منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - دعاوى الحيازة
الموضوع: دعاوى الحيازة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-22, 17:36   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 تابع

وحائز عرضي يحوز لحساب غيره ولا يعد تابعا للحائز الأصيل.بل له قسط من حرية التصرف في حيازته : كصاحب حق لانتفاع-السكن-الاستعمال-الدائن المرتهن، رهنا حيازيا.فجميعهم يحوزون حيازة صحيحة لحق عيني يحوزونه لأنفسهم فليسوا بالعرضيين بالنسبة لهذا الحق بل أصليون و لكنهم عرضيون بالنسبة لحق الملكية فصاحب حق الانتفاع حائز عرضي لأن سنده نفسه يعترف بحق صاحب الرقبة.لكنه ليس عرضيا بالنسبة لحق الانتفاع بل حيازته كاملة صحيحة يجوز معها رفع دعاوى الحيازة(1)
و كذلك يحوز لمن قامت حيازته على عمل من أعمال التسامح و هو مثل الحائز العرضي مجرد من عنصر القصد في الحيازة،و ليس لديه إلا السيطرة المادية أن يكون مدعيا فبهذه الدعوى.و كذلك من حصل على الترخيص من الجهة الإدارية في الانتفاع بعقار داخل في أملاك الدولة و لو أن حيازته معرضة للزوال في أي وقت،بمجرد رجوع الإدارة في الترخيص و لهذين الأخيرين أن يستردا الحيازة حتى من المالك الذي أجاز الحيازة على سبيل التسامح أو الجهة التي منحت الترخيص على أنه لا يجوز استرداد الحيازة من الجهة الإدارية إذا كانت هذه الجهة الإدارية قد انتزعت الحيازة من المرخص له لا باعتبارها تدير المال العام بل بموجب سلطتها التنظيمية كأن تستصدر قرار باعتبار الأعمال التي دعت لانتزاع الحيازة من أعمال المنفعة العامة(2)
و ليس ضروريا أن يكون المدعي في دعوى الاسترداد حائز حسن النية إذ له أن يرفعها و إن كان سيء النية(*)
و مما سبق يتضح لنا جليا أن المدعي في هذه الدعوى هو واضع اليد على العقار أي صاحب الحيازة المادية الحالية،و هذا لا يكفي لرفع هذه الدعوى إذ يجب أن يقع سلب الحيازة هذا المدعي أي اعتداء ايجابي يقع على حيازته يحرمه من الانتفاع بها،و على المدعى أن يثبت أنه وقت الغصب كان له حيازة مادية و أن يثبت العدوان الذي وقع على حيازته فسلبه إياها و الذي يبرر حقه في الدفاع الشرعي. فالمدعى عليه في إتيانه هذا العمل يكون في موقف من يأخذ حقه بيده دون اللجوء إلى القضاء و هذا هو المحور الذي تدور عليه دعوى الاسترداد(1)
إذ هي جزاء على هذا العمل العدواني بقدر ما هي حماية فعالة للحائز في حيازته
و ليس بلازم أن يكون هذا العدوان منطويا على العنف و القوة بل يكفي أن يكون قهرا و غصبا أو خلسة أو بناءا على تنفيذ حكم قضائي أو عقد رسمي ليس طرفا فيه و ذلك باعتبار الحيازة قد سلبت رغم إرادة الحائز و لا يستطيع مقاومة التنفيذ(*) فيعد ذلك تعرضا و يكون انتزاع الحيازة عدوانا يوجب قبل كل شيء أن ترد الحيازة للحائز ثم ينتظر بعد ذلك في المسائل القانونية في أصل الحق(2
و لا يجوز للمدعي رفع هذه الدعوى إذا كان مرتبطا مع المدعى عليه بعقد و كان انتزاع الحيازة يدخل في نطاق هذا العقد لأن الواجب في هذه الحالة اللجوء إلى دعوى العقد لإلزام المدعى عليه بمراعاة شروط العقد(*) (*) .
و بإثبات المدعي لحيازته و للعدوان الواقع عليها و الذي يعد بدوره واقعة مادية يجوز إثباتها بكل وسائل الإثبات يكون قد أثبت صفته و مصلحته في الدعوى و أخيرا على الحائز أن يثبت أنه قد رفع دعواه في الآجال القانونية أي خلال سنة من وقت انتزاع الحيازة من الحائز إذا كان بالقوة أو الغصب علانية و إذا كان انتزاع الحيازة وقع خلسة، دون أن يعلم به الحائز فالسنة تسري من وقت اكتشاف الحائز لانتزاع حيازته و هذا ما نصت عليه المادة 817 من ق م " يجوز لحائز العقار إذا فقد حيازته أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت انكشاف ذلك "
و إذا لم يرفع المدعي هذه الدعوى في مدة سنة بقي منتزع الحيازة مستبقيا إياها فأصبح بدوره حائزا تحمى حيازته بجميع دعاوى الحيازة لأنها استمرت سنة و هذا ما ورد في قرار المحكمة العليا رقم 57979 الصادر بتاريخ 27/12/89 مجلة قضائية عدد 3/1993 : " من المقرر قانونا أنه لا تقبل دعوى الحيازة و دعوى استردادها إذا لم ترفع خلال سنة من التعرض .."
و مدة السنة مدة سقوط لا تقادم ،فإذا لم ترفع دعوى استرداد الحيازة خلالها لم يجز رفعها من بعد انقضائها و لا تقبل إن رفعت و لأن المدة مدة سقوط فهي تسري على غير كاملي الأهلية من قاصر و محجور عليه و على الغائب و لا تتوقف و لا تنقطع و فوات الأجل في رفع الدعوى يؤدي إلى انقضاء الحق فيها .
و جملة القول أن المدعي في دعوى الاسترداد عليه أن يثبت في دعواه كل ما سبق ذكره بأن يعرض الوقائع عرضا يسمح للقاضي باستخراجها فإن طلب هذا المدعي في عريضته منع التعرض و استظهرت المحكمة قيام عناصر دعوى الاسترداد من وقائعه اعتبرت الدعوى استردادا و فصلت فيها المحكمة دون أن تكون قد أخطأت لأن التكيف القانوني أولا و أخيرا منوط بالقاضي و هو ملزم بإعطاء التكييف الصحيح .
و جدير بالذكر في نهاية عرضنا الوجيز للمدعي أن نطرح إشكال شهادة الحيازة الذي سبق مناقشة . فهل تثبت صفة المدعي بشهادة الحيازة ؟و ربما الجواب بالنسبة لهذه الدعوى أسهل من غيرها فإذا كانت الحيازة تمنح للحائز الذي دامت حيازته سنة في حين أن هذه المدة
لا تشترط في المدعي في هذه الدعوى أساسا فبديهي أن يطلب منه مثل هذه الشهادة (*)


2- المدعى عليه:
هو الشخص الذي انتزع الحيازة من الحائز بالقوة أو الغصب علنا أو خفية ( في الغصب لا يشترط أن يكون الحائز محل اعتداء إذ يكفي توجيهه إلى العقار كالاستيلاء خلسة )
أي هو الذي يقوم بعمل عدواني يسلب به الحيازة و لا يشترط أن يكون غير مشروع جنائيا بل يكفي أن يكون غير مشروع مدنيا ،لكن يجب أن يكون العمل العدواني وقع على العقار الحائز و انتهى إلى سلب الحيازة.
و لا يلزم أن يكون المدعى عليه الذي ارتكب العمل العدواني سيء النية فقد يكون حسن النية كأن يكون معتقدا بأنه مالك للعقار.
و إذا انتقلت حيازة العقار المغتصب من المغتصب إلى الغير، سواء كان الغير خلفا عاما كالوارث أو خاصا كالمشتري فإن هذا الذي خلف المغتصب و الذي انتقلت إليه الحيازة هو المدعى عليه في دعوى استرداد الحيازة و يستطيع المدعي أن يسترد منه حيازة العقار بهذه الدعوى و إن كان حسن النية لا يعلم بأن سلفة قد اغتصب الحيازة (*) و هو ما ورد في نص المادة 819 ق م :" للحائز أن يرفع في الميعاد القانوني دعوى استرداد الحيازة على من انتقلت إليه حيازة الشيء المغتصب منه و لو كان هذا الأخير حسن النية " .
و لا يهم أن يكون المدعى عليه شخص طبيعي فقد يكون شخصا معنويا و لكن يجب أن يكون العمل الذي صدر منه عملا عدوانيا يعكر السلم الاجتماعي و يخل بالأمن العام بصرف النظر عن طريقة العدوان بالقوة و الخداع علنا أو خلسة .









المطلب الثاني:
موضوع دعوى استرداد الحيازة :
بعد التطرق إلى أشخاص دعوى استرداد الحيازة من مدعي و مدعى عليه و الحالات التي يكونا عليها و التي أجاز القانون فيها رفع هذه الدعوى تبين في هذا المطلب موضوع دعوى استرداد الحيازة .
و يمكن دراسة موضوع دعوى استرداد الحيازة في عنصريين : يتمثل الأول في الشيء محل الحيازة (1) و الثاني في الهدف الذي يصبو إليه المدعي من رفعه لدعوى استرداد الحيازة بمعنى
الحكم (2) الذي تنتهي به دعوى استرداد الحيازة على اختلاف الحالات التي يكون عليها المدعي و المدعى عليه .
الشيء محل الحيازة :
والمبينة أحكامه بنص المادة 414 من قانون الإجراءات المدنية و المادة 817 من قانون المدني الجزائريين، فتنص المادة 817 من القانون المدني الجزائري على :
* يجوز لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه ..الخ
كما تنص المادة 414 من قانون الإجراءات المدنية على :
* يجوز رفع دعوى استرداد الحيازة لعقار أو حق عيني عقاري ممن اغتصبت منه
الحيازة بالتعدي أو الإكراه ......الخ
و انطلاقا من نص المادتين فإن موضوع دعوى استردد الحيازة يتمثل في الشيء محل الحيازة الذي يباشر عليه الحائز سلطته الفعلية بقصد الظهور عليها بمظهر المالك .
و تستلزم الحيازة أن يكون الشيء محل الحيازة قابلا لأن ترد عليه ملكية خاصة و أن يكون مما يجوز التعامل فيه (3) .
و على ذلك فيكون دائما هذا الشيء عقارا سواء كان أرض فلاحية أو مسكنا أو ممرا (4)
أو حقا عينيا كحق االارتفاق أو حق الانتفاع كما سبق شرحه .
و تخرج بذلك من نطاق دعوى استرداد الحيازة . الحقوق الشخصية كقاعدة عامة إذ لا تخضع للحيازة إلا الحقوق العينية .
و على ذلك فتحمي دعوى استرداد الحيازة حيازة العقار أو حق الملكية في العقار سواء كان عقار بطبيعته أو عقار بالتخصيص و كذا الحقوق العينية كحق الانتفاع أو لاستعمال أو السكن إذا تعلقت هذه الحقوق بالعقار . و مهما يكن الشيء محل الحيازة سواء كان عقارا أو حق عيني فإن هناك أربع حالات تكون عليه دعوى استرداد حيازته(1) إذا أغتصب يختلف فيها حكم القاضي باختلاف كل حالة و هي على التوالي :
1- حيازة المدعي دامت مدة لا تقل عن سنة
2- حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة لكن انتزعت منه بالقوة
3- حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة و لم تنتزع بالقوة لكن المدعي عليه لا يستند إلى
حيازة أحق بالتفصيل .
4- حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة و لم تنتزع بالقوة ،لكن المدعي عليه يستند إلى
حيازة أحق بالتفصيل .
و سنعهد إلى دراسة كل حالة على حدى :
الحالة الأولى : حيازة المدعي دامت سنة كاملة :
و هي الحالة التي يكون فيها لرافع دعوى استرداد الحيازة حيازة مادية طبقا لنص لمادة 414 من قانون الإجراءات المدنية ،صحيحة كما سبق القول بمعنى أنها حيازة ظاهرة و بريئة من أي لبس أو إبهام ،فعليه دون أن تكون مقرونة بالضرورة بنية التملك مدة سنة (2) كاملة قبل تاريخ الاعتداء عليها كقاعدة عامة .
و بذلك فإن المدعي في هذه الحالة كان بإمكانه رفع دعوى منع التعرض لأن حيازته دامت مدة لا تقل عن السنة و إنما لجأ إلى دعوى استرداد الحيازة لأن الاعتداء على حيازته لم يقتصر على مجرد التعرض لها بل انتهى إلى انتزاعها منه عنفا أو غصبا فليس له بد من رفع دعوى استرداد الحيازة لاستعادة حيازته .
فإن رفع المدعي هذه الدعوى مستوفية لكل شروطها قضي له برد حيازته إليه باعتبار أن موضوع دعوى استرداد الحيازة ينصب على إعادة الشيء محل الحيازة المنتزع إلى حيازة المدعي لتعود إليه السيطرة الفعلية و يتضمن هذا الموضوع إلزام المدعي عليه برد العين محل الحيازة المعتدى عليها (1) سواء انتزعت منه بالقوة أو الغصب . كما يمكن للقاضي أن يحكم بالإخلاء .و سواء كان الحكم هو الرد أو الإخلاء فإن غايته واحدة هي رد الحيازة إلى من انتزعت منه. المهم أن يكون حكما إيجابيا تتمكن نيابة الجمهورية من تنفيذه دون إشكال .
كما يقضي بإعادة العقار إلى أصله إذا كان المدعى عليه قد أحدث فيه تغييرا فإذا كان قد أقام فيه بناءا جديدا قضي بهدمه أو هدم بناءا كان موجودا قضى عليه بإعادة بنائه .
و يستطيع القاضي أن يحكم على المدعى عليه بغرامة تهديدية ليحمله على تنفيذ ما قضي عليه به . كما يحكم القاضي على المدعى عليه بتعويض عما سببه من أضرار للمدعي بسبب التعدي على حيازته طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية المنصوص عليها في القانون المدني الجزائري .
و الحكم الذي يصدر برد الحيازة إلى المدعي يرد الحيازة إليه و كأنها لم تنقطع مدة انتزاعها حيث أنه من المفروض أن حيازة المدعي قد دامت مدة لا تقل عن سنة قبل انتزاعها فعندما ترد إليه الحيازة تعتبر هذه الحيازة دائمة لم تتقطع فتكون قد دامت أكثر من سنة و على ذلك يستطيع دفع الاعتداء عنه بجميع دعاوى الحيازة بما فيهم دعوى منع التعرض لأنها دامت سنة بل أكثر من سنة و من تم يستطيع أن يرفع دعوى استرداد الحيازة من جديد إذا ما انتزعت منه الحيازة مرة أخرى (2) .








