منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مجلس الأمن و المحكمة الجنائية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-12-31, 14:43   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 اضافة 1

ونجد انتقادات كبيرة أخرى ضد المادة 16 من النظام الأساسي فيما يتعلق ليس فقط بالمتابعات لكن أيضا بالنسبة للتحقيقات والاقتراح البلجيكي الذي ذهب إلى أن المتابعات فقط تعلق قد تم رفضه، الأمر الذي يسمح للمدعي العام بالتحقيق مع الحفاظ على وسائل الإثبات.

ويمكننا أن نطمح بأن قرار المجلس المتعلق بوقف المتابعات يسمح للمدعي العام باعتماد تدابير تحفظية لكن لا يوجد أي ضمان بأن هذا الإجراء سيتخذ و كان من الأفضل إدراج حكم أو تدبير في هذا السياق ضمن النظام الأساسي نفسه على نمط الاقتراح البلجيكي لتوضيح المقصود بكل المتابعة و التحقيق و في الأخير يثور التباس حول ما إذا كان ذلك القرار يرمي إلى تحقيقات و متابعات خاصة أو لوضع معين في مجمله [31] ص 8.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار التفسير الذي اعتمدته الأغلبية فإن نمط إخطار المحكمة من طرف المجلس سوف تسمح بفهم المادة 16 مثلما هو معترف للمجلس بصلاحيات في شل عمل المحكمة ( إزاء وضع في مجمله ) ولا يتعلق بإجراء خاص وعلى الأقل إذا سلمنا بأنه لا يوجد أي حكم في ميثاق الأمم المتحدة من شانه أن يعرقل إخطار المجلس المحكمة بشأن (حالات خاصة) وإن هذا يبدو لازما من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين فإنه يمكننا أن نتوقع بنفس الصورة أن المجلس سوف يعتبر تصرف المحكمة إزاء شخص معين سوف يعيق جهوده في هذا المجال و يطلب تعليق التحقيق و المتابعات في مواجهة هذا الشخص نفسه.

وهذا الاحتمال غير الوارد كثيرا ليس بالبعيد عن التوقع إذ يمكن أن نتصور على سبيل المثال أن يقوم أعضاء دائمين في مجلس الأمن فيما يتعلق بالوضع في يوغسلافيا سابقا أن تطلب من المحكمة الجنائية ليوغسلافيا أن يعلق المتابعات ضد ( سلوبودان ميلوسوفيتش) الذي وجهت ضده لائحة اتهام علنية من طرف المدعي العام، وقد توفي في سجنه في شهر مارس 2006.





2.2.2.2.محاولة تأطير إجراءات تدخل المجلس

لقد شكل طلب المجلس إيقاف التحقيق و المتابعة من المحكمة لدى الكثيرين اعتقادا راسخا بأن طلب المجلس تتحكم فيه الاعتبارات السياسية أكثر من الاعتبارات القانونية لذا تم العمل على محاولة تأطير تدخل المجلس في عمل المحكمة في هذه المسألة.

أولا : أداة التدخل الضرورية بالنسبة للمجلس:يطرح في هذا السياق تحفظ ضد محاولة تأطير عمل المحكمة من طرف النظام الأساسي مثلما تم التذكير بهذا في مراحل متعددة، والنظام الأساسي لم يحدد الصلاحيات في أن المجلس يعتمد على ميثاق الأمم المتحدة وحده أم على الميثاق والنظام الأساسي وعليه يمكن استخلاص نتيجتين في هذا الطرح:

- إذا كنا إلى جانب المجلس فإن هذا الأخير لا يمكن له خارج إطار النظام الأساسي أن يعارض المحكمة في تعليق المتابعات والتحقيقات ولكن يمكن له أن يلتف على هذه الصعوبة بطريق فرضه على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مثلا أن توقف كل تعاون مع المحكمة مستندا في ذلك إلى المواد 25 و39 و41 من ميثاق الأمم المتحدة [30] ص 70. غير أن المجلس لا يملك هذه القوة الضاغطة في مواجهة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لأن القوة التي يتحرك بها هي من قوات هذه الدول الأعضاء، وهذا ما يجعلنا نقول أن المحكمة تبقى مرتبطة بشكل واسع بالتعاون الذي تمنحه الدول وفي غياب كلي لمثل هذا التعاون تذهب المحكمة إلى تعليق تصرفها بالطبع .

- إن المادة 16 من نظام أساسي لم تكن لازمة في الوقع العملي لعمل المحكمة بالصورة التي هي عليه، ومنه فإن المجلس يمكن له بموجب السلطات الممنوحة له بموجب الميثاق شل عمل المحكمة عن طريق الدول الأعضاء، خاصة إذا كان حفظ السلم والأمن الدولي يبرران ذلك ،وهنا نقول أن الحكم المستخلص من هذه المادة هو إمكانية هيمنة المجلس على المحكمة في مواجهة هذه الحالة وهكذا تتدخل السياسة في القضاء مع أنه كان من الواجب الفصل بينهما [16] ص 344.

ثانيا: النقاش حول المدة الزمنية لإيقاف التحقيق:إذا نظرنا إلى المدة الزمنية التي تم اعتمادها فإن المجلس يجب عليه أن يجدد الطلب بشأن تعليق المتابعات والتحقيقات كل 12 شهرا، وبنفس الشروط، أي في إطارقرارمعتمد بموجب الفصل السابع من الميثاق، وهذا التحديد ناتج عن مبادرة بريطانية جاء تدعيما لصف المقترح السنغافوري في أن المجلس يمكن أن يقرر شل عمل المحكمة. فإن هذا لن يكون لفترة غير محدودة أي بصورة مفتوحة وهذا التحديد الذي وضحناه يمكن أن يشل عمل المحكمة في انه يمكن أن يرفع بواسطة قرار آخر من المجلس بموجب الفصل السابع تطبيقا لقاعدة توازي الأشكال أي السلطة التي أصدرت التصرف وهي التي تملك حق إلغائه، وهذا ما لاحظناه في القرار السابق الذكر رقم 1422 والذي جاء فيه(يطلب)، اتساقا مع أحكام المادة 16 من نظام روما الأساسي، أن تمتنع المحكمة الجنائية الدولية لمدة اثني عشر شهراً، اعتباراً من1 تموز 2002، عن بدء أو مباشرة أية إجراءات للتحقيق أو المقاضاة في حالة إثارة أي قضية تشمل مسئولين أو موظفين حاليين أو سابقين تابعين لدولة مساهمة ليست طرفاً في نظام روما الأساسي فيما يتصل بأي عمل أو إغفال يتعلق بالعمليات التي تنشئها الأمم المتحدة أو تأذن بها، إلا إذا قرر مجلس الأمن خلاف ذلك). ويمكن هنا أن نصطدم بالأثر السيئ لجهود المجلس أي الأثر السلبي للفيتو وأن نتصور بوضوح أن المجلس سيكون مجمدا عن طريق استعمال حق الفيتو من طرف عضو أو عضوين في المجلس لهما مصلحة في ذلك، وقد أثار المندوب الأردني بأنه لا يفهم لماذا يحتاج المجلس إلى أن يطلب تعليق التحقيق لفترة 12 شهرا، حيث تم اقتراح أن تقلل المدة إلى 06 أشهر وجعلها قابلة للتجديد مرتين فقط [35] ص 138.

وفي هذه الفرضية فإن عمل المحكمة يمكن أن يبقى مرتبطا بالإدارة السياسية من جديد وهذه الإرادة مرتبطة بكل عضو دائم على حدة في المجلس من أجل وضع حد التعليق المتابعات والتحقيقات. وهنا يمكن أن يظهر الفرق في الوزن السياسي بين مختلف الدول الدائمة في المجلس بشكل قد يسمح بتفادي سلبية عمل المجلس إذا تم تعديل وإصلاح عدد الأعضاء فيه وكذا نظام التصويت فيه .

ومن أجل تجسيد صعوبة الوصول إلى اتفاق داخل المجلس حول اعتماد قرار يضع حدا للتدابير المتخذة بموجب قرار سابق يمكننا أن نقارنه بذلك النقاش الذي دار في المجلس حول رفع العقوبات على العراق مثلا. فإنّ اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا عرقل مسعى المجلس لاتخاذ تدابير تسقط التدابير التي سبق له وأن اتخذها. و بإسقاط ذلك على ما يتم في المحكمة فإننا لا نعتقد أنّ المجلس سوف يجدد قراره بصورة سهلة، وفي ظرف زمني واضح بحيث أنّ ذلك يشكل خطرا ولو على عضو واحد دائم في المجلس، ومنه فإن المجلس لا يستطيع أن يضع حدا لشلل المحكمة، خاصة في ظل الأوضاع الدولية الراهنة وما تقوم به الدول الدائمة العضوية في عدة مناطق من العالم.

غير أنه وبرجوعنا للمادة 16 فإنها قد تسمح بالالتفاف على هذا العائق وذلك عن طريق استصدار قرار من المجلس من أجل مواصلة الإعفاء من المتابعات والتحقيقات وليس إلغاء الإجراء برمته، وهنا نلاحظ أنّ دور المجلس سيصبح إيجابيا في مواجهة الإجراءات المتبعة أمام المحكمة في مواجهة قرار الفيتو، بحيث أنّ استعماله لا يشكل شللا تاما لعمل المحكمة مثلما رغبت في ذلك أغلبية الدول الدائمة العضوية، بل بالعكس نرى أنه يشكل ضمانا ولو بسيطا لسلطة المحكمة في العمل بشكل فعّال، ومنه فإنه في حالة حصول اتفاق بين أعضاء المجلس الدائمين جميعهم فإنّ المجلس عليه أن يجدد تعليق المتابعات والتحقيقات بشكل لا متناهي، وعليه فإن الاقتراحات التي تميل إلى تحديد عدد التجديدات المسموح بها للمجلس قد رفضت أثناء مفاوضات روما [31] ص 10. حيث حاولت الدول المجتمعة في روما التقليل والحد من آثار هذه السلطة الخطيرة باقتراح عدم تجديد مدة التعليق أو تجديدها لمرة واحدة فقط، لكن هذه الاقتراحات رفضت ولم يتم الأخذ بها، وصدر نص المادة 16 من نظام روما كما هو [16] ص 344.

