منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التحكيم التجاري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-15, 18:34   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
ouhab hamza
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية ouhab hamza
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الثالث
بطلان حكم التحكيم
إذا رفض أحد الأطراف المتنازعة حكم التحكيم الذي أصدرته محكمة التحكيم، فهل يجوز للطرف الذي لم يكن الحكم في صالحه رفع دعوى بطلان التحكيم ؟، وإذا كان ممكن ذلك فبطبيعة الحال محكمة التحكيم لا تقبل هذه الدعوى، إلا إذا كانت مبنية على أسباب ودوافع قوية يمكن الاستناد إليها لإعادة النظر في القضية من جديد. ولكن السؤال المطروح هل سمح المشرح الجزائري في نصوص مواده القانونية برفع دعوى بطلان حكم التحكيم؟ هذا ما سنراه في الدراسة التالية:
المبحـث الأول
بطلان حكم التحكيم
في هذا المبحث سوف نتطرق الى معرفة امكانية، جواز الطعن في حكم التحكيم ام هل المشرع اعطاه حصانة اي بمعنى عدم جواز الطعن فيه وهل يستوي في ذلك التحكيم الداخلي مع الدولي، هذا ما سوف نبينه في هذ المبحث
المطلـب الأول
عدم جواز الطعن في حكم التحكيم
لم يتطرق المشرع الجزائري في أي نص من نصوص مواده الخاصة بقانون الإجراءات المدنية والإدارية، إلى منع أطراف اتفاق التحكيم من تقديم طلب طعن في حكم التحكيم. ولكن يجب الإشارة إلى نقطة هامة وهي عدم السماح بأي اعتراض على تنفيذ أحكام التحكيم الدولية، وهذا ما أكده نص المادة 1032 " أحكام التحكيم غير قابلة للمعارضة ". إلا أن اعتراض القاضي برفض التنفيذ يجوز فيه الاستئناف حسب نص المادة 1055 " يكون أمر القاضي برفض التنفيذ قابلا للاستئناف، ولكن في بعض الحالات المنصوص عليها فـي المـادة 1056.[1]
- أما المشرع المصري فيختلف تماما في هذه النقطة عن المشرع الجزائري، إذ في نص مادته 52/1 ([2]) يؤكد على عدم إمكانية الطعن في أحكام التحكيم بأي طريقة من الطرق فأقام عليها نوعا من الحصانة، مما جعلها تسمو حتى على أحكام القضاء التي تخضـع للاستئنـاف.
و هذه الحصانة تتمتع بها كل أحكام التحكيم التي تصدر وفقا لأحكام قانون التحكيم أي أحكام التحكيم الذي يجري في مصر سواء كان تحكيما وطنيا أو دوليا، أو أحكام التحكيم الذي يجري في الخارج، واتفق أطرافه على إخضاعه للقانون المصري[3].
إلا أن المادة 511[4] كانت تسمح بالطعن في حكم التحكيم عن طريق - التماس إعادة النظر - وذلك وفقا لأحكام المادة 241، باستثناء الحالة التي تتعلق بحكم يقضي بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه. إذ يعتبر هذا سببا من أسباب بطلان حكم التحكيم أما بقية الحالات فيسمح فيها الطعن بالتماس إعادة النظر[5].
و وفقا لنص المادة 52/1 من القانون الجديد[6] لم يعد ممكنا رغم توفر حالة من هذه الحالات الطعن في الحكم، الذي لم يعد متاحا إلا طلب بطلانه لأسباب سنراها فيما بعد.
وأخيرا نطرح السؤال التالي: هل كان المشرع المصري موفقا في إلغاء طريق الطعن بالتماس إعادة النظر؟


