منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التنبؤ بالمستقبل - التفكير الإداري الاستراتيجي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-02-24, 15:35   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
طرطار رضا
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية طرطار رضا
 

 

 
إحصائية العضو










Hourse الرؤية الجديدة

تلك الصورة المطبوعة في خلايا الدماغ، فإننا لا نشعر بالتوتر، بل ونتصف بالفعالية والعفوية والانطلاق. أما عندما نرى أنفسنا بعيدين عن تلك الصورة فإن عملية التفكير الإبداعي لدينا تتحرك باتجاه الصورة الأكثر انطباعاً في عقولنا، وبالتالي الأكثر تسلطاً. لذلك ندرك أن علينا جعل الرؤية الجديدة، أو الحالة الجديدة المطلوبة أقوى من الحقيقة الراهنة. كما ندرك أنه لكي نضمن تحرك الآخرين نحو مهمة ما، يتحتم على الرؤية أن تكون قوية في أذهانهم أيضاً، وليس فقط في ذهن القائد. فإذا لم تعم هذه الصورة في جميع أفراد المؤسسة تبرز مشكلة تمسك الإفراد بمناطق الارتياح الحاضرة الخاصة بهم. وإننا كقادة، نحتاج إلى طبع الرؤية الجديدة في عقول جميع أفراد المنظمة أو المؤسسة بشكل بناء ونافع ومأمون. ويجب أن تكون هذه الرؤية من الوضوح والقوة بحيث تنشئ منطقة ارتياح جديدة، أي تصوراً جديداً عما يجب أن تكون عليه الأشياء. وبعبارة أخرى، هدفاً جديداً مرغوباً أو غاية مطلوبة. وبسبب الطبيعة الغائية في الكائنات البشرية، فإن الأفراد الذين يرون الصورة الجديدة سوف يرون أنفسهم في حالتهم الحاضرة خارج تلك الصورة، أو خارج خط الشعاع فتدب فيهم موجة عظيمة من الطاقة الإبداعية إلى التوجه إلى حيث ينتمون، وتبنى الصورة الجديدة بوصفها هدفاً جديداً. وهذه العملية تسمى (مجازفة).
(كل الناس يحلمون، لكن بدرجات متفاوتة. فهناك من يحلم أثناء الليل، متوغلاً في خبايا النفس الساكنة ليستيقظ في الصباح ليجد أن ذلك ما كان إلا ضغثاً. بيد أن الرجال الشجعان حقاً هم الذين يحلمون أثناء اليقظة وأعينهم مفتوحة، وذلك لأنهم قادرون على تحقيق أحلامهم).
(ت. إيز لورنس) (لورنس العرب)
إن عملية التفكير لدينا بحاجة إلى استراتيجية معينة لكي تتم بصورة ناجحة، فنحن نعلم أن (نظام التنشيط المعقد) لا يسمح إلا للمعلومات المهمة فقط باختراق إدراكنا الواعي. ونحن نستطيع خلق (أهمية) جديدة يدركها الوعي عن طريق تكوين رؤية جديدة، أو وضع غاية جديدة أو هدف جديد. وسوف يقوم الشعور بأهمية الصورة أو الهدف المتخيّل بتوسيع نطاق إدراكنا بشكل يسمح بدخول معلومات لم نلاحظها سابقاً. ونحن نعلم أيضاً أهمية طرح الهدف بشكل واضح جلي لكي نسمح للموارد والمعلومات بشق طريقها عبر الوعي، مثلما تشق صرخة الطفل طريقها إلى وعينا وتستقطب اهتمامنا. وإن معرفة ذلك من شأنها أن تمنحنا الثقة وتدفعنا إلى رسم الصور والأهداف قبل أن تتوفر لدينا المعرفة الملموسة أو المرئية أو البرهان على جدوى الموارد التي سوف نستخدمها في تحقيق تلك الأهداف. فبينما كان المفكرون التقليديون في الماضي يطلبون البرهان قبل شروعهم في صياغة طبيعة الهدف أو حدود نطاقه، نرى نحن أن لدينا من المعرفة ما يسمح لنا بصياغة الهدف أولاً، ثم نحاول اكتشاف البرهان أو الموارد المطلوبة لتحقيق هذا الهدف. فالهدف يأتي أولاً، وإدراك الوسائل المؤدية إليه يأتي في الدرجة الثانية، إذ من المستبعد أن يحصل الإدراك أولاً ثم يليه الهدف. إننا بحاجة إلى زيادة درجة الاقتناع بمهماتنا وتصوراتنا وأهدافنا، قبل برهنتها. فعن طريق ذلك تصبح مهماتنا أكبر، وأهدافنا أكثر طموحاً وأشد وضوحاً، لأنها لا تكون مقيدة بحدود معرفتنا الحالية. إن هذه الصفة (أي شدة الاقتناع بالهدف) ستكون إحدى الصفات التي تميز المؤسسات ذات المستوى العالي في الأداء عن مثيلاتها متوسطة الأداء في المستقبل.