وعلى الأقل فإن الاتجاه نحو تحديد المدى الزمني ضمن قرار المجلس كانت محل نقاش، غير أننا وجدنا في أنّ الإجراء يمكن أن يكون لذلك لازما فيما يخص عمل المحكمة، بينما إذا نظرنا إلى القضية من جهة أخرى آخذين بعين الاعتبار سلطات المجلس بموجب الميثاق و كذا المبدأ الذي اعتمدته المادة 103 في الميثاق السابقة الذكر.فإنه يبدو أن هذا التحديد ليس له محل في الوجود طبقا للمادة 103 من الميثاق، وقد حاولت الولايات المتحدة عبثا أثناء مؤتمر روما إثارة هذه الحجة في مواجهة إدراج تحديد زمني على الأثر الذي يحدثه قرار المجلس فإن نفس الانتقاد قد طبق على الاقتراح البريطاني و لم يؤخذ به بحيث اتجه إلى تحديد عدد التجديدات في قرار شل عمل المحكمة من طرف المجلس [35] ص 137.

والمجلس يمكنه في الواقع بالرغم من أحكام النظام الأساسي أن يفرض على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تعلق تعاونها مع المحكمة لمدة تزيد عن 12 شهرا، وهذا بشكل غير محدد ونجد هنا أن بعض الدول كانت ترغب في تعطيل عمل المحكمة، غير أن قرار المجلس مستمر في إحداث عرقلة عمل المحكمة عن طريق الدول الأطراف ما دام أنه لا يوجد اتفاق بين الأعضاء في تحديد بداية الإجراء ونهايته .

ثالثا: نظرة على تدخل المجلس وشل عمل المحكمة :إن إمكانية أن يقوم المجلس بمباشرة الحق الممنوح له بموجب المادة 16 يبدو ضعيف الأثر نسبيا، فهذه الإمكانية صعبة التقبل في الواقع من طرف جميع الأعضاء الدائمين خاصة بالنظر إلى مدى الوعي الذي وصلت إليه هذه الدول بالنظر إلى الحسابات التي تحسبها لمواجهة الرأي العام سواء الداخلي أو حتى الدولي، مما يجعلنا نعتقد أن إحدى هذه الدول يمكن لهذا السبب أن تتردد في أن تأخذ مثل هذا الموقف مفضلة الامتناع على الخوض في مثل هذه المتاهات، وخاصة الصين التي ألفنا امتناعها عن التصويت في المسائل التي يمكن أن تهز الرأي العالمي والإقليمي أو الوطني لها.

ومن جهة أخرى فإن أعضاء مجلس الأمن سيكونون متحدين مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا التي تساهم في عمليات حفظ السلم فتبقى متخوفة بشأن متابعة جنودها وهذا ما يشكل تصرفا غير مقبول من شأنه أن ينعكس على الدول الأخرى.

ونضيف إلى ذلك باعتبار الشروط الموضوعة للتصويت أوالتي سيتم اعتمادها في إطار إصلاح الأمم المتحدة [56]. وخاصة مجلس الأمن وزيادة عدد الأعضاء الدائمين فيه إذ من شأن هذه الدول التي ستكون عضوا فيه أن تؤيد أو ترفض اعتماد مثل هذا القرار، خاصة إذا نظرنا إلى أن معظم هذه الدول التي تقدمت باقتراحات لإصلاح المجلس قد أعلنت أثناء مؤتمر روما تخوفها من التدخل الزائد للمجلس في عمل المحكمة لكونها ستعمل على أن يكون عمل المحكمة أكثر فاعلية، وتبعا لذلك سيعترضون على استعمال موسع لهذه المادة 16 من النظام الأساسي.

وعليه فإن استعمال المجلس لهذه السلطة استعمالا تعسفيا أو لأغراض سياسية فإنه يلغي المحكمة في حد ذاتها ويوقف الإجراءات المتبعة أمامها، وذلك لعدم وجود ضمانات إجرائية لذلك [7] ص 73.

وفي ختام تعليقنا على هذه المادة فإن أغلبية الدول الأطراف التي كانت في المناقشات قد أعربت عن تخوفها أوحتى معارضتها لما يتم طرحه من الإمكانية التي للمجلس في تعليق إجراءات المتابعة والتحقيق التي تقوم بها المحكمة، ولو أن الأمر في النهاية فرض عليهم رغم صعوبة تقبل الموقف.

وما يمكن أن نخلص إليه هو عدم إثارة هذه المسألة بصورة كبيرة وجعلها بمثابة هاجس يؤرق نوم الساعين لتحقيق عدالة جنائية حقيقية تجعلنا نجزم أن المجلس سوف يعرقل كل إجراء تحقيق ما عدا ما يخدم مصلحة أعضائه الدائمين، لكون دور المجلس وعلاقته بالمحكمة لم يتوقف عند حد إيقاف التحقيق بل تعداه إلى التدخل في جريمة العدوان وسعي كل منهم لتحديد مفهوم له أو على الأقل تحديد مظاهرها، وهذا ما سنعالجه في المبحث الثالث إن شاء الله.


2.3. دور المجلس في إجراءات المحكمة لمواجهة جريمة العدوان

تطرقت المادة 05 لهذه الجريمة في الفقرة الأولى يقتصر اختصاص المحكمة على أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، وللمحكمة بموجب النظام الأساسي اختصاص النظر في الجرائم التالية ... جريمة العدوان متى اعتمد حكم بذلك طبقا للمادتين 121و 123 من النظام الأساسي [38] ص 22.

وتنص المادة 39 من الميثاق (يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلالا به أو وقع عمل من أعمال العدوان)، غير أنه خلف هذه الصياغة يمكن أن نرى في الواقع أحد المظاهر الأشد جدلا فيما يخص العلاقة بين المحكمة والمجلس، من حيث اختصاص المحكمة بهذه الجريمة،مع منح المجلس دورا في إجراءات المحكمة فيما يتعلق بهذه الجريمة وإدراج جريمة العدوان طيلة الأعمال التحضيرية قد كانت محل نقاش حاد وصل إلى حد طرح مدى ملائمة إدراجها بالنظر إلى دور المجلس في المسألة (حالة اختصاص المحكمة في هذه الجريمة) وانطلاقا من الإشكالية المتمثلة في التعريف الواجب تحديده [2] ص 26 .

وعليه فإن الأجوبة الواجب تقديمها لكل هذه المسائل لم تكن بالطبع وليدة النظام الأساسي لروما لأن العدوان قد شكل منذ زمن طويل جدلا داخل منظمة الأمم المتحدة، فلم يكن من الممكن أثناء مؤتمر روما وللأسباب العملية المعروفة، والتي منها ضيق الوقت في المؤتمر، ولم يكن من الممكن تقريب وجهات النظر في فترة قصيرة جدا كتلك [16] ص 325. فجريمة العدوان قد تم إدراجها في آخر لحظة في النظام الأساسي مع تأخير التعريف وتحديد شروط عمل المحكمة إزاء العدوان إلى وقت لاحق وتكليف لجنة خاصة لذلك، وعليه فان استبعاد جريمة العدوان من اختصاص المحكمة يعتبر خطوة إلى الوراء.

2.3.1.إجراءات المحكمة في مواجهة جريمة العدوان

لما كان مجلس الأمن هو المختص بكل ما له علاقة بالعدوان والاعتداء أو تهديد السلم والأمن، نجد أن اختصاص المحكمة بهذه الجريمة قد عجل بطرح فكرة التداخل المحتمل لاختصاصات كل من المجلس والمحكمة في مواجهة جريمة العدوان بالتطرق أولا إلى دور المحكمة في هذه الجريمة، ثم الوقوف على فكرة المسؤولية الجنائية عن جريمة العدوان.


2.3.1.1. دور المحكمة فيما يخص جريمة العدوان

بالنظر لجريمة العدوان لم يكن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية محلاً لاتفاق بين الدول، بل أنه شكل جدلاً ونقاشاً قانونياً وسياسياً واسع النطاق سواء في الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمر روما أو خلاله [74]. وحتى يومنا هذا لا يزال العدوان هو المعضلة الأبرز التي لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها وهذا من شأنه أن يحبط الكثير من لآمال والأمنيات التي راهنت على أن إنشاء المحكمة وقد يكون الخطوة الأهم منذ إنشاء ميثاق الأمم المتحدة في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار ونشر السلام والاحتكام لقواعد القانون والعدالة في العالم أجمع .،والسبب في اعتبار العدوان جريمة دولية هو المحافظة على السلم والأمن الدوليين وضمان عدم تهديده في المستقبل، لأن تجريم العدوان والمعاقبة على ارتكابه، ردع لمن تسول له نفسه تعكير السلم والأمن الدوليين [26] ص 19.

وأثناء اجتماعات اللجنة الجامعة في مؤتمر روما الخاص بإنشاء المحكمة، أكدت فرنسا وبريطانيا باعتبارهما أعضاء دائمين في مجلس الأمن، تأييدهما إدراج جريمة العدوان في اختصاص المحكمة بشرط التوصل إلى تعريف دقيق وواضح بما فيه الكفاية، وأيضاً للحفاظ على دور مجلس الأمن في تحديد وقوع العدوان. وهذا ما أيدته وتبنته أيضاً العديد من الدول الأخرى كسلوفينيا وبلجيكيا والاتحاد الروسي والهند وإيران ومجموعة بلدان للجنوب الإفريقي والصين وغانا والدانمرك واليونان والعديد من الدول الأخرى من مختلف القارات والحضارات والأنظمة القانونية المختلفة [75].

وزيادة على ذلك يبدو في أغلب الحالات أن الجرائم الأخرى الثلاث الداخلة في اختصاص المحكمة كجريمة الإبادة والجريمة ضد الإنسانية وجرائم الحرب تكون سابقة على جريمة العدوان، ويعتبر إذن من غير المنطقي ألا تعاقب على جريمة بالنظر إلى عدم وجود تعريف لها لان كل الدول ومنذ القديم تعرف فكرة العدوان، فإما أن تكون قد مارسته و إما تكون قد تعرضت له، لكن انطلاقا من إدراج جريمة العدوان في النظام الأساسي تبقى مسألة التعريف والأركان مطروحة مثل باقي الجرائم الأخرى المدرجة فيه.

ويمثل هذا العائق الذي يصعب تخطيه والذي كان سببا في فشل المحاولة الأولى لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية في إطار هيئة الأمم المتحدة، حيث كانت لجنة القانون الدولي في بداية الخمسينات قد أخذت على عاتقها إعداد تقنين جرائم ضد السلام والأمن والإنسانية ونظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لكن المشروعين لم يلتقيا بصورة واضحة وقد شكلت صعوبة إعطاء تحديد لجريمة العدوان صعوبة اعتماد ذلك التقنين مما هدد مشروع إنشاء محكمة جنائية دولية في ذلك الوقت. ويمكننا أن نفهم ذلك أكثر بالنظر إلى التخوفات أثناء مؤتمر روما بالنسبة إلى عدد كبير من الدول بما في ذلك بعض المنظمات التي شاركت في المؤتمر بشأن دفع المناقشات حول هذه القضية الشائكة أي (التعريف) [30] ص 372.