المطلب الثاني
الطعن في حكم التحكيم وفقا للقانون الجزائري
من خلال نصوص المواد نلاحظ أن المشرع الجزائري فرق بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي فأجاز إمكانية الطعن بالاستئناف في التحكيم الداخلي كما نصت على ذلك المادة 1033، ما لم يتنازل الأطراف عن حق الطعن بالاستئناف " يرفع الاستئناف في أحكام التحكيـم ... ما لم يتنازل الأطـراف عن حـق الاستئناف في اتفاقية التحكيـم ". أو الطعن بالنقض طبقا للأحكام المنصوص عليها في المادة 1034 " تكون القرارات الفاصلة في الاستئناف وحدها قابلة للطعن بالنقض "([7]) .
فالاستئناف يؤدي إلى إعادة طرح النزاع من جديد، كما يسمح بتصحيح الحكم سواء من ناحية الشكل أو الموضوع فهو نظر للموضوع من جديد أي دراسته دراسة دقيقة والوقوف عند الأسباب والمستندات التي أدت إلى بطلان الحكم. و عليه فأحكام التحكيم الداخلية قابلة للطعن بالاستئناف أو الطعن بالنقض.
- أما بالنسبة لأحكام التحكيم الدولي فلا تسرى على أحكامها طرق الطعن التي رأيناها في التحكيم الداخلي، ولذلك فأحكام التحكيم الدولية الصادرة في الجزائر يكون متاحا فيها طلب طعن بالبطلان حسب نص المادة 1058 " يمكن أن يكون حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر موضوع طعن بالبطلان " في حالات. أما الأحكام الصادرة في الخارج فلا تخضع للاستئناف أو طلب البطلان، ونجد ذلك في المادة 1058 " لا يقبل الأمر الذي يقضي بتنفيذ حكم التحكيم الدولي أي طعن وإنما يمكن استئناف القرار الصادر بالاعتراف وتنفيذ الحكم طبقا لنص المادة 1055 يكون أمر القاضي برفض الاعتراف ..... قابلا للاستئناف " وذلك في حالات منصوص عليها في المادة 1056 وتشمل ما يلي: ([8])
1- إذا فصلت محكمة التحكيم بدون اتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء مدة الاتفاقية.
2- إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفا للقانون.
3- إذا فصلت محكمة التحكيم بما يخالف المهمة المسندة إليها.
4- إذا لم يراع مبدأ الوجاهية.
5- إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها، أو إذا وجد تناقض في الأسباب.
6- إذا كان حكم التحكيم مخالفا للنظام العام الدولي.
و يمكن أن تكون هذه الحالات موضوع طلب بطلان الحكم الدولي الصادر في الجزائر.
نلاحظ أن المشرع اختلف في طريقة التعامل مع أحكام التحكيم الدولي الصادر في الجزائر والصادر في الخارج، فكيف نعلل هذا الاختلاف، ربما يرجع إلى أن حكم التحكيم الصادر في الجزائر يمكن أن يندمج ويصبح جزاءا من النظام القانوني الجزائري، مما يحتم السماح بطلب بطلانه، أما الصادر في الخارج فيكفي منع الاعتراف به وتنفيذه.
نستنتج من خلال ما سبق أن المشرع الجزائري كان موفقا في تحديد طرق الطعن الخاص بالتحكيم الدولي، لأن طبيعة اتفاق التحكيم تقتضي السرعة وعدم الإطالة في حل النزاع للخروج بحكم يرضي جميع الأطراف.
المطلـب الثالـث
الطعن في حكم التحكيم وفقا للقانون الفرنسي
يفرق المشرع الفرنسي بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي، فأعطى لأحكام التحكيم الداخلي حق الطعن بالاستئناف([9])، إلا إذا تضمن اتفاق التحكيم ما يفيد تنازل الأطراف عن حق الطعن بالاستئناف، أو كان المحكم مفوضا بالحكم وفقا لقواعد العدالة والإنصاف، ومع ذلك يجوز للأطراف حتى مع هذا التفويض التحفظ وتضمين اتفاق التحكيم ما يفيد تمسكهم بإمكانية الطعن بالاستئناف([10])، فالاستئناف هو نظر للموضوع من جديد.
يستنتج من هذا أن المشرع الفرنسي سمح بإمكانية الطعن بالاستئناف أو الطعن بالبطلان، أما إذا تم التنازل عن حق الاستئناف أو كان التحكيم تحكيما مع التفويض دون أن يقترن بالتمسك بإمكانية الاستئناف[11]، ففي هذه الحالات لا تبقى سوى إمكانية الطعن بالبطلان أو التماس إعادة النظر([12]).
هذا فيما يخص أحكام التحكيم الداخلي أما بالنسبة لأحكام التحكيم الدولي فتختلف عنها، بحيث لا يجوز استئناف أحكام التحكيم الصادرة في الخارج أو الصادرة في منازعات دولية، ويكون متاحا فحسب طلب البطلان بالنسبة لأحكام التحكيم الدولية الصادرة في فرنسا، أما الأحكام الصادرة في الخارج فلا تخضع للاستئناف أو طلب البطلان، وإنما يمكن استئناف القرار الصادر بالاعتراف وتنفيذ الحكم، فموقف القاضي الفرنسي يتحدد بالحكم بعدم الاعتراض أي عدم الاعتراف بالحكم أو تنفيذه في فرنسا[13].
يتضح من مجمل ما سبق أن نهج المشرع الفرنسي ونهج المشرع الجزائري تبنيا نصوصا قانونية متشابهة مما جعلهما متطابقان تقريبا.
المبحـث الثانـي
إمكانية رفع دعوى بطلان حكم التحكيم
رأينا مسبقا أن قانون الإجراءات المدنية الجزائري سمح في مواده 1033 و 1034 بإمكانية الطعن بالاستئناف والطعن بالنقض، ما لم يتنازل الأطراف عن حق الاستئناف في اتفاقية التحكيم، وسواء كان متاحا لأطراف الطعن بالاستئناف أو الطعن بالنقض، ففي الحالتين يجب توفر أسباب يمكن الاستناد إليها لرفع دعوى البطلان.
ولكن لم يوجد نص صريح في أحكام التحكيم الداخلي يشمل الحالات التي على أساسها ترفع دعوى البطلان، لهذا فإننا استخرجنا الأسباب من أحكام التحكيم العامة الواردة في نصوص المـواد القانونيـة:

المطلـب الأول
الأسباب التي يجب توافرها لرفع دعوى البطلان
سوف نبين في هذا المطلب تلك الاسباب التي تقتضي رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وهي كالآتي:
1- عدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه أو انقضاء مدته:
كما نعلم أنه لكي يكون اتفاق التحكيم صحيحا يجب توفر شرط التراضي بمعنى قبول الطرفين اللجوء عند النزاع إلى التحكيم، كما يستلزم المشرع الجزائري الكتابة لوجود و صحة شرط التحكيم، وكذلك " يجب أن يتضمن اتفاق التحكيم، تحت طائلة البطلان موضوع النزاع وأسماء المحكمين وبيان طريقة تعيينهم " وفقا لنص المادة 1012.
أما بالنسبة للانقضاء فشرط التحكيم ينقضي بانقضاء المدة المحددة للعقد، وتتمثل سلطة المحكمة في التحقق من وجود أو بطلان أو انقضاء اتفاق التحكيم، أما إذا لم يحدد أجل لإنهائه فيعد اتفاق التحكيم صحيحا ومن تم يلزم المحكمون بإتمام مهمتهم في ظرف أربعة أشهر نص المادة 1018.
2- وجود مخالفة للقانون في تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد:
ويتعلق الأمر بالخروج على النصوص المنظمة لتشكيل المحكمة أو تعيين المحكمين، فأمر تعيين المحكمين متروك لاتفاق الأطراف، أما إذا اعترضت صعوبة في تشكيل محكمة التحكيم بفعل أحد الأطراف أو بمناسبة تنفيذ إجراءات تعيين المحكمين فيتم تعيينهم من قبل رئيس المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها محل إبرام العقد وفقا لنص المادة 1009، بالإضافة إلى استلزام وترية العدد المادة 1017، اكتمال أهلية المحكمة " لا تسند المهمة لشخص طبيعـي، إلا إذا كـان متمتعا بحقوقـه المدنية نص المـادة 1014 و إعلان المحكمين عن قبولهم بالمهمة المسندة إليهم. بالإضافة إلى التزام هيئة التحكيم بعدم قبول طلب رد المحكم إلا في حالات نصت عليها المادة 1016 مثلا وجود سبب رد منصوص عليه في نظام التحكيم الموافق عليه من قبـل الأطـراف.
فإذا علم جميع الأطراف بوجود مخالفة في شروط تشكيل محكمة التحكيم ولم يقدم أي طرف اعتراضه في الوقت المحدد والتزموا الصمت، فصل المحكم بناء على ما قدم إليه حسب نص المادة 1022 ولم يعد سبب الرفع دعوى البطلان.
3- إذا فصلت محكمة التحكيم بما يخالف المهمة المسندة إليها:
يعني هذا أنه يجب على محكمة التحكيم الفصل في النزاع في حدود المهمة المسندة إليها، أي الفصل في المسائل التي يشملها اتفاق التحكيم، وعلى هذا الأساس المشرع الجزائري توسع بقدر كبير في هذا السبب، حيث عالج كل المسائل الخاصة بمخالفة المبادئ الموجهة للدعوى واحترام حقوق الدفاع فألزم المحكمة الفصل في إطار الاختصاص الخاص بها مع وجوب إثارة الدفع بعدم الاختصاص قبل أي دفاع في الموضوع، وأن يكون الفصل بحكم أولي إلا إذا كان الدفع بعدم الاختصاص مرتبطا بموضوع النزاع أحكام المادة 1044، بالإضافة إلى نص المادة 1050 الذي يلزم محكمة التحكيم بأن تفصل وفقا لقواعد القانون الذي اختاره الأطراف أو حسب قواعد القانون والأعراف.
وبالتالي فهي لا تملك من نظرها خارج حدود موضوع النزاع، وضمانا لتحديد اختصاص محكمة التحكيم نصت المادة 1027 على ضرورة تحديد موضوع الخلاف وظروفه مع أدق تفاصيله، فإن ثبت أن محكمة التحكيم فصلت فيما لم يكن مطروحا عليها أو تجاوزت حدود اتفاق التحكيم، يحق للطرف صاحب المصلحة رفع دعوى البطلان تأسيسا على تجاوز محكمة التحكيم لحدودها.
4- إذا لم يراع مبدأ الوجاهية:
