منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ماجستيرتاريخ المجتمع المغربي في العصر الوسيط
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-10-12, 10:45   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
محمد جديدي التبسي
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية محمد جديدي التبسي
 

 

 
الأوسمة
وسام الوفاء 
إحصائية العضو










B18

مصطلح التاريخ الاجتماعي

التاريخ الاجتماعي هو مجال الدراسة التاريخيةالذي يتناول تاريخ تطور وتشكل التشكيلات الاجتماعية في مجتمع الدولة أو المنطقة الجغرافية التي تتناولها الدراسة أو الشعب أو الأمة. يعتبر من قبل البعض أحد فروع العلوم الاجتماعيةالتي تحاول إظهار تأكيد تاريخي من وجهة نظر مدارس اجتماعية تتطور حديثا. من وجهة النظر هذه قد يتضمن التاريخ الاجتماعي التاريخ الاقتصادي والتاريخ القانوني legal history وتحليل مناحي متعددة من التاريخ المدني civil society الذي يظهر تطور التشكلات والتنظيمات الاجتماعية. يميز عن التاريخ السياسي والتاريخ العسكري وتاريخ الإنسان العظيم. غالبا ما يوصف التاريخ الاجتماعي بأنه التاريخ من الأسفل history from below أو تاريخ الجذور 'Grass- roots history' لأنه يتعامل مع الحياة اليومية للبشر والتكتلات البشرية والانسان العادي وليس الساسة والقادة والزعماء.

بعض قضايا التاريخ الاجتماعي المغربي تطور و اتجاهات الكتابة التاريخية المغربية و قضايا التاريخ الاجتماعيإعداد : عــامـــــر كنبـــــــور
تقــديــم :
إن الخطاب التاريخي الأكاديمي الذي تضمنته أطروحات الدولة و دبلوم الدراسات العليا لا يمكن فصله عن الظروف العامة التي رافقت ذلك الخطاب ، سواء تعلق الأمر بالحماس الذي طبع عهد استعادة الاستقلال السياسي و الرغبة في إعادة اكتشاف الذات وتصفية الاستعمار في مختلف الميادين بما فيها ساحة الخطاب التاريخي، أو تعلق الأمر بالتطورات السياسية الداخلية و علاقة ذلك بمختلف الإيديولوجيات الحزبية بالجامعة المغربية وتمثيليتها في صفو ف الطلبة و مؤطري البحث.

بعض القضايا العامة في التاريخ الاجتماعي المغربي :

التاريخ الإجتماعي:
1- و هو ذلك الصنف الذي يحاول أصحابه تناول تاريخ المغرب من زاوية تطور المجتمع دون أن ينسى أو يتناسى أن ذلك المجتمع نتاج تفاعلات سياسية واقتصادية وفكرية.
فهو يتناول البنى الاجتماعية و الاقتصادية بدل الاهتمام بالتنظيمات السياسية. ويمكن الجزم أن هذا النهج الذي اتبعه هذا الصنف من الباحثين هو منهج مستوحى من كتابات مفكري المدارس الوضعية الأوروبية التي انتشرت في أواخر القرن 19 و مستوحى بالخصوص من مؤرخي مدرسة الحوليات ( Annales ) الفرنسية وارثة المادية التاريخية و بنسبة أقل من التاريخالأنتروبولوجي الأمريكي و التاريخالاقتصادي الجديد الإنجليزي.
فقد وضع الباحثون في التاريخ الاجتماعي نصب أعينهم دحض عدد من الأطروحات التي تقدم من طرف الأجانب لوصف بعض الظواهر أو الآليات . ومن أجل ذلك اضطر الباحثون بهذا الصدد إلى استعمال كثير من مصطلحات و مفاهيم علم الاجتماع بقصد وصف البنى أو إدراك حركيتها من خلال النصوص المتوفرة. فجاء هذا النوع من الدراسات على شكل مونوعرافيات في معظم الأحيان باعتبار أن الدراسات المجهرية بدقتها و تركيزها تعتبر منطلقا ضروريا لكتابة التاريخالشمولي، لأن الدراسات العامة لا تشبع الفهم. ولقد اهتمت هذه الدراسات بالفئات و الترتيبات الاجتماعية، فنجد أبحاثا عن الإسم و الأعيان و عن المدن و تنظيماتها و علاقاتها بأريافها و عن الموالي و العبيد و اليد العاملة و عن التنظيمات ذات الوظائف الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية الخطيرة في التاريخكالزوايا الصوفية. ولم يفتها أن تتناول اليهود ودورهم في المجتمع المغربي سواء قبل تأسيس الرابطة الإسرائلية العالمية في القرن 19 أو بعده، وتطرقت دراسات أخرى لتاريخ الأويئة و المجاعات

