منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأثبات بشهادة الشهود في المواد المدنية و التجارية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-15, 23:08   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الخاتمـــــــة

الخاتمـــــــة


وخلاصة ما توصلنا إليه بعد الانتهاء من دراسة موضوع الإثبات بشهادة الشهود في المواد المدنية والتجارية، أن العمل بها يحتل ميدانا معتبرا في المسائل التي يجوز فيها الإثبات بها، حتى وإن كانت المكانة الأولى في الإثبات تعود للكتابة نتيجة للتقدم العلمي.
إن موضوع دراستنا يدور حول الإثبات بشهادة الشهود في المواد المدنية والتجارية، وقد تطرقنا إليه في فصلين، تناولنا في الفصل الأول القواعد الموضوعية للإثبات بشهادة الشهود، وقبل الخوض في شرحها عرفنا في المبحث الأول الشهادة من الجانب اللغوي، والجانب الاصطلاحي، وبينا خصائصها ، وصورها المتمثلة في الشهادة المباشرة ، والسماعية ، والشهادة بالتسامع، وتطرقنا بعدها إلى السلطة الواسعة الممنوحة للقاضي في تقدير أقوال الشهود، والتي لها وجه سلبي وآخر إيجابي.
فمن جهة تعتبر هذه السلطة ضمانة للمتقاضي، إذ منحها له المشرع لمجابهة احتمال الكذب محاباة لأحد الخصمين، أو ضده ، حيث يمكن لأي كان في وقتنا الحالي أن يعد دليل إثبات، يتمثل في شهادة شاهد، للحكم لصالحه مع أنه ليس بصاحب حق، ومن جهة أخرى فإن الأخذ بشهادة شاهد أو عدم الأخذ به، والذي مرده وجدان القاضي، دون رقابة عليه من المحكمة العليا، قد يؤدي على تدخل ذاتيــة القاضي، ويصعب في هذه الحالة إثبات حياده.
وعندما تتبعنا القواعد الموضوعية المتعلقة بالإثبات بشهادة الشهود، رأينا أن هناك حالات يستبعد فيها الإثبات بالشهادة تناولناها في المبحث الثاني وهي التصرفات القانونية المدنية -دون التجارية- التي تتجاوز قيمتها نصاب معين حدده المشرع في المادة 333 ق م بمائة ألف دينار جزائري،كما تستبعد الشهادة أيضا في إثبات ما يخالف أو يجاوز ما هو ثابت بدليل كتابي كامل، ولو كانت قيمة التصرف لا تتجاوز النصاب المحدد قانونا،وحالات أخرى تناولناها في المبحث الثالث يجوز فيها الإثبات بالشهادة سواء باعتبارها كدليل أصلي، في الوقائع المادية، والتصرفات التجارية مهما كانت قيمتها لأنها تقوم على حرية الإثبات،والتصرفات المدنية التي لا تتجاوز مائة ألف دينار جزائري، أو باعتبارها دليلا تكميليا في حالة وجود مبدأ ثبوت بالكتابة، أو دليلا بدليا في حالتي وجود المانع من الحصول دليل كتابي، وفقد السند الكتابي بسبب لا دخل لطالب الإثبات بشهادة الشهود فيه.
أما الفصل الثاني فقد خصصناه لكيفية سماع الشهود ابتداء بالشروط الواجب توافرها لقبول طلب الإثبات بالشهادة، وقسمناه إلى شروط تتعلق بالشاهد وشروط تتعلق بالشهادة ذاتها.
الشروط الخاصة بالشاهد تتمثل في شرط أهليته للشهادة، ولاحظنا من خلال الواقع أن القاضي يواجه مشكلة في تطبيق المادة 64 ق إ م عند سماع شاهد لم يبلغ 15 سنة، فهل يطبق الفقرة الرابعة منها، أم السادسة؟
كما أن قانون الإجراءات المدنية لم يبين موقفه من الشاهد ناقص الأهلية ، وأنه لم يقم بالتنسيـق بين مواده ومواد القانون المدني، خاصة بعد تعديل هذه الأخيـرة، وشرط عدم وجود رابطة قرابــة أو مصاهرة بينه وبين أحد الخصوم، بالإضافة إلى شروط أخرى مقررة بالشريعة الإسلامية وقد بينا موقف المشرع الجزائري منها.
أما الشروط المتعلقة بالشهادة ، فمنها ما هي موضوعية تتعلق بالواقعة المراد إثباتها، ومنها ما هي شكليـة، تتمثل في وجوب تأديـة الشهـادة شفاهـة أمـام القضاء وبحضور الخصوم، بعد تأدية اليمين القانونية
