منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التحكيم التجاري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-15, 18:31   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ouhab hamza
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية ouhab hamza
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصـــل الثانــــي
كيفيــة صـــدور حكــــم التحكــــــيم
إن المجرى العادي لسير عملية التحكيم ينتهي بصدور حكم يفصل في موضوع النزاع ،فوفقا لأي قانون يصدر المحكمون حكمهم ؟ وكيف يصدر هدا الحكم، وما هي الشروط والبيانات التي يلزم استقاؤها ؟ كل هدا نحاول الإجابة عنه فيما يأتي .
المبحث الأول
تحديد القانون الدي تطبقه هيئة التحكيم على موضوع النزاع
للوصول بعد إتفاق التحكيم إلى حكم لابد من قانون تتبعه هده الهيئة المكلفة بحل النزاع للوصول إلى الحل المبتغى لكن إلى أي شيء يخضع هدا القانون من حيث الإختيار ؟
المطلب الأول
تطبيق قانون إرادة الأطراف
تنص المادة (1050)بالنسبة للقانون الجزائري على أن "تفصل محكمة التحكيم في النزاع عملا بقواعد القانون الدي اختاره الأطراف ،و في غياب هدا الاختيار تفصل حسب قواعد القانون و الأعراف التي تراها ملائمة ." و بالتالي فان للأطراف حرية اختيار ما يرونه مناسبا من قواعد منتقاة تواجه على نحو واقعي ما قد ينشأ من منازعات، هم الأقدر على تصورها وعلى وضع ما يلائمها من حلول مبتكرة لا تجد مصدرها في قانون معين، و إنما في إرادة الأطراف مباشرة . كما يلجأ الأطراف إلى المزج بين عدة مصادر، فينشئون قانون عقدهم من مجموعة من القواعد المستخلصة من تشريعات وطنية أو أجنبية أو يكرسون العادات و الأعراف المتعلقة بموضوع العقد ،أو الإحالة إلى القواعد و الشروط التي تتضمنها وثيقة أو عقد نموذجي[1]، ففي كل هده الصور لا توجد أي إشارة لتطبيق "قانون دولة معينة" وهي الصورة الأخرى التي قد تتخذها إرادة الأطراف عند تحديد ما تلتزم الهيئة باعمالة عند التصدي للفصل في موضوع النزاع.
وقد أخد المشرع الفرنسي هدا الاتجاه المتسم باحترام مبدأ سلطان الإرادة في نصوصه المنظمة للتحكيم التجاري الدولي (المادة 1492/1 مرافعات فرنسي)، أما في التحكيم الداخلي، فنصت المادة 1474 على أن المحكم يفصل في النزاع وفقا "لقواعد القانون" الا ادا فوضه الأطراف بالحكم وفقا لقواعد العدالة، وتتعدد النصوص الواردة في خصوص التحكيم الداخلي و التي تحيل إلى قانون المرافعات الفرنسي، مما يؤكد افتراض تطبيق القانون الوطني في حالات التحكيم الداخلي الدي لا يوجد أي مبرر لمعاملته معاملة التحكيم التجاري الدولي وما تقتضيه مصالح التجارة الدولية، و إمكانية تنازع القوانين، من تدخل لإعلاء مبدأ سلطان الإرادة لحسم أي خلاف يثور حول تحديد القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع، وهو ما يؤدن بأقوال عصر " تنازع القوانين وقواعدها" و الاتجاه المباشر لإسناد اختيار القانون لإرادة الأطراف[2].
المطلب الثاني
تصدي هيئة التحكيم لتحديد القانون المطبق على موضوع النزاع
حسب نص المادة (1050) و ما تضمنته في فقرتها الأخيرةفانه إن لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع فصلت محكمة التحكيم فيه بحسب قواعد القانون و الأعراف التي تجدها مناسبة و ملائمة و بالتالي عدم الإخلال بالنظام العام للدولة وهدا سواء في حالة تطبيق قانون الإرادة، أو القانون الأكثر اتصالا بالنزاع . بينما اتخذ واضعوا القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي موقفا مختلفا فبعد أن تركت الفقرة الأولى التحديد الرادة الأطراف نصت الفقرة الثانية على من المادة 28 على أنه "عند عدم مثل هدا التحديد بواسطة الأطراف ،تطبق محكمة التحكيم القانون المحدد بواسطة قاعدة تنازع القوانين التي تقدر قابيلتها للتطبيق على الموضوع النزاع ". حيث نجد أن المحكم هنا ملزم بتطبيق القانون الدي تفضي إليه قواعد التنازع في القانون الدي يرى إمكان تطبيقه على النزاع وفقا لنص القانون النموذجي.
