومن بينهم برلمي وجار نر وسبنسر ، أن الدولة لم تنشأ نتيجة القوة أو التطور العائلي أو العامل الديني ..، ذلك أن الظواهر الاجتماعية ومن بينها الدولة لا يمكن رد نشأتها إلى عامل واحد ، فالدولة عندهم هي نتاج للتطور التاريخي وتأثيرات متعددة كان نتيجتها ظهور عدة دول تحت أشكال مختلفة ومتعددة تعبر عن ظروف التي نشأت فيها ، لذلك فإن السلطة في تلك الدول لا تستند في قيامها هي الأخرى على عامل واحد بل على عدة عوامل منها القوة والدهاء والحكمة والدين والمال والشعور بالمصالح المشتركة التي تربط أفراد الجماعة بعضهم ببعض ، فالدولة إذن وفقا لأنصار هذه النظرية ظاهرة اجتماعية نشأت بدافع تحقيق احتياجات الأفراد شأنها شأن الظواهر الأخرى.
وهذه النظرية تعد رغم عموميتها ، أقرب النظريات إلى الصواب.

المبحث الثاني: النظريات القانونية

المطلب الأول: النظريات الاتفاقية
وتعرف أيضا بنظريات العقد الاجتماعي.
ظهرت فكرة العقد الاجتماعي قديمًا كأساسٍ لنشأة المجتمع السياسي عند الإغريق، فالنظام السياسي في نظرهم هو نظامٌ اتفق الأفرادُ على تكوينه للسهر على مصالحهم, ومن ثم فلا يجوز أن يكون هذا النظام حائلاً دون تمتُّعهم بحقوقهم الطبيعية, ولا يتقيَّد الأفراد بالقانون إلا إذا كان متفقًا على هذه الحقوق الطبيعية..، ثم جاء النظام السياسي الإسلامي فأبرَزَ عملية التعاقد ورتَّب عليها أثرَها كما سنُبيِّن فيما بعد، ثم ظهرت هذه الفكرة في كتابات بعض المفكِّرين الغربيين منذ نهاية القرن السادس عشر، وكان من أبرز القائلين بهذه النظرية الفيلسوفان هوبز ولوك الإنجليزيان وجون جاك روسو الفرنسي.
وقد اتفق الثلاثة على أن العقد الاجتماعي يقوم على فكرتَيْن أساسيتين:
إحداهما: تتحصَّل في وجود حالة فطرية- بدائية- عاشها الأفراد منذ فجر التاريخ.
وثانيتهما: تتبدى في شعور الأفراد بعدم كفاية هذه الحياة الأولى لتحقيق مصالحهم، فاتفقوا فيما بينهم على أن يتعاقَدوا على الخروج من هذه الحياة بمقتضى عقدٍ اجتماعي ينظِّم لهم حياةً مستقرةً, أي تعاقدوا على إنشاء دولة, وبذلك انتقلوا من الحياة البدائية إلى حياة الجماعة ..ومع اتفاقهم في هاتين المقدمتَين فقد اختلفوا في حالة الأفراد قبل التعاقد وبنود هذا التعاقد، فاختلفت بذلك النتائج التي رتَّبها كلٌّ منهم على النظرية...

إذن ظهرت فكرة العقد كأساس لنشأة الدولة منذ فترة زمنية بعيدة، استخدمها الكثير من المفكرين في تأييد أو محاربة السلطان المطلق للحاكم.
هذه النظريات ترجع إلى القرن السادس عشر ، والتي ساهم في صياغتها وإبراز مضمونها كل من هوبز ، ولوك ، و روسو

أولا : نظرية هوبز : ( من أنصار الحكم المطلق )

ان الفترة التي عاش بها هوبز وما رافقتها من اضطرابات في كل من إنجلترا وفرنسا كان لها بالغ الأثر على الفكرة الذي عبر عنها بتأييده المطلق للحاكم .
اغلب كتاباته تمثل الدفاع عن الملك وحقه في الحكم ضد أنصار سيادة البرلمان.
ابرز هوبز بحق الملك المطلق في الحكم من خلال طبيعة العقد الذي ابرم بين الأفراد للتخلص مما رتبته الطبعة الإنسانية ونزعتها الشريرة التي قاساها الأفراد في الحياة الفطرية قبل إبرام هذا العقد..

من خلاله يتنازل الفرد عن حرياته وحقوقه الطبيعية للسلطة التي أقامها ايا كانت مساوئها واستبدادها . لان السلطة وفي وجهة نظره مهما بلغت من السوء فلن تصل إلى حالة الحياة الطبيعية التي كانوا يعيشونها. بل إن وضع أي قيد على الحاكم، أو ترتيب أي التزام عليه يجعل العقد الاجتماعي قاصرا عن تحقيق الغرض المنشود.
وهكذا يتمتع الحاكم على الأفراد بسلطة مطلقة ، ولا يحق للأفراد مخالفة هذا الحاكم مهما استبد أو تعسف .

ثانيا : نظرية جون لوك : ( من أنصار الحكم المقيد )

إذا كان لوك يتفق مع هوبز في تأسيس المجتمع السياسي على العقد الاجتماعي الذي ابرم بين الأفراد لينتقلوا من الحياة البدائية إلى حياة الجماعة ، إلا انه يختلف معه في وصف الحياة الفطرية والنتائج التي توصل إليها .
الحياة الفطرية الطبيعية للأفراد كما يصفها لوك فهي تنصح بالخير والسعادة والحرية والمساواة ، تحكمها القوانين الطبيعية وبالرغم من وجود كل هذه المميزات لدى الفرد إلا أن استمراره ليس مؤكداً وهذا بسبب ما يمكن أن يتعرض له من اعتداءات الآخرين . وهذا ما يدفع الإنسان إلى الحرية المملوءة بالمخاوف والأخطار الدائمة والانضمام إلى مجتمع ما مع الآخرين من اجل المحافظة المتبادلة عن أرواحهم وحرياتهم واملاكهم .
فهذه النظرية تقر بأن
العقد الذي ابرم بين الأفراد وبين الحاكم لإقامة السلطة لا يمنح الحاكم السلطة المطلقة.وإنما يمنحه سلطة مقيدة بما يكفل تمتع الأفراد بحقوقهم الباقية والتي لم يتنازلوا عنها.إضافة إلى أن
الحاكم في نظرية لوك طرف في العقد مثل الفرد. وما دامت أن شروط العقد قد فرضت على الحاكم الكثير من الالتزامات، فهو مقيد وملتزم بتنفيذ الشروط، وأجاز للأفراد مقاومته وفسخ العقد.

ثالثا: نظرية جون جاك روسو :
روسو لوك
الحياة الفطرية حياة خير وسعادة يتمتع بها الأفراد بالحرية والاستقلال والمساواة الحياة الفطرية حياة خير وسعادة يتمتع بها الأفراد بالحرية والاستقلال والمساواة
يختلف مع لوك على أسباب التعاقد وأطرافه ومن ثم النتائج التي تترتب على ذلك . يختلف مع روسو على أسباب التعاقد وأطرافه ومن ثم النتائج التي تترتب على ذلك .
يرجع إلى فساد الطبيعة والحياة العصرية، وذلك كمظهر الملكية الخاصة وتطور الصناعة من إخلال بالمساواة وتقييد الحريات فسر رغبة الأفراد في التعاقد على أساس ضمان استمرارية المساواة والحريات العامة وضمان السلم الاجتماعي
وبالتالي ومن خلال نظرة روسو كان لابد للأفراد السعي للبحث عن وسيلة يستعيدون بها المزايا ، فاتفق الأفراد فيما بينهم على إبرام عقد اجتماعي ، هذا العقد يقوم الأفراد من خلاله بالتنازل عن كافة حقوقهم الطبيعية لمجموعة من الأفراد الذي تمثلهم في النهاية الإرادة العامة . هذا التنازل لا يفقد الأفراد حقوقهم وحرياته لان الحقوق والحريات المدنية استبدلت بتلك الطبيعية المتنازل عنها للإرادة العامة .
* الحكومة لا تقوم على أساس تعاقد بينها وبين المواطنين وإنما هي هيئة من المواطنين مكلفة من قبل صاحب السيادة بمباشرة السلطات الذي له أن يستردها وان يمنحها إلى أشخاص آخرين .
الانتقادات التي تعرضت لها النظرية العقدية :-
1- الخيالية : لان التاريخ لا يعطينا مثلا واحدا واقعيا بان جماعة من الجماعات قد نشأت بواسطة العقد .
2- غير صحية من الناحية القانونية :
3- غير صحيحة من الناحية الاجتماعية: تفترض أن الإنسان كان في عزلة قبل نشأة الجماعة وهذا قول غير صحيح لان الإنسان كائن اجتماعي.
المطلب الثاني: النظريات المجردة
سميت هذه النظرية أو الاتجاه بالنظريات المجردة للعديد من الأسباب أهمها لعدم خروجها من طور التنظير ورفوف الأوراق الى ارض الواقع ، ملت التسمية لروعة البناء النتظيري وهشاشة أو استحالة تطبيقها أو إيجادها – إن وجدت في أرض الواقع . فكل هذه الأسباب كانت دافع لتجريد هذه النظريات في هذا الاتجاه.
ومن أهم النظريات المجردة :
1- نظرية الوحدة
2- نظرية النظام القانوني
3- نظرية السلطة المؤسسة
4- النظرية المؤسسة. لهوريو
وسندرس كل هذه النظريات على إنفراد مع ذكر مالها وما عليها .

