منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - *«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»*
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-03-21, 18:25   رقم المشاركة : 259
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الأدب الإسلامي: العلامة محمد إقبال أنموذجاً


يعتبر العلامة و الفيلسوف محمد إقبال - رحمة الله عليه - رائدا مـن رواد الأدب ، و مـن أبـرز الشخصيات الاسلامية الموسوعية التي أسهمت في اثراء الفكر الإسلامي، و تقديم فكـر تجديدي لتصحيح حال المسلمين في زمن يرضخ فيه العالم الإسلامي تحت الاستعـمـار.
لقـد اهتم الكثير من الدارسين بفكر إقبال ، و فلسفته الداعية الى الوحدة الاسـلامـية ، و لـم شمل المسلمين ، و نظريته الداعية الى وطـن قـومـي للمسلمين( الأمة الاسلامية) في شبه القارة الهندية ، و التي أوضحها في خطابه ممثلا لرابطة مسلمي عموم الهند عام 1930م ، و أدت الى قيام دولة باكستان الاسلامية على يـد السيد/ محمد علي جناح في عام 1947م . و التي نجد صداها في مؤلفاته في الفكر و الفلسفة الاسلامية بالاضافة الى مؤلفاته الأدبية باللغتين الأردية و الفارسية ، حيث أنـشـد قصائده الشعرية في المحافل الدولية الأدبية و الدينية بغرض ايـقـاظ الـشعـور في قـلـوب المسلمين في كل مكان. و هو المولود في بيت عـلـم في التاسع من نوفمبر لعام 1877م في مدينة سيالكوت في شبة القارة الهندية تحت ظل الاستعمار الانجليزي ، و مـن أسرة براهمية الأصل الا أن الله شرفها بالاسلام منذ ثلاثة قرون قبل مولد اقبال ، و هاجرت الى البنجاب هربا بدينها من الاضطهاد الهندوسي ، و كان نابغـا في دراسته، وقال الشعر في سن مبكرة، وكان ينطق بالحكمة الإسلامية ، و يفتخر أن صوته من عدنان كناية عن انتسابه الى الأمة الاسلامية و لغة القرآن ، حيث يقول :
أرشد براهمة الهنود ليرفعـوا *** الإسلام فوق هياكل الأوثان
ان كان لي نغم الهنود ولحنهم *** لكن هذا الصوت من عدنان
إذا كان شعر إقبال فارسي اللغة، فإن المضمون نابع من الروح الاسلامية ، حـيث القرآن الكريم، و سيرة الرسول عـليه أفضل الصلاة و السلام ، و أمجاد الأمة الإسلامية و تاريخها المجيد ، و هي قواسم مشتركة بين الأدبين العربي و الفارسي نتيجة دخول الاسلام الى بـلاد فـارس و السنـد. و يتم دراسة أدب إقبال في عالمنا العربي مـن واقع الكتب المترجمة إلى اللغة العربية ، و ذلك بمعرفة المختصين في الأدبين العربي و الفارسي .
و أثمرت الترجمة عـن دراسات مـعـمقة في الأدب المقارن، و من أشهر الرواد في هـذا المجال العالم الدكتور عبدالوهاب عـزام – رحمة الله عليه - الذي ترجم مـن الفارسية الى العربية و نخص منها الترجمات الخاصة بمؤلفات إقبال - على سبيل المثال لا الحصر- مثل( تأملات – دعـاء – الله الصمد – الربيع – الوحدة – مختارات من ديوان ضرب الكليم - ديوان أسرار خودى). كما ترجم الشيخ الصاوى علي شعلان – رحمة الله عليه - قصائد اقبال الى العربية، و أشهرها قصيدة حديث الروح، وكان شغوفا الى درجة قوله( اسـقيني من جام أشعار إقبال) تعبيرا لحبه و تقديره لهذه الشخصية الاسلامية. و مـن الدراسات الحديثة في هـذا المجال كتاب الدكتور/ خالد عباس أسدي – باكستاني- المعنون(محمد إقبال – قصائد و دراسات). و القصائد الواردة في هـذا المقال منقولة مـنه ، حيث أرى أنـه مـن أفضل المراجع المعاصرة بسبب إتقان المؤلف للغة العربية بحكم دراسته الطـب في القاهرة . بالإضافة إلى معرفته للواقع الثقافي في شبه القارة الهندية و لغاتها و ظلالها على أدب العلامة محمد إقـبال.