وبالنظر إلى هذه العناصر فإن إدراج جريمة العدوان في النظام الأساسي جاء في اللحظة الأخيرة وقد أدهش ذلك بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الأخص أنه جاء في صالح دول حركة عدم الانحياز سابقا التي عاشت حالات عدوان. ورغم أن اختصاص المحكمة الآن إزاء هذه الجريمة المدرجة فعلا في النظام الأساسي تبقى مسألة رمزية في نظر بعض الدول رغم غياب تعريف لها.

وتشير المادة5/2 من النظام الأساسي ضمنيا إلى جريمة العدوان وشروط مباشرة المحكمة لاختصاصها بما في ذلك دور المجلس كما تشير إلى ذلك المادة 5/2حيث سيتم إدراجها لاحقا في النظام الأساسي في إطار التعديل المقترح حسب المواد 121و123 من النظام الأساسي المحدد بذلك كيفية ممارسة المحكمة لاختصاصها إزاء جريمة العدوان [35] ص 124 .

غير أنه وبموجب المادة 123 فإن المؤتمر الأول للمراجعة والتعديل لا يمكن استدعاؤه إلا بعد 7سنوات من تاريخ دخول النظام الأساسي حيز النفاذ، وهو الشيء الذي يدفع بالمحكمة إلى المباشرة الفعلية لاختصاصها إزاء تلك الجريمة. وهذا الاتجاه من زاوية أخرى تجعل الجريمة أكثر بعدا عن تاريخ وقوعها وبالتالي زوال أدلة الإثبات أو وفاة الشهود.

ومن أجل اعتماد تعديلا للمادة121/3 وفيما يتعلق بدخولها حيز النفاذ فإن المادة 121/4 تشترط أغلبية 7/8 من الدول الأطراف، وهذه الأغلبية يبدو من جهة قاسية وغير متوقعة خاصة فيما يتعلق بمسألة جد متنازع عليها كجريمة العدوان، وعليه فالنظام المخصص للتعديل في المادة5/2 من نظام روما يمكن أن يكون مجندا خاصة إذا فهمنا أن المحكمة تباشر اختصاصها في وقت معين إزاء هذه الجريمة، وأن هذا الجرم يجب إدراجه فيما بعد (أي بعد التعديل) دون أن يتنازل عنه كلية، ومتى تحققت الأغلبية المطلوبة للتعديل تمارس المحكمة اختصاصها بعد سنة من التعديل [35] ص 125.

واختصاص المحكمة تجاه هذه الجريمة يعتبر تاريخيا حيث تضمن الملحق للمؤتمر الدبلوماسي لهيئة الأمم المتحدة لإنشاء محكمة جنائية دولية عن تشكيل لجنة تحضيرية لمحكمة جنائية دولية والتي قامت بتحرير نظام الإجراءات وأدلة الإثبات بتعريف جريمة العدوان وجوانب عمل المحكمة واختصاصها وانعقدت هذه اللجنة لأول مرة في فيفري 1999[76]. وعقدت خمس دورات كانت آخرها في 01-17 مارس 2000[77] وشكلت مجموعة عمل حول جريمة العدوان أثناء الدورة الثالثة 30 جوان 2000 [78]. لكن واقع الأمر يظهر أن هذه الدورات لم تحرز تقدما ملحوظا كما أن هذه المسألة لم تحجب أثناء الأشغال إلى غاية إعداد نظام الإجراءات وكذا تحديد عناصر الجريمة التي حدد لها تاريخ 30/06/ 2000، وقد ظهرت العديد من المقترحات حول هذه الجريمة ودور المجلس في مواجهتها منها المقترح الذي لاقى قبولا من عدة دول، وهو المقترح المتعلق بشروط ممارسة الاختصاص على جريمة العدوان [75].

وهذا المقترح تعبير عن أحكام جاء بها ميثاق الأمم المتحدة، وهو أمر لازم في عمل المحكمة وتبقى جريمة العدوان تسجل مناقشات على المدى الطويل ما دامت المحكمة لا يمكن لها أن تقر اختصاصها إزاء هذه الجريمة إلا بعد 7سنوات من دخول نظام روما حيز النفاذ.

وبناء عليه فاختصاص المحكمة لا يمكن أن تمارسه على جريمة العدوان إلا بعد سبع سنوات كما أن نفاذه لا يكون إلا في مواجهة الدول الأطراف التي قبلت به (أي التعديل) حسب المادة121/5 من النظام الأساسي، وهنا نسجل أن نظام التعديل الخاص بالمادة 5 الذي هو أكثر تعقيدا مقارنة مع باقي مواد النظام الأساسي وفق المادة 121/4، وتطبيق تعديل بالشكل الذي سيحصل بالنسبة لتعديل مواثيق المنظمات الدولية باستثناء التعديل المتعلق بجريمة العدوان هذه الازدواجية في مفهوم التعديل قد عطل اعتماد جريمة العدوان إلا في الأيام الأخيرة لمؤتمر روما. وهو عبارة عن نتائج اتفاق يسمح ظاهريا للمحكمة بمباشرة اختصاصها، لا يعطي لها ضمانا لتتمكن فعليا من متابعة مرتكبي هذه الجريمة.

والاتجاه الوحيد الذي بتمثل في مباشرة المحكمة لاختصاصها فيما يخص جريمة العدوان إزاء كل دولة طرف وإزاء كل دولة عضو في الأمم المتحدة عندما يقع التعديل بإخطار المحكمة من طرف المجلس والذي لا يكون فيه نظام الرضا المسبق حول اختصاص المحكمة[35] ص 126. وأن النظام الأساسي قد حاول تأجيل حسم مشكلة العدوان بدلا من تعريفها وهو تبن للحل السياسي على حساب العدالة القانونية وهو ما كان محل انتقاد من طرف الدول العربية في مؤتمر روما.

2.3.1.2. المسؤولية الجنائية الفردية عن جريمة العدوان

تثير المسؤولية الجنائية عن جرائم الأفراد جدلا بين الفقهاء بحيث يذهب فريق من الفقه إلى أنّ أحكام القانون الدولي لا تخاطب سوى الدول ذات السيادة، فلا تهتم بالفرد وحقوقه وبالتالي لا تعترف به شخصا من أشخاص القانون الدولي بل تعتبره مجرد موضوع لهذا القانون، وقد وجد هذا الاتجاه سندا له في بعض أحكام محكمة العدل الدولية سيما في قضية لوتس "Lotus" لعام 1927، غير أنّ القانون الدولي عرف تغييرا عن ذلك الاتجاه فيما بعد بحيث أصبح ينظم قضايا الأفراد ليصبحوا من المخاطبين بأحكامه، وهذا ما عبرت عنه محكمة العدل الدولية في قضية التعويض عن الأضرار [11] ص 173.

ويتضمن النظام الأساسي أركان المسؤولية الفردية في المادة 25 وشروط الإعفاء من المسؤولية في المادتين 31 و33 فوفقا للمادة 25 حيث يكون الشخص مسئولا جنائيا عن السلوك الذي يتضمن الجريمة الداخلة ضمن اختصاص المحكمة بغض النظر عن ارتكابها بشكل فردي أوجماعي أو في حالة ما إذا كان الشخص أغرى أو أمر أو حث على ارتكابها أو قدم أو حرض أو ساعد على ارتكابها ويعد كذلك مذنب المساهم والمشارك في النشاط الإجرامي [79] ص188. وفي جميع الأحوال فإن المسؤولية الجنائية لا يمكن تجنبها بادعاء. الصفة الرسمية للمذنب وسقوط الجريمة بالتقادم ،الخطأ في القانون أو الوقائع. فإنّ ذلك لا يعفي الفرد من المسؤولية إذا كان بإمكانه الاختيار [80].

كما لا يكفي أن يدفع الجاني بعدم علمه بحظر ذلك الفعل أو عدم مصادقة الدولة على المعاهدة التي تضمنت تجريم ذلك الفعل ، فالعرف السائد يمنع هذا، فعدم توقيع الدولة على معاهدات و مواثيق الحرب لا يبرر الأفعال المحظورة التي تقوم بها الدولة. بل إن عدم التوقيع على مثل هذه المواثيق الدولية إنما يدل على سوء نية الدولة، فالدولة لا تكتفي فقط بالتوقيع على المعاهدة بل يجب عليها تنفيذها و بالتالي ملاحقة المنتهكين للاتفاقية [1] ص 306.

وقد كانت هناك العديد من الخيارات التي قدمت بشان جريمة العدوان المقترح المصادقة عليه أثناء المصادقة على التعديل، حيث تضمن الخيار الثالث منه ما يؤكد اعتماد النظام الأساسي للمحكمة على فكرة المسؤولية الجنائية الفردية وقد جاء فيه لغرض هذا النظام الأساسي ورهنا بقرار مجلس الأمن المشار إليه في الفقرة 2 من المادة 10 بشأن فعل الدول، تعني جريمة العدوان أي فعل من الأفعال التالية يرتكبه فرد يكون في وضع يمكنه من ممارسة السيطرة أو يكون قادراً على توجيه العمل السياسي أو العسكري للدولة:
- تنفيذ هجوم مسلح من جانب دولة ضد السلامة الإقليمية أو استقلال السياسي لدولة أخرى عندما يكون هذا الهجوم المسلح منافياً بشكل ظاهر لميثاق الأمم المتحدة ويكون هدفه أو نتيجة الاحتلال العسكري أو الضم لإقليم الدولة الأخرى أو جزء منه من قبل القوات المسلحة للدولة القائمة بالهجوم.
- عندما يرتكب هجوم في إطار الفقرة 1 فإن : أ‌) تخطيط أو "ب" إعداد، أو "ج" الأمر ب هذا الهجوم من جانب فرد يكون في وضع يمكنه من ممارسة السيطرة أو يكون قادراً على توجيه العمل السياسي أو العسكري للدولة يشكل أيضاً جريمة من جرائم العدوان .

وأساس هذا الخيار الاقتراح الذي كانت قد تقدمت به ألمانيا إلى الفريق العامل المعني بتعريف الجرائم وعناصرها خلال اجتماعات اللجنة التحضيرية في الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمر روما، علماً أن ألمانيا كانت قد تقدمت بورقة مناقشات غير رسمية حول تعريف العدوان وقد جاء في هذه الورقة أنها تهدف إلى توفير مادة لإعمال الفكر لعملية تكوين الرأي المستمرة لدى أعضاء الأمم المتحدة وهي عملية لا غنى عنها لوضع تعريف موحد وتوافقي بقدر أكبر لجريمة العدوان[75] ص 1.