وهناك نقطة مهمة أخرى بهذا الصدد. وهي أننا حين نرسم هدفاً أو تصوراً، فإن (نظام التنشيط المعقد) فينا يستطيع تمييز إشارات الخطر والتحذيرات، كما يستطيع استشراف العوائق المتوقعة والموانع التي تقف في طريق ذلك الهدف أو هذا التصور. فنحن فعلاً بحاجة إلى رؤية هذه الإشارات التحذيرية المبكرة، وليس إلى رؤية السقوط أو التحطم. إن أي شخص يستطيع تمييز التحطم، ولكن القادة العظماء يرون نُذُرَ الخطر المبكرة فيتجنبون السقوط.
وكذلك نعرف أهمية الشعور بالمسؤولية في الوصول إلى الهدف، كما في توسيع نطاق إدراكنا له، فإن الهدف حتى لو كان مرغوباً بشدة لا يمكن الوصول إليه إذا لم يشعر طالبه بالمسئولية في تحقيقه، وذلك لأن (نظام التنشيط المعقد) يغلق الإدراك بوجه معلومات هي في غاية الأهمية لتحقيق ذلك الهدف إذا غاب الشعور بالمسؤولية. لمذا يبقى الأب نائماً رغم صراخ الطفل؟ لأنه يعلم أن الاستيقاظ (استجابة لصرخات الطفل) هي مسؤولية الأم. والسؤال هنا كيف ننمي روح المسؤولية في أكبر عدد من أفراد مؤسستنا بحيث يبقى أحدهم (مستيقظاً) ويساعدنا في تحقيق الهدف؟ إننا عندما نستخدم هذه المعلومات فإننا لا نتطلع إلى بيئة خالية من المفاجآت وإنما نقوم بالتأكيد على أن المفاجآت التي سنواجهها ستكون ذات وقع جديد.
وهناك بند آخر في ذات المستوى من الأهمية من حيث تأثيره في التصور المستقبلي كماً ونوعاً، وهو احترام الذات، ومدى توفره في نفوس أفراد المؤسسة. فالثقة بالنفس، أو الإحساس الصادق من قبل الفرد بقوته الذاتية وقدرته على جعل الأشياء تحدث، سوف يكون لها تأثير مباشر في ما سوف نختاره من الغايات في المستقبل. إن هبوط الهمة أو عدم الثقة بالنفس تقيد صاحبها بالمهام الصغيرة والأهداف المتواضعة، بحيث يهيمن على خط سير حياته أمران: قبول بالمستقبل المتواضع البسيط الذي يخلو من المجازفة ويخلو من المشاكل، ورؤية أو تصور باهت مستهلك لا روح فيه.
إن علو الهمة والاعتزاز يجلبان معهما بشكل طبيعي البحث عن المهام والتحديات والمعضلات والأهداف التي تستحق جهد الفرد ووقته. كما أن الأهداف الكبيرة والتحديات العظيمة والمعضلات المستعصية، تخلق الإثارة والشعور بالرضي عن النفس، وتنشط روح المغامرة التي تجعل الحياة جديرة بأن نحياها.
وليست المؤسسات التي تتصف بدرجة عالية من تقدير الذات، أو الأفراد الذين يتمتعون باحترام كبير لأنفسهم، بأشجع من غيرهم بالضرورة، وإنما هم فقط لا يرون في التحديات المطروحة، ذات الدرجة من المخاطرة كما يراها ضعيفو الثقة بالنفس من الأفراد والمؤسسات. فهم يعلمون أن باستطاعتهم معالجتها. لذلك كان من الضروري جداً، بل ومن الأمور الأساسية بشكل قاطع تغذية وصقل احترام الذات في أي مؤسسة بدوائرها وأفرادها على حد سواء.
وإن (الحديث الذاتي) تلك العملية الفكرية ثلاثية الأبعاد، والتي تتكون من (كلمات) و (صور) و (أحاسيس) هي العامل الأول والأساسي في تكوين احترام الذات ذي الدرجة العالية، وفي بناء النظام الاعتقادي في نفوس الأفراد والمؤسسات. إن القاعدة السلوكية الجديدة ليست محاولة جاهدة لجعل العناد والتصميم يغلبان السلوك، وإنما هي سيطرة الفرد على حديثه الذاتي والتحكم باتجاهه. هناك ارتباط مباشر بين الحديث الذاتي الإيجابي البناء الذي يرفع المعنويات، وبين النجاح. إن الأفراد والمؤسسات تسير نحو ما تفكر به، وتصبح عين ما تفكر فيه، لذلك كان من الضروري أن نفكر في الشكل الذي نريد أن يكون عليه مستقبلنا بطريقة إيجابية بناءة. وكذلك فإن مراقبة وتوجيه حديث المؤسسة الذاتي هما من الأهمية بمكان. فعندما يسقط المرء في عادة التفكير في الماضي والحديث عنه (عن الأيام الحلوة الماضية)، أو في حالة التفكير في الحاضر والحديث عنه (عن الحقيقة الراهنة)، فإنه لمن المؤكد أنه سيعود للاستغراق في الحالة التي (كانت) عليها الأشياء، أو سوف يعمد إلى إبقائها على ما هي عليه الآن. لذا كان لزاماً علينا إذا أردنا خلق مستقبل يختلف عن الماضي والحاضر أن نتحدث بطريقة مختلفة في حاضرنا. إن القادة الذين يغيرون معالم التاريخ، يلاحظون بشكل دقيق، الكيفية التي تكون عليها الأشياء في الوقت الحاضر (الحقيقة الراهنة) ثم يركزون باستمرار على الكيفية التي سوف تكون عليها في المستقبل.
