منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بطاقة فنية حول ماهية القانون ارجوكم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-18, 14:18   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
sarasrour
محظور
 
إحصائية العضو










B10 ارجو الدعاء لي بالفرج والهداية والنجاح لي ولكل من دعا لي

خـصــائــص القــاعـدة القــانـونيــة


(1) هي قاعدة عامة مجردة :
# معني عمومية القاعدة القانونية : أن حكمها لا ينطبق علي واقعة بعـينها بل يكون قابلا للتطبيق على جميع الوقـائع التي تتحقق شروطها فيها .
# معني تجريد القاعـدة القانونيـة : أن حكمها لا ينطبق علي شخص بعينه بل يـكون قابلا للتطـبيق علي جـميع الأشخاص
الذين تتوافر فيهم شروط انطباق القاعدة .
# مثال للعمومية و التجريد : ( 1 ـ كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية و لم يحجر عليه يكون كامل الاهلية لمباشرة
حقوقه.............
2 ـ و يبلغ الشخص سن الرشد اذا أتم 21 سنة قمرية ) .
# نتائج العمومية و التجريد :
(1) ضيق و اتساع نطاق تطبيق القاعدة القانونية .
(2) القاعدة القانونية تحقق المساواة أمام القانون .
(3) القاعدة القانونية مســتمـرة فــــي تطبــيقــها .
(4) القوانين العرفية استـثـناء مـن صفة العـموم .
(2) القاعدة القانونية قاعدة سلوك :
مضمون : هي خطاب من المشرع الي الأفراد بإلزامهم بسلوك معين بقصد تحقيق غاية مثلي هي رعاية مصالحهم و الحــــفاظ
علي أمن المجتمع . مدى القاعدة القانونية : ضبط السلوك الخارجي دون الاعـــتداد
بالنوايا أو المقاصد ( القاعدة ) ما لم تتخذ مظهرا ماديا دالا عليها
( الاستثناء ) .
*استثناءات:
أ ـ اعتداد القانون بالنوايا استثناء علي الأصل .
ب ـ سلطان القانون يتجاوز حدود العلاقات الاجتماعية .
(3) القاعدة القانونية ملزمة :
حكمة الالزام : غرض القاعدة القانونية و هو ضبط سلوك الافراد لن يتحقق الا اذا كانت القاعدة ملزمة .
معني الالزام : اقتران القاعدة بجزاء .
محل الالزام : الشق الخاص بالحكم في القاعدة القانونية .
مثال للالزام : ( كل إضرار بالغير يلزم فاعله ـ و لو غير مميز ـ
بضمان الضرر) .
* مصطلح الالزام : الجزاء .
* طبيعة الجزاء : مادى .
* تحليل الجزاء : هو تدبير أو اجراء مادى تسلطه الدولة علي ارادة المخالف لقهره و اجباره علي الانصياع لحكم القانون سواء
انعكس ذلك علي الشخص مباشرة ( كالقبض و التوقيف ) أو بشكل غير مباشر علي أمواله و نشاطه ( كمصادرة أمواله أو الحجز عليها أو اغلاق المحل التجارى المخالف ) .
*أنواع الجزاء :
أ ـ الجزاء المدني :
# متى نلجأ اليه : عند مخالفة قاعدة من قواعد القانون الخاص .
# المحل الذي ينصب عليه : الذمة المالية للمخالف .
# أهم صور الجزاء المدني : التنفيذ الجبرى ـ بطلان التصرف ـ وقف نفاذ التصرف ـ التعويض ..............
ب ـ الجزاء التأديبي :
* متى نلجأ اليه : عند مخالفة قاعدة من قواعد القانون الاداري.
* أهم صوره : المنع من الترقية ـ الخصم من المرتب ـ الانذار الفصل من العمل ......................
ج ـ الجزاء الجنائي :
& متى نلجأ اليه : عند مخالفة قاعدة من قواعد القانون الجنائي .
& توابع المخالفة الجنائية : جزاء جنائي ( كالحبس ) و جزاء مدني ( التعويض ) في ذات الوقت .
& شرط الجزاء الجنائي : التقيد بمبدأ المشروعية ( لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص ) .
& أهم صوره : العقوبة البدنية ( كالاعدام و الجلد ) ، العقوبة المقيدة للحرية ( كالسجن و الحبس) ، العقوبة المالية ( كالغرامة )
و العقوبة التبعية ( كالحرمان من الحقوق المدنية و المصادرة و
تحديد الاقامة ) .
توقيع الجزاء من اختصاص الدولة :
* القاعدة : احتكار الدولة سلطة توقيع الجزاء .
* الاستثناء : تتنازل الدولة للافراد عن سلطة توقيع الجزاء في حالتي : 1 ) الدفاع الشرعي .
2) حق الاحتباس .
* نقد اعتبار الدفاع الشرعي و حق الاحتباس من قبيل الجزاء.
خصائص الجزاء :
1) جزاء قهري ذو طبيعة مادية .
2) جزاء منظم تتولي السلطة العامة توقيعه علي المخالف .
3) جزاء معجل .
طاعة القانون : اختيارية أم اجبارية ؟
رأى : طاعة الافراد للقانون اختيارية لا يلزم فيها تدخل الدولة .
الحجة : القانون وضع ليحقق مصالح الافراد فهو نتاج
ارادتهم .
الراجح : الطاعة اجبارية مصدرها الخوف من الجزاء
الدليل : فـي فـترات زوال التنـظيم القـهري فـي الجماعـة ( كالحروب ) تسود الفوضي
تعريف القانون الإصطلاحي :-

التعريف الأول العام/ هو مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم علاقات الأفراد في المجتمع والتي تكفل السلطة العامة احترامها بتوقيع جزاء على من يخالفها .

التعريف الثاني في بلد معين/ هو مجموعة القواعد الملزمة السائدة والمطبقة بالفعل في بلد معين في وقت معين .

التعريف الثالث في موضوع معين / هو مجموعة من القواعد تضعها السلطة التشريعية لتنظيم موضوع معين .

تعريف القانون اللغوي :-
هو النظام والاستقرار. ويستعمل هذا اللفظ للتعبير عن ترتب اثر معين على حدوث ظاهرة معينة ثابتة .

تعريف القاعدة القانونية :-

في اللغة شأنه شأن لفظ القانون وهو النظام والاستقرار.

التعريف الأول /هي النواة أو الخلية الأولى التي يقوم عليها القانون .

التعريف الثاني / هي الوحدة الأساسية التي يتكون منها القانون .

القاعدة القانونية تقوم بتنظيم الروابط الاجتماعية عن طريق إنشاء الحقوق وفرض الواجبات .

تعريف النظام القانوني :-

هو مجموعة من القواعد القانونية المجتمعة حول ظاهرة اجتماعية محددة .
هو مجموعه من القواعد التي تنظم قطاعا متجانسا من العلاقات بين الأفراد مما يشكل ظاهرة اجتماعية متميزة .

تعريف الشريعة القانونية :-

هي مجموعة القواعد والنظم التي تجمعها رابطة مشتركة ولون واحد واتجاه متجانس .

الشرائع القانونية الكبرى التي تسود العالم هي :

1- الشريعة القانونية اللاتينية( يشمل معظم القارة الأوربية وأمريكا أللاتينية ومأخوذة عن القانون الروماني وأهمها القانون الفرنسي والإيطالي وغيرها) .

2- والشريعة القانونية الأنجلو أمريكية( الانجلو سكسونية) تشمل القانون الإنجليزي والقانون الأمريكي والقوانين المأخوذة عنها مثل القانون الايرلندي .

3- والشريعة الإسلامية، تنتمي إلى مصدر سماوي هو القرآن الكريم والسنة النبوية، أساس أحكامها قانون سماوي يمتزج بالدين .


تتكون القاعدة القانونية من عنصرين أساسيين :-

1- الفرض أو المشكلة ( هو المشكلة أو الحالة الواقعية التي تعالجها القاعدة ).

2- الحكم أو الحل( هو الحل الذي تقرره القاعدة للمشكلة التي تواجهها ).
فإن تحليل أي قاعدة قانونية سوف يكشف عن فرض تنظمه وحكم تقرره .

خصائص القاعدة القانونية :-

1- قاعدة قانونية تنظم السلوك الاجتماعي ( وهي وسيلة لضبط السلوك الاجتماعي للإنسان وتنظيمه، وهي قواعد تقويمية لا تقريرية، أي إنها لا تقر السلوك الفعلي للأفراد كما هو، بل تقوم بتهذيبه وتقويمه ) .

2-قاعدة قانونية عامة مجردة ( وهي مجردة من حيث المشكلة أوالفرض الذي تنظمه، وعامة من حيث الحكم أو الحل الذي تقرره لهذا الفرض، مثال: تنص المادة 333 من قانون العقوبات على أن تكون عقوبة الإعدام إذا وقع القتل مع الترصد أو مسبوقا بإصرار،، فالفرض في هذه القاعدة هو القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وهو فرض مجرد، لأنه لا يخص شخصا محددا بالاسم ، أو واقعه معينة، والحل أو الحكم هو الإعدام وهو حكم عام لكل من يرتكب مثل هذا الفعل ).

3-قاعدة قانونية ملزمة ( وهي تكتسب صفة الإلزام داخل الجماعة متى توافر إيمان راسخ في نفوس الأفراد بضرورة احترام القانون لإقتناعهم العميق بسلامة أحكامه وعدالته واداركهم الواعي لأهدافه الحيوية بالنسبة للمجتمع وعنصر الإجبار أو الجزاء فهو استثناء يتم اللجوء إليه عند الضرورة، فالغالب أن يخضع الأفراد للقانون طواعية واختيارا، لا قسرا وجبرا لشعورها بأنها وضعت لتوافق حاجات المجتمع وضرورتها،، كما أن لا يمكن أن يكون هناك قاعدة قانونية ملزمة بدون جزاء يكفل احترام الأفراد لها .

يتميز ( الجزاء) في القاعدة القانونية بعدة خصائص هم :-

1- بأنه جزاء حال فوري غير مِؤجل، فهو جزاء دنيوي يوقع بمجر ثبوت المخالفة، مما يميزه عن الجزاء الديني، مما يحمل الأفراد على احترام قواعد القانون .

2- بأنه جزاء مادي محسوس يصيب الفرد في جسده أو في حريته أو في ماله، وليس معنوي مما يميزه عن الجزاء الأخلاقي .

3- إجبار منظم تتولاه السلطة العامة في المجتمع وتوقعه باسم الجماعة ويسمى بالإجبار العام أو الجماعي.

صور الجزاء :-

1- الجزاء الجنائي ويهدف إلى معاقبة من يخرج عن النظام الاجتماعي أو الاعتداء على المجتمع وأمنه سواء أن كان اعتداء عام أو خاص .

2- الجزاء المدني ويهدف إلى حماية الحقوق الخاصة للأشخاص، إذ يتقرر هذا الجزاء عند الاعتداء على حق خاص أو إنكاره .

3- الجزاء التأديبي ويترتب هذا الجزاء على مخالفة قواعد القانون الإداري وكذلك عند الإخلال بقواعد وتقاليد المهنة .

4- الجزاء السياسي ويوقع هذا الجزاء عند مخالفة قواعد القانون الدستوري .



صور الجزاءات المدنية :-

1- التنفيذ العينيويقصد بهذا الجزاء إجبار المدين على تنفيذ التزامه تجاه الدائن إذا لم يقم بذلك طواعية.

2- التعويض ويتمثل في إلزام من خالف أحكام القاعدة القانونية بدفع مبلغ نقدي لإصلاح الضرر الذي لحق بالغير نتيجة هذه المخالفة وفي بعض الأحوال يستعمل كبديل عن التنفيذ العيني .

3- إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع المخالفة إزالة العمل المخالف للقانون وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل القيام به مثل هدم وإزالة بناء مخالف أو البطلان أو فسخ عقود ..الخ .

القاعدة الأخلاقية :-

- هي تنظم السلوك الاجتماعي للأفراد في صورة فرض أو تكليف، حيث تتضمن أمرا أو نهيا ملزما لا يجوز أخلاقيا خالفته . ( الأخلاق تعني بسلوك الفرد نحو نفسه وتجاه الغير .)

- غاية القاعدة الأخلاقية: تتطلع قواعد الأخلاق إلى العدالة المطلقة والمثالية تستقر في الوجدان حيث تسعى إلى السمو الإنسان والارتقاء به إلى حد الكمال من خلال حث الأفراد على فعل الخير ونهيهم عن الشر.

- غاية القاعدة القانونية: لا تسعى لذلك وإنما غايته نفعية تتمثل في إقرار النظام والاستقرار في المجتمع والمحافظة على كيانه، ينشد فقط النظام والعدل داخل المجتمع .

- من حيث الوضوح والتحديد للقاعدة القانونية : تظهر القاعدة القانونية دائما في صورة واضحة ومحددة ومصدرها ينحصر أساسا في التشريع والعرف.

- من حيث الوضوح والتحديد للقاعدة الأخلاقية :فهي غالبا ما تكون غامضة وغير منضبطة لأنها ليست سوى أحاسيس داخلية مستقرة في ضمير الأفراد، ومصدرها يكمن في عناصر متعددة منها تراث وتاريخ ومعتقدات دينية وأفكار سياسية والاقتصادية والاجتماعية ودرجة تقدمه الحضاري والثقافي.

- من حيث نطاق القاعدة القانونية : هو اقل تشددا من الأخلاق، وينظم علاقات الإنسان مع غيره من الأفراد دون أن يهتم بواجباته نحو نفسه وليس للقانون شأن بالمقاصد والنوايا الداخلية للإنسان بل يهتم بالأفعال والتصرفات الظاهرة، راغبة في تحقيق النظام والاستقرار في المجتمع.

- من حيث نطاق القاعدة الأخلاقية : وهو أوسع نطاقا من القانون، فالأخلاق تفرض على الفرد واجبات نحو نفسه، كما تفرض عليه واجبات تجاه غيره، وتشمل مقاصد الإنسان ونواياه الداخلية، كما أنها تأمر بالاحسان وتنهى عن المنكر .

- من حيث الجزاء للقاعدة القانونية: الجزاء في القاعدة القانونية هو جزاء مادي محسوس تفرضه السلطة العامة في الجماعة على من يخالفها.

- من حيث الجزاء للقاعدة الأخلاقية : الجزاء في القاعدة الأخلاقية هو مجرد جزاء معنوي ينحصر في تأنيب الضمير واستنكار الناس للسلوك المخالف.


مدى ارتباط القانون بقواعد الأخلاق:

هناك اختلاف بين نطاق القانون ونطاق الأخلاق كما ذكرت في السابق، وتضم قواعد القانون قواعد لا شأن لها بالأخلاق ولا تثير مسائل اخلاقيه وتقف موقف الحياد بينها، مثلا قواعد المرور وقواعد مواعيد الطعن بالإحكام وقواعد تسجيل لنقل ملكية العقار ..الخ مثل هذه القواعد، وهي قواعد تتعلق بحماية النظام والاستقرار ولا علاقة لها بمبادئ الأخلاق.

