منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التحكيم التجاري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-15, 18:35   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ouhab hamza
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية ouhab hamza
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المطلـب الثالـث
أسباب بطلان أحكام التحكيم في ظل القانون المصري:
وفقا لنص المادة 53/1 لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الحالات التالية:
1- عدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه أو قابليته للإبطال أو سقوطه بانتهاء مدته:
رأينا عند دراسة اتفاق التحكيم أنه يخضع للقواعد العامة، فيلزم توافر التراضي الصحيح الذي يبنى عن إيجاب وقبول الالتجاء الاختياري للتحكيم، ويلزم أن ينصب الاتفاق شرطا أو مشارطة على موضوع قابل للتسوية بطريق التحكيم، كما يلزم تحديد موضوع النزاع إذا تعلق الأمر بمشارطة التحكيم وإلا اعتبرت باطلة.
و فضلا عن الشروط الموضوعية يجب أن يكون الاتفاق مكتوبا([1])، فإذا لم يتوفر أحد الأركان السابقة موضوعية أو شكلية فإن الاتفاق يكون باطلا، أما إذا تعلق الأمر ببطلان نسبي([2])، فإن الاتفاق يكون قابلا للإبطال. أما حالة عدم وجود اتفاق تحكيم([3])، فإنه لم ينشأ أصلا أي اتفاق على التحكيم. بعكس وجود اتفاق اختل ركن يؤدي إلى بطلانـه أو قابليته للإبطال، ولكن إذا نشأ الاتفاق صحيحا فهو يرتب آثاره القانونية طالما ظل الاتفاق قائما، وهنا تجدر التفرقة بين شرط التحكيم و مشارطة التحكيم.
فشرط التحكيم يظل قائما منتجا لآثاره طالما ظل العقد الأصلي قائما، أما مشارطة التحكيم فهي مقترنة بمدة معينة لصلاحيتها، فإذا انقضت سقط الحق في التمسك بوجودها.([4])
و إذا تحقق بطلان اتفاق التحكيم أو سقوطه، فإن الحكم الذي يصدر لا يمكن اعتباره صحيحا حتى لو اقترن بتسوية تم الاتفاق عليها بين الأطراف استنادا إلى هذا الحكم الباطل الذي تضمن هذه التسوية.
2- تعذر إبداء دفاع الخصوم:
المشرع المصري تعرض في نص الفقرة ج([5]) إلى هذه الحالة واعتبرها سببا من أسباب بطلان حكم التحكيم، لأن تعذر تقديم أحد الأطراف لدفاعه يمثل الإخلال بالمبادئ الأساسية الموجهة لسير الدعاوي، فالإخلال بالمساواة وتهيئة الفرص المتكافئة للأطراف لإبداء دفاعهم وعرض وجهة نظرهم يعد سببا يبرر طلب بطلان حكم التحكيم.
ولذلك نجد مبررا القول بإمكانية الاستناد إلى هذا السبب إذا تعذر على أحد الأطراف تقديم الدليل على تزوير الأوراق، ففي هذه الحالة كان متعذرا على الخصم تقديم أوجه دفاعه التي قدمت لتغير وجه الحكم في خصومه التحكيم[6]، ولكن يجب أن يتوفر ذلك لطالب البطلان قبل انقضاء ميعاد رفع دعوى البطلان، فلا يمكنه الاحتجاج ببدء سريان الميعاد من تاريخ علمه بهذه الوقائع، و القاضي مخول بإصدار الحكم الذي يقضي ببطلان الحكم لثبوت تعذر تقديم دفاع لم يتيسر للخصم الحصول عليه إلا بعد صدور الحكم و قبل انقضاء ميعاد دعوى البطلان، بشرط إثبات تعذر الحصول على هذا الدفاع لسبب خارج عن إرادة طالب البطلان[7].
3- استبعاد تطبيق قانون الإرادة على موضوع النزاع:
