منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مذكرات مادة الفلسفة مجانا
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-10-27, 12:33   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

مذكرة درس: في العلوم التجريبية والعلوم البيولوجية.
المستوى :
الحجم الساعي :
الكفاءة الختامية : ممارسة التأمل الفلسفي في القضايا التي تتعلق بفلسفة العلوم

المضاميــــــــــــــــن
مقدمـــــــــــــــــةطرح المشكلة):
إن المعارف التي تطمح إلى تطبيق المنهج التجريبي،لا شك في أنها تسعى من وراء ذلك إلى الإلتحاق بركب العلوم و بلوغ مراتبه،وهو المنهج الذي إستخدمته أصلا،العلوم التجريبية في المادة الجامدة كالفيزياء والكيمياء والذي كان وراء نجاحها و ازدهارها. و ليس بالغريب إذا كانت العلوم المبتدئة كعلوم الحياة و البيولوجيا، تحاول استثمار خبرات العوم السالفة وتقليدها في تطبيق المنهج العلمي. لكن المشكلة المطروحة : إذا لم يتم إستخدام المنهج إستخداما صارما – وهذا إحتمال وارد – فهل يرتجى الحصول على نتائج دقيقة؟ وإذا تم تطبيقه،في كل الدراسات بما فيها دراسة الظاهرة البيولوجية،فهل يبقى من إعتبار لخصوصية الموضوع المدروس؟
1- كيف نسلم بأن التجربة هي مقياس الأساسي الذي يجعل العلم علمًا؟
أولا : إستقلال العلم عن الفلسفة: تم استقلال العلم عن الفلسفة يوم أعرض الباحثون عن طرح المسائل الميتافيزيقية والتجرد لدراسة الظواهر التي تقع تحت المشاهدة والإعراض عن منطق الأهواء وتبني المنهج التجريبي،وبدأ ت المطالبة بالاستقلال على يد "كوبرنيك" و"كبلر" و"غاليلي" وتجسدت بأكثر بوضوح بوضع "فرانسيس بيكون" أسس المنهج التجريبي الحديث.
ثانيا: خطوات المنهج التجريبي :
:يتألف المنهج التجريبي من ثلاثة خطوات أساسية الملاحظة والفرض والتجريب :
1- الملاحظة:والمقصود بها ليست مجرد مشاهدة. وإنما هي الاتصال بعالم الأشياء
عن طريق الحواس وتوجيه الانتباه إلى ظواهر معينة،كما تعني مشاهدة الظواهر و مراقبتها بالذهن والحواس على ما هي عليه بالذات.
2- الفرضية : وهي التفسير المؤقت الظاهرة المبحوثة فالعالم ومن أجل فهم الظواهر لا يكتفي بملاحظتها وإنما يتعدى ذلك إلى البحث عن القانون أو العلاقات الثابتة بين الأشياء وما القانون إلا فرضية أثبتت التجربة صحتها.
3- التجربة هي الخطوة الأخيرة في مسار المنهج العلمي،وتتمثل على مجمل الترتيبات العملية التي يعدها المجرب قصد تقرير الفرضيات لتبنيها في حالة صدقها أو رفضها في حالة كذبها،أو تهذبيها في حالة تشخيص المجرب خطئها وهي تقوم على عمليتين :- التجربة العملية أو ما يسميه "كلود برنار"بالتجريب " و الاستدلال التجريبي أي حوصلة وما يترتب من نتائج من أجل تدوين قانون يفسر الوقائع ويسهل السيطرة عليها لصالح الإنسان.
ثالثا : معني التجربة بمفهومها الأوسع:إذا كانت التجربة هي الخطوة التي تستوعب المراحل السابقة من الملاحظة والفرض من أجل تدوين دستور العلاقات الثابتة بين الظواهر،من أجل التنبؤ بحركات الظواهر وتسخيرها لخدمة الإنسان .بحيث يقول كلود برنار إن التجريب هو الوسيلة الوحيدة التي نمتلكها لنتطلع على طبيعة الأشياء التي هي خارجة عنا )، لكن من جهة أخرى المنهج التجريبي يعد المحك الفصل في الحكم على مدى إلتحاق مساعي الأبحاث العلمية بمصف العلوم.