لنتتبع بعد ذلك إجراءات الإثبات بشهادة الشهود ، ابتداء بتقديم طلب الإثبات من المكلف بالإثبات شفاهة أو كتابة، والحكم به عند قبوله قبل الفصل في الموضوع من طرف القاضي، ثم بينـا إجراءات سمـاع الشهود، التي رسمهـا القانـون وذلك بإحضار طالب الإثبات شهوده معه بالجلسة، أو يكلفهم بالحضور وفقا للقواعد العامة. وفي حالة غياب الشاهد عن الجلسة قرر له المشرع غرامة مدنية، وبالمقابل نص المشرع في المادة 73 ق إ م على أن الخصم الذي يحضر أكثر من 5 شهود عن واقعة واحدة، يتحمل مصروفات ما زاد عن 5 شهود، إلا أن هذه المادة لا يوجد لها أثر عمليا، لأن مصاريف الشهود الأقل من 5 إذا كانت تحسب ضمن المصاريف القضائية، لا يعطى منها دينار للشاهد، بينما ما زاد عن 5 شهود لا يلاحظ مطلقا إيداع طالب الإثبات كتابة ضبط المحكمة التسبيقات المالية، التي لا تغطي مصاريف الشهود فقط بل مصاريف كل إجراءات التحقيق، حتى أن المشرع قد رتب على عدم إيداعها تخلي القاضي عن الإجراء الذي أمر به ، فماذا عن عدم الأمر بها؟
وفي ميعاد الجلسة المحدد في الحكم يتم سماع الشهود، أين يجب على الشاهد أن يعرف بهويته، وعلاقته بالخصوم ، ثم يؤدي اليمين بأن يقول الحق، ورأينا أنه من الأفضل لو يؤدي الشاهد اليمين بالصيغة التالية: "أقسم بالله العظيم أن أقول كل الحق، ولا شيء غير الحق"، وعللنا رأينا هذا، ثم ذكرنا أنه يترتب على عدم أدائها بطلان التحقيـق ، وبالتالي بطلان الحكم المبني على تلك الشهـادة، إلا أن القانـون 08ـ 09 المؤرخ في 25/02/2008 رتب على عدم أداء اليمين قابلية الشهادة للإبطال.
وإذا لم تبدى أوجه تجريح الشاهد من قبل الخصم، يتلقى القاضي الشهادة ويحرر الكاتب بذلك محضرا، حدد المشرع بياناته، يوقع عليه القاضي، والكاتب والشاهد،ليتم عرضه على المحكمة لاستخلاص وجه الحكم منه.
وقد نص المشرع على أن محضر التحقيق يلحق بأصل الحكم في المادة 74 ق إ م، وأكد ذلك في المادة 160 من القانون 08- 09، وهو دليل على أن المحضر يرسل مع أصل الحكم لمصلحة التسجيل، لتبرير التسبيقات المالية السابق ذكرها إلا أنه في الواقع العملي، محاضر سماع الشهود لا وجود لها لدى أمين الضبط الرئيسي مع أصول الأحكام، فهي تترك ضمن أوراق الملف، والسبب هو عدم وجود الأموال التي تبررها هذه المحاضر، وهو ما يضر بالخزينة العمومية من جهة، وبحقوق الشاهد التي يجهلها من جهة أخرى.
وأخيرا تطرقنا إلى الشهادة الزور، وتناولنا موضوعها من خلال تعريفها وبينا أن المشرع لم يضع لها تعريفا، لذلك اعتمدنا على التعريف الفقهي لها، وكذا تناولنا أركانها المتمثلة في أنه لا بد من وجود شهادة تمت أمام القضاء بعد حلف اليمين، أدت إلى تغيير الحقيقة ، هذا التغيير سبب ضررا للضحية، وبعد ذلك تتبعنا إجراءات المتابعة بها، والعقوبة المقررة لها، ثم بينا حقوق المضرور منها ،والمتمثلة في حقه في الإدعاء المباشر، والإدعاء المدني، وحقه في طلب أو التماس إعادة النظر في الحكم الذي بني اعتمادا على الشهادة الزور.
إلا أننا أثناء تربصنا الميداني، لاحظنا الغياب التام لهذه الجريمة، وأرشيف المحكمة يكاد يخلو من الأحكام المتعلقة بها، وحتى قرارات المحكمة العليا في هذا الشأن نادرة جدا، فهل ذلك راجع إلى صعوبة اكتشاف الكذب وتزييف الوقائع؟ أم أن الشهود في بلادنا يشهدون دائما الحقيقة، خوفا من سخط وغضب الله عزوجل لأنهم يحلفون به قبل الإدلاء بالشهادة؟










رد مع اقتباس