منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - القرار الإداري
الموضوع: القرار الإداري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-12-18, 10:52   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 القرار الإداري

المبحث الأول: مفهوم القــرار الإداري
يتفق فقهاء القانون الإداري على أن الإدارة تستخدم ثلاث وسائل لممارسة نشاطها: وسيلة بشرية تتمثل في الأشخاص العاملين، ووسيلة مادية تتمثل في الأموال والمعدات التي تستخدمها، ووسيلة قانونية تتمثل في التصرفات التي تقوم بها الإدارة وهذه الوسيلة الأخيرة وهي التصرفات القانونية يتم ممارستها بوسيلتين هما العقود الإدارية ( ) والقرارات الإدارية. وهكذا تعتبر القرارات الإدارية من وجهة نظر علماء القانون الإداري وسيلة تستخدمها الإدارة لتمكينها من القيام بوظائفها ومباشرة النشاطات الموكلة إليها.
و نظرا لأهمية هذه الوسيلة فقد ظهرت عدة تعريفات للقرار الإداري, و هذا ما سنبينه في دراستنا
المطلب الأول: تعريف القرار الإداري
الفرع الأول : التعريف الإصطلاحي
لتحديد تعريف القرار الإداري سواء في نطاق علم الإدارة أو القانون الإداري وجب تحديد مصطلح "قرار".
تعني كلمة قرار لغويا ما أقر به الرأي من حكم في مسألة ما أو في أمر من الأمور كما تعني أيضا المعاني
التالية " المستقر والثابت، المطمئن من الأرض" كما تعني كلمة قرار لغويا انتهى الأمر وثبت( )
الفـرع الثاني:التعريف الإصطلاحي
يتضح معنى القرار الإداري من خلال التعريفات المتعددة التي وضعها له علماء الإدارة والتي يمكن من خلالها استعراض بعض التعريفات.
فالقرار الإداري عند " تاننباوم " الاختيار الحذر والدقيق لأحد البدائل من بين اثنين أو أكثر من مجموعات البدائل السلوكية" (3)
وقد عرفه العميد " دوجي " * بأنه كل عمل إداري يصدر بقصد تعديل الأوضاع القانونية كما هي قائمة وقت صدوره أو كما تكون في لحظة مستقبلة معينة* .
وعرفه " بونار " *بأنه كل عمل إداري يحدث تغييراً في الأوضاع القانونية القائمة*.
وعرفه " رفيرو " بأنه العمل الذي بواسطته تقوم الإدارة باستعمال سلطتها في تعديل المراكز القانونية بإرادتها المنفردة *.
أما في الفقه العربي , فقد عرفه الدكتور " سامي جمال الدين " *أنه تعبير عن الإرادة المنفردة لسلطة إدارية بقصد أحداث أثر قانوني معين . *
وجاء في تعريف الدكتور " ماجد راغب الحلو " بأن القرار الإداري *هو إفصاح عن إرادة منفردة يصدر عن سلطة إدارية ويرتب آثاراً قانونية* .
ويعرفه بعض كتاب الإدارة العرب بأنه " مسار فعل يختاره متخذ القرار باعتباره أنسب وسيلة متاحة أمامه لإنجاز الهدف أو الأهداف التي يبتغيها" (4).
وقد عرف القضاء الإداري الكويتي القرار الإداري نفس تعريف القضاء المصري ، حيث جاء في التعريف ان القرار الإداري هو* ذلك القرار الذي تفصح الجهة الإدارية عن إدارتها الملزمة في الشكل الذي يتطلبه القانون بما لها من سلطة مستمدة من القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني يكون ممكناً وجائزاً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة*(5).
على غرار جل التشريعات المختلفة لم يعرف المشرع الجزائري القرار الإداري وحسنا فعل ذلك أن هذا الأمر يرجع إلى الفقه ومع ذلك فقد ذكر في بعض النصوص التشريعية المتناثرة مثلما ورد في المادة 30 من القانون الأساسي للوظيفة العامة الجزائري(6) " تنشر القرارات الإدارية المتعلقة بمهمة الموظف ضمن الشروط المحددة بموجب مرسوم وذلك بعد اكتسابها بالتأشيرات القانونية".
كما أشارت المادة 274 ق. إجراءات مدنية(7) " تنظر الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى ابتدائيا ونهائيا في:
-الطعون بالبطلان في القرارات التنظيمية أو القرارات الفردية الصادرة من السلطة الإدارية.
-الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات والطعون بمدى مشروعية الإجراءات التي تكون المنازعة فيها من اختصاص المجلس الأعلى".
المطلب الثاني :خصائص القرار الإداري
الفرع الأول : القرار الإداري يصدر بالإرادة المنفردة للإدارة
ومعنى ذلك أن يصدر القرار من جانب الإدارة وحدها , وهو ما يميز القرار الإداري عن العقد الإداري الذي يصدر

باتفاق إرادتين سواء أكانت هاتين الإرادتين لشخصين من أشخاص القانون العام أو كان أحدها لشخص من أشخاص


3- الدكتور نواف كنعان، اتخاذ القرارات الإدارية، دار الثقافة، عمان، الأردن 2003 ،ص83.
4- الدكتور مازن ليلو راضي، الوجيز في القانون الإداري, دار الإسكندرية ,2004, ص 58.
5- موسوعة مبادئ القضاء الإداري التي أقرتها محكمة التمييز الكويتية في سبعة عشر عاماً 1982-1999 ,نقل من الموقع
الإلكتروني-www.majlesalommah.net/run.asp ?id-4-
6- الأمر 66/133 المؤرخ في 02 جوان 1966 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العامة.
(7)- القانون رقم 01/05 المعدل والمتمم المؤرخ في22 ماي 2001 المتضمن قانون الإجراءات المدنية.
القانون الخاص, ولكن هذا القول لا يأخذ به بصفة مطلقة فقد يفرض القانون في حالات معينة على الإدارة أن تشترك مع إدارات أخرى قبل توقيع القرار.(1) كما لو تعلق الأمر برخصة البناء أو الهدم فقبل أن يصدر رئيس المجلس الشعبي البلدي القرار يلزم قانونا بإحالة الملف إلى جهات حددها التشريع أو التنظيم لإبداء الرأي، و لا يتنافى ذلك أبدا مع الصفة الانفرادية للقرار(2).
كما أننا نكون بصدد قرار إداري إنفرادي و لو تصرفت الإدارة بناء على إرادة الفرد كما لو تقدم شخص بطلب وظيفة أو بطلب تحويل لمنطقة أخرى، و أصدرت الإدارة قرارها (قرار التعيين أو التحويل).كذلك إذا أصدرت السلطة المختصة قرارا جاء نتيجة تفاوض مع الجهة النقابية أو ممثلي الموظفين عبرت فيه صراحة عن موقفها من مطلب نقابي.
غير أن قيام الإدارة بالأعمال المنفردة في شكل قرارات إدارية و أحيانا أخرى بأعمال تعاقدية في شكل صفقات عامة لا يعني بالضرورة استقلال و انفصال العمل التعاقدي إذ قد يحدث المزج بين العملين بمناسبة أداء وظيفة واحدة أو عملية واحدة و هذا ما اصطلح عليه في الفقه بالأعمال الإدارية المختلطة. و هي مجموع الأعمال التي تنطوي على نوعين من النصوص إحداهما تعاقدي و الآخر لائحي.(3) و مثال ذلك عقد الامتياز فهو يتضمن شروطا مختلفة هي:
أ- شروط لائحية: و هي التي تضعها جهة الإدارة بإرادتها المنفردة و تتضمن شروطا عامة للتعاقد يلزم المتعاقد بتنفيذها رغم عدم مشاركته في وضع هذه الشروط. و يحق للإدارة إذا فرضت مقتضيات المصلحة العامة ذلك تعديل هذه الشروط بإرادتها المنفردة.
ب- شروط تعاقدية: و يتضمنها عقد الامتياز ذاته كالأحكام المالية و حقوق كل طرف.
غير أن صدور إرادة منفردة عن جهة الإدارة يدفعنا للتمييز بين سلطتها التقديرية و سلطتها المقيدة(4)
الفرع الثاني : القرار الإداري صادر عن سلطة إدارية وطنية
يشترط في القرار الإداري أن يصدر من سلطة إدارية وطنية سواء أكانت داخل حدود الدولة أو خارجها من دون
النظر إلى مركزية السلطة أو عدم مركزيتها , والعبرة في تحديد ما إذا كانت الجهة التي أصدرت القرار وطنية أم لا
,ليس بجنسية أعضائها , وإنما بمصدر السلطة التي تستمد منها ولاية إصدار القرار .

ولنكون أمام قرار إداري ينبغي أن يصدر هذا القرار من شخص عام له الصفة الإدارية وقت إصداره ولا عبرة بتغير

صفته بعد ذلك , وهو ما يميز القرار الإداري عن الأعمال التشريعية والقضائية , فالنصوص المصادق عليها من

جانب السلطة التشريعية لا يمكن وصفها بالقرار الإداري لاختلافها عنه خاصة من زوايا كثيرة و متنوعة, كما أن


(1) –الدكتور مازن ليلو راضي ,المرجع السابق, ص58
(2)- أنظر المادة 50 و ما بعدها من القانون 90-29 المؤرخ في 1 ديسمبر 1990 يتعلق بالتهيئة و التعمير.
(3)- الدكتور ناصر لباد، القانون الإداري، ، سطيف، الجزائر 2004,ص371
(4)-الدكتور مازن ليلو راضي ,المرجع السابق , ص58-59

الأحكام القضائية الصادرة عن الجهات القضائية المختلفة لا يمكن وصفها بالقرارات الإدارية لاختلافها الكبير عن هذا الأخير.(1)
الفرع الثالث :القرار الإداري عمل قانوني
إن القرار الإداري تصرف قانوني وهو كل تعبير عن إرادة يرتب عليه القانون أثراً معيناً ، وبالتالي لا تدخل الأعمال المادية ضمن هذا المضمون ، حيث إن هذه الأعمال لا تنشئ ولا تعدل ولا تلغي مراكز قانونية قائمة ن بل إن هذه الأعمال المادية التي تقوم بها إحدى الجهات الإدارية إما أن تتم عن (غير قصد) من الموظف المختص نتيجة خطئه, أو عدم تحريه الدقة ، ومثال ذلك: أن يتخذ أحد الوزراء أو وكلاء الوزارة أو المدراء أو أي شخص له سلطة إصدار القرار قراراً يتعلق بأحد الأمور الإدارية لوزارة أخرى ، كأن يتخذ وزير التربية والتعليم قراراً إدارياً يتعلق بأحد الأمور الخاصة بوزارة الداخلية, ومن الأمثلة أيضاً: أن يرتكب أحد السائقين التابعين لجهة إدارية معينة حادثة ما نتيجة عدم اتباع الأصول الفنية للقيادة, وإما أن تصدر هذه الأعمال من الإدارة عن (قصد) تنفيذاً لقاعدة تشريعية ، ومثال ذلك: أن يصدر قرار من إحدى السلطات المختصة قانوناً بالاستيلاء مؤقتاً على عقار مملوك لأحد الأفراد
*ويمكن توضيح الأعمال المادية للإدارة بذكر أهم هذه الأعمال وهي:
1ـ الأعمال الفنية: التي يقوم بها رجال الإدارة المختصون بحكم وظائفهم كالمهندسين (إعداد التصميمات والرسومات الفنية لمشروعات الأشغال العامة..
2ـ الأعمال التي تقوم بها الإدارة تنفيذاً للقرارات والأوامر الإدارية (القبض على الأفراد – الاستيلاء على ملك الأفراد – هدم منزل آيل للسقوط .. الخ..
3ـ الأعمال الإدارية المشروعة التي يقوم بها رجال الإدارة وتحدث أثراً قانونياً (ولكنها لا تعتبر أعمالاً قانونية) كالوفاء بالدين..
4ـ المنشورات والتعليمات والقرارات التي تصدر من جانب الإدارة وحدها ، (ولا تعتبر) مع ذلك قرارات إدارية ،
لأنها لا تحدث أثراً قبل الأفراد ولا تمس مصالحهم ، أو بمعنى أدق لا يحتج بها عليهم ، ومن أمثلة ذلك: المنشورات
والتعليمات التي تتعلق بالتنظيم الداخلي للمرافق العامة..
ـ الأعمال القانونية غير المشروعة التي تبلغ درجة عدم مشروعيتها حداً يفقدها طبيعتها القانونية فتصبح أعمالاً
مادية.
6ـ الأعمال غير القانونية التي تقع خطأ من جانب عمال الإدارة ومن أمثلتها: حوادث السيارات(2)

(1)-الدكتور مازن ليلو راضي,المرجع السابق,ص58
(2)-لمحة موجزة عن القرار الإداري,مقال منقول عن الموقع الإكتروني www.djawarih.com /forum :

المطلب الثالث :تمييز القرارالإداري عن الأعمال الأخرى
الفرع الأول : التمييز بين العمل الإداري و العمل التشريعي:
أولا :أهمية التمييز بين العمل الإداري و العمل التشريعي
1- من حيث الخضوع للرقابة القضائية:
إن القرارات الإدارية تخضع لرقابة القضاء الإداري إلغاءا و فحصا للمشروعية و تفسيرا و تعويضا(3) بينما العمل التشريعي لا يخضع من حيث الأصل لرقابة القضاء، بل يخضع لصور خاصة في مجال الرقابة و الفحص كخضوعه للرقابة الدستورية التي تباشرها هيئات متخصصة كالمجلس الدستوري عندنا في الجزائر ( ).
2- من حيث المرتبة في هرم النصوص القانونية:
يحتل العمل التشريعي في سلم و هرم النصوص الرسمية المكانة الثانية بعد النص التأسيسي أو الدستور باعتباره مجموعة قواعد قانونية صادرة عن السلطة التشريعية. بينما القرار الإداري يحتل مرتبة النصوص اللائحية و التنظيمية. و نتيجة لذلك فإن حجيته أقل من النص التشريعي.
3- من حيث الجهة المصدرة:
إن العمل التشريعي صادر عن السلطة التشريعية. و لكل دولة سلطة تشريعية واحدة( ). بينما العمل الإداري مجسدا في القرار الإداري يصدر عن السلطة التنفيذية و هياكلها كثيرة و متنوعة، فأحيانا يصدر القرار الإداري عن سلطة مركزية (رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، الوزراء، المنظمات الوطنية المهنية، الهيئات الوطنية المستقلة).
و أحيانا أخرى يصدر القرار عن الولاة و رؤساء المجالس الشعبية البلدية. و يصدر عن مدراء المؤسسات الإدارية، و عن المصالح الإدارية الخارجية الموجودة على مستوى الولايات. و هكذا فالهيئات التي يصدر عنها القرار الإداري كثيرة ومتنوعة.
4- من حيث الإجراءات:
يمر العمل التشريعي في كل الأنظمة القانونية بإجراءات خاصة تتسم عموما بالبطء. فلو أخذنا على سبيل المثال حركية النص التشريعي في الجزائر طبقا للمادة 119 من الدستور خاصة و كذلك القانون العضوي رقم 99-12 المؤرخ في 08 مارس 1999 المحدد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة و عملهما و كذا العلاقات الوظيفية بينهما و بين الحكومة و النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني و النظام الداخلي لمجلس الأمةنجد أن إجراءات العمل التشريعي تمر بالمراحل التالية (3)
أ- إيداع مشروع القانون من قبل الحكومة أو اقتراح القانون من 20 نائبا على الأقل لدى المجلس الشعبي الوطني:
و من الطبيعي أن رئيس الحكومة قبل أن يبادر إلى عرض مشروع القانون على الغرفة الأولى يلزم بإحالته إلى
مجلس الحكومة بغرض المصادقة عليه. ثم إحالته من قبل الأمين العام للحكومة لمجلس الدولة لإبداء الرأي حوله
طبقا للمادة 119 من الدستور. ثم يعرض على مجلس الوزراء.
ب- مناقشة المشروع على مستوى المجلس الشعبي الوطني:
بما تطلبه هذه المرحلة من إجراءات طويلة من عرض المشروع على مكتب المجلس الشعبي الوطني ثم عرضه على اللجنة المختصة و سماع تقريرها و مناقشته و أخيرا التصويت عليه.
ج- مناقشة المشروع المصادق عليه على مجلس الأمة:
بما تأخذه هذه العملية من مراحل إجرائية هي ذاتها المطبقة أمام المجلس الشعبي الوطني من عرض النص على مكتب مجلس الأمة ثم إحالته أمام اللجنة المختصة و إعداد التقرير ثم مناقشته و التصويت على النص.
د- مرحلة محتملة الحدوث- تسوية الخلاف بين غرفتي البرلمان:
في حال عدم المصادقة مجلس الأمة على النص فإنه، نكون بصدد خلاف بين الغرفتين بما يقتضي اجتماع لجنة متساوية الأعضاء بطلب من الحكومة بغرض اقتراح نص يتعلق بالأحكام محل الخلاف(4).
هـ- مرحلة الإصدار:
يتولى رئيس الجمهورية الإصدار في أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ تسليمه النص و هذا ما قضت به المادة 126 من الدستور.
و- إخطار المجلس الدستوري (إجراء اختياري و وجوبي في حالات):
يمكن لرئيس الجمهورية طبقا للمادة 166 من الدستور إحالة النص المصادق عليه من الغرفتين على المجلس الدستوري بغرض فحص دستوريته. غير أنه إذا خص النص مجالا للقانون العضوي قبل إصداره.
ز- طلب قراءة ثانية (إجراء محتمل الحدوث):
طبقا للمادة 127 من الدستور يمكن لرئيس الجمهورية طلب إجراء مداولة ثانية تتعلق بقانون التصويت عليه و هذا في غضون ثلاثين يوما الموالية لتاريخ إقراره و عندئذ لا يتم إقرار القانون إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس الشعبي
الوطني، و من الطبيعي القول أن النص التشريعي سيعرف بطئا أكثر إذا تم تقديم طلب قراءة ثانية.
ح- مرحلة النشر:
لا ينفذ النص القانوني إلا بعد نشره و فوات المدة التي يقررها القانون لسريانه و التي حددتها المادة الرابعة من
القانون المدني ما لم يقرر القانون أجلا آخر للسريان.
و من خلال ما تقدم من مراحل يتبين لنا أن النص التشريعي يمر بمراحل طويلة و يستغرق ظهوره وقتا طويلا.