وهناك قواعد تتعارض صراحة مع مبادئ الأخلاق ويمكن وصفها بقواعد غير أخلاقية مثال على ذلك قواعد قانون المدني في معظم الدول تبيح الربا عكس الأخلاق تحرمه، والأخلاق تحرم اغتصاب مال الغير، بينما حائز العقار مالكا له إذا مضت فتره خمس عشرة سنة ويصبح مالكا للعقار بالتقادم المكسب .

- مجال مشترك بين القانون والأخلاق: يضم قواعد قواعدا تعتبر قانونية وأخلاقية في ذات الوقت وهي قواعد أخلاقية في الأصل ثم اكتسبت جزاء ماديا توقعه الدولة عندما رأى المجتمع عدم الاكتفاء بالجزاء الأخلاقي لها نظرا لأهميتها لحفظ النظام الاجتماعي .

القاعدة القانونية والقاعدة الدينية :-

الدين : هو مجموعة المبادئ والتعاليم التي يؤمن بها الناس لاعتقادهم أنها منزلة من عند الله سبحانه وتعالى عن طريق الرسل .

تتفق قواعد القانون مع قواعد الدين في الهدف النهائي لكل منهما وهو تنظيم المجتمع الإنساني وتحقيق خيره ورفاهيته.وقواعد الدين تسعى لبلوغ هذا الهدف من خلال تنظيم ثلاثة أنواع من الروابط :

1- تنظيم علاقة الإنسان وسلوكه نحو ربه، من حيث الإيمان والصلاة والصوم والحج .

2- علاقة الإنسان بنفسه .

3- علاقة الإنسان بغيره من الأفراد في المجتمع .

تختلف القاعدة القانونية من القاعدة الدينية من عدة وجوه :-

- من حيث المضمون : الدين أوسع نطاقا من القانون، فالدين يضع قواعد للحياة الدنيا والحياة الآخرة وينظم علاقة الإنسان بخالقه وعلاقته بنفسه وبغيره من الناس كما أن الدين يهتم بالنوايا والمقاصد والنشاط الباطني للإنسان، أما القانون فلا يعني إلا بالأحكام الدنيوية فقط وتنظيم السلوك الخارجي للإنسان والأفعال الظاهرة .

- من حيث الغاية : تسعى قواعد الدين إلى تحقيق المثالية والسمو بالإنسان إلى درجة الكمال ، بينما يهدف القانون أساسا إلى إقرار النظام في المجتمع وتحقيق العدل والمساواة بين الأفراد .

- من حيث الجزاء : الجزاء المترتب على مخالفة القاعدة الدينية هو جزاء آخروي ،، بينما الجزاء في القانون يكون جزاء دنيوي مادي تقوم السلطة العامة بتوقيعه .

يعتبر الدين من أهم العوامل التي تسهم في إرساء قواعد الأخلاق في المجتمع .


القواعد القانونية وقواعد المجاملات :-

قواعد المجاملات لا يفرضها قانون أو دين ولكن لها أثر في ضبط سلوك الأفراد فهي تعتبر مبادئ للسلوك يراعيها الناس في علاقتهم اليومية، وتختلف هذه القواعد من مجتمع إلى آخر وتتنوع من بيئة إلى آخرى، فإن مخالفة هذه القواعد لا ترتب سوى جزاء معنوي يتمثل في استنكار الناس للسلوك المخالف،، كما انه قد تتحول هذه القاعدة إلى قاعدة قانونية عند تزايد أهميتها الاجتماعية، وذلك بفرض جزاء مادي على مخالفتها.
بالتوفيق
مبادئ القانون - شرح نظريات القانون العامة

مقدمة:-

عند دراسة مبادئ القانون لابد لنا الوقوف على أهم النظريات والتي تحكم هذه المبادئ على أن تكون دراستنا ابتداءاً بنظرية القانون والتي ندرسها في ثلاثة فصول يتعرض الأول منها إلى تحديد القاعدة القانونية والثاني منها إلى مصادر القاعدة القانونية وينتهي الثالث منها إلى بيان نطاق تطبيق القاعدة القانونية وتفسيرها.
وننتهي في دراستنا إلى نظرية الحق والتي ترتبط مع القانون ارتباطاُ وثيقاً كونه ينظم العلاقات الإجتماعية بين الأفراد عن طريق بيان ما يجب لكل فرد من حقوق وما يجب عليه من التزامات في علاقته مع أفراد مجتمعه..ودراستنا في نظرية الحق نتكلم فيها عن التعريف بالحق وتقسيماته ومن ثم أشخاص الحق ومصادر الحق واستعمال الحق على أن تكون هذه الدراسة على شكل فصول.

أولاً : نظرية القانون

الفصل الأول : تحديد القاعدة القانونية
لابد لنا في تحديد القاعدة القانونية أن نبحث في خصائص القاعدة القانونية واهم الفروق بينها وبين القواعد الاجتماعية الأخرى وكذلك أنواع القواعد القانونية (على أن تكون هذه الدراسة بعيده عن الطبيعية التقليدية والتي تعتمد على الحفظ وإنما على البيان والفهم).

المبحث الأول : خصائص القاعدة القانونية

من أهم خصائص القاعدة القانونية أنها لا تجد أرضيه للتطبيق طالما انه لا يوجد هناك مجتمع والسبب في ذلك أن القاعدة القانونية ترمي إلى تحقيق غاية نفعية للمجتمع تتمثل في تنظيم العيش وتحديد واجبات وحقوق أفراده وذلك عن طريق صياغته (من قبل المشرع) على حسب معتقدات واقتناعات وقيّم ومثل أي مجتمع كان على ان تشكل هذه القاعدة القانونية صور الأوامر والنواهي التي يفرضها الخطاب القانوني.

وبما أن القاعدة القانونية (1) منظمه لحكم سلوك الأفراد فهي لا تعترف إلا بالمظهر الخارجي ومعنى ذلك أن القانون لا يعتد بالنوايا والمشاعر الكامنة في صدور الأفراد..ومثال ذلك لتقريب الفهم (لو فرضنا أن خالد يحمل في نفسه كرهاً شديداً لأحمد ف القانون هنا لا يعاقب خالد على هذا الكره إلا عندما يقوم خالد بترجمة هذا الشعور إلى عمل أو سلوك من شأنه الإضرار بأحمد وقتها يتدخل القانون ويكون سلوك خالد الخارجي تحت طائلته ).
ومع أن القانون كما قلنا لا يتدخل في النية المجردة ما لم تقترن بمظهر خارجي يعاقب عليه … الا أن هذا القول ليس على إطلاقه والسبب في ذلك أن القانون قد يجعل النية سبباً في عقوبة اشدّ فهو ينظر للنية هنا من باب (الصراع مابين الخير والشر ولحظات التأمل في الفعل ونتائجه)….ومثال ذلك للتقريب ( إتيان فعل مجرمّ مع سبق الإصرار والترصد ..وهذه الحالة نجدها في قانون العقوبات أكثر تطبيقاً فلو قام خالد بالتخطيط لقتل احمد وأصر على قتله بترصده لأوقات خروجه من البيت واعترضه في الطريق وقتله بآله كان قد احضرها معه لتنفيذ جريمته فهنا تكون نية خالد + القتل = عقوبة أشد وهي الإعدام على خلاف لو كان خالد يحمل مسدس في جيبه وعند وقوفه أمام إشارة المرور التفت يميناً فوجد (سائق ليموزين) لم يعجبه شكله!!! وأطلق عليه رصاصه وقتلته هنا قد يصار إلى عقوبة سالبه للحرية قد تكون المؤبدة مع الأشغال الشاقة في بعض قوانين العقوبات) ..
ومن خصائص القاعدة القانونية أيضا إنها(2) قاعدة عامه ومجرده ..ومعنى ذلك أن عمومية القاعدة القانونية تكون على شكل خطاب معمم على أشخاص مكلفين بمضمونها ومختصة بوقائع مشمولة بحكمها على عكس التجريد فالتجريد لا تلتفت في خطابها إلى التفصيلات والفروق الثانوية فحكمها متعلق بالظروف والاعتبارات الرئيسية المشتركة حتى تطبق على جميع الوقائع أو الأشخاص المقصودين بحكمها ومن أمثلة ذلك (كل إضرار بالغير يلزم فاعله بالضمان) أي أن هذه القاعدة عامه تسري على كل شخص يحدث ضرراً لغيره بالتعويض ….وهي بذلك عكس القرار الإداري أو الحكم القضائي فالخطاب فهي يختص شخص بعينه مثل ترقية (خالد من المرتبة الرابعة إلى الخامسة) أو الحكم بإلزام (احمد بالنفقة على زوجته) فهذا الحكم يختص به احمد وذاك القرار يختص به خالد دون غيرهما.
مع ملاحظة (العموم والتجريد في القاعدة القانونية قد لا يطبق على جميع أفراد المجتمع فهناك قواعد قانونية يكون فيها الخطاب القانوني لفئة معينه من الأشخاص أو طائفة محدده) ومثال ذلك (إلزام التاجر بمسك الدفاتر) هنا الخطاب يختص فقط فيه طائفة التجار داخل المجتمع ولا يصار إلى جميع الأفراد فالتاجر الصغير لا يلزم بمسك الدفاتر ولا حتى كافة التزامات التجار.
ومن خصائص القاعدة القانونية أيضا (3) إنها ملزمه ومقترنة بجزاء وعليه نجد أن القاعدة القانونية تسمو في مضمونها عن الإرشاد والوعظ والنصح للأفراد فالإلزام غاية يتطلبها تنظيم المجتمع ولا يمكن لهذا الغاية أن تتحقق لولا أن القاعدة القانونية تتمتع بإجبار المخاطبين بها إلى الانقياد لحكمها وإلا عد ذلك مخالفة للقاعدة القانونية يترتب عليه الجزاء …وهذا الأمر لاشك انه مرتبط بأهم المبادئ القانونية وهو ما يسمى بمبدأ المشروعية (لا جريمة ولا عقاب إلا بنص قانوني) والنص القانوني الملزم للمخاطبين به مقترن بجزاء عند الإخلال به وهذا الجزاء في القاعدة القانونية يتمثل في الأثر الذي يترتب وفقاً للقانون عند المخالفة لحكمها.
مع ملاحظة (طبيعة الجزاء عند مخالفة حكم القاعدة القانونية يلزم أن يكون موقعاً من قبل السلطة العامة وهي بذلك تختلف عن القواعد الضابطة الأخرى لسلوك الفرد مثل قواعد الأخلاق والقواعد الدينية).
…وصور الجزاء المترتب على مخالفة القاعدة القانونية يتخذ أشكالا متعددة فكل فرع من فروع القانون له جزاء يتناسب مع ما تأمر به القاعدة القانونية وما يحقق الغاية منها …وأمثلة ذلك ما يلي:-

أ‌- الجزاء الجنائي (ما يميز الجزاء الجنائي انه اشد صور الجزاء في القانون فهو يتعلق بشخص الإنسان والعقوبة تختلف في قوتها ونوعها حسب صورة الفعل الذي يجرمه القانون فالقتل مثلاً تقع فيه العقوبة على جسم الإنسان بالإعدام وقد تأخذ العقوبة شكل الحبس أو السجن فتسلب حرية الشخص فيها وقد يصيب الجزاء أموال المجرم كما في حال الغرامة والمصادرة).

ب‌- الجزاء المدني( يترتب الجزاء المدني في حالة الاعتداء على حق خاص وتكون العقوبة فيه بجبر هذا الاعتداء وإزالته ومثاله بطلان التصرفات القانونية التي تم إبرامها وعدم الاعتراف بآثارها اللاحقة كالبيع الذي يرد على مواد يحظرها القانون….وقد يكون الجزاء المدني يستهدف إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل التعاقد ومثال ذلك الفسخ في العقود المدنية والتي تقع صحيحة إلا أن احد الملتزمين فيها لا يقوم بأداء التزامه ويكون جزاءه حق طلب فسخ العقد ويأخذ الجزاء المدني أيضا صورة التعويض الذي يدفع لإصلاح الضرر الذي يحدثه شخص لآخر )..مثاله (( ذهب خالد بسيارته bmw بعد أن تعطلت به في شارع الثلاثين في العليا إلى وكالة الناغي للسيارات وتم التعاقد بينه وبين الوكالة على تصليح سيارته وتم الاتفاق بينه وبين الوكالة على أن يتم الانتهاء من الإصلاح بعد مدة أسبوعين من استلام السيارة والتزام خالد هنا دفع أجرة الإصلاح والتزام الوكالة إصلاح السيارة إلا أن الوكالة قد ماطلت خالد ومضى شهر دون إصلاح سيارته هنا يحق لخالد طلب فسخ العقد والرجوع على الوكالة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به من تأخير وخلافه)).
مع ملاحظة أن الجزاء المدني والجنائي قد يجتمعان في واقعة قانونية واحده عندما تكون المخالفة قد مست أمن المجتمع ومثال ذلك (لو قام خالد باختلاس أموال احمد فأنه سيعاقب هنا عقوبة جنائية تتمثل في السرقة وعقوبة مدنية تتمثل في برد المسروق إن وجد وإلا التعويض عنه). ج- الجزاء الإداري (يتمثل في العلاقة المنظمة للنشاط الإداري فقد يكون فصل الموظف أو حرمانه من ترقيته أو خصم مرتبه أو غيرها عند قيام الموظف بالإخلال بالتزامه الوظيفي).