لقد أخذ المشرع المصري بمبدأ سلطان الإرادة، وهذا واضح من خلال النص الصريح([8]) فاختيار الأطراف للقانون الذي يحكم الموضوع ينصرف إلى القواعد الموضوعية التي يتضمنها هذا القانون، وفي هذه الحالة هيئة التحكيم لا تتلقى أي صعوبة إذ يتحتم عليها الفصل في النزاع وفقا للقواعد الموضوعية التي يتضمنها القانون المحدد باتفاق الأطراف، فإذا اتفق الأطراف على اختيار القانون الذي تؤدي إليه قواعد تنازع القوانين في قانون معين، فهل يعد الاختيار ملزما لهيئة التحكيم؟ نرجح أن الهيئة ملزمة لأن القانون الذي أدت إليه قاعدة التنازع هو في النهاية قانون الإرادة، لأن قاعدة التنازع التي تم الاتفاق عليها هي التي أدت إلى تحديد هذا القانون الذي يعد ثمرة غير مباشرة لاتفاق الأطراف، ولكن يختلف الأمر لو ترك الأطراف تحديد القانون الواجب تطبيقه على الموضوع لقواعد تنازع القوانين التي تختارها الهيئة أو قواعد التنازع، فهنا لا يعتبر هذا القانون نتيجة لإرادة الأطراف([9])،فصياغـة النص واضحة في أن سبب البطـلان يرتبط – باستبعاد – هيئة التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع، والنتيجة المنطقية لهذا النص أن سبب البطلان لا يتحقق إذا قام المحكمون بتطبيق القانون المتفق عليه.
ولكن هل يتحصن حكم التحكيم ضد دعوى البطلان لمجرد إعلان تطبيق قانون الإرادة إذا ثبت أنه أهمل نصوص هذا القانون وشوهها تشويها يجعله معادلا لعدم إعمالها أصلا؟، يرى الأستاذ الدكتور "أكثم الخولي" أن الخطأ الجسيم في تطبيق قانون الإرادة يعادل استبعاده ويسمح بطلب البطلان وهو نفس ما اتجهت إليه اللجنة المشتركة. والواقع أن المسخ أو الخطأ في تطبيق القانـون مهما كانت جسامته لا يعـادل الاستبعاد، فالمسخ أو الخطأ الجسيم أسباب تبرر استئناف الحكم لا بطلانه. و رغم ذلك رجح ما انتهى إليه الدكتور "أكثم الخولي" واللجنـة المشتركـة[10].
وتجدر الإشارة في النهاية إلى أن الاستناد إلى مخالفة الهيئة واستبعادها لقانون إرادة الأطراف، يفترض تصدي الأطراف واتفاقهم على تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، أما إذا لاذوا بالصمت فالهيئة تطبق القواعد الموضوعية في القانون الذي تراه أكثر اتصالا بالنزاع، ولا يمكن رفع دعوى بطلان تأسيسا على أن الهيئة أساءت اختيار القانون فهم بصمتهم ارتضوا ممارسة الهينة لسلطاتها التقديرية فلا سند لهم في طلـب البطـلان[11].
4- مخالفة القانون أو اتفاق الأطراف بشأن تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين:
كيفية تشكيل الهيئة متروك كما نعلم لاتفاق الأطراف، وإذا تعثر تشكيل الهيئة لأي سبب سواء لاختلاف الأطراف أو لاختلاف المحكمين يمكن الالتجاء للقضاء الذي يتخذ الإجراء المطلوب كتعيين المحكم الوحيد.
رأينا أن الأمر يتعلق في معظم الأحوال بنصوص مقررة تكمل إرادة الأطراف وذلك باستثناء القواعد الآمرة، كاستلزام وترية العدد، واكتمال أهلية المحكم، والتزام المحكم عند إعلان قبوله الكتابي للمهمة بالإفصاح عن أية ظروف تثير الشك حول استقلاله أو حيدته، أو التزام الهيئة بعدم قبول طلب الرد، فإذا باشر المحكم لمهمته دون كتابة و دون اعتراض حتى صدور الحكم، لا يجعل الحكم معرضا لدعوى البطلان وكذلك إذا أفصح المحكم عن الظروف التي قد تمس حيدته واستقلاله، ورغم ذلك ارتضى الأطراف استمراره في مهمته، فلا يحق للأطراف بعد ذلك رفع دعوى البطلان، أما إذا كان هناك كتمان المحكم لهذه الظروف فيكون لذي المصلحة رفع دعوى البطلان[12].
5- فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوزه لحدود هذا الاتفاق:
السلطة المخولة لهيئة التحكيم كما نعلم هي النظر في موضوع النزاع الذي اتفق الأطراف على عرضه عليها، فهي لا تملك مد نظرها خارج حدود هذا النزاع، وعلى هذا الأساس حدد المشرع اختصاص هيئة التحكيم في نصوص مواده([13])، وضمانا لهذا الاختصاص المحدد لمهمة هيئة التحكيم[14].
يرى المشرع أنه:
