منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - النزوح الريفي
الموضوع: النزوح الريفي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-02-23, 13:31   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
عالية سوسن
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

واقع الهجرة الريفية في الجزائر
لقد حدثت هجرة كبيرة في الجزائر لسكان الأرياف إلى مراكز الحضرية وخاصة المدن الكبرى وهي هجرة مستديمة في اغلب الأحيان تعود إلى ظروف وأسباب تاريخية بعيدة عرفها مجتمعنا أجبرت الفلاحين على الاندماج بصورة جماعية في سوق قوة العمل الريفية أولا ثم الحضرية ثانيا و ذلك بعد تجريدهم من أراضيهم ثم اشتدت هذه الظاهرة في الجزائر منذ سنة 1948 التي بلغ فيها عدد سكان المدن حوالي المليونين نسمة وقبل هذا التاريخ بقليل لم تتجاوز نسبة سكان المدن إلى سكان الريف 22% فارتفعت النسبة إلى ما يقارب من 30%سنة 1960 ثم ارتفع عدد سكان المدن في الستينات إلى 2950.000 نسمة و سكان الريف الى6950.000نسمة و تؤكد المعطيات المتوفرة حاليا عن التعدادات السكانية إن نسبة النمو الحضري في الجزائر هي في تزايد مستمر حيث انتقلت نسبة النمو من31%في سنة 1966 إلى 41%سنة 1977 والى 49/ %سنة 1989 والى حوالي 50/%سنة 1998 ونذكر في هذا الصدد إن الهجرة الريفية في الجزائر بلغت 130000الف نسمة ما بين عامي 1973و1977 مما عادى إلى زيادة الأعباء على المدن والمراكز الحضرية و تفاقم المشاكل الاجتماعية بها. [1].ومن خلال هذا يمكننا ان نحدد الهجرة الريفية في الجزائر الى ثلاث مراحل وهي:
المرحلة الأولى 1954-1962:تضاعف عدد سكان المدن في هذه المرحلة بسبب سياسة التدمير المنظم للريف والقرى التي انتهجها الاستعمار،مما اجبر السكان على الزحف نحو ضواحي المدن التي عجزت عن توفير شروط الاستقبال الضرورية للنازحين.
المرحلة الثانية1962-1970 :أصبحت الأرياف غداة الاستقلال بسبب وضعيتها المزرية والتدمير الذي لحق بها أثناء الحرب،تطرح صعوبات أمام استقرار السكان وخاصة فئة الشباب التي لجأت إلى المدن هروبا من البطالة وطلبا لحياة أفضل وغالبا ما كان الانتقال الى المدينة دون عودة.
المرحلة الثالثة1970الى يومنا هذا:أدت مجهودان الانتماء الاقتصادي منذ بداية السبعينات والتي غالبا ما تمركزت في المدن إلى استيعاب أعداد كبيرة من سكان الأرياف وتضخم عدد سكان المدن مما أدى إلى إفراز أزمات حادة :
-جز المرافق المختلفة عن توفير الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والتوظيف.
-ظهور الأحياء القصديرية الهامشية ببناءات فوضوية وما تطرحه من مشاكل عويصة ، ويبقى دور التهيئة العمرانية ضروريا حتى تتمكن المدن من القيام لوظيفتها المنوطة بها.
1-2 أسبابها و دوافعها:
إذا كانت الهجرة الريفية في الجزائر تعود إلى أسباب وظروف تاريخية بعيدة أجبرت الفلاحين على الهجرة نحو المدن فان المعدل المرتفع الذي عرفته هذه الهجرة يعود أساسا إلى السياسة الاقتصادية الوطنية وما أحدثته من أثار وتحولات على سوق قوة العمل وعلى التوازن بين الريف والمدينة حيث إن حركة التصنيع التي شهدتها البلاد خلال السبعينات و بداية الثمانينات كانت مسؤولة غالى حد كبير على هجرة أعداد هائلة من العمال الريفيين غالى المراكز الحضرية حيث توجد المركبات الصناعية ذالك بحثا عن فرص العمل المتاحة هناك وبذالك لم تصبح الأرض بشكل عام تستقطب الشباب واليد العاملة المتخصصة خاصة منذ ان ظهرت وظائف التشغيل في مختلف القطاعات الأخرى كالتصنيع والبناء و الأشغال العمومية وغيرها .