وهذا المبدأ يتصل باحترام حقوق الدفاع ويلزم المحكم بألا يعتد في حكمه بأي دفاع أو مستندات قدمت في الدعوى من قبل الأطراف إلا إذا أتيحت الفرصة لهؤلاء الأطراف للتفاوض بشأنها وجها لوجه، فالإخلال بالمساواة وتهيئة الفرص المتكافئة للأطراف لإبداء دفاعهم وعرض وجهة نظرهم يعد سببا يبرر طلب بطلان حكم التحكيم.
5- إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها:
بما أن نص المادة 1027 "يستلزم أن تكون أحكام التحكيم مسببة"، فيلاحظ من نص المادة أن عدم تسبيب محكمة التحكيم حكمها، يمكن أن يكون سببا لدعوى البطلان فـي القانـون الجزائـري.
6- إذا كان حكم التحكيم مخالفا للنظام العام الجزائري:
تكون مسألة مخالفة حكم التحكيم للنظام العام سندا لرفع دعوى البطلان إذا خرج المحكم عن قاعدة تتعلق بالنظام العام الجزائري، أي صدور الحكم متضمنا ما يخالف النظام العام الجزائري، فهو يمثل الأسس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يرتكز عليها كيان الدولة بالإضافة إلى الآداب العامة، ولكن المقصود من هذا أن يتضمن الحكم فعلا ما يخالف النظام العام الجزائري، مثلا إبرام الورثة اتفاقا بشأن تركة مستقبلية إبان حياة مورثهم وتضمن الاتفاق شرط تحكيم، وثار نزاع بين الورثة وعرض الأمر على محكمة التحكيم فأقرت الاتفاق وأصدرت حكمها بتسوية النزاع، فإن الحكم يكون باطلا لمخالفته للنظام العام الجزائري، أما إذا أصدرت المحكمة حكمها ببطلان الاتفاق فإن الحكم يكون صحيحا.
7- عدم تضمين الحكم أسماء المحكمين وتوقيعاتهم:
لقد اهتم المشرع الجزائري بضرورة تضمين حكم التحكيم البيانات التالية:
أسماء المحكمين، تاريخ ومكان صدور الحكم، أسماء وألقاب الأطراف، بالإضافة إلى توقيع الحكم من قبل جميع المحكمين، وفي حالة امتناع الأقلية عن التوقيع يشار إلى ذلك، وفقا لنصوص المواد 1028، 1029، فإن لم يتضمن حكم التحكيم البيانات التي سبق ذكرها اعتبر هذا سببا ودافعا قويا لرفع دعوى بطلان حكم التحكيم.
هذه الأسباب تتعلق بالتحكيم الداخلي، أما أحكام التحكيم الدولية فيجوز فيها كما رأينا مسبقا طلب طعن بالبطلان واستئناف القرار، وفي الحالتين يجب توفر أسباب والتي على أساسها يمكن رفع الدعوى، وهذا ما حدده نص المادة 1056 ويشمل الحالات التالية:
أسباب بطلان أحكام التحكيم الدولية الصادرة في الجزائر:
1- فصل محكمة التحكيم بدون اتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء مدة الاتفاقية:
يسري في هذا الخصوص - بصفة عامة - ما ذكر في التحكيم الداخلي كما سبق الإشارة إليه، مع مراعاة أن التحكيم الدولي الصادر في الجزائر هو الآخر يستلزم الكتابة أو أي وسيلة اتصال أخرى تجيز الإثبات بالكتابة، هذا من حيث الشكل، أما من ناحية الموضوع ولكي يكون اتفاق التحكيم صحيحا يجب أن يتضمن الشروط التي يضعها إما القانون الذي اختاره الأطراف أو القانون الذي يراه المحكم ملائما، أو المنظم لموضوع النزاع نـص المـادة 1040، كما لا يمكن الاحتجاج بعدم صحة اتفاق التحكيم بسبب عدم صحة العقـد الأصلي.
2- إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفا للقانون:
بطبيعة الحال مسؤولية تعيين المحكمين ترجع إلى اتفاق الأطراف، فنص المادة 1041 يمكن الأطراف من تعيين المحكم أو المحكمين سواء مباشرة أو بالرجوع إلى نظام التحكيم، وتحديد شروط تعيينهم وعزلهم، وفي حالة صعوبة تعيين المحكمين أو عزلهم فيجوز للطرف الذي يهمه التعجيل رفع الأمر إلى رئيس المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها التحكيم، إذا كان هذا التحكيم يجري في الجزائر.