الحالة الثانية : حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة لكن الحيازة انتزعت منه بالقوة :
لا يشترط أن تستمر الحيازة مدة معينة حتى يكون للحائز الحق في رفع دعوى استرداد الحيازة خلافا لدعاوى الحيازة الأخرى و مرجع ذلك لاعتبارات الأمن في المجتمع التي تأبى انتزاع الحيازة من صاحبها(1) فالقانون سمح للحائز و لو ليوم واحد من أن يلجأ للقضاء بهدف الحصول على الحماية القضائية لهذه الحيازة في حال تعرضها للانتزاع بطريق القوة ،و المقصود بالقوة هي كل عمل يؤدي إلى منع الحيازة الفعلية(2) و قد قضت محكمة النقض المصرية بأن المراد بالقوة تلك المستعملة لسلب الحيازة بأنها كل فعل يؤدي إلى منع الحيازة الواقعة لا فرق في ذلك بين المادية و المعنوية فيجوز أن يبنى الاغتصاب على أساليب الغش و التدليس و الخداع و غيرها ،من المؤثرات المعنوية (3)
فإذا تعرضت حيازة المدعي للانتزاع بالقوة و لم تستمر حيازته سنة كاملة فإنه لا يكون له رفع دعوى منع التعرض و لوقع اعتداء على حيازته دون أن تنتزع منه هذه الحيازة لأن الحيازة لم تدم سنة كاملة و شرط دعوى منع التعرض أن تدوم الحيازة سنة كاملة حتى تحمى هذه الحيازة قانونيا و لما كانت حيازة المدعي قد انتزعت منه بالقوة كأن يأتي المدعى عليه و يحتل مسكن المدعي يقطن فيه محضرا كل أثاثه و مستلزماته فيحرمه حرمانا كليا من التمتع بحق السكني فإن المدعى الذي انتزعت حيازته يمكنه رفع دعوى استرداد الحيازة و لو أن حيازته لم تدم سنة كاملة فأية حيازة هي كافية حسبما(4) ما تقضى به نص الماديين 413 من القانون الإجراءات المدنية و 814 من القانون المدني الجزائريين، و تكون دعوى استرداد الحيازة هن جزاء على انتزاع الحيازة بالقوة أي دعوى مسؤولية أكثر منها دعوى حماية للحيازة .
و يقضي للمدعي برد الحيازة إليه و بإعادة العقار إلى أصله و بالغرامة التهديدية شأنه شأن المدعي في الحالة الأولى و يقضي له كذلك بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب انتزاع حيازته منه خاصة باستعمال المدعي للقوة في انتزاع الحيازة و الحكم الذي يصدر برد الحيازة في هذه الحالة يقتصر على رد الحيازة المادية إلى المدعي مؤقتا دون أن يحسم النزاع فيمن له حق الحيازة القانونية .
و يجوز للمدعي عليه بعد أن يرد الحيازة للمدعي أن يعود فيرفع هو دعوى استرداد الحيازة على المدعي إذا استطاع رفعها في الميعاد القانوني و أثبت أن المدعي قد سبق له أن انتزع منه الحيازة فإذا نجح في دعواه و استرد الحيازة كان له أيضا أن يرفع دعوى منع التعرض أو دعوى وقف الأشغال الجديدة إذا ما توفرت شروط كل منهما(1).
الحالة الثالثة : حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة و لم تنتزع منه بالقوة لكن المدعي عليه لا يستند إلى حيازة أحق بالتفصيل :
في هذه الحالة حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة و لم تنتزع منه بالقوة و بالتالي ففي الأصل لا يحق له رفع دعوى استرداد الحيازة إلا أن القانون منحه مع ذلك حق رفعها . لأن المدعي عليه الذي انتزع منه الحيازة لا يستند إلى حيازة أحق بالتفصيل فتطبق قواعد المفاضلة بين الحيازتيين المنصوص عليها بالمادة 818 (2) من القانون المدني الجزائري بنصها :
إذا لم يكن من فقد الحيازة قد مضت على حيازته سنة على فقدها فلا يجوز له أن يسترد الحيازة إلا ممن لا يستند إلى حيازته أحق بالتفضيل
و الحيازة الأحق بالتفضيل هي الحيازة القائمة على سند قانوني فإذا لم يكن لأي من الحيازتين سند أو تعادلت سنداتهما كانت الحيازة الأحق هي الحيازة الأسبق في التاريخ .
للحائز في جميع الأحوال إذا فقد حيازته بالقوة أن يستردها خلال السنة التالية لفقدها
و من خلال الفقرة الأولى من المادة أعلاه نميز بين قواعد ثلاث للمفاضلة تشبه القواعد التي وضعها القضاء الفرنسي لإثبات حق الملكية و هي :
* صورة ما إذا وجد سند قانوني عند كل من الخصمين (3)
* صورة ما إذا لم يوجد سند قانوني عند كل من الخصمين
* صورة ما إذا وجد سند قانوني عند أحد الخصمين دون الآخر
فيمكن استخلاص أنه إذا أريدت المفاضلة بين الحيازتين وجب التمييز بين :
1- إذا قامت كل الحيازتين على سند قانوني : كأن يتمسك المدعي بسند بيع صادر من شخص في حين أن المدعى عليه يتمسك بسند بيع صادر من شخص آخر فضلت الحيازة الأسبق في التاريخ سواء كان سندها أسبق عن سند الحيازة أخرى أم لا بمعنى نفضل وضع اليد الأسبق في التاريخ (1)
2- إذا لم تقم كل من الحيازتين على سند قانوني : فإن الحيازة الأسبق في التاريخ هي الأفضل حتى في هذه الحالة أيضا. باعتبار أن الحيازتين متساويتين .
3- إذا قامت إحدى الحيازتين على سند قانوني و لم تقم الحيازة الأخرى على سند مقابل : كأن يتمسك أحد الحائزين بشهادة الحيازة فيما لا تقوم الحيازة الأخرى على أي سند فضلت الحيازة القائمة على سند قانوني أي القائمة على شهادة الحيازة بغض النظر إذا كانت الحيازة الأخرى سابقة أو لاحقة لها .
و إذا كان المدعى عليه في دعوى استرداد الحيازة لم يثبت أن حيازته للعقار حيازة أحق بالتفضيل من حيازة المدعي على النحو الذي سبق دراسته فلم يثبت أن حيازته أسبق في التاريخ في حين أن كل من الحيازتين تقوم على سند قانوني أولا تقوم كل منهما على هذا السند أو لم يثبت أن حيازته تقوم على سند قانوني في حين (2) أن حيازة المدعي لا تقوم على سند قانوني مقابل . كسب المدعي دعوى استرداد الحيازة فيقضى له برد الحيازة إليه و بإعادة الحال إلى ما كان عليه بأن يعيد العقار إلى أصله و بالغرامة التهديدية و بالتعويض كما هو الحال في الحالتين الأولى و الثانية أو قضى له برد الحيازة إليه فقط (3)
و إذا ردت الحيازة إلى المدعي بقيت مستقرة عنده لأن المدعى عليه لم يثبت أنه كان يحوز العقار حيازة أحق بالتفضيل و إذا أراد المدعى عليه أن يسترد العقار من المدعي لم يكن أمامه لاسترداده إلا أن يرفع دعوى الملكية على المدعي لأن هذا الأخير هو الحائز، فيصبح المدعى عليه في دعوى استرداد الحيازة مدعيا في دعوى الملكية ويقع عليه عبء إثبات ملكيته للعقار.



الحالة الرابعة : حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة و لم تنتزع منه بالقوة و لكن المدعي عليه يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل :
في هذه الحالة لم تدم حيازة المدعي سنة كاملة و لم تنتزع منه بالقوة فليس له أن يسترد الحيازة لأحد هذين السببين ثم أن المدعي عليه يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل فيفضل عليه و لا يستطيع المدعي أن يسترد منه الحيازة كأن يكون المعتدي منتزع الحيازة يحمل سند قانوني كعقد بيع أو هبة أو ما شابه، في مواجهة الحائز الذي لا يستند إلى سند قانوني .
و هي الحالة الوحيدة بين الحالات الأربع التي لا يستطيع فيها المدعي استرداد الحيازة بالرغم من أن الحيازة قد انتزعت منه غصبا أو خلسة مادامت لم تنتزع منه بالقوة ،مادامت حيازة المدعى عليه أحق بالتفضيل (1)
ويقع على عاتق المدعي عليه عبء إثبات أن حيازته أحق بالتفضيل فإذا كان لكل من الحيازتين سند قانوني أو لم يكن لأحدهما سند قانوني فعليه إثبات أن حيازته أسبق في التاريخ من حيازة المدعي (2)
كما يقع عليه عبء إثبات أن حيازته تقوم على سند قانوني إذا كانت حيازة المدعي لا تقوم على هذا السند .
و في كل الأحوال إذا أثبت المدعى عليه أن حيازته أحق بالتفضيل لم يقضى برد الحيازة إلى المدعي و بقي المدعى عليه مستقرا في الحيازة التي انتزعها لأنها حيازة أحق بالتفضيل و إذا أراد المدعي أن يسترد العقار فليس أمامه إلا أن يرفع دعوى الملكية بعد أن أخفق في دعوى استرداد الحيازة و في دعوى الملكية يبقى المدعى عليه قد استقر في حيازته هو نفسه كما كان في دعوى استرداد الحيازة .
و يقع عبء إثبات الملكية على المدعي فإذا استطاع أن يثبت ملكيته استرد العقار بالرغم من أن حيازة المدعى عليه أحق بالتفضيل و إذا لم يستطع إثبات الملكية بقي العقار في يد المدعى عليه بعد أن أثبت أن حيازته أحق بالتفضيل (3)
و قد ثبت من اجتهاد قضاء المحكمة العليا أنها قد ذهبت إلى تكريس حماية الحيازة الأحق بالتفضيل طبقا لنص المادة 818 من القانون المدني الجزائري . إذ جاء في القرار المؤرخ في 21/01/1992 أنه من المقرر قانونا أن الحيازة الأحق بالتفضيل هي الحيازة القائمة على سند فإذا لم يكن لأي من الحائزين سند أو تعادلت سنداتهما كانت الحيازة الأحق هي الأسبق في التاريخ (4)
و لما تبين أن موضوع النزاع الحالي يدور حول حيازة قطعة أرضية فكان يتوجب على قضاة الموضوع الفصل فيها لنص المادة المذكورة بالمرجع ما دام الطاعنان يزعمان أنهما يحوزان الأرض مند 1923 ، بموجب عقد كراء لا يعطي لهما صفة التمليك و سلمت إلى المطعون ضده على سبيل الخماسة ، انتهوا إلى التصريح بعدم اختصاصهم مما يتعين نقض قرارهم مع الإحالة .
فحسب رأينا فالنزاع يتعلق بحيازة قطعة أرضة فلاحية يزعم الطاعنان أنهما يحوزانها مند سنة 1923 بموجب عقد كراء و المطعون ضده قد حازها مند 1950 فيكون فصل قضاء الموضوع على أساس المادة 818 من القانون المدني الجزائري بتطبيق قواعد المفاضلة، فتكون الحيازة الأحق بالتفضيل هي حيازة الطاعنان على أساس أنها حيازة قائمة على سند قانوني في مواجهة حيازة غير قائمة على سند قانوني
و يرى بعض الرأي بأنه سيتحسن إسقاط شرط المفاصلة من نص المادة 818 من القانون المدني الجزائري لأن الغرض من دعوى استرداد الحيازة حماية الاستقرار و الأمن ووضع حد للعدالة الخاصة إذ ليس لأحد اقتضاء حقه بنفسه فلو حكم القاضي لصالح المغتصب بحجة أن حيازته أحق بالتفضيل من حيازة المدعي فهذا سيكون تشجيعا للأفراد على اقتضاء حقوقهم بأنفسهم و لا يخفى ما يتبع ذلك من فوضى فالأجدر الحكم للمدعي باسترداد حيازته و يجوز للمدعى عليه الغاصب إذا كانت حيازته أحق بالتفضيل أن يرفع بعد ذلك دعوى منع التعرض أو دعوى الاستحقاق(1)و نحن بهذا الصدد نشاطر هذا الرأي على أساس أن المادة 818 من القانون المدني الجزائري قد وضعت قواعد للمفاضلة تلزم بها القاضي متماشية مع قواعد العدالة إلا أنها تحمل في طياتها حماية لغاصب الحيازة الذي يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل لأسبقيتها في التاريخ أو لقيامها على سند قانوني ، ذلك على الرغم من أنه لم يختر اللجوء للقضاء لاقتضاء حقه و اختار اقتضائه بيده إلا أن القانون قد أضفى الشرعية على فعله و هو ما لا يتماشى مع المبدأ الذي كرسته دعاوى الحيازة و بما فيهم دعوى استرداد الحيازة المتمثل في حماية الحيازة الظاهرة .
و تجدر الإشارة أن القانون الفرنسي لا يعرف قواعد المفاصلة في الحيازة بل أنه يقضي برد الحيازة إلى المدعي متى أثبت أن حيازته انتزعت منه و لو بغير القوة و لو خلسة (*)دون أن يفاضل بين حيازة المدعي وحيازة المدعى عليه كما يفاضل القانونين المصري و الجزائري .
و مهما تكن حالات الحيازة و كينيات انتزاعها ، فإنه إذا كان العقار محل عقد فليس لأي من الطرفين اللجوء لدعوى استرداد الحيازة و إنما يلجأن لدعوى العقد لإلزام المدعى عليه لمراعاة شروط العقد فالمستأجر يلجأ لدعوى منع التعرض إذا تعرض له المؤجر و استرد عقاره لا دعوى استرداد الحيازة
و ما يمكن القول حول تكيف دعوى استرداد الحيازة أنها تتراوح بين أن تكون دعوى مسؤولية و بين دعوى عينية فقد اعتبرها القانون الفرنسي أقرب أن تكون دعوى شخصية من دعاوى المسؤولية وضعت جراء عمل غير مشروع من أن تكون دعوى عينية وضعت لحماية الحيازة في حين أنها تتراوح بين دعاوى المسؤولية من خلال أنه يكفي أن يكون لرافعها مجرد السيطرة المادية على العقار أي حائزا عرضيا ، أو أن تكون له حيازة قانونية بعنصريها المادي و المعنوي و إن لم تدم سنة كاملة . و بين دعاوى الحيازة من خلال أنها تحمي الحيازة التي دامت سنة كاملة إلا إذا انتزعت بالقوة ، و أنها تحمي الحيازة الأحق بالتفضيل إذا لم تنتزع بالقوة و لم تدم سنة كاملة و كدا جواز رفع دعوى استرداد الحيازة على من انتقلت إليه حيازة العقار المغتصب أي كل من اغتصب الحيازة و لو كان حسن النية .