كما ان الفوارق الكبيرة في الأجور والخدمات الاجتماعية التي يحظى بها عمال الصناعة وبقية القطاعات الأخرى قد شكلت عوامل جذب قوية بالنسبة للأيدي العاملة الريفية والفلاحية منها خاصة ،كما تعود هذه الهجرة إلى عوامل وأسباب أخرى كعدم توفير وسائل الحياة الضرورية بالأرياف من طرق و مواصلات وكهرباء و فرص للعمل ومرافق صحية وهياكل تعليمية وغيرها من الخدمات الاجتماعية والامتيازات التي تحظى بها المناطق الحضرية. [2]
1-3 الآثار المترتبة عن الهجرة:
إن الهجرة كظاهرة اجتماعية واقتصادية تلعب دورا هاما في خلق خلل اقتصادي واجتماعي تنعكس أثاره على مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ، وبناءا على ذلك فقد لعبت الهجرة الريفية في الجزائر دورا من هذا القبيل حيث أدت إلى مايلي:
-تضخم المدن سكانيا فقد أدت الهجرات الريفية المتزايدة في حجمها والمستديمة أحيانا إلى ازدياد الكثافة السكانية بالمدن حيث أصبحت نسبة السكن الحضري 41/ % ونسبة السكن الريفي 59/% وازداد عدد المراكز الحضرية إلى أكثر من 190 مركزا.
-خلق المزيد من المشكلات الاجتماعية سواء التي تتصل بالإنتاج أو فرص العمل أو بالخدمات الاجتماعية كالسكن و التعليم والصحة والمواصلات والمواد الغذائية وغيرها وهي مشاكل ترتبط إلى حد كبير بازدياد الكثافة السكانية وهي مشكلة تزداد خطورة وتعقيدا في الدول السائرة في طريق النمو أنها مشكلة تتفاقم مع الفقر وتخشى بها المجتمعات السائرة في طريق النمو أكثر من غيرها حيث لا توجد مشكلة تشغل بال الاجتماعين و السياسيين اليوم أكثر من مشكلة حفظ التوازن بين تزايد عدد السكان من جهة المواد الغذائية من جهة أخرى. [3].
-ظهور البناءات الفوضوية والبيوت القصديرية وانتشار البنايات على حساب الأراضي الخصبة هذا ما اثر على البيئة وأدى إلى تشويه الطبيعة.
2- واقع الفقر في الجزائر وعلاقته بالبيئة:
يعتبر الفقر من أبرز الظواهر الاجتماعية المعقدة والتي تسبب فيه عدة عوامل، فهو ظاهرة منتشرة في جميع أنحاء العالم ولا تقتصر على جزء جغرافي واحد، فهي في الحضر كما هي في الريف وتوجد بين الأصحاء والمعافين جسديا، كما توجد بين الذين يعانون عاهات أو نقصا في القدرات، فهي تستفحل بشكل أكبر في الأقطار الأقل نموا وهي تقل مع ارتفاع مستوى التعليم وتنخفض مع انخفاض عدد أفراد الأسرة، ولهذا اختلف العلماء في تحديد مفهوم الفقر وإعطائه تعريفا شاملا.
2-1 مفهوم الفقر:
لغة: هو مكسور الفقار والفقار عظم الظهر[4]
وهو ضد الغنى ويُقال فقر فلان أي قل ماله [5]
اصطلاحا: الحاجة والعوز وحالة من لا تكفيه موارده[6]
وهو عدم القدرة على تحقيق مستوى من المعيشة المادية ويمثل الحد الأدنى المعقول والمقبول في مجتمع ما من المجتمعات في فترة زمنية محددة[7]. وهناك من يرى وينظر الى الفقر في ضوء عيش الكفاف كالدخل والحاجات المطلوبة اجتماعيا أو الحرمان النسبي كالنقص في بعض الموارد الضرورية للعيش مثل الغذاء وظروف المعيشة وأسباب الراحة المتعارف عليها وفي هذا الصدد يفرق عبد الله محمد قسيم بين مفهومي للفقر ويرتبط الأول بحياة الكفاف وذلك بتوفر مستوى من الدخل الضروري لشراء احتياجات الأسرة الضرورية من مسكن وملبس وماء، وأما الثاني فيرتبط الفقر بالحرمان النسبي ويشمل المشاركة الاجتماعية في الحياة اليومية بسبب انخفاض الدخل وهناك من يعتبره بمثابة إحباط وظيفي في البناء الاجتماعي. أما عبد الباسط عبد المعطي: فيعرفه على أنه حالة بنائية ملازمة لأسلوب إنتاجي يتميز ببروز تمايزات خاصة ناجمة عن الملكية الخاصة والتمييز بين أنماط العمل اليدوي والعقلي وتحديد الأمور بناءً على ذلك، ويفسر الفقر بما يتبع ذلك من تناقضات في العلاقات التي تملك والتي تكون مجبرة على بيع ممتلكاتها وبيع عمليها الذي تتحكم فيه الطبقات التي تحوز عل وسائل الإنتاج في المجتمع[8].