3- فصل محكمة التحكيم فيما يخالف المهمة المسندة إليها:
تستدعي هذه الحالة كما نعلم ضرورة الفصل في إطار المهمة المسندة لمحكمة التحكيم، دون تجاوز في حدود المهمـة، وهذا ما نصت عليه المواد 1044، 1046 1047، 1050، فمحكمة التحكيم ملزمة بأن تفصل في إطار اختصاصها، وتتولى كذلك البحث عن الأدلة وإذا اقتضت الضرورة مساعدة السلطة القضائية في تقديم الأدلة جاز لمحكمة التحكيم أو للأطراف بالاتفاق مع المحكمة بعد الترخيص له من طرف محكمة التحكيم، أن يطلبوا عريضة تدخل القاضي المختص، ويطبق في هذا الخصوص قانون بلد القاضي، ويكون الفصل عملا بقواعد القانون الذي اختاره الأطراف.
4- إذا لم يراع مبدأ الوجاهية:
هذا المبدأ يتصل كما سبق ذكره باحترام حقوق الدفاع، لهذا كان من الضروري أيضا أن يستند إليه المشرع في إمكانية رفع دعوى بطلان حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر، وهذا ما نجده في نص المادة بحيث إذا لم يتمكن أحد الأطراف من الحضور للمناقشة أمكنه ذلك تقديم طعن ببطلان الحكم.
5- إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها، أو إذا وجد تناقض في الأسباب:
المشرع الجزائري أكد على ضرورة تسبيب أحكام التحكيم الدولي الصادر في الجزائر من خلال حصره لهذه الحالة في نص المادة 1056، فإذا لم تكن الأحكام مسببة تعرض الحكم الصادر إلى إمكانية طلب بطلانه، وكذلك عدم وجود تناقض في الأسباب التي أدت إلى قيام النزاع.
6- إذا كان حكم التحكيم مخالفا للنظام العام الدولي:
المشرع اعتبر هذه الحالة سببا لطلب بطلان حكم التحكيم، لأن المادة 1051 تعرضت في نصها على أن الاعتراف بأحكام التحكيم الدولي الصادر في الجزائر، يتم إذا أثبت التمسك بوجودها، بشرط أن يكون هذا الاعتراف غير مخالف للنظام العـام الدولي و تعتبر قابلة للتنفيذ في الجزائر و بنفس الشروط.
كما هو واضح من كل ما سبق أن حالات التحكيم الداخلي و حالات التحكيم الدولي الصادر في الجزائر متطابقة.
المطلـب الثانـي
أسباب بطلان أحكام التحكيم في ظل القانون الفرنسي
رأينا فيما سبق أن قانون المرافعات الفرنسي يسمح باستئناف حكم التحكيم، إلا إذا تنازل عنه الأطراف مسبقا، أو كان التحكيم مقترنا بتفويض المحكمين ولم يحتفظ الأطراف بحق الاستئناف. وسواء كان متاحا لأطراف الطعن بالاستئناف أو كان هذا الطريق مغلقا، ففي الحالتين يجوز طلب بطلان حكم التحكيم. على أنه في حالة بقاء إمكانية الطعن بالاستئناف، فيجب إتباع هذا الطريق مع بيان الغرض في صحيفة الاستئناف[14]، أي تحديد المقصود هل هو الاستئناف بهدف – مراجعة الحكم موضوعيا – وفقـا لنص المـادة 1482، أم – الاستئناف لتقرير البطلان – وفقـا لنص المادة 1484، ولكن يختلف الأمر إذا كـان باب الاستئناف موصدا لتنازل الأطراف عنه مسبقا أو لعدم تحفظهم في حالة التحكيم بالتفويض، فهنا لا يبقى سوى دعوى البطلان التي حددت حالاتها المادة 1484 والتي تسمح برفع هذه الدعوى وهي تشمل ما يلي:([15])
1- عدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه أو انقضاؤه:
يسري في هذا الخصوص بصفة عامة ما ذكرناه في القانون الجزائري، كما يجب الإشارة إلى أن القانون الفرنسي يستلزم هو الآخر الكتابة لوجود وصحة شرط التحكيم مع جزاء البطلان، أما بالنسبة للمشارطة فالكتابة شرط إثبات، وكذلك يستلزم تسمية المحكمين وبيان طريقة تعيينهم. وإذا تعلق الأمر بشرط التحكيم، فيقتصر جوازه على المسائل التجارية، أما التحقق من وجود أو بطلان أو انقضاء اتفاق التحكيم فيكون من اختصاص المحكمة وقد يقتضي ذلك مراجعة الحكم للتحقق من وجود اختصاص للمحكم، وحدود هذا الاختصاص ولذلك يذهب البعض إلى جواز امتداد سلطة القاضي لفحص الواقع والقانون حتى يتمكن من تحديد وجود سند لاختصاص المحكم، وفقا لأحكام أصدرها القضاء الفرنسي في مجال التحكيم التجاري الدولي وهي تسري كذلك على التحكيم الداخلي، لأن النصوص التي تعالج بطلان الحكم متطابقة[16].
2- وجود مخالفة للقواعد الخاصة بتعيين المحكم أو تشكيل محكمة التحكيم:
و يتعلق الأمر بالخروج على النصوص المنظمة لتشكيل المحكمة أو تعيين المحكمين و لكن حسب نص المادة 432/2 من قانون المرافعات يجب إثارة الدفع بمخالفة قواعد تشكيل المحكمة مع بدء المرافعة وإلا اعتبر الصمت نزولا ومظهرا للعيب([17]) الذي لم يتم التمسك به باستثناء حالة تعلق الأمر بقاعدة آمرة تمس النظام العام، كاستلزام وترية العدد، و رغم أن هذه القاعدة تتعلق بحماية مصالح الأطراف، إلا أن البعض يرى ضرورة التمسك بالبطلان ولا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، والبطلان المترتب على مخالفتها بطلان نسبي.([18])
3- إصدار المحكم للحكم دون التزام بحدود مهمته:
وهي فصل المحكم كما رأينا في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم، إلا أن المشرع الفرنسي حسب نص المادة 1484 جاء بصياغة فضفاضة إلى حد أن الفقه عالج تحت هذا السبب المسائل الخاصة بمخالفة المبادئ الموجهة للدعوى واحترام حقوق الدفاع[19]، أو قيام المحكمين بالفصل وفقا لقواعد العدالة والإنصاف دون وجود تفويض من الأطراف([20]) بالإضافة إلى قيام المحكمين بالفصل فيما لم يطلب منهم حتى لو كان متصلا بموضوع النزاع، وهذا لا علاج له بواسطة المحكم سوى رفع دعوى البطلان[21].
4- عدم احترام مبدأ المواجهة:
وهذا المبدأ يتصل باحترام حقوق الدفاع، والذي أوردته المادة 53/ج و ز من القانون المصري، و الذي كرسته المادة 16 مرافعات فرنسي والتي تلزم القاضي بألا يعتد في قضائه بأي دفاع أو إيضاحات أو مستندات قدمت في الدعوى من الأطراف، إلا إذا أتيحت الفرصة لهؤلاء الأطراف للتناضل بشأنها وجها لوجه.
5- عدم تسبيب الحكم:
تنص المادة 1484/5 على إمكانية رفع دعوى البطلان في كل الحالات المنصوص عليها في المادة 1480، و أول هذه الحالات، حالة مخالفة المادة 1471/2 و التي تستلزم تسبيب حكم التحكيم، ويسرى الالتزام بالتسبيب حتى على التحكيم مع التفويض([22]) ويلزم عدم تناقض الأسباب وإلا أمكن الطعن بالبطلان.([23])
6- عدم تضمين الحكم بيانا بأسماء المحكمين أو بيان تاريخ الحكم:
و يربط البعض اهتمام المشرع الفرنسي بذكر أسماء المحكمين بشرط أن يكونوا من الأشخاص الطبيعيين([24]) وبشرط استمرار مباشرتهم لسير عملية التحكيم وتوقيعهـم علـى الحكـم.
أما بيان التاريخ فمرجعه إلى تحديد ما إذا كان قد صدر أثناء سريان ميعاد التحكيم من عدمه، إذ بفوات الميعاد ينتفي سند المحكم وصفته في إصدار الحكم.
7- عدم توقيع جميع المحكمين، أو عدم ذكر رفض الأقلية:
المشرع الفرنسي لم يستلزم سوى ذكر واقعة رفض الأقلية دون استلزام بيـان أسبـاب الرفـض.
8- الإخلال بقاعدة تتعلق بالنظام العام:
و ينصرف هذا السبب إلى خروج المحكم على قاعدة تتعلق بالنظام العام، فلا تنصرف هذه الحالة إلى عدم قابلية النزاع للتسوية عن طريق التحكيم لأن هذا يعد سببـا لبطـلان الاتفـاق.