أولا : نظرية الوحدة ( جينلك )
بداية يحاول الفقيه جينلك أن يفرق بين المصطلحين * العقد* و * الفونبارك* ، فالعقد من الناحية القانونية هو تطابق إرادتين على أساس الرضا واتفاق على المحل إذ وجدت المصالح، فالمصالح المتبادلة هي التي دفعت بالتعاقد ، فالبائع مثلا قد يحصل على مال و المشتري يحصل على أشياء غير التي دفعت للبائع ، إلا انه قد تم الاتفاق على ذلك من قبل ، أما الفونبارك فهو تطابق أو تعدد العديد من الإرادات ، فالعلاقة متباينة الإرادات من اجل تحقيق هدف واحد ألا وهو إنشاء دولة.
فعلا هذه الفكرة مبهرة من العديد من النواحي:
فعلى المستوى الداخلي ، على أساس الفونبارك يمكن تبرير إنشاء شركات المساهمة المتعرف عليها في القانون التجاري ، اما على مستوى القانون العام نجد هذه النظرية تتماشى مع الأنظمة الدستورية المعاصرة و بالأخص الأنظمة البرلمانية . كالاتفاق الحاصل بين الحكومة والبرلمان .
أما على المستوى الدولي ، فإن هذه الفكرة تتماشى مع فكرة الاتحادات ، والاتفاقيات . وهذا الاتجاه هو أكثر اعتمادا في الوقت المعاصر .
إلا أن حسب المنطق فإن هذه النظرية تبرر نشأة السلطة السياسية وليس نشأة الدول. وكذا لا يمكن أن نتصور لنشؤ دول بفضل إرادات مختلفة دون أن يوجد نظام قانوني منشئ.

ثانيا: نظرية النظام القانوني.
صاحب النظرية * هنري كلسن* إذ يعتبر أن الدولة هي نظام تسلسلي للقواعد القانونية تستمد صحتها من قاعدة قانونية مفترضة.
فهذا النظام التسلسلي أو الهرمي ، يعتبر أن كل قاعدة أعلى ملزمة للقاعدة الأدنى ، فهكذا كل قاعدة تستمد صحتها من قاعدة أعلى منها درجة الى أن تصل الى الدستور الذي يستمد هو الآخر صحته من دستور سابق . وهذا ما يعرف لدى فقهاء القانون الدستوري بمبدأ /دستورية القوانين/، فالقاعدة الدستورية أو القاعدة الأساسية المفترضة لا يجوز أن نسال من أين تستمد صحتها الإلزامية، فيجب الاعتقاد بهذه القاعدة والإذعان لها . إلا أن هذه النظرية لم تسلم من الانتقادات أهمها للفقيه ريني في كتابه الحتمية القانونية الصادر سنة 1928 . فانه يسلم بفكرة الهرم القانوني ، إلا انه يعتبر أن الدستور الاول ليست له قوة فرضية وإنما قوة واقعية تستمد من الجمعية التأسيسية ، فمثلا الثورة الفرنسية استمدت قوتها من الجمعية الوطنية ، فالإرادة الشعبية واقعية وليست مفترضة واقعة خارج القانون.
أما المدرسة الماركسية، تعتبر أن الدولة ما هي غلا مرآة للنظام الاقتصادي والاجتماعي الموجود . وبالتالي القول بالقاعدة الافتراضية الملزمة لا سند له من الصحة.
ثالثا: : نظرية سلطة المؤسسة.
حسب منظري هذه النظرية ، أن الدولة غير موجودة ولا كيان لها إلا حينما تؤسس و تنظم سلطاتها القانونية ، فلا يتم هذا كله إلا بطريقين . أولا بنقل الدولة من سلطة سياسية أي سيطرت شخص أو شخصين الى كيان مجرد .
أما المرحة الثانية وضع دستور وهكذا ستتحول الدولة من دولة فعلية الى دولة قانونية .
رغم صحة هذه النظرية في العديد من الجوانب إلا أنها لا تتماشى مع الدول ذات الدساتير العرفية التي لا توجد فيها قوانين عليا تنظمها.. رغم كل هذا فإنها تعتبر كيان ، فإذا أخذنا فحواها فإنه يستحيل أن تقام دولة لعدم وجود دستور.
باختصار فإنه توجد الدولة بوجود الدستور، فلا يتصور قيام دولة بدون دستور، وهذا يكذبه الواقع.
رابعا: نظرية المؤسسة // هوريو//
حسب هوريو فإن الدولة جهاز اجتماعي وسياسي وأن تشكيلها قد يتم على مرحلتين :
المرحلة الأولى: تقبل الأفراد لإقامة مشروع دولة معتمدة من مجموع المثقفين.
المرحلة الثانية : إنجاز هذا المشروع بدعوة الأفراد للانخراط والانضمام.
فالدولة حسب هوريو مؤسسة للمؤسسات ، ولا يتم هذا التأسيس إلا بمراحل ، مرحلة الفكرة الموجهة ، وقد يتم ذلك بوجود أفراد يتصورون فكرة المؤسسة ووسائل إنجازها ثم فيما بعد هناك مرحلة الانضمام باستثناء جهاز معتمدين على النصوص القانونية الموجودة سابقا، وأخيرا هناك مرحلة نشر الدستور ، بحيث يكرس ما هو قائم ويعدل حسب مقتضيات الحاجة ودليله على ما يقول : قيام الدولة الجزائرية إذ يرى أن مرحلة الفكرة الموجهة بدأت بظهور القادة و الزعماء التاريخيين ، ثم بدأت مرحلة الانضمام بموافقة الشعب والالتفاف حول الثورة ومبادئها ثم بدأت مرحلة نشر الدستور بميثاق طرابلس .
وحسب المنطق واعتقاد بعض رجال القانون فإن قيام الدول كقاعدة عامة لا يقوم على أساس هذا التسلسل المذكور، كما انه صح القول بالنسبة للدولة الجزائرية. فإنه لا يصح بالنسبة لباقي الدول، بل توجد مغالطة تاريخية، إذ أن الدولة الجزائرية كانت موجودة مع العثمانيين والأمير عبد القادر..إلا أنها شاهدت نوع من الضعف والاضمحلال مع الاستدمار الفرنسي..

الخاتمة:
كل هاته النظريات لم تسلم من الانتقادات إذ يعني عدم وجود نظرية صحيحة تماما ومثالية وإنما تباينت من حيث الصحة والعمومية لدى العلماء
ولئن اكبر مؤثر للتباين هو الواقع المعيشي والاجتماعي لهم.
وإذا كان لابد من تفضيل نظرية معينة من بين النظريات، فلا شك أن نظرية التطور التاريخي هي الأكثر واقعية..
ارجو الدعاء لي بيسر الحال والنجاح والفرج يارب امين يا رب العالمين
بحث في الدولة

مقدمة:
المبحث الأول : الدول البسيطة الموحدة
المطلب الأول :تعريف الدول البسيطة الموحدة
المطلب الثاني: خصائص الدولة البسيطة الموحدة
المطلب الثالث: المركزية و اللامركزية الإدارية.
الفرع الأول: المركزية الإدارية
الفرع الثاني: اللامركزية الإدارية.
المبحث الثاني الدول المركبة الموحدة.
المطلب الأول : تعريف الدول المركبة الموحدة.
المطلب الثاني : الإتحادات المنشئة لشخص دولي جديد
الفرع الأول : الإتحاد الفعلي أو الحقيقي.
الفرع الثاني : الإتحاد المركزي الفدرالي.
المطلب الثالث: الإتحادات غير منشئة لشخص دولي جديد
الفرع الأول : تعريف الإتحاد الشخصي و خصائصه.
الفرع الثاني : كيفية حدوث الإتحاد الشخصي و أمثلته.
الفرع الثالث : تعريف الإتحاد الاستقلالي أو التعاهدي و خصائصه.
الفرع الرابع : كيفية تنظيم الإتحاد التعاهدي و تطبيقاته.
الخاتمة:
مقدمة:
ليست الدول جميعا من نمط واجد من حيث تكوينها السياسي، و كيفية ممارستها للسلطة، و حدود هذه

السلطة في الداخل و الخارج، و تنقسم الدولة عادة إلى أنواع، و ذلك اســتنادا على معايــير النظر إليها.