أضفى الشرعية على فعله و هو ما لا يتماشى مع المبدأ الذي كرسته دعاوى الحيازة و بما فيهم دعوى استرداد الحيازة المتمثل في حماية الحيازة الظاهرة .
و تجدر الإشارة أن القانون الفرنسي لا يعرف قواعد المفاصلة في الحيازة بل أنه يقضي برد الحيازة إلى المدعي متى أثبت أن حيازته انتزعت منه و لو بغير القوة و لو خلسة (1) دون أن يفاضل بين حيازة المدعي وحيازة المدعىعليه كما يفاضل القانونين المصري و الجزائري .
و مهما تكن حالات الحيازة و كيفيات انتزاعها ، فإنه إذا كان العقار محل عقد فليس لأي من الطرفين اللجوء لدعوى استرداد الحيازة و إنما يلجآن لدعوى العقد لإلزام المدعى عليه لمراعاة شروط العقد فالمستأجر يلجأ لدعوى منع التعرض إذا تعرض له المؤجر و استرد عقاره لا دعوى استرداد الحيازة و ما يمكن القول حول تكيف دعوى استرداد الحيازة أنها تتراوح بين أن تكون دعوى مسؤولية و بين دعوى عينية فقد اعتبرها القانون الفرنسي أقرب أن تكون دعوى شخصية من دعاوى المسؤولية وضعت جراء عمل غير مشروع من أن تكون دعوى عينية وضعت لحماية الحيازة في حين أنها تتراوح بين دعاوى المسؤولية من خلال أنه يكفي أن يكون لرافعها مجرد السيطرة المادية على العقار أي حائزا عرضيا ، أو أن تكون له حيازة قانونية بعنصريها المادي و المعنوي و إن لم تدم سنة كاملة . و بين دعاوى الحيازة من خلال أنها تحمي الحيازة التي دامت سنة كاملة إلا إذا انتزعت بالقوة ، و أنها تحمي الحيازة الأحق بالتفضيل إذا لم تنتزع بالقوة و لم تدم سنة كاملة و كدا جواز رفع دعوى استرداد الحيازة على من انتقلت إليه حيازة العقار المغتصب أي كل من اغتصب الحيازة و لو كان حسن النية .
المطلب الثالث : سبب دعوى استرداد الحيازة
إن دعوى استرداد الحيازة هي تلك الدعوى التي يرفعا حائز العقار(1) أو الحق العيني الذي فقد حيازته طالبا فيها استرداد حيازته المنتزعة منه، فهي ككل دعاوى الحيازة يشترط فيها أن يكون رافعها حائزا للعقار أو الحق العيني .
وأن تتعرض هذه الحيازة للانتزاع والفقد انطلاقا من نص المادة 414 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص :< يجوز رفع دعوى استرداد الحيازة لعقار أو حق عيني عقاري ممن اغتصبت منه الحيازة بالتعدي أو الإكراه ، وكان له وقت حصول التعدي أو الإكراه الحيازة المادية أو وضع اليد الهادئ العلني.
فإننا نجد أنها تقسم إلى شقين الأول تحدد فيه المدعي في دعوى استرداد الحيازة ، أي الشخص الذي اغتصبت منه الحيازة والثاني تحدد فيه شرط الحيازة المادية أو وضع اليد الهادئ العلني وقت التعدي على الحيازة .
فالشق الأول يتعلق بالاعتداء - التعدي - في دعوى استرداد الحيازة ما يعرف بسبب دعوى استرداد الحيازة والشق الثاني يتعلق بالحيازة في حد ذاتها التي تعرضت للفقد أو الاغتصاب أي الركن المادي في الحيازة ما يعرف بسبب الحيازة .
وعلى ذلك فيجب التفريق بين سبب الحيازة وسبب دعوى استرداد الحيازة(2)
- فما هو سبب الحيازة ؟
- ما هو سبب دعوى استرداد الحيازة ؟
سبب الحيازة :
وهو أن(1)يكون للمدعي حيازة ثابتة وقت حصول الاعتداء عليها ويكفي فيها أن (2) تكون حيازة مادية و لو لم تكن بقصد التملك .على أن تكون هادئة وظاهرة طبقا لنص المادة 414 من قانون الإجراءات المدنية . فالحيازة المادية على العقار أو الحق العيني محل الحيازة تتمثل في استحواذ الحائز على العقار بالسيطرة الفعلية عليه سواء كان مملوكا لشخص أو غير مملوك لأحد(3) فيحرز الحائز الشيء ماديا ويباشر فيه الأعمال المادية التي يباشرها المالك عادة في ملكه سواء كان عقارا أو شيئا أو حقا . فيشترط في هذه السيطرة ممارسة عمل مادي إيجابي يستحوذ به الحائز على العقار أو الحق العيني إذا كانت السيطرة المادية تمارس بنفسه مثل دخول المسكن أو المرور بالممر ...الخ . و يكفي مجرد التمكن من الاستحواذ إذا كانت السيطرة المادية انتقالا من الغير، كتسليم مفاتيح المسكن للمشتري .
و نلحق السيطرة بواسطة الغير مثل الوكيل و النائب ....الخ و السيطرة على الشيوع بالسيطرة المادية ( أي بواسطة نفسه) من حيث اشتراط ممارسة أعمال مادية فعلية ،و يجب أن تكون الأعمال المادية من حيث الكثرة و التكرار و الأهمية مطابقة للمألوف في استعمال الشيء ، فينشأ عنها في جميع الأحوال مركزا واقعيا يحميه القانون لذاته بغض النظر إذا كان الحائز مالكا أو غير مالك للعقار .
هذا عن سبب الحيازة – فماذا عن سبب دعوى استرداد الحيازة ؟
سبب دعوى استرداد الحيازة :
يتمثل سبب دعوى استرداد الحيازة في الاعتداء الذي تتعرض له الحيازة ، أي المركز الواقعي الذي ترتب عن توفر الركن المادي أو السيطرة المادية على الشيْ .
- و يتمثل هذا الاعتداء في حرمان الحائز من الانتفاع بالعين حرمانا كاملا بأن تنزع منه الحيازة كلية سواء تم الانتزاع بالقوة أو الغصب(*) علنا أو خفية .
- و قد يشكل هذا الاعتداء جريمة و لكن ليس من المحتم أن يكون كذلك ،بل أن يكون عملا غير مشروع من الناحية المدنية ،و كل عمل غير مشروع يعد إكراها مادام أن من شأنه الإخلال بالنظام و الأمن العام . فمن يدعي حقا على العقار أو الحق العيني يكون سبيله لاسترداده اللجوء للقضاء و إلا اعتبر متعديا ، فيتعين عليه رد العقار إلى حائزه ثم يلجأ من يدعي حقا عليه للمطالبة به قضائيا فليس لإنسان أن يأخذ حقه بيده .
و الاعتداء عمل إيجابي يقع على حيازة الحائز، ولا يلزم أن يكون منطويا على استعمال القوة و العنف و إن كان هذا الذي يحدث في غالب الأحيان ،بل يكفي إن يحصل على غير إرادة الحائز رغم اعتراضه على نحو لا سبيل له في دفعه .
- و لذلك يعتبر سلب للحيازة بالقوة أن يستولي المعتدي على العقار غصبا و قهرا أو خلسة دون علم الحائز ،كما تستوي الخلسة مع الإكراه ،فمن يستولي على عقار دون علم صاحبه يكون نتيجة لتنفيذ حكم قضائي ليس طرفا فيه يكون انتزاع للحيازة حتى و إن كان القصد من التنفيذ تسليم العقار لحارس قضائي و من ثم يكون للحائز استرداد العقار ممن انتقل إليه تنفيذا لهذا الحكم .
- و قد يقوم الغصب على الغش و الخديعة و التحايل دون إرادة الحائز .
و لقبول هذه الدعوى يجب أن يؤدي الاعتداء على الحيازة إلى فقدها كلها أو بعضها كما سبق القول بحيث لا يصبح في إمكان الحائز أن يستعيد هذه الحيازة دون أن يقف هذا العمل أمامه عقبة تحول دون ذلك كما لا يشترط أن يكون المدعى عليه هو الذي وقع منه الاعتداء بنفسه بل يكفي أن يكون وقع بأمره لعماله أو جيرانه أو أقاربه , و لا يلزم أن يكون سيئ النية بل يجوز أن يكون معتقدا أنه صاحب الحق العيني و لو كان محقا في اعتقاده .
- و قد يفقد الحائز الحيازة بعمل تحكمي من الخصم يتم ضد إرادة الحائز و لكن دون مقاومة أو معارضة منه و هو ما يعرف بالغصب (1) و هذه الأعمال لا يشترط فيها أن توجه ضد الحائز شخصيا و يكفي أن توجه ضد الشيء المحاز أي الشيء محل دعوى الاسترداد سواء كان عقارا أو حقا عينيا.
- و قد ذهب رأي إلى القول أن الغصب في دعوى استرداد الحيازة يكفي فيه توجيهه للعقار ذاته ، دون حاجة أن يكون الحائز محل اعتداء فالاستيلاء خلسة يقوم مقام الغصب و قضي بأنه يجوز أن يكون الاغتصاب مبنيا على أفعال الغش و التدليس وبغير رضا من اغتصب منه العقار – و إذا أدخل إنسان آخر في عقار تحت حيازته تسامحا و كان هذا الأخير يبطن نيه اغتصابه فلا يعتبر بدء وقوع الاغتصاب إلا من يوم وضوح هذه النية و كذلك إذا كان الاغتصاب خفية فلا تبدأ السنة المحددة لرفع الدعوى إلا من يوم ظهورها .
- أما عن انتزاع الحيازة الناتج عن قرار إداري فإنه يخرج عن اختصاص القضاء العادي و يدخل في اختصاص القضاء الإداري كقاعدة عامة طبق لنص المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري على أساس صفة القرار الإداري الذي فقدت إثره الحيازة و كذا لوجود شخص عام في النزاع أخذا بالمعيار العضوي فقرار إخلاء مسكن كان يسكنه مستأجر يطعن فيه هدا الأخير أمام الغرفة الإدارية ،من أجل الغائه واستعادة المسكن(2) .
- و من خلال ذلك يمكن استخلاص شروط الاعتداء الذي يسمح برفع دعوى استرداد الحيازة و يجعل المصلحة قائمة و حالة :
1/ عمل عدواني : ( acte agressif ) : أي اعتداء إيجابي غير مشروع و بالتالي يخرج منها انتزاع الحيازة بناء على تنفيذ حكم صادر ضد الحائز فلا يعتبر ذلك محل قانوني له سند يعترف به القانون ،فدعوى استرداد الحيازة هي جزاء هذا العمل العدواني بقدر ما هي حماية فعالة للحائز في حيازته لاشتراط أن يكون مصحوبا بالقوة و العنف .
2/ يجب أن يكون هذا العمل العدواني قد وقع في العقار ذاته :الذي هو في حيازة الحائز، أما إذا وقع في عقار المعتدي فإن ذلك لا يكفي لرفع دعوى استرداد الحيازة و إن كان يكفي لرفع دعوى منع التعرض أو دعوى وقف الأشغال الجديدة .


3/ يجب أن يكون هذا العمل العدواني قد انتهى إلى انتزاع الحيازة من الحائز :
بحيث لا يستطيع الحائز استعادة الحيازة دون أن يقف هذا العمل أمامه عقبة تحول دون ذلك .
و بصفة عامة يتعين على المدعي إثبات حيازته للعقار حيازة مادية (1) و يكفي لإثبات الحيازة إثبات عنصرها المادي أي الحيازة المادية أو السيطرة المادية بمعنى وضع اليد فمن له الحيازة المادية يعتبر هو الحائز حسب نص المادة 822 من القانون المدني الجزائري بنصها : إذا تنازع أشخاص متعددون في حيازة حق واحد اعتبر بصفة مؤقتة أن حائزه هو من كان له الحيازة المادية ،إلا إذا كان قد اكتسب هذه الحيازة عن طريق التدليس .
فهل يجب على الحائز أن يثبت ركني الحيازة المادي والمعنوي ؟
القاعدة لعامة أنه يجب عليه إثبات الركنين ، إلا أن نص المادة 822 من قانون المدني لا تفرض على الحائز إلا إثبات الركن المادي. فقرر له القانون قرينة على توافر الركن المعنوي إلا أنها قرينة بسيطة تجوز إثبات عكسها فيكون على من يدعي انعدام الركن المعنوي للحيازة إثبات عكس ذلك و القانون قد وضع أكثر من قرينة مقرونة بإثبات الركن المادي فإذا أثبت هذا الأخير كان قرينة على أن الحيازة صحيحة خالية من العيوب و قانونية ،و بالتالي هذه الحيازة قرينة على الملكية . و لذلك فإن مركز الحائز يعد ممتازا إذ حباه القانون بجملة من الامتيازات فما عليه إلا إثبات السيطرة المادية للعقار أو الحق العيني و لما كانت السيطرة المادية أو الركن المادي واقعة مادية، فإنه يجوز إثباتها بكل طرق الإثبات بما فيها البينة (2) فيجوز للمحكمة إحالة القضية على التحقيق في حالة إنكار الحيازة لإثباتها ولو بشهادة الشهود سواء من تلقاء نفسها طبقا لنص المادة 43 من قانون الإجراءات المدنية ،أو بناءا على طلب أحد الخصوم أو إحالتها على أهل الخبرة أو إثباتها عن طريق المعاينة ،كما يجوز إثباتها عن طريق القرائن و يحق المحكمة أن تستخلص من وقائع الدعوى و الأوراق و المعاينة(3) ثبوت الحيازة المادية أو عدم ثبوتها .
و ما يقال عن إثبات الركن المادي للحيازة يقال عن إثبات الاعتداء ما دام كلاهما يعتبران واقعة مادية في دعوى استرداد الحيازة ففي حالة إنكار الاعتداء المتمثل في انتزاع الحيازة كليا أو جزئيا فهذا الأخير أيضا يمكن إثباته بكل طرق الإثبات و على مدعي العكس إثبات ادعائه
و لا يجب أن يمس هذا التحقيق أصل طبق لنص المادة 415 ق إ م بل ينبغي أن ينصب على سبب الحيازة و سبب دعوى استرداد الحيازة أي الركن المادي للحيازة و الاعتداء دون التطرق إلى أصل الحق فلا يجب البحث إن كان الحائز هو المالك أم لا ، لأنه في ذلك تحقق للجمع بين دعوييى الحيازة و الملكية الأمر المحضور بنص المادة 416 من قانون الإجراءات المدنية ، سيما أن الحيازة المادية قرينة على الحيازة القانونية و الحيازة القانونية قرينة على الملكية لحين إثبات العكس ،فلا يجب الاستناد إلى أصل الحق في إثبات سبب الحيازة أو سبب دعوى استرداد الحيازة كأن يستند المدعي أو المدعى عليه إلى عقد البيع أو الهبة أو الوصية أو حتى التقادم المكتسب فيجب في كل الأحوال التمييز بين حماية الحيازة لذاتها و الاستناد للحيازة باعتبارها سبب لكسب الملكية بالتقادم المكسب .
و في هذا الصدد فقد ذهبت المحكمة العليا للتأكيد على إمكانية إثبات الحيازة و الاعتداء الواقع عليه بكل طرق الإثبات القانونية من خلال القرار الذي صدر بتاريخ 05/05/1999 ملف رقم 170136 بخصوص المادة 415 من قانون الإجراءات المدنية ،إذا من المقرر في هذه المادة أنه إذا أنكرت الحيازة أو أنكر التعرض لها فإن التحقيق الذي يؤمر به في هذا الخصوص لا يجوز أن يمس بأصل الحق (1) .
حيث يتضح في القضية المطروحة أن قضاة الموضوع بتأييدهم للحكم المستأنف و القاضي برفض دعوى المدعي مستندين بذلك على التحقيق الذي أجرته المفتشية و هو تحقيق ليست له القوة القانونية الملزمة مادام أجرى من طرف الخصم و لم يأمر به القضاة كما تشترطه المادة 415 من قانون الإجراءات المدنية فإن قضاة المجلس يكونون قد خالفوا القانون مما يستوجب نقض القرار.
و حسب رأينا المتواضع فإن التحقيق في واقعة الحيازة أو الاعتداء الواقع على الحيازة لا يشترط أن يكون بموجب أمر قضائي صادر عن القضاة ،ذلك أن موضوع دعوى هي واقعة مادية يجوز إثباتها بكل طرق الإثبات سواء تم الإثبات بسعي من المحكمة أو بسعي من المدعي.