خلافا للقرار الإداري الذي سرعان ما يظهر إلى حيز الوجود. فقد يقدم الشخص طلب الانتداب مثلا فيستجاب لطلبه

بعد مدة وجيزة.
3- محاضرات في مقياس مدخل إلى علم القانون,ص17-18منقولة من الموقع الإكتروني .www.arablawinfo.com :
4- راجع المادة 120 من دستور 1996.
كما أن العمل التشريعي يشترك في ظهوره كل من السلطتين التشريعية و التنفيذية اعتبارا من أن لهذه الأخيرة الحق دستوريا في تقديم مشروع القانون و مناقشته على مستوى اللجان المتخصصة لكل من الغرفة الأولى و الثانية. و لا تشترك السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية في إصدار القرار الإداري.
5- من حيث مجال التطبيق:
إن النصوص ذات الطابع التشريعي تتضمن قواعد عامة و مجردة و هي موجهة للمخاطبين بها وهم مجموعة من الأشخاص. و قد يتعلق التشريع الواحد بكان دولة بأكملها كأن يتعلق الأمر بالقانون المدني أو قانون الجنسية أو قانون الحالة المدنية. فمجال التشريع و نطاقه من السعة بمكان. بينما القرار الإداري يخاطب في حالات كثيرة مراكز فردية كقرار التعيين و الترقية و قرار نزع الملكية و القرار التأديبي.
غير أن القرار الإداري يقترب من التشريع إذا صدر في شكل قرار تنظيمي فيخص حينئذ مجموعة من الحالات و الوضعيات و يصدر بصيغة عامة و مجردة. و لكن مع وجود هذا التشابه بين العمل التشريعي و القرار الإداري يظل العمل التشريعي متميزا من حيث سعة مجال تطبيقه.
6- من حيث بدء السريان أو النفاذ:
طبقا للمادة 4 من القانون المدني الجزائري تطبق القوانين في تراب الجمهورية ابتداءا من يوم نشرها. تكون نافذة المفعول في الجزائر بعد مضي يوم كامل من تاريخ نشرها. و في النواحي الأخرى في نطاق كل دائرة بعد مضي يوم كامل من تاريخ وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة و يشهد على ذلك ختم الدائرة الموضوع على الجريدة الرسمية.
و الأمر يختلف بالنسبة للقرار الإداري إذ قد يرتب القانون أثرا معينا بعد سريان القرار الإداري كالإعتراف للمعني بحق الطعن و مثال ذلك ما نصت عليه المادة 278 قانون الإجراءات المدنية بقولها:" إن الطعن الإداري المسبق و المنصوص عليه في المادة 275 يجب أن يرفع خلال شهرين من تبليغ القرار المطعون فيه أو نشره".
ثانيا: معايير التمييز بين العمل التشريعي و العمل الإداري:
أولا- المعيار الشكلي:
يعتمد هذا المعيار في التمييز بين العمل التشريعي و العمل الإداري أساسا على فكرة الجهة التي صدر عنها العمل بصرف النظر عن مضمون العمل أو المجال الذي ينظمه.
فالعمل يكون إداريا إذا صدر عن جهة إدارية أيا كان مضمونه. و يعد العمل تشريعا متى صدر عن السلطة التشريعية. و لا عبرة عما إذا كان موضوعه يمس جماعة أو يتعلق بفرد بعينه, فإذا كان العمل صادراً من السلطة التنفيذية فهو عمل إداري , ومن ثم يمكن تعريف العمل الإداري وفق هذا المعيار بأنه كل عمل صادر من فرد أو هيئة تابعة للإدارة أثناء أداء وظيفتها .
فهذا المعيار يقف عند صفة القائم بالعمل دون أن يتعدى ذلك إلى طبيعة العمل ذاته , وهو معيار سهل التطبيق لو التزمت كل سلطة بممارسة نشاطها وأخذت بمبدأ الفصل التام بين السلطات (1) .
نقد المعيار:
رغم أن المعيار الشكلي يتسم بالبساطة، إلا أن تطبيقه في الواقع العملي يخلف جملة من الإشكالات ذات الطابع القانوني يصعب التخلص منها نوضحها فيما يلي:
1- إن السلطة التشريعية داخل الدولة لا يصدر عنها فقط الأعمال التشريعية، بل أنها تقوم بأعمال انفرادية تنتج آثارا قانونية كأن يتعلق الأمر بتعيين موظف للقيام بمهام إدارية في البرلمان. أو إصدار قرار بترقيته أو انتدابه أو تأديبه. فكيف يمكن وصف هذا العمل و قد صدر عن سلطة تشريعية، بالعمل التشريعي و هو يخص فقط شخصا بذاته و مركزا قانونيا محددا و فرديا.
2- إن فقه القانون الإداري متفق أن الأعمال القانونية الصادرة عن لجان البرلمان الدائمة و المؤقتة لا يمكن وصفها بالقرار الإداري. فرغم أن العمل صدر عن السلطة التشريعية ممثلة في لجنة دائمة أو مؤقتة، إلا أنه لا يمكن الاعتراف لهذا العمل بالصفة الإدارية و إطلاق وصف القرار الإداري عليه.
3- إن السلطة التشريعية تمارس أعمالا أخرى غير التشريع ممثلة في الرقابة عن طريق لجان برلمانية خاصة يتم إنشاؤها لهذا الغرض. و هذا ما نصت عليه المادة 161 من الدستور و المواد من 76 إلى 86 من القانون العضوي 99-02 المؤرخ في 08 مارس 1999 المحدد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة و عملهما. و لا يمكن
أبدا التسليم بأن العمل الرقابي من جانب اللجان الخاصة يعد عملا تشريعيا. و هو بهذا الوصف بنظر أصحاب
المعيار الشكلي(2).
ثانيا: المعيار الموضوعي أو المادي:
ركز أصحاب هذا الاتجاه الفقهي للتمييز بين العمل التشريعي و العمل الإداري على فحوى العمل و جوهره و صلبه
دون الاعتداء بالجهة الصادرة عنه , فالفقه التشريع وفق قناعة هذا الاتجاه الفقهي عمل قاعدي و أساسي, أي أنه
ينظم مسألة عامة و أساسية و لا أهمية لصفة القائم به و لا للإجراءات المتبعة بشأنه. و نتيجة لذلك تعد اللوائح
الصادرة عن جهة الإدارة من قبيل الأعمال التشريعية طالما نظمت مسائل أساسية و عامة. و يعد العمل إداريا
صدر عن سلطة عامة و تعلق بفرد بذاته أو مجموعة أفراد. أي أن العمل هنا تعلق بمركز خاص أو مراكز خاصة
ومن أنصار هذا الإتجاه نجد دوجي وبونار وجيز ,حيث يؤمن هؤلاء الفقهاء بأن القانون يقوم على فكرتين أساسيتين
هما فكرتا المراكز القانونية والأعمال القانونية.
1- المراكز القانونية: وهي الحالة التي يوجد فيها الفرد أزاء القانون وتقسم إلى قسمين
أ- المراكز القانونية العامة أو الموضوعية : وهو كل مركز يكون محتواه واحد بالنسبة لطائفة معينة من الأفراد ,
فترسم حدوده ومعالمه قواعد مجردة متماثلة لجميع من يشغلون هذا المركز ومثله مركز الموظف العام في القانون
العام والرجل المتزوج في القانون الخاص.
1-الدكتور مازن ليلو راضي , المرجع السابق,ص55 2- الدكتور سليمان محمد الطماوي، مبادئ القانون الإداري دراسة مقارنة الكتاب الثالث، القاهرة، دار الفكر العربي، 1979، ص 126
ب- المراكز القانونية الشخصية أو الفردية : وهي المراكز التي يحدد محتواها بالنسبة لكل فرد على حده , وهي بهذا تختلف من شخص إلى آخر ولا يمكن أن يحدد القانون مقدماً هذه المراكز لأنها تتميز بـأنها خاصة وذاتية ومثله مركز الدائن أو المدين في القانون الخاص ومركز المتعاقد مع الإدارة في القانون العام .
2- الأعمال القانونية: وتمتاز بأنها متغيرة ومتطورة بحسب الحاجة ويتم هذا التغيير أما بإرادة المشرع أو بإرادة شاغلها ويقسم " دوجي " هذه الأعمال إلى ثلاثة أقسام :
أ- أعمال مشرعة : وهي كل عمل قانوني ينشئ أو يعدل أو يلغى مركزاً قانونياً عاماً أو موضوعياً من هذه الأعمال القوانين المشرعة واللوائح والأنظمة , والتي تتضمن قواعد تنظيمية عامة وغير شخصية .
ب- أعمال شخصية أو ذاتية : وهي الأعمال القانونية التي تنشئ أو تتعلق بمراكز شخصية لا يمكن تعديلها إلا بإرادة أطرافه وأوضح مثال على هذه الأعمال العقود .
ج- أعمال شرطية : وهي الأعمال الصادرة بصدد فرد معين وتسند إليه مركزاً عاماً , فهي تجسيد لقاعدة عامة على حالة أو واقعة فردية , ومثاله في القانون العام قرار التعيين في وظيفة عامة , فهذا القرار يعد عملاً شرطياً لأنه لا ينشئ للموظف مركزاً شخصياً , لأن هذا المركز كان قائماً وسابقاً على قرارا التعيين .
وبهذا المعنى فإن العمل التشريعي عند " دوجي " هو الذي يتضمن قاعدة عامة موضوعية " قوانين أو اللوائح " بغض النظر عن الهيئة أو الإجراءات المتبعة لإصداره , في حين يعد إدارياً إذا اتسم بطابع الفردية وهذا يصدق على
القرارات والأعمال الفردية والأعمال الشرطية . (1)
نقد المعيار:
إذا كان أصحاب المعيار الموضوعي قد نجحوا من جهة في تفادي بعض الانتقادات الموجهة لأصحاب المعيار الشكلي، إلا أن معيارهم تعرض هو الآخر لانتقادات ليست أقل خطورة من تلك الموجهة للمعيار الشكلي. و لعل أهم
نقد وجه إليهم أن الأخذ بالمعيار المادي في التمييز بين العمل التشريعي و العمل الإداري يؤدي دون شك إلى دمج
للسلطات و تداخل كبير و متشعب بين عمل هيئتين مختلفتين من هيئات الدولة هما السلطة التشريعية و السلطة
التنفيذية. فنكون حسب نظرة دعاة المعيار الموضوعي أمام عمل تشريعي متى تعلق الأمر بقواعد أساسية و لو
صدرت عن سلطة تنفيذية و جهة إدارية. و هذه لا شك نتيجة توقعنا في إشكالات كبيرة و معقدة على المستوى
القانوني بشأن تحديد طبيعة الأعمال الصادرة عن جهات رسمية داخل الدولة الواحدة(2).
موقف القضاء المقارن (مصر و فرنسا):
تبنى القضاء في كل من فرنسا و مصر المعيار الشكلي, فالأصل أن لا يقبل الطعن بالإلغاء ضد أعمال السلطة
التشريعية سواء في القوانين أو القرارات الصادرة من البرلمان , فقد جاء في حكم محكمة القضاء الإداري في

