منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - جرائم المخذرات
الموضوع: جرائم المخذرات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-08, 15:09   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الثاني

الفصل الثاني:
عقوبة جريمة المخدرات








تمهيد:
منذ وعت المجتمعات ضرورة وجود ضوابط تحكم سيرها وتجزم الشاذ والخارج عن هذا السير الاجتماعي القويم من سلوكيات تراها غريبة ومنافية لمعتقدها وفهمها.
فإن حاجتها إلى ما يعرف بالقانون اليوم أصبحت أكثر من ضرورة باعتبار من أهم أدوات الضبط الاجتماعي إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
وما نلاحظه من الحركة الدائبة في تغيير القوانين من حذف وإضافة ما هو استجابة لرغبة هذه المجتمعات في وضع منظومات قانونية متكاملة تحقق الهدف المنشود من وراء وضعها.
فنجاح قاعدة قانونية في تحقيق هذا الهدف يتوقف على اعتبارات كثيرة، والمشكلة حينما تكون هذه الاعتبارات متعارضة وهذا ما نراه بوضوح بالنسبة لتدخل القانون في مشكلة المخدرات، فإن كان مضار المخدرات أمر متفق عليه بالإجماع مما يخلص بنا إلى ضرورة الخلاص من هذه السموم لانعدام مبرر وجودها إلا أن بعض هذه المخدرات ضروري في كثير من الاستعمالات لاسيما منها الطبية والعلمية.
ويزداد هذا التعارض حدة حينما نعلم أن هناك دول لا تنتج المخدرات غير أ استهلاكها فيها كبير ودول تنتج المخدرات ولا تستهلكها أو على الأقل استهلاكها قليل مقارنة بإنتاجها ومن أجل ذلك نرى الدول الأولى تحرم وتجرم كل اتصال غير مشروع بهذه المخدرات كون رصيدها منها خسارة محققة بينما نرى الدول الثانية لا تحرم ذلك(1) للضرورة الاقتصادية الملحة، ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز أن يقتصر تدخل القانون على خطر أو تنظيم إنتاج المخدرات بل لابد من أن يتدخل لمنع تعاطيها وانتشارها، وذلك أن تعاظم الطلب عليها تكون نتيجته الحتمية مزيدا من الإغراء في إنتاجها.

وانطلاقا من هذه الرؤى وما دمنا بصدد الحديث عن الجانب الأهم من قوانين المخدرات وهو جانب الردعي أو العقابي فإننا نرى لزاما ضرورة الحديث أولا عن مفهوم العقوبة بصفة عامة في هذا المجال (مجال المخدرات) من تعريفها والهدف منها ثم أنواعها وهو ما صنفناه كمبحث ثان وفي آخر هذا الفصل وكمسك ختام سنتحدث عن العقوبة في التشريع الجزائري لنتبعها ببعض الانتقادات والاقتراحات التي لمسناها من خلال هذه الدراسة.


(1) في الحقيقة لا نضن أن هناك دول لا تجرم أي اتصال بالمخدرات اعتبارا للمواثيق والعهود الدولية التي لابد أن تكون هذه الدولة عضو ولو في واحدة منها والتي تحرم جميعها السماح بالتداول أي مواد تسبب ضرر لموظفيها أو تمس بأمن دول مجاورة، وإنما توجد تتلكأ وتتعاضى عن هذه الأنشطة وتشارك بشكل أو بآخر فيها.

المبحث الأول: مفهوم العقوبة في جرائم المخدرات.
نحاول في هذا المبحث أن أولا المقصود من العقوبة في جرائم المخدرات وثانيا أن نقف على الغرض الذي يهدف إليه المشرع من تحرم كل اتصال بالمواد المخدرة بغير ترخيص قانوني وفرض عقوبات مشددة على المخالفين لا وأمره وثالثا تعرض هذه الأنواع المعروفة من العقوبات.
المطلب الأول: تعريف العقوبة.
في جرائم المخدرات نتناول في هذا المطلب تعريف العقوبة بشكل عام وتطبيقه على جرائم المخدرات كفرع أول ونتناول في الفرع الثاني العلة أصلا من تجريم المخدرات.
الفرع الأول: تعريف العقوبة.
هي الجزاء الذي يفرضه القانون لمصلحة الهيئة الاجتماعية على كل من يثبت ارتكابه جريمة(1) فالعقوبة في حقيقة أمرها هي جزاء يحتوي على معنى الألم الغير المقصود لذاته فحسب بل لتحقيق أغراض أخرى هي التي تؤديها العقوبة للمجتمع وتقوم على إجراءات فيها معنى قسر تتخذ ضد المتهم حرمانا له من حق من الحقوق سواء في شخص أو حريته أو ماله أو حقوقه السياسية أو شرفه أو اعتباره.(2)
وتوقيع العقوبة بالجاني هي من اختصاص السلطات القضائية التي تمثل في هذا الموضع الهيئة الاجتماعية(3)، وهذا التحديد للعقوبة ينطبق بوضوح على جرائم المخدرات وذلك أن فكرة العقاب كانت في الأول قائمة على أساس الانتقام من الجرم الذي ارتكب جريمة فيجب أن ينال جزاءه.
ولكن في المخدرات لم يوقع المجرم أذى على أحد على الأقل ليس مباشرا حتى يعاقب بالانتقام منه وأن يكن أوقع أدى فذلك على نفسه وليس على الآخرين وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال عام طالما أن المشرع لا يعاقب على إيقاع الشخص الألم أو الضرر بنفسه فلماذا يعاقب مستهلك المخدرات طالما أنه حصل عليها بأمواله الشرعية وبإرادته الحرة؟
وهذا ما سنجيب عنه في المطلب الثاني.





(1) د. رؤوف عبيد، مبادئ القسم العام من التشريع العقابي المصري، مطبعة نهضة مصر، الطبعة الثانية، ص 939.
(2) د. صباح كرم شعبان، المرجع السابق، ص 181.
(3) فكرة العقاب كانت دائما تعتبر ردا على الجريمة في نظر المجتمع الذي أسسه تلك المبادئ الأخلاقية التي ترى في التعدي عليها خطيئة أحمد محمد خليفة بغداد، ص 3.
الفرع الثاني: علة تجريم المخدرات.
لقد سبق الذكر أن المخدرات نوع من أنواع السموم إن كان قليلها يفيد في شفاء الناس فإن كثيرها يؤدي إلى الإدمان عليها.
والإدمان عليها يترتب عليه أبلغ الضرر ليس فقط لمتعاطيها وإنما أيضا بالنسبة لأسرته وللمجتمع ككل.
كما أنها تؤثر في المستوى الخلقي مما يجعله يرتكب أبشع الجرائم دون وعي منه ونتيجة انعدام المسؤولية والضعف العقلي والجسدي للمدمن فإنه غالبا ما يفقد مورد رزقه، فيؤدي به ذلك حتما إلى القيام بجرائم الأموال أو ظواهر سلبية أخرى بدافع منه أو بتحريض من غيره وأمام هذه الأخطار لم يكن هناك بد من الخروج على قاعدة أن الإنسان حر يتصرف في نفسه كما يشاء فعملت غالبية التشريعات على مكافحة الإدمان على المخدرات متوسلة تارة بالعقاب وطورا بالعلاج.
المطلب الثاني: الهدف من العقوبة.
لقد شدد المشرع الجزائري في العقوبة على جرائم المخدرات نسبيا(1) ليصل بها في بعض الأحيان إلى 20 سنة مع الغرامة المالية وعليه فلا بد من أن نتفق على العوامل والأهداف التي حملت المشرع إلى التشديد بالعقوبة والعقاب على كل فعل يتصل بالمواد المخدرة والتي يمكن إجمالها في هدفين بارزين، الردع الخاص والردع العام.
الفرع الأول: الردع الخاص.
ونقصد به كبح جماع الخطورة الإجرامية الكامنة في أعماق الشخص المجرم فالردع الخاص يتجه إلى الشخص بالذات ليغير من معالم شخصيته ويحقق التآلف بينهما وبين القيم الاجتماعية تنمية قسم الأنا الأعلى – أي المجتمع – الذي يكون مترويا في لا شعور الفرد المجرم، ولكي يكون الفرد مسؤولا جزائيا وإذا تأكد مبدأ المسؤولية الجزائية فإن نطاقها يتحدد تشديدا أو تخفيفا على ضوء الظروف التي تساهم في صوغ إرادة الفاعل واختياره، فالعقوبة إذ هي أداة ردع ومحاولة لتلاشي ارتكاب جرائم جديدة لإعادة تربية المحكوم عليه.





(1) مقارنتا مع بعض التشريعات التي سبق وأن تعرضنا إليها والتي وصلت بالعقوبة في بعض جرائم المخدرات إلى الإعدام فإن المشرع الجزائري لا يزال متهاونا في ذلك.