المبحث الثاني:- الفرق بين القواعد الاجتماعية والقواعد القانونية

أ‌- قواعد الأخلاق والقواعد القانونية
قواعد الأخلاق هي بشكل مختصر تلك القواعد التي تحض على فعل الخير وتنهى عن الشر والخصال الذميمة وتنبذ الظلم وإلحاق الضرر بالغير وقواعد الأخلاق تختلف باختلاف المجتمعات وما يخصها من عادات أخلاقية ..وما يهمنا هنا معرفة أوجه التشابه والاختلاف فيما بين قواعد الأخلاق والقواعد القانونية
• أوجه التشابه (كلاهما يهدفان إلى تنظيم الحياة الاجتماعية عن طريق قواعد مجرده تتوجه في خطابها إلى كل إفراد المجتمع مع وجود الجزاء الذي يوقع عند مخالفة حكمها).
• أوجه الاختلاف ( من حيث المصدر القاعدة الأخلاقية منشؤها ما استقر عليه معنى الخير والشر في ضمير الجماعة..في حين القاعدة القانونية يكون مصدرها تشريع واضح أو عرف محدد ومنضبط ..ومن حيث النطاق فالقاعدة الأخلاقية أوسع نطاقاً من القاعدة القانونية في حين وأضيق نطاقاً في حين آخر …في حين القاعدة القانونية تمتد إلى تنظيم بعض المسائل التي لا تتناولها مبادئ الأخلاق ومثال ذلك عند تنظيم إجراءات التقاضي وتحديد مواعيد الطعم في الأحكام وغيرها من القواعد التي تحتمها فكرة التنظيم الاجتماعي …كما أن القاعدة القانونية قد تضطر أحيانا إلى ترجيح غاية نفعيه على اعتبارات خلقية من اجل تحقيق الاستقرار في المعاملات ومثال ذلك سلطان الدائن على مدينه بعد انقضاء مده معينه من تاريخ الاستحقاق أو المطالبة وهذا ما يعرف بنظام التقادم المسقط بينما تقضي مبادئ الأخلاق بأن المدين لأتبرأ ذمته إلا بوفاء الدين أو بإبراء الدائن له.ومن أهم الفروق بينهما الجزاء فالجزاء في القاعدة القانونية مرتبط بمظهر ملموس مادي يمس المخالف في شخصه أو ماله وتقوم بإيقاعه السلطة العامة في المجتمع غير أن الجزاء في قواعد الأخلاق يكون معنوياً ويتخذ من تأنيب الضمير واستقباح النفس لذلك السلوك واستنكار المجتمع صوراّ له)

ب‌- قواعد الدين والقواعد القانونية
أوامر الدين تتمثل في مجموعة المعتقدات والقواعد التي يأمر الله عباده بأتباعها بغية تحقيق خير الإنسان وسعادته..فهي تنظم شؤون الدنيا وما يتعلق بالدار الآخرة عن طريق فرض الأوامر والتكاليف والتي تتخذ أحكامها أنواع عده منها ما يكون منظماً لواجبات الإنسان نحو ربه وتدعى هذه القواعد في مجموعها بمسمى (التوحيد والعقيدة والعبادات) ..وهناك نوع آخر من قواعد الدين تبين واجب الإنسان نحو نفسه وببيان الفضائل والرذائل ..ونوع ثالث ينظم علاقة الإنسان بغيره من الناس لحكم التعامل الذي يقع بين أفراد المجتمع ويعرف هذا النوع من القواعد الدينية بقواعد المعاملات.
*أوجه الشبه بين قواعد الدين والقواعد القانونية( هناك صلة كبيره بين القانون والدين من حيث نشأته وتطوره ويشترك القانون مع الدين في قواعد المعاملات ويقل اتصال العلاقة بين القانون والدين عندما تكون قواعد الدين موضحه للنواحي ألاعتقاديه والعبادات).
* أوجه الاختلاف( تكمن في طبيعة قواعد كلاً منهما فالقواعد الدينية أوسع مجالاَ من القواعد القانونية ..كما أن مصدر القواعد الدينية رباني أوكل تبليغها للناس عن طريق الأنبياء بينما مصدر قواعد القانون موضوع من بني البشر ..وعلى الرغم من أن الخطاب مشترك بينهم في كونه خطاباً عاماً مجرداً …إلا أن الغاية تختلف فالدين يهدف إلى غاية مثالية تريد السمو بالنفس الإنسانية وتحثه على إتباعها لتحقيق رضا الإله عن عبده …بينما القانون غايته نفعية تريد تحقيق النظام والأمن الاجتماعي…كما أن الدين يتهم في قواعده بالمقاصد والنيات على عكس القواعد القانونية لا تهتم إلا بالسلوك الخارجي والمؤثر بعلاقة الإنسان بغيره…وكذلك الجزاء فقواعد الدين تكون شامله لجزاء دنيوي وأخروي موكل أمر إيقاعها إلى الله عز وجل على عكس الجزاء في القاعدة القانونية فهو جزاء دنيويّ حال يوقع من قبل السلطة العامة).

ج-قواعد المجاملات والعادات الإجتماعية والقواعد القانونية
تعد قواعد المجاملات والعادات الاجتماعية من القواعد التي تهتم في ضبط سلوك الفرد في مجتمعه والتي اندرج على إتباعها في علاقاته وصلاته مع غيره كتبادل الزيارات والدعوات وتقديم الهدايا في المناسبات ..الخ .
*أوجه الشبه بينها وبين القواعد القانونية( كلاهما يتوجه بالخطاب إلى الأفراد بتقريرهما لسلوك خارجي اجتماعي).
*أوجه الاختلاف بينها وبين القواعد القانونية(يكمن في الجزاء ..فالجزاء في قواعد المجاملات والعادات الاجتماعية يتمثل في مظهر أدبي معنوي مقتصر على الاستهجان واللوم من الناس لمن خالف تلك القواعد بينما الجزاء في القاعدة القانونية يكون مادي محسوس يوقع من السلطة العامة.

المبحث الثاني :أنواع القواعد القانونية

القواعد القانونية متنوعة وتتحدد طبقاً للأساس التي تبنى عليه على النحو التالي:

أ-من حيث النطاق الإقليمي للقاعدة القانونية (تصنف إلى قانون داخلي لا يتعدى حيّز تطبيقه حدود إقليم الدولة التي أصدرته …وقانون خارجي يتجاوز تطبيقه على حكم علاقات خارج إقليم الدولة فتكون خاضعة لقواعد القانون الدولي).

ب- من حيث المصدر أو الشكل ( تكون قواعد تشريع عندما تصاغ القواعد القانونية في نصوص مكتوبة …وقواعد عرفية مستمده من العرف ويكون مصدرها غير مكتوب وإنما ما تعارف عليه الناس).

ج-من حيث المضمون ( تقسم إلى قواعد موضوعية تنظم العلاقات تنظيماً موضوعياً يمس بيان الحقوق والواجبات وكيفية نشوئها ومباشرتها وانقضائها كقواعد القانون المدني والتجاري والجنائي والدستوري وغيرها).

د- من حيث الإجراء (تكون قواعد شكلية يتعين إتباعها للوصول إلى ضمان احترام القواعد الموضوعية وحسن تطبيقها وحماية الحقوق التي تنظمها ومثال ذلك قواعد المرافعات المدنية (يقابلها في السعودية نظام المرافعات الشرعية) والتجارية وغيرها).

هـ - من حيث الأشخاص المخاطبين بها ( فتقسم إلى قواعد داخله في نطاق القانون العام من جهة وقواعد منتمية إلى القانون الخاص من جهة أخرى).

و- من حيث الإلزام (قواعد آمره لا يجوز الاتفاق على مخالفتها وقواعد مكمله أو مفسره وهذه التي يجوز للأفراد الخروج عن حكمها بالاتفاق على خلافها). (سنتطرق لشرح القواعد الآمرة والمكلمة فيما بعد).

المطلب الأول :تقسيم قواعد القانون إلى قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص

يعد تصنيف القانون على أساس قواعد تنتمي إلى القانون العام و القانون الخاص من أهم وأقدم التقسيمات فهي تعود إلى القانون الروماني وأخذت به التشريعات والمصنفات الفقهية الحديثة غير أن التشريعات الأنجلوسكسونية لا تعترف بهذا التقسيم فجميع العلاقات القانونية فيها تخضع لأحكام قانون واحد دون أن تفرق أحكامها بين ما يدخل في قواعد القانون العام أو الخاص.

أولا : أساس التفرقة بين القانون العام و القانون الخاص
بعيداً عن الإسهاب الغير مبرر ..نقول وبشكل مختصر جداً ..أساس التفرقة بين القانون العام و القانون الخاص هو وجود الدولة (متمثله بإحدى مؤسساتها الحكومية) في أي علاقة تنشأ سواء بين مؤسساتها أو بين الأفراد ..ومثال ذلك لتقريب الفهم نقول (لو قام خالد بشراء قطعة ارض بجوار بيته يعود ملكيتها لأحمد فأن علاقة البيع هنا يحكمها قواعد القانون الخاص ..وفي حالة قامت الدولة بشراء قطعة الأرض من احمد فأن قواعد القانون العام هي من تحكم العلاقة)….والسبب هنا هو دخول الدولة متمثلة بإحدى مؤسساتها مثل (الصحة أو وزارة التعليم العالي أو المواصلات) في العلاقة بصفتها صاحبة سيادة والسلطة الراعية لتحقيق المصلحة العامة،وعلى العكس لو فرضناً مثلاً دخول الدولة في علاقة مع الأفراد ولكن في هذه العلاقة مارست الدولة نشاطاً مثل نشاط الأفراد فأي القواعد القانونية تحكم هذه العلاقة ؟ هل هي قواعد القانون العام أم الخاص ؟؟ للإجابة على هذا السؤال …نطرح مثالاً للفهم ( قامت مؤسسة النقد السعودي ببيع قطعة ارض تملكها على طريق مطار الملك خالد الدولي..وقامت شركة الراجحي بشراء هذه الأرض لغايات الاستثمار)….نقول أن قواعد القانون الخاص هي التي تحكم العلا قه بين مؤسسة النقد وشركة الراجحي والسبب بسيط جداً هو عدم دخول الدولة بسلطتها كصاحبة سيادة وممارستها في هذا الفرض لنشاط يشابه نشاط الأفراد،وهي تختلف هنا عن مثالنا الأول في قطعة الأرض المملوكة لأحمد عندما اشترتها لأغراض المنفعة العامة أما لأقامه مستشفى فيها أو مبنى حكومي تابع لها يقدم خدماته للمواطنين.

ثانياً :تقسيمات فروع القانون
الفقه القانوني يقسم فروع القانون إلى قسمين رئيسين هما القانون العام و القانون الخاص ولكل من هذين القسمين فروع ينظم نوعاً متميزاً من العلاقات…على النحو التالي :-

1- القانون العام :
المحور الأساسي في القانون العام هو وجود الدولة في العلاقة باعتبارها صاحبة سيادة وينقسم إلى نوعين هما :
أ- القانون العام الخارجي وهو ما يعرف ب القانون الدولي العام والذي يتمثل في وجود الدولة فيه بدخولها في علاقة مع غيرها من الدول (مثل علاقة السعودية مع فرنسا) أو مع الهيئات الدولية (مثل علاقة السعودية مع هيئة الأمم المتحدة) أو مع منظمات دولية (مثل علاقة السعودية مع منظمة الصحة العالمية وغيرها).
ب- القانون العام الداخلي وهو الذي يتحدد وجود الدولة فيه في نوعية علاقته أما بكونها صاحبة سيادة (ومثالها السابق بيع احمد قطعة أرضه لإقامة الدولة مستشفى عليها) أو كونها تمارس نشاطاً يشبه نشاط الأفراد وهنا تنازل فيه عن سلطتها (ومثاله السابق بيع مؤسسة النقد قطعة الأرض لشركة الراجحي).
ويندرج تحت تقسيم القانون العام الداخلي كلاً من القانون الدستوري (ويقابله في السعودية النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الوزراء ونظام مجلس الشورى)…و القانون الإداري و القانون المالي و القانون الجنائي (يسمى في بعض القوانين المقارنة بقانون العقوبات).

2- القانون الخاص :
المحور الأساسي للقانون الخاص هو عدم وجود الدولة في العلا قه على اعتبارها صاحبة سيادة (كما ذكرنا في الأمثلة السابقة) فهو يحكم جميع علاقات الأفراد فيما بينهم وعلاقة الدولة بالأفراد في حالة ممارستها لأنشطة تشابه أنشطة الأفراد في المعاملات..ويعتبر القانون المدني هو حجر الأساس للقانون الخاص فمن رحمه ولد القانون التجاري والبحري والجوي وقانون العمل وقانون المرافعات المدنية والتجارية و القانون الدولي الخاص..فجميع هذه القوانين ولادتها من القانون المدني إلا أن الضرورات اقتضت انفرادها ببعض أنواع العلاقات والتي كانت بحاجه ماسه لاستحداث قواعد تحكم خصوصيتها.
ملاحظه هامه :تعمدت عدم الإسهاب في شرح ماهية بعض القوانين(مثل المدني والتجاري وغيره من التقسيمات الفرعية للتقسيمات الأصلية) وإنما اكتفيت في التقسيمات الفقهية وهي الحجر الأساس وما تبقى فهو يعتمد على المطالعة فقط دون حفظ.
المطلب الثاني :تقسيم القواعد القانونية من حيث قوتها الملزمة
تنقسم إلى نوعين هما: ( هذا الموضوع يحتاج إلى فهم لا للحفظ).
المبحث الأول :القواعد الآمرة والمكلمة
أولاً :القـــــــــــواعد الآمــــــــــرة:
قبل الحديث عن القواعد الآمرة لابد لنا أن نفهم ما المقصود بالأمر يقصد بالأمر هو أما بأتباع سلوك معين أو حظر سلوك معين،وعليه فأن القواعد الآمرة هي التي تجبر الأفراد على إتباع سلوك معين أو حظره دون أن يكون للأفراد الاتفاق على مخالفتها واستبعاد حكمها بينهم..مثاله (( ما نصت عليه
المادة 8 من نظام العمل والعمال السعودي الجديد (يبطل كل شرط يخالف أحكام هذا النظام ويبطل كل إبراء أو مصالحة عن الحقوق الناشئة للعامل بموجب هذا النظام،أثناء سريان عقد العمل ،ما لم يكن أكثر فائدة للعامل) …فهذا النص قاعدة آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بين العامل ورب العامل فلو قام خالد وهو صاحب مؤسسه ولديه عمال بالتعاقد مع احمد وهو ميكانيكي وتضمن عقد العمل شرط انه في حالة انتهاء عقد العمل لا يمكن لأحمد مطالبته في مكافأة نهاية الخدمة…هذا الاتفاق يعتبر باطلاً ولا يعتد به والسبب انه جاء مخالفاً لقاعدة آمره تنهي عن الإبراء وتأمر فقط بما هو أكثر فائدة للعامل.
ملاحظه مهمة : أي اتفاق بخلاف ما تأمر به القاعدة الآمرة يعتبر باطل على طول الخط ما فيها نقاش !!!
• هذا كل ما في القاعدة الآمرة ولا أكثر من ذلك ولا اقل ….الآن نذهب إلى القاعدة المكلمة و نغوص في أعماقها لنرى ما لديها !!
ثانياً: القــــــــــــواعد المكمـــــــلة:
على خلاف القاعدة الآمرة هي التي يجوز للأفراد أما أن يأخذوا ما جاء بحكمها أو جاز لهم الاتفاق على مخالفتها..ويسميها جانب من الفقه القواعد المفسرة أو المتممة…مثالها (ما جاء في نص المادة 9 من نظام الشركات السعودي أذا لم يعين عقد الشركة نصيب الشريك في الأرباح أو في الخسائر كان نصيبه منها بنسبة حصته في رأس المال) ..هذا النص مكمل وعليه فأن توزيع الأرباح والخسائر لا يطبق إلا عندما لا تفصح إرادة الشركاء في عقد الشركة عن طريقة أخرى لاقتسام الأرباح والخسائر فيما بينهم بمعنى يجوز لهم الاتفاق على عده طرق لاقتسام الأرباح والخسائر.
ملاحظه هامه : قد يسأل أحدكم ويقول ..طالما إن القاعدة المكلمة يجوز الاتفاق على مخالفتها إذا هي ليست ملزمه ؟ والجواب بالنفي طبعاً القاعدة المكلمة قاعدة ملزمه مثلها مثل القواعد الآمرة ويكمن إلزاميتيها في عدم الاتفاق على مخالفتها في الوقت الذي لا تتفق على مخالفتها فيه وتبقى على حكمها هي ملزمه لك لا بل تتعدى أطراف العلاقة ويشمل إلزاميتيها القاضي نفسه عند تطبيق حكمها على واقعة معروضة أمامه.
المبحث الثاني :معيار التفرقة بين القواعد الآمرة والقواعد المكلمة
يقوم أساس التفرقة بينهم بسيط جداً في معيارين فقط أول هذه المعايير المعيار اللفظي وثاني هذه المعايير المعيار الموضوعي ..(مشينا نتعرف على هذه المعايير ..بتعطينا أمثله على هذه المعايير ؟ أكيد طبعاً ) !!!!