كما أنه لايمكن أن نعتبر أنها المقياس الفصل في الحكم على مدى التحاق مساعي الأبحاث العلمية بمصف العلوم،لذلك وجب أن نفهم التجربة بمفهومها الذي قد ينمو ويتهذب مع تنوع ميادين البحث حسب حقوله،ومن هنا وجب أن نقول أن التجربة في مفهومها العلمي تنمو وتتقو لب مع طبيعة الموضوع ومن أمثلة ذلك،أن إجراء التجربة يختلف من عالم الفلك على عالم البيولوجيا إلى عالم النفساني ....
2- إذا كان الأمر كذلك ،فهل العلوم التجريبية تحترم هذا المقياس ؟وهل ما نستخلصه من نتائج يمكن وصفه بالدقة ؟
تتنوع العلوم وتختلف على اختلاف طبيعتها وموضوعها ومقتظيات العمل الميداني في دراستها وكل هذا من شأنه أن يؤثر على مدى تطابق المبدأ المنهجي ومدى مصداقية نتائجه.
أولا : أصناف العلوم :يمكن تصنيف العلوم التجريبية والعلوم القريبة منها إلى ثلاثة أنواع :
- علوم المادة الجامدة:وتتناول ظواهر المادة الجامدة كما هو الحال الفيزياء والكيمياء وعلم الفلك والجيولوجيا....
- علوم المادة الحية:وتتناول ظواهر الطبيعة الحية كما هو الحال البيولوجيا وما تفرع عنها من علم النبات والحيوان والبشر.
- العلوم الإنسانية:وتتناول أحوال الناس متفردا وجماعة .أي من حيث أنه يشعر ويفكر وينفعل ويريد وأنه كائن إجتماعي وتاريخي وهذه الأخيرة تعاني على غرار سابقتها معانات منهجية على الرغم من تسليمه بأهمية المنهج التجريبي العلمي .
ثانيا : تتشكل التجربة حسب طبيعة الموضوع في الزمرة الواحـــــــــــــدة : إن الباحث يدرك فائدة المنهج العلمي كمبدأ فطري للوصول بالمعرفة إلى طابعها العلمي هو الإدراك والفهم الذي يسهل له تطبيق المنهج تطبيق كاملا أو بتكيف خطواته على مقياس الأهداف المرسومة،وهذا يعني أن المنهج العلمي منهج طيع ولين يساعد على فهم الموضوع فهما موضوعيًا وذلك حسب ما تمليه طبيعة الموضوع المبحوث وهذا من شأنه أن يوسع دائرة وقدرة الاستيعاب لأكبر قدر ممكن من العلوم المختلفة بحيث قد يستغني الباحث عن خطوة من خطوات المنهج كالملاحظة مثلا بحيث يستبدلها بغيرها تماشيًا مع طبيعة الموضوع ،فيتعين عليه الاستدلال عندما تكون المشاهدة عصية،مثلما هو الحال في معرفة مركز الأرض أو رؤية الشمس في مختلف أوقاتها خاصة في الصيف زوالا،فهنا ينظر إلى الآثار التي تتركها هذه الظواهر وبهذا الشكل يمكن القول بأن مفهوم التجربة وحتى وإن هناك تميز إنما هو تميز نظري أو يكون لأغرض منهجية .
ثالثا : وحتى مع إحترام الـمنهج التـــــــــجريبي،فإن نتائجها ليست مطلقة ولا دقيقة :
أ- يمكن التماس هذه النتائج بوجه خاص ،على مستوى التنبؤ بالمستقبل و التحكم في الظواهر، فمن المستحيل نظريا،التنبؤ بالمستقبل لأن المنهج العلمي يقوم على أساس الإستقراء الناقص أي أن من خلال الظواهر الجزئية نحكم على الكل ، وقد ألح فلاسفة العلوم على الصفة الترجيحية و الإحتمالية و أقروا أنه ليس يقينا كما في المنطق و الرياضيات،ويشهد على هذا الأمر ما حدث لرواد الفضاء عند نزولهم إلى سطح القمر إذا أخطوا هدفهم ببضع عشرات المترات،وكما يقع أيضا لأهل الأحوال الجوية حيث تأتى الأحوال بغير ما يتنبؤون.