الفرع الثاني: الردع العام
ويراد به إنذار الناس كافة عن طريق جعل المجرم عبرة لهم بسوء عاقبة الإجرامي كي ينفرهم بذلك منه وتهدف فكرة الردع العام إلى مواجهة الأسباب الإجرامية الأخرى.
مضادة للإجرام كي تحقق التوازن عليها لأجل منع وقوع الجريمة وكذلك يجب تقييم الجرائم بشكل متمايز على أساس العناصر المكونة لها وطبقا لدرجة تعارضها مع مصالح المجتمع أو طبقا للخطر الذي تمثله بالنسبة للمجتمع في حالة الأفعال الإجرامية الخطيرة، والخطر الذي تمثله المخدرات بالنسبة للمجتمع قابلة للتفشي والانتشار في شخص إلى آخر ولا سبيل للشروع في سبيل المحافظة على كيان المجتمع ووحدته والأخذ بيده نحو خلق مجتمع جديد إلا أن يعاقب وبشدة على كل الأفعال التي تؤدي إلى انتشار آفة المخدرات.
المطلب الثالث: أنواع العقوبات.
من أهم النقط والمبادئ التي تجمع عليها جميع التشريعات العقابية في العالم هي تنوع وتدرجها في أصناف العقوبة لكل ما تراه هذه الدول مخلا بقوانينها على حسب خطورة الجني ودرجة إثمه ومدى ترديه في هوة الإجرام ويمكن تقسيم هذه العقوبات تبعا لأنواعها بصورة عامة إلى عقوبات تبعية وعقوبات تكميلية وقد اتجهت السياسات العقابية الحديثة لا إلى علاج الجرم فقط من حيث إيقاع العقوبة على المجرم ولكن إلى غلق أبواب العودة إليه مرة أخرى وذلك فقد وضعت هذه السياسات في اعتبارها التعامل مع الجاني الذي يبدي ندما ورغبة في العودة إلى جادة الصواب تساهلا وليونة حتى إعفاء من العقاب، وسنتناول في هذه العجالة أنواع من العقوبات بإيجاز لنترك تفصيلها عند حديثنا عنها في التشريع الجزائري في آخر هذه الدراسة.
الفرع الأول: أنواع العقوبات المقررة لجرائم المخدرات.
• البند الأول- العقوبات الأصلية: وهي في بعض التشريعات الإعدام والسجن المؤبد والمؤقت والغرامة وقد ميز كل مشرع عند تقريره هذه العقوبات القصد من ارتكاب الجريمة.
• البند الثاني- العقوبات التبعية: وهي تلك العقوبات التي تلحق عقوبة أصلية وجوبا وبحكم القانون فتنفذها السلطة المختصة بغير حاجة إلى حكم يصدر بها من القاضي أو هي جزاء يضاف عقوبة أصلية معينة دون الحاجة إلى النص عليها في الحكم وإبرازها حالات الحرمان من الحقوق والمزايا.

• البند الثالث- العقوبات التكميلية: وهي تلك العقوبات التي يوقعها القاضي وجوبا أو تخييرا بالإضافة إلى العقوبة الأصلية(1) ولا يملك بها الحكم بها بمفردها وهذا الذي يفرقها عن العقوبة الأصلية ويمكن القول أيضا أنها لا تقوم وحدها وإنما تلحق العقوبة الأصلية ولكنها لا تنفذ على المحكوم عليه إلا إذا نص عليه صراحة في الحكم، والعقوبات التكميلية التي تحكم بها المحكمة وجوبا في جنايات المخدرات هي الغرامة والإغلاق والمصادرة كما يجوز لها أن تأمر بنشر الحكم.(2)
الفرع الثاني: التدابير الاحترازية والإعفاء من العقوبة.
• البند الأول- التدابير الاحترازية أو الوقائية: وهي إجراءات تتخذ ضد الجاني أو المشتبه به من أجل عرقلة عودته أو استمراره في النشاط المحضور، وهي عادة(3) إيداع المدني إحدى المصحات وتهدف إلى معالجة المدمن من إدمانه وقطع أو القضاء على الصلة التي تربطه بالمخدرات، تدابير في حالة أكثر من مرة الاتهام الجدي أكثر من مرة في إحدى جنايات المخدرات، عن طريق تحديد الإقامة أو منعها في ومن مكان، خطر التردد في أماكن معينة، الحرمان من ممارسة مهنة أو حرفة معينة، تدابير الاشتباه والذي كما عرفته محكمة النقص المصرية بأنه "حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام" وتهدف إلى منع الجرم من الوقوع قبل وقوعه، فرض الحراسة على الأحوال وهذا إذا ثبت أن تضخمها يتم بطرق إحداها تجارة المخدرات.
• البند الثاني- الإعفاء من العقوبات: وتسمى أيضا في بعض التشريعات باستبعاد العقوبة(4) ومعناها هو إسقاط العقوبة رغم توافر شروط تطبيقها وأسباب الاستبعاد من العقاب تسمى بالأعذار القانونية المعفية لأن الذي يحدد ذلك هو المشرع لا القاضي، الإعفاءات في حالات تكون نتيجة الإعفاء أهون من توقيع العقوبة في ظروف خاصة كإعفاء الأصل أو الردع أو الزوج أو الزوجة الذي يضبط في مكان يتعاطى فيه صاحب المخدرات.(5)




(1) د. صباح كرم شعبان، المرجع السابق، ص 202.
(2) د. أدوار غالي الذهبي، المرجع السابق، ص 120، 121.
(3) هذه التدابير موجودة بقانون المخدرات المصرية.
(4) ومن ضمنها التشريع العراقي.
(5) د. صباح كرم شعبان، المرجع السابق، ص 211.

الفرع الثالث: تقدير العقوبة الواجبة الوقوع.
تقدير العقوبة من إطلاق القاضي الموضوع فله أن يقضي بالعقوبة الملائمة للحالة المعروضة عليه، وما دامت العقوبة المقضي بها في نطاق الحدود التي رسمها القانون فلا يلتزم القاضي ببيان الأسباب التي جعلته يستعمل سلطته على نحو معين حتى ولو ذهب إلى توقيع الحد الأقصى أو الأدنى للعقوبة إلا أنه يشترط أن يكون القاضي قد ألك – وهو يمارس حقه في هذا التقدير – بظروف الدعوى والمراحل التي سلكتها وما تم فيها من إجراءات إلماما صحيحا.(1)





















(1) د. أدوار غالي الذهبي، المرجع السابق، ص 150.

المبحث الثاني: عقوبة جريمة المخدرات في بعض التشريعات.
هذا المبحث هو في حقيقته تمهيد للمبحث الذي يليه والذي سنتناول فيه عقوبة جريمة المخدرات في التشريع الجزائري الذي هو مدار هذه الدراسة برمتها والذي أردناه أن يكون نقديا أكثر منه وصفيا.
كما أن التشريع الجزائري يوجد فيه بعض الخفة والتساهل في التعامل مع نف الجرائم وفراغا في العديد من المجالات المتعلقة بهذه الجرائم وقد ارتأينا تقسيم هذا المبحث حسب المادة المتوفرة إلى ثلاث مطالب نتعرض في الأول منها إلى التشريع المصري باعتباره من ضمن أقدم التشريعات العربية تعرضا للمشكلة أولا واعتباره موردا أو مقتبسا للعديد من التشريعات الأخرى، ثم نتعرض بعد ذلك إلى التشريع العراقي الذي لا يقل عراقة وصرامة في التعامل مع مشكلة التشريع الفرنسي والذي لا يقل أهمية من حيث التشريعات السابقة لنحتم المبحث بمطلب رابع ونتحدث فيه عن جملة من التشريعات المتفرقة مستعرضين تشريعاتها بصفة عامة في التعامل مع جرائم المخدرات.
وعن خطة دراسة كل مطلب وحفاظا عن عنصر ترابط كل مطلب مع الذي يليه فسنستعرض عقوبات كل تشريع حسب أنواعها السابق تباينها في المبحث السابق.
المطلب الأول: التشريع المصري وجرائم المخدرات.
اختط المشرع عند بيان عقوبات في القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن المخدرات خطة تهدف إلى تدرج فيها تبعا لخطورة الجاني ودرجة إثمه ومدى ترديه في هوة الإجرام ووازن بين كل قصد من المقاصد التي يتطلبها القانون في الصورة المختلفة لجريمة أحراز المخدرات وقدر لكل منها العقوبات التي تناسبها، والعقوبات المقررة لجنايات المخدرات بعضها أصلي والبعض الآخر تبعي وتكميلي ومن ناحية أخرى فقد نص القانون على بعض التدابير الوقائية التي تحكم بها المحكمة إذا توافرت شروط معينة، كذلك نص القانون على بعض الحالات التي يعفى فيها الفاعل من العقوبة لذلك سنتحدث في هذا المطلب وفي أربعة فروع عن كل من هذه العقوبات أو التدابير.
الفرع الأول: العقوبات الأصلية.
العقوبات الأصلية الواردة في القانون رقم 182 لسنة 1960 هي الإعدام والسجن المؤبد والمؤقت والحبس والغرامة وقد ميز المشرع المصري عند فرضه هذه العقوبات من خلال الغرض والقصد من وراء ارتكاب هذه الجرائم.
أولا- عقوبة جلب أو التصدير:
تنص المادة 33 من نفس القانون على أنه: "يعاقب بالإعدام وبغرامة من ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف جنيه كل من صدر أو جلب جواهر مخدرة عن طريق التهريب".
ثانيا- عقوبة الإنتاج أو الاستخراج:
هنا يجب أن نفرق أيضا من خلال القصد فإذا تعلق بالاتجار فإن المادة 33 ف.ب تعاقب بالإعدام والغرامة من 3 آلاف إلى 10 آلاف جنيه كل من أنتج أو استخرج أو فصل جواهر مخدرة أما إذا تعلق الأمر بقصد التعاطي فالمادتين 37-38 تعاقبان بالسجن وبغرامة من 500 إلى 3000 جنيه على نفسه الجريمة.
ثالثا- عقوبة زراعة نباتات مخدرة:
دائما مع نفس المعيار إذا تعلق الأمر بالاتجار فالمادة 34 ف.ب تعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وبالغرامة من 3000 إلى 10000 جنيه.
أما إذا كانت الزراعة ليست بغرض الاتجار فالمادة 38 العقوبة هي السجن والغرامة من 500 جنيه إلى 3000 جنيه.
رابعا- عقوبة الحيازة والاحياز:
إذا تعلق القصد بالاتجار فالعقوبة في حال الحيازة أو الاحياز هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من 3000 إلى 10000 جنيه أما إذا لم يكن وراء الحيازة أو الاحراز قصد الاتجار فالعقوبة هي السجن والغرامة من 500 إلى 3000 جنيه.
خامسا- عقوبة التقديم للتعاطي أو تسهيلها:
إذا كان القصد من وراءه تجاريا فتطبق أقصى العقوبة والغرامة وهي معروفة أما حسب نص المادة 34 (ق.أ) أما إذا كان التقديم مجانيا فالعقوبة هي الأشغال الشاقة والغرامة من 3 آلاف إلى 10000 جنيه ويعاقب من يسهل لغيره تعاطي جواهر مخدرة بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة من 3 آلاف إلى 10 آلاف جنيه حسب نص المادة35.
سادسا- عقوبة إعداد أو تهيئته:
أو إدارة مكان لتعاطي المخدرات يعاقب من يرتكب من هذه الجرائم بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاث آلاف إلى عشرة آلاف جنيه المادة (ف.د).
سابعا- العقوبة في حال تعدد الجرائم:
تنص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات على أنه "إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها البعض بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة وأشد تلك الجرائم.
الفرع الثاني: العقوبات التبعية والتكميلية.
أولا- العقوبات التبعية:
أبرز مقال للعقوبات التبعية في القانون العقوبات المصرية ما نصت عليه المادة 25 ق.ع وهو الحرمان من الحقوق والمزايا وهذا الحرمان يتبع عقوبات الجنايات فقط وهو غير قابل للتجزئة فلا تستطيع المحكمة أن تقدر حرمان المحكوم عليه من بعض هذه الحقوق دون البعض الآخر.
ثانيا- العقوبات التكميلية:
العقوبات التكميلية التي تحكم بها المحكمة وجوبا في جنايات المخدرات هي:
1- الغرامة: الغرامة المنصوص عليها في جرائم المخدرات تعتبر عقوبة تكميلية وجوبية وترتب على ذلك نتيجتان هامتان:
أ‌- لا يجوز توقيع هذه العقوبة إلا إذا نص عليها صراحة في الحكم.
ب‌- لا تخضع عقوبة الغرامة لحالة الظروف القضائية المخففة.
2- إغلاق المحل: نصت المادة 47 بالإغلاق النهائي لكل محل مرخص له أو غير مرخص له بالاتجار بالجواهر المخدرة أو أي محل غير مسكون أو معد للسكن إذا وقعت فيه إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد 39-34 و35 ويحكم بالإغلاق المؤقت بين ثلاثة أشهر وسنة إذا ارتكب في المحل الجرائم المنصوص عليها في المادة 38 ويحكم بالإغلاق النهائي في حال العود.
3- المصادرة: نصت المادة 42 من قانون المخدرات المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1977 بأنه يحكم في جميع الأحوال بمصادرة المخدرات المضبوطة وكذلك الأدوات ووسائل النقل المستخدمة مع مراعاة من أحيز له احراز أو صناعة أو التجارة في المواد المخدرة وفيما يخص الأدوات ووسائل النقل يراعي ملكية الغير حسن النية.
4- نشر الحكم: تنص الفقرة الثالثة من المادة 46 على أنه "يجوز للمحكمة أن تأمر بنشر ملخص الحكم النهائي على نفقة المحكمة عليه في ثلاث جرائد يومية تعنيها".
الفرع الثالث: التدابير الوقائية
ينص قانون المخدرات على فئتين من تدابير الوقائية يجوز الحكم بهما إذا توافرت شروطهما وذلك على النحو التالي1)