وأشارت ألمانيا إلى مساندتها وضع تعريف عملي قائم بذاته مقتضب قدر الإمكان ومتضمن وفقاً لمبدأ لا جريمة إلا بنص مستوف لكل العناصر الضرورية والمعايير الدقيقة لقاعدة دولية جنائية مكتملة تنص على المسئولية الجنائية الفردية عن هذه الجريمة البالغة الخطورة والتي تهم المجتمع الدولي برمته ، وأكدت أن التعريف ينبغي ألا يركز إلا على الحالات الواضحة والتي لا جدال فيها من حالات العدوان ومن المهم ألا يسمح هذا التعريف بتوجيه اتهامات غير موضوعية ذات طابع سياسي ضد قيادة دولة عضو، كما يجب تجنب أن يؤثر التعريف سلباً بصورة ما على الاستخدام المشروع للقوة المسلحة طبقاً لميثاق الأمم المتحدة .

و استندت الورقة الألمانية إلى بعض الحجج من امكانيةالاخذ في الاعتبار عند اتخاذ القرار 3314 إمكانية استخدام هذا النص لاحقاً، لوضع قاعدة جنائية تنص على المسئولية الجنائية الفردية عن جريمة العدوان وأنه هل ينبغي أن تستوفي القاعدة التي تنص على المسئولية الجنائية الفردية معايير تفوق قراراً سياسياً للجمعية العامة في صرامة دقتها القانونية ووضحها وما توجد به يقين ؟

وفي مؤتمر روما أعاد المندوب الألماني التأكيد على أن هذا الخيار يعد حل وسط يذكر أهم الحالات التي استخدمت فيها القوة المسلحة التي تشكل جرائم عدوان وخصوصاً الهجمات المسلحة التي ترتكب انتهاكاً للميثاق والتي تهدف إلى أو تسفر عن احتلال عسكري أو ضم لأراضي دولة أخرى أو أجزاء منها ... وأن هذا الخيار ينبغي أن يفضل لأنه ضروري لقصر الجريمة على الحالات التي لا تنكر من الهجمات المسلحة المرتكبة انتهاكاً للميثاق من الضخامة بما يثبت المسئولية الجنائية الفردية [75] ص 01.

ونلاحظ على هذا الاقتراح أنه عني بالفعل بتقديم تعريف يتوافق مع قاعدة الشرعية ومتطلبات المسئولية الجنائية الفردية عن جريمة العدوان وكذلك أهتم بتحديد نطاق هذه المسئولية والتأكيد على أن أعمال التخطيط والإعداد والأمر لا يعاقب عليها إلا عند حدوث الهجوم المسلح المقصود وارتكاب العدوان .

وفي هذا السياق يلاحظ أن هناك صلة معينة بين مسؤولية الدولة عن الأعمال التي يصفها القانون الدولي بأنها جرائم دولية وبين المسؤولية الفردية للأشخاص الطبيعيين المذنبين بالتنفيذ العملي لجريمة دولية محددة، ويعتبر ضبط المحكمة لمسؤولية الأشخاص الطبيعيين مسألة حاسمة في الموضوع بحيث نصت المادة 07 على أن وضع الشخص الوظيفي سواء كان رئيس دولة أو موظف مسئول لا يمكن اعتباره أساسا لإعفائه من المسؤولية أو تخفيف العقوبة، أما المادة 08 فإنها تنص صراحة على أن دافع كون الشخص قد تصرف بتكليف من الحكومة أو بأمر من الرئيس لا يعفيه من المسؤولية ولا يجوز اعتباره علة لتخفيف العقوبة [81]. كما لا يستطيع القائد الحربي نفي المسؤولية عن نفسه عن الجرائم قام به جنوده إذا علم بها أو كان يجب أن يعلم بها أو أخفق في اتخاذ إجراءات حاسمة لمنعها، ، والطاعة العسكرية لا تبرر ارتكاب أفعال غير مبررة. فقد يجب المرء نفس في وقت يجب أن يرفض فيه إطاعة أمر رئيسه، بحيث يجب أن يسمع لضميره كذلك. وحتى الجندي البسيط الذي يخدم في صفوف الجيش ليس ملزما بإطاعة الأوامر غير المشروعة. والمبدأ الذي تم اعتماده في نورنبرغ يتمثل في أن التصرف إذا كان بناء على أمر الحكومة أو الرئيس السلمي، فإنّ ذلك لا يعفي الفرد من المسؤولية إذا كان بإمكانه الاختيار [80]. وإنشاء المحكمة الجنائية هو تفعيل لمبدأ المسؤولية الفردية نظرا لأن الفرد الذي يرتكب عملا مخالفا للقانون الدولي هو مسئول مسؤولية شخصية ومباشرة أمام القضاء الدولي [82] ص 230- 231. وإذا انطلقنا من المبدأ المتمثل في المسؤولية الجنائية الفردية إزاء جريمة العدوان يفترض مسبقا أن دولة ما شارك تفي ارتكاب الفعل ومهما يكن من أمر فإنه يجب أن نقدم اتفاقا بين إرادة الأخذ بالمسؤولية الجنائية الفردية و الاعتداد بأن العدوان هو جريمة دولة ومكان مجلس لأمن من الحلين سوف يكون عنصرا مهما خاصة إذا عدنا للمادة 39 عن الميثاق التي يقرر بموجبها مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع بتهديد للسلم أو إخلال به أوقع عمل من أعمال العدوان [81].


وتعتبر مسؤولية مجلس الأمن أساسية بالنظر إلى المادة 24 من الميثاق فهو الذي يحدد وقوع عمل من أعمال العدوان، في حين أنّ النظام الأساسي لا يمكنه أن يمس بهذا الاختصاص الأصيل الذي للمجلس وإن كان الأمر يعيدنا إلى المخاطر حول تعارض هذا في كل منهما (حفظ السلم والأمن وترقية العدالة الجنائية الدولية)خاصة وأن جريمة العدوان تكتسي بعدا إضافيا فيما يخص العبارات التي أخذ بها ميثاق الأمم المتحدة في المادة 39 من الميثاق [79] ص 115.

ومن هنا يبدو دور مجلس الأمن مرجحا وقد أخذ بعين الاعتبار دوره فيما يتعلق بجريمة العدوان طبقا لميثاق الأمم المتحدة، والمثال الأكثر شهرة هو القرار3314 من طرفه الجمعية العامة 14/12/1974 والتي عرفت العدوان وأحالت القضية في مجملها إلى مجلس الأمن، أما فيما يتعلق بإعداد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية فإن اشتراط قرار مسبق من مجلس الأمن قد تم اعتماده في المادة 23/3 مشروع النظام الأساسي للجنة القانون الدولي.

بالرغم من هذا الاشتراط لقرار مسبق من مجلس الأمن فإن الحل الذي أخذ بها يمكن أن تخدم الدول الدائمة العضوية ،كما أن عددا كبيرا من الدول عارضت أدراج نفي كهذا في النظام الأساسي وهذا التعارض قد دفع بإدراج المادة 5/2 التي تشترط أن يتلاءم التعديل مع أحكام ميثاق الأمم المتحدة كما يشير إلى دور مجلس الأمن انطلاقا من إدراج جريمة العدوان نظام النظام الأساسي .

ويستخلص أنّ الإقرار باستحالة رفض كل دور للمجلس عندما تباشر المحكمة اختصاصها إزاء هذه الجريمة وفق المادة 5/2 بحيث يمثل هذا خطوة أولى نحو حل المشكل وبالفعل فإن عدد الرؤى قد تم أخذها بعين الاعتبار وكانت محل نقاش.

2..3.2إجراءات المجلس فيما يخص جريمة العدوان

العدوان فعل ينطوي على انتهاك السلام وباعتبار المجلس هو المكلف بمسائل حفظ السلم والأمن الدوليين، ومنه فقد كان لزام أن يكون دوره فاعلا في تحديد الأفعال المكونة لجريمة الاعتداء، وتحديده هذا يسهل عمل المحكمة في مواجهة هذه الجريمة، سواء ما تعلق بتحديد الفعل أو الجهة المرتكبة له،وعليه سنحلل دور المجلس في إجراءات المحكمة بخصوص هذه الجريمة، مركزين على الشرط اللازم للممارسة المحكمة اختصاصها على هذه الجريمة، وكيف أن الاعتبارات السياسية تطغى على تعريف العدوان .

2.3.2.1. الشرط اللازم لممارسة المحكمة لاختصاصها بخصوص العدوان

لقد تم طرح فكرة التداخل المزدوج للمجلس والمحكمة تجاه هذه الجريمة أثناء المفاوضات ويتعلق الأمر باشتراط قرار مسبق من مجلس الأمن، ولإثبات جريمة العدوان من طرف دولة لا يمكن أن يكون ذلك إلا بعد تحديده من طرف المجلس وفق المادة 39 من الميثاق وإقرار المحكمة للمسؤولية الجنائية الفردية عن هذه الجريمة.
وفي هذا الإطار تم تقديم اقتراح من أجل الالتفاف على أحكام ميثاق الأمم المتحدة التي تعالج العدوان من أجل أن يسجل دور آخر لمجلس الأمن في هذا المفهوم آخذين بعين الاعتبار المخاطر التي يمكن تسجيلها إزاء محاولة تأكيد استقلالية المحكمة باستبدال جريمة العدوان بجرائم ضد السلام وهذا المصطلح الذي استعمل في محكمة نورمبورغ .
ومن خلال الإطلاع على مجموع المقترحات المقدمة بشأن جريمة العدوان اتضح أن المقترح المقدم من البوسنة والهرسك ورومانيا ونيوزيلندا، و الذي يتعلق بالشرط اللازم لممارسة الاختصاص، حيث تم التطرق إلى ما يلي .
تمارس المحكمة اختصاصها على جريمة العدوان وفقا للنظام الأساسي وبطريقة تتفق مع ميثاق الأمم المتحدة ولا سيما المواد 10و 24و39 من ميثاق الأمم المتحدة.
عندما يحيل المجلس حالة إلى المدعي العام وفق المادة 13/ب من النظام الأساسي يبدو فيها أن جريمة قد ارتكبت، لتتثبت المحكمة من أن المجلس قد اتخذ قراراه بموجب المادة 39 من الميثاق بشأن وجود أو عدم وجود عدوان ارتكبته دولة معينة، وإذا اتخذ المجلس قراره أن دولة ارتكبت فعل العدوان يستطيع المدعي العام أن يباشر التحقيق وفق النظام الأساسي، وعندما لا يتخذ المجلس مثل هذا القرار، تبلغ المحكمة المجلس بالقضية لكي يتخذ الإجراء الملائم وفق المادة 39 من الميثاق [75] ص 03
وإذا لم يتخذ المجلس أي قرر بموجب المادة39 من الميثاق، أو لم يتذرع بالمادة 16 من النظام الأساسي خلال 06 أشهر من تاريخ الإبلاغ، ويجوز للمحكمة بعد ذلك أن تلتمس من الجمعية العامة للأمم المتحدة طلب فتوى من محكمة العدل الدولية وفق المادة 96 من الميثاق والمادة 56 من النظام الأساسي للمحكمة، إذا ما كانت الدولة قد ارتكبت فعل عدوان.
هذا المقترح بشأن الشرط اللازم لكي تتمكن المحكمة من ممارسة اختصاصها على هذه الجريمة، كما يعطي للمحكمة العدل الدولية دورا في تحديد الشرط الذي يلزم توافره لممارسة المحكمة لهذا الاختصاص وهو أن (تكون الدولة قد ارتكبت فعلا عدوانيا)، وقبل أن يتم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية يتعين أن تتاح للمجلس مدة زمنية للنظر في خياراته، وجرى التركيز في هذا التحليل على المادة 39 من الميثاق لأنها تتناول تحديد مهمة مجلس الأمن في أن يقرر في جملة الأمور ما إذا كانت الدولة قد ارتكبت عملا عدوانيا ويقدم توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من تدابير لصون السلم والأمن الدوليين[75] ص 03.