2- ويحظى التاريخ الاجتماعي عامة و القروي خاصة بأهمية بالغة في أوروبا في الوقت الراهن، لكونه من الحقول المعرفية التي جدد فيها البحث التاريخي نفسه، سواء على مستوى المضامين أو المناهج أو الأدوات.
* فعلى مستوى المضامين، أصبح البحث التاريخي يبحث في تطور البنيات الاقتصادية و الاجتماعية و الثوابت السياسية، و يتعقب مظاهر الاستمرار و الانقطاع في تلك البنى، عوض البحث في التاريخالسياسي الحدثي ( تعاقب الملوك و السر، توالي الحروب و الهدن …). و بمعنى آخر انتقل البحث التاريخي في المجال السياسي و العسكري و الدبلوماسي إلى البحث في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الدينية.
Porteuse d’une ambition globalisante, l’HISTOIRE SOCIALE:

- s’efforce désormais d’analyser les sociétés autrement que par l’évolution de leurs institutions et la personnalité irréductible de leurs «grands hommes»;*- يحاول البحث في المجتمعات بالابتعاد عن تطور المؤسسات و شخصية " رجالاتها الكبيرة " . - elle fait de tous les groupes sociaux et des masses anonymes l’objet de sa recherché et de sa reflexion, de préférence dans le cadre régional pour mieux saisir singularités et différences, et les «réalités de l’existence provinciale, la transformation de la vie sociale» (L. Febvre, 1911).*- جعل من مختلف الفئات الاجتماعية و القواعد المجهولة موضوع البحث و التأمل، و خاصة في إطار جهوي/إقليمي من أجل المسك بالخصوصيات و الاختلافات و الواقع الإقليمـــــــي و تحولات الحياةالاجتماعية.
- Elle tend à s’instituer comme histoire «totale»; son projet est de saisir les sociétés dans la diversité de leur vie, dans leur totalité, en restituant aussi bien l’environnement naturel (climatique, biologique, épidémiologique) que le milieu idéologique.*- ينحو لكي يكون تاريخا شموليان مشروعه هو المسك بالمجتمعات في تنوع أنماط عيشها في شموليتها و ربط ذلك بالبيئة الطبيعية ( المناخية و البيولوجيةو الأوبئة ) و ليس بالوسط الإيديولوجي.
- il n’est pas étonnant qu’une très grande partie des travaux historiques de ces dernières années se réclame de son patronage et mette en chantier des recherches pionnières qui révèlent des pans entiers de société jusqu’alors pudiquement tenus à l’écart des préoccupations historiques (marginaux, pauvres, prostituées…). *- وليس بغريب أن نجد جزءا كبيرا من الأبحاث التاريخية ، خلال السنوات الأخيرة، تتناول مواضيع اجتماعية لم تشكل أبدا هاجسا للبحث التاريخي في السابق بالنسبة للمدرسة الوضعانية، مثل : المهمشون، الفقراء، بائعات الهوى
- Les masses paysannes ont été l’objet des grandes thèses rurales, qui ont en partie fondé la réputation de l’école historique française, et où se sont illustrés, entre autres, Pierre Goubert, Emmanuel Le Roy Ladurie, Abel Poitrineau.
*- كما شكلت ساكنة البوادي و القرى موضوعا لأكبر الأطروحات القروية التي اسست لشهرة المدرسة التاريخية الفرنسية والتي برز فيها رواد من أمثال : بيير كوبير، إيمانويل لادوري، أبيل بواترينو