(1) د. أدوار غالي الذهبي، جرائم المخدرات في التشريع المصري، دار النهضة العربية، ص 144.
أ‌- إيداع المدمن إحدى المصحات: نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 38 من قانون المخدرات المعدل بالقانون رقم 16 لسنة 1973 على أنه للمحكمة بدلا من توقيع العقوبة المنصوص عليها في هذه المادة أن تأمر بإيداع من ثبت إدمانه... إحدى المصحات... ولا يجوز أن تقل مدة البقاء بالمصحة عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنتين وتطبيق هذا التدبير الوقائي محكوم بالقواعد الآتية:
1- يجب أن يثبت إدمان المتهم على تعاطي المواد المخدرة.
2- قصر الأمر بالإيداع فقط في حال ارتكاب إحدى جرائم المادة 37.
3- لا يجوز أن يودع المصحة من سبق لأمر بإيداعه بها مرتين.
4- لا يتابع جنائيا من يتقدم تلقائيا من متعاطي المخدرات للعلاج.
ب‌- التدابير في حالة الحكم أكثر من مرة أو الاتهام الذي أكثر من مرة: في إحدى جنايات المخدرات نصت المادة 48 مكرر من قانون المخدرات رقم 40 لسنة 1966 في الحالة السالفة ذكرها بالتدابير الآتية:
- الإيداع في إحدى مؤسسات العمل التي تقرر من طرف وزير الداخلية.
- تحديد الإقامة في جهة معينة.
- منح الإقامة في جهة معينة.
- الإعادة إلى الموطن الأصلي.
- "ولا يجوز أن تقل مدة التدابير المحكوم به عن سنة ولا تزيد على عشر سنوات مع الحكم بالسجن في حال المخالفة.
الفرع الرابع: الإعفاء من العقوبة.
"تنص المادة 48 من قانون المخدرات بأنه بعض العقوبات المقررة في المواد 33-34-35 كل من بادر من الجناه بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل علمها بها فإذا حصل الإبلاغ بعد على السلطات العامة بالجريمة تعيين أن يوصل الإبلاغ فعلا إلى ضبط باقي الجناه.
ومن هذا نستنتج أن حالتي الإعفاء هي:
- الحالة الأولى: إبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل عملها بها.
- الحالة الثانية: إبلاغ السلطات العامة عن الجريمة بعد عملها بها ولكن يكون للإبلاغ دور في إلقاء القبض على الجناه.

المطلب الثاني: التشريع العراقي وجرائم المخدرات.
العقوبات الواردة في قانون المخدرات العراقي رقم 68 لسنة 1965 المعدل عقوبات أصلية وعقوبات غير أصلية وهذا ما سنبحثه إتباعا في فرعين حيث نخصص الفرع الأول للعقوبات الأصلية والفرع الثاني للعقوبات غير أصلية.
الفرع الأول: العقوبات الأصلية.
العقوبات الأصلية الواردة في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 هي الإعدام والسجن المؤبد والمؤقت والحبس والغرامة وقد ميز المشرع العراقي عند فرضه ل.هذه العقوبات في قانون للمخدرات رقم 68 لسنة 1965 المعدل حسب القصد من ارتكاب كل:
- حيث تنص المادة 14 من الفقرة (ب) المعدلة على "يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تتجاوز 10000 دينار ولا تقل عن 3000 دينار من ارتكب بغير إجازة من السلطات المختصة ما يلي:
- استورد أو صدر أو جلب بأية صورة من الصور المخدرات المذكورة في المادة الثالثة من هذا القانون أو أنتجها أو صنعها بقصد الاتجار بها أو باعها أو سلمها للغير أو تنازل له عنها بأية صفة كانت ولو كان ذلك بغير مقابل أو توسط أو أي عملية من هذه العمليات.
- حيازة المخدرات المذكورة المذكورة في المادة الثالثة من هذا القانون أو إحرازها أو شرائها أو تسليمها بأية صفة كانت بقصد الاتجار بها.
- زراعة نبتات القنب وخشخاش الأفيون والقات وجنبة الكوكا أو نقل نباتات من هذه النباتات في أي طور من أطوال نموها هي وبذورها وكان ذلك بقصد الاتجار بها، كما نجد أن المشرع العراقي قد أجاز الحكم بالإعدام في حالة الزراعة بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي.
- إذا كان المتهم من أفراد القوات المسلحة أو مستخدمها فيها أو كان يعمل معها أو لمصلحتها ووقعت الجريمة أثناء مجابهة العدو، فكلما ارتكب فعل من أفعال التي أوردها نص الفقرة في المادة 14 وتوافرت فيه قصد الاتجار يجب الحكم بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وبالغرامة المحددة.
الفرع الثاني: العقوبات الغير الأصلية.
إلى جانب العقوبات الأصلية نص المشروع على نوعين مختلفين من العقوبات غير الأصلية أولهما العقوبات التبعية وهي التي تلحق عقوبة أصلية وجوبا، وثانيهما هي العقوبة التكميلية وهي تلك العقوبة التي يوقعها القاضي وجوبا أو اختياريا وقد سبق أن تعرضنا إلى تعريف كل من هاتين العقوبتين.
البند الأول: العقوبات التبعية
لقد نصت المادة 96 من قانون العقوبات العراقي على أن الحكم بالسجن المؤبد أو المؤقت سيتبعه بحكم القانون من يوم صدوره:
أولا- حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا.
ثانيا- فقدان الأهلية القانونية:
ونصت عليه المادة 97 من قانون العقوبات العراقي كل شخص يحكم عليه بالسجن المؤبد أو المؤقت في جناية من الجنايات المخدرات يفقد أهلية من يوم صدور العقوبة إلى تاريخ تنفيذ العقوبة وانقضاءها لأي سبب آخر.
البند الثاني: العقوبات التكميلية
والتي بدورها تنقسم إلى نوعين وجوبية(1) أو جوازية.(2)
أ‌- العقوبات التكميلية الجوازية: نصت المادة السادسة من قانون المخدرات رقم 68 لسنة 1965 المعمل بأنه "يجوز للمحكمة بأن تحكم بغلق كل مكان أدير أو أعد أو هيئ لتعاطي المخدرات ولكن الحاكم مقيد ولا يستطيع الحكم لمدة تزيد على سنة واحدة وهو يستطيع أن يقضي لمدة أقل فإن ذلك متروك له وله حسب تقديره" وهنا نستنتج أن هناك عقاب تكميلي جوازي وهو الحرمان من بعض الحقوق والمزايا ويجوز للمحكمة عند إصدار حكمها بالحبس في جناية أو جنحة أن تأمر بحرمان المحكوم عليه من حق أو أكثر مما نص عليه في المادة 96 وذلك لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات ابتداءا من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة أو من تاريخ انقضاءها لأي سبب آخر.
ب‌- العقوبات التكميلية الوجوبية:
1- الغرامة: تعتبر الغرامات المرفقة مع العقوبات الأصلية عقوبات تكميلية وجوبية ولا يجوز فرضها ما لم ينص عليها صراحة كما لا يمكن تطبيق تخفيف العقوبة في حالة الظروف القضائية المخففة على عقوبة الغرامة لأنه يسري فقط على العقوبات الأصلية.