و يكشف الواقع العملي عن ميل قضاء التحكيم على الصعيد الدولي إلى إعمال قانون محل إبرام العقد أحيانا، أو قانون محل التنفيذ، ودلك استنادا إلى ما يسمى بالإرادة الضمنية للأطراف و التي قد تكشف عنها ملابسات وظروف التعاقد أو استنادا إلى مؤشرات دات طابع خاص كالاستدلال على ترجيح قانون الدولة التي استخدمت لغتها في العقد، وهو ما تنص عليه الاتفاقية الخاصة بتسوية منازعات الاستثمار[3] . كما يمكن الاستناد إلى اختيار مكان التحكيم كمؤشر على اختيار قانون هدا البلد الدي يجري فيه التحكيم .
المطلب الثالث
الفصل في النزاع وفقا لقواعد العدالة و الإنصاف
تنص المادة (1474) من نصوص المرافعات الفرنسي بخصوص التحكيم الداخلي على أن "تحسم محكمة التحكيم النزاع وفقا لقواعد القانون طالما أن الأطراف لم يخولاها وفقا لاتفاق التحكيم إجراء تسوية بصفتها منشئة لمواءمة ودية" و تنص المادة (1497 ) في النصوص المنظمة للتحكيم الدولي على أن "المحكم يجري تسوية كمنشئة لمواءمة ودية إدا خوله اتفاق الأطراف هده المهمة ".
كما أن الفقرة الثالثة من المادة (28 ) من القانون النموذجي تنص على أن "تجري محكمة التحكيم تسوية وفقا للعدالة و الإنصاف أو بصفتها منشئة لمواءمة ودية، فقط إدا أدن لها الأطراف في دلك صراحة."
و القاسم المشترك بين هده النصوص هو تحرير المحكم من التقيد بأي نصوص تشريعية أو أي قواعد قانونية أيان مصدرها ليجري المحكم نوعا من التسوية للنزاع المعروض عليه مستلهما ما يراه محققا للعدالة وما يرضي ضميره، فهو يقوم بعمل "إنشائي " خلاق لا يخضع فيه إلا لما يرضي وجدانه، تماما كموقف القاضي الجنائي الدي يتمتع بحرية مطلقة في تكوين عقيدته، طالما أنه حقق مبدأ المساواة، و أتاح للأطراف مكنة أوجه دفاعهم .و نظرا لما يتمتع به المحكم من سلطات تتوقف على حسن أو سوء تقديره المطلق الدي يخضع بطبيعة الحال لمعايير شخصية ترجع إلى تكوين المحكم وشخصيته و خلفيته الثقافية العامة، استلزم المشرع إعلان الأطراف إعلانا صريحا لا لبس فيه عن قصدهم تخويله هده السلطة[4] .
فالهدف من إطلاق سلطات المحكم هو تحقيق العدالة التي قد تعوقها النصوص القانونية، و لا يتصور دلك بإهدار الأبجديات التي تعد من المقدمات البديهية للوصول إلى هده العدالة . و فضلا عن دلك يلزم إجراء نوع من التفرقة بين التحكيم الداخلي و التحكيم الدولي، ففي الحالة الأولى لا جدال في أن سلطة المحكم المفوض بالحكم وفقا للعدالة، تخوله الخروج على نصوص القانون المقررة، كما تخوله سلطة واسعة في تفسير و تخفيف حدة الشروط العقدية التي إتفق عليها الأطراف شريطة ألا يصل الأمر حد إنشاء علاقة أو عقد جديد لم تتجه إليه إرادتهم ، فهو يفسر شروط عقد البيع مثلا و يخفف من التزامات البائع أو ضماناته أو التزامات المشتري و ما قد يتضمنه العقد من شروط يراها تعسفية أو مخلة بالتوازن، ولكنه لا يملك تكييف العقد و التعامل معه بوصفه عقد إيجار أو عقد ترخيص مثلا[5].
وتجدر الإشارة إلى أن تفويض المحكمين للفصل دون التقيد بنصوص القانون، و الاستهداء فقط بما يرونه محققا للعدالة، لا يعني منعهم من اعمال و تطبيق قانون معين، باعتباره محققا لهده العدالة كما يرونها .

[1]و مثال دلك على الإحالة على الشروط العامة للفيديك fidic أو لقواعد جمعية تجارة الحبوب و الأغذية فتعبير "القواعد التي اتفق عليها الطرفان" يسمح باستيعاب القواعد المتميزة المستقلة عن أي قانون وطني وحيدا عما تقضي إليه قواعد تنازع القوانين .
تنص المادة 39/1من القانون المصري على أن"تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع، القواعد التي يتفق عليها الطرفان . و ادا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة ،اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق على غير دلك."


[2]تنص المادة (39) بالنسبة للتشريع المصري على أنه ادا "لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الدي ترى أنه الأكثر اتصالا بالنزاع".

[3]تنص المادة (39 ) من التشريع المصري على أنه "يجوز لهيئة التحكيم ـ إدا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويضها بالصلح ـ أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة و الإنصاف دون تقيد بأحكام القانون ".

[4]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 90.

[5]د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 69.