منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التنبؤ بالمستقبل - التفكير الإداري الاستراتيجي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-02-24, 15:32   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
طرطار رضا
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية طرطار رضا
 

 

 
إحصائية العضو










Hourse رؤية الحاضر

ولما كانت رؤية الحاضر كما هو بالفعل تعتبر خطوة مهمة في هذا الصدد، وتوخياً للدقة في هذه الخطوة المهمة فإنه من الضروري الاستفادة من أحدث ما توصلت إليه المعرفة حول عمليتي (التفكير) و (اتخاذ القرار).

التفكير الاستراتيجي

إن عملية التفكير بشكلها المبسط تقع في ثلاثة أقسام رئيسية: الوعي:
(
Concious
)اللاوعي:
(
Subconcious)واللاوعي الابتكاري: (creative Subconscious). ولما كان الوعي هو ما يعنينا في هذا المجال، فسوف نتناوله بشئ من التفصيل.
1 الصورة الذاتية الحقيقية.
2 تخزين المعلومات.
الوعي هو الإحاطة بالأشياء عن طريق ما يسمى بالعقل الواعي. ومن وظائفه (الإدراك من خلال الحواس) و (الربط) و (التقييم) و (صنع القرار). فمن المعروف أن قدرة الإنسان على الإدراك محدودة، فليس باستطاعته الإحاطة بكل أنواع المعلومات الموجودة في هذا الكون باختلاف درجاتها وتنوعها. فمثلاً هناك أمواج صوتية تتعدى حدود السمع البشري (19500 ذبذبة في الثانية)، ولا يمكن للإنسان أن يسمعها بدون أجهزة تقنية معينة تتصف بالقدرة على التقاط مثل هذه الأصوات. وما ينطبق على السمع ينطبق على بقية الحواس. كما أن علينا أن نضع في حسابنا أن إدراكنا يمر في مصفاة أو (فلتر) قوامه الاشتراطات المسبقة أو الماضية، مضافاً إليها أفكارنا الخاصة وعواطفنا التي تدور في داخلنا باستمرار. كما أن غالبية إدراكاتنا تتميز بأنها المعلومات التي تلتقطها الحواس عن الكيفية التي يتكون بها العالم، ثم تسجيلها في البنية النيورونية (العصبية) لخلايا الدماغ. وهذه المعلومات الجزئية المفلترة الغامضة أو المبهمة تتراكم لتشكل ما نسميه فيما بعد ب (الحقيقة).
ونحن نحاول دائماً ربط ما ندركه حولنا مباشرة بما يشابهه في مستودع معلوماتنا بأن نسأل أنفسنا: (هل شاهدت مثل ذلك من قبل؟) فإذا صادفت شبيهاً له مسجلاً في الذاكرة، فإن المعلومة الجديدة تصبح ذات معنى بالنسبة لي. وبالمقابل إذا لم أجد معلومة شبيهة بها مختزنة مسبقاً في اللاوعي فإن المعلومة الجديدة تصنف على أنها ليست ذات معنى بالنسبة لي.
والتقييم ببساطة هو أن أسأل نفسي: (إلى ماذا يحتمل أن يقودني هذا الأمر ضمن بيئتي المحيطة؟ أهو أمر إيجابي سوف يساعدني على تحقيق مهمتى أو أهدافي، أم هو أمر سلبي سوف يبعدني عن غايتي؟).