(1) سميت بالوجوبية بأنها هي التي يجب على القاضي أن يحكم بها عدا حكمه معيبا قابلا للطعن كما لا يمكن لأي جهة أن توقعها غير المحكمة لأن يعد تصحيحا لحكم سلطته غير المحكمة التي أصدرت الحكم.
(2) سميت بالجوازية لأن الحكم فيها يكون جوازيا ويكون الحاكم مخيرا فله توقيعها أولا.
2- المصادرة: تنص المادة 14 من قانون تعديل المخدرات رقم 144 لسنة 1979 بأنه "يحكم في جميع الأحوال بمصادرة المخدرات المضبوطة وكذلك الأدوات المستعملة ووسائل النقل التي استخدمت في ارتكاب الجريمة.
3- إتلاف النباتات: نصت عليه المادة 14 من القانون السابق الذكر وأمرها واضح لا يحتاج إلى بيان.
4- الحرمان من حق ممارسة العمل: قضت به الفقرة السادسة من المادة 14 من القانون رقم 68 لسنة 1965 ويحرم بموجبها الشخص من ممارسة عمله مدة مساوية للمدة التي قضاها كعقوبة عن جريمة متعلقة بالمخدرات ويبدأ سريانها من تاريخ انتهاء مدة العقوبة السالبة للحرية ولكن إذا كان عمله يتطلب الحصول على إجازة أو إذن فقط.
5- مراقبة الشرطة1) نصت عليه المادة 109 من قانون العقوبات العراقي ومفادها أنه "يجب للمحكمة أن تأمر بوضع المحكوم عليه بعقوبة الحبس لمدة سنة فأكثر تحت مراقبة الشرطة بعد انقضاء عقوبته مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على مدة العقوبة المحكوم بها على أن بأي حال عن خمس سنوات".
الفرع الثالث: استبعاد العقوبة وحالات التخفيف القانوني والقضائي منها.
ينص القانون في بعض الأحيان على استبعاد العقوبة رغم توافر شروط تطبيقها وأسباب الاستبعاد من العقاب تسمى الأعذار القانونية المعفية لأن الذي يحدد ذلك هو المشرع لا القاضي وتختلف بصورة عامة مقررة للظروف العادية ولكن قد تكون ظروف الجريمة أو المجرم تستدعي تخفيف العقوبة أو على العكس قد تحتم ظروف الجريمة أو المجرم عقوبة أقصى من أجل ذلك نص القانون على أسباب لتخفيف العقوبات وأسباب أخرى لتشديدها:
• تخفيف وتشديد العقوبة:
1- التخفيف: إما يكون لسبب نص عليه القانون ويعتبر تخفيفا قانونيا وإما لسبب تركه القانون للقاضي ويسمى تخفيفا قضائيا فالتخفيف القانوني يكون لصغر السن أو نقص أو ضعف في الإدراك أو الإرادة، أما التخفيف القضائي فقد نص عليه المشرع في المادتين 132-133 من قانون العقوبات فالتخفيف القضائي متروك لسلطة المحكمة التقديرية وهي حرة في الأخذ به كما وتجدر الإشارة إلى أن التخفيف وارد بشأن العقوبات الأصلية فقط إذا ما توافر سبب من الأسباب التي قدر المشرع أنه موجبة للتشديد وموجزة له ويكون في الحالات التالية:
(1) تعد مراقبة الشرطة في ليبيا من العقوبات الأصلية حيث تنص المادة 03 من المرسوم القانوني الخاص بالمتشردين والمشتبه في أمرهم "يعاقب المشتبه فيه بوضعه تحن مراقبة الشرطة مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات".
أ‌- صفة الجاني: كترأس جماعة متخصصة في جريمة من جرائم المخدرات أو صفة ذي السلطة، أو صفة العاملين في القوات المسلحة.
ب‌- ظرف العود: ونصت عليه الفقرة (ح) من المادة 14 ويشترط فيه:
- أن يكون المجرم قد صدر بحقه حكم سابق نهائي.
- أن يكون قد ارتكب جريمة جديدة.
- أن تكون الجريمة الجديدة من بين الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة 14 فقط.
المطلب الثالث: عقوبة جريمة المخدرات في التشريعات الأخرى.
يعتبر هذا المطلب من أقصر المطالب في هذه الدراسة إن لم تقل أنه اقصرها والسبب في ذلك أنه المعلومات في شأنه شحيحة جدا إلا نقل مبثوثة هنا وهناك وقد جعلنا هذا الاقتضاب نكاد نعدل عن المطلب برمته في البداية لكننا رجعنا في الأخير للأخذ به وذلك لثلاثة أسباب أولهما رغبتنا في الحفاظ على الخطة الثلاثية به للدخول تحت لواء أي من المطالب أو المباحث السابقة.
والسبب الثالث والأهم هو حرصنا على عدم تفويت أي فرصة ولو كانت يسيرة لمد كل ما من شأنه إفادة القارئ القانوني لهذه الدراسة بمعلومات وفتح آفاقه ولو في مجال ضيق على صعيد التشريعات الدولية، وفيما يخص العقوبات التي وجدناها فهي لأهم الجرائم إلا وهي جرائم الاتجار بالمخدرات وجرائم التعاطي والاستعمال الشخصي.
الفرع الأول: عقوبة الاتجار بالمخدرات لدول مختلفة(1)
1- في ليبيا بصدور القانون رقم 23 لسنة 1971 شد المشرع الليبي العقاب حيث نص في المادة 33 على أن يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة من ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف دينار كل من صدر أو جلب مواد مخدرة قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة 3 بقصد الاتجار وجعل المشروع عقوبة كل من جاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم بقصد أو نقل أو قدم للتعاطي مادة مخدرة أو زراعة النباتات المخدرة وكان ذلك بقصد الاتجار بالسجن المؤبد أو السجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات.
2- وفي أمريكا نجد أن المشرع يعقب على أفعال صنع المخدرات وتوزيعها وبيعها وحيازتها وبقصد الاتجار بالسجن لمدة لا تزيد عن 15 سنة وبغرامة مالية لا تزيد عن 25000 دولار أو معا.
3- أما المشرع الفرنسي فيعاقب على عقوبة الاتجار بالمواد المخدرة بالسجن لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن خمس سنوات.(2)
(1) د. صباح كرم شعبان، المرجع السابق، ص 190.
(2) المستشار المعوض عبد التواب، الوسيط في شرح التشريعات الجنائي الخاصة، الجزء الثاني، دار التاب الحديث، ص 24.
ت‌- أما القانون الإيطالي فإنه يعاقب على الحيازة بقصد البيع بعقوبة السجن لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات.
ث‌- وقانون المخدرات المكسيكي يعاقب على الاتجار بالمواد المخدرة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن عشر سنوات بالإضافة إلى الغرامة، كما وأنه يعاقب على تصدير واستيراد المخدرات غير المشروعة من ست سنوات إلى خمس عشر سنة.
ج‌- وفي تركيا نجد أن المشرع يفرض عقوبات شديدة على الاتجار بالمواد المخدرة حيث يعاقب بالسجن من عشر سنوات إلى السجن المؤبد.
وهكذا نرى أن جميع التشريعات الأجنبية تعاقب على الاتجار بالمواد المخدرة وإن اختلفت هذه العقوبات من تشريع إلى آخر ولكنها بصورة عامة تعتبر عقوبات مشددة بالقياس إلى الجرائم التي ترتكب بقصد آخر غير الاتجار.
الفرع الثاني: عقوبة التعاطي والاستعمال الشخصي للمخدرات.
تختلف عقوبة جرائم التعاطي والاستعمال الشخصي للمخدرات باختلاف نظرة المجتمع والمشرع إزاء المتعاطي حيث نجد أن البعض يعتبره مجرما في حق نفسه وفي حق المجتمع وبالتالي يستحق العقاب.
1- فالقانون اليوناني الصادر في 1954 يعاقب من يضبط وهو يتعاطى المخدرات بالحبس سنتين.

