منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لماذا نخشى التغيير؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-03-26, 12:03   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البشير سعيد
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية البشير سعيد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي لماذا نخشى التغيير؟

يسكننا خوف ورعب من التغيير، أياً كان هذا التغيير، فحتى لو كان التغيير على المستوى الشخصي لعالم من العلماء أو داعية فإن هذا يثير القلق في أوساط المتديّنين، مع أنّ التغيير قد يكون في بعض الأحيان إلى الأفضل، أو على الأقل في إطار المقبول شرعاً.
مجرد التغيير ليس مشكلة، ولم يكن كذلك على مرّ العصور، منذ فجر التاريخ الإسلامي والناس تتغير جماعات وأفراداً..
التغيّر استجابة طبيعية لحركة الفكر والعلم.. وتعبير حقيقي عن قصور العقل البشري – الفردي والجمعي - عن إدراك الأمور على حقائقها وواقعها، وقصور نظره عن الإحاطة بالأشياء من كل زواياها..
وفي غالب الأحيان يكون تغيّر المواقع سبباً في تغيير الأفكار.. وليس هذا نفاقاً ولا تراجعاً ولا نكوصاً كما يتصور البعض..
على سبيل المثال: كثير منا يكون له موقف في التعامل مع أمر معيّن، فإذا تسنّم منصباً وأصبح مسؤولاً - بشكل ما- غيّر موقفه، ليس ذلك بالضرورة نكوصاً ولا ردّة، ولكن المنصب والمسؤولية زاوية أخرى تُرى منها الأمور بشكل مختلف..
ومثل ذلك التغيير في المجال الشرعي.. الفتاوى والآراء الفقهية والاجتهادات ومثلها الأنظمة والقوانين المبنية عليها في الجانب الاجتماعي والسياسي هي أيضاً قابلة للتّغيير.. فإن عوامل الزمان والمكان لها تأثير في الزاوية الّتي ينظر من خلالها الفقيه وأصحاب السياسة الشرعية للأمور، لا يلزم أن يكون التغيير إنكاراً وتخطئة للسابق؛ فالحكم على المرحلة السابقة ليس مهماً في عملية التغيير البنّاء، بل المهم هو الحالة الّتي تعيشها الأمة ويعيشها الإنسان الفرد..
وهذا الأمر له جذور مغرقة في التراث.. ولن أستلّ مواقف من حياة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لأنّ الكثير سيعتبرونها جائزة باعتبارها من قبيل النسخ..
ولكن بعد موت النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وانقطاع الوحي وبدء مرحلة الاجتهاد..
في حياة الصحابة ومن بعدهم أمثلة كثيرة.. ومن أشهرها تغيّر اجتهاد عمر في المسألة الحمارية في المواريث وهذه يعرفها أهل المواريث؛ إذ أفتى فيها عمر بعدم توريث الإخوة الأشقاء، وورّث الإخوة لأم باعتبار أنّهم أصحاب فرض، وهو الثلث يشتركون فيه، وأن الأشقاء عصبة يأخذون ما تبقّى من التركة، وفي هذه الصورة الفريدة لا يتبقى لهم شيء، وفي العام التالي عرض عليه نفس المسألة، فقضى فيها بإشراك الإخوة الأشقاء مع الإخوة لأم، فلما عوتب على تغيّر موقفه الأوّل قال قولته المشهورة: (تلك على ما قضينا, وهذه على ما قضينا)..
كذلك تغير فتوى علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مسألة بيع أم الأولاد..
وليس بخافٍ علينا تغير مذهب الشافعي عندما انتقل إلى مصر، فصار له مذهبان عند أصحابه قديم وجديد..
ومذهب الإمام أحمد مشهور بتعدّد الروايات..
في السياسة كذلك حصلت وقائع معروفة.. أضرب لها مثالاً مشهوراً، وهو نقل معاوية -رضي الله عنه- أسلوب الحكم من الخلافة الراشدة إلى المُلك، واتخاذه بعض الأنظمة التي استفادها من احتكاكه بالممالك القريبة منه كفارس والروم..
في السير أنّه لما قدم عمر الشام، تلقّاه معاوية في موكب عظيم وهيئة، فلما دنا منه، قال: أنت صاحب الموكب العظيم؟ قال معاوية: نعم.
قال: مع ما بلغني عنك من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك.
قال: نعم.
قال: ولم تفعل ذلك؟
قال: نحن بأرضٍ جواسيسُ العدوّ بها كثير، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما يرهبهم، فإن نهيتني انتهيت.
قال: يا معاوية! ما أسألك عن شيء إلاّ تركتني في مثل رواجب الضرس. لئن كان ما قلت حقاً، إنه لرأي أريب، وإن كان باطلاً، فإنه لخدعة أديب.
قال: فمرني.
قال: لا آمرك ولا أنهاك».
وعلى هذا المنوال سار الأئمة من العلماء والأمراء.. لم يكن التغيير يوماً من الأيام في ذاته محل ريبة، وإنّما كان النظر يتوجّه مباشرة إلى مضمون التغيير: هل هو إلى الأفضل والأحسن أو هو إلى الأسوأ؟!
لماذا نخاف من التغيير؟

منقول للفائدة وهذا رابط تحميل المقال كاملا من هنا









 


رد مع اقتباس