- Les marginaux, pauvres et délaissés, saltimbanques et bohémiens, truands et vagabonds, au Moyen آge, dans l’Europe classique, au temps de la révolution industrielle, font à leur tour une entrée fracassante sur la scène historique dans des études, dont beaucoup sont encore en chantier, qui instituent en héros de l’histoire tous les exclus, les oubliés, tout un Tiers Monde de la recherche.*- كما شكل المهمشون و الفقراء المتخلى عنهم و المشردون…، من العصر الوسيط إلى زمن الثورة الصناعية ورشا كبيرا للتاريخ الاجتماعي، الأمر الذي جعل منه تاريخ المقصيين و المنسيين ( عالم الثالث للأبحاث ).
*- هذا فضلا عن الاهتمام بسكان المدن: تعقد البنيات و تنوع الثقافات ومشكل الأقليات و مشكل الذعارة و النخب مما ساعد على إعادة النظر في مختلف التأويلات و التحليلات التي قاربيت النبلاء و البورجوازية و بالتالي اقتراح تفسيرات جديدة ومتجددة للثورة الفرنسية. - les masses urbaines, que les problématiques originales des thèses de Jean-Claude Perrot, Maurice Garden, Albert Soboul ont permis d’appréhender dans toute la complexité de leurs structures et de leurs cultures, aussi bien que les groupes minoritaires ou réprouvés, comme les prostituées étudiées par Alain Corbin, sont devenues des sujets privilégiés de l’histoire sociale et ont permis de réviser bien des conceptions jusqu’alors admises comme des évidences et sans discussion……. la réflexion sur les élites a remis en cause bien des certitudes, renouvelé toute l’interprétation traditionnelle sur les noblesses et les bourgeoisies et, en conséquence, proposé une explication novatrice de la Révolution française.
* وعلى مستوى المنهج، فقد تطلب هذا التوجه الجديد انفتاح التاريخعلى علوم إنسانية أخرى و استيعاب نتائجها و الاستفادة من إشكالياتها. وهكذا ، استفاد البحث التاريخي من الجغرافيا و علم البيئة و علم الاقتصاد و علم الاجتماع و الأنتروبولوجيا، وكذا اللسانيات و الحفريات و علم النفس…خاصة وأن هذه الحقول المعرفية جعلت من المجال الاجتماعيو القروي إطارا لأبحاثها.
- …… Depuis que toutes les sciences sociales, et parfois les sciences de la nature et la biologie, sont venues au secours de l’histoire pour en faire une discipline complexe, l’histoire s’est diversifiée en options autonomes. On a pu ainsi instituer une histoire économique, une histoire démographique, une histoire des idées et des idéologies, une histoire sociale.*- منذ أن هرعت العلوم الاجتماعية و أحيانا العلوم الطبيعية و البيولوجية لنجدة التاريخلجعله مادة معقدة، تنوع التاريخو تعددت تخصصاته: تاريخ اقتصادي و تاريخ ديموغرافي و تاريخ الأفكار و تاريخ الإيديولوجيات و تاريخ اجتماعي
- L’histoire sociale tend à devenir toute l’histoire en s’enrichissant de tout ce que lui apportent – méthodes et hypothèses de travail – la sociologie, l’ethnographie, la psychanalyse, qui lui permettent d’élargir et d’approfondir le champ de son enquête.*- أصبح التاريخ الاجتماعي ينحو لكي يصبح كل التاريخو ذلك باغتناءه بكل ما تقدمه له العوم الاجتماعية والإتنوغرافيا و علم النفس و غيرها من العلوم من مناهج و فرضيات العمل.
- l’histoire sociale fait appel à toutes les méthodes des sciences sociales et s’annexe l’éventail de toutes les sciences historiques.*- يستعين التاريخ الاجتماعي بكل مناهج و طرائق و أدوات البحث في العلوم الاجتماعية و يرتبط بشكل واسع بباقي العلوم التاريخية.