فقد يــنظر إلى الدولة من زاوية السيادة، أي مقدار ما تمارسه الدولة من سيادة داخل إقليمها أو خارجها

و من هذه الناحية فإن الدول تنقسم إلى مجموعتين رئيسيتين هما: الدول الكاملة السيادة و الدول الناقصة

السيادة.

فإذا ما كانت الدول تمارس سيادتها كاملة ( في الداخل و الخارج ) دون أن تخضع لأي سيادة فهي دولة

ذات سيادة، أما حين يعيق تصرف الدولة مانع يمنعها من حرية التصرف المطــلـق ( داخليا و خارجيا )

فإنها تعد دولة ناقصة السيادة، و من أمثلة الدول الناقصة السيادة: الدول الموضوعة تحت الانتداب، أو

تحت الوصاية أو تحت الحماية… أو الدول المستعمرة ( بالفتح ).

و قد ينظر إلى الدول من حيث كـيـفية مـمارستها للسـلطـة بـمعنى هل فيها هيئة واحـدة، و يـخضـع لهـذه

الممارسة شعب دولة بكامله، أم أن ممارسة السلطة تتجزأ بين هيئات مختلفة مركزية و محلية و لا يخضع

شعبها بذات الدرجة لهذه السلطات المتعددة.
المبحث الأول: الدول البسيطة الموحدة
المطلب الأول: تعريف الدول البسيطة الموحدة
الدول الموحدة هي تلك الدول البسيطة في تركيبها الدستوري حيث تكون السلطة فيها واحدة و يكون شعبها وحدة بشرية متجانسة تخضع لدستور واحد و قوانين واحدة داخل إقليم الدولة الموحدة.
و سوف نعرض فيما يلي خصائص الدولة الموحدة من جهة و دراسة موضوع المركزية و اللامركزية داخل الدولة الموحدة من جهة أخرى.
المطلب الثاني: خصائص الدول الموحدة
تتميز الدولة الموحدة بكون التنظيم السياسي للسلطة فيها واحد تتجسد في جهاز حكومي الموحد الذي يضطلع بجميع الوظائف في الدولة طبقا للقواعد الدستورية فيها هذا من ناحية.
و من ناحية ثانية تكون الدولة الموحدة متحدة في عنصرها البشري حيث تخاطب السلطة السياسية فيها جماعة متجانسة، بالرغم من ما قد يوجد من اختلافات فردية بين أعضاء الجماعة كما يخضع الجميع في الدولة الموحدة لقرارات صادرة من الهيئات الحاكمة و أخيرا يغطي التنظيم الحكومي جميع أجزاء إقليم الدولة بطريقة متجانسة دون اعتبار الفوارق الإقليمية أو المحلية.
و على ذلك فإن الدولة الموحدة تتميز بعدم تجزئة السلطة الحكومية فيها سواء في تكوينها أو طريقة ممارستها لاختصاصاتها كما تتميز بوحدة السلطة التشريعية التي تتولى سن القوانين التي يخضع لها أفراد شعبها، و بوحدة السلطة القضائية التي يلجئ إليها هؤلاء الأفراد بالفصل فيما يثور بينهم من نزاعات، و إذا كانت القاعدة العامة في الدولة الموحدة – كم رأينا- هي وحدة السلطة و ممارستها على مجمل إقليم الدولة بطريقة موحدة لمواجهة جميع الساكنين بقوانين موحدة يخضعون لها عند تماثل الظروف فإنه عند اختلاف الظروف ببعض أقاليم الدولة فإنها قد تضطر إلى تطبيق قوانين مغايرة على بعض الأقاليم التي تخضع لظروف خاصة بيئية أو سكانية كاستثناء على القاعدة العامة إلى أن يتم تغير هذه الظروف و الأمثلة كثيرة للدول الموحدة لأن معظم دول العالم دولا موحدة كجمهورية مصر العربية و الجمهورية اللبنانية و غالبية الدول العربية و فرنسا و بلجيكا و هولندا و اليابان و غيرها من الدول.
المطلب الثالث : المركزية و اللامركزية الإدارية في الدولة الموحدة
وحدة السلطة الحكومية في الدولة الموحدة و بساطة تركيبها الدستوري لا يمنعان من توزيع الاختصاصات
المعهود إلى السلطة الإدارية أي الأخذ بنظام اللامركزية الإدارية.
إذ تملك الدولة الموحدة حرية الاختيار بين نظام المركزية الإدارية أو تطبيق اللامركزية الإدارية بجوارها طبقا لما تراه محققا لصالحها العام.
الفرع الأول : المركزية الإدارية
إذا تركزت الوظيفة الإدارية في الدولة في يد السلطة المركزية في العاصمة بحيث تمارسها بنفسها أو بواسطة موظفين تابعين لها ينتظمون بالسلم الإداري و يخضعون لسلطتها الإدارية مع عدم منح أية اختصاصات مستقلة ووحدات إدارية مصلحية أو محلية فنحن نواجه نظاما إداريا مركزيا، و ينتسب هذا النظام لعدة مزايا تتلخص في تحقيقه الوحدة الوطنية و توفيره للنفقات و إتاحة الفرصة لموظفي الإدارة المركزية لاكتساب خبرة و كفاءة إدارية عالية، و مع ذلك يوجه إلى النظام العام عدة انتقادات تتلخص في عدم تعرف الإدارة المركزية في العاصمة على حقيقة المشاكل التي تواجه أقاليم الدولة مما يؤدي إلى حرمان سكان بعض الأقاليم من الخدمات العامة و من مواكبة التركيز الإداري.
و بالنسبة لكيفية ممارسة الوظيفة الإدارية داخل النظام المركزي فإنه يوجد أسلوبين هما :
- التركيز الإداري
- عدم التركيز الإداري .