2- أما القانون السوداني فإنه يعاقب على تدخين الحشيش أو تعاطي الأفيون بالحبس مدة لا تتجاوز سبع سنوات وبالغرامة التي لا تتجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
3- وتقرر المادة 3 من القانون اللبناني الصادر سنة 1946 عقاب من يتعاطى أو يستعمل المخدرات لو لمرة واحدة بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، هذا ولما كان إثبات التعاطي أو الاستعمال الشخصي بالغ الصعوبة حيث يقتضي الاستعانة بالوسائل الفنية فقد اكتفت بعض التشريعات بثبوت حيازة المخدرات بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي ذهبت البعض من التشريعات إلى أبعد من ذلك حيث عاقبت على الحيازة فقط ولم تشترط توفر القصد.
4- فالقانون الفرنسي عاقب على حيازة المواد المخدرة بالحبس من ثلاث أشهر إلى أربعة أشهر وكذلك القانون المكسيكي الذي يعاقب على حيازة المخدرات بالحبس من سنتين إلى تسع سنوات، وقد ذهبت بعض التشريعات إلى مدى لبعد من كل ما تقدم حيث قررت العقاب على مجرد حيازة الوسائل التي تستخدم في تدخين المخدرات أو يمكن أن تستعمل فيها، وقد أورد المشرع الفرنسي تجريما عاما لاستعمال المواد المخدرة حين نص في المادة l628 من قانون الصحة العامة على عقوبة الحبس من شهرين إلى سنة والغرامة من 500 إلى 8000 فرنك لأولئك الذين يستعملون بطريقة غير مشروعة نباتات أو مواد تندرج ضمن المخدرات ويستوي لدى الفقه الفرنسي أن يتم التعاطي بأي وسيلة كانت وعن أي طريق سواء بطريقة انفرادية أو جماعية ولكن يجب أن تكون المادة أو النبات المستعمل من تلك المعتبرة قانونا ضمن المخدرات فإن لم تكن هذه المواد فلا تقوم الجريمة حتى ولو ظن الفاعل ذلك، كما نصت المادة l627 من قانون الصحة العامة الفرنسي على عقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات بالنسبة لمن يستعمل مواد محددة مثل القنب الهندي والقات والهيروين، وبذلك يكون المشرع
الفرنسي قد أورد تجريـما عامـا لتعــاطي أي مادة مخــدرة ثم أورد تجريــما خاصا
لتعاطي مواد مخدرة معينة.(1)


























(1) د. محمود كبيش، المسؤولية الجنائية عن استعمال المنشطات في المسابقات الرياضية، دار الفكر العربي، ص 25.
المبحث الثالث: عقوبة جريمة المخدرات في التشريع الجزائري.
تمهيد:
قراءة إحصائية تحليلية لجريمة المخدرات في الجزائر1)
إن التحليل للإحصائيات القضائية المقدمة خلال العشرية الأخيرة، توضح تزايدا ملحوظا في الاستهلاك والمتاجرة غير المشروعة للمخدرات في الجزائر في حين أن إنتاج المخدرات محليا يبقى بدون تزايد يذكر.
أما المخدرات التي يكثر الاتجار غير المشروع بها واستهلاكها، تنصب أساسا على المخدرات الطبيعية بصفة خاصة، القنب ومشتقاته وهذه المادة تحضر وتمزج مع مواد أخرى كالحنة أو مواد كيميائية أخرى لتستهلك كسجائر.
وقد ظهر في الآونة الأخيرة اللجوء إلى المواد السامة والعقاقير الطبية أي المخدرات التصنيعية والتي تتداول أساسا عن طريق التوزيع الغير الشرعي من طرف الصيادلة أو عن طريق التزوير بتقديم وصفات وهمية، وأكثر من هذا وذاك أن عدة مواد سامة ومن اختراع العقل الجزائري تتداول بصورة مدهشة في الأوساط الشبانية، ومنها استعمال الغراء أو لماع الأحذية أو حتى الخبز الممزوج بدخان السيارات، ويتضح أيضا من دراسة الإحصائيات بروز نوع خطير من المخدرات السوداء وهي الكوكايين والهيروين ولو كانت بصفة قليلة إلا أن وجودها ينذر بخطر موشك وقد اكتشف هذا النوع لدى ضبط عدد من المهربين الأجانب لهذه المادة.
من الصعب جدا تحديد أماكن استهلاك واستعمال المخدرات في الجزائر بالمعيار الجغرافي لمناطق انتشارها إذ لا توجد منطقة بارزة محددة تنفرد بهذه الميزة إلا أنه يلاحظ انتشارها في المدن أكثر من الأرياف حيث أن العائلة الجزائرية الريفية لازالت تلعب دورها الإيجابي في التماسك الاجتماعي، كما يلاحظ أن المناطق التي يكثر فيها استهلاك المخدرات تكون أساسا في بعض المدن الجنوبية وبعض المناطق الساحلية والحدودية.
وتجدر الإشارة أن الحدود المغربية الجزائرية يكثر فيها هذا النوع من الجرائم أكثر من المناطق الأخرى من الوطن حيث تصل نسبة المحجوزات ذروتها إذ تقدر بـ79,4 من مجموع المحجوزات تلمسان (إحصائيات 1995)وقدرت النسبة بـ89,59 سنة 1994.


(1) تقرير الوفد الجزائري في الدورة 39 للجنة الأممية لمكافحة المخدرات.
أما فيما يتعلق بإنتاج وزرع هذه المواد المحضورة فهي في حد ذاتها قليلة مقارنة ببلدان أخرى إلا أنه لا يمكن نفيها حيث لوحظت محاولات لزرعها في كل المناطق خاصة الجنوبية الغربية والشمالية ومن خلال بعض الدراسات خاصة منها تلك التي أجريت سنة 1980(1) نستخلص عدة نقاط:
1- فيما يتعلق بالسن فإن الأغلبية العظمى مكونة من البالغين 79,94 ولا تتجاوز نسبة الأحداث سوى 0,51.
2- أما فيما يتعلق بجنسية مرتكبي هذه الأفعال يشكل الأجانب 2,72 من المجموع العام يأتي في مقدمتهم المغاربة (2-4) شخص، الأوروبيون (5) والأفارقة (1) مع الملاحظة أن العمليات الكبرى في ميدان التهريب يقوم بها أجانب وبالرغم من كون عدد المقترفين لهذه الأفعال جزائريون إلا أن الكميات المحجوزة كانت ضئيلة فيما سبق إلا أنها أصبحت عظيمة في الأوقات الأخيرة، وهي موجهة للبيع بداخل السوق الوطنية وفي بعض الحالات لتمريرها إلى الخارج خاصة أوربا عن طريق الجو أو البحر.
3- أما فيما يتعلق بتحديد جنس المستهلكين فإن نسبة الرجال تشكل الأغلبية الساحقة بـ99,04 في حين لم تتجاوز نسبة النساء 0,96.
4- أما فيما يتعلق بتحديد مهنة مرتكبي هذه الأفعال فغالبا ما يكون الأشخاص بدون مهنة حيث تصل نسبتهم إلى 45,87 والمرفقين بنسبة 28,27 والتجار بنسبة 10,22 والطلبة بنسبة تقدر بـ1,19.
1- معيار يتعلق بذوي السوابق القضائية لقد ظهرت الدراسة أن الأشخاص المتابعين لأجل هذه الأفعال لأول مرة تقدم نسبتهم بـ83,64 في حين تقدر نسبة العائدين بـ13,74 وتبلغ نسبة المحترفين بـ2,62.
2- فيما يتعلق باقتران الجريمة بالانفراد أو الجماعة فقد أثبتت الدراسة أن نسبة التعدد تقدر 57,58 وتقدر نسبة الانفراد بـ42,41 ومهما يكن من أمر فإن الدارس لهذه المعطيات يتضح له جليا أن ناقوس الخطر يجب أن يدق بالجزائر وخاصة في العشرية الأخيرة أين أصبحت مصبا هدفا للمهربين والمتاجرين وهذا لاستخدامها كمنطقة عبور ممتازة نظرا للموقع الجغرافي الذي تمتاز به، والذي يجعلها بوابة نحو الشرق الأوسط وأوربا كما أن الجزائر أصبحت محل أطماع تخلق وتنمية سوق محلية تجد لها مستهلكين يتزايد عددهم من يوم إلى آخر (أنظر الإحصائيات السابقة والجداول الملحقة في آخر الدراسة).
(1) يكرس ما سبق قوله من انعدام وقلة الدراسات والإحصائيات في ميدان تاريخ هذه الدراسة التي يرجع تاريخها إلى عشرون سنة خلت.

ويكثر تهريب المخدرات والمتاجرة بها عبر الحدود المغربية الجزائرية أما فيما يخص الهيروين فإنه لحد الساعة لم تتم لأي عملية تهريب أو عبور لهذه المادة عدا الحالة الوحيدة التي ضبطت بها مواطنة سورية مهربة لكمية تقدر بـ1,61 كغ آتية بها من ليبيا وهذا قصد تهريبها إلى إسبانيا.
وبعد هذا الاستعراض الإحصائي يتبين أن الجزائر ليست بمنأى عن شبح المخدرات كما يعتقد(1) والدليل على حجم الكميات الهائلة وبالقناطير التي ضبطت في المدة الأخيرة خاصة بالجهة الغربية وحجم الأشخاص المتورطين وصفتهم في بعض الأحيان لذا فإنه على المشرع التحكم بكل سرعة وحزم عظيمين لمحاربة هذه الجبهة التي بدأت تستقر حرارتها قبل فوات الأوان لنصح كدول لاتينية أو آسيوية.
ومن هنا يتبين لنا مدى أهمية المبحث الذي ارتأينا أن يكون مسك ختام لهذه الدراسة إن شاء الله وعن تصورنا لحظته فهي على الشكل الآتي:
مطلب أول نتناول فيه العقوبات الأصلية لجرائم المخدرات المقرة في التشريع الجزائري ومطلب ثاني يضم العقوبات غير الأصلية ومطلب ثالث يتضمن خلاصة هذه الدراسة التي كانت في الكثير من مراحلها مجرد تمهيد له والذي أردناه مطلبا نقديا بحتا نتعرض فيه لخفة العقوبة وتساهل المشرع الجزائري في التعامل مع جرائم المخدرات من الناحية العقابية والردعية والذي كرسته الأحكام الأخيرة في العديد من القضايا المضبوطة على الرغم من الكميات الهائلة التي احتوتها والله الموفق.
المطلب الأول: العقوبات الأصلية.
بادئ ذي بدئ يجب أن نشير إلى نقطة جد هامة وهي أن المشرع الجزائري لم يضع كغيره من التشريعات السابقة قانونا خاصا ينظم جرائم المخدرات ولعل هذا من أهم المآخذ بل أنه أهمها وسنترك نقاش ذلك في المطلب الأخير، وبدلا من ذلك تناول العقوبات الواجب تطبيقها على هذه الجرائم ضمن قانون حماية الصحة وترقيتها رقم 85-05 المؤرخ في 16/02/1985.
وسنحاول عند استعراضنا لكل عقوبة انتقادها حكما أو صياغة؟ وذلك لتبيين نقاط الضعف التي اعترتها ويمكن تضييق العقوبات التي تضمنتها بعض مواد القانون السابق كالتالي:






(1) د. صبحي نجم، شرح القانون العقوبات الجزائرية، القسم الخاص، ص 208، ديوان المطبوعات الجامعية.