المبحث الثاني: دعوى منع التعرض.
دعوى منع التعرض هي أهم دعاوى الحيازة ويصفها الشراح بأنها دعوى الحيازة العادية، بمعنى أنها ترفع في كل صور التعرض للحيازة. أما دعاوى الحيازة الأخرى فلا ترفع إلا في صور خاصة من التعرض ومن ثمة فهي دعوى الحيازة الرئيسية، لأنها تحمي الحيازة في ذاتها والحيازة فيها هي الحيازة الأصلية وليست العرضية (1) .
ووردت دعوى منع التعرض في القانون المدني الجزائري وبذلك بنص المادة 820 وجاء فيها: "ما حاز عقارا واستمر حائزا له لمدة سنة كاملة ثم وقع له تعرض في حيازته جاز له أن يرفع خلال سنة دعوى بمنع التعرض".
كما وردت في قانون الإجراءات المدنية بنص المادة 413 وجاء فيها: "الدعاوى الخاصة بالحيازة فيها عدا دعوى استرداد الحيازة يجوز رفعها ممن كان حائزا بنفسه أو بواسطة غيره لعقار أو لحق عني عقاري، وكانت حيازته هادئة علنية مستمرة لا يشوبها انقطاع وغير مؤقتة وغير خفية واستمرت لهذه الحيازة لمدة سنة على الأقل".
وعلى غرار باقي دعاوى الحيازة، فدعوى منع التعرض تشبه الدعاوى الاستعجالية لأنها لا ينظر فيها إلى موضوع الحق وكذلك لأنها تتطلب هي نفسها الحماية القانونية. إلا أنه ومن ناحية الاختصاص فقد استقر القضاء في أغلب الدول لا سيما فرنسا ومصر،على أنها دعوى موضوعية وذلك لأن إثبات الحيازة يكون بجميع طرق الإثبات باعتبارها واقعة مادية، وبذلك تستلزم إجراءات تحقيق موضوعية لا يمكن للقاضي الاستعجالي أن يختص بالنظر فيها، لأنه لا يتسع نطاقه لذلك كون البحث في شروط الحيازة يشكل مساسا بأصل الحق.
كما يرى البعض أن موقف الغرفة العقارية بالمحكمة العليا بخصوص مدى جواز اعتبار دعوى منع التعرض دعوى استعجالية، فكان في قرار يحمل رقم 217-226 مؤرخ في: 26-01-2000 "غير منشور" أن الاستعجال هو الضرر المحدق بالحق والمطلوب رفعه بإجراء وقتي لا تعسف في إجراءات التقاضي العادية مع عدم المساس بأصل الحق عملا بالمادة 188 ق.إ.م.
فبالرجوع للقرار المنتقد يتضح منه أن قضاة الموضوع تمسكوا باختصاصهم على أساس أن ما قضي به لا يمنح الحق لطرف دون آخر، وإنما هو إجراء وقتي وحتى لا تبقى الأرض بدون حرث، مع أن الدعوى في النزاع الحال تتعلق بمنع التعرض وهي إحدى الدعاوى الثلاثة المقررة قانونا لحماية الحيازة العقارية. وبتالي فهي دعوى موضوعية بحكم طبيعتها لا تدخل أصلا في اختصاص قاضي الاستعجال، لأن الفصل فيها يستوجب البحث في صفة واضع اليد وعناصر الحيازة وشروطها ومدة وضع اليد. وهذه جميعا مسائل تحقيق موضوعية لا يتسع لها نطاق القضاء المستعجل، علاوة على أنه في تحديد من له الحيازة القانونية مساسا بأصل الحق.
وحيث من جهة أخرى فإن المجلس بقضائهم على الطاعنين بعدم التعرض للمطعون ضدهم لم يبقى بعد حكمه لهذا بين الطرفين أي طلب موضوعي يطرح على القضاء(1).
إلا أن قاضي الاستعجال بمحكمة سعيدة لهم رأي مخالف إذ يعتبرون دعوى منع التعرض تدخل في اختصاص قاضي الاستعجال في حدود سلطته التقديرية. وذلك حسب كل حالة وتجلى ذلك من خلال فصل قاضي الاستعجال بالمحكمة في قضية تتعلق بمنع التعرض (*).
ويرى الدكتور صالح باي محمد في محاضرة تحت عنوان المنازعات العقارية ألقيت بمناسبة الملتقى الوطني حول القانون العقاري، المنظم من قبل جامعة كلية الحقوق بن عكنون يومي 16 و 17 أفريل 2001 بأن القرار السابق الذكر محل النظر كون أن دعوى منع التعرض للحيازة هي دعوى وقتية يصدر فيها حكم مؤقت، ومن ثمة فلا مانع من أن نظر قاضي الاستعجال في مثل هذه الدعوى(2).
وذلك إذا كان الغرض من رفع دعوى منع التعرض أمام قاضي الاستعجال هو مجرد إجراء وقتي، ولكن بشرط توافر عنصر الاستعجال.
و هذا الإجراء لا يمس بأصل الحق،و باعتبار دعوى منع التعرض من أهم دعاوى الحيازة و مع عدم وجود نص يقضي بأن دعوى وقف الأعمال ينظر فيها قاضي الاستعجال،فلا مجال إذن لكي نفرق بين دعوى منع التعرض، دعوى وقف الأعمال و دعوى استرداد الحيازة ،إذ هي كلها ذات طابع استعجالي لأنها تحمي الحيازة في ذاتها و ليس الملكية و ذلك بإجراء وقتي لا يمس بأصل الحق .
أما بالنسبة للاختصاص المحلي في دعوى منع التعرض ،فينعقد للمحكمة التي يقع في دائرتها العقر موضوع النزاع.فقد نص المشرع الجزائري في المادة 8/3 قانون الإجراءات المدنية على مايلي " في الدعاوى العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار أو دعاوى الإيجارات المتعلقة بالعقارات و أن تكون تجارية أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها العقار " .
و سنتناول هذه الدعوى من خلال ،عرضنا لأشخاصها و موضوعها و سببها .











المطلب الأول : أشخاص دعوى منع التعرض :
أشخاص هذه الدعوى هما الحائز و هو المدعي الذي يرفع الدعوى. و المعتدي و هو المدعى عليه الذي يتعرض للمدعي في حيازته (1) .
1/ المدعي في دعوى منع التعرض :
هو الحائز للعقار و يمكن أن يكون مالكا و هذا أمر طبيعي كما يمكن أن لا يكون مالكا، و في هذه الحالة تقوم الحيازة على وضع مادي مستقل عن السند القانوني، الذي يعتمده واضع اليد أساسا لإثبات حقه .
و لا فرق بين أن يكون الحائز صاحب حق مفرز أو صاحب حق شائع، فالحائز على الشيوع أن يرفع دعوى منع التعرض على شركائه الذين ينكرون عليه حق الانتفاع بمظاهر مادية، تخالف حقوق الشركاء في الشيوع .
كما أن المدعي في دعوى منع التعرض يجب عليه أن يثبت خلافا لما قررناه في دعوى استراد الحيازة، أن حيازته أصليه لا حيازة عرضية أي أنه يحوز لحساب نفسه لا لحساب غيره، فلا يجوز إذا وقع تعرض على حق الملكية أن يدفعه بدعوى منع التعرض ما لم يكن حائزا لحق الملكية لحساب نفسه و على ذلك فلا يجوز أن يرفع دعوى منع التعرض في هذه الحالة، صاحب حق الانتفاع أو صاحب حق الارتفاق أو المرتهن رهن حيازة أو المستأجر فهؤلاء جميعا حائزون عرضيون بالنسبة إلى حق الملكية، لأنهم إنما يحوزون هذا الحق لحساب غيرهم و هو المالك الذي يعتبر حائزا لحق الملكية لنفسه و يباشرا السيطرة المادية على العقار بواسطة هؤلاء (2) و إنما يجوز لصاحب حق الانتفاع و صاحب حق الارتفاق أو المرتهن رهن حيازي،أن يرفع دعوى منع التعرض على الحق الذي يباشر استعماله لحساب نفسه، فهو أصيل في حيازته و يحوز لحساب نفسه لا لحساب المالك باعتباره مالك الرقبة .
إلا أنه وجب أن نفرق بين التعرض على حق الملكية و التعرض على الحيازة، فصاحب حق الانتفاع و صاحب حق الارتفاع أو إمرتهن رهنا حيا زيا إذا حصل له تعرض من قبل مالك الرقبة على حيازته فإنه يجوز له رفع دعوى منع التعرض ضد المالك لأنه كما سبق شرحه الحائزون العرضيون فريقان :
حائز العرضي ينزل من الأصيل منزله التابع من المتبوع، بحيث لا يتمتعون بأية حرية تصرف كالولي، الوصي، القيم و الوكيل طالما يعمل في حدود وكالته و المدير أو المفوض من قبل الشخص المعنوي. و حائز عرضي يحوز لحساب غيره ،ولكن لا يعدون تابعين للحائز الأصيل بل لهم قسط من حرية التصرف في حيازتهم، كصاحب حق الانتفاع، الإستعمال، السكنى ،الدائن المرتهن. جميعا يحوزون حيازة مادية صحيحة لحق عيني يحوزنه لأنفسهم فليسوا عرضيون بالنسبة لهذا الحق .
بل أصليون فهم حائزون عرضيون بالنسبة لحق الملكية و حائزون أصليون للحق العيني الآخر فصاحب حق الانتفاع مثلا : حائز عرضي لأن سنده نفسه يعترف بحق صاحب الرقبة، لكنه ليس عرضيا بالنسبة لحق الانتفاع بل حيازته كاملة صحيحة يجوز معها رفع دعاوى الحيازة حتى على المالك .
و إذا كان المدعي شريك في الشيوع فهو يرفع دعوى منع التعرض ضد الغير، دون حاجة إلى تدخل شركائه في الشيوع معه في الدعوى. بل وله كذلك أن يرفع هذه الدعوى ضد شركائه أنفسهم إذا تعرضوا لحيازته في الشيوع بأعمال تتعارض مع هذه الحيازة ، و قضت محكمة النقض المصري بأن للحائز على الشيوع أن يحمي حيازته بدعاوى الحيازة ضد التعرض له فيها، سواء كان هذا المتعرض شريكا معه أو تلقى الحيازة عن هذا الشريك.
فإذا قامت الحيازة على عمل من أعمال التسامح أو على ترخيص من جهة الإدارة يجوز الرجوع فيه في أي وقت، فإن الحيازة لا تكون عرضية إلا بالنسبة للمالك المتسامح أو إلى جهة للإدارة المرخصة فلا يجوز للحائز في هاتين الحالتين أن يرفع دعوى منع التعرض على المالك نفسه أو جهة الإدارة نفسها، إذا تعرض احد منها لحيازته(1) إلا أنه في القانون الجزائري لا يستطيع رفع دعوى منع التعرض حتى على الغير كما هو وارد بنص المادة 808 من القانون المدني لأن الحيازة لا تقوم على رخصة من رخص أعمال التسامح و على خلاف القانون الجزائري فإن الحيازة في هذه الحالة تعتبر أصلية بالنسبة للغير و عرضية بالنسبة للمالك أو الإدارة المرخصة تبيح رفع دعوى منع التعرض ، فيستطيع الحائز إذا تعرض له في حيازته غير المالك أو غير جهة الإدارة أن يدفع هذا التعرض بدعوى منع التعرض(*).
وكما سبق شرحه فإن المدعي يجب عليه أن يثبت عليه يثبت أن حيازته أصلية لا عرضية، لأن الحيازة العرضية لا تحميها دعوى منع التعرض إلا أن المستأجر ورغم أنه حائز عرضي فقد استثناه المشرع الجزائري بنص المادة 487 ق.م.ج في الفقرة الأولى فتنص: "لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض الصادر من أجنبي والذي لا يستند على حق له على العين المؤجرة وهذا لا يمنع المستأجر من أن يطالب شخصيا بحق لمن تعرض له بالتعويض وأن يمارس ضده جميع دعاوى الحيازة."
فالمستأجر إذن هو الحائز العرضي الوحيد الذي يجوز له رفع دعوى منع التعرض أو بالأحرى جميع دعاوى الحيازة.
فيجوز للمستأجر أن يرفع باسمه جميع دعاوى الحيازة، في حالة التعرض المادي الصادر من أجنبي.ولكن الراجح عدم قبول دعوى الحيازة التي يرفعها المستأجر ضد المالك، لأن العلاقة بينهما تسند إلى عقد الإيجار وما يرتبه من حقوق والتزامات، وهذا العقد لا الحيازة هو أساس الدعوى والحكم فيها، الأمر الذي يجعل قبولا دعوى الحيازة في هذا المثال مساسا بقاعدة عدم الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الحق(1).
غير أنه يرى البعض أن دعوى منع التعرض تحمي كل حائز، و كذلك واضع اليد بمعنى الحائز العرضي الحالي على العقار أو الحق العيني من أي اعتداء يقع على حيازتهما(*) ولا نوافقه الرأي في ذلك لأن هذه الدعوى تحمي الحيازة القانونية لا العرضية.
وهكذا نقضت المحكمة العليا قرار رقم 56026 المؤرخ في 15-11-1989 مجلة قضائية لسنة 1990 عدد 02 ص 34 جاء فيه أن المستأجر له الحق في ممارسة شخصيا دعوى الحيازة ضد من تعرض له، ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا للأحكام القضائية المعمول بها ... وأن قضاة الموضوع برفضهم لطلبه الرامي إلى طرد المطعون ضده،على أساس أنه كان عليه مرافعة المؤجر الذي له معه علاقة تعاقد،خالفوا الأحكام القانونية المعمول بها.
وحتى في القضاء المصري وطبقا للمادة 1575 قانون مدني مصري فأجازت للمستأجر أن يرفع باسمه على المتعرض جميع دعاوى الحيازة، سواء كان تعرض الغير له ماديا أو قانونيا.
فدعوى منع التعرض تحمي الحيازة الأصلية بشرط أن تستمر مدة سنة كاملة(*) وشرط دوام الحيازة مدة سنة، شرط مقرر بصريح النص في المادة 820 ق.م.ج وعلى صاحب العقار الحائز أي المدعي أن يثبت أنه حاز العقار لمدة سنة.
وأنه الحائز فعلا لهذه العقار و يكفي لإثبات إستمرار الحيازة خلال مدة سنة،إثبات قيام الحيازة في وقت سابق معين و إثباتها في الحال ،كي توجد قرينة على قيامها في المدة الممتدة بين الزمنين حسب المادة 830 ق.م.ج(1) .
فدعوى منع التعرض تحمي الحيازة المستقرة، التي تكون قد دامت وقتا كافيا وذلك مدة سنة.
فالمدعي في هذه الدعوى يقع عليه عبء إثبات توافر الركن المادي للحيازة، وذلك من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع،ويجوز أن يثبت الحيازة الفعلية للعقار بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن ... وكذا القاضي يستطيع أن يستدل بشهادة الشهود. كما يمكن للمدعي ضم مدة حيازة سلفة سواء كان خلف عام أو خلف خاص لهذا السلف، وبذلك يتحقق توفر شرط السيطرة المادية على العقار، وإضافة إلى هذا الركن المادي ، يجب توافر الركن المعنوي لأن من شروط الحيازة توافر ركنها المادي والمعنوي .
فالركن المادي هو السيطرة المادية على العين، والمعنوي هو نية الظهور على العين بمظهر صاحب الحق(2). كما يقع عبء إثبات أن الحيازة ظاهرة واضحة وهادئة على المدعي، أي أن يثبت أن حيازته خالية من العيوب الواردة في المادة 808 ق.م.ج والمادة 413 كما سبق شرحه.
ولا يشترط لرفع دعوى منع التعرض أن يكون الحائز حسن النية، فله رفع هذه الدعوى حتى ولو كان سيء النية. والمدعي كي يرفع دعوى منع التعرض، يجب أن يقع تعرض للحائز في حيازته وقد يكون هذا التعرض مادي أو قانوني.
فيجب على المدعي أن يرفع الدعوى خلال سنة من وقت التعرض قانونيا أو ماديا، فإذا لم ترفع الدعوى خلال هذه المدة لم تعد مقبولة لاعتبارين:
* أن وضع يد الغاصب مدة سنة وضعا هادئا مقرونا بنية التملك، ينشئ حيازة جديدة ينتج عنها زوال حيازة واضع اليد السابق.
* يقوم على أن سكوت الحائز الأول مع استمرار العدوان الواقع على حيازته يفيد حيازة الثاني صفة الهدوء،مما يجعل حيازة الأول معيبة ويمنع إقامة دعوى اليد(1).
- كما أن التراخي في رفع الدعوى طوال مدى المدة يفترض أن التعرض ليس خطيرا،بحيث يخل بالأمن والسلام.فضلا عن رضا الحائز بذالك الوضع و في حالة رفع دعوىبعد فوات ميعاد السنة يدعم بعدم قبولها(2) . وحساب مدة السنة يبدأ من يوم وقوع تعرض، سواء مادي أو القانوني فإذا كان تعرض خفي فإنه حسب من يوم علم الحائز به .
و في حالة تعرض القانوني،فلا تسري المدة إلى من تاريخ توجيه الإجراء القضائي أو غير القضائي إلى الحائز أو من يمثله قانونا.
و إذا قدمت الدعوى بعد مرور سنة من التعرض ، فهنالك من يرى أنه على القاضي أن يرد الدعوة تلقائيا . و محكمة النقض المصرية فترى أن مدة سنة هي مدة تقادم خاص يسري عليها حكم القطع لنقض 03 فبراير 1958 مجموعة أحكام نقض السنة التاسعة ص 149. أما القضاء الفرنسي فلقد أقر وقف المدة وقطعها(3).
-فإذا تتابعت أعمال التعرض وترابطت وصدرت عن شخص واحد بحيث تكون فعل تعرض من مجموعها، فإن احتساب مدة السنة يبدأ من تاريخ وقوع آخر عمل من هذه الأعمال(4).
* وهناك من يرى أن تحسب المدة من تاريخ حصول أول عمل من أعمال التعرض، والأرجح في محكمة النقض الفرنسية أن يترك الأمر للقاضي فهو الذي يقدر الظروف التي تتناسب مع كل حالة على حدة ولعل هذا الرأي يمكن اعتماده في القضاء الجزائري.
أما إذا تكون من هذه الأعمال ما يكفي بذاته لاعتباره تعرضا، احتسبت مدة السنة من تاريخ أول عمل منها،وإذ صدرت من أشخاص متعددين فكل عمل من هذه الأعمال يعتبر قائما بذاته،وتتعد دعاوى منع التعرض بتعدد هذه الأعمال، وتحتسب مدة السنة بكل دعوى من تاريخ وقوع التعرض الذي يترتب عليه الحق في إقامتها.
وإذا كان التعرض مبني على التصرف قانوني، سرت السنة من وقت وقوع التصرف الذي اعتبر تعرضا. أما إذا كان التعرض عملا قام به المدعى عليه في ملكه هو فلا تسري السنة في دعوى منع التعرض إلا من الوقت الذي يتقدم فيه هذا العمل حتى يصبح تعرضا واقعا على حيازة المدعي(1).