حيث جاء في المقترح أنه عندما يحيل المجلس حالة إلى المحكمة فإنه يستوجب على المدعي العام التأكد من أن هناك أدلة كافية لتوجيه الاتهام إلى أفراد معينين، فالشرط إذن هو حصول فعل عدوان من طرف دولة، والمجلس يصدر قرارا بذلك لتبدأ عملية التحقيق وسير الدعوى، فتتثبت المحكمة إذن من أن المجلس أصدر القرار بموجب المادة 39 من الميثاق[75] ص 04. ونوع العدوان الذي يشترط لمقاضاة الفرد هو استخدام القوة المسلحة للاعتداء على السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لدولة أخرى مما يشكل انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة.

2.3.2.2. تعريف العدوان تطغى عليه الاعتبارات السياسية

نلاحظ أن تعريف مجلس الأمن لجريمة العدوان بصفته جهازا سياسيا للأمم المتحدة وذلك على خلاف المحكمة كجهاز قضائي يسعى لتفعيل العدالة الجنائية الدولية، قد يرفع اللبس عن دوره فيما يخص الإجراءات وهذه الحجة كانت صعبة التقبل، خاصة أن المجلس كان يحدد هذه الجريمة لاعتبارات سياسية وليس قانونية .
حيث أن ذلك ليس من شأنه أن يربط المحكمة بأي معيار ثابت، ذلك أن التوصية 3314 لا ترمي سوى إلى توجيه عمل (المجلس) وليس تأطيره، وقد ذكر أحد القضاة وهو "شويبل لي" في قضية النشاطات العسكرية وشبه العسكرية في نيكاراغوا وضدها (أن مجلس الأمن هو مخول بمعاينة وجود فعل العدوان ليس باعتباره جهاز قضائي بحيث يمكن أن يستشف وجود عدوان أو قد يرفض أن يأخذ هذا الموقف نظرا للاعتبارات السياسية أكثر من القانونية ومجلس الأمن لا يتجاوز اختصاصاته عند تقرير ما إذا كان هناك فعل عدوان) [83] ص 14.

وعليه فإن مجلس الأمن هو جهاز سياسي تحكمه الاعتبارات السياسية لكن قد يأخذ في الحسبان الاعتبارات القانونية، لكنه وعلى العكس من محكمة العدل الدولية فهو غير مجبر على التقيد بها وهذه الملاحظة يمكن أن تصبغ على المحكمة الجنائية الدولية فضمان احترام الشرعية الدولية ليس الهدف الأول للمجلس ولكنه بمثابة هدف ثانوي يساعد على مهمة حفظ السلم والأمن الدوليين وهو الهدف الأساسي، غير أنه وفيما يتعلق بجريمة العدوان فإن احتمال تلاقي هذين الهدفين غير وارد مثلما يؤكد على ذلك الواقع العملي [2] ص181.

ومصداقية المحكمة بالنظر إلى هذا التداخل سوف تؤدي بها في الأخير إلى عدم إمكانية معالجة مسألتين متماثلتين بنفس الطريقة وهما تحديد العدوان وتوكيد المسؤولية الجنائية الفردية سواء اتخذ المجلس قراره بموجب الاعتبارات السياسية فيما إذا كانت دولة قد ارتكبت فعل عدوان أم لا. وهنا أيضا فإن الاقتراحات الرامية إلى عدم الأخذ بما يقرره المجلس من أن هناك عدوان سيسمح بالتأكيد بتجاوز هذا الاعتراض أو على الأقل بتخفيف الآثار الضارة لتدخل المجلس كجهاز سياسي في الإجراءات ومن شأنه أن يؤثر على استقلالية المحكمة كجهاز قضائي.

2.3.2.3. تردد المجلس في استعمال مصطلح العدوان

لقد رفض المجلس في الكثير من الحالات استعمال مصطلح العدوان في القضايا التي كانت تواجهه في إطار ممارسة اختصاصه [84]، وفضل المصطلحات المستعملة في المادة 39 من الميثاق (تهديد بالسلم أو إخلال به)، وتحديد دولة على أنها معتدية لا يتلاءم مع الجهد الرامي إلى تحقيق السلم وبالتالي فإن الدولة المشار إليها تكون غير مرتاحة بخصوص تلك الاتهامات، والمجلس أبدى ترددا كبيرا في تكييف حالات بالعدوان رغم أن هذه الانتهاكات تبدو صارخة، ربما لأن ذلك يجعل المسألة قانونية أكثر منها سياسية ويصبح لابد عليه أن يوضح من هي الدولة المعتدية وهي مسألة موضوعية يتطلب التصويت عليها وفق المادة 27 من الميثاق [85] .

وفيه جملة من القرارات صدرت إزاء هذه المسألة، ذلك لأن استعمال مصطلح أكثر حيادا من طرف المجلس يجعله أكثر موضوعية فيما يخص سعيه لحفظ السلم الأمن الدوليين، فعلى سبيل المثال القرار 660 سنة 1990 الخاص بغزو العراق للكويت لم يتحدث فيه المجلس عن عدوان حصل ،كذلك القرار 661 حيث لم يشر إلى وصف العدوان وفق المادتين39 و40 من الميثاق [2] ص 30.

وحتى في إطار النزاع في يوغسلافيا ثم البوسنة والهرسك فموقف مجلس الأمن لم يتغير وكيفه على أنه تهديد للسلم، رغم أن الوضع كان أقرب لأفعال العدوان، واستعمل عبارة العملية العسكرية المتخذة من قبل إسرائيل في قراره 242 حول الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة لعام 1967، وكذلك استعمل مصطلح (الهجمات العسكرية) التي قامت بها إسرائيل ضد لبنان في 1973 بموجب قراره 338 الخاص بحل النزاع في الشرق الأوسط، دون أن يستعمل مصطلح العدوان، غير أنه استعمل مصطلحات تصرفات عدوانية، هجمات مسلحة، بالنسبة لتدخلات حكومة جنوب إفريقيا في أنغولا[86]. إضافة إلى العديد من الحالات التي لم يشأ المجلس أن يستعمل فيها مصطلح العدوان وإنما فضل مصطلحات أخرى. وفي الختام لهذه المسالة فإن اشتراط قرار مسبق من مجلس الأمن كشرط ضروري لممارسة المحكمة لاختصاصها إزاء جريمة العدوان من شانه أن يجعل المسألة نظرية أكثر منها عملية، لأن عدم تحرك المجلس يعيق كل متابعة أو تحقيق من طرف المحكمة وهنا يجب على المحكمة أن تعلق كل إجراء مرتبط.بجريمة العدوان في انتظار تحديد المصطلح من طرف مجلس الأمن كما أن شخص المتهم يمكن أن يدافع عن نفسه بأن فعله مرتبط بجريمة العدوان الأمر الذي يزيل كل محاولة من المحكمة في متابعته مانحة المجلس السلطة الحقيقية في تحديد ذلك الفعل.

2.3.3.المقترح المتعلق بإبعاد تدخل المجلس بخصوص العدوان

محاولة لاحتواء دور المجلس في مسألة العدوان يمكن تقديم بعض المقترحات بشأن التقليل من تدخله في المسالة على إعتبار أنه مختص كذلك إلى جانب المحكمة بكل ما يتعلق بالعدوان، ومنه فقد وجب علينا التطرق إلى العدوان مقارنة مع ما جرى في محكمة العدل الدولية بالنسبة لهذه الجريمة، مع الحديث عن إمكانية المحكمة في المتابعة حتى رغم صمت المجلس.

2.3.3.1. تجانس في التعامل مع العدوان كما هو حال محكمة العدل الدولية

إذا كان مشروع النظام الأساسي المقترح من طرف لجنة القانون الدولي لا يتضمن الحل المنوه عنه مسبقا والمتعلق بفرض " تحديد مسبق من المجلس " في المادة 23 من مشروع لجنة القانون الدولي, فإن مشاريع النظام الأساسي الأخرى قد تطرقت لهذا الحكم بشكل مختلف بحيث سمحت للمحكمة بمباشرة اختصاصها إزاء جريمة العدوان حتى في حالة عدم تصرف المجلس.

وقد كانت هذه الاقتراحات محل إثارة في إطار أعمال اللجنة التحضيرية كما أن بعض الدول وخاصة دول حركة عدم الانحياز السابقة قد طرحوا جدوى عدم فرض أي حكم خاص باتجاه المجلس من شأنه أن يحد من اختصاص المحكمة فيما يتعلق بجريمة العدوان مقارنة بحكم محكمة العدل الدولية في قضية النشاطات العسكرية وشبه العسكرية في نيكاراغوا وضدها والتي تعبر عن ذلك[83] ص 14. حيث لم ترفض محكمة العدل الدولية فحص النزاع رغم ثبوت أن إحدى الدول قد ارتكبت فعلا عدوانيا وفي غياب تحديد مسبق للعدوان من طرف المجلس.