ب- أما عن أسباب هذه النتائج ، فيمكن تلخيصها في النقاط التالية :
**الإضطرار إلى الإنطلاق من مقدمات غير مؤكدة: فجون ستيوارت مل يعتقد بأن بعض الظواهر تعقب وسوف تعقب بعض ظواهر الأخرى فالمتقدم هو سبب أو علة، والثابت الذي يتلو يسمى نتيجة . والحق أن ليس كل متقدم سببا،فالليل يسبق النهار ولا يمكن القول بأن الليل سبب حدوث النهار،لأن سبب حدوث النهار هو إشراق الشمس.
ولكن البحث عن الظاهرة التي تسبق ظاهرة أخرى بصفة دائمة،هو مطلب عملي : فإذا قلنا بأن الحرارة تسبق تمدد المعادن، فنحن هنا نربط بين الحرارة والتمدد بشكل سبب و مسبب لفائدة عملية وهي الحصول على التمدد.أما العلم الحديث فإنه لا يقصد إلى أي الظواهر سابق و أيها لاحق؛و إنما يقصد إلى القانون،وهو تفسير حتمي للظواهر.
لقد بين ماكس بلانك بنظريته المعروفة بالكوانتا أي الكمات أن الذرة لا تصدر طاقتها بصفة منتظمة أو متصلة ،و إنما تصدرها بصفة انفصالية أو بصدمات، ولقد توصل العلماء بعده في الميدان الفيزيائي إلى أنه يستحيل تعيين موقع دقيق للذرة أو سرعتها معا ضبطا دقيقا مباشر،ويؤكد فرنر هيزنبرغ أن الضبط الحتمي الذي تؤكد عليه العلية و قوانينها غير ممكن في الفيزياء الذرية أو الميكروفيزياء.
** تغير عالم الأشياء المستمر،على الرغم من التسليم بمبدأي الحتمية و الإطراد: ثم إن القول بعودة العلة نفسها تستتبع عودة النتيجة نفسها لقول قاصر ، لأنه لا تكرار في ظواهر الطبيعة. فالعلة نفسها لا تتكرر أبدا والنتيجة نفسها لا تتكرر أبدا ، فالظواهر الطبيعية وحيدة وفريدة حتى وإن تشابهت.فهي تحدث مرة واحدة وتمضي بلا عودة.
يذهب هيرقليطس إلى أن الصيرورة هي جوهر الكون وحقيقته،فلا شيء يدوم على حال معينة لحظتين متتابعتين،وأن البقاء الذي ننسبه للأشياء هو خداع بصري، فقد نظن أن الموجة تظل هي ذاتها لكن في الحقيقة إن هناك إختلاف في الماء الذي تتكون منه كل موجة،ولهذا شبه هيرقليطس الحياة كلها بما فيها عالم الأشياء ،بالنهر الذي نراه من بعيد هادئا، ولكنه أبدا متحرك نحو مصبه.
** عدم خصوصية العلم التجريبي:فالطريقة التجربة يجب أن تتماشى مع طبيعة الموضوع المدروس ولا يجب الإعتقاد بأن التجربة المعمول بها في الفيزياء هي النموذج المثالي الذي يجب أن يحتذي به كل علم.فالمنهج العلمي إذن قابـل للنمو و النضوج .

** قصور أدوات الباحث المستعملة في إجراء التجربة:فالتجارب ولكي تكون دقيقة تحتاج إلى جملة من الوسائل والتجهيز سواء في الملاحظة أو التجريب، ولهذا فإن العلماء يقعون في أخطاء نتيجة قلة الوسائل،وحتى إن وجدت تدفعنا فلسفة العلوم تدفعنا إلى القول بأن الطريقة العلمية قد يكون فيها خلل على مستوى قدم الوسائل أو ضعف صيانتها أو على مستوى الحواس ومصداقيتها أو في مستوى ظروف التجربة المكانية و الزمانية.
3- ثم ما هي مخاطر إستخدام هذا المقياس في العلوم الحية،وكيف يتم تجاوزها؟
إن المنهج التجريبي الذي وضعه العلماء من أجل دراسة عالم الأشياء الجامدة واجه تطبيقه في عالم الأشياء الحية عوائق جمة وعقبات معتبرة . فما هي هذه العوائق والعقبات،وكيف يمكن إقتحامها ؟ وما هي الحكمة الفلسفية من ذلك ؟.
