منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نسب عائلة ( خضراوي ) !
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-04-26, 08:45   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
آل خضراوي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي آل خضراوي

ب - انتقال الأخيضريين إلى اليمامة وقيام دولتهم بها
المعلومات عن تاريخ الأخيضريين في اليمامة، وعن تاريخ هذه المنطقة بوجه عام، خلال الفترة الممتدة من منتصف القرن الثالث الهجري حتى أواخر القرن الخامس الهجري، وهي الفترة المعاصرة لحكم الأخيضريين قليلة جداً.
ولذلك على الباحث الذي يحاول التصدي لجلاء بعض الغموض الذي يكتنف تاريخ هذه البلاد خلال تلك الفترة وما بعدها أن يتتبع ما ورد من شذرات عن تاريخها في ثنايا أنواع المصادر المتاحة كافة، كما أن عليه الاستنتاج والتحليل والربط بين الأحداث، مستعيناً بكل ما له صلة بهذه المنطقة من ناحية، وبما كان سائداً في المناطق المجاورة من ناحية أخرى؛ للاستفادة من ذلك كله في محاولة إيضاح بعض الجوانب، وتفسير بعض المتغيرات التي حدثت في المنطقة موضع الدراسة.
ولعل من المناسب قبل أن نتحدث عن انتقال الأخيضريين إلى اليمامة وتاريخ دولتهم بها، أن نشير بإيجاز إلى أهم مصادر تاريخهم. وهنا تأتي كتب الأنساب في المقدمة، حيث احتوت على جُلِّ المعلومات المتوافرة عن الأخضريين، ومن أبرزها: كتاب "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم الأندلسي المتوفى سنة 456 هـ/ 1064 م، وكتاب "عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب" لأحمد بن علي بن عنبة الحسني المتوفى سنة 828 هـ/ 1425 م، وهذا الكتاب يتضمن أوسع المعلومات التي وصلتنا عن الأخضريين فيما أعلم.
أما كتب الرحلات والجغرافيا ومعاجم البلدان، فتأتي في الدرجة الثانية، ومنها: كتاب "صورة الأرض" لابن حوقل المتوفى بعد سنة 367 هـ/ 978 م، و"صفة جزيرة العرب" للهمداني المتوفى في حدود سنة 344 هـ/ 955 م، ورحلة ناصر خسرو المسماة "سفرنامه"، وهو شاهد العيان الوحيد الذي مر ببلاد الأخيضريين أثناء فترة حكمهم ودوّن معلومات عنهم وصلتنا مباشرة، و"معجم البلدان" لياقوت الحموي.
هذا، إلى جانب كتب التاريخ، ومنها: كتاب "مروج الذهب ومعادن الجوهر" للمسعودي، وكتابه الآخر "التنبيه والإشراف"، و"صبح الأعشى" للقلقشندي، و"تاريخ ابن خلدون"([1][37]).
أما الأسباب التي جعلت الأخيضر يختار الانتقال إلى اليمامة بعد أن قرر الانسحاب من الحجاز، فتكمن - فيما يظهر لنا - في انعزال هذا الإقليم وضعف نفوذ الدولة العباسية فيه في تلك الفترة، وإدراك الأخيضر أن نظرة السلطة العباسية لأهميته أقل بكثير من نظرتها لأهمية الحجاز، إضافة إلى معرفته بوجود تذمّرٍ وميل إلى الخروج عن طاعة الخلافة لدى القبائل البدوية التي تقطن عالية نجد وبلاد اليمامة.
والمصادر لا تمدنا بمعلومات عن خط سير الأخيضر في تحركه من الحجاز حتى بلغ اليمامة، وهل واجه عقبات في هذا الطريق الطويل أو لا؟ ومن صحبه في تحركه؟ ومن ساعده؟ وإنما هي تشير فقط إلى أنه وصل إلى اليمامة واستولى على الخضرمة وجعلها قاعدة لحكمه.
ولعل الأخيضر استعان بالقبائل البدوية في عالية نجد، وبخاصة بني كلاب. فقد كانت تربطه بهم صلة مصاهرة، فجدّته أمّ والده هي قطبية بنت عامر بن الطفيل من بني جعفر بن كلاب([2][38]). ولذلك نفترض أنه لقي دعماً من بني كلاب الذين كانوا يسيطرون على معظم بلاد عالية نجد، وكانت ديارهم تمتد من حدود الحجاز الشرقية حتى مواقع قريبة من حدود اليمامة الغربية([3][39]). كما نفترض أنه لقي دعماً من قبائل أخرى، مثل بني نمير الذين تلقوا - قبل فترة ليست بعيدة - ضربات موجعة على يد القائد العباسي بغا الكبير كما أشرنا من قبل.