الفرع الأول: عقوبة الفاعل الأصلي
النص القانوني نصت المادة 241 من قانون حماية الصحة وترقيتها على أنه: "يعاقب الذين يخالفون أحكام المادة 190 من هذا القانون فيما يخص المواد السامة غير المخدرة بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة مالية بين 2000 و10000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين" كما نصت المادة 242 من نفس
القانون على أنه: "أن يعاقب الذين يخالفون أحكام التنظيمات المنصوص عليها في المادة 190 من نفس القانون فيما يخص المواد السامة المصنفة على أنها مخدرات بالحبس في سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة مالية تتراوح بين 5000 و10000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين"، إن ما نلاحظه على هاتين المادتين هو نوع من التزييد الذي لا نرى فائدة منه بحيث أنه يستحيل تطبيقها عمليا وذلك لأن المشرع أوقف تطبيقها على التنظيم الذي سيصدر ولكن هذا التنظيم لم يصدر إلا بتناول المواد المخدرة ولا المواد غير المخدرة وهذا في اعتقادنا ما يجعل النصيين المذكورين أعلاه بدون موضوع مما يتعين استبعاد مناقشة مقدار العقوبات الواردة بهما، هذا وتنص المادة 143 من ذات القانون أيضا على أن "يعاقب بالحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة وبغرامة مالية تتراوح من 5000 إلى 10000 دج الذين يصنعون بصفة غير شرعية مخدرات أو يحضرونها أو يحولونها أو يستوردونها أو ينقلونها أو يعرضونها للتجارة بأي شكل كان من خلال المقارنة بين هذه المادة ونضيراتها في التشريعات الأخرى يتبين لنا مدى الخفة والتساهل البالغين في التعامل مع التجار أو المتعاملين بها بقصد الربح.
وتنص المادة 244 من ذات القانون على أنه: "يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة مالية تتراوح ما بين 5000 و50000 دج أو باحداهما الأشخاص المذكورين فيما يلي:
1- من يسهلون لغيرهم استعمال المواد المذكورة أو النباتات المبينة في المادة 243 أعلاه بمقابل مالي أو مجانا سواء بتسخير محل لهذا الغرض أو بأية وسيلة أخرى.
2- كل من يحصلون على المواد أو النباتات المذكورة أو يحاولون الحصول عليها بواسطة وصفات وهمية أو وصفات تواطئية.
3- كل الذين يسلمون المواد أو النباتات المذكورة بناءا على تقديم وصفات إليهم مع علمهم بطابعها الوهمي أو التواطئي.



الفرع الثاني: عقوبة الاستهلاك
النص القانوني: تنص المادة 245 من قانون حماية الصحة وترقيتها على أنه: "يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة واحدة وبغرامة مالية تتراوح بين 500 و5000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يستعمل بصفة غير شرعية إحدى المواد أو النباتات المصنفة على أنها مخدرات".
في هذه المادة تفيد كلمة الاستعمال الانصراف إلى الاستعمال الشخصي وبالتالي يحكم بذات المادة على الاستهلاك والإحراز كما لا توجد بها فيما يخص الحيازة والإحراز بقصد الاتجار أو الاستعمال الشخصي وإذا كان الأمر يتعلق بالحالة الأولى فالعقوبة تعد مهزلة مقارنة بالمشرعين (المصري، العراقي) اللذان وصلا بها إلى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة في نفس الجريمة.
الفرع الثالث: عقوبة الشروع
النص القانوني: عرفته المادة 30 من قانون العقوبات بأنه: "كل محاولات لارتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال لا بأس فيها تؤدي مباشرة إلى ارتكابها".
يذهب الرأي الراجح في الفقه إلى أقوال أنه يشترط لأجل أن يعد الفعل بدءا في تنفيذ جريمة ما أن يؤدي حالا ومباشرة إلى وقوع هذه الجريمة ومن ثم يجب أن يجزى على قصد الفاعل واعتبار كافة الأعمال التي تفيد ارادة جنائية بصفة قاطعة مكونة للشروع المعاقب عليه".
لذا نصت المادة 243 فقرة 2: "يعاقب على محاولة ارتكاب إحدى هذه المخالفات التي تضمنتها أحكام الفقرة السابقة" والفقرة السابقة للمادة 243 التي يعاقب الذين يصنعون ويحرضون أو يحولون...
الفرع الرابع: عقوبة العائد
النص القانوني: تنص المادة 247 من قانون الصحة وترقيتها على أنه: "تضاعف العقوبات المنصوص عليها في المواد 241 إلى 245 من هذا القانون في حالة العود" يتضح من هذه المادة أن المشرع قد شدد بما العقوبة في حالة عود المتهم لارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد 241 إلى 245 المذكورة أعلاه بعد أن سبق الحكم عليه في أية جريمة منها وجعلها مضاعفة لهذا فإن حالة العود منصوص عليها في أحكام المواد من 54 إلى 59 من قانون العقوبات.