زيادة على ذلك, ومثلما أشارت محكمة العدل الدولية في حكمها في قضية السلك الدبلوماسي بطهران قضية الرهائن، فإذا كان اختصاص المجلس في حفظ السلم والأمن الدوليين طبقا للمادة 24 أساسيا فهذا لا يعني أنه خصوصي متعلقة بالمجلس دون سواه، وذكرت محكمة العدل الدولية في قضية بعض نفقات الأمم المتحدة إزاء رفض بعض الدول المشاركة في نفقات الأمم المتحدة 1962/07/20 في رأيها الاستشاري " إن مسؤولية مجلس الأمن في مجال حفظ السلام والأمن الدوليين تبقى أساسية ولكنها ليست خصوصية ", وفي هذا الإطار وحسب الدول التي نادت بتطبيق حل بديل غير ذلك المعتمد من طرف لجنة القانون الدولي والمنادى به من طرف الأعضاء الدائمين في المجلس [87] ص 03. فإنه لا يوجد أي سبب يدعو لرفض مباشرة المحكمة لاختصاصها عندما يبقى المجلس صامتا فلا يتعلق الأمر هنا باستبعاد أي دور للمجلس في الإجراءات ومنه فقد تم قبوله في الأساس ليس بشكل أصيل ولكن بشكل لا يشل عمل المحكمة إزاء جريمة العدوان.

2.3.3.2. إمكانية المحكمة للمتابعة رغم غياب تحديد مسبق للعدوان من المجلس

وفيما يخص الاقتراحات المتعلقة بجريمة العدوان فسوف نربط دراستنا هنا على وجه الخصوص فيما يتعلق بمباشرة المحكمة لاختصاصها إزاء هذه الجريمة، فبذلك تجسد الحل المتفق عليه من طرف الدول المجتمعة في مؤتمر روما, وبالدرجة الأولى فقد تم قبول المسؤولية الأساسية للمجلس إزاء جريمة العدوان المرتكبة من طرف دولة المعتمد من طرف الميثاق مع إعطاء المحكمة دورا في كل ذلك.

أولا: المحكمة لها الحق في تقديم طلب للمجلس بشان وجود أعمال عدوان:تقوم المحكمة في أول الأمر بناء على ما تم اقتراحه بطلب المجلس بتحديد الجريمة المرتكبة وتحديد المصطلح طبقا للمادة 39 من الميثاق وذلك وفق حالتين:

- الحالة الأولى: طبقا لأحكام الفصل السابع من الميثاق فإن المحكمة عندما تخطر بشأن جريمة العدوان طبقا للمادة 13 [أ] و [ج] من النظام الأساسي للمحكمة، فلها أن تطلب من المجلس أن تحدد ما إذا كان هناك عدوان قد ارتكب من طرف دولة تابع لجنسيتها المتهم،ويجب ان تبلغ المحكمة مجلس الأمن رسميا بالقضية المعرضة عليها لكي تفسح له المجال للنظر في خياراته [75] ص 2.

- الحالة الثانية: عندما يتم إخطارها من طرف المجلس وفقا للمادة 13 فقرة ب من النظام الأساسي فإن المحكمة تبدأ بتحديدها إذا كان مجلس الأمن قد نطق بشأن وجود عدوان للدولة المعنية، حيث يكون الشرط المتعلق بممارسة الاختصاص قد استوفي، وإذا لم يكن الأمر كذلك فإنها تطلب منه وبتحفظ طبقا لنظام الأساسي أن يؤكد ذلك في منطوق قراره. والمجلس سوف يكون من موقع المدافع إزاء مسؤولياته ومن ثم فإن المحكمة ستأخذ المبادرة بعدها إذا لم يتدخل وتنتهي المسالة بالمقاضاة عن تلك الجريمة في المحكمة الجنائية الدولية [75] ص 2.

ويمكن إبداء بعض التحفظ فيما يتعلق بإمكانية أن تقوم المحكمة بطلب من المجلس بتحديد إن وقع العدوان من طرف دولة جنسية المتهم الحالة الأولى أو إذا كان المجلس لم يصرح بأنه طلب منه أن يقوم بذلك الحالة الثانية ويبقى لمجلس الأمن أن يصرح أنه وقع فعل من أفعال العدوان أم لا من طرف الدولة المتسبب فيها مواطنها.

والمحكمة لا يمكن أن تسمح بإجراء يمس باستقلاليتها ومصداقيتها خاصة في هذه الحالة أين لا يوجد فصل تام لاختصاص كل من المجلس و المحكمة في مسألة العدوان، وعليه فإن هذه الجريمة قد لا يوضع لها تحديد دقيق كما هو حال الإرهاب الدولي وإنما ستحدد بعض الأفعال التي تشكل عدوانا مع إمكانية إدراج بعض الأعمال الإرهابية في سياق أعمال العدوان بصورة تخدم مصالح الدول الكبرى خاصة بعد أحداث 2001/09/11 وما أثاره من زعزعة لاستقرار العلاقات الدولية والكتابات والمقالات والندوات و المؤتمرات التي عقدت لأجله وعدد المشاركين فيها وكل يدلو بدلوه في انتظار تحديد المصطلح من طرف الدول الكبرى [2] ص 307 .

وبالتالي فالمجلس يحتفظ بتقدير كامل للرد على المحكمة أو بعدم الرد عليها، وهذا على الصعيد السياسي فعوض أن تطرح مسألة الاعتداء جانبا ويلجأ المجلس لتحديد المصطلح فإن المحكمة سوف تأخذ المبادرة الخارجة عن نطاقها وتواجه المشكلة الصعبة المتمثلة في العدوان التي كان في المفروض أن يوضحها هو أي المجلس مثلما تطرقنا إلى ذلك [2] ص 64. كما أنه بإمكانه ألا يرد على الطلب الموجه إليه من المحكمة، بمعنى أن الاعتبارات السياسية داخل المجلس يمكن أن تسير مع الاعتبارات القانونية وتدفع بها إلى الحل وقد تتفوق الاعتبارات السياسية عليها ويأتي تصرف المجلس مستندا إليها.

ثانيا: للمحكمة الحق في المتابعة حتى رغم صمت المجلس: في هذا العنصر سنتناول تعامل المحكمة مع جريمة العدوان في حال عدم قيام مجلس الأمن بأي تصرف اتجاه هذه الجريمة. حيث أن الطريقتين الأخريين لإخطار المحكمة والمتمثلة في إحالة الدولة الطرف، أو مباشرة المدعي العام التحقيق بنفسه، ويكون لكل منهما الحق في إحالة حالة إلى المحكمة تشكل جريمة عدوان، ويتوجب في هذه الحالة أن تتأكد المحكمة مما إذا كان مجلس الأمن قد أصدر قرارا ذا صلة بالموضوع، متصرفا بموجب المادة 39 من الميثاق، والوسيلة الأكثر ترجيحا للقيام بهذا التثبت تتم عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة وفقا للاتفاق الذي سيبرم بين المحكمة ومنظمة الأمم المتحدة، وإذا تبين للمحكمة عدم صدور قرار من المجلس بشأن الحالة فلها أن تبلغه رسميا للنظر في خياراته [75] ص 2.

وفي حال عدم اتخاذ أي إجراء في خلال 06 أشهر من تقديم الطلب يجوز للمحكمة طلب فتوى من محكمة العدل الدولية بشأن الحالة، ويجب أن يوجه الطلب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويكون الطلب من أجل استصدار فتوى فيما إذا كان سلوك الدولة المعنية يشكل عملا عدوانيا، والغرض من الفتوى التي تصدرها محكمة العدل الدولية، هو إثبات ما إذا كانت المحكمة الجنائية قادرة على مباشرة اختصاصها لمقاضاة هذا الفرد، ولا تنظر محكمة العدل الدولية في مسألة جرم الفرد أو براءته، إنما ذلك من شان المحكمة الجنائية الدولية.

ويجوز للمحكمة الجنائية أن تباشر بالقضية إذا ما قررت محكمة العدل أن العدوان قد حصل وذلك بنهاية فترة 06 أشهر الممنوحة للمجلس [75] ص 2.

وعليه فلو حاولنا تحليل الدور المعترف به للجمعية العامة حول ما سبق فإن ذلك يجعل الوضع نوعا ما معقد، وحتى وإن حاولت بعض الدول تفعيل دور الجمعية العامة وعلى وجه الخصوص فيما يخص جريمة العدوان مقارنين ذلك بتدخلها في إطار قرار أشيزون. معنى ذلك أنه إذا كانت المادة 24/1 من ميثاق الأمم المتحدة قد أسندت الاختصاص الرئيسي لحفظ السلم والأمن الدوليين للمجلس فهذا لا يكون مانعا لغيره من أجهزة الأمم المتحدة ومنه فلا بأس أن تبدأ الجمعية العامة من حيث انتهى المجلس في ممارسة الاختصاص الاحتياطي في هذا الشأن.

غير أن بعض الدول الدائمة في مجلس الأمن الدولي عارضت ذلك، كما أن قرار الجمعية العامة 46/242 حول الوضع في البوسنة و الهرسك فإن الجمعية العامة لم تتردد في وصف الوضع بالعدوان، عكس مجلس الأمن وهو ما جعل الكثير يفكر في إدراج دور لها في المسألة، وفي هذا الإطار فإن تطرق الجمعية العامة للعدوان بشكل واضح مما ذكره المجلس يمكن أن يبرر مدى مكانة الجمعية العامة في الأمم المتحدة ومدى التكامل والتوازن فيما بينهم[75] ص 2.

وإذا فحصنا الأمر من زاوية تطبيقية أكثر نجد أن إعطاء دور للجمعية العامة. قد يؤتي بثماره ويقوم باحتواء الوضع ويؤدي إلى احترام نصوص الميثاق من جهة وإلى ترك المحكمة تعمل بشكل فعال، وقد يؤثر ذلك في توازن السلطات والاختصاصات الممنوحة للجمعية والمجلس من جهة وللمحكمة من جهة أخرى، الشيء الذي يكون غير مرغوب فيه بالنظر إلى أن إنشاء المحكمة كان لمحاكمة الأشخاص المجرمين وليس عبارة عن سلطة مضادة.

وإذا فترضنا أن المجلس حدد الدولة التي ارتكبت العدوان فما هو دور المحكمة بعد ذلك، وكيف يمكن لها الحفاظ على استقلاليتها، وبالتالي فمشروع النظام الأساسي المتعلق بالتحديد المسبق للعدوان من المجلس يجعلنا نركز على فكرتين.
- تحديد أفعال العدوان المرتكبة من طرف دولة وهذا يكون بمبادرة من مجلس الأمن الدولي.
- أن تأخذ المحكمة المبادرة وتقوم بصفة مستقلة بتحديد المسؤولية الجنائية الفردية بفعل العدوان.

