[khelifa8]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aissa algerienne

الموضوع 2 : استقصاء بالوضع

المقدمة :
لما كان من الشائع القول بأن معيار الحقيقة في الفلسفة مطلق تماما دون ادخال الذات فان هناك موقف اخر يرى بان معيارها نسبي متغير حسب معرفة الذوات لها، دون وجود طابع موضوعي أو خارجي ، من هذا المنطلق ظهر لنا عناد بين موقفين أحدهما يرى بأن معيار الحقيقة في الفلسفة نسبي و الاخر يرى بانه مطلق ، فكيف يمكن الدفاع عن الاطروحة القائلة : بأن معيار الحقيقة في الفلسفة نسبي ؟
عرض منطق الاطروحة و مسلماتها :
هناك من عارض وجود حقيقة مطلقة في الفلسفة و أعطى بديلا فلسفيا يتجلى في الحقيقة النسبية أمثال الفيلسوف ]تشارلز بيرس الذي يرى بانها نسبية من خلال فكرة النفع او المصلحة و من خلال اي سلوك يمارسه الانسان وجب ان يترجمه العمل و التطبيق، و في هذا الصدد يقول بيرس : [ ان تصورنا لموضوع ما هو تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من اثار عملية لا أكثر ] ، و معنى هذا القول ان بيرس يؤكد ان المعارف الصحيحة انما تقاس بالنتائج المترتبة على طبيعتها في الواقع فان حققت لنا نتائج ايجابية كانت صحيحة و ان لم تحقق لنا ذلك كانت خاطئة ، كما نجد الفيلسوف وليام جيمس يقول : [ ان كل مايؤدي الى النجاح فهو حقيقة ]، و يقول ايضا :[ الحق ليس التفكير الملائم لغاية ] و انطلاقا من هذا الطرح فان جيمس يؤكد ان الحق يكون حقا اذا كانت هناك مصلحة ما لتحقيق غاية لانه ان لم تكن هناك غاية لاصبحت الحقيقة مطلقة و هذا غير موجود في البراغماتية و هناك حقيقة نسبية.
كما يرى الفيلسوف جون ديوي ان التفكير هو الطريقة الوحيدة التي نلجأ اليها كلما صادفتنا مشكلة تعترض طريقنا ، عن طريق محاولة ايجاد الوسائل لحل هذه المشكلة، و تجاوز المواقف المعقدة و هنا تصبح الحقيقة نسبية لانها لا تحصل دفعة واحدة بل انها تنمو و تتطور و تتراكم بالعمل و التجارب.
عرض منطق الخصوم :
يرى انصار هذا الاتجاه ان مقياس الوضوح و البداهة و الصدق و اليقين هو اساس الحقيقة المطلقة للفلسفة، و من هؤلاء الفلاسفة نجد الفيلسوف العقلاني الفرنسي روني ديكارت الذي يعتبر قطب رئيسي في الفلسفة الحديثة و الذي فجر العصر الحديث بمقولته الشهيرة او ما يسمى كوجيتو [ انا افكر اذن انا موجود ] و التي تحمل حقيقة مطلقة في البديهيات الرياضية و التي تعتبر ضرورية و واضحة، كقولنا مثلا في البديهيات ان الواحد اكبر من الجزء و ان اثنان ضعف الواحد و ان 1+1 = 2 و فكرة البداهة لدى ديكارت لم تظهر لهذا الوجود الا اذا تبين ان ذلك الشئ البديهي حق و عدم التقيد بالافكار السابقة و فكرة الوضوح لم تتاتى الا بالشك المنهجي المنظم الذي يحقق لنا نتائج ايجابية و واضحة بذاتها، دون شك هدام بل ان الشك في حد ذاته يعتبر تفكير و في هذا المقال تحسر ديكارت على الحقيقة المطلقة في الفلسفة او ما يسمى بالبداهة و الوضوح ، و هناك راي اخر يؤيده الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا حيث يرى بانه ليس هناك معيار للحقيقة خارج عن هذا الموقف و ان معظمها يتجلى في فكرة الصدق ، فكما ان النور يكشف عن نفسه و عن الظلمات كذلك الصدق هو معيار نفسه و معيار الكذب، و لا ننسى الفيلسوف اليوناني سقراط[ حينما حارب السفسطائيين في قضية مطلقية الأخلاق و الذين اعتبروا بانها ذاتية، حيث يقول سبينوزا : [ هل يمكن ان يكون هناك شيئ اكثر وضوحا و يقينا من الفكرة الصادقة يصلح ان يكون معيارا للحقيقة ؟ فكما ان النور يكشف عن نفسه و عن الظلمات كذلك العدل هو معيار نفسه و معيار الكذب ].
نقد منطق الخصوم :
ان مقياس الوضوح ذاتي مرتبطا بوعي الذات و مقدرتها الادراكية ، فما هو واضح عند شخص قد يكون غامض عند غيره كذلك هناك تفاوت في المقدرة على الفهم بمن ثمة يصير مقياسا غير موضوعي.
الدفاع عن الاطروحة بحجج شخصية :
حسب اعتقادي فان مقياس الحقيقة في الفلسفة ليس مطلقا بل يعتريه نوع من النسبية، اذ ان فكرة او المنفعة و المصلحة هي غاية للانسان في حياته و هذا ما عبر عنه وليام جيمس ، فالغاية تبرر الوسيلة فحتى في الجانب السياسي فالحاكم حتى يكون قادرا على الحفاظ على الدولة من التشتت و الضياع يجب عليه ان يكون قاسيا، فالظروف هي التي تجعل الفرد يمارس سلوكا معينا، و لا ننسى قضية الاخلاق و التي تعتبر نسبية لانها تتغير بتغير المجتمعات و كذلك بالنسبة الى اللغة.
الخاتمة :
نستنتج في الاخير و بكلمة لا لبس فيها ان مقياس المنفعة و المصلحة هو اساس للحقيقة في الفلسفة و انها العنصر الاساس الذي يتحكم في سلوكات الافراد ما يؤكد صحة الاطروحة القائلة : [ بان الحقيقة نسبية ].

إن كانت هذه هي مقالتك في الباكالوريا فلا تخاف ولا تحزن ... واظن كلامي مفهوم