أولا: المعيـــــــــــار اللفـــــــــــظي

يدور حول ماذا المعيار اللفظي ؟ الإجابة يدور حول دلالة العبارة في النص القانوني فنقول متى ما كان النص يستخدم ألفاظا مثل :لا يجوز أو يقع باطلاً ، أو يحظر ،أو يمنع ، أو يعاقب ..الخ يعني ذلك أن القاعدة القانونية هي آمرة ولازمه ولا يمكن للأفراد إمكانية الخروج عليها ومثال ذلك (ما نصت عليه المادة 6 من نظام الأوراق التجارية السعودي على انه اشتراط فائدة الكمبيالة يعتبر كأن لم يكن) …وعليه لو قام خالد بسحب كمبيالة لأحمد بقيمة 5000 آلاف ريال سعودي واشترط أن تكون هناك فائدة قدرها 10% عند استحقاقها فأن هذا الاتفاق يعتبر باطلاً والسبب لأنه خروج على قاعدة آمرة تنهى عن اشتراط الفائدة.
وكذلك الحال بالنسبة للقاعدة المكملة فأن الألفاظ فيها تصاغ بطريقة تسمح للأفراد إمكانية العدول عنها مثل (يجوز ، لا يمنع، لا يعاقب ، ما لم يتفق على غير ذلك) ..والمثال على هذا ما جاءت به نص المادة 41 من نظام العلامات التجارية السعودي بقولها (لا يجوز للمرخص له التنازل عن الترخيص أو منح تراخيص من الباطن ما لم يتفق على غير ذلك).

ثانياً : المعيــــــــــار الموضوعي

المعيار الموضوعي الهدف منه هو الاستعانة في حالة عدم إفصاح العبارة التي صيغت بها القاعدة القانونية عن نوعها (أي آمرة أو مكلمه) ..هنا يستعان بالمعيار الموضوعي للكشف عن هوية القاعدة القانونية . ولكن كيف نستعين بالمعيار الموضوعي ؟؟ الجواب على هذا لا يحتاج إلى عقلية نيوتن ينظر إلى القاعدة القانونية بحسب (ارتباطها بمصلحة المجتمع وتنظيمه الأساسي ) ..متى ما كان الأمر يتعلق بمصلحة المجتمع نكون أمام قاعدة آمرة ..وعلى العكس متى ما كنت القاعدة القانونية تتعلق بمصالح خاصة للأفراد دون المساس بالمصالح العامة للمجتمع نكون أمام قاعدة مكملة.
ولهذا جرى الفقه القانوني على تبني مصطلح النظام العام والآداب العامة ..كأساس محدد لوصف القاعدة بأنها آمره أو مكمله فمتى ما ارتبطت القاعدة بالنظام العام والآداب العامة كنا أمام قاعدة آمره والعكس صحيح في حالة القاعدة المكملة.
والمقصود بالنظام العام والآداب العامة هي مجموعة المصالح العليا للمجتمع والتي تمس كيان الجماعة فيه ويقوم عليها بنيانها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والخلقي ..مثال ذلك (بيع الخمور في أمريكا وبريطانيا مثلاً لا يعد بيعها والاتجار فيها واستعمالها من النظام العام والآداب العامة ..وعلى العكس في السعودية لدينا والحمد لله وعليه نقول مثلاً لو قدم رجل أمريكي يدعى جورج إلى الرياض زيارة عمل وهو متخصص في مراقبة توالد الزواحف (الضبان مثلاً) فلا يمكن له أن يشرب الخمر علناً والسبب اصطدامه بالنظام العام والآداب العامة والتي تعتبر من القواعد الآمرة لأنها تمس مصالح وقيمّ المجتمع السعودي وكذلك الحال بالإفطار في نهار رمضان لغير المسلمين في السعودية)، وعلى هذا المثال نستخلص انه ما قد يعتبر من النظام العام والآداب العامة في السعودية مثلاً لا يعتمد بالضرورة كذلك في بلاد أخرى.

الفصل الثاني: مصادر القاعدة القانونية

مصادر القاعدة القانونية: التشريع (النظام) و العرف، و القواعد العامة في الشريعة الإسلامية، والسوابق القضائية، الفقه ، مبادئ القانون الطبيعي ، والقواعد العامة في العدالة.
ملاحظه :لا أجد فيها ما يستحق الشرح كلها تعتمد على الاطلاع فقط دون الحفظ .
نأتي إلى ما هو أهم في نظرية القانون وهي نطاق تطبيق القاعدة القانونية في الفصل الآتي.
الفصل الثالث: تطبيق القاعدة القانونية
لا يمكن لأي قاعدة قانونية أن تجد مكاناً للتطبيق ما لم يكن لها نطاق تسري فيه …لذا يكون نطاق تطبيقها على النحو التالي :

أولاً :نطاق تطبيق قواعد القانون من حيث الأشخاص
بمجرد خروج القاعدة القانونية إلى حيز التنفيذ فأنها تصبح ملزم لجميع المخاطبين بمضمون أحكامها ..وعليه لا يمكن للمخاطب بها أن يستند إلى جهلة بالقاعدة القانونية حتى يتحلل من تطبيق أحكامها عليه. إلا انه في حالات معينه يمكن له أن يعتد بعدم العلم بالقاعدة القانونية .
وقد يسأل البعض كيف تقول لنا تارة لا يجوز له الاعتذار بجهل القانون وتارة يجوز له ؟ والإجابة على ذلك أن نطاق تطبيق القانون بالنسبة للأشخاص المخاطبين بحكمه يستند على مبدأ أساسي هو (عدم جواز الاعتذار بجهل القانون) وهذا المبدأ هو الأصل إلا أن هذا الأصل يرد عليه استثناء قد يقع وقد لا يقع…(يا لله مشينا نتعرف على المبدأ والاستثناء معاً) .
1- مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون:
يقصد به : لا يسمح لأي شخص مخاطب بحكم قاعدة قانونية أن يعتذر بجهله بها حتى يكون بمنأى عن تطبيق أحكامها في حقه ..وبعبارة أخرى وبمقتضى هذا المبدأ هو افتراض علم المكلفين بأحكام القانون حتى وإن لم يعلموا به فعلاً ..وعليه نضرب مثالاً (لو فرضنا صدر نظام ونشر في الجريدة الرسمية أم القرى يحظر صيد الضبان من الساعة 10 صباحاً حتى الساعة 2 ظهراً وتغريم من يصطادها في هذا الوقت عن كل ضب مائة ريال .. بحجة أن الضبان في هذا الوقت تمارس هواية الشخير المقفى بمعنى في قيلولتها ويحظر صيدها في هذا الوقت …وقام خالد بالذهاب إلى روضة خريم لممارس صيد الضبان وصادف صيده في وقت الحظر وقامت دورية من دوريات حماية الحياة الفطرية بضبطه متلبساً وفي يده خيشه مليئة بالضبان تتعدى 12 ضباً وبحسبة بسيطة وجد نفسه خالد مطالباً بـ1200 ريال ..هنا نقول وفقاً لهذا المبدأ لا يمكن لخالد الاعتذار بجهله لنظام حضر صيد الضبان حتى يتسنى له الهروب من الغرامة المقررة عليه).
والحكمة من وجود هذا المبدأ وهو افتراض علم المكلفين ب القانون وعدم جواز الاعتذار بجلهم به هو استقرار المعاملات وإلا كانت الثقة في المعاملات مزعزعه وبالتالي سيهدد سير العدالة وإدارتها وذلك عندما يثقل كاهل الجهات القضائية بحمل الدعاوي المؤسسة على الزعم بعدم العلم بحكم القانون.
بالإضافة إلى ذلك كله لو أمكن قبول الاعتذار بجهل القانون للتملص من أحكامه فسيصبح عنصر الإلزام الموجود في القاعدة القانونية غير موجود إلا عند ثبوت العلم بها وهذا الأمر لا ينسجم مع خصائص القاعدة القانونية التي يكون الإلزام بها أمرا منبثقاً منها بذاتها ..لا من عامل خارجي عنها متصل بالعلم بها واقعاً.
ملاحظه هامه : مبدأ افتراض العلم بالقاعدة القانونية يكون سارياً مهما كان مصدر القاعدة القانونية وأيا كان نوع القاعدة القانونية من حيث كونها آمره أو مفسره .
(خلصنا من المبدأ نجي على الاستثناء)
2- الاستثناء من مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون
كلنا نعلم أن النظام عندما يصدر ينشر في الجريدة الرسمية ( أم القرى في السعودية) ويفترض العلم به من تاريخ نشره ..فمتى ما نشر النظام في الجريدة الرسمية كنا أمام مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون على افتراض علم المكلفين به عن طريق نشره في الجريدة …لكن في حالة عدم وصول الجريدة الرسمية لبعض أقاليم الدولة بسبب قوه قاهره (زلازل –براكين –حروب لا سمح الله) نكون بصدد ماذا ؟ نكون بصدد جواز الاعتذار بجهل القانون وهذا هو الاستثناء .
إذاً وبحسبة رياضية بسيطة (قوة قاهرة =جواز الاعتذار بجهل القانون)..(لا توجد قوة قاهرة=يضل المبدأ على حاله وهو عدم جواز الاعتذار بجهل القانون) …وعليه قد يسأل شخص ويقول :هل المرض أو السفر يجيز لي الاعتذار بجهلي ب القانون؟ الإجابة على هذا السؤال لا مستحيل فالمشرع لا ينظر إلى الظروف الخاصة بل ينظر إلى الظروف العامة الاستثنائية التي لا يمكن دفعها وتكون مفاجأة مثل الزلازل والبراكين وتساقط الثلوج والحروب وغيرها.
ملاحظه هامه :
دائماً عند الحديث عن الجهل بأحكام القانون تثار مسألة الغلط في حكم القانون…أي توهم شخص ما في حكم معين من حيث وجوده أو عدم وجوده هل هو يشبه الجهل بأحكام القانون أو لا ؟
الإجابة على هذا السؤال بالنفيّ.. يختلف الجهل بأحكام القانون عن الغلط في حكم القانون المبنى على التوهم ومثاله (( لو فرفضنا أن خالد وأخته سويّر ! ورثا من أبيهما أموالاً طائلة ونصيب خالد كما هو معروف في قواعد الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين إلا أن سويّر قد قامت بالمخارجة وهو عقد معروف في الفقه الإسلامي يجيز بيع الوريث ما يملك لأحد الورثة وباعت لخالد حصتها وهي تظنها النص فإذا هي بأقل من ذلك (ثلث التركة) هنا نقول يحق لها إبطال عقد البيع ولا يجوز لخالد التمسك بعدم جوازها الاعتذار بجهل حكم من أحكام المواريث)….لذا نقول إن إعطاء المتعاقد الواقع في غلط في القانون حق إبطال العقد الذي أتمه وهو واقع تحت تأثير ذلك الغلط لا يعد استثناء أو خروجاً على مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل أحكام القانون..بل حكمه مستقل استقلال تام عن ذلك المبدأ.
ثانياً : النطاق المكاني لتطبيق القانون
لكي نفهم ما المقصود بالنطاق المكاني لتطبيق القانون ..لا بد لنا من سرد أسئلة قانونية لتقريب الفهم ..هل قوانين الدولة ينحصر تطبيقها على إقليمها السياسي ويشمل بذلك مواطنيها والأجانب المقيمين عليها ؟ أم أنها مقتصرة فقط على مواطنيّ الدولة دون الأجانب فيها والذين يظلون خاضعين لقوانين دولهم ؟وهل يلحق قانون الدولة أحدى رعاياها في المقيم في دولة أخرى ؟ ومثال ذلك (هل قوانين السعودية تنطبق على السعوديين والأجانب على إقليم السعودية السياسي ؟ أم أنها تخص السعوديين دون غيرهم ؟ وهل تلحق قوانين السعودية احد رعاياها المقيم في دولة الباكستان مثلاً) ؟؟
للإجابة على هذه الأسئلة والتي من شأنها تحديد النطاق او الحيز المكاني لتطبيق القانون سنجد أنفسنا أمام مبدأين هما :مبدأ إقليمية القوانين ومبدأ شخصية القوانين.
1- مبدأ إقليمية القوانين :
ويقصد به وجهان ، الأول : قوانين الدولة التي تصدرها تطبق في حدود إقليمها وعلى جميع الأشخاص سواء كانوا مواطنين أم أجانب مقيمين إقامة دائمة أو مؤقتة وتسري أيضا على كل ما يقع على إقليم الدولة من أشياء وأموال.
والوجه الأخر:لا يتعدى قانون تلك الدولة إلى إقليم دولة أخرى (كحال مثالنا السابق لا يمكن للقانون السعودي أن يلحق بسعودي مقيم في باكستان ولا على أمواله خارج السعودية والموجودة على إقليم باكستان وفقاً لهذا المبدأ).
وهذا المبدأ يعتمد على أساس استقلال كل دولة بإقليمها لتنظيم كل ما يقع داخله من علاقات قانونية أي أن السيادة هي التي تقرر سلطان الدولة المطلق على إقليمها .
وبناءاً على ما تقدم وفي ظل تطور المجتمعات الحديثة لاحت في الأفق إمكانية عدم جدوى تطبيق هذا المبدأ بحذافيره وخاصة بعد سهولة انتقال رعايا الدول فيما بينهما سواء كان الانتقال لأغراض العمل أو الدراسة أو السياحة..والحق أن هذا المبدأ لا يستقيم في بعض المسائل والتي يراعى فيها الجانب الإنساني والإعتقادي والاجتماعي الخاص بأولئك الأجانب المقيمين على إقليم دوله أخرى ..كحال (المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية من زواج وطلاق ونسب وتركه ووصيه وخلافه)..لذا كان لابد من البحث عن وسيلة أخرى لتخفيف حدة مبدأ إقليمية القوانين تمكنّ من تطبيق قانون دولة ما خارج إقليمها ..وهذا أدى إلى ظهور مبدأ شخصية القوانين .
2- مبدأ شخصية القوانين:
يقصد به وجهان الأول : قوانين الدولة تسري على مواطنيها المقيمين على إقليميها والمقيمين خارج إقليميها (مثاله القانون السعودي ينطبق على المواطن السعودي فوق إقليم الدولة السعودية ويلحق به أينما وجود سواء في الباكستان أو في جزر الواق واق!!)…أما الوجه الآخر :لا يسري قانون الدولة على الأجانب المقيمين فوق أراضيها (مثال القانون السعودي لا يسري على الأمريكي والهندي والفلبيني والوقواقي نسبه إلى جزيرة الواق واق!!! ..المقيمون على أراضيها).
ويستند هذا المبدأ في وجوده إلى اعتبار أن القوانين تشكل في الأصل مجموع ما ارتضاه الأفراد لتنظيم شؤون حياتهم وبالتالي فأنها سنت لتطبق عليهم أينما وجدوا…والأخذ ببعض ما يستهدفه هذا المبدأ في العصر الحديث أصبح أساسه ما تقتضيه قواعد المجاملات الدولية والمعاملة بالمثل ثم تطور الأمر ليصبح الأخذ به خاضعاً لاعتبارات تتطلب العدالة واستقرار المعاملات.
ملاحظه هامه :
تذكرون مثالنا السابق عن جورج الأمريكي الذي قدم للسعودية لدراسة توالد الزواحف لدينا ؟!! دعونا نفترض أن جورج قراء مبدأ شخصية القوانين وفهم انه وفقاً لهذا المبدأ لا يمكن سريان القانون السعودي على المقيمين على أراضيها ..وزيّن له الشيطان سوء عمله وعزم على قتل مرافقه السعودي ..على الظنّ بأن القانون الأمريكي يجرم الإعدام بينما القانون السعودي يتخذ من الشريعة السمحاء دعائمه ويأمر بالقصاص في القتل ..فقتله حفيد (العلوج) ! استناداً لهذا المبدأ ..نقول له بالعامية لدينا : لا ..لا يا لحبيب أنت فاهم مبدأ شخصية القوانين غلط …مبدأ شخصية القوانين متعلق في بعض المسائل المتعلقة بما يعرف في القانون الدولي الخاص (بضوابط الإسناد) كمسائل الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وخلافه ..أما عدا ذلك من عقود مدنيه أو تجارية أو جرائم أو جنح ومخالفات يجرمها القانون السعودي تسري عليك وعلى غيرك . بس انتهى.
مثال أخرى لتوضيح مبدأ شخصية القوانين :
تنص بعض التشريعات على مبدأ شخصية القوانين ومنها القانون اللبناني والذي يشير إلى أن القانون الواجب التطبيق بشأن الميراث هو قانون المورث ..وعليه (لو توفي سعودي مقيم على ارض لبنان فأن القانون الواجب التطبيق على تركته الموجودة على الإقليم اللبناني هو القانون السعودي) وهذا استثناءاً من مبدأ إقليمية القوانين.
لدينا تساؤل هنا …هل امتداد تطبيق قانون الدولة ليشمل جميع القاطنين على أرضها يرد عليه استثناءات ؟ الإجابة نعم وهذه الاستثناءات على النحو التالي:
1- تعتبر السفارات والمثليات الأجنبية المعترف بها أجزاء من أقاليم الدولة التي تمثلها وبالتالي فإن قانون الدولة التي توجد بها لا يسري عليها (مثاله السفارة الايطالية في حي السفارات في الرياض لا يمكن للقانون السعودي في أي حال من الأحوال أن ينفذ بداخلها ويطبق بل يطبق على كل ما يجري بداخلها القانون الايطالي وإنما قد تتدخل السلطات السعودية لتقديم المساعدة فقط)…وكذلك الحال بالنسبة للموظفين الدبلوماسيين ورؤساء الدول حيث يتمتع هؤلاء بحصانات قضائية وإعفاءات قانونية تحول دون تطبيق قوانين الدولة المقيمين على أراضيها عليهم.
2- بعض قواعد القانون العام تخاطب المواطنين فقط دون غيرهم من الأجانب المقيمين عليها كحال الواجبات العامة التي لا يكلف بها الأجانب مثل تولي الوظائف العامة وقصرها على المواطنين إلا انه قد تستعين الدولة بموظفين أجانب لتولي تلك الوظيفة وبهذا خروج على مبدأ التطبيق الإقليمي لتلك القواعد.
3- هناك بعض الامتيازات تقدم لبعض الأجانب على اعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة أو قواعد المجاملات الدولية كحال القوانين المالية المتعلقة بالضرائب والتي بالأصل تطبق تطبيقاً إقليمياً ما لم يكن هناك إعفاءات للأجنبي .
ملاحظه هامه :
لولا وجود مبدأ إقليمية القوانين ومبدأ شخصية القوانين لما وجد ما يعرف ب القانون الدولي الخاص وكان القانون المتعيّن تطبيقه في جميع الأحوال واحد.