وهذا الحل المعتمد من شأن أن يسهر على عدم التداخل بين الصلاحيات المجلس والمحكمة فإذا قام المجلس بفحص المسألة من زاوية الدولة المتركبة للفعل فإن المحكمة تفحص مدى تبعية المتهم إلى الدولة المرتكبة للعدوان هل خطط أو قاد فعل العدوان و بالتالي فالمحكمة هنا تتصرف مراعية الاعتبارات القانونية باعتبارها جهاز قضائي عكس المجلس الجهاز السياسي [50] ص 3.

وباعتبار أن المحكمة ليست جهاز من أجهزة الأمم المتحدة. وبالتالي فإن الاقتناع بأن المحكمة مرتبطة بوجود قرار صادر من المجلس يحدد فيه أفعال العدوان فإنها رغم ذلك تبقى محتفظة بفحص المسؤولية الجنائية الفردية المتعلقة بفعل العدوان. ففكرة العدوان في مجملها تفترض حصول فعل العدوان من طرف دولة ما والمجلس لتحمل مسؤولياته في تحديد هذا العدوان طبقا للمادة 39 من الميثاق.

ولا يجوز للمحكمة إثر ذلك أن تعارض ما صدر عن المجلس وهذا التقسيم للأدوار يمكن أن يجعل المحكمة أمام متاهات خاصة أن تحديد فعل العدوان الذي يمنحها الاختصاص قد تم خارج إطار المحكمة ولمعرفة جهاز سياسي .

وختاما لهذا الفصل يجدر بنا أن نشير إلى أن سلطة المجلس في تعليق التحقيق أو المقاضاة هو بمثابة سلطة خطيرة إضافية منحت إلى المجلس إضافة إلى السلطات الممنوحة له وفق الميثاق، إلا أن التكهن بالدور الحقيقي الذي سيلعبه المجلس في إطار إجراءات المحكمة لا يمكن الحكم عليه من الآن، ذلك أن القضاء الجنائي الدائم مازال في مراحل التطور، وأن الواقع الدولي قد يكون في صالح العدالة، إضافة إلى أن العدوان هو أخطر ضروب انتهاك القانون الدولي يترتب عليه من جهة مسؤولية دولية تتحملها الدول ومسؤولية جنائية يتحملها الأفراد وهذا ما قد يفتح الباب لدراسة فكرة المسؤولية عن جريمة العدوان كموضوع مستقل.

































الخاتـمـة



يتوخى من إنشاء المحكمة الجنائية الدولية أن تمثل ركيزة أساسية وقوة دافعة لإقناع مختلف التيارات السياسية والقانونية التي باتت تدرك حقيقة الفراغ الواقع في ساحة العدالة الجنائية الدولية خاصة بعد الفظائع التي شهدها العالم والتي لوحظ من خلالها إفلات العديد من الجناة من العقاب .

وقد بدا لنا أنّ القضية الأساسية التي تتصدى لها المحكمة الجنائية الدولية تتمثل في الوقاية من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي حيث تعد بحق أهم آليات تطبيقه. لكن عملها في الواقع يتوقف على إرادة الدول وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول قدرتها على القيام بالدور المنوط بها.

ويظهر من البحث أن المحكمة تعمل كذلك على الوقاية من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والمباديء الإنسانية عموما، إذ تعد المحكمة بحق واحدة من أهم الآليات الفعالة لإقرار مباديء ذلك القانون وفرض احترامه وهو ما تبينه كل القراءات المتعمقة للجهود المبذولة من أجل ضمان تطبيق النصوص والاتفاقيات التي تشكل مصادره الأساسية.

وإذا علمنا أن طبيعة المهام الملقاة على عاتق مجلس الأمن في مجال المحافظة على السلم والأمن كانت تسمح له بإنشاء محاكم خاصة أظهرت أثرها البالغ في الساحة الدولية رغم أن المحكمة والمجلس مختلفان في الأهداف، وأن إنشاء المجلس لهذه المحاكم كان يعتمد في أساسه القانوني على الفصل السابع من الميثاق معتبرا تلك الجرائم تهدد السلم والأمن الدوليين.

وحيث أن الدور النوعي لمجلس الأمن في الإجراءات أمام المحكمة قد عجل بطرح العديد من التخوفات بشأن تصرفات هذا الجهاز في مواجهة المحكمة، خصوصا ما يتعلق بجريمة العدوان وإيقاف التحقيق لكون البحث عن إيجاد توازن بين صلاحيات المحكمة كجهاز حديث النشأة والمجلس ليس بالأمر الهين ومن ذلك نستخلص أنه على المجلس التدقيق في مسؤولياته في مجال حفظ السلم والأمن دون التدخل المفرط في اختصاص المحكمة.




ومنه فان النتائج المستخلصة من هذا البحث تتمثل في.

- تغلل الاعتبارات السياسية في قلب الإجراءات المتبعة أمام المحكمة الجنائية الدولية مما قد يؤدي إلى توجيهها لخدمة أهداف لا تتماشى مع مبدأ استقلالية المحكمة وحيادها.
- عدم وجود ضمانات إجرائية كافية لاستقلالية المحكمة، والمثال القوي على ذلك الصلاحيات الممنوحة لمجلس الأمن على مستوى كل مراحل الإجراءات.
- وما يتعلق بالاختصاص النوعي فان تعليق المتابعات بشأن جريمة العدوان إلى حين الاتفاق على تعريفها يعد حاجزا كبيرا أمام أية محاولات المتابعة ضد ما تقترفه العديد من الدول وخاصة إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
- دور المجلس في شل المحكمة الجنائية الدولية من خلال توقيف التحقيق و المتابعة، خاصة إذا كان ذلك وفق اعتبارات سياسية لا قانونية.
- وأهم ما يمكن استنتاجه هو ذلك القرار رقم 1422 المؤرخ في 12/07/2002 الذي يضع استثناء على اختصاص المحكمة، من خلال منع مثول الجنود الأمريكيين المشاركين في قوات حفظ السلم. والحقيقة أن ذلك يتعلق بكل مواطن أمريكي وليس بالجنود فقط، وهو قرار جاء على حساب العدالة الدولية.

وبالنسبة لمجموع التوصيات فتتمثل في.
- ضرورة التفكير في إصلاح النقائص التي تضمنها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، في إطار مسعى شامل ينصب على إصلاح ما يجب أن يصلح في نصوص وأجهزة الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بإعادة النظر في بعض الإجراءات التي تحكم سير أشغال مجلس الأمن.
- ضرورة إنشاء أو تكوين شرطة دولية مكلفة بمهمة تنفيذ ما يصدر عن المحكمة الجنائية الدولية، لكون ذلك ضروري لملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة.
- وآخر توصية نقوم بتقديمها في هذا البحث فهي ضرورة أن يكون للدول الإسلامية دور في هذه المحكمة، لإسماع كلمتهم وإظهار أرقى ما هو موجود في الشريعة الإسلامية من قواعد جاءت لحماية وصون حقوق الإنسان وكرامته الأساسية، وذلك مصداقا لقوله صلــــى الله عليه وسلم: (بلـغوا عني ولـو آيـة).