ان العناصر الأساسية للإطار المعرفي في قصائد إقبال، بدءًً من البعد الديني الاسلامي، و التاريخي عربيا و اسلاميا ، و البعد الجغرافي واضح المعالم في نظريته الداعية الى وطن قومي للمسلمين (الأمة الاسلامية)، كذلك قدرته على توظيف ثقافات الشعوب، و التي هضمها أثناء مراحل دراسته الا أن الاسلام دائما ينتصر في النهاية حسب رؤيته الفلسفية و التي يؤمن بها، قصيدة حديث الروح(اذا الايمان ضاع فلا أمان / و لا دنيا لمن لم يـحى دينا ، و من رضى الحياة بغير ديـن/ فقد جعل الفناء لها قرينا ، و في التوحيد للهمم اتحاد/ و لم تبنوا العلا متفرقينا ، ألم يبعث لأمتكم نبي/ يوحَـدكم على نهج الوئام ، و مصحفكم و قبلتكم جميعا / منار للأخوة و السلام ، و فوق الكل رحمن رحيم/ إلـه واحد رب الأنام).

ان الرؤية نابعة من عـقيدته و ايمانه بالله الواحد الأحد الذي يبعث في النفس الراحة و الأمان بالتسليم و التفويض لله . و هـذه الصورة الفنـية عـن المسلم يـقـابـلهـا صـورة أخـرى للكافـر التـائـه نتيجـة التخبط في الحياة و عدم الإيمـان بالله ، و مقارنـته مع المسلم(إنما الكافر حيران/ له الآفاق تيه ، و أرى المؤمن كـونـا / تـاهـت الآفـاق فـيه). و ينقـلـنـا هـذا الأمـر إلى قراءة التجربة الشعورية بما فيها مـن الوجدان و الخواطر المفعمة بالقيم الإسلامية التي تربى عليها في نشأته الأولى في بـيت إسـلامـي تـتـوافـر فـيه الـروافـد التالية :
** القرآن الكريم .
** السنة النبوبة المطهرة.
** التاريخ الإسلامي المجيد.
** المعرفة و التجارب الإنسانية.

الرافد الأول: القرآن الكريم :
يمكن القول أن القرآن الكريم من أهم المصادر الأساسية في رؤاه و فكره حيث الصوت العدناني الذي يفخر بــه مـا هـو إلا اشــارة إلى القرآن الكريم الذي أقـبل عليه يستهلمه منذو نـشـأتـه الأولـى، وكان ان سأل اباه ، وكان عالما تقيا ورعا ، كيف تكون قراءة القرآن بالحفظ ام الفهم؟ بالجهر ام بالخفوت؟ هنالك نصحه الأب بعـبارة بسيطة قال فيها مخاطبا ابـنـه ( اقرأ القرآن كأنه قد انزل عليك)، و في رواية أخرى أن الفضل يعود الى والده حيث يقول( اعتاد أبي أن يسألني كل صباح حين يراني منكبـا أقرأ القرآن، ماذا تصنع؟ فأجيبه:أقرأ القرآن، وظل على ذلك ثلاث سنين يسأل نفس السؤال وأجيب نفس الجواب حتى كان يوماً فقلت له: ولكن لماذا تسألني عن شيء أنت أعلم بجوابه؟ فقال: إنما أردت أن أقول لك اقرأ القرآن وتعمق به واستغرق في معانيه وليست قراءة معتادة فقط ، ومنذ ذلك اليوم بدأت أتفهم القرآن وأُقبل على معانيه)، و هذا المصدر الأول في ثـقـافته نـجـد أثـره في عبارة أوجزها في كلمات إهدائة المصحف الى ملك أفغانستان / نادر شاه ، حيث كتب ( ان هذا الكتاب رأس مال أهل الحق، في ضميره الحياة و في سطوره الحق و العزة و العدل).