التفكير الممكن والتخطيط:
إن أفضل وسيلة للتنبؤ بالمستقبل هي أن تصنع ذلك المستقبل) (أ. ك)
يجب أن نؤكد على الأهمية القصوى للأفكار التي تدور في عقولنا وتلك التي تدور في عقول أعضاء المؤسسة التي ننتمي إليها، بيد أنه لن يكون بإمكاننا المبالغة في تأكيد أهمية كمية ونوعية التفكير لدى كل فرد في المؤسسة. إذ يبدو من المعقول القول إنك إذا شئت أن ترى كيف يبدو مستقبلك كماً ونوعاً، فكل ما ينبغي عليك عمله هو ملاحظة والتقاط كمية تفكيرك الخاص ونوعيته لفترة وجيزة، وكذلك تفكير الذين هم من حولك. فإذا أردت أن تعرف كيف سيبدو مستقبلك الشخصي والعملي على أرض الواقع فعلاً، فاصغ بانتباه لما يقوله الآخرون أثناء شرب القهوة، أو أثناء تناول طعام الغداء أو شرب المرطبات، أو لما يتداولونه من ملحوظات أو تعليقات في موقع العمل وفي المكتب وفي ردهات الانتظار.
إن ما يقال حولنا، بحجمه ونوعيته، هو الذي يقدح زناد الخيال فيثير الصور التي تحرك كل فرد في المؤسسة نحو المستقبل، وتجعل من ذلك المستقبل واقعاً مفعولاً. لذلك من الضروري بشكل أساسي، أن نقدم على رسم صور واضحة جلية المعالم لأهدافنا أو مهماتنا بعد تحديدها، بحيث تبدو لنا كما سوف تكون عليه حين يتم تحقيقها. علينا أن نتحدث عن المستقبل كما لو أنه حدث فعلاً وأصبح حقيقة راهنة. كما يجب أن توصف الصور في الزمن الحاضر، وتناقش على أنها ما تريده أن يكون، بعبارات إيجابية. فنحن نعلم أن الصور السلبية هي تجسيد لما لا نريده أن يحدث. فكلنا سمع بالمثل القائل: (إن الذي أخشاه أكثر من غيره، هو الذي يحدث لي دائماً!).
إن التخطيط للمهمة أو الأهداف والغايات، يشبه إلى حد كبير عملية الحمل في الدائرة الحياتية. ففي المراحل الأولى من الحمل، تظهر دلائل قليلة جداً على وجود حياة جديدة، ثم فيما بعد يصبح واقعاً ملموساً لا يحتاج إلى دليل، كذلك هو الأمر بالنسبة للتخطيط. ففي فترة نمو الفكرة، يحدث ما يشبه نمو وتطور حياة جديدة في عقول واضعي الأهداف، تتطور تدريجياً لتصبح واقعاً محسوساً.
عندما يفهم المرء كيف تتم العملية الذهنية، فإنه سوف يتمسك بشدة بالهدف مواجهاً واقع الحال لأنه يعلم يقيناً أن ما يحمله كصورة سوف يتجسد واقعاً طالما حلم بتحقيقه. ولأنه أيضاً يعلم أنه أثناء مراحل التخطيط الأولي يكتسب مهارات جديدة ويلتقط أساليب ناجعة يضيفها إلى القدرات البشرية المتوفرة لتصبح جزءاً منها. فهناك ما يشبه عملية التمثيل الغذائي أو الامتصاص من أجل الاستمرار.
إن ضعيف القلب الذي يريد دليلاً وبرهاناً في الحال على وجود الحياة وهي في طور النمو، قد يفقد الاهتمام فيميل إلى طرح تصوره جانباً والعزوف عنه، أو تعديله بشكل تراجعي بحيث يتطابق مع الواقع الراهن من حوله. من هنا، ينبغي على القائد القوي أن يتمسك بالمشاعر القوية، إلى أن تظهر الدلائل الملموسة على صحتها. إن بعض الناس لا يقتنعون بحقيقة وجود الشئ إلا بعد تمامه، والنخبة فقط هي التي تستشرف كمال الشئ من دلائله الأولية. فالكل يقتنع بوجود الحيلة إذا رأى الطفل وليداً.
يجدر بنا أن نأخذ باعتبارنا إحدى العمليات الفكرية الطبيعية في الكائنات البشرية، ألا وهي (الانغلاق والانفتاح الفكري)
lock on/ lock out وهذه العملية الحيوية هي بالنسبة للقائد سلاح ذو حدين. فغالباً ما يجد القائد الفذ نفسه مضطراً للتغاضي عن فرص