2/ المدعى عليه في دعوى منع التعرض :
- المدعى عليه هو الشخص الذي يتعرض للمدعي في حازته (1) و التعرض الصادر من المدعى عليه قد يكون تصرفا قانونيا و قد يكون عملا ماديا. و قد ينجم عن أشغال عامة أو أشغال خاصة كما سيأتي شرحه في حينه .
و الأصل أن دعوى منع التعرض ترفع ضد المدعى عليه نفسه الذي صدر منه التعرض و قد ترفع ضد الغير و لو كان حسن النية (2)
فكل عمل مادي أو تعرض قانوني سواء مباشر أو غير مباشر يأتيه، يعتبر تعديا يسمح برفع دعوى منع التعرض، كما لو دخل المدعى عليه أرض المدعي دون إذنه بل قد يصل التعرض إلى حد إخراج المدعي من أرضه و سلب حيازته و يبقى الأمر مع ذلك في نطاق دعوى منع التعرض لا في نطاق دعوى استرداد الحيازة التي تقتضي سلب الحيازة بالقوة و الغصب أو الخفية كما سبق شرحه .
و إقامة المدعى عليه حائطا أو بناءا في أرضه يسد به مطلا لجاره أو يمنع به النور و الهواء عنه يعتبر تعرضا و رعي المدعى عليه مواشيه في أرض جاره دون إذن منه و مرره فيها مدعيا أنه له عليها حق ارتفاق بالمرور و دخوله دارا يحوزها المدعي متمسكا بأنه استأجر هذه الدار من مالكها أو أن له حق انتفاع. كل هذه الأعمال تعتبر تعرضا للمدعي في حيازته و تبيح لهذا الأخير رفع دعوى منع التعرض (3) و أن لا يكون التعرض الصادر من المدعى عليه قد ألحق ضررا بالمدعي فلا يلزم أن يكون كل تعرض صدر من المدعى عليه قد أحدث ضررا للمدعي كما لا يلزم أن يعتبر العمل الصادر من المدعى عليه تعرضا لمجرد أنه أحدث ضررا للمدعي و في هذه الحالة الأخيرة إذا كان العمل قد أحدث ضررا للمدعي دون أن يتضمن ادعاء يعارض حيازته لا يكون هناك محل لرفع دعوى منع التعرض و إنما يكون للمدعي أن يرفع دعوى تعويض (4) .


















و في هذا الصدد قضت الغرفة العقارية للمحكمة العليا في قرار رقم 215749 بتاريخ 25/07/2001إن القضاء بالتعويض على أساس المادة 124 ق م ج في دعوى إنكار الحيازة لا يعد مساسا بأصل الحق و لا يشكل خرقا للمادة 415 ق إ م فالصياد الذي يتابع فريسته فيمر في حقل الحائز هنا لا ترفع دعوى منع التعرض و إنما التعويض ،فالتعرض الذي يبيح رفع دعوى الحيازة يجب أن يشكل معارضة الحيازة لغير و لا يهم بعد ذلك أن ينتج عنه ضرر يطلب التعويض أم لا(1) .
و التعرض الصادر من المدعى عليه يجب أن يكون غير قائم على أساس حق ثابت للمدعى عليه و حتى لو كان المدعى عليه يستند في تعرضه إلى حق ثابت له فإنه يقضى عليه مع ذلك بمنع التعرض لأن قاضي الحيازة لا شأن له بموضوع الحق. و دعوى منع التعرض إنما تحمي الحيازة في ذاتها متى كانت ثابتة بصرف النظر عما إذا كان للحائز حق يستند إليه في حيازته أو ليس له هذا الحق .
و حتى لو كان المدعى عليه حسن النية في تعرضه و بالرغم من أن ليس له حق يستند إليه في تعرضه فهو يظن بحسن نية أن له حق فإنه بالرغم من ذلك يقضي عليه بمنع التعرض و هذا راجع لأن دعوى منع التعرض تحمي الحيازة لذاتها بغض النظر عن ما إذا كان المدعى عليه سيء النية أو حسن النية .
و ترفع دعوى منع التعرض على المتعرض نفسه و على الغير و غني عن البيان أن المدعى عليه في دعوى منع التعرض هو المتعرض نفسه أي الشخص الذي صدرت منه أعمال التعرض و يحل محل المتعرض خلفه العام أي ورثته فتوجه إليهم الدعوى بعد موت المتعرض(2) . فترفع دعوى منع التعرض ضد الخلف العام أو الخاص بالنسبة للمتعرض أو المغتصب حتى و لو كان هذا الخلف حسن النية .
و ترفع ضد المدعى عليه دعوى منع التعرض كما لو كان شريكا في الشيوع فإذا تعرض الشريك لحيازة باقي الشركاء في الشيوع و ذلك من أجل الاستئثار بالملك، هنا ترفع ضده هذه الدعوى.
و إذا ثبت أن المتعرض كان وكيلا عن غيره إذ قام بالتعرض لحساب الغير فيكون للمدعي الخيار بين رفع دعوى منع التعرض ضد الوكيل أو الموكل.
كما ترفع دعوى الحيازة ضد المتعرض و لو كان نائبا في الحيازة عن غيره كرفعها ضد مستأجر العقار مثلا .لكن جرى الأمر في فرنسا على أنه لا يجوز رفع دعاوى الحيازة ضد الحائز(1) .
كما أن المتعرض قد يكون هو المتعرض لكنه يعمل لصالح الغير أو بأمر منه كما إذا كان التعرض قد صدر من المستأجر أو الوكيل بأمر من المؤجر أو الموكل أو لصالحه و ليس للمستأجر أو الوكيل أن يطلب إخراجه من دعوى منع التعرض بحجة أنه إنما عمل بأمر من المؤجر أو من الموكل بل يبقى خصما في الدعوى و له أن يدخل المؤجر أو الموكل فيها ضامنا (2) .
فإذا كان الغرض من دعوى منع التعرض الخروج من العقار أو إعادة الحالة إلى ما كانت عليه فإن هذه الدعوى يمكن أن ترفع على الغير الذي انتقل إليه هذا العقار و لو كان حسن النية لا يعلم أصلا بهذا التعرض لكن في هذه الحالة لا يطالب المدعى بالتعويض الذي لحق به إلا إذا أثبت أنه سيء النية .