إذا تعلق الأمر بشرط تحكيم، فيجب تحديد موضوع النزاع في بيان الدعوى الذي يرسله المدعي إلى المدعى عليه وإلى المحكمين خلال الميعاد المتفق عليه، أو الميعاد الذي تحدده الهيئة وفقا لنص المادة 30/1.
أمـا إذا تعلق الأمر بمشارطة تحكيـم فإنها تكـون باطلة إذا لم تتضمن تحديـد – المسائل التي يشملها التحكيم – فالهيئة ملزمة عند إصدار حكمها بالفصل في المسائل المطروحة عليها، والتقيد بدقة في تحديد نطاق اختصاصها، كما قضى بأن ولاية المحكم لا تمتد للمسائل الفرعية لعدم انطباق قاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، ويقتضي إصدار الحكم ببطلان حكم التحكيم تأسيسا على هذا السبب تمسك ذي المصلحة به، مثلا إذا رفعت دعوى البطلان تأسيسا على مخالفة القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع، وتبين للمحكمة أن هيئة التحكيم فصلت فيما لم يكن مطروحا عليها أو تجاوزت حدود الاتفاق، فإن المحكمة لا تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها، لأن المسألة لا تتعلق بالنظام العام، وإنما يجب أن يتمسك أحد الأطراف بطلب البطلان تأسيسا على تجاوز الهيئة للحدود الواردة في اتفاق التحكيـم.([15])
6- وقوع بطلان في حكم التحكيم أو في إجراءات التحكيم على نحو أثر في الحكم:
لقد رأينا فيما سبق الشروط التي يجب توافرها في حكم التحكيم، والتي يتحقق بطلان الحكم إذا لم تتوافر مثلا صدور الحكم شفاهة، أو دون توقيعه من الأغلبية، ولكن لا يعتبر سببا للبطلان إذا وقع خطأ مادي في أسماء المحكمين أو الأطراف أو عناوينهم، أما خلو الحكم أصلا من أي بيان من هذه البيانات السابق تفصيلها فمن شأنه تعريض الحكم للبطلان. فلا يقتصر الأمر على وقوع بطلان في الحكم، و إنما يتعرض حكم التحكيم لدعوى البطلان، إذا لحق الإجراءات بطلان أثر في الحكم، فيلزم أن يكون ما شاب الإجراء من بطلان قد انعكس على الحكم[16].
فالعبرة بالنسبة لبطلان الإجراء وتأثيره في الحكم، هي في تحقق أو عدم تحقق الغاية منه وذلك إعمالا للقواعد العامة في قانون و فقه المرافعات.
7- مخالفة حكم التحكيم للنظام العام المصري:
يجب أولا التفرقة بين بطلان حكم التحكيم لتضمنه ما يخالف النظام العام المصري وبطلان اتفاق التحكيم لوروده على مسألة لا تقبل التسوية بطريق التحكيم.
فبطلان الاتفاق يعد سببا من أسباب رفع دعوى بطلان الحكم كما رأينا، ولكن يجب أن ننتبه إلى أن العلاقة ليست طردية على نحو حتمي، فقد يكون الاتفاق باطلا ويصدر حكم التحكيم صحيحا إذا قضى ببطلان هذا الاتفاق لمخالفته للنظام العام، أو لوروده على مسألة لا تقبل التسوية بطريق التحكيم. والعكس صحيح، فقد يكون اتفاق التحكيم صحيحا ويصدر الحكم متضمنا لما يخالف النظام العام المصري، أما الغرض الذي نواجهه، فهو صدور الحكم متضمنا لما يخالف النظام العام المصري، فالعبرة في هذا المقام ليست بتعلق الحكم بمسألة تمس النظام العام، وإنما بتضمن الحكم فعلا ما يخالف النظام العام المصري. و لا تحتاج المحكمة لتمسك أحد الأطراف بمخالفة الحكم للنظام العام المصري كما هو الحال في الأسباب الأخرى و إنما عليها أن تقضى بالبطلان من تلقاء نفسها، حتى لو كانت دعوى البطلان مؤسسة على سبب آخر[17].
من خلال ما سبق نلاحظ وجود تشابه وتطابق إلى حد كبير في الأسباب التي يجب توافرها لرفع دعوى بطلان حكم التحكيم في القانون الجزائري والفرنسي والمصري، مع وجود فرق في الحالة التي تستدعي تسبيب أحكام التحكيم، فالقانون الجزائري والفرنسي يستلزمان تسبيب أحكام التحكيم كما رأينا مسبقا، وفي حالة عدم تسبيب الحكم، يمكن رفع دعـوى البطـلان.
أما القانون المصري فيسمح بإمكانية اتفاق الأطراف على عدم التسبيب، أو إذا كان القانون المطبق لا يستلزم ذلك.