الرافد الثاني : السنة النبوية المطهرة :
يعتبر الحديث الشريف و السيرة النبوية المباركة ، المصدر الثاني ، حيث نجـد الكثير من العلامات و الاشارات الدالة على ذلك( نحن أزهار كثير العدد / واحدة الطيب و الرائحة/ لماذا لا أحبه و لا أحسن اليه و أنا انسان ..؟/ و قد بكى لفراقه الجذع ../ و حنت اليه سارية المسجد ../ إن تربة " المدينة " أحب إلـًى من العالم كله ../ و أنعم بمدينة فيها الحبيب). و يحدثنا عـن هذا الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة و السلام في كتابه ( إسرار خو دى ) حيث يقول( ان هذا السيد الذي داست امته تاج كسرى و قيصر كان يرقد على الحصير/ ان هذا السيد الذي نام عبيده على أسرة الملوك كان يبيت ليالي لا يكتحل بنوم)، و في مقطع أخر( اذا كان في الصلاة فعيناه تهملان دمعا / واذا كان في الحرب فسيفه يقطر دما ../ لقد فتح باب الدنيا بمفتاح الدين ../ بـأبي هو و أمى ../ لم تـلـد مثله أم ، و لم تـنجب مثـله الانسانية ..). و كل أفعال النبي عليه أفضل الصلاة و السلام ، نماذج يقتدى بها و يسير على نهجها تاريخياً و إجتماعياً ، حيث يتضمن اطاره المعرفي قصة بنت حاتم الطائي لتكون نموذجاً للسماحة الإسلامية ، بالإضافة إلى صورة الحاتمية مطرقة رأسها لتكون تعبيراً عـن حال المسلمين في عصره شرقاً و غرباً ( جاءته بنت حاتم أسيرة مقيدة سافرة الوجه خجلة مطرقة رأسها .../ فاستحيا النبي منها و ألقى عليها رداءه / و نحن "اليوم" أعرى من السيدة الطائية / نحن عراة أمام أمم العالم ../ نحن المسلمين من الحجاز و الصين و ايران و أقطار مـخـتـلـفة غيض من فيض واحد ).

الرافد الثالث: التاريخ الإسلامي المجيد :
لقد نهل اقبال روح الإسلام منذ نعومة أظفاره ، و باشراف والده معلمه الأول، الذي أدبـه بروح الاسلام ( تذكر يا بني جلال المحشر يوم تجتمع أمة خير البشر ، كن يا بني برعما مزهرا في غصن الملة المحمدية ، و كن زهرة تحيا بنسيم قليل من ربيع المصطفى)، الـزهـرة التي تنبت في بيئة إسلامية ، تكون رمـزاً لتاريخ مجيد ضارب في الأعماق ، و البـدايـة التي شكلت ثقافته و رقة الشعور و بناء الفكرة الصادقة و تـقـلد مفاتيح العلم ، و لا غـرابة في ذلك فهو ابن الاسلام و التاريخ المجيد ، حيث يقول :
قد كان هذا الكون قبل وجودنا ** روضـاً وأزهـاراً بغــير شـميم
لما أطـل محـمـداً زكـت الـربـى ** وأخضر في البستان كل هشيم
هــل أعـلن الـتوحيـد داع قـبـلنا ** وهـدى الشعوب إليك والأنـظار
رحماك رب هـل بـغـير جـباهـنا ** عـرف السجـود ببيتك المعـمور
كانت شفاف قلوبنا لك مصحفاً ** يـحـوي جـلال كتابك المسطور










رد مع اقتباس