المطلب الثاني :موضوع دعوى منع التعرض
يكون موضوع دعوى منع التعرض بإزالة الأعمال التي تمت، و يستوي أن تكون الأعمال قد تمت في عقار المدعي أو المدعى عليه (1) فإذا قام شخص مثلا بالبناء على مسافة أقل من 02 أمتار تعرض انطلاقا من الحد الفاصل بين الملكتين، فيكون منع التعرض بغلق المطلات و ترك المسافة القانونية .
فليس من الضروري أن يقع الاعتداء على ملك الحائز، بل يتحقق التعرض فيما لو أتى المتعرض بأعمال مادية في عقاره لكنها تتعارض مع حق الحائز، كمن يسد مجرى الماء المتصل بأرض جاره فيعارض عمله مع حق الري (2) .
و يجب تعيين موضوع الدعوى تعيينا نافيا للجهالة ،بأن يبين المدعي نوع هذه الأعمال التي أصبحت تشكل تعرضا للحيازة، فإذا كان مصدره عملا ماديا وجب وصف هذا العمل و تحديد طبيعته و إذا كان تصرفا قانونيا وجب كذلك وصف هذا فيما إذا كان إنذارا أو دعوى قضائية أو تصرف ناقلا للملكية (3) .
لا يجوز كذلك أن يرفع المدعى دعوى منع التعرض بغرض تنفيذ عقد يربط بين المدعى و المدعى عليه، و هنا يجب أن ترفع دعوى العقد و ليس دعوى منع التعرض فإذا تعرض القاضي الذي رفعت أمامه دعوى منع التعرض ،إلى موضوع الحق الناشئ من العقد،لكي يلزم المدعي عليه به فهنا نكون أمام جمع بين دعوى الحيازة و دعوى موضوع الحق . وعلى ذلك إذا أتى الراهن رهن حيازة عملا ينقص من قيمة الشيء المرهون أو يحول دون استعمال الدائن لحقوقه المستمدة من العقد، فليس للدائن المرتهن أن يلجأ إلى دعوى منع التعرض لإلزام الراهن بعدم الإخلال بعقد رهن الحيازة، بل يلجأ إلى دعوى عقد الرهن الحيازة ذاته لإلزام الراهن بتنفيذ العقد(4).
و قضي في فرنسا أنه لا يجوز الالتجاء إلى دعوى منع التعرض، إذا قطعت شركة الكهرباء و الغاز عن المشترك للكهرباء أو الغاز لوجود عقد بين الشركة و المشترك هو الذي يحكم العلاقة بين الطرفين.
فمن واجب القاضي عند الفصل في دعوى منع التعرض، أن يبحث في طبيعة وضع اليد و كذا شروطه، كما له أن يبحث في ماهية التعرض و تاريخ نشوءه .
فلا يجوز أن يمس التحقيق الذي يأمر به القاضي بأصل الحق حسب ما هو وارد في المادة 415 من قانون الإجراءات المدنية فلا يجوز للقاضي مثلا أن يسمع لشهود بشأن عناصر الملكية، كما لا يجوز له أن يندب خبيرا للتحقيق في مستندات و أسباب الملكية و إن تم فحص هذه المستندات فينبغي أن يكون على سبيل الاستئناس و بالقدر الذي يقتضيه التحقيق من توافر شروط الحيازة (1) .
و كما سبق الإشارة إليه في المطلب الأول، فإن التعرض الحاصل لحيازة المدعي و أحدث له ضررا دون أن يتضمن أدعاء يعارض حيازته أو يعكرها، فهنا فإن الدعوى لا يمكن أن يكون موضوعها منع التعرض، و إنما دعوى تعويض لأن المتعرض الذي يعكر حيازة المدعي و يبيح له رفع دعوى منع التعرض لا يشترط أن يلحق بالمدعي ضررا، فالقاضي هنا لا ينظر إلى الضرر الذي حصل للمدعي في دعوى منع التعرض على أساس أنه شرط فلا يهم إن حصل هذا الضرر أو لم يحصل طالما كان العمل الصادر من المدعى عليه يشكل معارضة لحيازة المدعي (*).
و للمدعي الحق في أن يكيف دعواه سواء من جهة الشكل أو من جهة الموضوع، بحسب ما يرى و حقه في ذلك يقابله حق المدعى عليه في كشف خطأ هذا التكيف، و القاضي يهيمن على هذا و ذاك من حيث انطباق هذا التكيف على الواقع و ألا يتقيد بتكيف المدعي للحق الذي يطالب به، بل عليه أن يبحث في طبيعة هذا الحق ليرى ما إذا كان التكييف صحيحا قانونا أم غير صحيح، و يأخذ بهذا التكييف قضية مسلمة و لو للفصل في مسألة شكلية قبل مناقشة الحق المتنازع عليه موضوعا(2) .
إن تكييف المدعى دعواه تكييفا خاطئا لا ينطبق على واقعتها التي ذكرها في عريضة الافتتاحية لا يقيد القاضي و لا يصح أن يمنعه من إعطاء الدعوى وصفها الحقيقي و تكييفها القانوني الصحيح .
فإذا رفع المدعي دعواه على اعتبار أنها دعوى استرداد حيازة، و وصفها صراحة بذلك و لكن كان الظاهر من العريضة أن الحق الذي يتمسك به و الواقعة التي ذكرها تستلزمان أن تكون دعوى منع تعرض، يقضي القاضي على أساس أنها دعوى منع التعرض. و هذا يستنتج من قرار المحكمة العليا رقم 196094 مؤرخ في 26/04/2000 م.ق 2000 عدد 01.ص 01.
"أن المدعية تزعم من جهة أنها تحوز الأرض موضوع النزاع و أن للمدعى عليهما تعرضا لها في حيازتها،و من جهة أخرى نشير أنها فقدت هذه الحيازة بفعل المدعى عليهما اللذان تعرضا لها في حيازتها و من جهة أخرى نشير أنها فقدت هذه الحيازة بفعل المدعى عليهما، اللذان احتلا الأرض و حرثاها و أرعيا حيوانهما فوقها فكان على قضاة الموضوع أن يحددوا نوع دعوى الحيازة المطروحة أمامهم، و أن يطبقوا القواعد الخاصة بها سواء تلك المنصوص عليها في المادة 413 ق إ م .
إذا تعلق الأمر بالتعرض للحيازة و تلك المنصوص عليها في المادة 414 ق إ م إذا تعلق الأمر باسترداد الحيازة" .
في فرنسا قضي بأنه يجوز رفع دعوى منع التعرض و دعوى استرداد الحيازة في وقت واحد، و بأنه يجوز لمن رفع دعوى منع التعرض أن يحولها إلى دعوى استرداد الحيازة (1) دون أن يعد ذلك دعوى جديدة(*) .
فمن يرفع دعوى يطلب منع التعرض ثم يغير طلبه في الأخير و يطلب استرداد الحيازة، فهنا العبرة بالطلب الأصلي طالما تغير عنصر واحد من عناصر الطلب القضائي و هو الموضوع فقط دون السبب. و تجدر الإشارة في هذا المجال إلى حكم صدر بمحكمة سعيدة القسم العقاري . و فيه قام المدعي قي الدعوى بعرض وقائع القضية مبينا التعرض الحاصل له، بالعنف على قطعته الأرضية من قبل المدعى عليهم هؤلاء الذين قاموا بحرثها مستعملين العنف فكيف القاضي أحل النزاع على أنه يتعلق باسترداد الحيازة إلا أن منطوق الحكم تعلق بمنع التعرض و ذلك لما ألزم المدعى عليهم بعدم التعرض في حيازة قطعة الأرض (2) .
و بما أن موضوع دعوى منع التعرض يتعلق بإزالة أعمال أو إعادة الحالة إلى ما كانت عليه ، لذا يختلف منطوق الحكم الصادر في هذه الدعوى حسبما كان التعرض ماديا أو قانونيا .
إذا كان التعرض ماديا يصدر القاضي حكم إلزام، محله إزالة أثار التعرض مثل هدم الحائط الذي يسد المطل أو إلزام المتعرض بالامتناع عن التعرض للحائز مثل منعه من المرور على أرض الجار .
و إذا كان التعرض قانونيا يأتي الحكم تقريريا يؤكد حيازة المدعي و ينفي حق المتعرض في اتخاذ الإجراء الذي قام به(1).
و الحكم في دعوى منع التعرض يقوم على أسباب مستمدة من الحيازة ذاتها ، و لما كانت ولاية القاضي في هذه الدعوى تتسع لإزالة الأفعال المادية التي يجيرها المتعرض باعتبار، أن قضاءه بذلك هو من قبيل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض(2)
و يحكم القاضي بمنع التعرض حتى لو كان يعتقد أن المتعرض سيفوز في دعوى الملكية، أو دعوى موضوع الحق لأن القاضي المعروض عليه دعوى الحيازة لا شأن له بالملكية .


المطلب الثالث : سب دعوى منع التعرض
رأينا أن دعوى منع التعرض هي الدعوى التي يطالب فيها المدعي بإزالة الأعمال التي قام بها المدعى عليه و التي شكلت تعرضا لحيازته .
و التعرض الصادر من المدعى عليه في هذه الدعوى هو العنصر المجسد لشرط المصلحة في دعوى منع التعرض (1) .
و يتمثل سبب هذه الدعوى في الاعتداء الحاصل على حيازة المدعي و يكون مصدر هذا الاعتداء إما تعرضا ماديا، أو تصرفا قانونيا، أو تعرضا ناجما عن أشغال عامة أو خاصة،
و يجب على المدعي أن يثبت حيازته للعقار و أن تكون هذه الحيازة أصلية لا عرضية ،و أن يحدد سبب الدعوى و ذلك بتحديد نوع الاعتداء ما إذا كان مصدر تعرضا ماديا أو تصرفا
قانونيا (2) .
و عليه يتجسد التعرض بقيام المدعى عليه بعمل مادي أو تصرف قانوني يتضمن ادعاء يعارض به حيازة المدعي يبيح لهذه الأخير اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالحماية القضائية لمركزه القانوني بدعوى منع التعرض لإزالة ذلك التعرض مثال : إقامة المدعى عليه حائطا أو بناءا في أرضه يسد به مطلا لجاره أو مروره في أرض جاره مدعيا أنه له حق ارتفاق المرور ..الخ فهذه الأعمال تجسد تعرضا للمدعي في حيازته و قاضي الموضوع هو المختص في تقديم ما إذا كان هناك تعرض للحيازة أم لا .
و قد يكون التعرض ماديا و قد يكون قائما على تصرف قانوني و قد يكون التعرض بسبب أشغال عامة، أو أشغال خاصة مرخصا بها من جهة الإدارة، و في جميع الأحوال لا يجوز رفع دعوى منع التعرض ضد المدعى عليه الذي تربطه بالمدعي الحائز علاقة تعاقدية نجم عنها التعرض الحاصل من المدعى عليه (3) .
و قبل التطرق لماهية كل شكل من أشكال التعرض جدير بنا إزالة اللبس حول بعض النقاط الخاصة بهذا التعرض كسبب لرفع دعوى منع التعرض.
حيث لا يشترط في التعرض الصادر عن المدعى عليه أن يلحق ضررا بالمدعي بل المهم أن يتضمن التعرض إدعاءا يعارض به المدعى عليه حيازة المدعي فمجرد حدوث ضرر للمدعي دون معارضة في حيازته فهذا لا يشكل تعرض يؤدي إلى رفع دعوى منع التعرض و إنما يؤدي إلى رفع دعوى تعويض .
و عليه يكفي أن يعارض المدعى عليه حق المدعي في الحيازة ليكون هناك تعرض واقع من المدعى عليه فلا يشترط أن يكون التعرض قد ألحق ضرر بالمدعي أو أن يكون ظاهرا أو حصل علنا و إنما يكفي أن يعلم به المدعي حتى يبدأ ميعاد السنة التي يجوز له رفع الدعوى خلالها(1) .
كما لا يشترط أن يكون التعرض غير قائم على أساس حق ثابت للمدعى عليه، فحتى لو كان المدعي يستند في تعرضه إلى حق ثابت له فإنه من حق المدعي اللجوء إلى دعوى منع التعرض،لأن القاضي الفاصل في الحيازة يحمي الحيازة في ذاتها و لا شأن له بموضوع الحق و لأن القانون يحمي الحيازة كونها قرينة على الملكية لغاية إثبات العكس فالحائز غالبا ما يكون هو المالك و نادرا ملا يحوز المالك ملكه بنفسه.
و كما سبق القول أن الحيازة تحمى في ذاتها فإنه لا يشترط أن يكون المدعى عليه سيء النية، فحتى و إن كان حسن النية معتقدا أنه يستند في تعرضه إلى حق له فإنه يقضى عليه بمنع التعرض بصرف النظر عما إذا كان المتعرض سيء النية أو حسن النية.
كما لا يشترط أن تكون أعمال التعرض وقعت في العقار الذي يحوزه المدعي فلا مانع من وقوعها في العقار الذي يحوزه المدعى عليه أو في عقار يحوزه الغير لأن العبرة في أعمال التعرض أن تشكل ادعاء يعارض حق المدعي في الحيازة .
و أخيرا لا يشترط أن تقع أعمال التعرض بالقوة أو العنف فقد تقع خلسة و في خفية عن المدعي و مع ذلك تشكل تعرضا لحيازة الأخير يجوز له دفعه بدعوى منع التعرض.
و التعرض الصادر من المدعى عليه كما سبق شرحه قد يكون تعرضا ماديا أو تعرضا قائما على تصرف قانوني،كما قد يكون ناجما عن أشغال عامة أو أشغال خاصة و سنفضل كل نوع على حدى فيما يلي :
1/ التعرض المادي : يتمثل في واقعة مادية أو عمل مادي يحرم الحائز من حيازة العين أو يعطل انتفاعه بالحيازة تعطيلا كليا أو جزئيا و من أمثلة ذلك المرور في أرض يحوزها الجار
أو منعه من القيام بذلك و سواء تم ذلك باستعمال العنف أو بدونه (1)
فكل هذه أعمال تعتبر تعرضا ماديا للمدعي في حيازته و قاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان هناك تعرض مادي،و لكن لا يعد العمل تعرضا للحيازة إذا اكتفى بإحداث أضرار بالحائز مادام لا يتضمن ادعاء يتعارض مع حيازة الغير و من أمثلة ذلك قطف ثمار من أرض الجار خلسة أو وضع مواد البناء فيها بناءا على رضاه، لكن و إن كانت مثل هذه الأعمال لا تسمح برفع دعوى منع التعرض فإنها يمكن أن تكون أساسا لدعوى أخرى مثل دعوى التعويض عن الأضرار الواقعة (2) .
2/ التعرض القانوني : هو تصرف إرادي يصدر من المدعى عليه يتضمن إدعاء يعارض به حيازة المدعي،و قد يصدر هذا التصرف خارج مجلس القضاء كما إذا أنذر المدعى عليه مستأجرا بدفع الأجرة له هو لا للمؤجر فيكون هذا تعرضا لحيازة المؤجر للعين المؤجرة، و من الأمثلة كذلك إنذار المدعى عليه المدعي ألا يقيم بناء في الأرض التي يحوزها هذا الأخير فيكون هذا تعرضا لحيازة المدعي للأرض (3) .
و من خلال الأمثلة السابقة يتبين أن التعرض القانوني يتخذ إحدى الصورتين :
أ- إما صورة إجراء قضائي : كرفع دعوى يعارض فيها المدعى عليه حيازة المدعي أو إذا تدخل شخص في دعوى مدعيا أن له حق على الأرض محل النزاع في مواجهة الحائز الممثل في الدعوى فإن هذا يعتبر تعرضا للأخير يجيز له رفع دعوى منع التعرض فكل ما يوجه إلى واضع اليد على أساس ادعاء حق يتعارض مع حقه يصلح أساسا لرفع دعوى منع التعرض حتى و لو لم يكن هناك غصب (4) .
ب-إما صورة إجراء غير قضائي : مثل إبرام عقد إيجار مع الغير محله العقار محل الحيازة أو توجيه إنذار للمستأجر للمطالبة منه بدفع الأجرة إليه هو بدلا من الحائز المؤجر،أو إنذار الحائز بالخروج من العقار و إلا طرده منه بالقوة (5) .
3/ التعرض الناجم عن الأشغال العامة : قد يصدر التعرض من جهة الإدارة للأفراد في حيازتهم،التعرض الذي يستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساسا لرفع دعوى حيازة لمنع هذا التعرض و ذلك لما يترتب حتما على الحكم في الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه (1) .
و لا يكون للحائز في هذه الحالة من سبيل لدفع هذا التعرض سوى الالتجاء إلى القضاء الإداري صاحب الاختصاص لوقف تنفيذ الأمر الإداري أو إلغائه، و قد ينجم عن هذه الأشغال التي تقوم بها الإدارة لحيازة الأفراد كليا أو جزئيا دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية كما هو الشأن بالنسبة لقانون الاحتياطات العقارية حيث تأتي الدولة و تنزع الملكية دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية فقد اتجه رأي في الفقه إلى أن القاضي الفاصل في الحيازة يصبح مختصا في هذه الحالة في إثبات قيام الحيازة إذا كانت محل نزاع، و يجوز له كذلك أن يأمر بوقف الأشغال أما إذا كان القانون يخول جهة الإدارة الاستيلاء نهائيا على أملاك الأفراد فالنزاع هنا يكون من اختصاص القضاء الإداري (2) .
4/ التعرض الناجم عن الأشغال الخاصة : و هنا ينشأ التعرض نتيجة أشغال خاصة رخصت فيها الإدارة، كما إذا أدار شخص محلا مقلقا للراحة ( ملهى ليلي مثلا ) بعد أن حصل على رخصة من جهة الإدارة، أو إذا حصل شخص على رخصة بناء و كان البناء الذي أقامه بموجب الرخصة الممنوحة من الإدارة يشكل تعرضا للحائز فإن التعرض في هذه الحالة و الحالات المشابهة لها تسري عليه القواعد العامة و يكون الفصل فيه من اختصاص القاضي العادي،و للحائز أن يلجا إلى دعوى الحيازة لمنع هذا التعرض و إزالة الأعمال التي تمت و نجم عنها التعرض، كون الترخيص الإداري الممنوح من الإدارة في هذا المجال و الأعمال المرخص بها يكفي أن لا تتعارض مع مصلحة عامة مع حفظ حقوق الأفراد فيما أصابهم من ضرر جراء هذه الأعمال المرخص بها من الإدارة.
و المقصود من حفظ حقوق الأفراد فيما أصابهم نتيجة الأعمال المرخص يها من الإدارة هو حق اللجوء إلى القضاء، و القضاء العادي هو المختص هنا من أجل منع أعمال التعرض للحيازة و لا تعتبر رخصة البناء كمسألة أولية لأنها لم تكن محلا لقرار إداري، أي أن الحائز الذي وقع له تعرض من هذا النوع يلجأ مباشرة للقضاء العادي لمنع التعرض و إزالة الأعمال و إعادة الحال إلى ما كانت عليه .
المبحث الثالث : دعوى وقف الأعمال الجديدة :
هي دعوى يتمسك فيها المدعي بحيازته القانونية التي تهددها أعمال جديدة يقوم بها المدعى عليه من شأنها لو تمت أن تمس حيازته طالبا الحكم بوقف الأعمال و مثالها الدعوى التي ترفع من حائز حق ارتفاق على مالك العقار المجاور لمطالبته بإيقاف البناء الذي شرع فيه لأنه لو تم لأصبح مانعا من استعمال حق الارتفاق (1) .
يلاحظ من التعريف أن دعوى وقف الأعمال الجديدة تحمي الحيازة القانونية من خطر يهددها لم يقع فعلا، أي تقوم على مصلحة محتملة فهي دعوى وقائية تهدف إلى درء خطر ممكن الوقوع مستقبلا .
و قد وردت دعوى وقف الأعمال الجديدة في القانون المدني الجزائري بنص المادة 821 فقرة أولى منه التي تنص :" يجوز لمن حاز عقارا و استمر حائزا له مدة سنة كاملة و خشي لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته أن يرفع الأمر إلى القاضي طالبا وقف هذه الأعمال بشرط أن لا تكون قد تمت و لم ينقض عام واحد على البدء في العمل الذي يكون من شأنه أن يحدث الضرر " .
و على خلاف باقي دعاوى الحيازة تتميز دعوى وقف الأعمال بأنها تعود بالفائدة للمدعي و المدعى عليه فتسمح للمدعي بتفادي ضرر سيلحق به مستقبلا و تسمح للمدعى عليه بتفادي إزالة أو هدم الأعمال التي بدء فيها لو ترك يستمر في القيام بها (2) .
كما تتميز دعوى وقف الأعمال الجديدة عن دعوى الاسترداد بأن الحيازة لم تنتزع من الحائز، و تتميز عن دعوى منع التعرض بأن الأعمال التي يقوم بها المدعى عليه ليست أعمال تعرض وقع فعلا بل هي أعمال لو وقعت تكون تعرضا فهي دعوى مستقل عن الدعويين السابق ذكرهما .