وفي الاخير نستنتج من خلال هذا الفصل ان هناك طابع حصري لأسباب البطلان سواء في كل من التشريع الجزائري والمصري وكذلك الفرنسي، حيث لم يتطرق المشرع الجزائري في أي نص من نصوص مواد قانون الإجراءات المدنية والإدارية إلى تحديد الحالات بصفة عامة، والتي على أساسها ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم، لهذا قمنا بحصر الحالات من خلال النصوص العامة لأحكام التحكيم، مما يعني عدم جواز الطعن لأي سبب آخر سوى الأسباب أنفة الذكر.
فمثلا لا يمكن الطعن بالبطلان إذا كان هناك خطأ في تفسير شروط العقد من قبل المحكمين أو وجود خطأ مادي في أسماء المحكمين والأطراف.
أما التحكيم الدولي فقد حصرت أسبابه المادة 1058 إذ تنص على أن حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر يمكن أن يكون موضوع طعن بالبطلان في الحالات المنصوص عليها في المادة 1056، أما أحكام التحكيم الدولي الصادرة خارج الجزائر، فقد عالج المشرع الجزائري كيفية مواجهتها من خلال القواعد المنظمة للاعتراف بهذه الأحكام وتنفيذها.
و فيما يخص رفع دعوى البطلان، فيحق لصاحب المصلحة الذي كان طرفا في خصومة التحكيم رفع دعوى البطلان إذا توافر أحد الأسباب السابقة الذكر، ولا يعترضه أي مانع للقيام بذلك إلا إذا تنازل هو عن حقه، وهذا التنازل يقتصر عليه وحده، وبالتالي يمكن لسواه رفع الدعوى إذا توافر له سبب من أسباب البطلان.و يلاحظ من هذا أنه يحق لأي طرف له صفة رفع دعوى البطلان إذا تأسست على مخالفة الحكم للنظام العام، أما إذا كان السبب خاص بأحد الأطراف فلهذا الطرف وحده الحق في رفع دعـوى البطـلان.
- و وفقا لنص المادتان 1033 و1034 من قانون الإجراءات المدنية، فإن دعوى بطلان حكم التحكيم ترفع أمام المجلس القضائي الذي صدر في دائرة اختصاصه حكـم التحكيم.
و بالتالي فالحكم الذي يصدره المجلس يمكن استئنافه ثم الطعن في حكم الاستئناف بالنقض أما ميعاد رفع الاستئناف فهو شهر واحد يبدأ سريانه من تاريخ النطق بحكم التحكيم، وهذا إذا كان التحكيم داخليا.
- أما في حالة التحكيم الدولي فيرفع الطعن بالبطلان في حكم التحكيم أمام المجلس القضائي الذي صدر حكم التحكيم في دائرة اختصاصه، ويقبل الطعن ابتداء من تاريخ النطق بحكم التحكيم، ولا يقبل هذا الطعن بعد أجل شهر واحد من تاريخ التبليغ الرسمي للأمر القاضي بالتنفيذ، نص المادة 1059.
ونفس الامر بالنسبة للمشرع الفرنسي
فلا يمكن الطعن بالبطلان لأي سبب خارج عن الأسباب التي شملها المشرع الفرنسي، كما أن البطلان لا يمتد لكل ما تضمنه الحكم إذا أمكن تجزئته([18])، على عكس المشرع المصري حسب نص المادة 1485.[19]
وهذا يعني إمكانية أن يتفق الأطراف على التمسك بالتحكيم و استمرار اتفاقهم على استبعاد تصدي القضاء للفصل في الموضوع، فيكون الأمر مماثلا لما هو عليه في القانون المصري، أما إذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق فالمحكمة تفصل في الموضوع، فتخويل المحكمة سلطة الفصل في الموضوع من شأنه توفير الوقت، فضلا عن منع دعاوى البطلان التي تستهدف تعطيل الفصل و إنهاء النزاع، إذ سيتردد كل طرف في دفع دعوى البطلان، مع علمه بأن المحكمة إذا قضت بالبطلان ستتولى الفصل في الموضوع، و هي تقضي وفقا كما كان يتمتع به المحكم من سلطات فإذا كان مفوضا فهي تحكم وفقا لقواعد العدالة و الإنصاف دون تقيد بنصوص القانـون.