التعريف الاجتماعي للفقر Sociological وهم أولئك الذين يحصلون على إعانة للرفاهية من المجتمع وهو الحد الأدنى لمستوى الدخل وهذا الدخل الذي يحصل عليه الفرد عندما يكون مقيدا في قوائم الإعانة الاجتماعية[9] وهناك من يرى الفقر على أنه عجز في تحقيق الحاجات المادية والمعنوية للفرد[10] فأدام سميت يرى أن مصطلح الفقر يستدعي أمرين وهما تلقائية الروح وفكرة اللامساواة، فالفقر بدون شك هو مقيد الإنسان إلي الحاجة فكفاية كل نفس تعطي مشاعر الطمأنينة و العكس إن عدم الكفاية يؤدي إلى قلق زماني[11]. فالفقر إذاً هو أساس رأس إذ أنه يساعد على تفاقم المشاكل كما أنه يهدد الثبات والترابط الاجتماعي سواءً للأسرة بالدرجة الأولى والمجتمع بالدرجة الثانية وحتى تستطيع الدولة الخروج من نطاق العوز والفقر لا بد لها أن توظف جميع طاقاتها الإنتاجية سواء على مستوى المجتمع الرقي أو الحضري وذلك للنهوض بجميع القطاعات للخروج من مشاكلها[12].
إن استمرار تفاقم وانتشار رقعة الفقر إنما يعود وبصفة كبيرة غالى غياب التنمية الاقتصادية واجتماعية حقيقية، فضياع التنمية وغياب انتعاش اقتصادي حقيقي انعكس على مستوى الرفاه الاجتماعي للسكان وساهم في تعقدي الوضعية أكثر من ذي قبل ولاسيما في ظل القيود التي فرضتها التحولات الجديدة تماشيا وآليات السوق، فتدهور الأوضاع الاجتماعية وتعميق اللامساواة أدى غالى بروز نسبة كبيرة من السكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر قد تضاعف يوما بعد يوم.
.2-2 الفقر في الجزائر أثناء الاستعمار׃
لقد انتهجت فرنسا سياسة ساهمت في تفقير الجزائريين وجعلهم تابعين غذائيا للمنتجات الفرنسية وتتمثل أهم العوامل التي أدت الى إفقار الجزائريين فيما يلي:
ربط تصنيع الجزائر باقتصاد فرنسا وجعل الجزائر مصدر للموارد الغذائية الأولية من خلال التركيز على الصناعات الخارجية إصدار عدة قرارات حكومية يتم بمقتضاها مصادرة أراضي جزائرية منها أراضي العرش 1932 وأراضي القبائل وفق قرار جويلية 1846 قرارات قضائية بانتزاع أراضي كل المتعاونين مع الثوار ومصادرة أراضيهم وبهذا القرار تم مصادرة أهم وسيلة عيش وكسب للجزائريين.
توجيه القطاع الزراعي لإنتاج المحاصيل التصديرية وخاصة زراعة الكروم.
هجرة الجزائريين إلى الخارج خاصة فرنسا إما لقلة فرص العمل أو إن العمل مؤقت وغير ثابت.بالإضافة إلى تدهور القدرة الشرائية بارتفاع الأسعار وتدني الأجور وكذا السياسة الضريبية التي أثقلت كاهل الجزائريين.وإتباع سياسة تجهيل الجزائريين وطمس هويتهم بإحلال اللغة الفرنسية محل العربية.
تدهور الأوضاع الصحية للمواطنين وانتشار الأوبئة والأمراض[13].
إن سياسة تجريد المواطنين من أراضيهم واستغلالهم وقلة فرص العمل وانعدام الرعاية الاجتماعية وإتباع سياسة التجهيل والتنصير ونشر المسيحية، كلها عوامل ساهمت في تفقير الجزائريين واتساع هوة الفقر بينهم وبين المستعمرين هذا من جهة ومن جهة أخرى طمس هويتهم ولهذا وكردة فعل لهذه الأساليب القاسية التي عاشها الشعب الجزائري قامت الثورة الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 وذلك لاسترجاع حريتهم والافتكاك من الظلم والمستعمر.