ثالثاً: النطاق الزماني لتطبيق القانون
كلنا نعرف أن قواعد القانون ما وجدت إلا لحاجات المجتمع والتي بطبعها تتغير وتتبدل بحسب الزمان والمكان ..وهذا يعني أن سريان القاعدة القانونية قد لا تطول بمدتها وتأتي بعدها قواعد قانونية جديدة..وبالتالي يؤدي هذا التعاقب إلى حدوث تنازع بين القواعد القانونية المستبدلة والمستحدثة وبخاصة عندما تختلف أحكامها عن بعض..ويتعيّن حينئذ تحديد مدى سلطان تلك القواعد المتوالية والمتعاقبة على حكم ينظم واقعة كان موضوعها خاضع لحكم تنظيم معيّن زاحمه بعد ذلك قانون جديد يهدف إلى تنظيم حكم تلك الواقعة.
وعلى أساس هذا لابد لنا معرفة الكيفية التي يتم بها إلغاء القانون (مطلب أول) …ونبحث في مسألة تنازع القوانين (مطلب ثاني) ..فهذين المطلبين هما كل ما يتعلق بالنطاق ألزماني لتطبيق القانون.
المطلب الأول : إلغـــــــــــــــاء القـــــــــــــانون
قلنا فيما مضى أن حاجات المجتمع والعلاقات الاجتماعية فيه متغيّره لا تستقر على حال (الدوام لله)..وعليه فأن قواعد القانون ستكون عرضه للتغيّر..فهي أشبه ما تكون بالكائن الحيّ ..ولادة +عمر محدد يطول يقصر= وفاه …إلا أن وفاة القاعدة القانونية بأداة تسمى (الإلغاء) ..بينما الإنسان قد تكون وفاته بأدوات مختلفة (جلطه- سكته قلبيه-حادث سير-رقد ما قام لا سمح الله) ..إذا لا ينتهي القانون إلا بالإلغاء وهذه الأداة لا تكون إلا بيد سلطه واحده هي القادرة على القيام بذلك ..دعونا نتعرف على معنى الإلغاء والسلطة القادرة عليه.
يقصد بالإلغاء : هو إنهاء سريان القانون وإزالة سلطانه عن الأشخاص المخاطبين بأحكامه وذلك عن طريق تجريده من قوته الملزمة سواء ترتب على ذلك إحلال قواعد أخرى عوضاً عن ما تم نسخه أو بالاستغناء عنه بالكلية دون سن قواعد تحل محله.
وقد يقع الإلغاء على قاعدة واحدة من مجمل القانون كما قد يتعداها ليشمل القانون كله..غير أن عملية الإلغاء سواء وردت على قاعدة في القانون أو مجمله لا يمكن أن تتم إلا من نفس السلطة التي قامت بوضعه أو سلطة أعلى منها درجه وهذا يعني ضرورة مراعاة مبدأ (التدرج في القوه بالنسبة للقواعد القانونية).
ومثال ذلك ( لا يمكن لقاعدة من التشريع العادي نسخ قاعدة دستورية والسبب أن الدستور أعلى من التشريع العادي والسلطة واضعته أقوى وكذلك الحال لا يمكن لتشريع لائحي أن ينسخ قاعدة للتشريع العادي والدستوري لأنهما أقوى منها درجة في حين يمكن لتشريع لائحي إلغاء نص لائحي مساويّ لها في نفس الدرجة).
مثال آخر لتقريب الفهم :
اغلب الدول تضع التشريع في الدرجة العليا في قمة هرم مصادر القانون المختلفة فالتدرج في السلم بين المصادر يترب عليه عدم إمكانية قيام قاعدة في آخر سلم المصادر (من تشريع وعرف وفقه ) أن تلغي مصدر ارفع منها درجة ..فلا يتصور مثل قيام قاعدة عرفية بإلغاء نص تشريعي في حين أن النص التشريعي قادر على إلغائها بحكم انه ارفع منها درجه في سلم مصادر القاعدة القانونية.
واستناداّ لذلك فأن التشريع لا يلغيه إلا تشريع مثله في حين يمكن أن يلغي عرفاً عرف آخر.
ملاحظه هامه:
الإلغاء آثاره تمتد إلى المستقبل دون الماضي وهو بذلك على عكس البطلان …فالبطلان تكون أثاره على الماضي والمستقبل على السواء …وكذلك الإلغاء يختلف عن البطلان في كونه يرد على قاعدة قانونية صحيحة بينما البطلان يتقرر على عدم صحة وجود تلك القاعدة ابتداءً.
*طـــــــرق الإلغــــــــاء :
1- الإلغاء الصريح :
يكون عندما يفصح المشرع بنص قانوني صريح بأنها العمل بحكم القانون السابق سواء كان بشكل كلي او بإلغاء بعض القواعد في ذلك القانون القديم .
ومثاله (نص المادة 244 من نظام العمل والعمال السعودي يحل هذا النظام محل نظام العمل والعمال ، الصادر بالمرسوم الملكي ذي الرقم (م/21) والتاريخ 6/9/1389هـ ، ويلغي كل ما يتعارض معه من أحكام).
ويعد هذا النوع من ابسط طرق الإلغاء وأبرزها وضوحاً وأكثرها شيوعاً …وقد يأتي الإلغاء الصريح عند حلول الأجل الذي ينتهي به سريان قانون مؤقت يصدر في أحوال وظروف خاصة …ومثاله (صدور قانون لمنحة مهلة للوفاء لبعض المدينين لمواجهة أزمة مالية تعصف باقتصاد البلد).
2-الإلغـــــــــاء الضمـــنيّ :
على عكس الإلغاء الصريح لا يكون بنص صريح وإنما يستنج من استحالة الجمع بين قواعده القانونيين لتعارضهما أو عندما عند ما يصدر قانون جديد متكامل يشمل نفس الموضوع الذي حكمه وعالجه قانون سابق.
وله صورتين هما :
أ- الإلغاء عن طريق التعارض بين النصوص : وفيه لا يتحقق إلغاء التشريع اللاحق للتشريع السابق إلا عندما نكون أمام قواعد قانونية تقرر إحكاما متناقضة مع سابقها…ويستند على (احترام رغبة المشرع الأخيرة التي يتعين معها الأخذ بما ارتضاه من تنظيم لحكم مسألة ما).
ملاحظه هامه :
الإلغاء للقانون القديم لا يكون إلا في حالة حدود التعارض مع القانون الجديد…وعليه أذا كنا أمام استحالة الجمع بين أحكام تشريعين فأن الإلغاء يكون إلغاءً كلياً…وعلى العكس إذا اقتصر التعارض مع بعض أحكام التشريع القديم أي على جزء منها فقط فيكون الإلغاء في هذه الحالة جزئياً.
ملاحظه أخرى مهمة :
قد يصدر تشريعين يحكمان مسألة واحده ومع ذلك يظل كلاً من هذين التشريعين سارياً ..فهل نحن بصدد إلغاء أي بمعنى هل نطبق الحكم الذي جاء به القانون الجديد ونترك ما جاء به القانون القديم مع أن كلاهما سارياً وموضوع ألواقعه وحده ؟؟ نقول جواباً على هذا لا …لسناً بحالة إلغاء ولا يمكن القول بذلك والسبب أن القانون الجديد بمثابة (الخاص) و القانون القديم بمثابة (العام) وهناك قاعدة قانونية يعرفها القانونين تسمى (الخاص يقيّد العام في حكمه) ..ومثاله : القانون المدني ينظم عقد العمل …وفي ذات الوقت قانون العمل ينظم عقد العمل أيضا ..ولو عرضنا واقعة (استحقاق العامل للأجرة) فأي القانونين نقدم في التطبيق ؟ الإجابة يقدم (قانون العمل) على ( القانون المدني) …باعتباره قانون خاص ..استناداً لقاعدة (الخاص يقيّد العام) ..وعلى العكس إذا لم نجد في قانون العمل ما يحكم واقعه قد نظمها القانون المدني …فأننا في هذا الحال نقدم القانون المدني للتطبيق على الواقعة على اعتباره (القواعد العامة واجبة التطبيق).