الفرع الخامس: عقوبة المحرض
النص القانوني: تنص المادة 258 من قانون حماية الصحة وترقيتها على أنه: "يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة مالية تتراوح بين 5000 و10000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين دون المساس بالأحكام المنصوص عليها في قانون العقوبات كل من حرص بأي وسيلة كانت على ارتكاب الجنح المنصوص عليها وعلى عقابها في المواد 242، 243، 244، 245 من هذا القانون ولو لم ينتج على التحريض أي أثر وفي حالة التحريض وسيلة كتابية أو صوتية أو صورة تدخل الجزائر أو تبث في الخارج وتستقبل في الجزائر تنطبق الملاحقات المنصوص عليها في الفقرة السابقة وفقا للأحكام المنصوص عليها في قانون العقوبات" قد سوى المشرع بمقتضى المادة 41 من قانون العقوبات بيم المحرض والفاعل الأصلي كما احتاط لأساليب مروجي المخدرات بوضعه بصفة (بأي وسيلة كانت) وهذا يفيد التهديد أو الإغراء وهو في الحقيقة تقدم تشريعي يستحق التنويه.
المطلب الثاني: العقوبات الغير أصلية.
تنقسم العقوبات الغير أصلية كما سبق وأن رأينا إلى عقوبات تبعية وأخرى تكميلية ولا حاجة إلى إعادة تكرارها، كما أن المشرع الجزائري وعلى قرار المشرعين الذين سبق التطرق إلى تشريعاتها قد وضع بعض التدابير الاحترازية لعدم الوقوف في مستنقع المخدرات أو على الأقل عدم الرجوع إليه مرة أخرى كما وضع أعذارا معفية من العقاب، سنتناول كل منها في فرع.
الفرع الأول: العقوبات التبعية
العقوبات التبعية هي تلك الجزاءات التي قررها المشرع لتلحق بالمتهم حتما وبقوة كنتيجة للحكم بالعقوبة التبعية الأصلية حتى ولو لم ينص عليها القاضي في حكمه.
فالمشرع الجزائري حصر العقوبات التبعية في المادة 6 من قانون العقوبات، التي تنص على أن العقوبات هي "الحجز القانوني والحرمان من الحقوق الوطنية وهي لا تتعلق بالعقوبة الجنائية".
ونص في المادة 246 فقرة 1، 2 من قانون الصحة على ما يلي: "يجوز الحكم في حالة الإدانة بسبب ارتكاب المخالفات المنصوص عليها في المواد 242، 244، 245 من هذا القانون أن تصدر ما يلي: "إمكانية الحكم بالحرمان من الحقوق المدنية مدة تتراوح بين 5 و10 سنوات.
تشير إلى أن المشرع الجزائري جعل العقوبات التبعية جوازية متروكة لسلطة القاضي حسب نوع الجريمة وخطورة الواقعة وهذه الحقوق الوطنية هي:
(2) عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف والمناصب السامية في الحزب أو الدولية وكذا جميع الخدمات التي لها علاقة بالجريمة.
- الحرمان من الانتخابات والتشريح ومن حمل أي وسام.
- عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفا أو خبيرا أو شاهدا على أي عقد أمام القضاء إلا على سبيل الاستدلال.
- عدم الأهلية لأن يكون وصيا أو ناظرا ما لم تكن وصاية على أولاده.
- الحرمان من الحق في حمل الأسلحة وفي التدريس وفي إدارة مدرسية أو الاستخدام في مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا.
الفرع الثاني: العقوبات التكميلية
لقد تناولت المادة 246 من قانون الصحة ع0لى جملة من العقوبات التكميلية سنتعرض لكل منها:
أولا- الحرمان من مزاولة المهنة:
وقد نصت عليها الفقرة الثالثة من المادة 246 بقولها: "إمكانية الحكم بالمنع من ممارسة المهنة التي ارتكبت الجنحة خلالها مدة 5 سنوات على الأكثر...".
وهذه الفقرة خاصة بالأشخاص الذين لهم علاقة بالمخدرات أو الذين تحتم وظائفهم اتصالهم بالمخدرات كما هو الحال بالنسبة للأطباء الذين لهم صلاحية وصف بعض الأدوية المخدرة والصيادلة الذين يصرفونها لطالبيها.
وكل تواطئ يتم من هؤلاء يعرضهم للتوقيف عن أداء عملهم بالمدة السابقة، وتطبيق هذه العقوبة جوازي أما إذا حكم بها القاضي تصبح وجوبية يتعرض كل مخالف لها بالعقاب وهذا ما نصت عليه المادة 257 من قانون الصحة: "... بالحبس من 3 أشهر إلى سنتين وبغرامة تتراوح بين 500 إلى 2000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين".
ثانيا- المنع من الإقامة:
نصت على هذه العقوبة الفقرة الرابعة من المادة 243 بالقول: "وجوب الحكم بمنع الإقامة حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 12 من قانون العقوبات".
وتنص المادة 12 من قانون العقوبات: "المنع من الإقامة هو الحظر على المحكوم عليه أن يوجد في بعض الأماكن ولا يجوز أن تتجاوز مدتها 5 سنوات في مواد الجنح و10 سنوات في مواد الجنايات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".
وآثار هذا المنع ومدته لا تبدآن إلا من اليوم الذي يفرج فيه المحكوم عليه بعد أن يكون قرار منع الإقامة قد بلغ إليه، ويعاقب في حال المخالفة بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات.
ثالثا- سحب جواز السفر ورخصة السياقة:
نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة 246 بقولها: "... وجوب الحكم بسحب جواز السفر وإيقاف رخصة السياقة مدة ثلاث سنوات على الأكثر".
وتخص هذه الفقرة فئتين من الجناة الفئة الأولى وهي خاصة بالمستوردين للمخدرات والذين ينتقلون من بلد لآخر فتكون هذه العقوبة معوقة لنشاطهم.
أما الفئة الثانية فهي خاصة بالأشخاص الذين يستعملون سياراتهم أو شاحناتهم أو سيارات وشاحنات الغير لنقل المواد المخدرة.
رابعا- للمصادرة:
نصت عليه المادة 246 في فقرتها 6 و7 بما يلي: "... وجوب الأمر بمصادرة المواد أو النباتات المحجوزة".
".... وجوب الأمر بمصادرة الأثاث والمنشآت والأواني والوسائل الأخرى التي استعملت في صنع المواد أو النباتات ونقلها مع مراعاة حقوق الغير".
وتنص المادة 249 من قانون الصحة على: "... وفي جميع الحالات المنصوص عليها في هذه المادة يحكم بمصادرة المواد والنباتات المحجوزة إن اقتضى الأمر بأمر من رئيس المحكمة بناءا على طلب وكيل الجمهورية"، وتنص المادة 15 من قانون العقوبات على أنه: "المصادرة هي الأيلولة النهائية إلى الدولة أو لمجموعة أموال معينة...".
يتضح من هذه الفقرات مجتمعة أن المصادرة تشمل النباتات المخدرة والمواد المخدرة والتي كانت محل حجز أثناء القبض على المتهم سواء أكانت هذه المخدرات مملوكة له أو لغيره وأيا كان القصد وراء اقتنائها إلى جانب مصادرة الوسائل والأدوات التي تكون قد استعملت في نقل أو تحضير المخدرات مع مراعاة حق الغير حسن النية مع الإشارة إلى أن المصادرة واجبة في كل الأحوال سواء كان الحكم بالبراءة أو الإدانة أو بسقوط الدعوى لوفاة المتهم (المادة 25 من قانون العقوبات الجزائري).
خامسا- الإغلاق:
تنص المادة 254 من قانون حماية الصحة على أنه: "يجوز لقاضي التحقيق أو الجهة التي تصدر الحكم في حالة رفع الدعوى بسبب ارتكاب إحدى الجنح المنصوص عليها في المواد 242، 243، 244 أعلاه الأمر بإغلاق أي مكان مخصص للجمهور أو يستعمله ارتكب فيه مستغلة تلك الجنح أو تواطأ مع غيره على ارتكابها غلقا مؤقتا... ويمكن تجديد هذا الغلق حسب الأشكال المنصوص عليها في الفقرة السابقة".
يتضح أن المشرع حين نص على عقوبة الإغلاق لم يراعي حق الغير حسن النية مسايرا في ذلك المشرع المصري الذي نص على الإغلاق في المادة 47 من قانون المخدرات، وإذا كان الإغلاق منصبا على محل ملك للمتهم وقعت في إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد 242، 243 وهنا لا مشكل لكن إغلاق المحل يكون موضع نظر عندما يكون صاحب المحل ليس له دخل في فصول الجريمة بل قد لا يكون أصلا على علم بما يحدث داخل محله.
أما محكمة النقض المصرية فقد قررت بأن هذه المسألة ما يلي: "إن القانون إذا نص على إغلاق المحل الذي وقعت فيه الجريمة لم يشترط أن يكون مملوكا لمن تجب معاقبة على الفعل الذي ارتكب فيه ولا يفترض على ذلك بأن العقاب شخصي لأن الإغلاق ليس عقوبة مما يجب توقيعه على من ارتكب الجريمة دون غيره وإنما هو في حقيقته من التدابير الوقائية التي لا تحول دون توقيعها أن تكون آثارها مقدمة إلى الغير".
الفرع الثالث: التدابير الاحترازية والأعذار المعفية من العقاب
لم يلفت المشرع الجزائري التطرق إلى تدابير احترازية من شأنها أن تقطع أي أواصر للفرد الذي سبق وكانت له خبرة ما بالمخدرات للعودة إليها من جديد إن هو اتخذ النمط العادي لأي فرد بعد شفائه من علة ما ومعاملته الأشخاص المدمنين كمرضى وضحايا لا كمجرمين كما تنبه المشرع إلى بعض الحالات التي تورط أصحابها في المخدرات دون أن تكون لهم رغبة حقيقية في الوصول إلى ما وصلوا إليه.
أولا- التدابير الاحترازية:
تنص المادة 250 من قانون الصحة على أنه يمكن أن يأمر قاضي التحقيق أو قاضي الأحداث بإخضاع الأشخاص المتهمين بارتكاب الجنحة المنصوص عليها في المادة 245 أعلاه بمعالجة مزيلة للتسمم تصاحبها جميع التدابير المتابعة الطبية وإعادة التكييف الملائمة لحالتهم إذا ثبت أن حالتهم الصحية تستوجب علاجا طبيا، يصدر تنفيذ الأمر الذي يوجب هذا العلاج بعد انتهاء التحقيق وعلى أية حال حتى تصدر الجهات القضائية حكمها بغير ذلك.
يتضح من المادة أعلاه أن المشرع أعطى لجهة التحقيق ممثلة في كل من قاضي التحقيق العادي إذا كان المتهم بالغا وقاضي التحقيق المختص بالأحداث إذا كان المتهم حدثا أن يصدر أمرا بوضع المتهم المدمن في مؤسسة علاجية لإزالة آثار الإدمان والتسمم مع الملاحظة أن الأمر بالوضع لا يجب أن يصدر إلا بعد الانتهاء من التحقيق.
وتنص المادة 251 من قا.ص: "يجوز للجهة القضائية الحاكمة أن تلزم الأشخاص المعنيين في المادة السابقة بالخضوع للعلاج وإزالة التسمم ولاسيما تأكيد الأمر المذكور أو تمديد آثاره وتنفيذ قرارات الجهة القضائية التي أصدرت الحكم ولو طلب الاستئناف.
وإذا طبقت الأحكام المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 250 المذكورة أعلاه أمكن الجهة القضائية التي تحال عليها أن لا تحكم بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 243.