وتجدر الإشارة إلى أن التطبيق المستمر للمعلومات التي ترد إلينا سيعزز مقدرتنا على صنع القرار بشكل أفضل. فحالما نفهم عملية التفكير بصورة جيدة ونتمعن في سيكولوجية الإدراك، يصبح باستطاعتنا معرفة أمور كثيرة قد تساعدنا في فهم أنفسنا بصورة أفضل. مثل كيفية تكوّن (البقع المظلمة) أو (السكوتوما) وكيف أن أوضاعنا الشرطية السابقة مشفوعة بعوامل أخرى هي التي تقرر ما يسمح له بالوصول إلى دائرة الوعي فينا. كما تجدر الإشارة إلى أنه من المستحيل على الإنسان إلاحاطة بكل شئ، إلا أن بالإمكان توسيع دائرة إدراكه للعوامل المهمة بدرجة كبيرة جداً، مما يجعله قادراً على بناء المستقبل المنشود بصورة أفضل. وحالما نفهم طبيعة (البقع المظلمة) أو (السكوتوما) ونعلم أن المشكلة فيها تكمن في أننا لا نعرف أنها موجودة لدينا، سوف ندرك أننا سنواجه تشكيلة واسعة من أجهزة (الفلترة) الإنسانية في محاولتنا للقيام بعملية التشخيص البيئي المطلوب، فيصبح من المهم جداً أن نتصف بالشعور بالاحترام المتبادل تجاه الاختلافات الفردية الموجودة بين أفراد المجموعة الواحدة. ونحن ندرك كبشر أننا لسنا فقط نميل إلى تعمية أنفسنا عن بعض المعلومات، وإنما نحن ننتقي المعلومات التي نجمعها انتقاء. فما أكثر المرات التي نجد أنفسنا فيها لا نبحث عن الحقيقة المجردة، وإنما نفتش عن معلومات تدعم تصورنا الشخصي لهذه الحقيقة. وعليه يلزم أن نعترف أن الحقيقة تجرح أحياناً وأننا في خضم بحثنا عن الحقيقة كما هي فعلاً، يلزمنا أن نكون على استعداد لتقبل الألم بصدر رحب، متجنبين اتخاذ الموقف الدفاعي بشكل عشوائي.
و (نظام التنشيط المعقد)
RETICULARACTIVATING SYSTEM هو مفهوم رئيسي آخر في بحثنا عن الحقيقة. فإذا كنا لا نعرف ما نبحث عنه كالتفاصيل على وجه ساعة المعصم مثلاً فإننا نمر مرور الكرام ونحجب عن إدراكنا معرفة الوقت. علينا أن نسأل أنفسنا باستمرار عما هو مهم بالنسبة لنا كي يتسنى لنا تشغيل (نظام التنشيط المعقد) الخاص بنا، فنسمح بذلك للمعلومات ذات العلاقة بالدخول إلى دائرة الإدراك فينا، وهذه الطريقة في التفكير ربما تحتاج إلى وقت أطول فحالما نطرح السؤال السابق على أنفسنا علينا أن نتحرك في البيئة من حولنا لكي نلتقط معلومات لم نلاحظها من قبل، وبطرح السؤال يبدأ نظامنا بالنظر في هذه المعلومات باهتمام رغم أننا نراها لأول مرة ويقوم بفرزها وتبويبها وتصنيفها ثم يخرج علينا بالجواب على السؤال: ما هو المهم بالنسبة لأهدافنا من بين هذا الكم الهائل من المعلومات؟ إن (نظام التنشيط المعقد) كفيل بالإجابة على هذا السؤال إذا أعطيناه الوقت الكافي للنظر في كافة الاحتمالات الواردة في المعلومات التي نلتقطها من البيئة المحيطة بنا، وذلك عن طريق التمعن فيما حولنا وتحويل الانتباه بوعي منا من أمر لآخر، دون أن نفقد خط سير أهدافنا التي نسعى إلى تحقيقها.