ب-الإلغاء عن طريق إعادة التنظيم:
يقصد بإعادة التنظيم أن المشرع عندما يصدر تشريع لاحق على تشريع سابق يتناول فيه جميع ما تم تنظيمه في السابق بصوره متكاملة وعلى ذلك يعد التشريع القديم منسوخاً ضمناً بقواعد التشريع الجديد حتى المسائل التي لم يتناولها التشريع الجديد وهي موجودة في التشريع القديم تلغى منه.. دونما الإشارة إلى ذلك في ديباجة التشريع الجديد ولا حتى خاتمته .
المطلب الثاني :تنازع القانون من حيث الزمان
(هذا الموضوع يحتاج فقط إلى التركيز والفهم).
قلنا في السابق أن القاعدة القانونية تصبح في حيّز النفاذ عند نشرها في الجريدة الرسمية أو عندما يحدد المشرع نفاذها بعد تاريخ معيّن وفي تلك الحالتين يعتبر القاعدة القانونية سارية كما انه كما اشرنا سابقاً ينتهي العمل بها عند إلغاء حكمها والذي يكون عادة بإصدار قاعدة قانونية تحل محلها…غير أن تطبيق القانون في حيز الزمان على أساس تحديد بدايته وانتهائه قد لا تنتقضي فيه وقائع قانونية ممكن أن تستمر آثارها إلى ما بعد انتهائه وحلول قانون آخر محله تختلف فيه النتائج المترتبة عند إعمال حكمه عن سابقه…فما هي المبادئ التي تحكم هذا التنازع الزماني ؟؟ (للإجابة على هذا السؤال ولحلول هذه الإشكالية دعونا نتعرف جميعاً على تلك المبادئ) .
أولا : مبدأ عدم رجعية القوانين :
يقصد به : انعدام سريان أحكام قواعد القانون الجديد على الماضي..بحيث لا يكون هناك أثر رجعي للقانون على وقائع ومراكز قانونية ترتبت في شتى مراحلها في ظل قانون قديم…بمعنى آخر قواعد القانون السابق ستكون هي الحاكمة لكل ما تم من أفعال وتصرفات قبل نفاذ القانون الجديد.
مثال: لو صدر قانون بتاريخ 6/2/2006 ينظم عقود بيع المركبات الأجنبية في السعودية مثلاً بحيث لا يعتبر عقد البيع صحيح ومنتج لأثاره ما لم يتم تسجيله لدى قسم التسجيل في إدارة المرور …(أي أن التسجيل شرط انعقاد وإلا اعتبر عقد البيع باطل في هذه الحالة) …فأن هذا القانون الجديد لا يسري على تصرفات قد تمت في الماضي (بمعنى بيوع المركبات الأجنبية في الماضي جميعها صحيحة حتى ولو لم يتم تسجيلها في إدارة المرور) .
مثال آخر :لو فرضنا انه في عام 2005 ( لا يعد استخدام الجوال إثناء قيادة السائق لمركبته مخالفه يعاقب عليها في السعودية)..وكان صاحبنا خالد (لا يهدأ جرس جواله من الرنين في ال24 ساعة ،،ساعةً واحده ) وكثيراً ما يتسبب في حوادث ومع هذا لا يتعظ إلا انه في 1/1/2006 ..صدر قانون يجرم استخدام الجوال أثناء القيادة …فهل يمكن لنا معاقبة خالد على استخدامه للجوال في العام الماضي ؟؟ الإجابة (لا) ..لا يعتبر خالد مرتكباً لفعل مجرم لأن في هذا تطبيقاً للقانون على الماضي وإعمالاً لأثره على حوادث تمت قبل سريانه وهذا يتنافي مع مبدأ عدم رجعية القوانين.
ومما لاشك فيه أن عدم انسحاب أثار القانون على ما قد تم في الماضي أمر تحتمه اعتبارات متعددة تتوافق مع المنطق القانوني في العلاقات التي تتم بين أفراد المجتمع ومن هذا الاعتبارات ما يلي :-
1-المنطق القانوني الذي فيه ينظر إلى القاعدة القانونية على اعتبارها خطاباً تكليفي لأفراد المجتمع يتضمن أمراً بأتباع عمل محدد أو النهي عنه لا يمكن تصوره إلا في أمور مستقبلية والقول بغير ذلك يعني أن القانون سيأمر شخصاً للقيام بعمل في زمن ماضي وهو ما يستحيله الواقع.
2-العدالة واعتباراتها وبالخصوص منها ما يتعلق بتجريم أفعال …فمن المعلوم أن الأصل في الإنسان براءة ذمته كما أن الأصل في الأشياء الإباحة فلا يتصور ولا يستسيغ مفهوم العدالة أن يطالب الشخص بالخضوع لقانون يعاقبه على فعلا مباحاً في الماضي وجرّم في الحاضر بقانون لاحق.
3-يعد مبدأ عدم رجعية القوانين ضماناً أساسيا لحقوق الأفراد وأداة رئيسية لدعم الاستقرار الاجتماعي والثقة في المعاملات بين أفراد المجتمع …والسبب أن انسحاب القانون بحكمه على الماضي سيقود إلى الإخلال والاضطراب قد يهدم فيه ثقة أفراد المجتمع ب القانون .
(هذا ما يتعلق بمبدأ عدم رجعية القوانين انتهينا منه ؟؟ لكن هل انتهينا حقاً ؟؟ طبعا لا! لدينا استثناءين مهمين على مبدأ عدم رجعية القوانين يسابقنا الوقت شوقاً للتعرف عليهما) !!!
الإستثناء الأول : هو ذلك الاستثناء الوارد بنص صريح على رجعية القوانين:
قلنا فيما مضى أن مبدأ عدم رجعية القوانين هو الأصل الذي يلتزم به القاضي وواضع القانون ….إلا انه في حق القاضي يكون بشكل مطلق (أي أن القاضي ملزم بتطبيق ذلك المبدأ) ..على عكس واضع القانون (أي المشرع) فأن لا يتقيّد به إلا في حالة النصوص الجنائية ومثالها (ما نصت عليه المادة 38 من النظام الأساسي للحكم بقولها : العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو نظامي ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي) …هنا المشرع قد نص بشكل صريح على شمول الأحكام الجديدة وإعمالها في وقائع ومراكز قانونيه سابقة وان كانت داخله في نطاق سريان قانون قديم.
والعلة في ذلك هو اختلاف وظيفة كل من القاضي والمشرع …فالقاضي مكلف بتنفيذ وتطبيق القانون فتنحصر مهمته بشكل أساسي في الاعتراف بحالة قانونية سابقه والبحث في آثارها وهو أمر لا يمكن تحققه إلا بناء على القانون الجديد حينما يرتب تلك الآثار القانونية.
بينما يكون للمشرع على سبيل الاستثناء الخروج على هذا المبدأ عندما تحتم عليه المصلحة العامة للمجتمع وبناء على ذلك فإن اللجوء إلى الاستثناء ينحصر في الحالات التي تصبح معها إعمال الأثر الرجعي للقانون مغلبه على المصلحة المترتبة من ضرورة استقرار المعاملات.
الإستثناء الثاني : استثناء القوانين الجنائية الأصلح للمتهم من مبدأ عدم رجعية القوانين:
يقصد ب القانون الأصلح للمتهم هو ذلك القانون الجديد الذي يصدر بعد ارتكاب الفعل الجرمي (والذي عادة ما تكون العقوبة فيه مشدده في ظل قانون قديم) …فهنا ولاعتبارات إنسانية بحته لا يعد انسحاب القوانين الجنائية الأصلح للمتهم على ما مضى من أفعال وحوادث انتهاكاً لحريات الأفراد …بل انه يستفيد المتهم بتخفيف العقوبة عنه في القانون الجديد إلى حد اقل مما كان عليه في القانون القديم ..كما ان هذا الاستثناء يراعي فيه اعتبارات العدالة فمن غير العدل الإصرار على تلك العقوبة بعد صدور قانون يرى إباحتها أو يخفف من شدة العقوبة فيها.
مثاله : لو فرضنا مثلاً … في تاريخ 1/ 1 / 2005 أودع صاحبنا (مطلق) سجن الحائر وحكم عليه بالسجن لمدة 6 شهور مع الجلد وذلك بتهمة احتسائه النبيذ المحرم شرعاً وكانت هذه هي المرة الأولى التي أقدم بها مطلق على أم الكبائر !!! إلا انه بعد مكوثه قرابة الشهرين من مدة الحكم …آتت البشائر تزفها الأقدار وصدر قانون بتاريخ 1/ 3/ 2005 ينص على أن عقوبة احتساء النبيذ بكافة أنواعه لأول مره يعاقب مرتكبها …فقط بكتابة تعهد وتوبة إلى الله على أن لا يعود إليها …هنا كما تلاحظون في مثالنا صدر قانون أصلح للمتهم (مطلق) فعليه لا نركن إلى مبدأ عدم رجعية القوانين…. ونقول لا بل القانون الجديد طالما انه فيه صلاح للمتهم فأنه يعود عليه بأثر رجعي .

ملاحظه هامه:
بعض الفقهاء القانونيين يميلون في أرائهم إلى القول بوجود استثناء ثالث على مبدأ عدم رجعية القوانين وذلك في حالة إثبات رجعية القوانين التفسيرية وذلك عندما يصدر قانون جديد يفسر فيه غموض قاعدة قانونيه في قانون قديم ويكون بشرحه لتلك الأحكام قد أظهرت المقصود منه والتي قد يفهم منها إمكانية انسحاب القانون الجديد بتفسيراته للقانون القديم على آثاره السابقة …..إلا أن هذا الرأي يخالفه الواقع والسبب أن القانون المفسر لا يحتوي على أحكام جديدة وإنما يقتصر فقط على الإفصاح عن المعنى المراد من التشريع الأصلي.
* الرأي القانوني الراجح (لا يعتبر القانون المفسر لغموض في تشريع أصلي سابق استثناء على مبدأ عدم رجعية القوانين وعليه نقول لا يوجد استثناءً ثالث) .
ثانياً :مبدأ الأثر المباشر أو الفوري للقانون:
هذا المبدأ لا يحتاج إلى عقلية نيوتن ولا لإقدام عنترة وشجاعته ولا حتى لفصاحة سيبويه لفهمه !!! …فهو بكل بساطه ذلك المبدأ الذي يمكن للقانون الجديد سلطان مباشر على الأحكام والمراكز القانونية التي تقع منذٌ نفاذه ..وعليه تكون كل واقعة أو حالة بعد سريانه محكومة بما تقرره قواعده حتى ولو كانت بعض الوقائع فيه متولدة في كنف قانون قديم وذلك لأن سريانه لا يكون تطبيقاً رجعياً لأحكامه بل ينظر إليه على اعتباره تطبيق فوري له.
ويستند هذا المبدأ على اعتبارات عده منها ما يلي :-
1-يمنع الازدواجية التي سوف تحكم المراكز والأوضاع القانونية المتماثلة حينا نكون بصدد تطبيق للقانون الجديد وذلك لأن القانون الجديد ستنبسط ولايته على كافة المراكز القانونية والوقائع القانونية المتشابهة .
2-هناك حكمة من إقرار مبدأ الأثر الفوري للقانون تكون واضحة في المصلحة التي تقتضي نبذ اثر القانون القديم لقصوره وعدم صلاحيته لمعالجة مسألة من المسائل.
ملاحظه مهمة :
تطبيق مبدأ الأثر الفوري للقانون بصورة مطلقة قد تنتج عنه مساوئ وخاصة في بعض الأحيان التي ينعدم فيها تحقيق مصلحة اجتماعية عند تطبيق ذلك المبدأ وعندما ينجم عنه في ذات الوقت الإضرار بمصالح الافراد ويكون ذلك في الروابط القانونية التي أجريت بين الأفراد قبل إصدار القانون الجديد وكانت أثارها مستقبلية متحققة كلها أو بعضها بعد سريان القانون الجديد .
مثاله لتقريب الفهم :
لو افترضنا تعاقد المطرب ذو الحنجرة الذهبية مناحي ! مع شركة (يا ليل يا عين للإنتاج والتوزيع الفني) على أن تقوم بتوزيع أعمالة الغنائية إلى كافة مناطق المملكة دون الخليج والدول العربية (حفاظاً على سمعة الفن السعودي) !! …وكان العقد ينص على أن تقوم الشركة في كل شهر بتوزيع (200 شريط) على كل مدن المملكة الكبرى ومضت الشركة في تنفيذ التزامها ولم يتبقى إلا أربع مدن لم يصلها أشرطة الفنان مناحي …وفي أثناء ذلك صدر قانون يشترط أن يكون التوزيع بأذن مسبق من قبل وزارة الإعلام …هنا لا يمكن لنا الأخذ بمبدأ الأثر الفوري بل يحق لكلاً من مناحي والشركة الفنية المضي قدماً على ما تعاقد عليه …والعلة من تقرير الخروج على مبدأ الأثر الفوري للقانون هنا تكمن في احترام إرادة الأطراف المتعاقدة عندما أقدمت على إبرام تلك العقود على أساس اعتبارات وحسابات كانت في تقديرها لأحكام القانون الساري وقت التعاقد. ولو طبق مبدأ الأثر المباشر أو الفوري بحذافيره لكان أدى ذلك إلى اختلال التوازن العقدي بين الأطراف وهو ما قد يفضي إلى إجحاف بحقوق الأفراد.
ملاحظه أخرى على ما سبق :
قلنا إن هناك إمكانية للخروج على مبدأ الأثر المباشر أو الفوري ..وضربنا مثلاً لذلك العقد المبرم بين (المطرب مناحي وشركة يا ليل يا عين للإنتاج والتوزيع الفني) …وقلنا أيضا أن إمكانية الخروج على المبدأ تكمن في العلاقات التعاقدية إلا أن هذا الخروج يرد عليه شرط مهم …دونه لا يمكن لنا الخروج عن المبدأ وذلك الشرط هو ((إلا تكون قواعد القانون الجديد من القواعد الآمرة والمتعلقة بالنظام العام والآداب العامة)) ..حيث هنا يتعطل أثار القانون السابق ويعمل الأثر المباشر للقانون الجديد متى ما كانت نصوصه آمره متصلة بالنظام العام والآداب العامة.
جميعاً…فقط قراءة وبإمكانكم الإستعانة بذلك في كتب مبادئ القانون لا تحتاج إلى فهم ولا تشكل أهمية كبرى أصلاً لفهم القانون من وجهة نظري !!

منقول ...

البحث الأول في الدستوري :ماهية القانون الدستوري

• مقدمــــة

• المبحث الأول: مفهوم القانون الدستوري و مصادره
المطلب الأول : : تعريف القانون الدستوري
المطلب الثاني : مصادر القانون الدستوري
• المبحث الثاني: الفرق بين القانون الدستوري و بعض المصطلحات المشابهة

المطلب الأول : الفرق بين القانون الدستوري والدستور
المطلب الثاني: الفرق بين القانون الدستوري والنظام الدستوري

• المبحث الثالث: علاقة القانون الدستوري بفروع القانون الأخرى وطبيعته
المطلب الأول : العلاقة مع فروع القانون العام
المطلب الثاني: العلاقة مع فروع القانون الخاص والفروع المختلطة
المطلب الثالث : طبيعة قواعد القانون الدستوري

• الخاتمـــة


المقدمــــة

الإنسان إجتماعي بطبعه لا يستطيع أن يعايش ظروف الحياة بمفرده إنما يجب أن ينخرط ضمن جماعة من الناس إلا أن قيام هذا الانخراط ضمن الجماعة يؤدي إلى قيام تعارض بين مصلحته كفرد و مصلحة الآخرين و من ثم كان من الواجب وضع تنظيم للعلاقات بين الفرد و المجتمع وهذا التنظيم لا يكون إلا من خلال وضع القواعد القانونية و من هنا ظهر ما يسمى بالقانون .
فالقانون ضروري لحفظ كيان الجماعة البشرية و استقرارها و أمنها و طالما أن الجماعة ضرورة ولا حياة للإنسان إلا في الجماعة، فالقانون كذلك ضروري ولا غنى عنه و لولاه لعمت الفوضى.
وقد ساير القانون التطور الحضاري للإنسان وقسم القانون إلى خاص و عام و قسم هذا الأخير(أي القانون العام) إلى عدة فروع من بينها القانون الدستوري و هذا ما نحن بصدد إبراز ماهيته.
فما هو القانون الدستوري؟ و ما هي مدلولاته؟

• المبحث الأول: مفهوم القانون الدستوري
المطلب الأول: تعريف القانون الدستوري
كلمة دستور ليست هي أيضا كلمة عربية الأصل بل يجمع معظم الكتاب على أنها كلمة فارسية دخلت اللغة العربية عن طريق الأتراك, وهي تعني الدفتر آو السجل الذي تجمع فيه قوانين الملك وضوابطه(1).
والقانون الدستوري هو قانون وضعي كبقية القوانين الأخرى وهو يختص بتنظيم جانب معين من النشاط في المجتمع, أما بالنسبة لتعريفه فهناك عدة معايير يمكن الاستناد عليها لتعريفه:
الفرع الأول: المعيار اللغوي: وهو يبحث في الأساس اللغوي لكلمة دستور والتي تعني الأساس آو البناء آو التكوين, وانطلاقا من هذا المعيار يمكن تعريف القانون الدستوري بأنه (مجموعة القواعد التي تنظم أسس الدولة وتحدد تكوينها ).
الفرع الثاني: المعيار الشكلي أو الرسمي: طبقا لهذا المعيار فان القانون الدستوري هو (دراسة وثيقة الدستور المطبقة فعلا في بلد ما وفي زمن ما ) .ويعرف أيضا طبقا لهذا المعيار على انه (مجموعة القواعد القانونية التي تتضمنها الوثيقة المسماة بالدستور) أي أنه ذالك الفرع من القانون الذي يدرس القواعد القانونية الواردة أو المدونة في الدستور فقط وعلى هذا المنوال عرّف البعض الآخر القانون الدستوري بكونه ( علم الدساتير المكتوبة ) .
الفرع الثالث: المعيار الموضوعي ( المادي ) : إن هذا المعيار لا ينظر إلى وثيقة الدستور بل ينظر إلى ما هو دستوري من حيث الموضوع سواء كان منصوص عليه في وثيقة الدستور أم لا , أي ينظر إلى القواعد القانونية التي تبين شكل الدولة بسيطة أو مركبة وكذلك نشاط السلطتين التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما .
ويخلص البعض إلى تعريف القانون الدستوري في ظل هذا المعيار بأنه: ( مجموعة القواعد القانونية الخاصة بنظام الحكم في مجتمع سياسي معين وفي وقت معين ).
المطلب الثاني: مصادر القانون الدستوري
الفرع الأول: المصادر الرسمية (الشكلية)
التشريع:
ويقصد بالتشريع (سن القواعد القانونية و إكسابها قوتها الإلزامية عن طريق سلطة مختصة وفقا لإجراءات معينة )(2). وعادة ما تسمى هذه السلطة بالمؤسسة التشريعية.
وقد ازدادت أهمية التشريع كمصدر للقوانين نتيجة لتزايد تدخل الدولة و تعقيد نشاطها و بالتالي زيادة ارتباطها بالأفراد و الجماعات و الدول.