أما عن كيفية معالجة التسمم فيتم في مؤسسة علاجية بصفة داخلية أو خارجية وتحت إشراف طبيب مختص حسب أحكام المادة 253 قا.ص التي نصت على أنه: "يجري علاج إزالة التسمم المنصوص عليه في المواد السابقة في مؤسسة متخصصة أو خارجا تحت المتابعة الطبية، يعلم الطبيب المعالج السلطة القضائية بسير العلاج ونتائجه".
وما يلاحظ على هذه المادة أن الطبيب يمارس عمله تحت إشراف السلطة القضائية التي يجب عليه أن يخبرها عن مراحل العلاج مرحلة بمرحلة.
وفي حالة عدم امتثال المتهمون للعلاج تطبق عليهم أحكام المادة 252 من قانون الصحة التي نصت على ما يلي: "تسلط العقوبات المنصوص عليها في المادة 245 على الذين يمتنعون عن تنفيذ قرار يأمر بالعلاج المزيل للتسمم دون المساس عند الاقتضاء بتحديد الأمر بتطبيق المادتين 250، 251 أعلاه.
يتضح من هذه المادة أنها أخضعت للعقاب كل شخص يحكم عليه بعلاج إزالة التسمم ويرفض الامتثال بعقوبة الحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة مالية تتراوح بين 500 و5000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما يلاحظ أنها تركت الباب مفتوحا لإعادة تجديد الأمر بالوضع في مؤسسة علاجية عند الضرورة.
ثانيا- الأعذار المعفية من العقاب:
في الحقيقة أن هناك عذر واحد وليس أعذارا وهو المبادرة بالتقدم للعلاج تلقائيا حيث تنص المادة 249 من قانون الصحة على أن: "لا ترفع الدعوة العمومية على الأشخاص الذين امتثلوا للعلاج الطبي الذي وصف لهم وتابعوه حتى النهاية كما لا ترفع الدعوة العمومية على الأشخاص الذين استعملوا المخدرات استعمالا غير شرعي إذا ثبت أنهم تابعوا علاجا مزيلا للتسمم أو كانوا تحت المتابعة الطبية منذ حدوث الوقائع المنسوبة إليهم...".
وهذا العذر ليس من موانع المسؤولية الجنائية المنصوص عليها في المواد 47، 48، 49 من قانون العقوبات ولا من أسباب الإباحة المنصوص عليها في المادتين 39، 40 من قانون العقوبات وبالتالي لا يستفيد منه، مثلا المحرض ولا السمسار فهو عذر شخصي لا يمتد أثره إلا على صاحبه وهو ملزم لسلطة الاتهام ممثلة في وكيل الجمهورية.
وبهذا يكون المشرع الجزائري قد اتخذ بتوصيات الأمم المتحدة أسوة بما هو متبع في بعض الدول المتقدمة وعطفا على مرضى الإدمان على المخدرات والعمل على علاجهم من هذا الداء.
المطلب الثالث: خفة العقوبات في التشريع الجزائري الخاص بالمخدرات.
بعد إشرافنا على الانتهاء من هذه الدراسة والتي نتمنى أن نكون قد وفقنا ولو بالقدر اليسير في تبليغ مؤداها والإفادة بها.
غير أنا وبعد الذي رأيناه تعاقب جل التشريعات المخدرات والقائمين عليها بالعقوبة الشديدة وجدنا المشرع الجزائري في كثير من الأحيان يتهاون بشأنها ويتعامل معها بكل بساطة وكأن الأمور كلها عادية ولا يوجد هناك ما يدعو للقلق وكنتيجة لذلك نرى تطاولا من هؤلاء التجار بهذه السموم ينشطون في وضح النهار في كثير من الأحيان مستغلين بذلك خفة وتساهل المشرع، وإذا كنا أحكمنا بالملائمة على المشرع فلا يجب أن نقف متفرجين في الوقت نفسه بل علينا أن نقدم اقتراحات في حدود مراجعنا وقدراتنا.
وعليه فسوف نقسم هذا المطلب إلى فرعين نتحدث في الأول عن الانتقادات الموجهة للمشرع الجزائري ونتحدث في الثاني عن اقتراحات.
الفرع الأول: الانتقادات الموجهة إلى التشريع الجزائري
أولا- كيف ينظر المشرع الجزائري إلى المخدرات؟
في الحقيقة أن المضحك المبكي هو أن المشرع الجزائري لم يفرد المخدرات بقانون مستقل ولازال يضم الأحكام التي تنظم هذه السموم ضمن قانون الصحة وهذا التباطؤ غير مبرر خصوصا إذا علمنا أن معظم الدول سواء كانت عربية أو أجنبية تنظم المخدرات بقانون خاص بها.
ولعل التفسير الوحيد لذلك إن المشرع يستصغر من شأن هذه المخدرات وإلا لماذا كل هذا الصمت في ظل العديد من العمليات الكبرى التي تضبط من الحين للآخر ويخرج أصحابها بأحكام مخففة.
ثانيا- هل يعتبر المشرع الجزائري التعامل بالمخدرات بأي شكل جريمة؟
إن المدهش أن المشرع لا يعتبر التعامل بالمخدرات سواء الجلب أو التصدير أو الاتجار أو الاستهلاك سوى جنحا، وتحاكم كل القضايا المضبوطة في قسم الجنح، بينما تقام الدنيا وتقعد في الدول الأخرى ولدى ضبط كمية معتبرة وينعت مقترفوها بأشنع التهم ويعدونها من أعلى درجات الجرم وأكثر الجرائم خطورة.
ثالثا- هل العقوبات المقررة لهذا الجرائم كافية؟
في الحقيقة إن مجرد الإطلاع على ما سبق في العقوبات في التشريعات بين لنا التساهل الذي يبديه المشرع إزاء هذا النوع من الجرائم.
ثم هناك نقطة هامة وهي تثمين المخدرات أي جعل مقابل لها بما يقومها مقام البضاعة فهل المخدرات بضاعة؟
لقد اختلف الفقه بشأن هذه النقطة فذهب الرأي إلى القول بعدم جواز اعتبار نباتات المخدرات بضاعة لعدم مشروعية محلها الغير قابل للتداول والتملك ولعدم وجود مقابل لها بالسوق يمكن الاستناد إليه في تقرير التعويض وبالتالي انتهى هذا الرأي إلى القول بعدم جواز تنصيب إدارة الجمارك كطرف مدني في قضايا المخدرات.
بينما ذهب رأي آخر إلى القول بأن المهربين هدفهم الأول والأخير هو تحقيق الربح، يجب أن يعاقبوا بنفس الهدف وهو فرض غرامات جمركية عليهم.
موقف المحكمة العليا:
لقد أجابت المحكمة العليا على السؤال السابق في عدة قرارات لها معتبرة المخدرات بضاعة وذلك بقولها: "إن المخدرات تدخل ضمن التعريف الوارد في المادة الخامسة في قانون الجمارك".
وأنظر بشأن ذلك القرار رقم 98881 الصادرة بتاريخ 09/05/1993 الغرفة الجنائية الثانية، وقالت أيضا: "إن طابع البضاعة للمخدرات مستمد من المادة 05 من قانون الجمارك".
أنظر قرار رقم 32577 الصادر بتاريخ 06/11/1984 من الغرفة الجنائية الثانية واعتبار المخدرات بضاعة بحسب مفهوم المادة 05 من قانون الجمارك استتبع بالضرورة إعطاء إدارة الجمارك الحق في التنصيب كطرف مدني.
وانتقادنا منصب عن كيفية تنصيب الجمارك التي تمثل لدولة كطرف مدني تطالب بالتعويض عن محل باطل.
الفرع الثاني: اقتراحات لحل المشكل
سنقوم أولا باستعراض حلول بعض الفقهاء القانونيين الكبار للمشكل لنختمها بما يجب إضافته من حلول بقول الدكتور أدوار غالي الذهبي في هذا السياق: "في رأينا أن انتشار المخدرات كمشكلة تهم علم الاجتماع القانوني لا يجدي في حلها فرض العقوبات الصارمة وإنما بالإضافة إلى ذلك تنفيذ المقترحات التالية:
1- إجراء الدراسات العلمية تتناول المشكل من جوانبها الاجتماعية والنفسية والطب نفسية وذلك بقصد التوصل إلى معرفة العوامل المؤدية إلى تعاطي المخدرات معرفة علمية مستمدة من واقع المجتمع حتى يمكن وضع تخطيط سليم للقضاء على هذه المشكلة والوقاية منها.
2- تربية الجماهير تربية دينية سليمة ومحاربة الاعتقاد الخاطئ الذي شاع بين الكثير من الناس وهو أن الإسلام يبيح تعاطي المخدرات أو على الأقل لا يحرمها.
3- توعية الجماهير عن طريق جميع أجهزة الإعلام الدولة للأضرار الجسمية والاجتماعية وقومية الناشئة عن طريق تعاطي المخدرات.
4- التوسع في إنشاء العيادات النفسية وتزويدها بأخصائيين النفسيين والاجتماعيين وتشجيع إقبال المتعاطين على العلاج بها ولا يتسنى ذلك إلا إذا أبعدت هذه العبادات تماما عن الطابع البوليسي بحيث يطمئن من يتقدم للعلاج بها إلا أنه يكون مراقبا من أجهزة البوليس للدولة.
5- من أهم دوافع وتعاطي المخدرات أن المتعاطي يعتقد أنها تنسيه متاعبه وهمومه وتجعله كما يقول يهرب من نفسه ولذلك فإن رفع مستوى معيشة الجماهير وتوفير الحياة المستقرة الآمنة في الحاضر وفي المستقبل يؤدي إلى عزوف الطبقتين الفقيرة والمتوسطة وهما يمثلان الأغلبية العظمى من المتعاطين.
إذا كانت هذه النصائح فعلا لا تخلو من أهمية إلا أنه يمكن أن نضيف عليها في الجزائر وضع قانون خاص للمخدرات ويجب أن يتميز بعدة خصائص من بينها:
1- وجوب التفرقة بين المتاجرة بالمخدرات والاستهلاك حيث يتعين ترك المستهلك خاضعا لقانون الصحة العمومية وذلك لإفادته بتدابير العلاج وإعادة الإدماج.
2- تقرير عقوبة ملائمة مع طبيعة وأهمية كل جريمة وهذا لتفادي تطبيق مادة واحدة على وقائع مختلفة وجرائم متعددة، المادة 243 ق 85-05 حيث أن نفس المادة تطبق على أكبر مهرب للمخدرات عالميا مثلما تطبق على أي متاجر محلي بسيط وعليه يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في تسليط العقوبة شخصية الفاعل وتحديد الفاعل الأصلي للمجموعات المنضمة سواء مكلفة بالتحضير أو صنع المخدرات أو بتلك المتعلقة بالتصدير والاستيراد التي تنقل أو تملك أو تحوز أو تلك التي تسهل استعمال المادة وأخير تلك التي تعطي المخدرات للآخرين للاستهلاك الشخصي.
3- العمل بصفة عامة على الرفع من المبالغ المالية التي تقرر كغرامات لكونها رمزية وزهيدة مقارنتا بالمبالغ الطائلة المتحصل عليها بمناسبة المتاجرة لمادة المخدرات.
4- العمل على إيجاد نصوص خاصة تعاقب جريمة تبيض الأموال المتحصل عليها من الاتجار بالمخدرات وتسليط العقوبة على من يسهل استعمالها وتمريرها في مشاريع استثمارية.
5- العمل على إيجاد نصوص مراقبة تسليم المواد المخدرة والعقاقير السامة بها يتلاءم باتفاقيات فيينا.
6- اعتماد إجراءات خاصة للجرائم المتعلقة بالاتجار غير المشروع للمواد السامة للمخدرات الصيدلانية (العقاقير) في القانون الجديد واتخاذ أحد التدابير الآتية:
- تمديد فترة الوضع تحت المراقبة.
- تبسيط الإجراءات ترخيص التفتيش للمساكن.
- الرفع من مدة الإكراه البدني.
- تحديد الأدنى من غرامة المعمول بها سواء بقانون العقوبات أو الغرامات الجمركية.
- تمديد مدة تقادم الدعوة العمومية بشأن هذه الجريمة.
7- وضع قواعد قانونية خاصة تنضم عمل قوات مكافحة المخدرات وتحميهم في نفس الوقت.
8- وضع مواد قانونية تتضمن توضيح الظروف المشددة والمخففة للعقاب وكذا توسيع دائرة الأعذار المعفية من العقوبة كما رأينا في التشريعات السابقة بدلا من قصرها على عذر واحد.