([1]) المواد 1032، 1055، 1056 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

([2])فقرة المادة 52/1 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه:" لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن ".

[3] د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، 123.

([4]) المواد 511 – 241 من قانون المرافعات المصري.

[5] د. أحمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص 152.

([6]) المادة 52/1 من القانون الجديد[6]

([7])المواد 1033 – 1034 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

([8])المادة 1056 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجزائري.

([9]) تنص المادة 1481 على جواز الطعن بالاستئناف.

([10]) المادة 1482 من قانون المرافعات الفرنسي.

- د. محسن شفيق، المرجع السابق، ص 103[11]

([12]) المادة 1491 خاصة بالنظر بالالتماس.

د. أحمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص 123.[13]

د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 125.[14]

([15]) المواد 1482، 1484 من قانون المرافعات الفرنسي.

د. هاني سري الدين، المرجع السابق، ص 126.[16]

([17]) استئناف لسنة 17/11/1986.

([18]) روبرت – جين – ص 211.

د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 148.[19]

([20]) روبرت – جين – ص 211.

د. نحند شكري سرور، المرجع السابق، ص 163.[21]

([22]) استئناف باريس 05/02/1967.

([23]) استئناف باريس 13/11/1980.

([24]) روبرت جين، ص 215، ولكن الخطأ المادي في أسماء الأطراف لا يعد سببا للبطلان.