1-الدكتور مازن ليلو راضي, المرجع السابق,ص55-56
2- الدكتور سليمان محمد الطماوي، المرجع السابق، ص127
3- الدكتور مازن ليلو راضي, المرجع السابق,ص56
مصر:*إن مقطع النزاع في شأن التفرقة بين العمل التشريعي الذي هو بمنأى عن الإلغاء*و لكن العمل بهذا المعيار لم يكن بصفة مطلقة ,حيث نجد أن القضاء الفرنسي قد أخذ بالمعيار الموضوعي في بعض الحالات من خلال القابلية للطعن بالإلغاء في أعمال البرلمان المتعلقة بتسيير الهيئة التشريعية كاللوائح الداخلية للبرلمان والقرارات الصادرة بتعيين موظف , لا سيما بعد صدور الأمر النظامي في 17/11/1958 الذي سمح لموظفي المجالس برفع المنازعات ذات الطابع الفردي إلى القضاء الإداري , و على نفس الدرب سار القضاء المصري إذ يمكن الطعن بالإلغاء في القرارات الصادرة عن مجلس الشعب بإسقاط عضوية أحد أعضاءه (3).
موقف القضاء القرار الإداري الجزائري:
اعتبر القضاء الإداري الجزائري بعض القرارات الصادرة عن أشخاص القانون مثل المؤسسات و الشركات العمومية ذات الطابع الاقتصادي بمثابة قرارات إدارية. و يتجلى هذا الموقف خاصة في قضية الشركة الوطنية سامباك ضد الديوان الوطني ما بين المهنيين للحبوب.
1- قضية شركة سامباك:
بتاريخ 08 مارس 1980 أصدرت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سابقا قرارا نظرا لأهميته تتلخص وقائعه و حيثياته كمايلي :
- حيث أنه بموجب عريضة مودعة بكتابة ضبط المجلس الأعلى بتاريخ 04 يوليو 1977، رفعت الشركة الوطنية "سامباك" استئنافا ضد القرار الصادر في 25 مايو 1977 عن مجلس قضاء الجزائر، الغرفة الإدارية و الذي قضى
بإبطال المنشور (CIRCULAIRE) الصادر في 03 فبراير 1976 عن المدير العام للشركة أعلاه و المتضمن تحرير نسب استخراج الفرينة و السميد.
حيث أنه تدعيما لاستئنافها أثارت ما يلي:
- في الشكل:
عدم قبول المذكرة المقدمة من طرف الديوان الوطني ما بين المهن للحبوب (O.A.I.C) أمام المجلس، بسبب عدم احترام المواعيد من جهة.
عدم الاختصاص المادي لقضاة الدرجة الأولى، لكون النزاع يعود لولاية القضاء العادي من جهة أخرى.
و في الموضوع:
إلغاء القرارين الوزاريين المشتركين المؤرخين في 08 مايو و 21 غشت 1972 و اللذان اتخذا كأساس لدعوى الديوان الوطني ما بين المهن للحبوب.
- و كذا المرسوم رقم 68/445 المؤرخ في 16 يوليو 1968، باعتباره أساسا للنص محل النزاع.
" حول الوجه المستنبط من عدم الاختصاص المادي و الذي يجب معاينته مسبقا".
حيث أن المادة 274 من قانون الإجراءات المدنية، تنص على أن الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى، تنظر كأول و آخر درجة في دعاوى الإبطال المرفوعة ضد القرارات التنظيمية أو الفردية الصادرة عن السلطة الإدارية.
حيث أن المدير العام للشركة الوطنية "سامباك" قرر بموجب منشور تحت رقم 20650 في فبراير 03 فبراير 1976، و تطبيقا للأهداف المحددة من طرف السلطة الثورية و في إطار معركة الإنتاج، تحرير نسب استخراج السميد و الفرينة (Farines). حيث أن المدير العام للشركة الوطنية "سامباك" لم يكتف بتفسير النصوص السارية المفعول، بل أضاف قواعد جديدة بواسطة التدبير محل النزاع، مما يجعل المنشور يتخذ طابعا تنظيميا، ويكون النتيجة لذلك قابلا لأن يهاجم بواسطة دعوى أمام الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى.
حيث أن مجلس الجزائر، الغرفة الإدارية، تجاوز اختصاصاته عندما أبطل المنشور محل الدعوى.
و نتيجة لذلك، يتوجب إبطال القرار المتخذ، دون حاجة إلى فحص باقي المسائل المقدمة.
لهذه الأسباب قرر المجلس الأعلى: إبطال القرار المطعون فيه.... (1).
2- قرار صادر عن لجنة تأديب:
قرار مجلس الدولة الجزائري بتاريخ 22-01-2001 الغرفة الثالثة فهرس 40.
خلافا للموقف الأول للقضاء الإداري الجزائري و الذي وسع من مفهوم القرار الإداري فمده لبعض أشخاص القانون الخاص لم يعترف مجلس الدولة لبعض الأعمال الصادرة عن الهيئات التأديبية بصفة القرار الإداري الخاضع لدعوى تجاوز السلطة. ففي القرار المذكور أعلاه إعتبر مجلس الدولة أن العمل الصادر عن الجنة الولائية للتأديب عبارة عن رأي صادر عن لجنة طعن و أن الأمر لا يتعلق بقرار إداري (2).
الفرع الثاني: التمييز بين العمل الإداري و العمل القضائي
أولا : المعيار الشكلي
نكون أمام عمل قضائي بحسب دعاة المعيار الشكلي إذا صدر العمل عن جهة قضائية. بينما يكون العمل إداريا إذا صدر من جهة إدارية مركزية أو محلية أو مرفقية. إذ ينبغي وفقا لأصحاب المعيار الشكلي الاعتداد أساسا بصفة القائم بالعمل و صرف النظر تماما عن طبيعة العمل في حد ذاته.
و يرى الفقيه كاريه دي مالبيرج أن الوظيفة القضائية لا تختلف من الناحية المادية عن الوظيفة الإدارية فمن الخطأ القول أن الوظيفة القضائية لا تختلف من الناحية المادية عن الوظيفة الإدارية فمن الخطا القول أن القضاء يستأثر
 مهمة الفصل في المنازعات فالإدارة هي الأخرى تفصل في منازعات تتعلق بقرارات إدارية. و على هذا الأساس ففكرة المنازعة لا يمكن التعويل عليها في التمييز بين العمل القضائي و الإداري. و من هذه النتيجة
انتهى الفقيه المذكور إلى القول أن العمل القضائي هو الذي يصدر عن جهة منحها القانون ولاية القضاء وفقا لإجراءات معينة, أما العمل الإداري فهو ذلك الذي يصدر عن السلطة التنفيذية(3).
نقد هذا المعيار
و رغم أن المعيار الشكلي يتسم بالبساطة و الوضوح، إلا أنه كان عرضة للنقد من جانب الفقه من زوايا متعددة
أبرزها:
1- إن المحاكم لا تقتصر في نشاطها على إصدار الأعمال القضائية و إنما يصدر عنها أيضا أعمالا ولائية ليست لها صفة الأحكام, كما لو تعلق الأمر باستبدال خبير. فوفقا لمعيار الشكلي تعد الأعمال الولائية أعمالا قضائية مثلها مثل الأحكام في حين لا ترتقي الأعمال الولائية إلى مرتبة الأحكام.
2- إن الجوانب الإجرائية ليست قصرا على العمل القضائي بل قد يحكم بعض الأعمال الإدارية جوانب إجرائية كما لو تعلق الأمر بممارسة سلطة النزع فلا يصدر قرار نزع الملكية للمنفعة العمومية إلا بعد إتباع إجراءات معينة تكفل القانون بتحديدها و تنظيمها.
و كذلك الأمر عند ممارسة سلطة التأديب تجاه موظف عام وجب اتباع جملة من الإجراءات تمثل ضمانات لمساءلة تأديبية عادلة.
3- إن الفصل في الخصومات ليس قصرا على القضاء بل الإدارة أيضا تتولى الفصل في بعض المنازعات إذا ما فرض القانون ذلك. فتكون الإدارة بمثابة هيئة تحكيم يطعن أمامها بشأن قرارات إدارية صادرة عن جهات إدارية محددة و بذلك يشتبه عملها بعمل القاضي بما يجعل المعيار الشكلي عاجزا على أن يكون أداة فصل بين العملين القضائي و الإداري(1).
ثانيا : المعيار الموضوعي
يقوم على أساس النظر في موضوع وطبيعة العمل نفسه دون اعتبار بالسلطة التي أصدرته , واعتمد هذا المعيار عناصر عدة يتم من خلالها التوصل إلى طبيعة ومضمون العمل ,و حسب الفقيه ديجي يكون العمل قضائياً إذا تضمن على " ادعاء بمخالفة القانون , وحل قانوني للمسألة المطروحة يصاغ في تقرير , وقرار هو النتيجة الحتمية للتقرير الذي انتهي إليه القاضي , غير أن الفقيه ديجي تعرض للنقد كونه أدخل عنصر الادعاء و هو عنصر خارجي و أدمجه ضمن عناصر العمل القضائي. فإدارة الطرف الخارجي (المدعي) لا يمكن بحال من الأحوال أن تشكل عنصرا من عناصر العمل القضائي, كما أن الفقيه ديجي ركز على مضمون العمل القضائي و لم يصرف همة للجانب الإجرائي و الشكلي رغم أن العمل القضائي في كثير من جوانبه يعتمد على هذا الوجه.
إزاء ذلك نشأ معيار مختلط يقوم على أساس المزج بين المعيارين الشكلي والموضوعي إذ ينظر إلى طبيعة العمل من ناحية , والشكل الذي يظهر فيه العمل والإجراءات المتبعة لصدوره من ناحية أخرى(2).
الفرع الثالث :التمييز بين العمل الإداري و الأعمال المادية
 العمل المادي مجرد واقعة مادية غير مؤثرة في المراكز القانونية التي تتصل بها, فإذا كان وجود الأثر القانوني هو معيار القرارات الإدارية , فإن غيبة هذا الأثر تصبح هي معيار الأعمال المادية , أي أن الفارق بين العمل الإداري و العمل المادي هو أن الأول له اثر قانوني و الثاني ليس له اثر, و نجد أن الأعمال المادية إما أن تكون أفعالاً إرادية أرادتها الإدارة وتدخلت لتحقيقها , مثل الإجراءات التنفيذية التي لا تسمو لمرتبة القرار الإداري كهدم المنازل الآيلة للسقوط تنفيذاً لقرار الإدارة بالهدم , وقد تكون أفعالاً غير إرادية تقع بطريق الخطأ والإهمال مثل حوادث السير التي يسببها أحد موظفي الإدارة . وقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر بأن : * محل العمل المادي الذي لا يختص به القضاء الإداري يكون دائماً واقعة مادية أو أجراء مثبتاً لها دون أن يقصد به تحقيق آثار قانونية إلا ما كان منها وليد إرادة المشرع مباشرة لا أرادة جهة الإدارة *(3).
المبحث الثاني: أركان وشروط صحة القرار الإداري
يقوم القرار الإداري على عناصر أساسية إذا لم يستوفها يكون معيباً أو غير مشروع , وقد درج الفقه والقضاء على أنه يلزم أن يتوافر للقرار الإداري باعتباره عملاً قانونياً خمس عناصر لينتج آثاره ويكون صحيحاً هي : الاختصاص , الشكل , السبب , المحل , الغاية .
المطلب الأول: ركن الاختصاص.
الفرع الأول :تعريف ركن الإختصاص
ويقصد بالاختصاص القدرة على مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة الأعمال والتصرفات التي يكون للإدارة أن تمارسها قانوناً وعلى وجه يعتد به .(1) و من هنا فقواعد الاختصاص هي من صميم أعمال المشرع. فيحدد للسلطة التشريعية إختصاصها و مجال عملها و للسلطة القضائية إختصاصها و مجال عملها بما تتضمن من هياكل قضائية كثيرة مركزية و محلية و مرفقية .
و لما كانت قواعد الاختصاص عمل منوط بالمشرع فهو الذي يحدد المهام و الوظائف و يوزع الأدوار، ترتب على ذلك إعتبار هذه القواعد من النظام نجم عن ذلك النتائج القانونية التالية 2)
1- لا يجوز للإدارة إبرام اتفاق مع الأفراد لتغيير قواعد الاختصاص طالما تم ضبطه و تحديدها من جانب المشرع أو المنظم.
2- يحق للطاعن صاحب المصلحة إثارة الدفع بعدم الاختصاص في أي مرحلة كن عليها النزاع كما يجوز للقاضي إثارة ذات الدفع من تلقاء نفسه.
3- لا يجوز للإدارة التحلل من قواعد الاختصاص و لو في حالات الضرورة أو الاستعجال.
4- لا يجوز للإدارة التنازل عن إختصاصها أو إحالته إلى إدارة أخرى.
5- لا يجوز تصحيح عب الاختصاص بإجراء لاحق يتمثل ف مصادقة الجهة المختصة على القرار الصادر عن
جهة غير مختصة.
 وقد شبه بعض الفقهاء قواعد الاختصاص في القانون العام بقواعد الأهلية(3) في القانون الخاص لأن كلاهما يقوم في
الأساس على القدرة على مباشرة التصرف القانوني مع ملاحظة الفرق بينهما من حيث غاية تحديد قواعد
الإختصاص ففي القانون الإداري يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة والتخصص في مباشرة العمل الإداري ويتصل بالسلطة العامة وما لتنظيم المحدد من المشرع لكي تتحدد المسؤوليات وتتحقق السرعة في الإنجاز بينهما وتتركز الأهلية في القانون الخاص على كفاية النضج العقلي للشخص أو عدمه(1).
الفرع الثاني: عناصر ركن الاختصاص
حتى لا يصاب القرار الإداري بعيب عدم الاختصاص لابد من توافر عدة عناصر :
أولا_العنصر الشخصي:
وهو وجوب صدور القرار الإداري من السلطة أو السلطات الإدارية التي حددها القانون ومعناها أنه يجب على السلطة أن تباشر إختصاصاتها بنفسها ولا تتنازل عنها للغير, أي أنه يلزم صاحبه بأن يمارس حقه بنفسه وليس له حقا أن يتعهد به الى سوه . وبناءا عليه وجب ان بصدر القرار من شخص معين و محدد اعترف له نص القانون او التنظيم بالقدرة على القيام بتصرف معين , ولا يجوز له اسناد مهمته الى غيره (2).
غير أن تعدد أوجه النشاط الإداري بالنسبة لبعض الأشخاص الإداريين أو بعض الجهات الإدارية دفعت المشرع ان يعترف لبعض القائمين بأعباء السلطة الإدارية بنقل جزء من اختصاصاتهم إلى الغير ,أي أن القانون يسمح ببعض حالات التنازل عن الاختصاص وهي الحالات تتمثل فيما يلي :
أولا : التفويض
يقصد بالتفويض ان يعهد الرئيس الإداري ببعض اختصاصاته التي يستمدها من القانون الى معاونيه المباشرين بناء على نص قانوني, أو هو الإجراء الذي تعهد بمقتضاه سلطة لسلطة أخرى بجزء من اختصاصاتها بناء على نص قانوني يأذن له بذلك(3), و بناءا عليه ن لا يستطيع الرئيس الإداري ان ينقل بعض اختصاصاته إلا إذا أجاز له النص ذلك.ومن الأحكام القضائية الصادرة في هذا المجال , القرار الصادر عن الغرفة الإدارية للمحكمة العليا بتاريخ 27- 11- 82 ملف رقم 24402 ضد رئيس الدائرة تتمثل وقائع هذه القضية في صدور قرار غلق محل تجاري لبيع مشروبات كحولية عن رئيس دائرة و طعن فيه قضائيا بتجاوز السلطة إعتبارا من قرار الترخيص بممارسة نشاط بيع المشروبات الكحولية صدر عن والي الولاية فذهبت الغرفة إلى القول :
" .. حيث صدر أمر من رئيس الدائرة يقضي بغلق المحل التجاري المتنازع عليه و هذا التدبير الإداري يدخل ضمن صحة اختصاصاته السلطة المخولة إليه تفويضا من سلطة الوصاية المتمثلة في الوالي..."
و بالنتيجة رفضت الغرفة الطعن . فكأنما بالتفويض يصير القرار و كأنه صدر عن الجهة الإدارية الأصلية(4)