ثم إننا لا نستبعد أن يكون الأخيضر لا يزال يحتفظ بجزء من تلك الأموال الكثيرة التي نهبها أخوه السّفّاك من مكة ووجدة، وبالتالي ربما استخدم تلك الأموال في إغراء القبائل لمساعدته. وكل هذا سهّل له الوصول إلى اليمامة والاستيلاء على جزء منها.
وبوصول الأخيضر إلى اليمامة في سنة 253 هـ/ 867 م - على أرجح الأقوال([4][40]) - واتخاذه الخضرمة مقرّاً له وقاعدة لحكمه، ظهرت في وسط الجزيرة العربية دولة مستقلة استقلالاً تاماً عن الخلافة العباسية، وتعد هذه الدولةُ الدولةَ الثانية التي تعلن استقلالها عن الخلافة العباسية في الجزيرة العربية. فلم يسبقها سوى الدولة الإباضية في عمان سنة 177 هـ/ 379 م([5][41]).
ولا نعلم هل واجه الأخيضر مقاومة من أهل اليمامة أو من يمثل السلطة العباسية بها أو لا؟ فالمصادر لا تمدنا بمعلومات عن هذا الأمر. أما ما ذهب إليه أحد الباحثين من أن الأخيضريين واجهوا مقاومة من والي اليمامة أو من أهلها ومنهما معاً، اعتماداً على نص أورده الأصفهاني في كتابه "مقاتل الطالبيين"([6][42])، فإن النص المشار إليه لا دلالة فيه على هذا الأمر، ولا صلة له به. فهو يتعلق بالمواجهة بين الأخيضريين وأبي سعيد الجنابي القرمطي. وقد أورده الأصفهاني في حديثه عن أخبار الطالبيين في أيام الخليفة المقتدر (259 - 320 هـ/ 908 - 932 م)، أي بعد أكثر من أربعين سنة من ظهور دولة الأخيضريين باليمامة.
وعلى الرغم من عدم وجود نص يثبت وقوع مقاومة للأخيضريين وأتباعهم حين وصلوا إلى اليمامة، فإن هذا لا يعني عدم وقوعها، بل هي أمر متوقع الحدوث.
وعلى أي حال، فإن منصب والي اليمامة حين وصل الأخيضريون إليها كان مسنداً من الناحية الرسمية إلى محمد بن أبي عون، وهو أحد خاصة الخليفة المعتز. وقد أسندت إليه هذه الولاية إلى جانب البصرة والبحرين سنة 252 هـ/ 866 م([7][43])، أي قبل سنة من وصول الأخيضر إليها. ولكن يبدو أن ولايته لها كانت أشبه بولاية صورية؛ فالراجح أنه لم يتوجه إليها، ولم نجد ما يشير إلى أنه أناب أحداً من قبله عليها. وقد كان هذا حال كثير من الولاة في العصر العباسي: فهم حين يمنحون الولاية، يبقون في مركز الخلافة ويسندونها إلى من يقوم بها من أتباعهم، أو يتركونها ويكتفون بمجرد الاسم، وبخاصة الولايات البعيدة وغير المهمة مثل اليمامة([8][44]).
أما مدينة الخضرمة التي اتخذها الأخيضر قاعدة له وعاصمة لدولته الناشئة، فقد ذكر الهمداني أن الزعامة فيها كانت لأسرة ذات شهرة ومكانة في اليمامة في ذلك التاريخ هي أسرة آل أبي حفصة([9][45])، حيث قال: »وقد ملك الخضرمة بعد بني عبيد من حنيفة آل أبي حفصة، ثم غلب عليها الأخيضر بن يوسف فسكنها«([10][46]).
ومنذ ذلك التاريخ اكتسبت الخضرمة أهمية خاصة، وأخذت تزدهر على حساب شقيقتها مدينة حَجْر التي كانت قبل ذلك قاعدة اليمامة ومركز ولاتها، ثم ما لبثت شمسها أن أخذت في الأُفول منذ ظهور الأخيضريين، ففقدت مكانتها وأهميتها في إقليم اليمامة([11][47])، وحلت مدينة الخضرمة محلها في الوظيفتين السياسية والتجارية. ففضلاً عن أن الخضرمة أصبحت قاعدة دولة الأخيضريين ومقر سلطتهم، فهي أيضاً أصبحت مركزاً تجارياً مهماً تلتقي فيه عدة طرق تصل إقليم اليمامة بالأقاليم المجاورة؛ وقد حافظت الخضرمة على هذه المكانة حتى زوال الدولة الأخيضرية. حينئذ أخذت حَجْر تستعيد مكانتها مرة أخرى.