2-3 الفقر في الجزائر بعد الاستقلال:
عرفت الجزائر بعد الاستقلال مباشرة حالة مماثلة لما قبلها تسودها مظاهر الحرمان والتفكك وتدهور الوضع الاجتماعي، لكن الوضعية لم تستمر مع انتهاج الجزائر لمبدأ التنمية البشرية حيث تم تطبيق العدالة الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية والمساواة في الحقوق وعملت على فك العزلة عن المناطق النائية وتوفير مناصب شغل حيث عملت على:
النمو الديمغرافي: تحسين مستوى المعيشة لمختلف فئات الأعمال حيث عرفت الجزائر ما بين 1961-1986 تزايدا في عدد السكان بمعدل 3 %حيث انتقل من 10.236 مليون في فترة 1961-1965 إلى 21.751 مليون نسمة في 1986 كما تم تسجيل انخفاض في معدل الوافيات.
التعليم: سعت الدولة الى جعل التعليم أحد الأهداف الأولية من خلال توفير هياكل تعليمية ومؤطرين وجعله إجباري حيث تراجعت نسبة الأمية من 74.62 %سنة1966 الى58.10 %سنة 1877 والى 43.62 %سنة 1987 .
الصحة: وهي إقرار الطب المجاني وجعل التلقيح ضد بعض الأمراض إجباري من خلال تسجيل جملة من التحسيسات مثل تراجع مرض الدفتيريا من 3.97 حالة لكل 105 خلال الستينات الى 0.09 خلال الثمانينات كما تراجع مرض السعال الديكي من 10.76 حالة في الستينات الى 2.02 حالة في الثمانينات.
التغذية: سجلت تحسن في التغذية حيث انتقلت الكمية المتوسطة للحريرات للفرد الواحد من 1740 إلى 2646 [14]
2-4 حجم ظاهرة الفقر وواقعه في ظل الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر:
يعتبر الفقر من أبرز المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تهدد استقرار الجزائر، وقد ساهم تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في الثمانينات وبرامج التعديل الهيكلي في التسعينات في تفاقم ظاهرة الفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الضعيفة في ظل التحول من نظام اشتراكي اقتصادي الى نظام تحكمه قواعد السوق ويضبطه قانون المنافسة مع وجود جهاز إنتاجي ضعيف أثر سلبا على مستوى معيشة المواطن ومن خلال الإصلاحات الاقتصادية المتخذة في الجزائر نجد إعادة الهيكلة التي تعمد على استخدام الأساليب الإنتاجية كثيفة رأس المال مما أثر سلبا على مستوى التشغيل بالإضافة إلى اعتماد إجراء التصفية للمؤسسات المفلسة ومع تخفيض الدينار الجزائري ، وتحديد الأسعار ورفع الدعم عن السلع الأساسية لسنة 1992 أدى الى تخفيض القدرة الشرائية وتدهور مستوى المعيشة للأفراد لذلك نجد حوالي 14 مليون جزائري في حاجة الى مساعدة اجتماعية[15]، و 1.9 مليون جزائري محتاجون منهم 370 فقط يستفيدون من الحماية الاجتماعية بالإضافة إلى 169 ألف بيت قصديري على كامل التراب الوطني خاصة بالمدن الكبرى و136 ألف بيت غير صالح للسكن، جلها مهددة بالانهيار ومع ذلك تقطنه عائلات[16]. لقد أخذت مسألة الفقر حجما واسعا في المجتمع الجزائري، إذ ارتفعت نسبة الفقر وذلك حسب الدراسة حول مستويا ت المعيشة والمركز الوطني للدراسات والتحاليل الخاصة بالتخطيط ، وبعد الاصلاحات لوحظ انخفاض في المعدل السنوي للفقر فان إعداد خريطة دقيقة للفقر من شأنه الإلمام وبطريقة أفضل بمظاهر الفقر وآثاره على السكان وكذا صعوبات الوصول إلى الخدمات القاعدية المختلفة في المستويات المحلية وتحديد خصوصيات هذه البلديات أمام مظاهر الفقر لاتخاذ التدابير اللازمة والملائمة لمحاربة الفقر والتخفيف من معاناة الفقراء، وقد سمحت عملية تحديد البلديات من 1541 بلدية حيث مظاهر الفقر واضحة جدا ويتضمن عدة مجموعات:
المجموعة الأولى: متكون من 118 بلدية تعد أكثر فقرا.
المجموعة الثانية: وتتكون من 540 بلدية وتتميز بوضعية متوسطة
المجموعة الثالثة: وتتكون من 811 بلدية تتميز بوضعية جيدة.