توسيع الإدراك وتحقيق التصور

(السلوك محكوم بتصورات الإنجاز. فبدون هذه التصورات لا نستطيع تحقيق أهدافنا بنجاح).
(الدكتور- كارل بربيرام)
إن نماذج التفكير التقليدي تقع في أحبولة المنطق والتفسير العقلي وكيفية التنفيذ. ولما كانت هذه التقنيات الفكرية الثمينة ذات قيمة عالية وليس بمقدورنا تبعاً لذلك إهمالها أو التغاضي عنها، فإنا نرغب في إعادة تنظيم عملية الاستفادة منها، وإعادة التنظيم تستلزم النظر إليها من زاوية مختلفة.
نحن نعرف إن الإنسان مخلوق (غائي) بطبعه. وكلمة (غائي) مشتقة من الغاية. ف (الغاية) هي القدرة على البحث عن غايات نهائية أو التوجه إلى أهداف معينة. فنحن نعرف تبعاً لذلك أن فطرتنا مجبولة على أن يكون لنا غايات نسعى إليها، أو هدف مقصود نعمل على الوصول إليه. فلو لم نكن كذلك لسرنا على غير هدى، أو باتجاه ما يشار علينا به دون إرادة معيدين تشكيل أهدافنا ومهماتنا باستمرار كلما تغير ما يشار علينا به. أو ربما بكل بساطة ندمر أنفسنا بأيدينا. ولكي نكون مخلوقات غائية بالطبع يتحتم علينا أن نتملك رؤية أو تصوراً عما سوف نصير إليه أو ننتهي به. كما أنه من الضروري جداً لأي آلية غائية أو نظام تكون الغاية جزء من تكوينه أن يكون لديه جهاز استرجاع
FEEDBACK SYSTEM بالغ الدقة. وبالنسبة للإنسان فإن جهاز استرجاعه المتقن الدقيق هو الحواس، فالحواس لا تتوقف عن التقاط المعلومات المتعلقة بموقعنا من الزمان والمكان بما يتناسب مع اختيارنا لكل منها.
إن الآلية الغائية لديها القدرة على إجراء التصحيحات أثناء تقدمها نحو الهدف. من هنا برزت أهمية وضع المعلومات التي نتلقاها موضع اعتبار من جهة وأهمية الاستمرار في تحسين إدراكنا لتلك المعلومات ومقدار الانتفاع بها أثناء تقدمنا نحو الهدف الجديد من جهة أخرى.
وتجدر الملاحظة هنا أننا لسنا بحاجة إلى طريق محدد وواضح ومؤكد للهدف من الخطوة الأولى، فنحن باستطاعتنا إجراء التعديلات أثناء سيرنا. وعادة في الظروف التي تتصف بنسبة من المجازفة أو المخاطرة تسيطر علينا الحاجة إلى تأكيد كيفية محاولتنا للوصول إلى الهدف، لدرجة أنها تقيد رؤيتنا بنمط معين أو إجراء جديد. فغالباً ما نعتبر الهدف الذي لا نستطيع تحديد كيفية الوصول إليه هدفاً يهدد وظائفنا وأعمالنا.
وبواسطة المعلومات المتوفرة في هذا الفصل بل ومن خلال هذا المنهج بأكمله فيما يتعلق بكيفية عمل العقل سوف نتحقق من أن عبقرية الإنسان الإبداعية تنشط بتخيل الهدف الجديد أو الغاية الجديدة. كما أنه عن طريق السماح لحواسنا باسترجاع حقيقة راهنة بشكل دقيق نحدث توتراً في أجهزتنا مما يخلق دافعاً طافياً ينشد الاستقرار وتعطشاً للوصول إلى الحل. ولو تركزت هذه الطاقة في البؤرة الصحيحة فإنها تدفع بالفرد أو المجموعة إلى ابتكار الأسلوب أو الكيفية الجديدة اللازمة لتحقيق الرؤية أو التصور.
إن في البنية التركيبية لخلايا الدماغ صورة مطبوعة عن الكيفية التي يجب أن تكون عليها الأشياء، سواء فيما يتعلق بالبيئة المحيطة أو على الصعيد الشخصي. وطالما ندرك المعلومات من خلال حواسنا (أي من خلال جهاز التغذية الاسترجاعية الخاص بنا) بطريقة تتطابق مع