إن نص المادة 1507 لا تسري أحكامه المنظمة لاستئناف أحكام التحكيم الداخلي أو لدفع دعوى البطلان، على أحكام التحكيم التي تصدر خارج فرنسا أو التي تصدر في مجال التحكيم الدولي، وعالج المشرع كيفية مواجهة أحكام التحكيم التي تصدر خارج فرنسا فهذه الأحكام لا تخضع لدعاوى البطلان، والمشرع الفرنسي لغاية ما منع امتداد آثارها داخل فرنسا، فلا يعترف بها و لا ينفذها إذا أصدر القضاء أمره برفض طلب تنفيذها، فإن الأمر في الحالتين يخضع للاستئناف و في جميع الأحوال لا يمكن رفع دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر في الخارج، أما الأحكام التي تصدر في فرنسا متعلقة بتحكيم دولي، و على هذا فتح المشرع باب رفع الدعوى بطلب بطلانها في حالات:
1- صدور الحكم دون وجود اتفاق تحكيم أو بناء على اتفاق باطل أو انقضى.
2- عدم نظامية تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءات تعين المحكم الوحيد.
3- إذا لم يلتزم المحكم في حكمه حدود المهمة المناطة به.
4- إذا تم هدر مبدأ المواجهة.
5- إذا كان الحكم مخالفا للنظام العالم الدولي.
من الواضح أن هناك تطابق في هذه الحالات و الحالات التي سبق ذكرها والخاصة بالتحكيم الداخلي للقانون الفرنسي.
والامر نفسه فيما يخص القانون المصري
- إن صياغة نص المادة 53 كانت قاطعة في طابعها الحصري، مما يعني عدم جواز الطعن بالبطلان لأي سبب آخر سوى الأسباب التي شملتها المادة 53[20] كسوء تحصيل الوقائع، ولكن يرى البعض([21]) إلى أن تشويه و مسخ القانون واجب التطبيق يساوي استبعاده ويصلح أساسا لرفع دعوى البطلان، و رغم ما يتضمنه هذا الرأي من تخويل المحكمة سلطة مراجعة الحكم من الناحية الموضوعية، وهو ما لا يتسنى إلا في حالة تخويل المحكمة صفة المحكمة الاستثنائية، رغم كل ذلك فإننا نرجحه أخذا بالتفسير الواسع لأسباب البطلان بعد أن أغلق المشرع كـل الأبواب و جعل أحكام التحكيم تسمو على أحكام القضاء.
بطبيعة الحال يكون لذي المصلحة الذي كان طرفا في خصومة التحكيم الحق في رفع دعوى البطلان إذا توافر أحد الأسباب آنفة الذكر، ولا يعوقه عن رفع الدعوى سبق الاتفاق على نزوله عن الحق في رفعها قبل صدور الحكم.([22])
أما بعد صدور الحكم فيجوز له النزول عن حقه، مع اقتصار أثر هذا التنازل عليه وحده فلا يحجب سواه عن إمكانية رفع الدعوى إذا توفرت فيه الصفة وتوافر له سبب من أسباب البطلان، و يلاحظ في هذا المقام أن لأي طرف صفة في رفع دعوى البطلان إذا تأسست على مخالفة الحكم للنظام العام، أما إذا كان السبب مبنيا على اعتبار خاص بأحد الأطراف، فلهذا الطرف وحده الصفة في رفع دعوى البطلان.
ويجب رفع دعوى البطلان خلال التسعين يوما التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم ضده، وذلك دون تفرقة بين حالة صدور الحكم في حضوره أو غيبته.
وكانت المادة 513 من قانون المرافعات تنص على أن ترفع دعوى بطلان حكم المحكمين أمام المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، وقد عدل المشرع في القانون الجديد عن هذا النهج، فجعل الاختصاص بنظر الدعوى لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع إذا كان التحكيم داخليا، أما في حالة التحكيم الدولي فينعقد الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة أو لمحكمة الاستئناف المتفق عليها، ومؤدى هذا أن الحكم في دعوى البطلان يصدر دوما من محكمة استئنافية.
و تجدر الإشارة في النهاية إلى أن كافة الأحكام السابقة الخاصة بدعوى البطلان من حيث الأسباب و ميعاد الدعوى و تحديد المحكمة المختصة لا تسري إلا بالنسبة لأحكام التحكيم الخاضعة للقانون المصري، سواء التي تصدر في داخل مصر أو التي تصدر خارجها و يقتصر دور المحكمة التي تنظر دعوى البطلان على الحكم برفض الدعوى أو الحكـم بالبطـلان.