و يقصد بالتركيز الإداري تجمع سلطة البت و التقرير في يد الرئيس الإداري بصدد جميع المسائل الداخلية في اختصاصاته أما عدم التركيز الإداري فيعني قيام الرئيس الإداري بنقل سلطة التقرير النهائي في بعض اختصاصاته إلى نوابه و رؤسائه لكي يتفرغ للقيام بمهمة الإشراف و التوجيه و التخطيط داخل إدارته.
و نلاحظ أن فقهاء القانون العام يعرضون لدراسة التركيز و عدم التركيز عادة باعتبارهما صورتين للنظام المركزي، فإذا كانت قاعدة عدم التركيز قد ظهرت في النظام المركزي بقصد التخفيف من تركيز السلطة فهذا أمر طبيعي نظرنا لأن اللامركزية الإدارية بصورتيها المرفقية أو الإقليمية لم تظهر إلا حديثا بالمقارنة مع النظام المركزي العتيق.
الفرع الثاني : اللامركزية الإدارية
يسمح النظام اللامركزي بتوزيع الاختصاصات بين الجهاز المركزي للدولة و الوحدات الإدارية المرفقية أو المحلية فيها،إذ تمنح هذه الوحدات بسلطة البت و التقرير فيما يتعلق في الاختصاصات التي خولها القانون على أن تخضع برقابة و إشراف السلطة المركزية، و يتركز الهدف من فرض هذه الرقابة أو الوصاية الإدارية في الحفاظ على وحدة الدولة لأنه لو استقلت الهيئات اللامركزية المصلحية أو المحلية استقلالا كاملا و تخلصت من السلطة المركزية عليها لتحولت اللامركزية الإدارية إلى لامركزية سياسية، ولتغير شكل الدولة على الفور من دولة بسيطة إلى دولة مركبة و بمعنى أدق تتحول الدولة الموحدة إلى دولة اتحادية ( فدرالية).
المبحث الثاني : الدولة المركبة
المطلب الأول : تعريف الدولة المركبة.
يقصد بالدولة المركبة هي تلك الدول التي يربط بينها نوع من أنواع الإتحاد بحيث تخضع لسلطة سياسية مشتركة و لا يعني قيام نوع من أنواع الإتحاد بين عدد من الدول أن تتحول هذه الدول بالضرورة إلى دولة واحدة، ‘ إذ أن الأمر يتوقف على نوع الإتحاد المتفق عليه، و مدى الاندماج الذي يسمح به بين الدول الداخلة فيه.
المطلب الثاني: الإتحادات المنشئة لشخص دولي جديد
الفرع الأول: الإتحاد افعلي أو الحقيقي :
تفقد الدول الداخلة في الإتحاد الحقيقي شخصيتها الدولية وتٌُكوّن لها شخصية دولية جديدة على أن تحتفظ كل دولة بدستورها و قوانينها و نظامــها الإداري في الداخــل، ويرجع ذلك إلى أن الإتحاد الفعلي لا يكتفي بوحدة شخص رئيس الدولة كما هو الحال في الإتحاد الشخـصي و إنما يقــيم رباطا قويا بين الأعضاء عن طريق شخصية الإتحاد التي تعتبر الدولة الوحيدة على الصعيد الدولي و يتولى الشؤون الخارجية و إدارة شؤونها الدولية و الدبلوماسية و الدفاع و قيادة العمليات العسـكرية و يترتـب على اندماج الدول الأعضاء في الإتحاد أن تتوحد السـياسة الخـارجيـة و كذلك التمثيل الدبـلومـاسي و أن يـــتقيــد الأعـــضاء بما يعقده الأعضاء من معاهدات و اتفاقيات دولية و تشـمل الحرب بين الإتحاد و دولة أجنبية جميع الأعمار، كما أن الحرب التي تقوم بين الأعضاء تعتبر حرب أهلية لا حرب دولية و من أمثلة الإتحاد الحقيقي :
الإتحاد بين السويد و النرويج إبتداءا من سـنـة 1815م . تـحـت حكم مــلـك السـويد الذي استمر حتى عام 1905م عنـدمــا انـفصلت الدولتان بمقتضى معاهدة ستوكهولم و كذلك الإتحاد الذي تم بين النمسا و المجر في الفترة ما بين سـنـة 1867م و سنة 1918م، و انـتـهـى بـهزيمـة الـنـمسا و الـمجر في الـحرب العالمية الأولى .
الفرع الثاني : الإتحاد المركزي ( الفدرالي)
الإتحاد المركزي هو اتحاد ينظم عدة دول تندمج جميعها في دولة اتحادية واحدة تنهض بجميع الاختصاصات الخارجية، باسم جميع الأعضاء، و تتولى كذلك إدارة جانب من الشؤون الداخلية لدويلات الإتحاد أو ولايته و بذلك لا يعتبر الإتحاد المركزي بعد قيامه اتحادا بين دول مستقلة و إنما هو دولة واحدة مركبة تضم عدة دويلات أو ولايات أي أنه دولة عليا فوق الدول الداخلة في الإتحاد التي ذابت شخصيتها في الشخصية الدولية للدولة الاتحادية ، و على هذا الأساس فإن الدويلات الأعضاء في الدولة الاتحادية لا تملك الحق في الانفصال كما هو الشأن الدول الأعضاء في الاتحاد التعاهدي و لهذا كان من الطبيعي أن تكون عناية القانون الدستوري كبيرة لدراسة الدولة الاتحادية، إذ يستند هذا الاتحاد إلى الدستور الاتحادي و ليس إلى معاهدة دولية كما هو الحال بالنسبة للإتحادات الأخرى التي تحتفظ فيها الدول الأعضاء بشخصيتها الدولية الكاملة و تخضع في علاقاتها فيما بينها لقواعد القانون الدولي العام.
أ- كيفية نشأة الاتحاد المركزي و انتهاؤه:
تنحصر طرق نشأة الإتحاد المركزي في طريقتين أساسيتين، تتمثل الطريقة الأولى في اندماج عدة دول مستقلة في الاتحاد و تسمى هذه الطريقة fédération par agréation و هي الطريقة السائدة في نشأة الاتحاد المركزي.
و قد قامت الدولة الاتحادية في سويسرا و الولايات المتحدة الأمريكية و استراليا و ألمانيا و كندا ز جنوب إفريقيا بهذه الطريقة
أما الطريقة الثانية فتحدث عند تفكك دولة موحدة إلى عدة دويلات صغيرة يجمعها الاتحاد المركزي و يطلق عليها fédération par ségréation و بها نشأ الاتحاد المركزي في روسيا و البرازيل و الأرجنتين و المكسيك.
وأيًا ما كانت الطريقة التي نشأ بها الاتحاد المركزي، فإن قيام هذا الاتحاد يهدف إلى التوفيق بين اعتبارين أساسين، رغبة الدول الأعضاء في الاتحاد في تكوين دولة واحدة ( أي فكرة المشاركة )، و رغبتها في المحافظة على استقلالها الذاتي بقدر الإمكان أي فكرة الاستقلال الذاتي ، و قد انتشر نظام الاتحاد المركزي بين دو العالم في خلال القرنين التاسع عشر و القرن العشرين بعد قيام الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1787 م .
ب- أسس الوحدة في الاتحاد المركزي :
يقوم الاتحاد المركزي على عدة أسس للوحدة تتمثل في عدد من المظاهر سواء على الصعيد الدولي الخارجي أو في الميدان الداخلي.
أسس الوحدة في النطاق الدولي :
يقوم الاتحاد المركزي على أساس وحدة الشخصية الدولية، إذ أن الدولة الاتحادية هي المتعاملة مع دول العالم في جميع المجلات إبتداءا من إبرام المعاهدات و إقامة التمثيل الدبلوماسي و إنشاء العلاقات التجارية و الثقافية و غيرها من العلاقات الدولية و انتهاءا بالدخول في حالة حرب مع دولة أو دول أجنبية و ذلك أن الدولة الاتحادية وحدها القادرة على التعامل مع العالم الخارجي و هي المخاطبة بقواعد القانون الدولي و هي وحدها تتحمل المسؤولية الدولية.
يظهر رعايا الدولة الاتحادية كشعب واحد يتمتع بجنسية موحدة أما انتمائهم إلى الدويلات الداخلة في الاتحاد فلا يعدو أن يكون مجرد رعوية أو مواطنة، و هذه المٌُوَاطنة لا تتعارض مع الجنسية الموحدة للدولة الاتحادية، فلا توجد إذن جنسية مزدوجة لرعايا الدولة الاتحادية في مفهوم القانون الدولي الخاص.
يقوم الاتحاد المركزي على إقليم موحد يمثل الكيان الجغرافي للدولة الاتحادية في مواجهة العالم الخارجي و يتكون من مجموع أقاليم الدويلات المكونة للإتحاد .


أسس الوحدة في الميدان الداخلي:
تتلخص أسس الوحدة في المجال الداخلي في وجود دستور اتحادي و في السلطة التشريعية الاتحادية و السلطة التنفيذية و أخيرا في السلطة القضائية الاتحادية
الدستور الاتحادي :
يحظى الدستور الاتحادي بمكانة هامة في دراسة الاتحاد المركزي لأنه يمثل حجر الزاوية و الأساس القانوني الذي تقوم عليه الدولة الاتحادية.
و تلزم الموافقة على مشروع الدستور الاتحادي من السلطة التأسيسية الأصلية في كل دولة من الدول الداخلة في الاتحاد بالإضافة إلى موافقة المجلس النيابي في كل دولة على معاهدة الاتحاد لكي يدخل الدستور حيز التنفيذ و ذلك في حالة قيام الاتحاد المركزي بين عدة دول موحدة .
أما في حالة تَكَوّن الاتحاد نتيجة تفكك دولة بسيطة إلى دولة اتحادية، فإن إجراءات وضع الدستور الاتحادي تكون أبسط بكثير من مثيلها في الحالة الأولى و بعد أن تقوم السلطة الاتحادية بإصدار الدستور الاتحادي تصبح جميع السلطات و الهيئات الاتحادية و سلطات الولاية ملزمة بهذا الدستور.
و يتميز الدستور الاتحادي بأنه دستور مكتوب، كما أنه دستور جامد غير مرن إذ لا يجوز تعديله بقانون عادي، و يرجع ذلك إلى الأهمية الكبيرة لهذا الدستور إذ أنه يتولى تحديد اختصاصات الحكومة المركزية و البرلمان الاتحادي و كذلك حكومات الولايات و لهذا فإن على جميع هذه الهيئات أن تحترم نصوصه دون ارتكاب أدنى مخالفة لها.
السلطة التشريعية الاتحادية :
تتكون السلطة التشريعية في الدولة الاتحادية من مجلسين، كقاعدة عامة ، المجلس الأول هو مجلس الشعب الذي يمثل الشعب في مجموعة و ينتخب نوابه بما يتناسب مع سكان كل ولاية بالاقتراع العام المباشر في كثير من الدول الاتحادية.
و ينتج عن ذلك أن ترسل كل ولاية عددا من النواب يختلف عن الولايات الأخرى فولاية ذات كثافة سكانية كبيرة كولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية ستبعث بعدد كبير من النواب بخلاف الولايات الصغيرة التي ستنتخب عددا محدودا منهم، و من الظاهر أن هذه المجالس تحقق الأمن و المساواة بين الأفراد الناخبين في حين أن الواقع يقر غير ذلك حيث يتم وقوع الدول الصغيرة تحت ضغط الولايات الكبيرة.
أما المجلس الثاني فهو مجلس الولايات و يتشكل من عدد متساوي من الممثلين لكل ولاية بصرف النظر على مساحتها أو ثقل سكانها أي أنه لا يتكون طبقا للمساواة بين الأفراد و إنما على أساس المساواة التامة بين ولايات الاتحاد.
أما عن سلطات المجلس فإننا نجد أنه في معظم الدول الاتحادية المعاصرة يتساوى مجلس الولايات ( المجلس الأعلى ) مع المجلس الشعبي ( المجلس الأدنى ) في السلطة التشريعية بحيث يشترط موافقة كل متهما على كل مشروعات القوانين الاتحادية قبل إصدارها.
السلطة التنفيذية الاتحادية :
تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس دولة و حكومة اتحادية، و نظرا لأن معظم الدول الاتحادية تأخذ بالنظام الجمهوري فإن رئيس الدولة ينتخب عن طريق شعب الدولة الاتحادية في مجموعة و تختلف الدول الاتحادية في الأساليب التي يتم بها تنفيذ القوانين و القرارات الاتحادية، هذه الأساليب هي :

- أسلوب الإدارة الغير مباشرة .

- أسلوب الإدارة المباشرة .

-أسلوب الإدارة المختلطة.

1- أسلوب الإدارة الغير مباشرة :
يعتمد هذا الأسلوب على الإدارة المختلفة للولايات لتنفيذ القوانين الاتحادية لأن الحكومة المركزية لم تنشئ إدارات محلية خاصة بها في الولايات لـتأمين تنفيذ هذه القوانين و هذا هو الأسلوب الذي اتبعه الدستور الألماني الصادر سنة 1871م و كذلك الدستور الصادر سنة 1919م، و يحقق هذا الأسلوب ميزة الاقتصاد في النفقات كما يحقق الانسجام بين الإدارة الاتحادية و إدارة الولايات و لكنه يؤدي في بعض الأحيان إلى التأخير في تطبيق القرارات نتيجة لتراضي الموظفين المحليين في التنفيذ.
2- أسلوب الإدارة المباشرة :
فلا يوجد فيه عيب أو تأخير أو القصور في تنفيذ القوانين الاتحادية و ذلك ـن الإدارة الاتحادية يكون لها إدارات في مختلف الولايات تتبعها و تأتمر بأوامرها دون أن تخضع لإدارة الولايات، و لكن نظرا لما يحتاجه هذا الأسلوب من نفقات مالية كبيرة فإننا نجده في البلدان الغنية فقط كالولايات المتحدة الأمريكية و ينتقد هذا الأسلوب بأنه يؤدي إلى تعقيد شديد في الجهاز الإداري و إلى وقوع تنافر بين الإدارة و الولايات.
3- أسلوب الإدارة المختلطة :
يقوم هذا الأسلوب على أساس إنشاء بعض الإدارات الاتحادية في الولايات لكي يقوم موظفو الدولة الاتحادية بتنفيذ بعض القوانين، على أن تتولى الولايات الأعضاء في الاتحاد مهمة تنفيذ القوانين الأخرى و هذا هو الأسلوب الذي طبق في النمسا دستور 1922م و في سويسرا أيضا.
السلطة القضائية الاتحادية :
تتولاها محكمة عليا اتحادية و قد يعاونها بعض المحاكم الاتحادية التي تتوزع في أنحاء الدولة الاتحادية و تتلخص مهمتها في الفصل في المنازعات التي تهم الدولة بصفة عامة، و فيما يثور بين الدولة الاتحادية و الولايات من خصومات و يعتبر وجود محكمة دستورية أمر ضروري في الدولة الاتحادية لمراقبة دستورية القوانين الاتحادية و القوانين التي تصدرها الولايات و يجوز للمحكمة أن تصدر أحكامها من ستة قضاة فقط يمثلون النصاب القانوني و يختار رئيس المحكمة العليا و أعضائها عن طريق رئيس الجمهورية من بين الشخصيات السياسية لمدى الحياة على أن تتم موافقة مجلس الشيوخ على هذا الاختيار.
جـ-مظاهر استقلال الولايات :
تستقل كل دويلة من الدويلات الأعضاء في الاتحاد المركزي بقدر كبير من الاستقلال الذاتي، إذ تختص كل منها بدستور و بحكومة خاصة و بمجلس نيابي و كذلك قضاء خاص يتولى تطبيق القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية لكل ولاية في النطاق الإقليمي لها.
- الدستور :
لكل دويلة عضو في الاتحاد المركزي الحق في أن يكون لها دستور خاص بها تتولى وضعه السلطة التأسيسية فيها بكامل الحرية و تملك حرية تعديله و كذلك دون أي قيد، إلا تلك القيود التي يفرضها الدستور الاتحادي على جميع الولايات كما رأينا.
- السلطة التشريعية :
يقوم سكان كل ولاية بانتخاب برلمانها لكي يتولى السلطة التشريعية فيها عن طريق سن القوانين الخاصة بالولايات و المنظمة للحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية فيها، و ذلك في الحدود الدستورية التي رسمها دستور الولاية و من فوقه الدستور الاتحادي.
- السلطة التنفيذية : تتولى المهام السياسية و الإدارية في كل ولاية حكومة خاصة بها، تعمل بصفة مستقلة عن الحكومة الاتحادية دون أن تخضع لأي نوع من الرقابة أو التوجه من جانب السلطة المركزية في العصمة الاتحادية.




- السلطة القضائية :
تنشئ كل ولاية محاكم خاصة بها تتولى تطبيق قوانينها و الفصل في النازعات التي تثور بين مواطنيها في النطاق الجغرافي لحدودها الإقليمية و ذلك بجوار القضاء الاتحادي، و هكذا يتبين لنا أن الدول الداخلة في الاتحاد المركزي و إن فقدت شخصيتها الدولية و سلطتها في النطاق الدولي فإنها تحتفظ بجزء كبير من هذه السلطات في الميدان الداخلي حيث يكون لكل منها سلطات تشريعية و تنفيذية و قضائية خاصة فضلا عن قيامها بالمشاركة – على قدم المساواة – في تكوين الهيئات و المؤسسات الاتحادية المختلفة التي تسير الأمور على مستوى الدولة الاتحادية في مجموعها.
د- توزيع الاختصاصات في الدولة الاتحادية الفدرالية :
يختلف توزيع الاختصاصات في الدولة الاتحادية الفدرالية بحسب ظروف كل دولة حيث يتخذ هذا التوزيع عدة أساليب :
1- حصر اختصاصات الحكومة الفدرالية بحيث تكون الصلاحيات الغير واردة في هذا الحصر من اختصاص الدول الأعضاء في الاتحاد الفدرالي و هو الأسلوب الأكثر انتشارا و هذا الفصل يكون بمقتضى الدستور الفدرالي .
2- حصر اختصاصات الحكومة الفدرالية بحيث تكون الصلاحيات الغير واردة في هذا الحصر من اختصاص الدول الأعضاء في الاتحاد الفدرالي و هو الأسلوب الأكثر انتشارا و هذا الفصل يكون بمقتضى الدستور الفدرالي .
3- تحديد الاختصاصات للحكومة المركزية و للدول الأعضاء في حال واحد
و يستلزم هذا الوضع إحداث هيئة تحدد الاختصاص في المسائل التي لم يحددها الدستور ة أيا كانت هذه الطريقة المتبعة في توزيع الصلاحيات بين السلطة الفدرالية و سلطات الدول الأعضاء في الاتحاد الفدرالي فإن الحكومة الفدرالية تختص بالمسائل الهامة في حيث تختص الحكومات المحلية بالمسائل ذات الطابع المحلي .
هـ-الفرق بين الاتحاد المركزي و اللامركزية الإدارية :
في هذا النطاق يتعرض فقه القانون العام عادة لدراسة الفوارق الأساسية بين الاتحاد المركزي أو اللامركزية السياسية و اللامركزية الإدارية و التي سنلخصها فيما يلي :
1-تتعلق اللامركزية السياسية بالنظام السياسي للاتحاد المركزي و توزيع السلطات بين الدولة الاتحادية و الولايات التي تعتبر وحدات سياسية تتمتع بالاستقلال الذاتي وبدستور خاص بها في حين تٌُعَبِرٌُ اللامركزية الإدارية عن نظام إداري يتم عن طريقة توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة الإدارية و المركزية و الهيئات المصلحية أو الإقليمية التي لا تعدو أن تكون وحدات إدارية بحتة .
2- تخضع المحافظات و الأقاليم في اللامركزية الإدارية لذات القوانين المطبقة في جميع أرجاء الدولة أما الولايات في الدولة الاتحادية فتتمتع بالحق في تطبيق قوانينها الخاصة التي سنتها سلطتها التشريعية المستقلة عن السلطة التشريعية الاتحادية .
و يمثل هذا الفارق المعيار الهام للتفرقة بين الدولة الاتحادية و الدولة الموحدة
3- تتمتع الدويلات الأعضاء في الاتحاد المركزي بسلطات تشريعية و تنفيذية و قضائية مستقلة عن الدولة الاتحادية، تمارسها دون أية رقابة أو وصاية طالما ظلت في الحدود التي رسمها لها الدستور الاتحادي، في حين تخضع الهيئات الإقليمية للوصاية من الحكومة المركزية في مباشرتها لاختصاصاتها الإدارية.
4- إذا كان الدستور الاتحادي في الاتحاد المركزي هو الذي يتولى مهمة توزيع الاختصاصات بين الدولة الاتحادية و الولايات بالطريقة التي تلائم ظروف و أوضاع كل دولة، فإن القانون العادي يضطلع بتشكيل الهيئات الإقليمية اللامركزية و يعدد اختصاصاتها الإدارية و كيفية و وسائل ممارسة هذه الاختصاصات .


و- تقدير الإتحاد المركزي :
في نهاية دراستنا للإتحاد المركزي يتعين علينا أن نبرز المزايا التي يحققها هذا النظام الذي انتشر بين دول العالم حتى أصبحت مساحة الدول الاتحادية تغطي الجزء الأكبر من الكرة الأرضية، و كذلك ما يوجه إلى هذا النظام من انتقادات.
مزايا الإتحاد المركزي :
1- يساعد على تكوين الدول الكبيرة التي تباشر سلطتها على مساحة جغرافية عريضة و يعد سكانها بعشرات الملايين، و إن لم يكونوا بالمئات كالولايات المتحدة الأمريكية أو الهند و الإتحاد الروسي.
2- يعمل الإتحاد المركزي – بحكم طبيعته – على التوفيق بين ما تحققه الوحدة الوطنية من مزايا عن طريق ما تتمتع به الدولة الاتحادية من سلطات عامة على جميع أجزاء الدولة و متطلبات الاستقلال الذاتي.
3- يمنح الاتحاد المركزي الفرصة لتجربة نظم سياسية متنوعة فتتضح مزايا و مثالب كل نظام، لكي تتمكن كل دويلة أو ولاية من الأخذ بالنظام الذي يبث صلاحيته في التطبيق العملي.
عيوب الإتحاد المركزي :
1- نشأة المنازعات و تثور الخلافات بين الدولة الاتحادية والدويلات الأعضاء بسبب اختلاف القوانين و التشريعات من ولاية إلى أخرى و قد يؤدي ذلك إلى ظهور مشكلات كبيرة تهدد وحدة الدولة ذاتها .
2- يحتاج هذا النظام إلى نفقات ضخمة بسبب تعدد الهيئات و التنظيمات.
3- فرض ضرائب متنوعة اتحادية و محلية على الأفراد مما يثقل كاهلهم.
4- يأخذ الاتحاد المركزي ضعف سيطرة الدولة الاتحادية على اقتصاديات الدولة و عدم قدرتها على توجيه هذا الاقتصاد لتحقيق أهداف قومية التي تضطلع بها مثلما هو سائد الآن في معظم الدول.
و لهذا يسود الاتجاه في الوقت الحاضر نحو توسع سلطات الدولة الاتحادية في المجالات الاقتصادية على حساب سلطات الولايات الأعضاء في هذه الإتحادات.
المطلب الثالث: الإتحادات الغير المنشئة لشخص دولي جديد
الفرع الأول: تعريف الإتحاد الشخصي و خصائصه :
الإتحاد الشخصي Union Personnelle، هو إتحاد دولتين أو أكثر في شخص رئيس الدولة، أي أن رئيس الدولة في دول الإتحاد يكون شخصا واحدا، و يكون ذلك العلامة الوحيدة على اتحاد هذه الدول. و لا يترتب على قيام الإتحاد الشخصي المساس بسيادة أي من الدولتين في الداخل أو الخارج. فمع أن رئيسا واحدا يتربع على هرم السلطة في الدولتين، إلا أن ذلك لا ينشئ اتحادا حقيقيا ما بين الدولتين. فتحتفظ كلتاهما بسيادتها الخارجية، و الداخلية بمعزل عن الأخرى، كما تظل كلتاهما دولة مستقلة تمام الاستقلال. و من كل هذا نستخلص أهم الإتحاد الشخصي :
1/- إذا كان المظهر الوحيد للإتحاد الشخصي يتمثل في خضوع الدول الداخلة في الإتحاد لرئاسة شخص واحد، فهذا يعني أن هذا الرئيس يمارس سلطاته بصفته رئيسا للإتحاد حينا، و بصفته رئيسا للدولة الأخرى حينا آخر، و يعني أن نفس الشخص الطبيعي تكون له شخصية قانونية مزدوجة أو متعددة بحسب عدد الدول الداخلة في الإتحاد.
2/- لا يتكون من الإتحاد الشخصي شخص دولي جديد، بل تظل لكل دولة شخصيتها الدولية الخاصة بها، و ينتج عن هذا استقلال كل دولة بسيادتها الخارجية و بممثليها الدبلوماسيين، و بمعاهداتها الخاصة مع الدول الأخرى. كما تستقل كل دولة بمسؤوليتها الدولية عن تصرفاتها القانونية، و فيما يتعلق بالعلاقات بين الدول التي يضمها الإتحاد الشخصي فإن رعايا كل دولة يعتبرون أجانب بالنسبة للدولة الأخرى. و إذا قامت الحرب بين دولة عضو في الإتحاد و دولة أجنبية فإن الدول الأخرى الأعضاء في الإتحاد تبقى على حياد، و إن كانت حرب بين دولتين في الإتحاد فإنها تعتبر دولية لا أهلية.