أولا: عوائق تطبيق المنهج التجريبي في هذه العلوم :
أ- تصطدم البيولوجيا أمام المنهاج التجريبي ،بعقبات شتى،يمكن ردها إلى أربع:
1 - تتمثل العقبة الأولى في طبيعة الموضوع"إن موضوع الذي تعني بدراسته البيولوجيا يختلف عن الموضوع الذي تدرسه المادة الجامدة وذلك لأن الموضوع البيولوجي كائن حي ،كل جزء فيه تابع للكل ولكل الأجزاء الأخرى.بينما لا تشكل المادة الجامدة أي وحدة متعاضدة تحافظ على تماسكها،فهي ليست فردية بحيث لو وقع تدمير جزء منها،إستحال تعويضه،و المادة الحية إذا قمنا بعملية الفصل أي فصل عضو عن باقي العضوية فإننا سنحدث خلل في عمل العضوية أي أن أعضاء المادة الحية تشكل وحدة متكاملة لا تقبل الفصل أو التفكيك،يقول كـــوفيي:«إن سائر أجزاء الجسم الحي مرتبطة فيما بينها،فهي لا تستطيع الحركة إلا بمقدار ما تتحرك كلها معا،و الرغبة في فصل جزء من الكتلة معناه نقله إلى نظام الذوات الميتة و معناه تبديل ماهيته تبديلا كاملا ».
2- وتتمثل العقبة الثانية في تصنيف الحوادث : فظواهر المادة الحية ليس من السهل تصنيفها مثل ظواهر المادة الجامدة مثل ما هو فيزيائي أو كيميائي أو فلكي .....إلخ،وذلك لأن كل كائن حي ينطوي على خصوصيات ينفرد بها دون غيره،وكل محاولة للتصنيف تقضي على الفردية عند الكائنات الحية،فتصنيف الحيوانات تصنيفا مورفولوجيا (أي من حيث الهيئة الشكلية)،أو إلى نافعة و ضارة أو حسب إرتفاعها و حجمها، هو عمل مصطنع يشوه طبيعة الموضوع،ويشوش نتائج البحث.
3- وتتمثل الصعوبة الثالثة في تعميم النتائج فالنتائج المتوصل إليها لا يمكن تعميمها لأن الكائنات الحية عموما لا تكون هي هي مع أنواع أخرى.
4- العقبة الأخيرة تتمثل في مصداقية التجريب فالكائن الحي لا يكون هو هو إلا في محيطه الأصلي الطبيعي، ونقله إلى محيط إصطناعي يؤدي إلا تغير سلوكه إضطرابه،مثل إستئصال العين أو الغدة النخامية وخاصة مع وجود مفعول المخدر.
ب-ولقد وجد بعض المفكرين في هذه العقبات مبررات لمعارضة تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية، وأضافوا عقبة أخرى تتمثل في العفوية الحرة التي تتمتع بها الكائنات الحية إذ يسلمون بإن هناك قوة حيوية تحرك سائر حوادث الحياة أي كأنها بمثابة قوة باطنية مستقلة تتحكم في أفعال هذه الحوادث.
ثانيا: إقتحام العوائـــــق:
لكن رغم هذه العوائق فإن الإنسان لم يتوقف فضوله عن محاولة كشف النقاب عن الكائنات الحية منذ القدم و إستعملت في ذلك أساليب معلنة و أخرى تحت ستار الكتمان وهي أساليب تقنية ساهم في إنتاجها الفطرة و مجربات الطب التقليدي،وظلت هذه العملية تخطئ و تصيب، تفسد و تصلح إلى عهد نضج فيه المنهج العلمي فألهم بعض العلماء و المفكرين إلى الإستئناس به أمثال كلــود برنــارد، فلقد عرف هذا العالم كيف يكيف المنهج التجريبي الذي وضع للمادة الجامدة على المادة الحية مع الحفاظ على خصوصياتها، لقد عبر عن ذلك في كتابه:« مدخل لدراسة الطب التجريبي »،نقتطف منه بعض المقاطع :
- إن خصائص المادة الحية لا يمكن معرفتها إلا بعلاقتها مع خصائص المادة الخام،ذلك لأن في العضويات المركبة ثلاث أنواع من الأجسام:
1- الأجسام البسيطة كيميائيا﴿16﴾منها فقط،تدخل في تركيب جسم الإنسان;ولكن من تفاعل هاته الأجسام ال ﴿16 ﴾ تتألف مختلف الذوات السائلة والصلبة والغازية
2- المبادئ المباشرة غير العضوية و العضوية التي تدخل كعناصر مؤلفة وجوهرية في تكوين الأجسام الحية،غير أن الأول تؤخذ من العالم الخارجي مباشرة، وهي تامة التكوين كالأملاح الترابية و الفوسفور و الكلور، أما الثانية فإنها ليست مستعارة من العالم الخارجي بتاتا، لأنها من تكوين العضوية الحيوانية أو النباتية كالنشاء و السكر والشحم و الألبومين.هذه المبادئ المباشرة المقتطفة من الجسم ، تحتفظ بخصائصها لأنها لم تبق حية، إنها منتوجات عضوية،ولكنها غير منظمة.