([1]) القانون الجديد استلزم " الكتابة كشرط صحة لا شرط إثبات "، كما كان الأمر في ظل نصوص قانون المرافعات الملغاة.

([2]) قانون المرافعات القديم تطرق في نصوصه إلى البطلان النسبي " إذا ثبت نقص أهلية أحد الأطراف، فإن الاتفاق يكون قابلا للإبطال لصالح ناقص الأصلية الذي يمكنه إجازة الاتفاق بعد بلوغه سن الرشد ".

([3]) حالة عدم تحقق التراضي أشير لها في البند (أ) " عدم وجود تلاقي إرادتين كما لو صدر الإيجاب وقوبل بالرفض أو بالصمت غير الملابس، أو تضمين تعديل لم يحظ بقبول ".

([4]) " لا يمكن التمسك بهذه المشارطة بعد انقضاء مدتها لمنع القضاء من نظر النزاع إلا باتفاق الأطراف على مد مدة المشارطة قبل انقضائها أو الاتفاق على مشارطة جديدة ".

([5]) نص الفقرة ج " إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته ".

د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، 125.[6]

د. محسن شفيق، المرجع السابق، ص 165.[7]

([8]) " لأطراف اتفاق التحكيم حرية اختيار القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم، والقانون الذي يحكم موضوع النزاع ".

([9]) لم يعتبره الأستاذ الدكتور أكثم الخولي سببا من أسباب البطلان " لأن الأطراف لم يتفقوا صراحة على اختيار قانـون معيـن ".

د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 142.[10]

د. معوض عبد التواب، المرجع السابق، ص 152.[11]

د. ناريمان عبد القادر، المرجع السابق، ص 140.[12]

([13]) " هيئة التحكيم ملزمة بوقف الإجراءات إذا عرضت عليها مسألة أولية يتوقف عليها الفصل في النزاع، لحين تولي الجهة القضائية المختصة أمر الفصل في هذه المسائل الأولية ".

د. كمال ابراهيم ، المرجع السابق، ص 120.[14]

([15]) نص المادة 30/1 " يجب أن يتضمن بيان الدعوى تحديد المسائل محل النزاع وطلباته ".

د. نبيل اسماعيل عمر، المرجع السابق، ص 123.[16]

د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 165.[17]

([18]) روبرت جين ص 217 .

[19] نص المادة 1485 " إذا قضت المحكمة بالبطلان، فعليها الفصل في الموضوع في الحدود التي كانت متاحة للمحكم إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك".

المادة 53 " لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآنية:..." [20]

([21])الأستاذ أكتم الخولي. يرى أن الخطأ الجسيم في تطبيق القانون المختار يعتبر استبعاد غير مباشر.

([22]) نص المادة 54 ."..لا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعى البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم".