منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - جميع دروس الشريعة سنة 1 ثانوي تفظلواا☺☺☺☺☺
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-04-21, 18:10   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
♥sirine crazy♥
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ♥sirine crazy♥
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القيم الصحيّة والبيئيّة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ
الصِحَّةُ وَالفَرَاغُ )
رواه البخاري.




الدرس الأول:
الصحّة:
هي المعافاة الكاملة بدنياً ونفسياً وعقلياً واجتماعياً.. لا مجرّد انتفاء المرض أو العجز.
وعرّفها البعض بقوله: هي حالة انسجام وتوازن بين الجسم والبيئة الطبيعية والاجتماعية. لأنّه من المعروف أنّنا لا نهتم بهذا العضو أو ذاك طالما لم يجبرنا على الانشغال به.
صحّة العقل:
العقل هو ذلك الجهاز الهائل الذي عند الإنسان، وتلك الملكة الرائعة التي وهبها الله تعالى للإنسان، فهو رئيس الجسم، الذي يقود الإنسان إلى الخير ويهديه إلى الصلاح.
وصحّة العقل واستقامته تكون في الإدراك والتفكير، والتأمّل في ملكوت الله، قال الله تعالى: ( الْذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) آل عمران الآية 191. وقال الله عزّ وجلّ: ( أَوَ لَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ ) الأعراف الآية 185. ودرء عنه ما يفسده من جهل، قال الله تعالى: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْذِينَ يَعْلَمُونَ وَالْذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) الزمر 9. وكلّ مسكر ومخدّر، قال الله تعالى: ( إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة 90.
صحّة الجسم:
الجسم يتألّف من ملايين الوحدات الأساسية المعروفة بالخلايا، وتتّحد هذه الخلايا في أنسجة مختصّة تؤلّف بدورها أعضاء تتعهّد بهذه الوظيفة أو تلك، وتتضافر كلّ الوظائف لتجعل هذه الآلة الحيّة العجيبة البالغة التعقيد التي بدأ العلم يكشف أسرارها الهائلة بإعجاب متزايد.
فالجسم يحتاج بوظائفه الطبيعية إلى الطاقة، فعمل العضلات ومكافحة الحرّ والبرد، يستوجب حدًّا أدنى من الوحدات الحرارية التي يحصل عليها الجسم بواسطة الماء والهواء والغذاء المتنوّع.
صحّة النفس:
النفس هي مصدر السلوك والتوجيه حسب ما يغمرها من أفكار ويصبغها من عواطف.
إنّ الاعتناء بصحّة النفس لا يتعارض مع المطالب المادية للجسم والمطالب المعنوية للعقل، ولا يتنافى مع حاجات الإنسان، وسواء منها ما كان ضرورياً كالأكل والشرب واللباس والنوم والراحة، أو طبيعياً كالزواج والعمل والسلامة البدنية والصحة العقلية، بيد أنّ للصحّة النفسية حق الهيمنة على هذه الضروريات من أجل أن يحفظ للإنسان توازن كامل بين مطالبه الروحية ومطالبه الماديّة، فتكمل بذلك إنسانيّته، ويرتقي ببشريّته إلى الكمال المقدّر لها في هذه الحياة.
فصحّة النفس تكون بالتخلّي عن الرذائل والتحلّي بالفضائل، فهو منهاج أخلاقي كامل يتطلّب دراسة وتدقيق.
والرذائل التي يجب تزكية النفس منها، الرياء ( وهو عمل المرء العمل الصالح ابتغاء محمدة الناس )، والشُح قال الله تعالى: ( وَمَنْ يُّوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ) التغابن الآية 16. والعُجب، والغُرور، قال الله تعالى: ( يَأَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ ) الانفطار الآية 6. والكبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر ) رواه مسلم. والحسد، قال الله تعالى: ( وَلَا تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ) النساء الآية 32. وكلّ ما يمقت الله تعالى عليه، ويذمّ المتصف به
وأما الفضائل التي يجب للنفس الاتصاف بها فإنها كثيرة منها: التواضع، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( وما تواضع أحد لله إلا رفعه ) رواه مسلم. والإيثار، قال الله تعالى: (وَيُوثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) الحشر 9. والورع، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (فمن اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) متفق عليه. والعفّة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من يستغن يغنه الله ومن يستعف يُعِفُّه الله..) متفق عليه. والقناعة، قال صلى الله عليه وسلم: ( طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به) رواه مسلم. والعدل، قال الله تعالى: ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ..) النحل الآية 90. والعفو قال الله تعالى:
( وَإِنْ تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التغابن الآية 14، وغيرها كثير.
الاهتمام بالصحّة واجب شرعي:
قديماً قالوا: الصحّة تاج على رؤوس الأصحّاء لا يراه سوى المرضى.
أجل الصحّة تاج موضوع على رأس الإنسان يحمله بلا مبالاة غير واع بأهمّيّة ما يملك وغير واع بأهمّيّة مسؤوليته عليه إلى أن يأتي يوم يسقط فيه التاج عن رأسه أو رأس أقرب الناس إليه، فيذهل ويفهم أنّه كان في نعيم ربّما ذهب بلا رجعة.
فالصحّة هي أوّل نعمة وأكبرها، فواجب الإنسان الأساسي هو المحافظة على هذا الكنز الثمين الذي لا بديل ولا غنى عنه.
وقد يسأل سائل: كيف يسعنا المحافظة على هذا الكنز، أليس المرض مشكلة طبيّة من اختصاص الطبيب وحده، أستشيره إن ألمّ بيَ خطب وأعمل برأيه، وأترك الباقي للقضاء والقدر؟
والجواب عن هذا السؤال:
كلا الصّحة ليست من اختصاص الطبيب وحده، فالصّحة مشكلة أخطر من أن يعهد بها إلى الطبّ والأطبّاء وحدهم.
هناك بعض الحالات المعيّنة التي تتطلّب تدخلاً تقنياً محدّداً لا يقدر عليه إلا الطبيب المختص، ولكن تلك حالات قليلة جداً إن قيست بالأمراض الهائلة العدد والمنتشرة بشكل مخيف في كلّ بقاع العالم والناتجة عن الفقر والجوع والقذارة والجهل.
بعبارة أخرى لو استطعنا توفير الماء الصالح للشرب والهواء النقي والغذاء الكافي والتربية والتعليم لتغيّرت الحالة الصحيّة بكيفية جذرية.
وكذلك أجزم القول بأنّ الإنسان لو أخذ بنصائح الإسلام لزاد وضعه الصحيّ تحسّناً:
ـ في صحّة العقل: قال تعالى: ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) محمد الآية 24. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ما أسكر قليله فكثيره حرام ) رواه أبو داود.
ـ وفي صحّة الجسم: قال تعالى ( وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلَا تُسْرِفُواْ ) الأعراف الآية 31. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ما ملأ آدميّ وعاء شراًّ من بطنٍ بحسب ابن آدم أكلاتٌ يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفَسه ) رواه الترمذي. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( صوموا تصحّوا ) رواه الطبراني. وقول الله تعالى: ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُم المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) المائدة الآية 3.
ـ وفي صحّة النفس: قال تعالى: ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) الشمس الآية 7/10. وقال الله جلّ وعلا: ( إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) الرعد الآية11.
والاعتناء بالصحّة فريضة وضرورة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحّة والفراغ ) رواه البخاري. وقال عليه الصلاة والسلام: ( لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه وعن علمه فيم فعل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه ) رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم: ( اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحَّتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك ) رواه أحمد.
الدرس الثاني:
الحفاظ على البيئة:
البيـئة:
هي مجموعة أشياء تحيط بنا وتؤثّر على وجود الكائنات الحيّة على سطح الأرض متضمّنة الماء والهواء والتربة والمعادن والمناخ والكائنات الحيّة.
كما يمكن وصفها بأنها مجموعة من الأنظمة المتشابكة مع بعضها البعض لدرجة التعقيد والتي تؤثّر وتحدّد بقائنا في هذا العالم الصغير والتي نتعامل معها بشكل دوري.
أنواع البيئة: يوجد ثلاثة أنواع من البيئة:
1 ـ بيئة طبيعية: والتي تتمثل أيضاً في: الهواء والماء والأرض.
2 ـ بيئة اجتمـاعية: وهي مجموعة القوانين والنظم التي تحكم العلاقـات الداخلية للأفراد إلى جانب المؤسسات والهيئات السياسية والاجتماعية.
3 ـ بيئة صناعية: أيّ التي صنعها الإنسان من: قُرى ومُدن ومزارع ومصانع وشبكات.
مكوّنات البيئة: وتشتمل على ثلاثة عناصر:
1 ـ عناصر حيّة: (أ) عناصر الإنتاج مثل النبات. (ب) عناصر الاستهلاك مثل الإنسان والحيوان. (ج) عناصر التحليل مثل فطر أو بكتريا إلى جانب بعض الحشرات.
2 ـ عناصر غير حية: الماء والهواء والشمس والتربة.
3 ـ الحياة والأنشطة التي يتمّ ممارستها في نطاق البيئة.
دور التعاون في الحفاظ على البيئة وضرورته:
لا بد من تضافر الجهود للقضاء على كلّ مصادر مفاسد البيئة ممّا يتطلّب دراسة علمية وتتبّع آثارها، واكتشاف أحسن الوسائل التقنية للحدّ من مضارها، ومشاركة جميع الأفراد في هذه المعركة، ( المسؤول السياسي والاقتصادي، والجمعيات، وسائر أفراد المجتمع المدني ).
آليات التعاون في الحفاظ على البيئة:
ـ عدم استعمال السيارات في وسط المدينة إلا عند الحاجة، والاكتفاء بوسائل النقل العمومية.
ـ تجنّب التدخين في الأماكن العمومية كالإدارات والمستشفيات ووسائل النقل، وغيرها.
ـ التخفيض من صوت الراديو والتلفزيون للتقليل من أضرار الضجيج.
ـ عدم رمي القمامات بجوار المنازل حتى لا تكون في متناول الأطفال.
ـ عدم حرق النفايات، بل من الأفضل ردمها في الأرض، تجنّباً لدخانها العائد إلى البيوت.
ـ إبعاد المصانع التي تنبعث منها الروائح الكريهة والغبار والدخان والأصوات المزعجة عن الأماكن العامرة بالسكان.
أثر الحفاظ على البيئة على حياة الفرد والمجتمع:
لا شكّ أنّ الحفاظ على البيئة وظيفة الجميع، والتعاون من أجل بيئة نظيفة وصحيّة له الأثر الطيّب على الفرد والمجتمع معاً.
فالفرد ينعم بحقّه في الراحة والنظافة والصحّة ويتفادى أكثر الأمراض انتشاراً هي أمراض تصلّب الشرايين وبعض أنواع السرطان..
والمجتمع ينعم بحقّه في إيجاد أفراد معافين من كلّ أنواع الأمراض سالمين من كلّ الآفات، التي تتسبّبها تلوّث البيئة.

الدرس الثالث:
السلوكات الصحيّة:
السلوك في اللغة: يقال سلك المكان إذا دخل فيه، وسلك الطريق إذا سار فيه.
والسلوكات الصحيّة في الإسلام: هي جميع التصرّفات والطرق الحسنة التي يسلكها الإنسان في حياته، والتي رغّب فيها الإسلام وحثّ عليها أهله، وتعود بالنفع على الفرد والمجتمع.
الإسلام يبيّن السلوكات الصحيّة:
الإسلام جاء لينتقل بالبشر إلى عالم أفضل وإلى حياة مشرقة بالفضائل والآداب، وإنّه اعتبر أنّ السلوكات الصحيّة من صميم رسالته، كما أنّه عدّ الاعوجاج في السلوك ابتعاداً عنه.
وقد أحصى الإسلام السلوكات الصحيّة، وحثّ أتباعه على التمسّك بها واحدة واحدة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنّ الله تعالى طيّب يحبّ الطيب نظيف يحبّ النظافة كريم يحبّ الكرم جواد يحبّ الجود ..) رواه الترمذي.
وقد حرص الإسلام على تأكيد هذه السلوكات الصحيّة في المجتمع، قال رسول صلى الله عليه وسلم: ( إنّ الله كتب الإحسان في كل شيء ..) رواه مسلم.
والسلوكات الصحيّة كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1) السلوكات الخاصّة:
أ ) ما يتعلّق بالجسم:
* في البدن: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( تنظّفوا فإنّ الإسلام نظيف ) رواه ابن حبّان، وتتمثّل النظافة في:
ـ غسل كامل الجسم مرّة واحدة في كلّ أسبوع على الأقل في الأيام الباردة، ومرّة واحدة في كلّ يوم في الأيام الحارّة.
ـ الوضوء لكلّ صلاة، وتجنّب استعمال المساحيق التي تؤدّي إلى انسداد مسامّ البشرة.
ـ تنظيف الأسنان باستعمال السواك أو معجون الأسنان أو غسلها جيّداً بالماء والصابون بعد كلّ أكل.
ـ تقليم الأظافر، مع تجنّب استعمال طلاء الأظافر الذي يؤثر على المناطق الحسَّاسَة التي يصل إليها هذا الطلاء عند ملامسته لها.
ـ استعمال الطيب والعطر المزيل للروائح الكريهة.
في الشعر:
ـ الاعتناء بالشعر، ويكون ذلك بغسله ودهنه بالزيت الصحيّة، مع استعمال الحنّاء التي تفيد في علاج قشرة الجلد، وتعمل على التقليل من إفراز العرق. وتجنّب المواد الكيماوية التي تستعمل لدهان وصبغ الشعر التي تؤدّي إلى تساقطه وتقصّفه. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس واللحية فأشار إليه الرسول " كأنّه يأمره بإصلاح شعره " ففعل، ثم رجع فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أليس هذا خيراً من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنّه شيطان ؟ ! ) رواه مالك.
ـ حلق الشعر الذي يتسبّب في إفراز العرق في مناطق معيّنة من الجسم خاصّة تحت الإبطين.
في اللباس:
ـ غسل الثياب وتطييبه.
ـ ارتداء الثياب الواسع والجميل، وتجنّب الضيّق منه، لأنّ اللباس الضيّق لا يترك للجسم الراحة الكاملة التي يحتاجها للتنفّس.
ـ ارتداء الحذاء الملائم، وتجنّب الضيّق ذا الكعب العالي.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذَرّة من كبر، قال رجل: إنّ الرجل يحبّ أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنةً، قال: إنّ الله جميل يحبّ الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس ). رواه مسلم.
في الطعام والشراب:
ـ ذبح الحيوان الذي يباح أكله بآلة حادّة ممّا يريق الدم، ويريح الذبيحة بإزهاق روحها بأقصر طريق. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إنّ الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِبحة وليحدَّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ) رواه مسلم. وقال عليه الصلاة والسلام: ( ما أنهر ( أي أريق ) الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ) رواه البخاري.
ـ تغطيّة آنية الطعام والشراب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم وأغلقوا الأبواب وأوكئوا ( أي اربطوا ) الأسقية وخمّروا ( أي غطوا ) الطعام والشراب ) منفق عليه.
ـ تحرّي الطعام الطيّب الذي تشتهيه النفس، وتجنّب الطعام الضار.
قال تعالى: ( يَأَيُّهَا الْذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ للهِ إِنْ كُنْتُم إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) البقرة الآية 172. وقال عزّ وجلّ: ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ .) النحل الآية 115.
ـ تطهير المياه بأدوات التطهير الصحيّة.
وحفاظاً على الصحّة نقول دائماً ونردّد : الوقاية خير من العلاج:
ـ الوقاية من الأمراض ( بالتلقيح، والرياضة، قال عليه الصلاة والسلام: ( علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل ) أخرجه البيهقي. وتجنّب التدخين والمخدرات والمشروبات الكحولية والآفات الجنسية كالزنا، وغيرها قال الله تعالى: ( وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمُ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ) البقرة الآية 195.
ـ العلاج من الأمراض، وعدم استعمال الدواء إلا باستشارة الطبيب. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( نَعَم يا عباد الله تداووا فإنّ الله عزّ وجلّ لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً.. ) رواه أحمد.
في المكان:
ـ تنظيف وتطهير البيوت وتجميلها بأنواع الزهور، وأنواع النقش والزينة الحلال، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إنّ الله تعالى طيّب يحبّ الطيب نظيف يحبّ النظافة كريم يحبّ الكرم جواد يحبّ الجود فنظّفوا أفنيتكم ولا تشبّهوا باليهود ) رواه الترمذي.
ب) ما يتعلّق بالعقل:
ـ تنوير العقل بالتأمل والنظر في ملكوت الله، ومطالعة الكتب المفيدة التي تنمّي القدرة العقلية خاصة كتب الثقافة الصحيّة.
ج) ما يتعلّق بالنفس:
ـ تقويّة الصلة بالله تعالى عن طريق الصلاة والصيام وقراءة القرآن غيرها.

2) السلوكات العامّة:
ـ تنظيف الحي، وغرس الأشجار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر ) رواه البخاري. وقال عليه الصلاة والسلام: ( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) متفق عليه.
ـ رمي القمامات والنفايات في الأماكن المخصّصة لها.
ـ التقليل من استعمال الإنارة والمصابيح من دون فائدة.
ـ احترام إشارات المرور.
أثر السلوكات الصحيّة على حياة المسلم:
السلوكات الصحيّة ليست من الأمور التي يمكن الاستغناء عنها، بل هي أصول حياة المسلم التي يرتضيها الإسلام ويحترم أصحابها.
فالسلوكات الصحيّة تقوّي صلة المسلم بالله تعالى، وترفع من قدره ومكانته عند الناس، وتعوّده حبّ الخير، كما أنها تقيه من الشرور الكثيرة الصحيّة والاجتماعية.




الدرس الرابع:
الاستعفاف:
العفيف هو ذو العفّة، الطاهر النفس، المتبتّل المبتعد عن ملذّات الدنيا وشهواتها.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من يستغن يغنه الله ومن يستعف يُعِفُّه الله..) متفق عليه.
اجتناب الكلام البذيء والكذب وشهادة الزور:
ـ الكلام البذيء: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ليس المؤمن بطعّان ولا لعّان ولا فاحش ولا بذيء ) رواه الترمذي، المؤمن طهّر الإيمان قلبه ودفعه إلى الخير وسما به عن الدنايا، عفّ اللسان فلا يقول إلَّا جميلاً، ولا يعمل إلَّا حسناً، فإذا رأيت من ينطق لسانه بالشّتائم ويخوض في الأعراض وينطق بالكلمات البذيئة والعبارات المستهجنة فهذا ناقص الإيمان، لا زال فيه حظّ الشيطان.
ـ الكذب: قال صلى الله عليه وسلم: ( .. وإيّاكم والكذب فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور وإنّ الفجور يهدي إلى النار وما زال الرجل يكذب حتى يُكتب عند الله كذّاباً ) متفق عليه، فالكذب أساس الرذائل، به يتصدّع بنيان المجتمع، ويسقط صاحبه من عيون الناس، لا يصدّقونه في قول ولا يثقون به في عمل، فشهادته مردودة وأحاديثه منبوذة، وفي القرآن الكثير من الآيات، المقبّحة للكذب، والمنفّرة منه، قال الله تعالى: ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الْذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَاذِبُونَ ) النحل الآية 105. وقال عزّ وجلّ: ( وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الْذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النحل الآية 116/117.
ـ شهادة الزور: قال صلى الله عليه وسلم: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ـ ثلاثاً ـ قالوا: بلى يا رسول، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وجلس وكان متّكئاً فقال: ألا وقول الزور، قال: فما زال يكرّرها حتى قلنا: ليته سكت ) متفق عليه. الزور والباطل سيان، وقول الزور يشمل شهادة الكذب، والحُكم الجائر، ورمي الأبرياء بما هم منه براء، والقول على الله بغير علم، فكلّ ذلك داخل في قول الزور، وقرن الله قول الزور بالشرك في قوله:
( فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ ) الحج الآية 30. والتعفّف عن قول الزور من أوصاف عباد الله المخبتين قال الله تعالى: ( وَالْذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) الفرقان الآية 72.
غضّ البصر:
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة النور: ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) النور الآية 30/31. خطاب إلهي موجّه للرجال والنساء على السواء لما يعلم من ميل بعضهم لبعض. وأمَرَ بغضّ البصر عن المحارم والابتعاد عن كل المثيرات الجنسية التي تعبث بالنفس كالنظر المتتالي والخلوة.. فالبصر هو الأداة الأولى التي تزرع في القلب الشهوة، وربّ شهوة أورثت حزناً طويلاً. وللمسلم بغضّ بصره جزاء وأجر، روى الإمام أحمد والطبراني أنّ النبيّ ‏ صلى الله عليه وسلم قال: ( ‏ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة أوّل مرّة ثم يغضّ بصره إلَّا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها ). وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: ( النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها من مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه ) رواه الطبراني.
اجتناب الزنا:
إنّ من أقبح الفواحش وأكبر المنكرات جريمة الزنا، حرّمه الله وجعله قريناً للشّرك في سفالة المنزلة وفي العقوبة والجزاء، قال تعالى: ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٍ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ ) النور الآية 3. ويقول في الجزاء والعقوبة: ( وَالْذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ) الفرقان الآية 68/69.
وما ذلك إلَّا لأنّه من أقبح القبائح يبدّد الأموال وينتهك الأعراض ويقتل الذريّة ويهلك الحرث والنسل، عارُه يهدّم البيوت ويُطأطئ عالي الرؤوس، ويُسوّد الوجوه، ويهبط بالعزيز إلى هاوية الذلّ والحقارة والازدراء، ينزع الحياء ويُذهب الورع والمروءة ويطمس نور القلب ويجلب غضب الرب، قال تعالى: ( وَلَا تَقْرَبُواْ الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الإسراء الآية 32. وقال عليه الصلاة وسلام: ( يا معشر الناس اتقوا الزنا فإنّ فيه ستّ خصال: ثلاثاً في الدنيا وثلاثاً في الآخرة، أمّا التي في الدنيا فيُذهب البهاء ويُورث الفقر ويُنقص العمر، وأمّا التي في الآخرة فسخط الله وسوء الحساب وعذاب النار ) رواه البيهقي والسيّوطي.
أثر الاستعفاف على حياة الفرد والمجتمع:
العفّة صفة من صفات عباد الله المؤمنين الذين صفت عقيدتهم وزكت نفوسهم وراقبوا الله في سرّهم وعلانيتهم، فهم يوم القيامة في كنفه حيث لا ناصر لهم ولا معين. فالعفّة سبيل كريم وثوابها عند الله جزيل، قال النبي ‏ صلى الله عليه وسلم: ( سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه: إمام عادل، وشابّ نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلّق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها قال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) متفق عليه.
فالعفّة تحصّن الفرد والمجتمع من آفات اللسان الجارحة، ومن آفات الجوارح القاسمة. فهي السبيل الوحيد للوقاية من الأمراض الاجتماعية، وهي أنقى الأخلاق وأطهر السلوك الإنساني.




القيم الفنيّة والجماليّة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ )
رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.




الدرس الأول:
الإسلام دين الحقّ والخير والجمال؛ لأنّه حقّ كلّه، وخير كلّه، وجمال كلّه، فلا باطل فيه، ولا شرّ فيه، ولا قبح فيه. لأنّ المعبود الذي يدعونا إليه هو الحقّ، وهو فاعل الخير، وهو الجميل الذي لا يضاهي جمالَه جمالٌ، وربنا تعالى جميل يحب الجمال. والقرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى كتاب يقول الحق، ويهدي إليه، ويأمر بالخير وينهى عن الشر، ويعبّر عن كل ذلك بلغة هي الذروة العليا من الجمال: ( وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ) الإسراء: الآية 105. والرسول محمّد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله إلينا حق، كان جميل الصورة، جميل الروح، جميل الحديث.
وبما أنّ هذه القيم الثلاث مجتمعة في الإله المعبود، وفي الكتاب المنزل، وفي الرسول المبعوث، فإنّ أحسن أحوالها أن تكون كذلك متداخلة في حياة البشر. والدعوة إليها إنما تكون بالكلام الجميل الذي تأنس به المسامع وترتاح إليه القلوب قال الله تعالى: ( وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) البقرة 83، وقال: ( اُدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالْتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل الآية 125.
مفهوم الجمال في اللغة العربية:
جاء في ( لسان العرب ) لابن منظور: " الجمال " الذَّكر من الإبل وفي القرآن الكريم: (حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ ) الأعراف الآية 40. قال الفراء: الجمل هو زوج الناقة وقد ذكر ابن عباس أنه قرأ الجمّل " بتشديد الميم " بمعنى الحبال المجموعة، والجمل أيضا السمكة الضخمة، والجمال مصدر الجميل، والفعل جَمُل. وقوله تعالى: ( ولَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وحِينَ تَسْرَحُونَ ) النحل الآية 6، أي بهاء وحسن. قال ابن الأثير: والجمال يقع على الصور والمعنى. ومن الحديث الشريف الذي رواه مسلم ( إنّ الله جميل يحبّ الجمال ) أي حسن الأفعال كامل الأوصاف. وتقول العرب: الجميلة هي السمينة من الجميل وهو الشّحم.
حقيقة الجمال:
قال الكاتب المسلم المعاصر صالح الشامي:
الجمال حقيقية ثابتة في كيان هذا الوجود، وهو قيمة من القيم العليا تعلو عن المنفعة واللذة، وهو سمة بارزة في الصنعة الإلهية، وإنّ وجوده فيها مقصود لا عرضي، وإنّ من خصائصه العموم والشمول، وهو الذروة دائماً إذ به تُستكمل القضايا والأشياء، وإنّ المنهج الإلهي واحد من ميادينه يقوم الجمال في مادته وفي أسلوبه.
وسمات المنهج هي المقاييس الجمالية الثابتة، وإنّ تطبيق المنهج يحقّق الجمال في الحياة، وإنّ الطبيعة ميدان من ميادينه وإنّ وجوده فيما لا نُبصر منها كوجوده فيما نُبصر. والإنسان واحد من ميادينه.
الجمال نوعان:
ـ الجمال الحسّي هو التناسق في كل موجود لا عوج في خلقه ولا اضطراب.
ـ والجمال المعنوي اقتران الجمال في هذا المجال بالصبر والصفح والكرم والشجاعة والبطولة وكلّ خُلق مستقيم حتى إنّه مقرون بأنماط شتّى من السلوك البشري المستقيم.
الجمال في الطبيعة وفي الحيوان وفي الإنسان:
قال تعالى : ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) السجدة الآية 7.
1) في الطبيعة:
في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية نصوص تبرز قيمة الجمال في الطبيعة وتدعونا إلى التنّعم بهذه النعمة العظيمة والتأمّل في قدرة الله تعالى من خلالها.. الذي خلق فسوّى والذي قدّر فهدى والذي صوّر فأجاد وأحسن.. وصدق الله تعالى إذ يقول: ( أَفَلَمْ يَنْظُرُواْ إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَالَهَا مِنْ فُرُوجٍ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) سورة ق الآية 7/8.
وقال الله تعالى: ( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ وأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُم أَن تُنْبِتُواْ شَجَرَهَا أَإلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ) النمل الآية60.
وتأمّل هذه الآية الكريمة التي تدعو إلى النظر إلى ثمر النبات وينعه: ( انظُرُوا إلَى ثَمَرِهِ إذَا أَثْمَرَ ويَنْعِهِ إنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الأنعام الآية 99. والنظـر إلى الثمر والينع لا ينفكّ عن رؤية ما فيه من بهجة وجمال. فكما أنّ خَلْقَه آية، وما فيه من غذاء آية، فجماله أيضاً آية لقوم يؤمنون.
2) في الحيوان:
إنّ عالم الحيوان والطيور والحشرات لو نظرنا فيه نظرة تأمّل لوجدنا فيه الجمال العجيب يعجز الإنسان عن تفسيرها ولا يسعه عند إدراكه إلاّ أن يقول: سبحان الله الذي خلق فسوّى ، وقدّر فهدى.
قال الله تعالى: ( والأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ ومَنَافِعُ ومِنْهَا تَأْكُلُونَ ولَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وحِينَ تَسْرَحُونَ وتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) النحل الآية 5/7.