([1][37]) يلاحظ أن الطبري - وهو معاصر للأخيضريِّين، وكتابه من أوسع كتب التاريخ - لم يورد شيئاً عن الأخيضريين في اليمامة. ولعل ذلك يرجع إلى انعزال بلاد اليمامة وضعف صلاتها بالأقاليم المجاورة.

([2][38]) ابن عنبة الحسني، عمدة الطالب، المصدر السابق، ص. 213.

([3][39]) انظر: الحسن بن عبد الله الأصفهاني، بلاد العرب، المصدر السابق، صص. 126 - 170.

([4][40]) تكاد تجمع المصادر على هذا التاريخ. عدا ابن حوقل، فقد أرّخ ذلك بعام 238 هـ/ 852 م (أبو القاسم محمد بن علي ابن حوقل، صورة الأرض، منشورات مكتبة الحياة، بيروت، 1979، ص. 58).

([5][41]) عبد الله بن حميد السالمي، تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، الكويت، 1974، ج 1، ص. 116. أما الدولة الزيادية في اليمن التي ظهرت سنة 204 هـ/ 819 م، فهي ليست من الدول المستقلة استقلالاً تامّاً، بل هي من الدول التابعة للخلافة العباسية مع تمتعها بقدر من الاستقلال الذاتي.

([6][42]) أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني، مقاتل الطالبيِّين، تحقيق السيد أحمد صقر، دار المعرفة، بيروت، صص. 704 - 705.

([7][43]) عبد الله ابن خميس، تاريخ اليمامة، مطابع الفرزدق، الرياض، 1407 هـ/ 1987 م، ج 3، ص. 211.

([8][44]) حمد الجاسر، »حول اليمامة وولاتها«، مجلة العرب، السنة الأولى، 1386 هـ، ص. 279.

([9][45]) أسرة آل أبي حفصة، تنسب إلى أبي حفصة، وهو أحد موالي بني أمية، وقد استقر باليمامة في مطلع النصف الثاني من القرن الأول الهجري، وتزوج بها، وارتبط أبناؤه وأحفاده بأهل اليمامة بصلات المصاهرة والنسب وكثر عددهم، وظهر فيهم عدد من الشعراء، وأصبح لهذه الأسرة شأن ومكانة بسبب صلتها بحلفاء بني أمية.
وعندما قامت الدولة العباسية، استطاع آل أبي حفصة أن يحظوا لديهم بمكانة مماثلة، بعد أن وفد شعراؤهم على خلفاء بني العباس ومدحوهم.
وقد عرف عن آل أبي حفصة معاداتهم للعلويين وغمزهم والتعريض بهم في أشعارهم، وكان هذا مما رفع أسهمهم عند بعض خلفاء بني العباس، فأعطوهم الأمال ومنحوهم الإقطاعات في بلاد اليمامة، وبخاصة في منطقة جو الخضارم. لمزيد من المعلومات عن هذه الأسرة وشعرائها، وصلتهم بالخلفاء العباسيين، انظر: حمد الجاسر، »الحفصي وكتابه عن اليمامة «، مجلة العرب، المجلد الأول، السنة الأولى، صص. 73 - 692، 769 - 793.

([10][46]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، المصدر السابق، ص. 276.

([11][47]) حمد الجاسر، مدينة الرياض، ص. 96؛ وليم فيسي، الرياض. المدينة القديمة، ترجمة عبد العزيز الهربي، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، الرياض، 1419 هـ/ 1999 م، صص. 100 - 101. وقد أشار فيسي إلى أن من الأسباب المحتملة لاضمحلال مكانة حجر أيام الأخيضريين، أن يكون الأخيضريون قد قاموا بتخريبها (ص. 101)، وهذا الاحتمال غير مستبعد تماماً، ولكننا لم نجد في المصادر ما يؤيده.










رد مع اقتباس