3/- تحتفظ كل دولة بنظامها السياسي في الداخل، و لا يتأثر نظام الحكم فيها بقيام الإتحاد الشخصي، و لهذا لا يشترط وجود تماثل بين أنظمة السياسية في الدول الداخلة، بل كثيرا ما يختلف نظام كل دولة اختلافا بينيا عن نظام الدول الأخرى الأعضاء، فقد يقوم الإتحاد الشخصي بين دولة تأخذ بالنظام الملكي البرلماني و أخرى تخضع للملكية المطلقة، كما حدث في الإتحاد الشخصي بين بلجيكا و الكونغو الذي استمر قائما في الفترة من سنة 1885 إلى سنة 1908 في شخص الملك ليوبولد الثاني.
فالإتحاد الشخصي أضعف الإتحادات و أوهنها، ولا يعتمد في قيامه على أسس قوية، و لهذا فسرعان ما ينقسم و يحل، و يزول بزوال الأسباب التي أدت إلى قيامه.
الفرع الثاني: كيفية حدوثا الإتحاد الشخصي و أمثلته
يحدث الإتحاد الشخصي بوسيلتين:
الوسيلة الأولى: وهي الأكثر حدوثا، وهذا عن طريق اجتماع دولتين تحت عرش واحد نتيجة اجتماع حق الوراثة في الدولتين في أسرة واحدة. و لا يتصور وقوعها إلا بين دول تخضع للنظام الوراثي في الحكم. و من أمثلته ذلك الإتحاد الشخصي الذي حدث بين إنجلترا و هانوفر سنة 1714، عندما تولى أمير هانوفر عرش إنجلترا عن طريق الوراثة، و انتهى في سنة 1837 نتيجة اعتلاء الملكة فكتوريا عرش إنجلترا، لأن قانون توارث العرش في هانوفر لم يسمح بتولي الإناث العرش إلا عند انعدام الذكور. و كظلك الإتحاد الذي حدث بين هولندة و للوكسمبورغ سنة 1815، بتولي ملك هولندة الحكم في للوكسمبورغ، و انتهى سنة1890 لذات السبب الذي انتهى به اتحاد إنجلترا و هانوفر، عندما تولت الملكة ولهلمينا عرش هولندة و لم يكن قانون للوكسمبورغ يسمح بتولي الإناث العرش في ذلك الوقت.
الوسيلة الثانية: عن طريق الاتفاق بين دولتين أو أكثر على قيام الإتحاد الشخصي فيما بينهما و يكون بين دول ملكية أو بين دول ذات نظام جمهوري و يسمى الإتحاد في هذه الحالةUnion Monarchique . وقد حدث بين دولتين ملكيتين هما بولندة و ليتوانيا سنة 1316 عندما تزوج دوق ليتوانيا من ملكة بولندة، ثم تحول هذا الإتحاد إلى إتحاد حقيقي بتوقيع معاهدة لوبان سنة 1569. وتم الإتحاد الشخصي بين عدة جمهوريات عندما انتخب سيمون بوليفار رئيسا لجمهورية البيرو عام 1813 و كولومبيا 1814 و فنزويلا 1816.
و حدث اتحاد شخصي بين إيطاليا و ألبانيا سنة 1939 نتيجة احتلال الأولى للثانية تحت ضغط من إيطاليا في شخص ملكها فكتور إيمانويل. و استمر هذا الإتحاد أربع سنوات و نصف إلى غاية انهزام إيطاليا في الحرب العالمية الثانية، فألغي هذا الإتحاد في أكتوبر 1943.
الفرع الثالث: تعريف الإتحاد الاستقلالي و خصائصه
هو عبارة عن اتحاد تعاهدي بين عدد من الدول يتمثل بوجود هيئة دبلوماسية أو حكومية تدير شؤون الإتحاد. و من أمثلته التاريخية، اتحاد المدن اليونانية و كنفدرالية المدن اللاتينية في عهد الإمبراطورية الرومانية. ويتم هذا الإتحاد مع احتفاظ كل دولة باستقلالها الخارجي و بقاء نظمها الداخلية دون تغيير، حيث يقوم الإتحاد التعاهدي نتيجة اتفاق بين دولتين أو أكثر، يتضمن شروطا تحد أهدافه و تنظم إنشاءه و تعين هيئاته. و المعاهدة الدولية هي الرابط القانوني بين الدول المتحالفة كنفدراليا، و لذلك فأن العلاقة بين هذه الدول هي علاقة تعاقدية.
ويتميز الإتحاد الكنفدرالي بثلاثة خصائص:
الصفة الدبلوماسية: فالهيئة التي تدير الإتحاد تمثل الدول المتحالفة و ليس الشعوب، و الصلاحيات التي تمارسها هذه الهيئة هي صلاحيات محدودة و مرتبطة بتوفر قاعدة الإجماع.
فقدان صلاحية التنفيذ المباشر: فالقرارات التي تتخذها الهيئة التي تدير الإتحاد الكنفدرالي لا تطبق على شعوب الدول المتحالفة إلا بعد موافقة الحكومات المعنية.


احتفاظ الدول المتحالفة بكامل سيادتها: فالدول المتحالفة تبقى سيدة تستطيع الانسحاب من الإتحاد التعاهدي متى تشاء ذلك، كما أنها تحتفظ بكامل مؤسساتها من حكومة و جيش و إدارة و علاقات دبلوماسية و خارجية.
الفرع الرابع: كيفية تنظيم الإتحاد التعاهدي و تطبيقاته
تولى التنسيق بين دول الإتحاد هيئة سياسية مشتركة، قد تكون مؤتمرا Congres أو جمعية Diète أو مجلسا Conseil. تتكون من مندوبين يمثلون دول الإتحاد، وتقوم هذه الهيئة بمهمة استشارية وذلك لتحديد السياسة المشتركة للدول الأعضاء عن طريق التوصيات التي تصدرها، و التي لابد من موافقة الدول الأعضاء عليها قبل تنفيذها. و لهذا لا تعتبر هذه الهيئة دولة مركزية للدول الأعضاء أو حكومة فوق حكوماتها أو شخصا دوليا قائما بذاته، وليس لها أي سلطان على رعايا الدول المكونة للإتحاد. و تتكون هذه الهيئة على أساس المساواة التامة و التوازن الدقيق بين الدول الأعضاء، حيث يمثل كل دولة عدد متساو من الممثلين. إذ تقف جميع الدول الأعضاء على قدم المساواة في هذا التمثيل بصرف النظر الاختلاف من حيث القوة أو المساحة أو عدد السكان. وهذا يعتبر نوعا من الديمقراطية بين الدول الأعضاء في الإتحاد التعاهدي. ولكل دولة من دول الإتحاد حق الانفصال Droit de Sécession عن الإتحاد إذا ما رأت أن مصلحتها تقتضي ذلك، و هو حق ثابت لكل دولة من دول الإتحاد التعاهدي ولو لم ينص عليه في المعاهدة، إذن فالدول الداخلة في الإتحاد التعاهدي تحتفظ بكامل استقلالها و سيادتها دون نقصان، وينتج عن ذلك ما يلي:
1/- لكل دولة الحق في تصريف شؤونها الخارجية استقلالا عن بقية الأعضاء، و أن الحرب التي تقع بين إحدى الدول في الإتحاد و دولة أجنبية لا تعتبر حربا بين دول الإتحاد جميعا وهذه الدولة، كما أن الحرب التي تنشب بين هذه الدول تعتبر حربا دولية لا أهلية.
2/- تحتفظ كل دولة بنظامها السياسي الداخلي و برئيسها الخاص، و ليس لها الحق في الضغط على بقية دول الإتحاد لكي تأخذ بنظامها السياسي الداخلي لأن هذا يتنافى مع طبيعة الإتحاد التعاهدي.
3/- يظل رعايا كل دولة من دول الإتحاد محتفظين بجنسيتهم الخاصة، لأن العلاقة بين الدول المتعاهدة تكون بين حكوماتها فقط، إذ أنه لا يوجد إقليم مشترك يجمع سكان الدول الأعضاء، حيث تظل كل دولة محتفظة بحدودها الدولية المعترف بها من قبل، كما أنه لا يوجد أي تنظيم تشريعي أو قضائي له اختصاص على مجموع سكان الدول الأعضاء.
ومن أمثلة الإتحاد التعاهدي الناجحة:
الإتحاد السويسري la Confédération Helvétique:
الذي وقع في القرن 13م بين ثلاث مقاطعات شكلت الإتحاد السويسري ليشمل بعد ذلك 13 مقاطعة في القرن 17م بمقتضى معاهدة وستفاليا سنة 1648. و أثناء الثورة الفرنسية فرضت الحكومة الجمهورية على سويسرا تكوين دولة بسيطة بمقتضى دستور 1798، ثم أعاد نابليون سويسرا إلى ما كانت عليه سابقا و زاد عدد المقاطعات إلى 19 مقاطعة ثم 22 مقاطعة في اتفاقية سنة 1815، إلى غاية اندلاع حرب قصيرة الأمد بين المقاطعات الشمالية والجنوبية في سنة 1848، حيث حاولت هذه الأخيرة الانفصال غير أن هزيمتها قادت إلى تحول هذا الإتحاد إلى اتحاد مركزي، و دعم الإتحاد المركزي فيما بعد بإجراءات دستورية عززت سلطة الحكومة المركزية و هذا في عام 1957.
الإتحاد الأمريكي la Confédération Américaine:
حيث نشأ بين 13 مستعمرة إنجليزية في أمريكا الشمالية سنة 1776 لمواجهة إنجلترا قصد استقلال هذه المستعمرات، وتم توحيد الجهود السياسية و العسكرية بعد 13 مؤتمرا مشتركا وتم تنسيق علاقاتها مع الدول الأجنبية، مع احتفاظ كل ولاية باستقلالها و سيادتها و نظامها الداخلي و كافة حقوقها في مواجهة الولايات الأخرى. و بعد انتهاء الحرب التحريرية غلب الاتجاه الاتحادي في مؤتمر فيلادلفيا في ماي 1787، فصدر الدستور الاتحادي للولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر من نفس السنة.

الإتحاد الجرماني la Confédération Germanique:
حيث أنشأت معاهدة فيينا سنة 1815 هذا الإتحاد و أصبحت الجمعية مختصة في إبرام المعاهدات الدولية و اتخاذ القرارات المتعلقة بالحرب و السلم. و تفكك هذا الاتحاد في معاهدة براغ سنة 1866 بعد نشوب الحرب بين النمسا و بروسيا و انتصار هذه الأخيرة، فحل مكان هذا الاتحاد اتحاد دول ألمانيا الشمالية سنة 1868، ثم تحول إلى اتحاد مركزي بزعامة بروسيا في أعقاب الحرب السبعينية التي انتصرت فيها بروسيا على فرنسا.
و من أمثلته الفاشلة:
-اتحاد جمهوريات أمريكا الوسطى الذي قام سنة 1866، وانحل نتيجة لانفصال الهندوراس و نيكاراغوا و السلفادور.
-اتحاد الولايات العربية المتحدة عام 1958 بين الجمهورية العربية المتحدة ( سوريا و مصر) و المملكة اليمنية و باقي الأقاليم العربية الراغبة في الانضمام إلى هذا الاتحاد.
-الاتحاد العربي الإفريقي بين الجماهيرية الليبية و المغرب في 13 أوت 1984.
-اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر، ليبيا، سوريا في 17 أفريل 1971 بمقتضى إعلان بنغازي.
-اتحاد المغرب العربي بين الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا، موريتانيا سنة 1989.
-اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي بين الكويت، السعودية، البحرين، قطر، الإمارات، عمان سنة 1981.