(1)– د الأمين شريط ،الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية المقارنة , الجزائر بن عكنون ديوان لمطبوعات الجامعية , الطبعة الثانية 2002 ، ص : 5
(2)-الأستاذ حسني بوديار , الوجيز في القانون الدستوري , دار العلوم ،الجزائر ، ص 2

الفرع الثاني : المصادر التفسيرية
أولا: العــرف:
يمكن تعريفه بأنه السلوك أو التصرف الذي يطبق بشكل ثابت أمام مشكل معين، كلما تكرر ذلك المشكل، باعتباره سلوكا واجبا و ملزما. وبناءًا على ذلك فان العرف يتضمن عنصرين:
أ) عنصر مادي: وهو تكرار نفس الحل أمام نفس المشكل و هذا يعني:
- أن يتجدد التكرار أكثر من مرة .
- أن يحوز ذلك الحل صفة العمومية، أي لا يعارضه الأشخاص أو الهيئات الحاكمة.
- أن يكون الحل واضحا ، أي لا يحتمل الغموض و تعدد التفاسير .
- أن يكون ثابتا، أي أن لا ينقطع التطبيق لو تكرر المشكل.
ب) عنصر معنوي: و هو أن يتولد في ضمير الجماعة أو الهيئات الحاكمة شعور بأن ذلك السلوك أو ذلك الحل ملزم و هو قاعدة قانونية، وأن يكون هذا الشعور أو الاعتقاد راسخا مع الاقتناع أن مخالفة ذلك السلوك يترتب عنه الجزاء القانوني.
و يجب هنا التفرقة بين العرف الدستوري و الدساتير العرفية، فهذه الأخيرة هي مجموعة من العادات المتعلقة بالسلطة التي نشأت دون وجود نصوص قانونية سابقة لها في نفس المجال،مثلما هو الحال في إنجلترا. أما العرف الدستوري فهو ينشأ إلى جانب الدساتير المكتوبة إما لتكملتها أو تفسيرها أو تعديلها .
 ملاحظة: يشترط في العرف أن يكون عامًا و قديمًا و ثابتًا وأن لا يكون مخالفا للقوانين.

ثانيا: القضاء(السوابق القضائية)
هي الأحكام التي تصدرها المحاكم بخصوص مشكل معيّن و التي تصبح نموذجا يعتمد في كل القضايا المشابهة، و يحترم بصفة دائمة، والقضاء كمصدر من مصادر القانون الدستوري له دور كبير في البلدان التي تطبق الرقابة الدستورية عن طريق المحاكم مثل الولايات المتحدة، أما في البلدان التي تطبق رقابة دستورية سياسية أو مختلطة مثل فرنسا و الجزائر فإن القرارات و الآراء التي يصدرها المجلس الدستوري تؤدي هذا الدور .
ثالثا: الفقه :
يقصد بالفقه آراء رجال القانون المتخصصين اللذين يقدمون من خلال بحوثهم و دراساتهم فتاوى ووجهات نظر تكمل و تفسر وتعيب القانون أو أحكام القضاء، ويمكن للفقه أن يكون مصدرا مهما في بعض الدول مثل بريطانيا، لكن أهميته ثانوية في معظم البلدان.(1)

(1) د.الأمين شريط، المرجع السابق، ص23

رابعا: الدين:
إن الأديان التي تهتم بالمعاملات مثل الإسلام توجد فيها قواعد دستورية، ففي الإسلام نجد أن الشريعة الإسلامية كانت مصدرا لكافة القوانين، أما حاليا فهي تشكل مصدرا لقوانين الأحوال الشخصية وبعض الموضوعات في القانون المدني مثل الأوقاف.
أما بالنسبة للقانون الدستوري فإن بعض الدول تنص في دساتيرها على بعض القواعد المتعلقة بالسلطة مثل إيران و باكستان...الخ، و الملاحظ أن الشريعة الإسلامية توجد بها مبادئ دستورية، كالشورى ومبدأ البيعة، ومبدأ العدالة و المساواة و كفالة الحقوق و الحريات العامة.

• المبحث الثاني: الفرق بين القانون الدستوري وبعض المصطلحات المشابهة.

بجانب اصطلاح القانون الدستوري مصطلحات أخرى مشابهة له , وهي قريبة منه لكن ليس لها المعنى ذاته ونظرا للتشابه اللغوي والاختلاف في المعنى بين هذه المصطلحات والقانون الدستوري , يتوجب علينا التمييز بين مفاهيم هذه التسميات :
المطلب الأول : الفرق بين القانون الدستوري والدستور:
إن الدستور عبارة عن وثيقة أو عدة وثائق قانونية تصدر عن هيئة مختصة وفقا لإجراءات معينة وتتضمن القواعد المتصلة بنظام الحكم في بلد معين وفي زمن معين (1 ). والدستور بمفهومه الموضوعي موجود في كل الدول ولو أنه شكلا غير موجود في بعضها لأنه لا يتصور قيام مجتمع سياسي دون دستور , وفضلا عن ذالك فإن المفهوم الشكلي للدستور يجعل منه مصدرا من بين مصادر القانون الدستوري , وان كان هو الذي يحتل المرتبة الأولى.
المطلب الثاني: الفرق بين القانون الدستوري والنظام الدستوري:
يطلق على نظام سياسي ما بأنه نظام دستوري إذا كانت الحكومة فيه تخضع لنظام أعلى وهو الدستور ولا يملك الحاكم الخروج عنه, وعليه فان قيام حكومة استبدادية يعتبر منافيا للنظام الدستوري لأن الحاكم لا يلتزم بحدود القانون ولا يخضع لها. ( أي أن النظام الدستوري يقصد به ذلك النظام الحر أي الحكومة الدستورية في الدولة ) ( 2 ).
لذلك فالفرق بين المصطلحين يتمثل في أن كل دولة يوجد فيها قانون دستوري, ولكن قد لا تكون ذات نظام دستوري ما دامت لا تقوم على حكومة دستورية.

( 1 ) الأستاذ حسني بوديار ، المرجع السابق ، ص :17
( 2 ) د. الأمين شريط ، المرجع السابق، ص: 152

• المبحث الثالث: علاقة القانون الدستوري بفروع القانون الأخرى وطبيعته

المطلب الأول: العلاقة مع فروع القانون العام

يمكن إبراز أهم مظاهر هذه العلاقة بالنسبة للقانون العام الخارجي (الدولي العام ) ثم بالنسبة لفروع القانون العام الداخلي ( 1 ) .
الفرع الأول : القانون العام الخارجي ( الدولي العام ) :
إن القانون الدولي العام يهتم أساسا بنشاط الدولة في المجال الخارجي , أي انه ينظم العلاقة بين الدول والهيئات الدولية الأخرى مثل هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية...الخ , أما القانون الدستوري فيبحث أساسا في القواعد الخاصة بنظام الحكم داخل الدولة.
ورغم اختلاف مجال كلى القانونين إلا أنهما يشتركان في دراسة بعض المواضيع مثل: موضوع الدولة نفسها والمعاهدات الدولية , ومبدأ سيادة الدولة, وحقوق الأجانب وموضوع جنسية الأشخاص .
أما مظاهر الاختلاف فهي كثيرة، نذكر منها أن القانون الدولي يحكم علاقات المجتمع الدولي برمته في حين ينحصر دور القانون الدستوري داخل دولة فقط .
الفرع الثاني : القانون العام الداخلي :
أولا :العلاقة بين القانون الدستوري والقانون الإداري: إن القانون الإداري هو مجموعة المبادئ والقواعد والأحكام المتعلقة بتنظيم الإدارة وسيرها ورغم صعوبة التفرقة بينهما إلا أن مجال القانون الدستوري يتعلق بهيكلة وتنظيم المؤسسات السياسية العليا في الدولة وخاصة السلطات الثلاثة وهي السلطة التشريعية , والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية.
في حين أن القانون الإداري يهتم بالسلطة التنفيذية أساسا , وعلى كل حال فالقانون الدستوري هو الذي يضع الأسس التي يبنى عليها القانون الإداري ( فرئيس الجمهورية مثلا يسهر على تنفيذ القوانين التي يسنّها البرلمان ) ( 2 ) .
ثانيا :العلاقة بين القانون الدستوري والقانون المالي : يتحدد مجال القانون المالي بتنظيم ميزانية الدولة, أي تنظيم إيرادات الدولة ومصروفاتها ويلاحظ بان الدساتير تتضمن القواعد الأساسية التي تلتزم بها الدولة من اجل تحضير الميزانية وكذا الإنفاق العام وفرض الضرائب والإعفاء منها.

( 1 ) د الأمين شريط, المرجع السابق ، ص 10
( 2 ) الأستاذ. حسني بوديار ،المرجع السابق ، ص16

المطلب الثاني: العلاقة مع فروع القانون الخاص والفروع المختلطة.

الفرع الأول : العلاقة مع القانون الخاص :
الدستور عندما يترك العلاقات الخاصة تنظم بشكل حر ودون تدخل من جانبه , خاصة أن هذه القوانين التي تضبط هذه العلاقات يغلب عليها طابع الاستقرار الثبات مثل القانون المدني والقوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية لكن رغم ذالك نجده يتضمن المبادئ والأسس العامة للتنظيم الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع مثل النص في الدستور الجزائري لسنة 1960في المادة 52على أن الملكية الخاصة مضمونة ويجب احترامها من طرف الغير , وكذالك في المادة 58 التي تنص على حماية الأسرة ورعايتها وتنظيمها , ويعود إلى القوانين الخاصة تجسيد هذه المبادئ وتفصيلها .

الفرع الثاني : العلاقة مع الفروع المختلطة
نذكر من بين هذه الفروع القانون الجزائي وقانون الإجراءات الجزائية فإذا كان القانون الدستوري يحدد أسس المجتمع ويبين النظام السياسي القائم فيه، فان القانون الجزائي هو الوسيلة الرئيسية لحماية كل ذلك من الإعتداء و المساس به كما يضع الضمانات القانونية لحماية حقوق الإنسان و حرياته من خلال قانون الإجراءات الجزائية.و هكذا يتبين أن المبادئ الرئيسية للقانون الجزائي و لقانون الإجراءات الجزائية نجدها متضمنة في الدستور.ومن الأمثلة على ذلك، بالنسبة للقانون الجزائي: نجد أن الدستور يجرم كل الأفعال التي تنتهك حرمة الإنسان وتمس بحقوقه ...
وبالنسبة لقانون الإجراءات الجزائية ينص الدستور على عدم جواز التفتيش إلا بمقتضى القانون وبأمر صادر من السلطة القضائية المختصة وأن كل مواطن بريء حتى تثبت إدانته طبقا للقانون .

المطلب الثالث : طبيعة قواعد القانون الدستوري
اختلف الفقه بشأن مدى إلزامية القواعد الدستورية، وانقسم إلى إتجاهين الأول إنجليزي بزعامة أستنAustin و الثاني فرنسي بزعامة ديجيDuguit

الفرع الأول: المدرسة الإنجليزية

تعتمد هذه المدرسة في تحديد مدى طبيعة القواعد القانونية و إلزاميتها على مدى توافر عنصر الجزاء المتبدي في الإكراه المادي Contrainte matérielleالذي تضمن السلطة العامة توقيعه بما لها من وسائل ومن هنا يقول زعيم هذه النظرية الفقيه استن أن قواعد القانون الدستوري لا تعدو أن تكون مجرد قواعد آداب تحميها جزاءات أدبية بحتة ذلك أن الحاكم لدى مخالفته لقاعدة دستورية يوصف عمله بأنه غير دستوري لكنه لا يكون مخالفا للقانون بالمعنى الصحيح،مما يستتبع عدم وصفه بأنه غير قانوني (1) .

الفرع الثاني: المدرسة الفرنسية
ترى هذه المدرسة بأنه ينبغي الإعتداد بالجزء المعنوي ، لأن كل قاعدة تحتوي على جزاء يتمثل في رد الفعل الإجتماعي Contrecoup socialعلى حد قول زعيم المدرسة ديجي .
وبهذا فإن كل قاعدة لها جزاءها وإن كان الإختلاف بين القواعد القانونية يبدو واضحا من حيث ذلك الجزاء الذي يبدأ من المعنوي المتمثل في رد الفعل الإجتماعي إلى العقاب الجسماني الذي توقعه السلطة العامة في الدولة ، وعليه فإن أصحاب وأنصار هذه المدرسة يقرون بأن قواعد القانون الدستوري هي قواعد قانونية بالمعنى الصحيح

( 1 ) الأستاذ سعيد بوالشعير , القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة , الجزء الأول ,الطبعة السابعة , ديوان المطبوعات الجامعية ,الجزائر ،2005 ص : 155


الخاتمة



بهذه الكيفية فإن القانون الدستوري لم يعد منحصرا في مجرد الدراسة التحليلية وشرح أحكام القواعد الدستورية، بل تجاوزه إلى دراسة و فهم المؤسسات برمتها و النظم التي توجد فيها. الشيء الذي جعلهم يتقيدون أيضا بمختلف مناهج العلوم الإجتماعية وما تتطلبه الحياة السيسيولوجية من تطورات لكي يستطيع أن يواكبها ويخدمها في نفس الوقت وأن لا يكون جامدا إثر التطورات و التحولات الداخلية و الخارجية التي تستهدف المجتمع الدولي .
0
inShare Read more: بحث حول مفهوم القانون وخصائصه - منتديات الحقوق و العلوم القانونية https://www.droit-dz.com/forum/showth...#ixzz1e9k804qi

بحث حول مفهوم القانون وخصائصه


خـــــطــــــة الـبـحـــــــث


 مـقـدمــــــة.

 المـبحث الأول: تحديد مفهوم القانون.
 المطلب الأول: أصل كلمة القانون، ومدلولها.
 المطلب الثاني: القانون بمعناه الواسع وبمعناه الضيق.

 المـبحث الثاني: خصائص القاعدة القانونية.
 المطلب الأول: القانون مجموعة من القواعد الاجتماعية.
 المطلب الثاني: القاعدة القانونية عامة ومجردة.
 المطلب الثالث: القاعدة القانونية ملزمة.

 المـبحث الثالث: التمييز بين القواعد القانونية وغيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى.
 المطلب الأول: القواعد القانونية وقواعد المجاملات والعادات.
 المطلب الثاني: القواعد القانونية والأخلاقية.
 المطلب الثالث: القاعدة القانونية وقواعد الدين.