قـائـمـة المـراجـع



1. عزيز شكري محمد ، القانون الدولي الإنساني والمحكمة الجنائية الدولية، المؤتمرات العلمية لجامعة بيروت العربية،المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق، القانون الدولي الإنساني، آفاق وتحديات،الجزء الثالث، منشورات الحلبي الحقوقية،(2005)
2. أحمد عبد الله أبو العلا، تطور دور مجلس الأمن في حفظ الأمن والسلم الدوليين، دار الكتب القانونية، مصر(2005).
3. محمد المجذوب، التنظيم الدولي المنظمات العالمية والإقليمية والمتخصصة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى،(2005).
4. مدوس فلاح الرشيدي، آلية تحديد الاختصاص وانعقاده في نظر الجرائم الدولية وفقا لاتفاق روما 1998، مجلة الحقوق، جامعة الكويت ،العدد الثاني، السنة السابعة والعشرون،عام (2003).
5. رجب عبد المنعم متولي،الإرهاب الدولي واختطاف الطائرات في ضوء القانون الدولي المعاصر، الطبعة الأولى،(2001).
6. عادل الطبطبائي، النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ومدى تعارضه مع أحكام الدستور الكويتي، دراسة مقارنة، مجلة الحقوق، ملحق العدد الثاني، جامعة الكويت، يونيو (2003).
7. محمد فادن، إجراءات سير الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق البليدة..(2005)
8. محمد المجذوب، القانون الدولي العام، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى،بيروت، لبنان،(2005).
9. مسعد عبد الرحمن زيدان، تدخل الأمم المتحدة في النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، (2003).
10. عمر سعد الله ـ القانون الدولي الإنساني وثائق وآراء، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى (2002).
11. عباس هاشم السعدي، مسؤولية الفرد الجنائية عن الجريمة الدولية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، مصر، (2002).
12. Louis Joinet, Lutter contre l'impunité, Dix questions pour comprendre et pour agir, Editions La Découverte, paris 2002.
13. جيرهارد فان غلان ، مدخل إلى القانون الدولي العام ، القانون بين الامم ، الجزء الثالث، منشورات دار الأفاق الجديدة ، بيروت ،لبنان، الطبعة الثانية ،(1970).
14. مصطفى كامل شحاتة، الاحتلال الحربي وقواعد القانون الدولي المعاصرة، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر ، بدون طبعة..(1981)
15. عبد الله سليمان سليمان، المقدمات الأساسية في القانون الدولي الجنائي، ديوان المطبوعات الجامعية، الساحة المركزية بن عكنون الجزائر، طبعة (1992) .
16.على عبد الله القهوجي، القانون الدولي الجنائي، أهم الجرائم الدولية، المحاكم الدولية الجنائية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى (2001).
17. محمد صافي يوسف، الإطار العام للقانون الدولي الجنائي في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، دار النهضة العربية، مصر، الطبعة الأولى (2002)
18. القرار الصادر عن مجلس الأمن 955 المؤرخ في 08 نوفمبر 1994.بخصوص الوضع في رواندا
19. Comptes rendus analytiques des neuf séances plénières, A/CONF.l 83/SR.l à 9 (1998). Statut de Rome de la Cour pénale internationale, A/CONF.l 83/9, 17 juillet 1998.
20. القاضي فريد الزغبي، الموسوعة الجزائية، المجلد السابع، الحقوق الجزائية العامة، القانون الدولي الجنائي، دار صادر بيروت، الطبعة الثالثة (1995).
21. باية سكاكني، العدالة الجنائية الدولية ودورها في حماية حقوق الإنسان، دار هومة للطباعة والنشر، سنة (2004).
22. محمود شريف بسيوني، المحكمة الجنائية الدولية، نشأتها ونظامها الأساسي مع دراسة لجان التحقيق الدولية والمحاكم الجنائية الدولية السابقة، مطابع روزا اليوسف الجديدة، الطبعة الثالثة..(2002)
23. مرشد أحمد السيد و أحمد غازي الهرمزي ، القضاء الدولي الجنائي، الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى (2002).
24. كوسة فضيل، المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، (2003).
25. -John Philpot,Le Tribunal pénal international pour le RWANDA .Justice trahie . www.p2.minorisa.es, site consulté le 23/07/2005
26. القرار 1315 المتعلق بمحكمة سيراليون المدولة مؤرخ في 14 أوت/آب 2000،S/Res/1315(2000).
27. عمر سعد الله ، دراسات في القانون الدولي المعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية الساحة المركزية ، بن عكنون، الجزائر، الطبعة الثانية مزيدة ومنقحة،(2004) .
28. Comparaison entre les tribunaux internationaux pour la Yougoslavie et le Rwanda et la cour pénale internationale , La cour pénal internationale, ANNEXE 2, www. SENAT.fr.
29. محمود شريف بسيوني، المحكمة الجنائية الدولية، مدخل لدراسة أحكام وآليات الإنفاذ الوطني للنظام الأساسي، دار الشروق، الطبعة الأولى (2004).
30. La CPI. Manuel de ratification et de mise en œuvre du statut de ROMEdeuxième.édition.mars2003 www.ICHRDD.ca/www.ICCLR.Law.UBCa.
31. عامر الزما لي، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني، منشورات المعهد العربي لحقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر (1997) .
32 . عمر سعد الله.حل المنازعات الدولية.،طبع ديوان المطبوعات الجامعية.الجزائر.ص97
33. علي عباس حبيب، حجية القرار الدولي، مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولى، (1999).
34. Résumé des travaux du Comité préparatoire au cours de la période allant du 25 mars au 12 avril 1996, A/AC.249/1 (1996).
35. Rapport de la réunion intersessions tenue du 19 au 30 janvier 1998 à Zupthen (Pays-Bas), A/AC.249/1998/L. 13.Rapport du Comité préparatoire pour la création d'une Cour criminelle international, A/CONF.183/2/Add.l, 14 avril 1998.
36. حمروش سفيان النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، بن عكنون، (2003).
37. Projet de Statut d'une Cour criminelle internationale. Rapport de la Commission du Droit International sur les travaux de sa quarante-sixième session, 1 mai- 22 juillet 1994, Assemblée générale, Documents officiels, 50'™' session, suppit n°10, A/49/10
38. Rapport du Groupe de travail sur un projet de statut pour une cour criminelle internationale, A/CN.4/L.491;A/CN.4/L.491/Rev.l; A/CN.4/L.491/Rev.2 et Add.l à3 n 1994).
39 . ميثاق الأمم المتحدة
40. النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية الملحق بميثاق الأمم المتحدة
41. عصام نعمة إسماعيل الولايات المتحدة والقضاء الجنائي الدولي، المؤتمرات العلمية لجامعة بيروت العربية، المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق، القانون الدولي الإنساني، أفاق وتحديات، الجزء الأول، منشورات الحلبي الحقوقية،( 2005).
42. عبد الله رخروخ، الحماية الجنائية الدولية للأفراد، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، بن عكنون، (2003).
43. خيري أحمد الكباش، الحماية الجنائية لحقوق الإنسان، دراسة مقارنة في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية والمبادئ الدستورية والمواثيق الدولية، دار الجامعيين لطباعة الأوفسيت والتجليد (2002).
44. التهديدات الأمريكية للمحكمة الجنائية الدولية
Htm/doc./WWW.AMNESTY.ORG
45. بشور فتيحة تأثير المحكمة الجنائية الدولية على سيادة الدول، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، بن عكنون،( 2002 ).
46Rapport révisé du Groupe de travail sur la question de la création d'une juridiction pénale internationale, A/CN.4/L.490 et Add.l (1993), Rapport de la Commission du Droit International sur les travaux de sa quarante-cinquième session, 3 mai-23 juillet
1993. Assemblée générale. Documents officiels, 48ème session, suppit n°10, A/48/10.
47. --Comptes rendus analytiques des séances de la quarante-cinquième session, 3 mai-23 juillet 1993, Annuaire de la Commission du Droit International, , Vol.I1993
48 -Rapport de la Commission du Droit International sur les travaux de sa quarante-cinquième session, 3 mai-23 juillet1993. Assemblée générale. Documents officiels, 48ème session, .suppit n°10, A/48/10.
49. WWW.UN.ORG/DOC-RES/780-1992
50 .Rapport du secrétaire général établi conformément au paragraphe 2 de la résolution 808 (1993) du Conseil de sécurité, S/25704, 3 mai 1993.
51. الطاهر منصور، القانون الدولي الجنائي، دار الكتب الجديدة، لبنان.الطبعة الأولى، عام(2000).
52. النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
53 - WWW.UN.ORG/ICTY/INDEX P 03 A/52/375-07/08/1997
54. عبد الفتاح بيومي، المحكمة الجنائية الدولية، دار الفكر الجامعي، دون طبعه، (2004)
55. عبد الوهاب شمسان، المؤتمرات العلمية لجامعة بيروت العربية، المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق، القانون الدولي الإنساني آفاق وتحديات (ترسيخ دور القانون الدولي الإنساني وآليات الحماية)، القانون الدولي الإنساني والضرورة لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، منشورات الحلبي الحقوقية، الجزء الثالث، الطبعة الأولى، (2005).
56 . Rome conférence for an international criminal court.20/06/1998 .www. Asil. Org/english20/htm
57 . la résolution 1088.12/12/1996 conférant a la SFOR- WWW.UN.ORG/ICTY/INDEXP.
58.القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات لمحكمة الجنائية الدولية الواردة في لوثيقة
59 . اتفاقية فيينا لقانون المعاهداتwww.un.org /doc20/htm.
60 . Comptes rendus analytiques des séances 25 à 31 du 30 octobre au 6 novembre 1995, Point 142 de l'ordre du jour: création d'une Cour criminelle internationale, A/C.6/50/SR..
61. عبد الكريم علوان، القانون الدولي العام، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى،(1997).
62. l’Affaire Blaskic.Arret de la chambre d’appel n° TT 95, 14, 108 Bis 29/09/1997.
63 . الدستور الجزائري في استفتاء28 نوفمبر 1996 في تعديل الدستور جريدة رسمية عدد 76 السنة 33.
64.إبراهيم دراجي، القانون الدولي الإنساني والمحكمة الجنائية الدولية، المؤتمرات العلمية لجامعة بيروت العربية، المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق، القانون الدولي الإنساني، آفاق وتحديات، الجزء الثالث منشورات الحلبي الحقوقية، (2005).
65. حموم جعفر، دور محكمة العدل الدولية في تطوير قواعد القانون الدولي الجنائي، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة البليدة، (2005).
66 .سبع زيان، الإرهاب الدولي بين إشكالية تحديد المفهوم والتناول الدولي للظاهرة، مذكرة ماجستير، جامعة البليدة، كلية الحقوق،(2005) .
67. د .الخير القشي، المفاضلة بين الوسائل التحاكمية وغير التحاكمية لتسوية المنازعات الدولية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، لبنان، الطبعة الأولى، (1999).
68. Acte Final de la Conférence diplomatique de plénipotentiaires des Nations Unies sur la création d'une Cour criminelle internationale, A/CONF.l 83/10, 17 juillet 1998
69. la sexieme séance plénière de la conférence de Rome ,A/conf.183/SR/17/07/1998.
70 . Rapport du Comité préparatoire pour la création d'une Cour criminelle internationale, A/CONF.183/2/Add.l, 14 avril 1998.
71 . إسماعيل معراف غالية، الأمم المتحدة والنزاعات الإقليمية، ديوان المطبوعات الجامعية، الساحة المركزية، بن عكنون، الجزائر (1995).
72. A/CONF. 183. /02/ADD1. 14/04/1998.
73. القرار 1422 (2002)‏ الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته 4572، المعقودة في 21 تموز/يوليه 2002.www.ICCARABIC.org
74. د. أحمد حميدي، مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، المحكمة الجنائية الدولية، اطلّع عليه في30/10/2005، www.RITC.com
75.انظر جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية WWW.ICCARABIC.ORG/DOC/HTM
76. Compilation des propositions concernant le crime d'agression présentées au Comité préparatoire pour la création d'une Cour criminelle internationale (1996-1998), à la Conférence diplomatique de plénipotentiaires des Nations Unies sur la création d'une Cour criminelle internationale (1998) et à la Commission préparatoire de la Cour pénale internationale (1999), PNCICC/1999/INF/2/Add.l, 6 août 1999.
77. - Proposes submitted by Columbia, Preparatory Commission for the International criminal court, Working Group on the crime of aggression, PNCICC/2000/WGCA/DP.l et Add.l, 1 and 17 march 2000.
78. Discussion paper propose! by the coordinator - Preliminary list of possible issues relating to the crime of aggression, Preparatory Commission for the International criminal court, Working Group on the crime of aggression, PNCICC/2000/WGCA/RT.l 30-06 2000.
79. عباس هاشم السعدي، مسؤولية الفرد الجنائية عن الجريمة الدولية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، مصر، (2002).
80. المساءلة عن الجرائم الدولية. من التخمين إلى الواقع، إيلينا بيجيتش، المجلة الدولية للصليب الأحمر، www.cicr.org
81. Jacques Verhaegen, Le refus d’obéissance aux ordres manifestement criminels, Pour une procédure accessible aux subordonnés, site visité le 13/07/2005, RICR Mars 2002, vol 84, N° .www.icrc.org.
82. إحسان هندي، مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب، الطبعة الأولى، دار الجليل، دمشق، (1984).
83. د. حنا عيسى، مسؤولية الأشخاص الطبيعيين عن الجرائم ضد السلام والإنسانية و جرائم الحرب، WWW.SIS.GOV.PS.
84. عمر سعد الله ـ مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان ( طبعة منقحة و مزيدة ) ديوان المطبوعات الجامعية الساحة المركزية ـ بن تكنون ـ الجزائر، (2003).
85. Affaire des activités militaires et paramilitaires au Nicaragua et contre celui-ci, (Nicaragua c. Etats-Unis), CIJRec. 1986,
86 . المركز الدولي للعدالة الانتقالية، التقرير السنوي 2003/2004. www.Hrinfo.net.
مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، المحكمة الجنائية الدولية، www.RITC.com
87 . فوزي اوصديق، تطبيق القانون الدولي الإنساني وتأثيره على مبدأ السيادة، مقدمة للحصول على دكتوراه دولة في القانون، وهران،( 1996) .