شروط التفويض :
حتى تكون ام تفويض وجب توافر شرطان:
أ- وجود نص قانوني يرخص بالتفويض :
لا يستطيع الرئيس الإداري نقل و تحويل جزء من اختصاصه إلى الغير إلا إذا أجاز له القانون ذلك صراحة. لأنه و كما رأينا سابق إن المشرع هو الذي يوزع قواعد الاختصاص و هو بالمقابل من يبيح و يرخص نقل اختصاصات من رئيس إداري إلى عون من أعوانه, فإذا لم يرخص النصب بالتفويض فلا يستطيع حينئذ الرئيس الإداري نقل جزء من الاختصاص إلى الغير فهذا رئيس الجمهورية بمكانته السياسية و الإدارية السامية باعتباره يمثل قمة الهرم الإداري و المسؤول الإداري الأول قيده النص الدستوري بعدم  التفويض بعض اختصاصاته منها عدم إمكانية
تفويض تعيين أعضاء الحكومة او تعيين رؤساء و أعضاء المؤسسات الدستورية . و إذا تم تقييد رئيس الجمهورية فمن باب أولى يمكن تقييد أعوان الدولة في سلم الإدارة العمومية,(1) ومن الأمثلة التي يتبين فيها التفويض بصراحة
ما جاء في المادة 77 من قانون البلدية التي اعترفت لرئيس المجلس الشعبي البلدي بنقل و تحويل جزء من اختصاصاته إلى نائب من نوابه او الى موظف في البلدية فيما يخص استلام تصريحات الولادات و الزواج و الوفاة و كذا تسجيل الوثائق و الأحكام القضائية في سجلات الحالة المدنية(2), ومن الحالات التي يمنع فيها القانون بتفويض الإختصاص ما جاء في المادة 87 من دستور1996 التي تنص على* لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يفوض سلطته في تعيين رئيس الحكومة وأعضائها وكذا رؤساء المؤسسات الدّستورية وأعضائها الذين لم ينصّ الدّستور على طريقة أخرى لتعيينهم, كما لا يجوز أن يفوّض سلطته في اللّجوء إلى الاستفتاء، وحلّ المجلس الشعبي الوطني، وتقرير إجراء الانتخابات التشريعية قبل أوانها، *(3).
ب- صدور قرار التفويض:
لا يتم التفويض بصفة آلية و إنما يحتاج إلى إرادة قانونية تمثلت في القرار الإداري القاضي بالتفويض و اباح عملية نقل الاختصاص من إداري إلى آخر, و الحكمة من هذا الشرط هي إعلام المسئول الإداري المعني بالقرار أولا والجمهور المتعاون مع الإدارة ثانيا و السلطة السليمة ثالثا و العاملين في الإدارة المعنية رابعا انه نقل جزء من اختصاصه إلى شخص محدد بصفته في القرار محل التفويض.
ج-أن يصدر التفويض من صاحب الإختصاص
ذلك أن المبادئ التي استقر عليها القضاء الإداري المقارن و السائدة بهذا الصدد تذهب إلى أن التفويض في التفويض
مخالف للقانون ,أي أنه إذا كان الإداري المفوض هو بدوره مفوضا من رئيس إداري أعلى منه فلا يجوز له أن ينيب
غيره للقيام بالأعمال المحددة قي التقويض فلا ينقل الصلاحيات المفوضة إلى الغير(4).
صور التفويض
أ- تفويض السلطة أو الإختصاص:
و يقصد به نقل و تحويل جزء أو بعض من اختصاصات شخص أو سلطة إلى سلطة إدارية أخرى ,مثال ما جاء في نص المادة 77 من قانون البلدية السالفة الذكر(1) .
ب- توقيع التوقيع :
يتمثل التفويض بالتوقيع في تخويل المفوض إليه توقيع قرارات باسم و مكان الإداري الأصيل, و يعرف أيضا بأنه تخفيف الأعباء عن المفوض و تخويل المفوض إليه و توقيع و إ مضاء قرارات مكانه و بإسمه , كما هو الحال بالنسبة للوالي , إذ نصت المادة 105 من قانون الولاية على ما يلي *يمكن للوالي أن يفوض توقيعه لكل موظف حسب الشروط و الأشكال المنصوص عليها في القوانين و التنظيمات *(2)
ثانيا :الحلول
يقصد بها عند ما ينص القانون أنه في حالة غياب عون إداري ما أو حصل له مانع فإن عونا آخر يحل محله ويستخلفه في ممارسة وظائفه, ونجد أن لهذا الإجراء أساس دستوري, حيث نص دستور 1996 على إمكانية حلول رئيس مجلس الأمة مكان رئيس الجمهورية إذا لم يستطع هذا الأخير ممارسة مهامه بسبب مرض خطير ومزمن
مع ملاحظة أن المجلس الدستوري هو الذي يثبت المانع و يقترحه على البرلمان الذي يوافق على المانع بأغلبية ثلثي أعضائه وعندئذ يكلف (وهنا جاءت سلطة الحلول) رئيس مجلس الأمة برئاسة الدولة لمدة أقصاها 45 يوما(3),
و نجد له أيضا أساس قانوني , حيث نص قانون الولاية على أنه يمكن للوالي بإعتباره ممثلا للدولة وباسمها أن يحل محل المجلس الشعبي البلدي ويبادر تلقائيا تسجيل نفقات لم يصوت عليها المجلس الشعبي البلدي(4).
ثالثا : الإنابة
 يقصد بالإنابة حالة الشعور الذي يحدث في الوظيفة نتيجة غياب أو إمتناع سلطة عامة فتقوم ذات السلطة في حالة الغياب أو سلطة أعلى منها بتعيين نائب يقوم بالعمل ضمن الكيفية التي يجزها النص القانوني(5), ونجد أن المادة 52 من قانون البلدية قد أشارت صراحة إلى الإنابة بقولها* إذا تغيب رئيس المجلس الشعبي البلدي ، أو حصل له مانع يستخلفه مندوب يعينه بنفسه لممارسة مهامه *, ويعتبر نظام الإنابة قاعدة يفرضها السير الحسن للمؤسسات والإدارات العامة ، ذلك لأنه لا يمكن تصور الأصيل في كل الوضعيات والحالات المنوطة به ، إذ قد يعترضه سفر أو مرض أو أي عارض آخر يحول دون إستمراره في ممارسة مهامه فلا يمكن والحال هذا ، قبول وضعية
إنتظار إستئنافه لعمله من أجل البت في بعض القرارات ومواكبة حركية التسيير مما ينجم على ذلك المساس
بأحد مبادئ القانون الإداري ألا وهو مبدأ الإستمرارية ، الأمر الذي يفرض إنابة الغير لضمان إستمرارية أداء العمل بما يعود بالنفع على الجمهور. و يلاحظ أن هناك فرق بين الحلول و الإنابة في عدة مجالات منها :
1) الحلول عادة تسجل تمرد الأصيل أو المعني الأصلي بالتنفيذ على القيام بواجباته بما يبرر تدخل السلطة الوصية لممارسة سلطة الحلول ، بينما في الإنابة المعني بالأمر أي الأصيل لم يتمرد عن التنفيذ أو القيام بواجباته بل أمتنع بسبب مرض أو سفر أو مهمة في الخارج بما وجب والحال هذا إنابة الغير لضمان إستمرارية أداء العمل لا غير.
2)في الإنابة لا يحدد شخصا معينا لممارسة إختصاصات الأصيل الغائب فلهذا الأخير صلاحية إختيار من يراه مناسبا لإستخلافه, بينما في الحلول يبين مباشرة بمجرد توافر الحالة من سيمارس هذه السلطة .
3)يحدد الحلول دائما بنص قانوني أما الإنابة فلا لأن الهدف منها هو مواجهة ظروف طارئة ولمدة محدودة.
4)) الحلول لا تحدد مدته الزمنية بعكس الإنابة فهي محددة زمنيا.
5)في حالة الحلول، الإختصاصات التي يمارسها المستخلف هي نفس اختصاصات الأصيل بينما في حالة الإنابة فإن اختصاص النائب محدودة (6).
ثانيا : العنصر الموضوعي
يقصد بالإختصاص الموضوعي تحديد أنواع معينة ومحددة من الأعمال يلزم المسؤول الإداري مراعاتها عند إصداره للقرارات الإدارية, أو هو تحديد التصرفات أو الأعمال القانونية المخولة للشخص أو الهيئة الإدارية (1), و من هذا التعريف يلاحظ أن المشرع وزع الصلاحيات بين مختلف الجهات الإدارية تفاديا لظاهرة تداخل الصلاحيات وظاهرة التنازع في الإختصاص بنوعه السلبي والإيجابي بما ينجر عن ذلك من فقد المواطن ثقته في الإدارة ومن إنتشار واسع لظاهرة البيروقراطية بمفهومها السلبي, ومن هنا أن تحديد الوظائف وتباين الإختصاص يدخل ضمن إطار نظرية التنظيم الإداري ، وهو مظهر من مظاهر تحكم الدولة في أجهزتها بما يعود بالنفع والفائدة سواء بالنسبة للجمهور أو للإدارة ذاتها(2), وتطبيقا للإختصاص الموضوعي نجد أن الدستور 1996 قد نص على الصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية وفصلها عن الإختصاصات المعهودة لرئيس الحكومة و التي جمعتها في * قيادة القوات المسلحة وتولي مسؤولية الدفاع وتقرير السياسة الخارجية ورئاسة مجلس الوزراء وتعيين رئيس الحكومة وتوقيع المراسيم الرئاسية وممارسة حق العفو وإستشارة الشعب في كل قضية ذات أهمية و إبرام المعاهدات وتسليم الأوسمة
(1) : الدكتور محمد الصغير بعلي ,المرجع السابق , ص62
(2) :الدكتور جلال خضير, أركان القرار الداري, كتاب منقول عن الموقع الإلكتروني www.ao-academy.com.
(3) : راجع المادتين 77و 78 من دستور 1996. (4) :راجع المادة 85 من دستور 1996.

والتعيين في وظائف كثيرة منها رئيس مجلس الأمة ورئيس مجلس الدولة الأمين العام للحكومة ومحافظ بنك الجزائر والقضاة والولاة ...(3)*, كماحدد صلاحيات رئيس الحكومة و حصرها في توزيع الصلاحيات بين أعضاء الحكومة ورئاسة مجلس الحكومة و السهر على تنفيذ القوانين و إصدار المراسيم التنفيذية والتعين في بعض الوظائف خارج
التعيينات الرئاسية والسهر على حسن سير الإدارة العامة (4).
و من القرارات القضائية الصادرة في هذا المجال قرار الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا المؤرخ في 7 أفريل 1991 ب.خ.ج ضد والي ولاية سكيكدة ومن معه, وتتمثل وقائع القضية في أن البنك الخارجي الجزائري وكالة سكيكدة طعن في مقرر بيع سكن صادر عن والي ولاية سكيكدة في إيطار قانون تنازل عن أملاك الدولة.
حيث أن الطاعنة (الوكالة) آثارت الدفع بعدم إختصاص الوالي في التصرف في ملكيتها وأنه تجاوز سلطته ، حيث ذهبت الغرفة الإدارية إلى القول : " حيث أن بالرجوع إلى الأمر 70-11 المؤرخ في 22 جانفي 1970 والمتضمن ذمة مؤسسات الدولة فإن العقارات السكنية أو المهنية المؤممة يعد إدراجها ملك للدولة.
حيث أن السكن موضوع النزاع يدخل في إطار هذا النص ....فللوالي الحق التصرف فيه " وبالنتيجة رفضت الغرفة الطعن أمامها(1).
ثالثا : الإختصاص الزمني
يكون القرار الإداري محترما للإختصاص الزمني إما لأنه صدر من شخص موظف يملك الصفة للقيام بذلك , أوأنه صدرخلال المدة التي يقررها القانون(2) . ومن ثم يمكن تعريف الإختصاص الزمني بأنه* النطاق الزمني الذي يكتسب من خلاله شخص ما صفة تؤهله لمباشرة صلاحيات تنتهي مدتها بإنتهاء هذه الصفة وزوالها عن المسؤول أو الموظف , فبداية الحياة الوظيفية تكون بصدور قرار التعيين الصادر عن الجهة المختصة ونهاية الصفة تكون بالتقاعد أو الوفاة أو الإستقالة, وبناءا على ذلك لا يجوز للموظف العام إصدار قرارات إدارية قبل الصفة وصدور قرار تعينه ، كما لا يجوز له إصدار قرارات إدارية بعد إحالته على التقاعد أو تقديم إستقالته وقبولها من الجهة المعنية لأنه في كلا الوضعيتين يكون غير مختص زمنيا بإصدار القرار لفقده الصفة.
و قدإستقر الفقه والقضاء في كل من فرنسا ومصرأنه إذا حدد المشرع مدة زمنية معينة لإصدار قرار ما ، ثم صدر هذا القرار بعد إ نتهاء هذه المدة أنه يتوجب معرفة إرادة المشرع بهذا الصدد ، فإذا رتب المشرع البطلان كجزاء على مخالفة قيد زمني وارد في النص محل مخالفة كان القرار حينئذ باطل لحكم المشرع عليه ولصدوره عن غير ذي إختصاص لفوات المدة ، أما إذا لم يقرر المشرع جزاءا عن مخالفة الميعاد فإن هذا القيد الزمني أو الأجل الوارد في النص لا يعد أن يكون إلا مجرد ميعاد تنظيمي القصد منه السرعة البت في إصدار القرارات الإدارية لا غير ، ولا يترتب على المخالفة البطلان(3), ومن القرارات القضائية الصادرة في هذا المجال قرار الغرفة الإدارية للمحكمة العليا بتاريخ 06-10-1991 في قضية س.ع ضد والي ولاية بسكرة رقم 85529 تتمثل وقائع هذه القضية في أن
(س.ع) بإعتباره فلاحا بزريبة الوادي إستفاد من 10 هكتارات لفلاحتها و هذا بموجب قرار صادر عن والي بسكرة بتاريخ 9-12-1985, غير أن والي الولاية أصدر قرار إلغاء إستفادة بما دفع المعني للجوء للقضاء بعد تقديم تظلم إداري لم تجب عنه الإدارة المعنية, وبعد دراسة الملف إنتهت الغرفة إلى نتيجة أن القانون 83-18 المتعلق
بحيازة الملكية العقارية الفلاحية في نص مادته 11 منح المعني 5 سنوات لإستغلال الأرض ، وأن والي الولاية المعني ألغى إستفادة قبل إنقضاء هذا الأجل(4).
رابعا :الإختصاص المكاني
ويتحدد هذا العنصر بالنطاق الإقليمي أو الجغرافي الذي تعمل في إطاره السلطة الإدارية بحيث يمنع عليها ممارسة اختصاصاتها خارج هذه الدائرة الإقليمية،أي يتم من خلال هذا الإختصاص تحديد النطاق المكاني الذي يجوز لرجل الإدارة أن يباشر اختصاصه فيه , فإذا تجاوز هذا النطاق , فإن قراراته كون مشوبة بعيب عدم الاختصاص ,
و من هنا يجب التمييز بين السلطات المركزية و السلطات المحلية حيث أن السلطات المركزية تصدر قرارات إدارية تمس مختلف إقليم الدولة ، فعندما يصدر رئيس الجمهورية مرسوما بإقرار حالة الطوارئ أو الحصار أو قرار الحالة الإستثنائية ، فإن قراره هذا يسري عبر كامل التراب الوطني, كذلك بالنسبة لرئيس الحكومة فهو يملك سلطة إصدار قرارات إدارية في شكل مراسيم تنفيذية تطبق على مستوى تراب الجمهورية كما يملك الوزير سلطة إصدار القرارات التي تخص قطاعه فتنفذ على مستوى التراب الوطني ، وعلى ذلك فإن الإختصاص المكاني للسلطة الإدارية المركزية إختصاص واسع يشمل كل جزء من أجزاء الإقليم الدولة الواحدة , أما بالنسبة للسلطات المحلية فإن قراراتها تسري إلا على المناطق التي حددها القانون حيث نجد أن الوالي و بموجب المادتين 2 و5 من قانون الولاية تلزم الوالي بمراعاة الإختصاص المكاني و إصدار القرارات الإدارية في حدود إقليم ولايته دون تجاوزه فلا يمكن أن نتصور قيام والي عنابة مثلا بإصدار قرار إداري يخص إقليم ولاية سوق أهراس, كذلك الأمر بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي البلدي الذي يلزمه القانون بإصدار قرارات إدارية في حدود إقليم بلديته ومن ذلك المادتين 2 و 5 من قانون البلدية .
الفرع الثالث : صور الإختصاص
أولا : الإختصاص المقيد و الإختصاص التقديري
1)الإختصاص المقيد
و يتحقق ذلك عندما تكون السلطة الإدارية المختصة بإصدار القرار لا تتمتع بحرية التصرف وسلطة التقدير والملاءمة لأن النظام القانوني قد شمل وأحاط بكل عناصر وأركان وشروط وظروف التصرف بصورة ملزمة، ولم يترك مجالا أو عنصرا أو ركنا للتقدير أو لحرية التصرف فيكون عندئذ الاختصاص مقيدا (1) ومن القرارات القضائية في هذا المجال قرار الغرفة الإدارية للمحكمة العليا الصادر بتاريخ 21 افريل 1990 حيث ذهبت الغرفة الإدارية الى القول : من المقرر قانونا انه يحق لكل موظف الذي يحال على لجنة الموظفين التي تجتمع في مجلس تأديبي أن يطلع على ملفه التأديبي فور الشروع في إجراءات القضية التأديبية و يمكن أن يقدم أي توضيح كتابي أو شفوي كما أنه يتعين بأي مدافع يختاره للدفاع عنه . و من ثم فان قرار فصل الطاعنة المتخذة دون احترام
المقتضيات القانونية و التنظيمات يعد مشوبا بعيب تجاوز السلطة (2).
2) الإختصاص التقديري
السلطة التقديرية هي أمر يتصل بتطبيق القواعد القانونية ومن ثم فإنها ترجع بالدرجة الأولى إلى موقف المشرع عند سن القواعد القانونية حيث صاغها بصورة مرنة، بحيث تنطبق على الحالات الخاصة وفقا للسلطة التقديرية لمن يتولى هذا التطبيق سواء أكان قاضيا أو رجل إدارة، مما يعني أن الإدارة تتمتع بقسط من حرية التصرف عند ممارستها لاختصاصاتها القانونية بحيث يكون لها تحديد اتخاذ التصرف أو الامتناع عن اتخاذه على نحو معين أو اختيار الوقت الذي تراه مناسبا للتصرف أو السبب الملائم له أو في تحديد محله، بيد أن ذلك لا يعني أبدا أن السلطة التقديرية تقترب من السلطة التحكمية أو التعسفية إذ العكس هو الصحيح فهي سلطة قانونية لا تخول للإدارة سوى الاختيار بين قرارين أو مسلكين أو أكثر باعتباره أكثر ملاءمة ومن أبرز الأمثلة على هذا الإختصاص سلطة الإدارة التقديرية في منح أو رفض رخصة بناء على طلب من مواطن ليشغل قطعة أرض من الأملاك العمومية لاستعمالها لأغراض خاصة(3), ومن القرارات القضائية الصادرة في هذا المجال قرار الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا بتاريخ 24/03/1993 قضية والي ولاية بشار ضد ي ب و تتمثل وقائع القضية أن السيد ي ب طعن بالبطلان في مقرر تم اتخاذه من والي بشار بتاريخ 15/05/1989 الذي أوقفه عن مهامه كمدير عام لمكتب الدراسات التقنية المتعددة الخدمات لولاية بشار و أسس طعنه انه وفى بكل التزاماته المهنية و أن مقرر التوقيف بني على نزاع آخر بسبب سكن وظيفي , حيث إن الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا ذهبت إلى القول : "حيث أن المرسوم 83-201 المؤرخ في 19/ماي 1983 الذي يبين ظروف إنشاء الهيئات و سير المؤسسات العمومية و المحلية ينص في مادته 18 على ان تعيين مدير مؤسسة ولائية يتم بموجب مقرر من الوالي و يتم إيقافه عن مهامه بنفس الطريقة. حيث أن التعيين و العزل فيما يخص المناصب النوعية يخضع للسلطة التقديرية للوالي " و بالنتيجة رفضت الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا الطعن(4) .
ثانيا : الإختصاص المنفرد و الإختصاص المشترك
1) الإختصاص المنفرد
ويكون عندما يمارس رجل السلطة الإدارية أو الإدارة المختصة في اتخاذ قرارات إدارية بصورة منفردة ومستقلة لا يشاركه في ذلك أي جهة أو سلطة أخرى, كما هو الحال بالنسبة لقرار التعيين أو التأديب .
2) الإختصاص المشترك:
ويكون عندما يتدخل التنظيم القانوني ويشترط لصدور بعض القرارات الإدارية اشتراك كل السلطات الإدارية المعنية والمختصة التي يصدر بشأنها القرار الإداري المراد اتخاذه ومن أمثلته: قرارات التوظيف، الترقية، الفصل وقبول الاستقالة، التي تصدر مشتركة بين الوزير، صاحب العمل، وزير المالية والوزير المكلف بالوظيفة العامة.
الفرع الرابع : مصادر الإختصاص
أولا :الدستور
إعترف الدستور الجزائري لبعض الأشخاص بممارسة بعض الاختصاصات ذات الطابع الإداري سواء بالنسبة لرئيس الجمهورية أو بالنسبة لرئيس الحكومة.
1- إختصاص رئيس الجمهورية
أ- سلطة التعيين:
إن موقع رئيس الجمهورية في أعلى الهرم الإداري يخول له صلاحية تعيين بعض المسئولين السامين في الدولة. لأن الرئيس لا يستطيع عملا أن يباشر صلاحية التعيين في جميع الوظائف السامية و كذلك إنهاء المهام و إلا أمضى جزءا كبيرا من وقته في إستعمال هذه الصلاحية على حساب مهام أخرى قد تفوق في أهميتها سلطة التعيين ,حيث نجد أن دستور 1976 قد خول بصفة مطلقة لرئيس الجمهورية حرية إختيار مساعديه , و هو ما نصت عليه المادة 113 من هذا الدستور, و رجوعا لدستور 1989 نجد أن سلطة التعيين تقاسمها كل من رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة حيث نصت المادة 74 منه:" يضطلع رئيس الجمهورية بالإضافة إلى السلطات التي تخولها إياه صراحة أحكام أخرى في الدستور بالسلطات و الصلاحيات التالية:..... يعين في الوظائف المدنية و العسكرية للدولة", و عندما نقارن بين المادة المذكورة و المادة 81 من نفس الدستور، نجد أن هذه الأخيرة خولت لرئيس الحكومة بمقتضى الفقرة الخامسة حق التعيين في وظائف الدولة و هو ما يطرح إشكالية التنازع الإيجابي خاصة و أن نص المادة 74 لم تبين بدقة الوظائف الخاضعة لتعيين الرئيس(1).
و رجوعا لدستور 1996 نجد أن المادة 77 منه نجدها أكثر دقة من سابقتها (م 74 من الدستور 89) خاصة و أنها ذكرت بعض المناصب السامية التي تخضع لتعيينات الرئيس هي: رئيس الحكومة, أعضاء الحكومة, رئيس مجلس الدولة, الأمين العام للحكومة, محافظ بنك الجزائر, القضاة , مسؤولو أجهزة الأمن, الولاة , السفراء, ثلاثة أعضاء في المجلس الدستوري بما فيهم الرئيس , و ثلث أعضاء مجلس الأمة ,. و 15 عضوا في المجلس الإسلامي الأعلى. رئيس مجلس المحاسبة(2), و رجوعا إلى دستور 1996 يتبين وظيفة التعيين لا تقبل التفويض خاصة بالنسبة للمؤسسات الدستورية. أي المؤسسات الواردة في الدستور و هي: رئاسة الحكومة و المجلس الدستوري و مجلس الدولة و محكمة التنازع و المحكمة العليا للدولة و مجلس الأمة و المجلس الإسلامي الأعلى و مجلس المحاسبة(3).
ب-السلطة التنظيمية :
و هي السلطة التي تشمل المجال الذي يخرج عن إختصاص المشرع , أي الاختصاص المنوط بهيئات السلطة
التنفيذية (الإدارة العامة) بسن قواعد عامة ومجردة (4). تعني هذه السلطة التشريع بأوامر.
و قد أسند دستور 1976 هذه السلطة كاملة لرئيس الجمهورية , و ذلك المادة 111/10و 11* يضطلع بالسلطة التنظيمية و يسهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات* , أما دستور1989 فقد أسند هذه المهمة لكل من رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة و ذلك وفقا للمادة 116 * يـمارس رئيس الـجمهورية السلطة التنظيـمية في الـمسائل غير الـمخصصة للقانون* وتقابل هذه المادة المادة 125 من هذا دستور 1996. و بما أننا بصدد الحديث عن سلطات رئيس الجمهورية في مجال التشريع بأوامر وجب التمييز بين حالتين :
1) الظروف العادية
أ- بين دورتي البرلمان طبقا للمادة 124 من الدستور.
ب- في حالة شعور المجلس الشعبي الوطني طبقا للمادة124 من الدستور.
ج- في الحالات الاستثنائية المنصوص عنها في المادة 93 من الدستور.
د- في حالة عدم المصادقة على قانون المالية في أجل أقصاه 75 يوما.
2) الظروف غير العادية
ظهرت هذه الفكرة في القانون الدستوري في أواخر القرن 19 في ألمانيا ,حيث كانت الدساتير الملكية تعترف للأمير بسلطة بإتخاذ أوامر مستعجلة لها قوة القانون , أما في فرنسا لم تظهر إلا عند الإستعداد للحرب العالمية الأولى و ثم إمتدت إلى سويسرا و رومانيا و اليونان (1)
أ - حالة الطوارئ:
و قد ظهرت هذه الأخيرة في فرنسا , بموجب الأمر 3 أفريل 1955 المعدل بالأمرين الصادرين في 7-8-1955 و 15 جانفي 1960, بسبب الثورة الجزائرية , حيث كان الغرض منها مواجهة الأوضاع السائدة في الجزائر , وهذا عن طريق توسيع سلطات الشرطة في مجال الأمن ,و بالتالي تقييد الحريات العامة, وذلك في حالة وقوع مساس خطير بالنظام العام , وقد إعتمدها الدستور الجزائري لكن ليس للأسباب السابقة , بل أقرها لمواجهة أي خطر يهدد النظام العام, ويقتصر دور الرئيس هنا على توجيه تعليمات في هذا الشأن لتوسيع سلطات الشرطة دون الحاجة لإعلان تلك الحالة (2), و قد نصت الدساتير الجزائرية على هذه الحالة (3)
ب- حالة الحصار
و قد ظهرت هذه الحالة أيضا في فرنسا , حيث نظمت بموجب قانون 9أفريل 1949 و قانون 3أفريل 1978, و تعتبر هذه الحالة أخطر من الحالة السابقة لأنها تسبق الحالة الإستثنائية , ويلاحظ أن الدساتير قد نصت على هذه الحالة في نفس المواد التي تبنت الحالة السابقة , وذلك لأن المشرع نص على الحالتين معا رغم الإختلا ف الوارد بينهما , حيث يرى غالبية الفقهاء أن حالة الطوارئ تتميز عن حالة الحصار لكون الثانية تتصل بالأعمال التخريبية
أو المسلحة كالعصيان أو التمرد، و هي حالة أقل خطورة من الحالة الاستثنائية أساسها و قوامها حالة الضرورة التي يعود لرئيس الجمهورية صلاحية تقديرها، كما أن الحالتين تختلفان من حيث الدرجة و الأثير على الحريات العامة و إنتقال السلطة في حالة الحصار إلى الجيش(4). و بالنظر إلى خطورة هاتين الإجرائين فقد وضع لهما المشرع قيود تتمثل في :
القيود الموضوعية:
أ- الضرورة الملحة:
و تتجسد في الخطر الذي يهدد سلامة الأشخاص و الممتلكات و الذي من أجله اعترف لرئيس الجمهورية باتخاذ بعض التدابير الاستثنائية منها إعلان حالة الطوارئ أو حالة الحصار.
ب- تقييد المدة :
إذا كان الأصل هو تمتع الأفراد بحرياتهم المنصوص عنها دستوريا، فإن تقييد هذه الحريات في حالة الطوارئ و حالة الحصار يشكل استثناء يرد على القاعدة. و من هنا وجب التقييد من حيث المدة. و إذا كان رئيس الجمهورية يتمتع بصلاحية تحديد المدة ، فإن تمديد هذه المدة مرهون بموافقة البرلمان بغرفتيه و هذا ما نصت عليه المادة 91 المذكورة.(1) ويلاحظ أن دستور 1989 لم يورد عبارة* البرلمان بغرفتية*, بل أورد عبارة *المجلس الشعبي الوطني * لأن مجلس الأمة آنذاك لم يكن موجود , فقد تم إنشاءه بموجب دستور1996.
القيود الشكلية:
أ- اجتماع المجلس الأعلى للأمن:
و هو عبارة عن مؤسسة دستورية تضم قياديين في السلك المدني و العسكري كرئيس الحكومة و وزير العدل و وزير الداخلية و وزير الخارجية و رئيس المجلس العدل و وزير الداخلية و وزير الخارجية و رئيس المجلس الشعبي الوطني و رئيس أركان الجيش و غيرهم، و الغرض من إجتماع هذه المؤسسة الدستورية هو سماع رأيها من حيث تشخيص درجة الخطر و تحديد الإجراءات الواجبة الإتباع, و يلاحظ أن هذا الشرط لا يقيد رئيس الجمهورية لا سيما أنه رئيسه, ورغم ذلك ونظرا لخطورة القرار الذي سيتخذه , فإنه عمليا لايتخذ هذا القرار دون استشارة هذا المجلس.
ب- استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني و رئيس مجلس الأمة:
نظرا للدور الذي تلعبه المؤسسة التشريعية على الصعيد الداخلي خاصة أوجب المؤسس الدستوري استشارة رئيسها سواء تعلق الأمر بالغرفة الأولى أو الثانية(2).
ج- إستشارة رئيس الحكومة:
إن رئيس الحكومة عضو في المجلس الأعلى للأمن و رغم ذلك ذكره الدستور ضمن الشخصيات الواجب أخذ رأيها
قبل إعلان حالة الطوارئ لأنه مكلف بتنفيذ القوانين و التنظيمات(3).
د- استشارة رئيس المجلس الدستوري
يلعب المجلس الدستوري دورا رائدا في المحافظة على المبادئ الدستورية و رعاية الحقوق و الحريات العامة. و بالنظر لمركزه و دوره الدستوري وجب سماع رأي رئيسه, كما أن رئيسه يتولى رئاسة الجمهورية في حالة شغور هذا المنصب ,وإذاكان المجلس الشعبي الوطني منحل > (كانت هذه الحالة قبل 1996, أين لم يكن هناك مجلس الأمة , أما حاليا ففي حالة حدوث مانع للرئيس أدى به إلى عدم إمكانه مواصلة القيام بهذه المهمة , فان رئيس مجلس الأمة هو من يتولى مهامه لمدة 45 يوم مع الإشارة إلى أن مجلس الأمة لا يحل)
ج- الحالة الإستثنائية:
تصنف هذه الحالة على أنها اخطر من الحالتين السابقتين , وذلك لأنه لم يعد هناك ضرورة ملحة فقط , بل هناك خطر وشيك , يهدد مؤسسات البلاد أو إستقلالها و سلامة ترابها(1), و قد تبنت الدساتير الجزائرية هذه الحالة أيضا(2), وبالرجوع إلى دستور 1996 نجد أنه يمكن لرئيس الجمهورية في هذه الحالة التشريع بأوامر(3), و تتخذ هذه الأوامر في مجلس الوزراء, و بما أن هذه الحالة أيضا تمس بحريات الأفراد فقد وضع لها المشرع قيود تتمثل في :
القيود الموضوعية:
و تتمثل في الخطر الذي يهدد مؤسسات الدولة أو استقلالها أو سلامة ترابها، و من هنا فإن الأمر لم يعد حالة ضرورة كما سبق البيان بالنسبة لحالة الطوارئ أو الحصار، بل هناك خطر أشد وقعا و أثرا و له نتائج سلبية مما يفرض إتخاذ إجراء أكثر صرامة من إعلان حالة الطوارئ أو الحصار(4).
القيود الشكلية:
إجتماع المجلس الشعبي الوطني مجلس الأمة:
و قد فرض سماع رأيهما ,إذلا يعقل أن تكون البلاد مهددة بخطر وشيك و يكون النواب و الأعضاء في إجازة.
ب- المجلس الدستوري:
أوجب المؤسس الدستوري في حالة الطوارئ و الحصار سماع رأي رئيس المجلس الدستوري، و في الحالة الاستثنائية فرض سماع رأي المجلس الدستوري ككل مما يوسع دون شك من دائرة الضمانات المقررة لرعاية الحريات العامة و يضفي على قرار الرئيس شرعية أكثر.
ج- المجلس الأعلى للأمن
و الحكمة في إجتماعه و سماع رأيه هو تشخيص حالة الخطر تشخيصا أمنيا بتحليل مواطنه و أسبابه و تحديد سبل مقاومته, ويلحظ هنا أن الدستور لم يخول للرئيس تقرير هذه الحالة إلا بعد الإستماع لأعضاء هذا المجلس, وليس الإجتماع به كما في الحالتين السابقتين.
د- مجلس الوزراء:
و هو هيئة دستورية يترأسها رئيس الجمهورية طبقا للمادة 77/4 و يتشكل من مجموع الوزراء الذين يتألف منهم الطاقم الحكومي. و لا شك أن عرض الأمر على هذه الهيئة يمثل صور من توسيع دائرة الاستشارة و يجعل الرئيس في وضعية يحاط فيها بجملة من الآراء قبل أن يتخذ القرار الذي يناسب الوضعية(5).
د- حالة الحرب :
و هي الحالة الأخطر و الأشد من الحالات السابقة , وقد تبنت الدساتير الجزائرية هذه الحالة (1) , وخلال مدة الحرب يوقف العمل بالّدستور مدة حالة الحرب ويتولى رئيس الجمهورية جميع السّلطات, وإذا انتهت المدّة الرئاسية لرئيس الجمهورية تمدّد وجوبا إلى غاية نهاية الحرب, و في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته أو حدوث أي مانع آخر له، يخوّل رئيس مجلس الأمة باعتباره رئيسا للدّولة، كل الصّلاحيات التي تستوجبها حالة الحرب، حسب الشروط نفسها التي تسري على رئيس الجمهورية, و في حالة اقتران شغور رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الأمة، يتولى رئيس المجلس الدّستوري وظائف رئيس الدّولة حسب الشروط المبينة سابقا(2), وقد وضع لها المشرع قيود تتمثل في :
1) الشروط الموضوعية :
و تتمثل في وقوع العدوان أوكونه وشيك الوقوع, و الذي يتم تبيانه من خلا الإعتداء على البلاد, و من ثم فإنه يترتب عن إعلان حالة الحرب التحضير العسكري و جمع الجيش (3).
2) الشروط الشكلية :
أ-إجتماع مجلس الوزراء
ب- الإستماع إلى المجلس الأعلى للأمن
ج-إجتماع المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة
د- توجيه خطاب للأمة :
إن إعلان حالة الحرب يستدعي توجيه خطاب للأمة من طرف رئيس الجمهورية, يعلمها فيه بالإجراء الذي سيتخذه
, و ما يترتب عن ذلك من تقييد للحريات العامة (4).
2- اختصاص رئيس الحكومة :
عند تفحص المادة 85 من الدستور وأحكام قانونية أخرى في الدستور ، نجد أن اختصاصات رئيس الحكومة متعددة ومتنوعة في ظل الدستور الحالي، الذي حاول إعطاء نوع من الاستقلالية للحكومة، وخاصة رئيسها. فبالإضافة إلى ممارسته لبعض من أعمال الحكومة (أعمال السيادة) Actes de Gouvernements والمتمثلة أساسا في ما يقوم به من تصرفات في علاقته بالسلطة التشريعية من تقديمه لبرنامج حكومة ومناقشته أمام المجلس الشعبي الوطني وتحضير مشاريع القوانين ومناقشتها أمامه، فإن أهم الصلاحيات ذات الطابع الإداري تتمثل خاصة في سلطة التعيين، والسلطة التنظيمية(1).
أ- سلطة التعيين :
يعين رئيس الحكومة المسؤولين الساميين في الوظائف المدنية خارج إطار المادتين77 و78 من الدستور، وسلطة رئيس الحكومة في التعيين واسعة، بحيث تطال مختلف مجالات ومستويات الإدارة العامة إلا ما خولته النصوص صراحة لرئيس الجمهورية , حيث نجده مثلا يعين مدراء التربية على مستوى الولايات ومدراء الصحة ومدراء النقل ومدراء التجارة ومدراء الفلاحة ومدراء المراكز الجامعية ...الخ (2).
ب- السلطة التنظيمية
تتجلى التصرفات القانونية لرئيس الحكومة في ما يوقعه من مراسيم تنفيذية تطبيقا وتجسيدا لبرنامج حكومته.
وإذا كانت السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية مستقلة وواسعة، فإن السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة مرتبطة بالسلطة التشريعية ذلك أن المادة 125 (فقرة2) تنص على:" يندرج تطبيق القوانين في المجال التنظيمي الذي يعود لرئيس الحكومة". وهو ما تشير إليه أيضا المادة 85 (فقرة3) من الدستور التي تنص على أن "يسهر (رئيس الحكومة) على تنفيذ القوانين والتنظيمات"، فهي تسند لرئيس الحكومة مهمة تنفيذ القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية إضافة للتنظيمات (المراسيم) الصادرة عنه وعن رئيس الجمهورية.
كما يمارس رئيس الحكومة عدة صلاحيات أخرى وهي:
ج- توزيع الصلاحيات بين أعضاء الحكومة :
أي أن تنظيم الطاقم الوزاري هو من صلاحيات رئيس الحكومة فبعد تعيين رئيس الجمهورية لأعضاء الحكومة يتولى رئيس الحكومة بموجب مرسوم تنفيذي رسم صلاحيات كل وزير ضمن الطاقم الحكومي فهو إذن من يقسم العمل بين هؤلاء و يضبط الاختصاص تفاديا لتنازع الاختصاص.
د-إعداد برنامج الحكومة :
يقوم رئيس الحكومة بعد تعيينه من قبل رئيس الجمهورية باختيار أعضاء حكومته وتقديمهم لرئيس الجمهورية الذي يعينهم، ثم يعد برنامج حكومته و يعرضه على مجلس الوزراء، ثم يقدمه إلى المجلس الشعبي الوطني للموافقة
عليه(4), و يعمل رئيس الحكومة على تنفيذ برنامج حكومته الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني(5) .
ثانيا : قواعد التشريع
و من أمثلة ذلك:
قانون البلدية الذي نص على أن يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي باسم البلدية بــ".. توظيف عمال البلدية و تعيينهم و تسييرهم..." و من هنا اعترف النص المذكور لرئيس المجلس الشعبي البلدي بممارسة اختصاص تعيين مجموعة موظفي البلدية ما لم يستثن القانون فئة معينة يخول سلطة تعيينها لجهة أعلى, كما نص هذا الأخير على الإختصاص الإداري العام لرئيس البلدية كممثل للدولة في مجال الضبط الإداري (1)
كما أ ن قانون الولاية نص على أنه يمكن للوالي تعيين موظفي الولاية خارج الفئة أو الفئات التي اعترف التشريع أو التنظيم بسلطة تعيينها لجهة إدارية أعلى(2).
كما نجد في القانون العضوي 98-01 المتعلق بمجلس الدولة حدد إختصاصات رئيسه,حيث نجده يسير مجلس الدولة و يسهر على التنظيم العام لأشغال مجلس الدولة (المادة 22 من القانون العضوي), يعد التقرير العام السنوي لحصيلة عمل المجلس و يرفعه إلى رئيس الجمهورية و يبلغ نسخة منه إلى وزير العدل (المادة 6 من القانون العضوي), ويترأس إجتماع إنعقاد الغرف المجتمعة, و بموجب هذا الإختصاص يعد جدول الإجتماع (المادة 32 من القانون العضوي), يمكن لرئيس مجلس الدولة عند الضرورة أن يترأس أية غرفة (الفقرة الثانية من المادة 34 من القانون العضوي ...إلخ (3)
ثالثا: قواعد التنظيم
- المرسوم التنفيذي رقم 90-12 المؤرخ في 01-02 -1990 المتضمن صلاحيات وزير الفلاحة
- المرسوم التنفيذي رقم 94 – 247 المؤرخ في 10-08-1994 المحدد لصلاحيات وزير الداخلية و الجماعات المحلية.
- المرسوم التنفيذي رقم 94-265 المؤرخ في 6-11-1994 المحدد لصلاحيات وزير التربية الوطنية.
- المرسوم التنفيذي 95 رقم -54 المؤرخ في 15-02-1995 المحدد لصلاحيات وزير المالية.
- المرسوم التنفيذي رقم 03-135 المؤرخ في24-03-2003 المحدد لصلاحيات وزير الصناعة. (4)


المطلب الثاني: ركن الشكل و الإجراءات :
الفرع الأول : تعريفه
تعني الإجراءات الخطوات التمهيدية التي يجب أن يمر بها القرار قبل اتخاذه , (تعريف عام )أو هو الشكل هو المظهر الخارجي الذي يتخذه القرار الإداري , أي القالب المادي الذي يفرغ فيه (تعريف خاص بالشكل) ,أو الإجراءات التي تعبر بها الإدارة عن إرادتها الملزمة للأفراد ( تعريف خاص بالإجراء), فالأصل أن الإدارة غير ملزمة بأن تعبر عن إرادتها بشكل معين إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك , وفي هذه الحالة يجب أن يتخذ القرار الشكلية المقررة لصدوره, كأن يشترط القانون ضرورة أن يكون القرار مكتوباً , أو استشارة جهة متخصصة قبل إصداره أو تسبيبه إلى غير ذلك من أشكال أخرى (1).
الفرع الثاني : أهميته
أ- تحقيق المصلحة العامة
و تتمثل في ألزام الإدارة بإتباع الأصول والتروي وعدم التسرع في اتخاذ قرارات خاطئة,أي أنه يعصم الإدارة من مخاطر التسرع وتدفعها إلى اتخاذ قرارات مدروسة بما يحافظ على مبدأ الشرعية في الدولة, كما أنه يهدف إلى إتخاذ قرارات مدروسة و الحفاظ على مبدأ المشروعية (2).
ب- تحقيق المصلحة الخاصة
وذلك في حماية مصالح وحقوق وحريات الأفراد من انحرافات وتعسف وتسرع وارتجال السلطات الإدارية أثناء القيام بأعمالها ووظائفها لذلك جل الشكليات الجوهرية والإجراءات الوجوبية في القرار الإداري قد قررها المشرع والقضاء الإداري بهدف تأكيد وضمان حماية حقوق وحريات ومصالح الأفراد لأنها توفر للسلطات الإدارية فرص التروي والرؤية الواضحة والتأني في الوصول إلى الحقيقة بسلامة ومعقولية وشرعية (3). مثال عند نزع الملكية لصالح المنفعة العمومية , وجب على الإدارة القيام العديد من الإجراءات قبل إصدار هذا القرار(4).
الفرع الثالث : أنواع الشكليات والإجراءات
1-الأشكال التي تؤثر في مشروعية القرار الإداري ( الأشكال الجوهرية)
لا يمكن أن نحصر الأشكال والإجراءات التي يترتب على مخالفتها بطلان القرار الإداري إلا أن المستقر في الفقه والقضاء الإداري أن أهم هذه الشكليات تتعلق بشكل القرار ذاته , وتسبيبه والإجراءات التمهيدية السابقة على إصداره , والأشكال المقررة لحماية مصالح المخاطبين بالقرار أو التي تؤثر في الضمانات المقرر للأفراد في مواجهة الإدارة
2- الأشكال التي لا تؤثر في مشروعية القرار الإداري :
هي التي لم ينص القانون على ضرورة الالتزام بها أو أنها مقررة فقط ,أي أنه لا يترتب البطلان على كل مخالفة للشكليات دون النظر إلى طبيعة هذه المخالفة , وقد استقر القضاء الإداري على أن الإجراءات الثانوية والتي لا يترتب على مخالفتها بطلان القرار الإداري على نوعين : النوع الأول يتمثل في الأشكال والإجراءات المقررة لمصلحة الإدارة , أما النوع الثاني فيتعلق بالأشكال والإجراءات الثانوية التي لا تؤثر في مضمون القرار كإغفال الإدارة ذكر النصوص القانونية التي كانت الأساس في إصداره (5).
الفرع الرابع : نماذج من الأشكال والإجراءات
أ) نماذج من الاشكال
1- وجوب تسبيب قرار إداري :
وقد يشترط القانون أو التنظيم وجوب ان القرار يكون مسببا أي يستند الى مجموعة من اسباب بررت إصداره ووجوده كما لو تعلق القرار الإداري بتوقيف منتخب بلدي بسبب المتابعة الجزائية هنا يلزم الوالي باصدار قرار معلل حسب المادة 32 من قانون البلدية أو تعلق القرار بإبطال مداولة لمخالفتها للقانون أو خرقها لقواعد الاختصاص ففي هذه الحالة يلزم الوالي وبحسب نص المادة 44 من قانون البلدية باصدار قرار مسبب ويلزم الوالي ايضا وتطبيقا لنص المادة 82 من قانون البلدية بتسبيب قراره عند ممارسته لسلطة الحلول في بلديتين أو أكثر إذا كان التزام العام مهدد فيها, ويلزم وزير الداخلية في مواضع محددة هو الأخر بتسبيب قراراته إذا تعلق الأمر بتوقيف (المجلس الشعبي الولائي) بسبب متابعة جزائية وهذا حسب المادة 41 من قانون الولاية , ويلزم بتسبيب قراره( يلزم بابراز حالة خرق القانون او التنظيم او حالة المداولة في موضوع خارج الاختصاص المجلس الشعبي الولائي أو حالة عقد اجتماع غير رسمي) في قراره المتعلق بإبطال مداولة مجلس شعبي ولائي بطلان مطلقا وهذا حسب المادة 51 من نفس القانون, كما يلزم في قراره المتعلق بإبطال مداولة مجلس شعبي ولائي بطلان نسبي بتسبيب قراره وهذا حسب المادة 53 من نفس القانون(1).
2- تحييث القرار :
يقصد بالتحييث ذكر النصوص المرجعية المعتمدة عليها لاصدار قرار ما وقد يتعلق الأمر بقانون او تنظيم فحين يصدر المسؤول الإداري قرار تعيين ذكر النصوص الرسمية المتعلقة بالتعيين وكذلك الامر عند اصداره لقرار ترقية أو تأديب او انتداب(2), وإذا كان مجلس الدولة الفرنسي لا يرتب أثرا على إغفال هذه الحيثيات غير أنه وبالرجوع لكثير من القرارات الصادرة عن جهات إدارية مختلفة نجدها تستلزم هذا الجانب عند تحريرها(3)
-3 التوقيع :
يفرض إصدار قرار اداري التوقيع عليه من جانب الجهة المختصة أو السلطة المخولة قانونا القيام بهذ العمل , سواء ورد هذا الإجراء في نص قانوني أم لم يرد, وذلك من أجل إضفاء المزيد من المصداقية و الحجية على الوثائق
الإدارية(4).
ب- نماذج من الاجراءات :
1- الإستشارة الإلزامية
ويتجلى هذا النوع من الإستشارة عندما يلزم القانون الإدارة القيام بذلك, ومن ذلك ما في نص المادة32 من قانون البلدية*عندما يتعرض منتخب إلى متابعة جزائية تحول دون مواصلة مهامه يمكن توقيفه* و لكن قرار الوالي هنا
لابد أن يكون مستوفي لإجراء مهم ألا وهو إستشارة المجلس الشعبي البلدي الذي ينتمي إليه العضو(1)
2- وجوب تمكين المعني من ممارسة حق الدفاع :
يحتل الحق في الدفاع في علم القانون عامة مكانة متميزة ولا غرابة في ذلك فهو من المبادئ المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي الدساتير والقوانين المختلفة وهو من المبادئ المكرسة أيضا في مجال الإدارات العمومية فقد نصت المادة 65 من المرسوم التنفيذي رقم 82-302 المؤرخ في 11 سبتمبر 1982 المتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية على مايلي *لا تسلط العقوبة إلا بعد سماع العامل( الموظف) المعني إلا إذا رفض المثول وتمت المعاينة قانونا, و للعامل الحق في الإطلاع على ملفه , و يمكنه زيادة على ذلك أن يستعين لدى الإستماع إليه بأحد العمال أو أي شخص يختاره*
وبناءا عليه فان كل عقوبة ادارية تصدر خارج هذه القيود الاجرائية والضمانات التأديبية تكون عرضة للإبطال قضائيا طالما تعلق الأمر بإجراءات جوهرية(2), ومن القرارات القضائية الصادرة في هذا المجال نجد
قرار الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا بتاريخ 10-03-91 ح.م ضد والي ولاية تيزي وزو ملف 62458 وتتلخص وقائع القضية في أن والي ولاية تيزي وزو أصدر قرار بنزع الملكية عقار في إطار الأمر 76-48 المؤرخ في 28-05-76 المتعلق بقواعد نزع الملكية من اجل المنفعة العمومية وطعن قضائيا في هذا القرار كونه صدر دون إجراء التحقيق للمنفعة العامة ولما تبين للغرفة الإدارية بالمحكمة العليا ورجوعا لملف الدعوى أن القرار المطعون فيه لم يشر لإجراء التحقيق ولا إلى مقرر مصرح بالمنفعة العامة بما يجعله يصطدم مع مقتضيات المادة 3 و4 من الأمر أعلاه لذا قضت الغرفة بإبطال مقرر والي ولاية تيزي وزو المؤرخ في 01-10-1987(3)
المطلب الثالث : ركن المحل
الفرع الأول : تعريفه
يقصد بمحل القرار الإداري ذلك الأثر القانوني الناتج عنه سواء تمثل هذا الأثر في إنشاء مركز قانوني قائم او إلغاء هذا المركز و من أمثلة ذلك قرار التعيين الذي محله إنشاء مركز قانوني جديد يتمثل في شغل منصب جديد , مما يترتب عليه حقوق و إلتزامات طبقا لقانون الوظيف العمومي(1),كذلك القرار الذي يصدر بفصل موظف محله هو قطع العلاقة بين الإدارة والموظف..والقرار الصادر بإبعاد أجنبي عن البلاد لمخالفة الأنظمة محله مغادرة الشخص المبعد للبلاد.. وهكذا لكل قرار إداري محل هو الأثر القانوني الذي يترتب عليه والذي تريده الجهة الإدارية التي أصدرته(2)
الفرع الثاني : شروط المحل
1) أن يكون القرار مشروعا
يقصد بمشروعية القرار الإداري أن لا يتعارض مضمون القرار مع التشريع الجاري به العمل داخل الدولة سواء كان تشريعا اساسيا (الدستور) او تشريعا عاديا (القانون) او تشريعا تنظيميا (كالمراسيم بنوعيها والقرارات), أي أن الأثر
القانوني الذي تريد ترتيبه لابد أن لا يخالف النظام القانوني لتلك الدولة
2-أن يكون القرارممكنا
إلى جانب المشروعية وجب أن يكون محل القرار ممكنا غير مستحيل فمثلا إذا صدر قرار بترقية موظف فان الأثر الناجم عنه هو تغيير تصنيفه من درجة أو سلم إلى درجة أو سلم أعلى بما يترتب عن ذلك من أثار فان ثبت أن الموظف توفى قبل صدور القرار فان القرار سوف لن يكون ممكنا.(3)
المطلب الرابع : ركن السبب
الفرع الأول : تعريفه يقصد بالسبب الحالة الواقعية (حدوث إضطرابات في مختلف أجزاء إقليم الدولة يدفع الادارة المعنية بالتدخل للمحافظة على الأرواح والممتلكات وللتحكم في الوضع الأمني حيث يصدر رئيس الجمهورية مثلا مرسوما رئاسيا يعلن حالة طوارئ أو الحصار أو يقر الحالة الاستثنائية.فهذه القرارات الضبطية الصادرة عن رئيس الجمهورية في شكل مراسيم رئاسية لا تصدر هكذا دون مسوغ أو سبب وإنما لمواجهة حالة واقعية تمثلت في الفوضى والعنف والاعتداء والسلب ) أو القانونية ( إرتكاب موظف لخطأ تأديبي فهذا مما يترتب عنه مساءلته تأديبيا فإصدار قرار العقوبة التأديبية لم يتم هكذا دون مبرر وإنما لسبب ارتكاب الموظف لخطأ تأديبي), التي تسوغ إصدار هذا القرار أي أن السبب هو الواقع والظروف المادية والقانونية التي دفعت الإدارة لإصدار قرارها(4), مع ملاحظة أن السبب يختلف عن التسبيب إذ يقصد بالثاني ذكر الاسباب في صلب القرار الإداري فهو على هذا النحو إجراء شكلي سبق الحديث عنه في ركن الشكل والإجراءات أما السبب فهو ركن من أركان القرار الإداري ودونه لا يمكن تصور إصدار القرار. بينما التسبيب تلزم الإدارة به إلا إذا فرضه نص صريح , ومن أمثلة ذلك ما ذكرناه سابقا وكذلك بالنسبة لوزير الداخلية عند إيقافه منتخب ولائي ( المادة 41 من القانون 90-09) ووالي الولاية عند إيقافه لمنتخب بلدي ( المادة 32 من القانون 90-08) وذات الامر فيما يخص إلغاء مداولات المجلس الشعبي الولائي او البلدي.
الفرع الثاني : شروط السبب:
1- أن يكون سبب القرار قائماً وموجوداً حتى تاريخ اتخاذ القرار : ويتفرع من هذا الشرط ضرورتان الأولى أن تكون الحالة الواقعية أو القانونية موجودة فعلاً وإلا كان القرار الإداري معيباً في سببه , والثاني يجب أن يستمر وجودها حتى صدور القرار فإذا وجدت الظروف الموضوعية لإصدار القرار إلا أنها زالت قبل إصداره فإن القرار يكون معيباً في سببه وصدر في هذه الحالة , كذلك لا يعتد بالسبب الذي لم يكن موجوداً قبل إصدار القرار إلا أنه تحقق بعد ذلك , وأن جاز يكون مبرراً لصدور قرار جديد
2-أن يكون السبب مشروعاً
وتظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة للإدارة , عندما يحدد المشرع أسباباً معينة يجب أن تستند إليها الإدارة في لإصدار بعض قراراتها , فإذا استندت الإدارة في إصدار قرارها إلى أسباب غير تلك التي حددها المشرع فإن قراراها يكون قابلا للإلغاء لعدم مشروعية سببه, بل أن القضاء الإداري درج على أنه حتى في مجال السلطة التقديرية لا يكفي أن يكون السبب موجوداً بل يجب أن يكون صحيحاً ومبرراً لإصدار القرار الإداري ,
وقد تطورت رقابة القضاء على ركن السبب في القرار الإداري من الرقابة على الوجود المادي للوقائع (وهي أول درجات الرقابة القضائية على ركن السبب في القرار الإداري , فإذا تبين أن القرار المطعون فيه لا يقوم على سبب يبرره فأنه يكون جديراً بالإلغاء لانتفاء الواقعة التي استند عليها , أما إذا صدر القرار بالاستناد إلى سبب تبين أنه غير صحيح أو وهمي وظهر من أوراق الدعوى أن هناك أسباب أخرى صحيحة فأنه يمكن حمل القرار على تلك الأسباب) إلى رقابة الوصف القانوني لها (وهنا تمتد الرقابة لتشمل الوصف القانوني للوقائع التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها فإذا تبين أن الإدارة أخطأت في تكييفها القانوني لهذه الوقائع فأنه يحكم بإلغاء القرار الإداري لوجود عيب في سببه , بمعنى أنه إذا تحقق القاضي من وجود الوقائع المادية التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها يتنقل للبحث فيما إذا كانت تلك الوقائع تؤدي منطقياً إلى القرار المتخذ , إلى أن وصلت إلى مجال الملائمة أو التناسب (الأصل أن لا تمتد رقابة القضاء الإداري لتشمل البحث في مدى تناسب الوقائع مع القرار الصادر بناءً عليها , لأن تقدير أهمية الوقائع وخطورتها مسألة تدخل ضمن نطاق السلطة التقديرية للإدارة
إلا أن القضاء الإداري في فرنسا ومصر أخذ يراقب الملائمة بين السبب والقرار المبني عليه لا سيما إذا كانت الملائمة شرطاً من شروط المشروعية وخاصة فيما يتعلق بالقرارات المتعلقة بالحريات العامة . ثم امتدت الرقابة على الملائمة لتشمل ميدان القرارات التأديبية)(1) .
المطلب الخامس :ركن الغاية
الفرع الأول : تعريفه
يمكن تعريف غاية القرار بأنها* النتيجة النهائية التي يسعى رجل الإدارة إلى تحقيقها أو الهدف الذي يراد تحقيقه من القرار الإداري*(1), و تختلف غاية القرارفالسبب هو حالة واقعية أو قانونية خارجية مستقلة عن رجل الإدارة وبالتالي فهو عنصر موضوعي مستقل عن رجل الإدارة، أما الغاية فهي النتيجة النهائية التي يسعى رجل الإدارة إلى تحقيقها، فهي ذات طبيعة شخصية تتصل بنية مصدر القرار الإداري ونفسيته، إلا أنه على الصعيد العملي ترتبط غاية القرار بسببه بصلات وثيقة لأن رجل الإدارة حين يصدر قراره فإنه يكون مدفوعا بالسبب والغرض معا الإداري عن سببه مثال وإذا أصدرت الإدارة قرارا ضبطيا (مرسوم رئاسي موضوعه إعلان حالة طوارئ أو حصار مثلا) فالسبب هنا هو حالة ما واقعة دفعتها لذلك كانتشار الفوضى وأعمال السلب والتخريب والإعتداء المسلح أما الغاية فتتمثل في حماية النظام العام, كما تختلف الغاية عن المحل ,فالغاية هي الأثر البعيد للقرار الإداري , بينما بينما محل القرار الإداري هو الأثر الحال و المباشر مثال صدور قرار بفصل موظف عن الوظيفة فمحل القرار العلاقة الوظيفية وسببه الوقائع والتصرفات المنسوبة للموظف المسؤول تأديبيا أما غايته فتتجلى في الحرص على حسن سير المرافق العامة وضبط سلوك الموظف والتحكم فيه(2).
الفرع الثاني :أهداف(غاية) القرار الإداري
1-تحقيق المصلحة العامة
و تتمثل في سعي رجل الإدارة في الإستجابة لمتطلبات الجمهور ,ومثال ذلك المادة 6 من المرسوم رقم 88-131 التي نصت على*تسهر الإدارة دوما على تكييف مهامها و هياكلها مع إحتياجات المواطنين و يجب أن تضع تحت تصرف المواطنين خدمة جيدة*
2-تخصيص الأهداف
إذا كانت القاعدة أن القرارات الإدارية جميعها و بغير استثناء يجب أن تستهدف تحقيق المصلحة العامة فإن هناك أيضا قاعدة أخرى تضاف إلى هذه القاعدة و تكملها و تقضي بوجوب استهداف القرارات الإدارية تحقيق الأهداف الذاتية المتخصصة التي عينها المشرع في المجالات المحددة لها, و يكون القرا ر الإداري مشوبا بالانحراف في السلطة في هذه الحالة , كلما كان الباعث على إتخاذه هو تحقيق هدف غير الذي أراده المشرع حين منح الإدارة السلطة في اتخاذ هذا القرار بالذات و لا يهم بعد ذلك أن يثبت أن الإدارة كانت تهدف من القرار الذي اتخذته تحقيق مصلحة عامة , ما دامت هذه المصلحة غير المصلحة التي حددها المشرع
عيوب ركن تخصيص الأهداف
إساءة إستعمال السلطة يكون القرار الإداري مشوبا بهذا العيب السلطة بسبب إتجاه الموظف إلى تحقيق مآرب شخصية, أو مالية أو سياسية, خارج المصلحة العامة ,أو المصلحة التي حددها المشرع(1).
1- أشكال الإنحراف بالسلطة
أ-البعد عن المصلحة العامة: وذلك من خلال استهداف أغراض شخصية أو محاباة للغير أو بغرض الانتقام أو تحقيق غرض سياسي أو حزبي.
ب-مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف: حينها يحدد القانون للإدارة تحقيق هدف معين من خلال إصدار قرارها فإن السعي على غير ذلك الهدف يصيب القرار بعيب الانحراف بالسلطة مما يستدعي إلغاءه حتى وإن تذرعت الإدارة باستهداف المصلحة العامة(2)
2-آثار الإنحراف بالسلطة
أ- البطلان الإداري:
إذا صدر قرار إداري وثبت فيه الانحراف بالسلطة والإساءة باستعمالها ورفع المعني مثلا تظلما أمام الجهة الوصائية جاز لهذه الهيئة بما يخولها القانون من سلطة إلغاء القرار الإداري إلغاء إداريا فلا ينفذ مضمونه.
ب- الإلغاء القضائي :
إذا رفع المعني تظلما إداريا ولم تستجب جهة الوصية أو انه لجأ للقضاء الإداري مباشرة دون رفع تظلم حيث يقوم القاضي الإداري يفحص القرار المطعون فيه بشأن الهدف فان ثبت لديه الانحراف بالسلطة سارع إلى التصريح بإلغاء القرار الإداري, كما نصت المادة نصت المادة 22 من الدستور (1996) على أن " يعاقب القانون على التعسف في استعمال السلطة " ونصت المادة 5 من المرسوم 88-131 المذكور على أن " يترتب على كل تعسف في ممارسة السلطة تعويضا وفقا للتشريع لمعمول به دون المساس بالعقوبات الجزائية والمدنية والتأديبية التي يتعرض لها المتعسف.(3). ومن القرارات القضائية في هذا المجال, قرار الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا سابقا
حيث ذهبت الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا سابقا في قراراتها صدر بتاريخ 23-02-1998 ملف رقم 157362 فريق ق.ع.ب ضد والي ولاية قسنطينة أن نزع الملكية لا يكون ممكنا إلا إذا جاء تنفيذا لعمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية مثل التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط وتتعلق بإنشاء تجهيزات جماعية ومنشئات وأعمال كبرى ذات منفعة عمومية. ولما كان ثابتا في القضية المعروضة عليها ان القطعة الأرضية محل النزع التي منحت للبلدية قد جزئت للخواص وسمحت لهم ببناء مساكن فهنا تبين أن الإدارة خرجت عن الهدف المقرر من وراء نزع الملكية.
وبالنتيجة قررت الغرفة ابطال المقرر المؤرخ في 26-12-1989 والمقرر المؤرخ في 25-12-1991 والمقرر المؤرخ في 19-03-1995.(4)
المبحث الثالث أنواع القرارات الإدارية
المطلب الأول : القرارات الإدارية من حيث التكوين
الفرع الأول : قرارات إدارية بسيطة
وهي تلك القرارات التي تتميز بكيان مستقل وتستند إلي عملية قانونية واحده غير مرتبطة بعمل قانوني أخر كالقرار الصادر بتعين موظف أو ترقيته أو نقلة وهي الصورة الأكثر شيوعاً في القرارات الإداري .
الفرع الثاني :قرارات إدارية مركبة
وهي تلك القرارات التي تدخل في عملية قانونية مركبة تتم من عدة مراحل ومن هذه القرارات قرار نزع الملكية للمنفعة العامة وقرار إرساء المزاد أو أجراء المناقصة في العقود الإدارية .
فالقرار الإداري الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة تصاحبه أعمال إدارية أخرى قد تكون سابقة أو معاصرة أو لاحقه له وتتم على مراحل متعددة تبدأ بتقرير المنفعة العامة للعقار موضوع نزع الملكية ثم أعداد كشوف الحصر لها وأخيراً صدور قرار نقل الملكية أو تقرير المنفعة العامة .
ولهذا التقسيم أهمية تعود أهمية تقسيم القرارات إلى قرارات بسيطة و أخرى مركبة بالنظر لجوانب كثيرة لعل أهمها ما يلي:
1- من حيث الإجراءات:
يمر القرار الإداري البسيط بإجراءات عادة ما تكون بسيطة، كأن يقدم الشخص طلب إنتداب فيعرض على اللجنة المختصة و بعد موافقتها يصدر قرار الإنتداب. أو كأن يقدم الشخص طلب توظيف و يخضع لمسابقة دخول و يصدر بعد ذلك قرارا بتعيينه. بينما القرار المركب يتبع بشأنه إجراءات كثيرة و معقدة و عادة ما يتم إشراك هيئات إدارية أخرى حددها التشريع أو التنظيم.
2- من حيث سرعة ظهور القرار:
طالما كان القرار البسيط يمر بإجراءات عادة ما تكون بسيطة، فإن ظهوره يأخذ زمنا قليلا و هذا خلاف القرار المركب يأخذ ظهوره زمنا طويلا بحكم كثرة الإجراءات و تعدد الجهات الإدارية المشتركة في العمل الإداري الواحد.
- من حيث حرية الإدارة:
تملك الجهة الإدارية المختصة حرية أكبر و هي تصدر القرار الإداري البسيط. و لكن لا يعفيها من الخضوع لقواعد
القانون أو نصوص التنظيم فيما يخص القيام بعملية إصدار القرار الإداري , غير أننا نجد نطاق حريتها في اتخاذ
القرار الإداري يتضاءل إن تعلق الأمر بعمل مركب إذ تلزم حينئذ بأن تشرك, غيرها من الإدارات المحددة بموجب النص، و إلا صار عملها مطعونا فيه من حيث المشروعية.
4- من حيث القابلية للطعن (سبب تاريخي):
إن هذا السبب يتعلق بفرنسا التي لم تكن تجيز رفع دعوى إلغاء ضد عمل مركب و هذا تطبيقا لنظرية الطعن المقابل أو ما يسمى بالدعوى الموازية.(1)
و هو ما يعني قابلية القرار المركب للطعن لكن بطريقة خاصة و محددة. و هذا خلافا للقرار البسيط الذي يقبل الطعن فيه بطريق دعوى الإلغاء.
المطلب الثاني : تقسيم القرارات من حيث التأثير على المراكز القانونية
الفرع الأول : القرارات المنشئة:
و هي مجموع القرارات الإدارية التي تحدث تغييرا في المراكز القانونية للمخاطب بالقرار. فتنشئ له وضعا جديدا لم يكن متوافرا قبل صدور القرار. أو تغير له وضعا قديما. أو تزيل له وضعا قائما قبل صدور القرار. و هذا بإلغاء الوضع القديم. المهم أن القرار المنشئ أحدث وضعا جديدا و أنشأه.
الفرع الثاني : القرارات الكاشفة:
و هي القرارات الإدارية التي لا تحدث تغييرا في المراكز القانونية العامة أو الخاصة. بل ينحصر دورها في تقرير أو تأكيد مركز قانوني قائم من قبل. و أبرز مثال على ذلك القرارات المفسرة لقرارات سابقة. فالقرار الجديد لم يحدث وضعا جديدا، بل إكتفى بتأكيد و تقرير وضع قائم و قديم. و كذلك نكون أمام قرار كاشف إذا أصدرت الإدارة قرارا بتسوية الوضعية المالية للموظف. فهي بهذا تؤكد حقا قديما و وضعا قائما. أهمية تقسيم القرارات إلى منشئة و كاشفة:
إن أبرز أثر ينتج عن إعتبار القرار الإداري كاشفا أو منشئا يتجلى خاصة في بدء سريان القرار. فالقرار الكاشف يسري بأثر رجعي لأنه لم ينشئ حقا أو مركزا جديدا، و إنما إكتفى بالإعلان عن مركز أقره القانون و جاء دور القرار الإداري لكي يؤكد هذا الحق و يكشف عنه, بينما يسري القرار المنشئ على المستقبل فقط لأنه أعلن عن إنشاء أو إحداث مركز قانوني جديد ، أو تعديل أو إلغاء مركز قائم و قديم, كماأن القرارات الكاشفة يجوز للإدارة سحبها دون التقيد بميعاد محدد مطلقاً , أما القرارات الإدارية المنشئة فإن سحبها يكون مقيد بميعاد الطعن بالإلغاء (1).
المطلب الثالث :من حيث مداها أو عموميتها
الفرع الأول : القرارات التنظيمية
 القرارات التنظيمية هي تلك القرارات التي تحتوي على قواعد عامة مجرد تنطبق على عدد من حالات غير محددة بذاتها وموجهة لعدد غير محدد من الأشخاص, و على ذلك يتميز القرار التنظيمي أو اللائحي عن الفردي كون القرار اللائحي غير موجه بدقة و على سبيل التحديد لشخص أو لفئة، و إنما تضمن قواعد عامة و مجردة و يسري على المخاطبين متى توافرت فيهم الشروط المذكورة في القرار أو استوفوا الإجراءات المحددة فيه.
و لا ينتهي القرار اللائحي بمجرد تطبيقه على حالة واحدة بعينها و لكن يبقى ساريا متجددا حسب كل حالة معينة طالما لم يحسب من جانب الإدارة و لم تبادر إلى إلغاءه , والقرارات التنظيمية هي في حقيقتها تشريع ثانوي يقوم إلى جانب التشريع العادي، إلا أنه يصدر عن الإدارة ،وعلى ذلك فهو تشريع ثانوي يطبق على كل من يستوفي شروطا معينة تضعها القاعدة مسبقا ولا تستنفذ اللائحة موضوعها بتطبيقها ،بل تظل قائمة لتطبق مستقبلا, مع أنها أقل ثباتا من القانون, وعلى الرغم من اشتراك اللائحة مع القانون من حيث أنهما يتضمنان قواعد عامة مجرده ،إلا أنهما يختلفان في مضمون كل منهما فالقانون يضع أو يقرر مبادئ عامة أساسية ،بينما يقتصر دور اللائحة على إيراد الأحكام التفصيلية التي يتعرض إليها القانون كما أن القانون يصدر بعد إقراره من السلطة التشريعية ،أما القرارات التنظيمية أو اللوائح فتصدر عن السلطة التنفيذية(2).
أنواع اللوائح:
قسن الفقه اللوائح إلى خمسة أنواع و هي:
1- اللوائح التنفيذية:
و هي مجموعة القرارات الصادرة عن الإدارة و التي يراد من ورائها تنفيذ قواعد تضمنها قانون أو أمر. ذلك أن النص التشريعي و إن تمتع بدرجة في هرم النصوص القانونية، إلا أنه و في كثير من الحالات يتعذر تطبيقه على الوجه السليم دون صدور تنظيم عن السلطة التنفيذية تبين فيه كيفية تطبيق نص ما.
2- اللوائح التنظيمية:
و هي مجموعة القرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية و يتعلق موضوعها بتنظيم المرافق العامة بما لمصطلح تنظيم من معنى واسع..
3- لوائح الضبط:
و هي مجموع القرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية بهدف المحافظة على النظام العام. و يكون الغرض منها تقييد الحريات العامة الفردية. كلوائح المرور و اللوائح الخاصة بالمحلات التي تمارس نشاطا مزعجا للأفراد و غيرها من لوائح الضبط. و من المؤكد أن النظام العام كهدف كبير و ذو أهمية لا يمكن تحقيقه بممارسة مهام الضبط عن طريق جهة إدارية واحدة. و يلاحظ أن سلطة الضبط في القانون الجزائري تمارس من طرف عدة جهات منها رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة و الوزراء. و الوالي و رئس المجلس الشعبي البلدي(3).
4- لوائح الضرورة:
و هي القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية لمواجهة ظروف إستثنائية تمر بها الدولة و من أمثلة هذه اللوائح في التشريع الجزائري اللوائح الصادرة في حالة الحصار و حالة الطوارئ أو الحالة الإستثنائية. و التي تخول السلطة 
التنفيذية إصدار قرارات إدارية للتحكم في الوضع(4)
5- اللوائح التفويضية:
وهي القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية بتفويض من السلطة التشريعية لتنظيم بعض المسائل الداخلة أصلا في نطاق التشريع ويكون لهذه القرارات قوة القانون سواء أصدرت في غيبة السلطة التشريعية أو في حالة انعقادها(1).
الفرع الثاني : القرارات الفردية
و هي القرارات التي تخص شخصا معينا بذاته أو أفرادا معينين بذواتهم. و تستنفذ موضوعها بمجرد تطبيقها على الحالة المعنية أو الحالات المعنية , كما لو تعلق الأمر بقرار تعيين أو ترقية أو إنتداب أو تحويل أو تأديب فهذه القرارات فردية لأنها تخص مراكز قانونية محددة يعرف صاحبها أو المعني بها من خلال مضمونها أو محتواها(2).
أهمية تقسيم القرارات إلى فردية و تنظيمية
1- من حيث الحجية:
إن القرار التنظيمي أعلى درجة في هرم تسلسل النصوص الفرعية أو اللائحية الصادرة عن الإدارة.
2- من حيث طرق الطعن و إجراءاته:
تختلف طرق الطعن و إجراءاته و الجهة القضائية المختصة عما إذا كنا أمام قرار فردي أو تنظيمي حسب الحالة. فإذا كنا أمام قرار تنظيمي مركزي فإن الجهة القضائية المختصة هي مجلس الدولة في الجزائر. و يجب قبل مقاضاة الجهة المركزية تقديم تظلم رئاسي أو ولائي.
كما يجب الاستعانة بمحام لدى مجلس الدولة، و يصدر القرار بصفة ابتدائية و نهائية. بما لا يجعله قابلا للطعن فيه بالاستئناف و إذا كان القرار فرديا و صادر عن جهة محلية أو إدارة مرفقية فإن الاختصاص القضائي يعقد للغرف الإدارية الجهوية أو للغرف محلية حسب الحالات.
و لا يشترط تقديم تظلم و تفصل فيه الغرفة المعنية بموجب قرار ابتدائي قابل للاستئناف أمام مجلس الدولة.
3- من حيث مجال التطبيق أو المخاطب بالقرار:
إن القرارات الفردية لا تخص إلا المعني أو المعنيين به و المحددين في القرار سواء كان فردا بعينه أو مجموعة أشخاص. بينما القرار التنظيمي مجاله أوسع و ينطبق على كل من أشار إليهم القرار في مضمونه.
4- من حيث سلطة التعديل:
تملك جهة الإدارة تعديل القرار التنظيمي بحسب ما تقتضيه موجبات المصلحة العامة. و بما يخولها القانون من سلطة. و لا تملك تعديل القرار الفردي لأن تعديله يؤدي حتما إلى المساس بالحقوق المكتسبة.
5- من حيث وسيلة العلم:
القاعدة المعمول بها فيما يخص القرارات الفردية هو التبليغ لأنها تمس بالأساس مراكز فردية و محددة و دقيقة,
 بينما القرار التنظيمي كأصل عام لا يبلغ و لكن ينشر بالكيفية المحددة قانونا بتبليغ قراراتها التنظيمية ,
للأشخاص المعنيين بها لما في ذلك من إرهاق كبير بالنسبة إليها قد يشغلها عن القيام بوظائفها الأساسية.
المطلب الرابع : من حيث الخضوع لرقابة القضاء
الفرع الأول : القرارات الخاضعة لرقابة القضاء
تعد رقابة القضاء على أعمال الإدارة أهم وأجدى صور الرقابة والأكثر ضماناً لحقوق الأفراد وحرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقلال وما تتمتع به أحكام القضاء من قوة وحجية تلزم الجميع بتنفيذها و إحترامها .
والأصل أن تخضع جميع القرارات الإدارية النهائية لرقابة القضاء أعمالاً لمبدأ المشروعية , ومن المستقر وجود نوعين من نظم الرقابة القضائية على أعمال الإدارة الأول يسمى القضاء الموحد , أما الثاني فيسمى نظام القضاء المزدوج .
1- نظام القضاء الموحد : في هذا النظام من القضاء تنحصر الرقابة القضائية في نطاق ضيق من جانب القضاء , يتمثل في التعويض عن الأضرار التي قد تنتج من جراء تطبيق القرارات الإدارية , ويسود هذا النظام في إنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخرى , ومقتضاه أن تختص جهة قضائية واحدة بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أنفسهم أو بينهم وبين الإدارة أو بين الهيئات الإدارية نفسها, و يتميز هذا النظام بأنه أكثر اتفاقاً مع مبدأ المشروعة إذ يخضع الأفراد والإدارة إلى قضاء واحد وقانون واحد مما لا يسمح بمنح الإدارة أي امتيازات في مواجهة الأفراد, بالإضافة إلى اليسر في إجراءات التقاضي إذا ما قورنت بأسلوب توزيع الاختصاصات القضائية بين القضاء العادي والإداري في نظام القضاء المزدوج .
النقد
- أنه يقضي على الاستقلال الواجب للإدارة بتوجيهه الأوامر إليها بما يعيق أدائها لأعمالها , مما يدفع الإدارة إلى استصدار التشريعات التي تمنع الطعن في قراراتها , ولا يخفي ما لهذا من أضرار بحقوق الأفراد وحرياتهم .
-عدم التخصص ,إذ لا يمكن للقضاء العادي الفصل في القضايا ذات الطابع الإداري, كون هذه الأخيرة تتميز بالتعقيد و التشعب , وهو ما يكفله نظام الإزدواجية.
- يؤدي هذا النظام إلى تقرير مبدأ المسؤولية الشخصية للموظفين مما يدفعهم إلى الخشية من أداء عملهم بالوجه المطلوب خوفاً من المساءلة (1).
2- نظام القضاء المزدوج(النموذج الفرنسي)
ظهر هذا النظام في فرنسا , وقد شهدت فرنسا ثلاثة مراحل وصولا لهذا النظام ,حيث تبدأ المرحلة الأولى من 1789 إلى السنة الثامنة و قد كانت الإدارة هي التي تفصل في المنازعات التي تكون طرف فيها , لذلك سميت هذه المرحلة بالإدارة القاضية,وتبدأ المرحلة الثانية من السنة الثامنة إلى 1872 حيث أنشئت مجالس المحافظات التي كان يطعن في قراراتها أمام مجلس الدولة ثم مرحلة القضاء المفوض أين أصبح لمجلس الدولة زيادة على إختصاصه الإستشاري إختصاص قضائي وبعد قضية كادو في 13/12/1889 أصبح النظام القضائي الفرنسي يتسم بالإزدواجية,و يقوم هذا النظام على أساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين, جهة القضاء العادي وتختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الإدارة عندما تتصرف كشخص من أشخاص القانون الخاص , ويطبق القضاء على هذا النزاع أحكام القانون الخاص , وجهة القضاء الإداري تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد والإدارة عندما تظهر الأخيرة بصفتها صاحبة السلطة وتتمتع بامتيازات لا يتمتع بها الأفراد ويطبق القضاء الإداري على المنازعة المتعلقة بقواعد القانون العام, ووفقاً لهذا النظام تخضع جميع القرارات الإدارية لرقابة القضاء الإداري إلغاءً وتعويضاً , إلا في استثناءات معينة تتعلق بأعمال السيادة والقرارات التي حصنها المشرع من رقابة القضاء , ومن الدول التي أخذت بهذا الأسلوب فرنسا التي تعد مهد القضاء الإداري ومنها انتشر هذا النظام في كثير الدول كبلجيكا واليونان ومصر والعراق (2).
الفرع الثاني : القرارات غير خاضعة لرقابة القضاء
تتمثل هذه الأخيرة في أعمال السيادة, وهو مصطلح من وضع القضاء الإداري الفرنسي ممثلا في مجلس الدولة الذي رفض التصدي لبعض الأعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية و أطلق عليها بأعمال السيادة, و قد أرجع جانب من الفقه سر ظهور هذه النظرية إلى السياسة الحكيمة و المرنة التي تمتع بها مجلس الدولة الفرنسي و الذي عرف كيف يتخطى الحاجز و لم يجرؤ على إلغاء بعض الأعمال التي صدرت عن الحكومة حفاظا على إستمراريته و بقاءه.
و من المؤكد أنه لو تصدى مجلس الدولة الفرنسي لكل الأعمال الصادرة عن الإدارة خاصة في قمة هرمها، و أخضعها لرقابته دون تمييز من حيث مضمونها و أبعادها، لأدى ذلك حتما إلى زواله خاصة و أن السلطة في فرنسا أبدت في فترة معينة نيتها في التخلص من مجلس الدولة و إلغاءه كما فعلت بالنسبة للبرلمانات القضائية(3)
معيارتمييز أعمال السيادة
1- معيار الباعث السياسي
وهو أول المعايير التي قيلت في هذا الصدد , ويتمثل في أن يكون الباعث من أعمال السيادة سياسي. فإن خلى العمل الإداري من هذا الباعث عد العمل الإداري عاديا و خضع لرقابة القضاء. أما إذا إنطوى على باعث سياسي حصن ضد الرقابة القضائية.
نقد المعيار:
لا شك أن هذا المعيار يؤخذ عليه المرونة الكبيرة و عدم التحديد الواضح. ففكرة الباعث السياسي أو الدافع السياسي تظل غامضة فتستطيع من جهة الإدارة أن تفلت من رقابة القضاء جراء قيامها بعمل إداري، إذا إدعت أمام القاضي أن الباعث للقيام بهذا العمل سياسي محض. و عندها يجد القاضي نفسه مضطرا للتصريح بعدم إمكانية إخضاع هذا العمل لرقابته و فحصه. و لا شك أن هذا المعيار يبدد فكرة دولة القانون (4).
2- معيار طبيعة العمل أو موضوعه
يقوم هذا المعيار على وجوب التمييز بين نوعين من الأعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية ( أعمال الحكم ,أعمال الإدارة) و يكون العمل سيادي إذا صدر عن السلطة التنفيذية في مجال وظيفتها الحكومية
النقد
-هذا المعيار غامض يحتاج لمعيار آخر للتمييز بين الأعمال الحكومية و الأعمال الإدارية.(1)
وقد قسم الفقه أعمال السادة إلى أربعة أقسام تتمثل في :
أ- الأعمال التي تنظم العلاقة بين السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية و منها دعوة الناخبين للقيام بالعملية الانتخابية و دعوة البرلمان للانعقاد في دورة استثنائية و حل البرلمان
ب- الأعمال المتصلة بالشؤون الخارجية و يتعلق الأمر بجميع الأعمال المتصلة بسير مرافق التمثيل الدبلوماسي
ج- الأعمال المتعلقة بالحرب. تعتبر الأعمال ذات الصلة بالنشاط الحربي من قبيل أعمال السيادة (2)
موقف القانون الجزائري من نظرية أعمال السيادة:
رجوعا للدساتير الأربعة التي عرفتها الجمهورية الجزائرية دستور 63 و 76 و 89 و 96 نجدها خلت من الإشارة لأعمال السيادة .
و رغم أن أعمال السيادة لم يتبناها الدستور و لا التشريع , فقد صدرت قرارات قضائية في هذا المجال و ذلك من خلال قرار الغرفة الإدارية للمحكمة العليا الصادر بتاريخ 07-01-1984 , في قضية ي.ب ضد وزير المالية بقولها:" متى ثبت أن القرار الحكومي القاضي بسحب الأوراق المالية من فئة 500دج و كذا القرار الوزاري المحدد لقواعد الترخيص و التبديل خارج الأجل هما قراران سياسيان يكتسبان طابع أعمال الحكومة, فإنه ليس من اختصاص المجلس الأعلى فحص مدى شرعيتهما أو مباشرة رقابة على مدة التطبيق..." فرغم أن الطاعن أثبت في القضية المعروضة على المجلس الأعلى وجوده خارج الوطن لأسباب صحية في الفترة التي حددتاه وزارة المالية لإرجاع الورقة النقدية للبنوك و هذا أيام السبت و الأحد و الإثنين 10 و 11 و 12 أفريل 1982, و دخول المعني (الطاعن) أرض الوطن يوم 13 أفريل أي بعد انتهاء مدة التبديل.
غير أن الغرفة الإدارية أجابت بما يلي:
و حيث أن إصدار و تداول و سحب العملة تعد إحدى الصلاحيات المتعلقة بممارسة السيادة. حيث أن القرار المستوحى بالتالي من باعث سياسي غير قابل للطعن بأي من طرق الطعن..."
و عليه صرح المجلس الأعلى بعدم اختصاصه نوعيا بالنظر في القضية المعروضة عليه(3).