* أما على مستوى الأدوات، فقد تم استغلال جميع أشكال الوثائق المكتوبة و الشفوية أو الآثار المادية و الأدبية و التاريخية، بل لم تعد الوثيقة فقط إخبارية و لكن ما تمثله كإنتاج للمرحلة المدروسة . ولم يقتصر الأمر على هذا الحد بل فرض التوجه الجديد تعدد مستويات قراءة هذه الوثائق.
- Grande mangeuse d’archives – celles que l’histoire traditionnelle avait délaissées, l’histoire sociale est aussi dévoreuse de méthodes: empruntant, adaptant, elle affine constamment ses analyses au contact des diverses sciences humaines qui assurent son rajeunissement et son essor. *- يلتهم التاريخ الاجتماعي و بشراهة كل انواع الوثائق و كل المناهج: يستعيرها و يكيفها و يوظفها في تحليلاته مما يجعله يحافظ على شبابه و تطوره كحقل تاريخي بامتياز.

Peut-il encore exister une histoire qui ne soit pas d’abord, au sens le plus large, une histoire sociale?
.
3- مسألة المصادر التقليدية في التاريخ الاجتماعي المغربي :
ü … إن مؤرخ المجتمع المغربي في اعتماده على النصوص التقليدية سوف يتخذ مسافة نقدية مضاعفة عند بناء التاريخو تركيبه :
- فالكتب الإخبارية تقتصر على ما يجري في دائرة الحكام؛
- و التراجم تؤرخ لمشاهير الرجال،
- أما كتب المناقب و إن كانت أقرب إلى قاعدة المجتمع، فإن أسلوبها يضع القارئ في مناخ الكرامات و الخوارق،

- و كتب الأنساب هي مجرد لوائح مملة من الأسماء، وضعت لمجاملة بعض البيوتات و بقصد تخليد ذكراها. و هي امتداد للوثيقة القانونية أي امتداد للرسم العدلي.
و لا يتقدم التاريخ الاجتماعي إلا بتجاوزه لهذا الإنتاج، و باعتماده على المصادر غير الإرادية، أي ما لم يوضع بغرض التأريخ.
فمثلا، يمكن للمؤرخ إن يؤرخ لمجتمع مدينة من خلال حوالات الأحباس و سجلات المستفادات و مختلف المستندات العائلية. وهكذا يستطيع البحث أن يتجاوز مستوى الانطباعات، و تصبح مختلف الظواهر قابلة للقياس و الإحصاء.
كما يمكن أن تشكل كتب الأنساب مصدرا من المصادر المهمة في التاريخ الاجتماعي(كتب ارتبط تأليفها بشكل عام بتقاطع رغبتين : رغبة السلطة المخزنية في إحصاء الشرفاء نظرا لما يترتب عن ظاهرة الشرف من إعفاءات و امتيازات، ثم رغبة الشرفاء في تأكيد الأصول و الإحتماء من الدخلاء) فما هو مضمون النص النسبي ؟
إن النسابة يتبرك بذكر السلالة النبوية،وهو يرتب " الشجرة " و يحصي الفروع و الأشخاص. كما أنه يترجم لعدد من رجال البيوتات المذكورة.
وتفيدنا كتب الأنساب في معرفة الانتماء المهنيالاجتماعي للأسر التي تكون موضوع الإحصاء و التقريض، فهي لا تخلو من إشارات سريعة إلى المواقع المهنية ( تجار، حرارون، فقهاء…). كما يفيدنا المؤلف في اصطياد بعض المؤشرات الاجتماعية: الظرفيات الاقتصادية ( الأهوال ، المجاعات ، الكوارث…)، الاضطرابات الاجتماعية، البورجوازية التجارية في القرن 19
ü كما يمكن لنصوص " الرحلة الحجية" أن تقدم بعض العناصر للإجابة عن أسئلة تخص المجال الاقتصادي/ الاجتماعي لمغرب ما قبل القرن 19، والتي غالبا ما يستعصي الجواب عنها انطلاقا من أنواع أخرى من النصوص التقليدية. لقد كانت قوافل الحج تقطع مسافات كبيرة يستغرق زهاء سنة ونصف بين الانطلاق و الرجوع.سفر شاق يتعرض فيه الحجاج لشتى أنواع المخاطر، سواء من جراء عناصر الطبيعة كالحر و البرد و الجفاف…أو من جراء قلة أمن الطريق..أو من جراء انتشار أخطار الأمراض و الأويئة…إلخ.هذه التجربة الطويلة الممتدة تعطي للحجاج فرصة الاحتكاك بسكان الأراضي التي يعبرونها، فتأتي أوصافهم حول أولئك السكان ذات فوائد جمة.
و الرحلة الحجازية من أنواع الكتابة التي عرفت ازدهارا واسعا في المغرب منذ القرن 12، أي منذ ابن جبير وابن بطوطة. فالرحالة يدون رحلته بوصفه المصاعب التي لاقاها في طريقه إلى الحج، ثم ذكر مناسك الحج و المناظرات الفقهية التي حضرها و النوازل التي تكون قد عرضت عليه…كما يتخذ النص صبغة المرشد السياحي حينا والاجتماعيو الاقتصادي حينا آخر. وقد ترتقي الأوصاف عند بعض الرحالة إلى درجة تسجيل عادات المجتمعات التي يمرون منها و مقارنتها بعادات الجهة التي ينتمون إليها ( وصف عناصر التضاريس و المناخ، كيفية تعامل الإنسان مع مصاعب بيئته،، وصف الحياة الزراعية و أنواع الثمور، القوافل التجارية و السلع التي تجلبها..). فالمعطيات المتعلقة بالحياة الاجتماعية و الاقتصادية تتوفر في الرحلات الحجية بكيفية هامة أحيانا، لكنها متداخلة وممتزجة مع التحليلات الدينية و القضايا الفقهية التي تبدو طاغية على هذا النوع من الكتابة.

إعـداد : عــامـر كنبـور