..
مـــــقــــــد مــــــــــة



إن المدخل إلى دراسة أي علم من العلوم، إنما يهدف عادة إلى التعريف بهذا العلم وإعطاء المعلومات الأولية عنه وبيان خصائصه التي تميزه عن باقي العلوم الأخرى وشرح مبادئه العامة وأفكاره الرئيسية بصورة تمهد لدراسة ذلك العلم نفسه فيما بعد. ولا شك أن المجتمع الذي تخلو ربوعه من ظلال القانون سيكون بمثابة غابة يأكل
القوي فيها الضعيف فتتعثر مسيرة الحياة، ويطغى الاضطراب وعدم التوازن فيها. وعلى العكس من ذلك يكون الأمر في المجتمع الذي يعيش تحت ظلال القانون حيث ترى التوازن بادياً فيه، إذ أن تشبع فكر أبناء ذلك المجتمع بمبادئ القانون أضفى عليه صفة الاستقرار تلك، فالإيمان بضرورة وجود القانون وحتمية الامتثال لقواعده دليل على رقي فكر المجتمع وهذا هو شأن دراستنا "لمدخل القانون"، الذي لا يعدو أن يكون دراسة تمهيدية وشرح المبادئ العامة المشتركة في العلوم القانونية لتسهل لنا نحن طلاب العلم معرفة القانون وفهمه وتساعدنا على استيعاب أبحاثنا التي تلقى علينا في مشوارنا الدراسي...ولتحقيق ذلك تطرقنا في بحثنا هذا على تبيان ماهية القانون بدراستنا للقسم الأول من أقسام القانون ألا وهو التعريف بالقانون وبيان خصائصه...حيث أستهل البحث بتحديد مفهوم القانون ثم تطرقنا إلى خصائص القاعدة القانونية خالصين إلى التمييز بين القواعد القانونية وغيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى...فتلك أسس و مبادئ لابد من التطرق لها في دراستنا لهذا الموضوع بغية إيضاح الأحكام والمبادئ العامة التي تستند إليها القوانين بكافة فروعها...فالقانون بكل فرع من فروعه يحفظ ويحمي حقوقا متعددة للأفراد والدولة وهو يرمي إلى تنظيم المجتمع تنظيما من شأنه العمل على تحقيق الخير العام للأفراد وكافة المصلحة العامة للمجتمع ويعمل على صيانة الحريات للأفراد ومصالحها الخاصة، فالقانون أمر لابد منه، ولا يتسنى لمجتمـــع من المجتمعات مهما كانـــت درجة ثقافته أن يتملص نهائيا من وضع قواعد يمكنه من خلالها تسيير أموره. بناءاً على ما تقدم من حتمية وجود القانون في المجتمعات نعرف أن هناك أسباباً لنشأة القانون، ولنــــا أن نتساءل لماذا بات وجود القانون ضرورة حتمية في المجتمع البشري؟..




المبحث الأول
تحديد مفهوم القانون

المطلب الأول: أصل كلمة قانون
إن كلمة "قانون" كلمة معربة يرجع أصلها إلى اللغة اليونانية فهي مأخوذة من الكلمة اليونانية Kanun ومعناها العصا المستقيمة أي النظام أو المبدأ أو الاستقامة في القواعد القانونية، وقد انتقلت هذه الكلمة إلى عدة لغات الفرنسية Droit والإيطالية Diricto واللاتينية Directus والإنجليزية Law، مما سبق يتضح لنا أن كلمة القانون تستخدم كمعيار لقياس مدى احترام الفرد لما تأمر به القاعدة أو تنهاه عنه أو انحراف عن ذلك فإن هو سار وفقا لمقتضاه كان سلوكه مستقيما وإن هو تمرد عنها منحنيا غير مستقيم.
مدلول كلمة قانون: يطلق مصطلح القانون على كل قاعدة ثابتة تفيد استمرار أمر معين وفقا لنظام ثابت فهو يستخدم للإشارة إلى العلاقة التي تحكم الظواهر الطبيعية أو للإشارة إلى العلاقة التي تحكم قواعد السلوك فيقال مثلا قانون الجاذبية وقانون الغليان وقانون العرض والطلب إلا أنه في مجال العلوم الاجتماعية وبصفة خاصة في مجال الدراسات القانونية ينصرف اصطلاح القانون بصفة عامة إلى مجموعة القواعد التي تطبق على الأشخاص في علاقاتهم الاجتماعية ويفرض عليهم احترامها ومراعاتها في سلوكهم بغية تحقيق النظام في المجتمع. ويمكن تعريف القانون بمعناه الواسع ثم تعريفه بمعناه الضيق...

المطلب الثاني: القانون بمعناه الواسع و بمعناه الضيق
 القانون بمعناه الواسع: مجموعة القواعد العامة المجردة التي تهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع، والمقترنة بجزاء توقعه السلطة العامة جبرا على من يخالفها. وهذا التعريف يشمل معه أيضا القواعد المعمول بها في المجتمع حتى لو كانت من قبيل العرف أو الدين أو الفقه أو القضاء.
 القانون بمعناه الضيق: هو مجموعة القواعد الملزمة التي تصدرها السلطة التشريعية لتنظيم علاقات الأفراد ببعضهم أو علاقاتهم بالدولة في أحد مجالات الحياة الاجتماعية(1).

المبحث الثاني
خصائص القاعدة القانونية

القاعدة القانونية تعتبر الخلية الأساسية التي يتألف منها القانون بمعناه العام. وهي خطاب موجه إلى الأشخاص في صيغة عامة له قوة الإلزام(2).
المطلب الأول: القانون مجموعة من القواعد الاجتماعية
القانون ظاهرة اجتماعية فلا قانون بلا مجتمع إذ هو تلك المجموعة من القواعد السلوكية التي تنشأ لتنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع ليفض ما قد ينشأ بينهم من تضارب ويحل ما عسى أن يثور بينهم من خلافات بحيث أنه إذا لم يوجد مجتمع فلا تقوم الحاجة إلى القانون، ويستوي أن يكون مصدر هذه القواعد هو التشريع أو مصدر قانوني نعترف به. وهذا القانون الموجه إلى الأشخاص إما أن يتضمن أمرا لهم بالقيام بفعل معين، أو نهيا عن القيام به، أو مجرد إباحة هذا الفعل دون أمر به أو نهي عنه. وفى إطار المجتمع الإنساني فإن المقصود بالمجتمع هنا ليس هو مجرد اجتماع عدد من الأشخاص لقضاء حاجة ما كالاستمتاع بمنظر طبيعي، أو مشاهدة عرض معين، ولكن
المقصود بالمجتمع الذي على قدر معين من الاستقرار أي المجتمع السياسي المنظم الذي يخضع أفراده لسيادة سلطة عامة تملك عليهم حق الجبر والقهر حتى ولو لم يتخذ هذا التنظيم السياسي شكل الدولة بمعناها الحديث. كما أن القانون لا يهتم بسلوك الإنسان إلا فيما يتصل بتنظيم العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع أي السلوك المتصل بالجماعة دون غيره من أنواع السلوك الأخرى التي ليست لها ذات الصفة.


المطلب الثاني: القاعدة القانونية عامة ومجردة
وتعني أنه يجب أن تكون موجهة للعامة بصفاتهم لا بذاتهم، وإذا كان الغرض منه هو تنظيم الوقائع فإنه يجب أن ينظمها لا بعينها ولكن بشروطها وأوصافها. ومعنى ذلك أن القاعدة القانونية يجب أن لا تخص شخصا معينا بالذات أو تتعلق بحادثة معينة، بل يجب أن تكون قابلة للتطبيق على كل من يمكن أن تتوافر فيهم الصفات والشروط التي تنص عليها. ولا يخل بعمومية القاعدة القانونية أن توجد قواعد تخاطب فئات معينة من الناس كالتجار أو المحامين أو الأطباء أو المهندسين أو الصحفيين. لأن هذه القوانين قابلة لأن تنطبق على فرد في المجتمع إذا توافرت فيه الصفة التي حددتها كشرط لتوجيه الخطاب، كما أنها تخاطب أفراد هذه الفئات بصفاتهم لا بذاتهم.

المطلب الثالث: القاعدة القانونية ملزمة
أي أن القاعدة القانونية يجب أن تتصف بالصبغة الإلزامية ونقصد بذلك أن يكون للقاعدة القانونية مؤيد أو جزاء، بحيث يجبر الأشخاص على إتباعها ويفرض عليهم احترامها ولو بالقوة عند الاقتضاء. ويتميز الجزاء القانوني بأنه مادي ملموس ويتمثل في كافة الوسائل والإجراءات التي تتخذها الدولة، ممثلة في سلطاتها المختلفة لضمان نفاذ المخالفة أصلاً، أو عن طريق معالجة الوضع الذي أدت إليه المخالفة أو عن طريق ردع من قام بمخالفة القانون وإعادة إصلاحه. وإلزام القاعدة القانونية هو الخاصية التي تميزها عن قواعد الأخلاق والدين. ولهذا نقول بأن القواعد القانونية تكون دائما ملزمة للأشخاص و تبرز خاصية الإلزام في الجزاء الذي يوقع على من يخالف تلك القاعدة القانونية.


المبحث الثالث
التمييز بين القواعد القانونية وغيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى

إذا كان القانون يهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع فليس هو وحده الذي يهدف إلى ذلك، إذ توجد إلى جواره قواعد أخرى تصبو لتحقيق ذات الهدف أهمها قواعد الدين وقواعد المجاملات وقواعد الأخلاق من ناحية أخرى.
المطلب الأول: القواعد القانونية وقواعد المجاملات والعادات
تعتبر قواعد المجاملات والعادات والتقاليد مبادئ سلوك يراعيها الناس في علاقاتهم اليومية كتبادل التهاني في المناسبات السعيدة مع الأهل والأصدقاء، ومبادلتهم شعور الحزن والتعزية في المناسبات المؤلمة والكوارث وتبادل التحية عند اللقاء وغير ذلك من العادات المستقرة في ذهن الجماعة. إن هذه القواعد تختلف عن القواعد القانونية من حيث الغاية والجزاء فالغاية من قواعد القانون هي تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على كيان المجتمع أما المجاملات فهي علاقات تبادلية لا ترقى إلى تحقيق الخير العام بل تقتصر على تحقيق غايات جانبية يؤدي عدم تحقيقها إلى الانتقاص من المصلحة العامة واضطراب المجتمع. أما من حيث الجزاء فإن الخروج عن قواعد المجاملات يؤدي إلى تدخل السلطة العامة لإجبار الأفراد على احترامها كما هو الشأن بالنسبة للقواعد القانونية.

المطلب الثاني: القواعد القانونية والأخلاقية
قواعد الأخلاق هي قواعد سلوكية اجتماعية يعتبرها غالبية الناس قواعد سلوك ملزمة ينبغي على الأفراد احترامها وإلا استحقوا سخط الناس، فهذه القواعد تهدف إلى فعل الخير والوفاء بالعهود وغيرها من المثل العليا في المجتمع، إن هذه القواعد تختلف عن القواعد القانونية من حيث الغاية والجزاء، من حيث الغاية القانون يهدف إلى تحقيق غاية نفعية هي حفظ النظام داخل المجتمع، أما الأخلاق فهي تهدف إلى تحقيق غاية مثالية لأنها تهدف إلى الارتقاء بالسلوك الإنساني إلى المستوى النموذجي الذي ينبغي أن يكون عليه هذا السلوك، فالقاعدة

القانونية تنظم سلوك الأفراد في المجتمع مستهدفة حفظ النظام والاستقرار ومراعية في ذلك ما هو كائن بالفعل، ومتخذة من الشخص
العادي نموذجا لها، أما قواعد الأخلاق فتهدف إلى السمو بالإنسان نحو الكمال، لذلك فهي ترسم نموذجا للشخص الكامل على أساس ما يجب أن يكون لا على أساس ما هو كائن بالفعل. أما من حيث الجزاء فالجزاء القانوني جزاء مادي، محسوس توقعه السلطة العامة، أما الجزاء الأخلاقي فجزاء معنوي يتمثل إما في تأنيب الضمير فيوقعه بذلك المرء على نفسه، وإما في سخط الجماعة واحتقارها للمخالف فتوقعه بذلك الجماعة على من يخرج على الناموس الذي وضعته لنفسها.

المطلب الثالث: القاعدة القانونية وقواعد الدين
يقصد بالدين مجوعة الأحكام والأوامر والنواهي التي أقرتها الشرائع السماوية والمنزلة على الأنبياء والرسل قصد تبليغها للناس للعمل بها. وتختلف القواعد القانونية في الدين من حيث الغاية والجزاء فغاية الأحكام الدينية هي أن الدين بالإضافة إلى اهتمامه بتنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع فهو ينظم أيضا علاقة المرء بربه، وعلاقة المرء بنفسه، كما أنه يحاسب الإنسان على نواياه المحضة فإن كانت خيرا كتبت لصاحبها خيراً، وإن كانت شرا أحصيت عليه شرا مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى.."، أما غاية القانون نفعية لأن قواعده تهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد لتحقيق المساواة والأمن بين أفراد المجتمع. أما من حيث الجزاء فإذا كانت كل من قواعد الدين وقواعد القانون لها جزاء يوقع عند مخالفة أي منهما، إلا أن مضمون هذا الجزاء يختلف في الأولى عن الثانية. فالجزاء القانوني جزاء دنيوي - مادي - حال توقعه السلطة العامة، أما الجزاء الديني فهو جزاء في الآخرة (وقد يصاحبه جزاء دنيوي) مؤجل يوقعه الله سبحانه وتعالى على المخالف.




خــــــــــا تمــــــــــة



مما سبق يتضح لنا أن وجود القانون هو أمر ضروري لا يختلف فيه اثنان من أبناء الجنس البشري، إذ أن وجود القانون أمر يتناسب مع سلوكيات البشر في إدارة حياتهم. بل وجود القانون يتجاوز حدود المجتمعات البشرية ليصل إلى عالم الحيوان، فها هي ممالك الحيوانات بكافة أنواعها تراها قد جبلت وفطرت على الحياة المقننة في حين لم تمتلك تلك الجوهرة الثمينة التي يمكنها من خلالها السمو والارتقاء ألا وهي جوهرة العقل، فكيف بذلك الكائن الذي قد ألقيت بين يديه هذه الجوهرة فهو لم يكن مفطوراً على حب الحياة المنظمة المقننة فحسب، بل كان بمقتضى تملكه للعقل قادرا على سن القوانين التي تنظم حياته على شكل مجموعة من القواعد العامة التي تنظم سلوك الإنسان في علاقته بغيره من بني البشر، يتجل ذلك في احتياج الإنسان إلى القانون لكونه مدني بالطبع، أي ميله إلى الحياة الاجتماعية ونفوره من الحياة الفردية يفرض عليه إنشاء علاقات مع الآخرين، ومع تشعب هذه العلاقات واصطدام مصالح البعض بمصالح البعض الآخر، تصبح الحاجة ملحة إلى وسيلة يمكن من خلالها تنظيم هذه العلاقات. إذن فالقانون ضروري في حياة المجتمع مهما كانت ثقافة ذلك المجتمع و سواء كان بدائياً أم متوسطاً أم مثالياً في ثقافته و أخلاقه، فهو لا غنى له في كل الأحوال عن القانون.


المـــــــــراجــــــــــع



 إسحاق إبراهيم منصور: نظريتا القانون والحق وتطبيقاتهما في القوانين الجزائرية، الجزائر، 1993.
 هشام القاسم، المدخل إلى علم القانون، دمشق، 1978.
 موقع: www.annabaa.org، حيدر البصري، مقال «القانون بين ضرورتي الوجود والعمومية ».