و طالما أن دعوى وقف الأعمال الجديدة كغيرها من دعاوى الحيازة واردة على عقار فإن المحكمة المختصة في نظرها هي المحكمة التي يقع في دائرتها العقار المطلوب وفق الأعمال الجديدة التي بدأت في العقار محل الحيازة ، كما ينعقد الاختصاص المحلي للمحكمة التي يقع في دائرتها جزء من هذا العقار– صغر هذا الجزء أو كبر– إذا كان العقار الواقع عليه الاعتداء يتكون من عدة أجزاء تقع في دوائر محاكم متعددة (1) .
هذا من ناحية الاختصاص المحلي ، أما الاختصاص النوعي فإنه لما كانت دعاوى الحيازة تحمل طابع الدعاوى الاستعجالية التي لا يجوز فيها التعرض للموضوع لذلك نجد أن الأصل في دعوى وقف الأعمال الجديدة أن يختص بها القاضي الإستعجالي كونها من المسائل التي يخشى فيها فوات الوقت (2) ، هذا من جهة و من جهة أخرى نعتقد أن الكفالة المنصوص عليها بالمادة 821 من القانون المدني الفقرة الثانية لا يحكم بها سوى القاضي الاستعجالي، و يشترط لاختصاص القضاء الاستعجالي لنظر دعوى وقف الأعمال الجديدة- فضلا عن وجوب توافر حيازة قانونية استمرت لمدة سنة و شروع المدعى عليه في أعمال لو تمت لأصبحت تعرضا للحيازة و وجوب رفع الدعوى خلال سنة من تاريخ بدء الحيازة -، وجوب توافر حالة الاستعجال و عدم المساس بأصل الحق و تخلف شرط من هذين الشرطين كأن يتبين القاضي الاستعجالي أن الاستعجال الذي يخشى معه من فوات الوقت غير متوافر أو أن يتبين أن الفصل في الدعوى يقتضي بحث موضوعي يمس أصل الحق المتنازع عليه عندئذ يتعين عليه القضاء بعدم الاختصاص النوعي بنظر الدعوى (3) .
و يظهر من خلال ما سبق أن دعوى وقف الأعمال الجديدة تنفرد بخصائص و شروط تميزها عن باقي دعاوى الحيازة ، و سنتناول هذه الشروط بشيء من التفصيل عندما نتطرق لأشخاص دعوى وقف الأعمال الجديدة و ما يجب توافره في أشخاص هذه الدعوى و كذلك عند تناولنا لموضوع هذه الدعوى و سببها .
لذلك سنتطرق في هذا المبحث لأشخاص دعوى وقف الأعمال الجديدة في المطلب الأول
و موضوعها في المطلب الثاني و سببها في المطلب الثالث على النحو الآتي بيانه :
المطلب الأول : أشخاص دعوى وقف الأعمال الجديدة :
هما المدعي و هو الحائز الذي له حيازة قانونية و أصبحت حيازته مهددة بخطر داهم و المدعى عليه هو الشخص الذي أصبح يهدد الحائز ( المدعي ) في حيازته .
و عليه سنتناولهما كما يستلزم القانون من شروط واجبة التوفر في كل منهما :
1 / المدعي في دعوى وقف الأعمال الجديدة : المدعى في هذه الدعوى هو حائز العقار الذي يقع عليه إثبات أن حيازته مستمرة ، علنية ، هادئة، غير غامضة أي خالية من العيوب ، و يجب أن يستند إلى حيازة أصلية لحساب نفسه و ليست حيازة عرضية لحساب غيره و ذلك ما يستشف من نص المادة 821 فقرة أولى من القانون المدني السابقة الذكر .
و تجدر الإشارة أنه إذا قامت الحيازة على عمل من أعمال التسامح أو على ترخيص من جهة الإدارة يجوز الرجوع فيه في أي وقت ، فإن الحيازة لا تكون عرضية إلا بالنسبة إلى المالك المتسامح ، أو جهة الإدارة المرخصة ، و فيما عدا هاتين الصورتين تكون الحيازة أصلية تبيح رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة (1) .
و يستثنى من هذا الأصل بصفة خاصة المستأجر الذي أباح له القانون بموجب المادة 487 من القانون المدني ممارسة دعاوى الحيازة .
و لا يشترط في الحائز ( المدعي ) أن يكون حسن النية بل يشترط فيه باستقراء المادة 821 فقرة أولى من القانون المدني السابقة الذكر أن تكون حيازته قد دامت سنة كاملة بدون انقطاع قبل شروع المدعى عليه في الأعمال الجديدة التي لو تمت لأصبحت تعرضا للحيازة ، و للمدعي في حساب السنة أن يضم إلى مدة حيازته مدة حيازة سلفه سواء كان خلفا عاما أو خاصا .
و في إطار سرد الشروط المتعلقة بالمدعي يتعين التأكيد على أن المدعي يجب أن يستند إلى الحيازة باعتبارها إحدى دعاوى وضع اليد و ليس إلى عقد ، فإذا كان المدعي مرتبطا مع المدعى عليه بعقد و كان إيقاف الأعمال الجديدة يدخل في نطاق هذا العقد ، ففي هذه الحالة يتعين على المدعي أن يلجأ إلى دعوى العقد و ليس إلى دعوى الحيازة لإلزام المدعى عليه باحترام و مراعاة شروط العقد ، فإذا قام المؤجر بأعمال جديدة من شأنها أن تحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة كأن يحدث بالعين المؤجرة أو بملحقاتها تغييرا يخل بهذا الانتفاع ، فيستطيع المستأجر أن يلجأ إلى القضاء لإلزام المؤجر بوقف الأعمال الجديدة لا استنادا إلى دعوى الحيازة ( لأنه لا جوز للمستأجر و هو حائز عرضي رفعها ضد المؤجر ) و إنما استنادا إلى دعوى عقد الإيجار الذي يربطه بالمؤجر و الذي يلزمه بالامتناع عن التعرض المادي للمستأجر (1) .
و يشترط في المدعي فضلا عن وجوب توافر الحيازة القانونية أن يلتزم بالميعاد القانوني لرفع الدعوى ، فعليه رفع الدعوى خلال سنة من البدء من الأعمال المهددة لحيازته ، أي أن تكون الأعمال الجديدة التي بدأ فيها المدعى عليه لم تنقض سنة على البدء فيها ، و على المدعي الالتزام لمدة سنة من وقت البدء في الأعمال الجديدة فإذا كانت الأعمال متعاقبة يبدأ حساب السنة من وقت البدء في أول عمل منها، فلو انقضت السنة و رفعت الدعوى تكون غير مقبولة حتى و لو كانت الأعمال الجديدة لم تتم ، بل ينبغي على الحائز المدعي في هذه الحالة أن ينتظر حتى تتم الأعمال كي يرفع دعوى منع التعرض إذا توافرت شروطها .
و مدة السنة هي مدة سقوط تسري على ناقص الأهلية و الغائب لا يرد عليها الوقف أو الانقطاع على نحو ما سلف بيانه .
و منه ففي حالة أن الأعمال التي بدأت قد تمت فإنه بتمامها نكون أمام فرضين :
* أن يتحقق التعرض و بالتالي يمكن رفع دعوى منع التعرض .
* أن لا يتحقق التعرض و بالتالي تنتفي الحاجة لرفع أية دعوى (2) .
و علاوة على الشروط السابق ذكرها يتعين أن تكون الأعمال التي يطلب المدعي وقفها أن تجري على عقار المدعى عليه و ليس في عقار المدعي أو الغير كما سيأتي شرحه عند التطرق للمدعى عليه .
كما أن هذه الأعمال يخشى الأسباب معقولة أن تؤدي إلى الإضرار بالحائز و بهذا يكون العمل إشارة لاعتداء محتمل على الحيازة .
2- المدعى عليه في دعوى وقف الأعمال الجديدة :
هو الشخص الذي يبدأ أعمالا في عقاره الذي يملكه لم تصل إلى حد تصبح فيه تعرضا فعليا لحيازة المدعي و يجب أن تهدد هذه الأشغال حيازة المدعي ، و أن يكون هذا التهديد حقيقيا مبنيا على أسباب معقولة و موضوعية و ليس مجرد وهم يقوم في ذهن الحائز، و يكفي أن يستند المدعى عليه إلى ترخيص إداري يسمح له بالقيام بهذه الأعمال لأن الإدارة عندما تمنح هذه الرخصة فهي تتحقق فقط من كون أن الأعمال المرخص بها لا تمس بالمصلحة العامة ، و يبقى حق الأفراد محفوظا في حالة ما إذا ألحقت بهم أضرار جراء هذه الأعمال أن يلجؤوا إلى القضاء العادي لطلب وقف هذه الأعمال (1) .
و بالرجوع لنص المادة 821 فقرة أولى من القانون المدني السابقة الذكر نجدها تشترط بصريح العبارة أن تكون الأعمال التي بدأها لم تتم أي أن المدعى عليه شرع فيها و لم تنتهي بعد كأن يشرع المدعى عليه في بناء حائط في أرضه يمنع المدعي صاحب حق الارتفاق من المرور في الأرض فيقوم بحفر الأساس و جلب مواد البناء ... الخ . فكل هذه الأعمال و تصرفات تنبأ بخطر وشيك الوقوع على الحيازة ، و في هذا الإطار يملك القاضي الاستعجالي - قبل الفصل في دعوى وقف الأعمال الجديدة – ندب خبير تكون مهامه الانتقال إلى العين محل النزاع لمعاينتها على الطبيعة و بيان ماهية الأعمال الجديدة المطلوب وقفها ، و ما إذا كان المدعى عليه ما يزال في مرحلة الشروع فيها أم أنها تمت بالفعل و في الحالة الأخيرة يتعين على الحائز رفع دعوى منع التعرض و ليس دعوى وقف الأعمال الجديدة إذ تكون قد فقدت أحد الشروط الخاصة بها مما يؤدي إلى القضاء بعدم الاختصاص النوعي (2) .
و أبعد من هذا طالما أن القاضي الاستعجالي له سلطة تقدير حالة الاستعجال أي تقدير درجة الخطر المهدد للحيازة ، فله في سبيل ذلك الانتقال إلى المحل المطلوب وقف الأعمال الجديدة فيه لإجراء معاينة للأعمال و تقدير درجة الخطر للتحقق من وجود مصلحة محتملة تخول لصاحبها المطالبة بالحماية القضائية المؤقتة ضد الأعمال التي بدأ فيها المدعى عليه .
و الأعمال التي بدأها المدعى عليه و التي تعتبر سببا لرفع هذه الدعوى يشترط القانون ضمن المادة 821 من القانون المدني السابقة الذكر أن يكون المدعى عليه بدأها في عقاره هو و ليس في عقار المدعي أو الغير ، لأن الأعمال لو بدأت في عقار المدعي فإن مجرد بدأ المدعى عليه فيها يعتبر تعرضا حالا للحيازة و ليس مستقبلا ، و نفس الشيء إذا بدأت في عقار الغير لكانت تعرضا حالا لهذا الغير في حيازته و لوجب في الحالتين دفع التعرض بدعوى منع التعرض .