وقال تعالى: ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) النحل الآية8.
3) في الإنسان:
أما جمال الإنسان، يقول فيه الأستاذ الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره المسمى " الجواهر " الجزء 2 الصفحة 46 في صدد الكلام عن بدائع صنع الإنسان:
(( ويا ليت شعري أيّ هندسة وأيّ نظام وأيّ مقياس كان في الرحم حتى صنع هذه المقاييس أثناء مرور الجنين بأطواره وجعل أعضاء الإنسان وحواسه مرتّبة منظّمة.
1) بحيث تكون قامته ثمانية أشبار بشبره هو، ويكون من رأس ركبتيه إلى أسفل قدميه شبران، ومن ركبتيه إلى حقويه شبران، ومن حقويه إلى رأس فؤاده شبران، ومن رأس فؤاده إلى مفرق رأسه شبران بنسب متساوية كما تساوت نسب الأصابع في اليدين وفي الرجلين.
2) وإذا فتح الإنسان يديه ومدّهما يمنة ويسرة كما يفتح الطائر جناحيه وجد أصابع يده اليمنى إلى رأس أصابع يده اليسرى ثمانية أشبار نصفها عند ترقويه والربع عند المرفقين.
3) وإذا رفع يديه إلى ما فوق رأسه كان ما بين أطراف أصابع يديه إلى أصابع قدميه عشرة أشبار، وذلك قامته وربعها.
4) وطول وجهه من منبت الشعر فوق جبينه إلى رأس ذقنه شبر بشبره.
5) وبعد ما بين أذنيه شبر وربع.
6) وطول شقّ كلّ عين من عينيه ثمن شبره.
7) وطول إبهامه وطول خنصره متساويان.
وهذا قلّ من كثر من المقاييس العجيبة التي في جسم الإنسان وذلك كلّه إذا كان طبيعياً معتدلاً )). وصدق الله تعالى القائل:
ـ ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) التين الآية 4.
ـ ( وَصُوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) التغابن الآية 3.
ـ ( الْذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَّلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) الانفطار الآية 7/ 8.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتناء بالجمال:
الرسول محمّد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله إلينا حق، نعرف نسبه، ومولده، ونشأته، وصفاته، بل نعرف عنه ما لا يعرف أحد عن بشر سواه. وكان متصفاً بكل صفات الخير، قال عنه الله سبحانه: ( وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم الآية 4، وقالت عنه زوجه التي عرَفَت مداخله ومخارجه: (كان خُلُقه القرآن ) رواه أحمد. فكان صادقاً، أميناً، وفيًّا، كريماً، رحيماً، شجاعاً، صبوراً. وكان جميل الصّورة، جميل الرّوح، جميل الحديث، جميل السّلوك.
كانت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالاً تطبيقياً لما دعا إليه القرآن الكريم فقد كان صلى الله عليه وسلم معتنياً بمظهره فكان يقصّ شعر لحيته ويأخذ من طولها وعرضها بما يتناسب مع خلقته وهو القائل: ( إذا خرج الرجل إلى إخوانه فليهيئ من نفسه فإنّ الله يحبّ الجمال ) رواه مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم يتأنّق في ملبسه نوعاً وخياطة ولوناً فقد لبس صلى الله عليه وسلم البرود اليمانية، وكان يبعث بملابسه إلى من يخيطها في بني النجار إذ كان منهم من يتقن الخياطة، وكان يكره لنفسه ولأصحابه تعمّد اختيار الألوان الصارخة الجالبة للأنظار فكان ينهى عن لبس الأحمر غير المشوب بغيره، كما كان يختار ألواناً خاصّة لمناسبات خاصّة، لما يوحي به اللّون من طبيعة الموقف فقد دخل مكة معتمراً بعمامة سوداء للإشعار بجديّة الموقف، كما كانت تصرّفاته صلى الله عليه وسلم في نفسه وفيما يأمر به المؤمنين تراعي مقتضيات الجمال والانسجام، إلى الحدّ الذي أكسب فيه هذا الإحساس بالجمال.










رد مع اقتباس