3- العناصر التشريحية المنظمة التي تعتبر الأجزاء الوحيدة التي تعرف النظام والحياة.وهي سريعة التهيج وتبدي تحت تأثير منبهات متنوعة خصائص تميز الكائنات بصفة كلية. وهذه الأجزاء هي التي لا يمكن أن تنفصل عن العضوية دون أن تفقد حيويتها.
هذه الفئات الثلاثة من الأجسام مع إختلافها قادرة كلها أن تعطي عمليات فيزيائية كيميائية تحت تأثير منبهات خارجية كالحرارة والضوء والكهرباء. الفيزيولوجي يبيح لنفسه فهم الظواهر الحية و تفسيرها إعتمادا على المبادئ التي ترتد إليها المادة الجامدة.
وعلى هذا الأساس لا بد أن تكون الدراسة العلمية للحوادث الحيوية ، دراسة فيزيائية كيميائية.فعملية التنفس مثلا، ترتد في النهاية إلى أكسدة اليحمور وإلى تأكسدات خاصة الخلايا.ولقد إجتهد كلود برنارد من أجل إخراج العلوم البيولوجية من مجال التحجر إلى مجال الإزدهار والتقدم وذلك بسعيه إلى تطبيق مناهج البحث في الدراسات الفيزيائية الكيميائية.وبفضل ذلك إستطاع كلود برنارد أن يقلب حيوانات ذات دم حار إلى حيوانات ذات دم بارد حتى يستقصي خصائص عناصرها الهستولوجية، ورأى أننا لا نستطيع الوصول إلى معرفة قوانين وخصائص المادة الحية إلا بتفكيك العضويات الحية للنفوذ في دواخلها.
وبفضل هذا إستطاع بــاستور أن يصحح الفكرة القائلة بالنشوء العفوي للجراثيم مثبتا بأن الجراثيم منشؤها في الهواء .
وهكذا إزدهرت العلوم البيولوجية و تقدمت بفضل المنهج التجريبي،وعرف العلماء كيف يطورون وسائله وأساليبه ولم يعودوا يكتفون بتشريح الميت بل الحي أيضا.
ثالثا:الحكمــــــة من فلسفة المنــــاهج:
إن الخصوصيات التي تميز الكائنات الحية ليست متروكة للعفوية، بدليل أن المنهج التجريبي القائم على أساس مبدأي الحتمية و الإطراد،مكن العلماء في مجال الكائنات الحية من إحراز تقدم مذهل،أدرك ذروته مع تسخير المورثات في مجال الإستنساخ.
ولكن رغم ذلك مازالت هناك مشاكل في تطبيق المنهج التجريبي على ظواهر المادة الحية،وأيضا في العلوم الإنسانية.
** حـل المشكلة**
لقد برهن المنهج التجريبي على أنه حقيقة المقياس المثالي لكل بحث يريد لنفسه أن يكون بحثا علميا أي موضوعيا تحترمه كل العقول البشرية،فهو المحك الذي يزن مصداقية العلوم ورغم تسجيل بعض القصور في صرامة تطبيق خطواته،وعدم وجود الدقة المطلقة في النتائج،فلأننا ليس في الرياضيات نتعامل مع المجرد بل نحن نتعامل مع المحسوس الذي ليس في مأمن مطلق عن التغير،ولهذا فالمنهج التجريبي يحتاج دائما إلى تهذيب مستمر مع تطور معرفتنا لخصائص الظواهر المبحوثة ، خاصة إذا تعلق الأمر بالكائنات الحية،ولعل إستمرار التهذيب الميداني هو الذي مكن العلماء من فتح فن جديد يعرف ب:«أخلاقيات البيولوجيا»










رد مع اقتباس