المطب الثاني : موضوع دعوى وقف الأعمال الجديدة
دعوى وقف الأعمال يرفعها الحائز ضد الغير الذي شرع في عمل لو تم لأصبح تعرضا للحيازة ،و ذلك بطلب منعه من إتمام هذا العمل (1)
و استقراء سريع لما تقدم يبين لنا أن أساس هذه الدعوى مصلحة قائمة للحائز في درء التعرض قبل حصوله لأنه ليس من المتصور حرمان الحائز من الحماية القانونية إلى أن يتم الاعتداء على حيازته .
فموضوع الطلب القضائي الذي يتقدم به المدعى أمام المحكمة في هذه الدعوى هو الحكم بإلزام المدعي عليه الذي سبق بنيابته أعلاه بوقف الأشغال التي يقوم بها في عقاره .
و مثال ذلك أن يشرع في بناء صور في أرضه لو تم لمنع المرور و تكون الأرض محملة بحق ارتفاق بالمرور لمصلحة جاره الحائز لحق الارتفاق أو أن يشرع في بناء حائط في عقاره لو تم لسد النور و يكون العقار محملا بحق مطل لمصلحة جاره.
إذن فموضوع الدعوى ليس منع التعرض بل أعمالا لو تمت لكان فيها تعرض و المصلحة فيها مستقبلية غير حالة قررت لحماية الحائز من خطر مستقبلي .
و هذا لا يعني أنها محتملة لأن القاضي عند فصله في الطلب وجب أن يتأكد قبل أمره بوقف الأعمال من أنها يمكن أن تشكل تعرضا و إلا قضى بعدم قبول الدعوى و مثال ذلك أن يرفع الحائز دعوى على جار احترم المسافة القانونية المقررة بنص م 709 ق م لحق المطل يطالب فيها بوقف أشغال بناء الحائط لأنها تستمد له النور و الهواء .
و قد منح المشرع رخصة رفع هذه الدعوى بنص م 821 ق م التي تبين بوضوح موضوع هذه الدعوى فتقول : " يجوز لمن حاز عقارا و استمر حائزا له لمدة سنة كاملة و خشي لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته أن يرفع الأمر إلى القاضي طالبا وقف هذه الأعمال شرط أن لا تكون قد تمت و لم ينقض عام واحد على البدء في العمل الذي يكون من شأنه أن يحدث بضرر "
و موضوع هذه الدعوى يختلف عن موضوع دعوى الاسترداد في أن الحيازة في هذه الدعوى لا تسلب أو تنتزع فيكون موضوعها وقف الأعمال في حين أن موضوع دعوى الاسترداد هو رد الحيازة و تختلف عن دعوى منع التعرض في أن الأعمال التي تصدر من المدعى عليه لا تعد تعرضا إلا إذا تمت و موضوع دعوى منع التعرض إزالة الأعمال .
و تختلف عن مجرد الطلب الاستعجالي بوقف أعمال مستحدثة درءا للخطر الذي لا يمكن تداركه أو يخشى استفحاله إذا فات عليه الوقت .
فالدعوى تدخل في نطاق حماية الحيازة بنص المادة 821 ق م و الأعمال المطلوب وقفها تمثل اعتداء على وشك الوقوع على الحيازة و يختص بها القاضي الاستعجالي بوصفها إحدى دعاوى الحيازة التي تحمل طابع الدعاوى المستعجلة و عندئذ يتعين توافر الشروط الخاصة بالدعوى المتمثلة في حيازة قانونية لمدة سنة استمرت دون انقطاع من طرف الحائز – قبل الشروع في الأعمال الجديدة – ثانيا الشروع في الأعمال التي لو تمت لأصبحت تعرضا للحيازة و رفع الدعوى خلال سنة من تاريخ البدء في الأشغال (1)
و الشروط الخاصة بالقضاء المستعجل المتمثلة في توافر شرطا الاستعجال توافر حالة الاسعجال و عدم المساس بأصل الحق – فإذا وجد القاضي أن الفصل في الدعوى يقتضي بحث موضوعي يتطرق فيه إلى أصل الحق المتنازع عليه أو أثيري منازعته بشأن توافر أخد الشروط و ظهر للقاضي جديتها و صعب عليه ترجيع أحد القوالين من ظاهر المستندات و احتاج الأمر للقاضي جديتها و صعب عليه ترجيع أحد القوانين من ظاهر المستندات و احتاج الأمر إلى بحث موضوعي معمق (2) عندئذ يتعين عليه القضاء بعدم الاختصاص و الأمر نفسه إذا رأى أن الاستعجال الذي يخشى معه فوات الوقت غير متوافر كأن ترفع الدعوى بعد مرور سنة أو بعد اقتراب انتهاء الأشغال أو انتهائها .
أما في الطلب المذكور أعلاه فالأعمال لا صلة لها بالحيازة و يختص بها في القاضي الاستعجالي في نطاق اختصاصه العام في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت و عندئذ وجب توافر الشروط الخاصة بالقضاء المستعجل .
و هذا ما ورد في قرارات المحكمة العليا التي تقول في قرار لها صادر بتاريخ 16/03/85 تحت رقم 33.252 المجلة القضائية 1989 العدد 4 ص 34 .
" متى كان من المقرر قانونا أن الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس أصل الحق و لما كان المجلس الذي أمر عن طريق الاستعجال بوقف الأشغال المتنازع فيها تعرض للفصل في الملكية بين الأطراف فإنه بهذا القضاء قد مس بالموضوع و خرق القانون "
و في قرارها الصادر بتاريخ 11/06/97 تحت رقم 151591 " إن وقف الأعمال من طرف الجهة الاستعجالية لا يمس بأصل الحق إنما هو مجرد تدبير مؤقت لحماية الحق من الخطر الناجم عن مواصلة البناء في انتظار الفصل النهائي في موضوع الدعوى "
و المدعى في دعوى وقف الأعمال الجديدة وجب أن يكون موضوع طلبه القضائي مستند إلى الحيازة كما هو الحال في باقي الدعاوى لا إلى العقد فإذا كان المدعى مرتبط بالمدعى عليه بعقد و كان إيقاف الأعمال يدخل في نطاق هذا العقد ففي هذه الحالة يتعين عليه أن يلجأ إلى دعوى العقد و ليس إلى دعوى الحيازة لإلزام المدعى عليه باحترام أو مراعاة شروط العقد فإذا قام المؤجر بأعمال جديدة من شأنها أن تحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة كأن يحدث بالعين المؤجرة أو بملحقاتها تغييرا يخل بالانتفاع فيستطيع المؤجر اللجوء للقضاء لإلزام المؤجر بوقف الأعمال استنادا إلى دعوى عقد الايجار الذي يلزم المؤجر بالامتناع عن التعرض المادي لمستأجر و ليس استنادا إلى دعوى الحيازة .
و لكن هذا المستأجر يمكنه أن يرفع دعوى وقف أعمال جديدة على جاره الذي يشغل الطابق العلوي إذا كانت هذه الأعمال ستسبب تعرضا كأن تؤثر على قنوات صرف المياه عنده مثلا .
و عموما فكل ما ذكر من أحكام إنما يخص موضوع الطلب القضائي لهذه الدعوى
- فما هو موضوع الحكم الذي يقضي به القاضي بعد دراسته للطلب المقدم
من المدعى الحائز ؟
إن الحكم الذي يقرره القاضي في الدعوى يقتص على وقف الأعمال دون أن يتجاوزها إلى إزالة هذه الأعمال.
و الحال لا تخلو من أحد الأمرين : إما أن يرى القاضي ،أن المدعى على حق في دعواه فيقدر أن هناك أسباب يخشى معها أن يكون هناك نعرض فعلي لحيازة المدعي لو تمت هذه الأعمال الجديدة و عند ذلك يصدر الحكم لصالح المدعي بوقف الأعمال و عدم الاستمرار فيها إلى أن ترفع دعوى الحق و يفصل فيها ،و في هذه الحالة يجوز للقاضي أن يأمر بتقديم كفالة مناسبة تكون ضمانا لإصلاح الضرر الناشئ من هذا الوقف إذا تبين بحكم نهائي أن الاعتراض على استمرار الأعمال كان على غير أساس (1)
















و بذلك فإذا فصل في دعوى الحق بأن المدعى عليه هو المحق و أن اعتراض المدعي على الاستمرار الأعمال كان على غير أساس من حيث موضوع الحق لا من حيث الحيازة جاز أن يحكم على المدعي بتعويض لإصلاح الضرر الذي أصاب المدعى عليه من جراء وقف الأعمال التي بدأها و عندئذ تكون الكفالة التي قدمها المدعي بناءا على الحكم الصادر في دعوى الحيازة ضمانا لهذا التعويض (1) و إما أن يرى القاضي أن المدعى ليس على حق في دعواه لأن شروط وقف الأعمال لم تتوافر فيحكم لصالح المدعى عليه و يقضي برفض الدعوى و من ثم يستمر هذا الأخير في الأعمال إلى أن ترفع دعوى حق و يفصل فيها و هنا يجوز الحكم على المدعى عليه بتقديم كفالة تكون ضمانا لإزالة هذه الأعمال كلها أو بعضها للتعويض عن الضرر الذي يصيب الحائز إذا حصل على حكم نهائي في مصلحته (2) .
و بذلك إذا قضى بحكم نهائي في دعوى الحق –الملكية- أن المدعي كان هو المحق و أن اعتراضه على استمرار المدعى عليه في الأعمال الجديدة كان مؤسسا من حيث موضوع الحق جاز الحكم على هذا الأخير بإزالة الأعمال كلها أو بعضها و تكون الكفالة في هذه الحالة المقدمة من طرف المدعى عليه بناءا على الحكم الفاصل في الحيازة ضمانا لهذه الإزالة .
و قد ذهب بعض الرأي إلى أن نظام الكفالة يلزم رافع دعوى الحيازة برفع دعوى الحق قصد إثبات صحة إدعائه في دعوى وقف أعمال الجديدة لأنه لو حكم لصالحه بوقف الأعمال مع دفعة كفالة لا يجوز له أن يسترد الكفالة إلا بعد استصدار حكم نهائي مثبت لحقه.
و إذا حكم على المدعى عليه بدفع الكفالة يلزمه لاستردادها رفع دعوى بنفي حق الحائز ليثبت أن الاعتراض على الاستمرار في الأعمال كان على غير أساس و هو في مجمله يلزم المحكوم له في دعوى الحيازة برفع دعوى الحق فيقف فيها موقف المدعي و يقع عليه عبء الإثبات مع أن الغرض الأصلي من حماية الحيازة بدعاوى خاصة يتمثل في إعفاء الحائز من رفع دعوى الحق لما فيها من مشقة اكتفاء بدعوى الحيازة (3)













و النقد يستدعي النظر إلى نظام الكفالة الوارد في م 821 ق م على أنه إجراء وقائي يتخذ من أجل تعويض الأضرار التي تنجم عن اتخاذ تدبير مستعجل أثناء سريان الخصومة و هو في هذه الحالة وقف الأعمال أو استمرارها بصفة مؤقتة إلى حين الفصل نهائيا في دعوى الحيازة لا في دعوى الحق (1) .
و الحكم الصادر في هذه الدعوى يكون مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون إذا صدر من القاضي الاستعجالي طبقا لنص المادة 188 ق أ م التي تنص :" تكون الأوامر الصادرة بالمواد المستعجلة معجلة النفاذ بكفالة أو بدونها" .
بعكس ما إذا رفعت هذه الدعوى بصفة موضوعية فلا تكون واجبة النفاذ إلا إذا نص الحكم على شملها بالنفاذ المعجل طبقا للقواعد العامة و استئناف الحكم يكون طبقا للجهة المصدرة له . و ما قيل بشأن استئناف و نفاذ هذه الدعوى يقال عن باقي الدعاوى .









المطلب الثالث : سبب دعوى وقف الأعمال الجديدة
ينحصر سبب دعوى وقف الأعمال الجديدة ببساطة و كما يظهر في اسم الدعوى في الأعمال الجديدة ،التي قد تلحق بحيازة المدعى أضرار إن تمت فدعوى وقف الأعمال تحمي الحيازة من تعرض في المستقبل .
فسبب هذه الدعوى شروع المدعى في أعمال لو تمت لأصبحت تعرضا للحيازة. بعبارة أخرى اعتداء على وشك الوقوع على الحيازة .
و مثال ذالك : أن يبدأ الشخص في بناء حائط في حدود أرضه لو مضى فيه إلى نهايته لسد النور و الهواء على جاره ،أو مطلا له و لنجم عن ذلك تعرضا لحيازة الحائز للعقار المجاور
و هو لا يزال آخدا في بناء الحائط فلا مجال لرفع دعوى منع التعرض و لكن هناك محل لرفع دعوى وقف الأعمال الجديدة التي يصدر فيها القاضي حكما بوقف البناء .
و يشترط في هذه الأعمال التي تشكل سبب لهذه الدعوى شرطان :
* أن تكون هذه الأعمال بدأت و لكنها لم تتم لأنها لو تمت لوقع التعرض فعلا و لوجب رفع دعوى منع التعرض لا وقف الأعمال الجديدة ،أي يكون المدعى عليه قد شرع في هذه الأعمال و لم تنته بعد .
كأن يشرع المدعى عليه في بناء سور في أرضه يمنع المدعى صاحب حق الارتفاق من المرور في الأرض فيقوم بحفر الأساس و شراء المواد اللازمة لإقامة البناء من اسمنت و رمل و اتفاق مع البنائين (1)
و لكن يجب أن يكون هناك أسباب معقولة تدعو للاعتقاد إلى أنه لو تمت هذه الأعمال لنجم عنها تعرض فعلي لحيازة المدعى و هذه مسألة واقع يقدرها القاضي .
و يتعين على المدعي في هذه الدعوى أن يذكر هذه الأعمال بالتفصيل مع تعيينها تعيين دقيقا،فيذكر نوع تلك الأعمال و يقدم الدليل على ضررها بالنسبة لحيازته و له في ذلك أن يستعين بكل وسائل الإثبات لكون المسألة متعلقة بوقائع مادية تثبت بكل وسائل الإثبات القانونية
كما أن للقاضي نفسه أن ينتقل إلى عين المكان ليعاين بنفسه مكان الأشغال و للقاضي أيضا قبل الفصل في دعوى وقف الأعمال الجديدة ندب خبير تكون مهمته الانتقال إلى العين محل النزاع لمعاينتها على الطبيعة و بيان ماهية الأعمال الجديدة المطلوب وقفها و ما إذا كان المدعى عليه لا يزال في مرحلة الشروع فيها أم أنها تمت بالفعل لأنها في هذه الحالة الأخيرة يتعين رفع دعوى منع التعرض .
و هو الذي قضى به في محكمة سعيدة بتاريخ
و القاضي يتأكد من توافر شروط الاستعجال ثم يتأكد من ظاهر المستندات من توافر شروط الحيازة القانونية في الحائز.
أما إذا أثيرت منازعة تبيان هذه الشروط و ظهرت جدية النزاع و لم يسعف القاضي الاستعجالي أن يستشف من ظاهر الملف و احتاج الأمر إلى بحث معمق قضى أيضا بعدم الاختصاص (1).

* أن تكون الأعمال التي يبدأها المدعى عليه قد وقعت في عقاره هو لا في عقار المدعي
و لا في عقار الغير لأن الأعمال لو بدأت في عقار المدعي لكان التعرض حالا لا مستقبلا
و لو بدأت في عقار الغير لكان التعرض لحيازة هذا الغير قد وقع هو أيضا حالا لا مستقبلا .
و لو وجب في الحالتين رفع دعوى منع التعرض لا دعوى وقف الأعمال الجديدة لكن إذا كان الغير راضيا بهذه الأعمال أو متواطئا مع المدعى عليه في شأنها كان الغير شريكا للمدعى عليه و يستوى إذن أن تبدأ الأعمال في عقاره أو عقار المدعى عليه (2)
و تحديد زمان الاعتداء إضافة إلى تحديد الاعتداء نفسه أمر مهم لأنه الأساس الذي تحسب على أساسه سنة رفع الدعوى التي تحسب من تاريخ البدء في أول عمل من هذه الأعمال .
أما إذا تعددت الأعمال الجديدة و تباعدت و استقل بعضها عن بعض أو صدرت من
أشخاص مختلفين فإن البدء في كل عمل من هذه الأعمال يعتبر اعتداءا قائما بذاته .
و تتعدد فيه دعاوى الأعمال الجديدة بتعدد هذه الأعمال أو الأشخاص و السنة تبدأ لكل دعوى من يوم البدء في العمل " العمل منشأ الدعوى "
و إذا رفعت الدعوى بعد مرور أكثر من سنة كانت غير مقبولة فيقضى فيها بعدم توافر الاستعجال و بالتالي عدم الاختصاص و في هذه الحالة على المدعي أن يتربص حتى تتم الأعمال و يقع التعرض فعلا على حيازته .