الخاتمة:
إن الصيغة الفدرالية قد أثبتت نجاحها، فقد لجأت إليها العديد من الدول، و من المؤسف أننا نحن العرب لم نتجه نحوها، أو نجربها بعملية لنطورها وفق ظروفنا، فنحن أمة واحدة خالية من التنوعات العرقية و الدينية والثقافية و الحضارية الكبيرة، مما توجب علينا أن نوحد دولتنا البسيطة، لكن ذلك قد لا تسمح به الظروف السياسية العربية و الدولية، و قد تعيقه برأي البعض المساحة الشاسعة و التعداد الكبير، و قد تقف ضده الإرادة السياسية الفطرية الضعيفة
. حث في نظرية سيادة الامة و سيادة الشعب و تطبيقاتها على الدستور الجزائري
المطلب الأول : مفهوم السيادة للدولة

الفرع الأول : المقصود بسيادة الدولة

الفرع الثاني : خصائص سيادة الدولة

الفرع الثالث: مظاهر السيادة

المطلب الثاني : نظريات سيادة في الدولة

الفرع الأول : نظرية سيادة الحاكم و سيادة الأمة

الفرع الثاني : نظرية سيادة الأمة

الفرع الثالث : تطبيق النظريتين في الدستور الجزائري

المطلب الأول : مفهوم السيادة للدولة

الفرع الأول : المقصود بسيادة الدولة

معنى كلمت السيادة اللغوي " الأعلى" 1 .

لقد اتخذت السيادة في البداية مفهوما سياسيا ثم قانوننا، و لقد عرفها

الفقيه جون بودان (1530-1596) بالاستقلال المطلق و عدم التبعية سواء في

الداخل أو الخارج ، و كان الهدف آنذاك و خاصة في فرنسا هو تحقيق

الاستقلالية من الكنيسة و الإمبراطورية من جهة كذالك ، أما المفهوم

القانوني للسيادة فيعني ملك السلطات الحكومية و ممارستها من قبل الدولة 2

، تعرق كذلك بأنها المباشرة الداخلية و الخارجية لاختصاصات السلطة الحاكمة

3.

الفرع الثاني : خصائص سيادة الدولة

للسيادة خصائص هي

أولا: سلطة شاملة و قائمة على أساس القانون لأنها تسمح للقائمين على الحكم بسن قواعد قانونية ملزمة 4 و تطبق على جميع الموطنين

ثانيا: سلطة أصلية ذاتية و لا تخضع لأي سلطة أخرى مهما كانت5 ولا يمكن التنازل عنها و لا يمكن تجزئتها





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

1 أنظر : د. فوزي أوصديق، المرجع السابق، ص 148

2 أنظر : أ. حسين بوديار، الوجيز في القانون الدستوري، طبعة 2003، دار العلوم للنشر و التوزيع، عنابة الجزائر، ص 51

3 أنظر : د. عمر سعد الله، د. أحمد بن ناصر ، المرجع السابق ، ص 81

4 أنظر : أ. حسين بوديار، المرجع السابق، ص 52

5 أنظر : المرجع نفسه، و الصفحة نفسها



ثالثا: سلطة عليا و مطلقة و لا توجد سلطة أخرى مساوية أو اعلي منها 1

الفرع الثالث: مظاهر السيادة

أولا: السيادة القانون و السيادة السياسية 2

1. السيادة القانونية معناها سلطة الدولة في إصدار القوانين و تنفيذها

2. السيادة السياسية فالشعب هو صاحب السيادة السياسية و هو الذي يتولى اختيار المسيرين للدولة و ممارسة السيادة القانونية

ثانيا: السلطة الداخلية و السلطة الخارجية 3

1. السلطة الداخلية وهو أن تبسط السلطة السياسية سلطاتها على إقليم الدولة. بحيث تكون هي السلطة الآمرة التي تتمتع بالقرار النهائي.

2. السلطة الخارجية يعني استقلالية الدولة وعدم خضوعها لدولة أخرى .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



1 أنظر : أ. حسين بوديار، المرجع السابق، ص 52

2 أنظر : د. فوزي أوصديق، ، المرجع السابق ،ص 156

3 أنظر : المرجع نفسه، ص 157

المطلب الثاني : نظريات سيادة في الدولة

أي من هو صاحب السيادة في الواقع ؟ وللإجابة على هذا الإشكال ظهرة عدة اتجاهات

الفرع الأول : نظرية سيادة الحاكم

حتى أواخر القرن 18 م كان يعتقد بأن السيادة تعود للحاكم (الملك)و هي

سيادة مطلقة و ساد الخلط آنذاك بين السلطة السياسية و شخص الملك و بعد

ظهور المبادئ الديمقراطية في العصر الحديث انقسم الفقهاء إلى اتجاهين

،اتجاه يحدد صاحب السيادة في الأمة و اتجاه يحدد صاحب السيادة في الشعب1

الفرع الثاني : نظرية سيادة الأمة

هذه النظرية تعتبر أن السيادة ليست للحاكم و إنما للأمة 2 تنتسب نظرية

سيادة الأمة إلى جون جاك روسو في كتابه الشهير "العقد الاجتماعي" على مبدأ

سيادة الإرادة العامة التي نشأت بالعقد الاجتماعي و هذه الإرادة العامة

ليست حاصل جمع الإرادات الجزئية للأفراد و لكن إرادة الكائن الجماعي قيل

بأن السيادة وحدة واحدة لا تتجزأ أو غير قابلة للتصرف فيها أو التنازل

عنها فهي ملك الأمة وحدها ، وقد اعتنقت الثورة الفرنسية هذه الفكرة و

حولتها إلى مبدأ دستوري إذ نص إعلان حقوق الإنسان و المواطن سنة 1789 على

أن الأمة مصدر كل سيادة3 ، و يترتب على هذه النظرية نتائج منها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

1 أنظر : أ. حسين بوديار، المرجع السابق، ص 53

2 أنظر : د. سعيد بوالشعير المرجع السابق، ص 106

3 أنظر : د. فوزي أوصديق، ، المرجع السابق ،ص 158 إلى غاية 161



1. تنج النظام النيابي التقليدي و هذا عند الأحد بعدم التجزئة السيادة.

2. الانتخاب وظيفة وليس حقا و الأخذ بالاقتراع المقيد .

3. النائب ممثل للأمة و التنكر لمفهوم الوكالة الإلزامية . 1

و لقد تم نقد هذه النظرية و منها :

إن اعتبار الأمة وحدة واحدة مستقلة عن أفرادها المكونين لها يؤدي لاعتراف

لها بالشخصية المعنوية وبالتالي إلى قيام شخصين معنويين يتشاركان على

إقليم واحد وهما الدولة والأمة .

الأخذ بنظرية سيادة الأمة يؤدي إلى الاستبداد لأن السيادة مطلقة

إن مبدأ سيادة الأمة استنفذ أغراضه لا توجد حاجة في الوقت الحاضر للأخذ بهذه النظرية 2

الفرع الثالث : نظرية سيادة الشعب

تعترف هذه النضرية بالسيادة للشعب باعتباره مكون من أفراد ولدوا أحرار و

متساوين بحيث تنقسم بينهم السيادة و يشكل متساوي و يقصد هنا الشعب السياسي

و ليس الاجتماعي . 3

و من النتائج المترتبة علي سيادة الشعب

الانتخاب حق و ليس وضيفة لأن المواطن له جزء من السيادة و هو حق عام لكل الشعب السيادي

1 أنظر : د. فوزي أوصديق، ، المرجع السابق ،ص 162 ، 163

2 أنظر : أ. حسين بوديار، المرجع السابق، ص 54

3 أنظر : المرجع نفسه، و الصفحة نفسها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

تتناسب هذه النظرية مع الديمقراطية المباشرة على عكس نظرية سيادة الأمة التي تتناسب مع الديمقراطية النيابية

و أنها لا تتماشى إلى مع النظام الجمهوري

القانون وفقا لنظرية سيادة الشعب يعد تعبير عن إرادة الأغلبية و على القلية الإذعان له. 3

و تنقد هذه النظرية على النحو التالي