منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التّعريف بفنّ القصّة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-22, 15:42   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
صَمْـتْــــ~
فريق إدارة المنتدى ✩ مسؤولة الإعلام والتنظيم
 
الصورة الرمزية صَمْـتْــــ~
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز المشرف المميز 2014 وسام التقدير لسنة 2013 وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام أفضل مشرف وسام القلم الذهبي لقسم القصة 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زيتوني محرز مشاهدة المشاركة
العقــــــــــدَةُ
ينفتح الباب أمامه ، يتصبب العرق من جبينه ، تصدر الآهات من قلبه حمما ملتهبة ، يحاول فك رباط العنق الذي يعصر أنفاسه عصرا ، يجر قدميه جرا ، يتهالك على أقرب كرسي ، يسرع إليه الجميع و كل الثلة المنتظرة :/ واشي سهل ربي ../ ثم سرعان ما يردف آخر عندما يرى وجومه و شروده :/ هذا ما كنا خايفين منه ، عرسان العام هذا الكل – تربطوا - .. / .
تقبر الزغاريد في الحنجرة ، تكبر مساحة الحزن ، يتكهرب الجو ، تضيع الابتسامات وراء حزن ظاهر ، تقطب العجائز الوجوه فتزداد التجاعيد وضوحا ،، تتجمهر النسوة حول العروسة التي غرقت في بكاء لا ينتهي ،، تنظر من خلال العبرات المتساقطة على الثياب البيض التي لفوها بها ، تمنت لو مزقتها شر تمزيق أو داستها على الأرض ../آه ،، أين أنت أيتها السعادة ،، و أين شهر العسل و هذه بداية المأساة ؟! /.
-/ لا تحزن يا ولدي ،، اصبر ،كل شيء يفوت ../ ينظر إلى والده ، تمنى لو سأله سؤالا وحيدا :/ هل حدث لك مثلما حدث لي عند زواجك ؟!/ ، يلجم الحياء لسانه ، بقيت نظراته ثابتة ، لم يتمالك نفسه فأجهش بالبكاء ،/ ماذا يقولون عني ؟!، ما هوش راجل.../ وطبعا مقياس الرجولة عندهم هو انقضاء هذه المهمة في أسرع ما يمكن و كأننا في سباقات السرعة ../ تمنى لو كان في مقدوره أن يصرخ في هذا الجمع المحيط به:/ تفرقوا ،، روحوا لدياركم ../ لكن خوفه من كبر الفضيحة يوقفه عند حده.
يجمع قواه المبعثرة ، يصر على إعادة المغامرة ثم ليكن ما يكون ، ينهض بكل ثقله ، يدفع قدميه دفعا ، يدخل الغرفة المبعثرة ثانية ، يغلق الباب دونه ، هاهي شريكة حياته كما تركها في ثيابها البيضاء تقاوم موجة الدموع التي أغرقتها ،، ماذا يقول لها ؟! هل يذكرها بذكريات الصبا و آلاف الآمال التي نسجاها معا أم يزرع في فؤادها المضطرب الصبر و الشجاعة ؟! ، ما السبيل إلى ذلك و قلبه يرتعد فرقا و عضلة الحجاب الحاجز تضغط على غشاء القلب فتعصره؟ يتقدم منها ، يمسك يدها ،يحس ببرودة الثلج ، يسري في بدنه تيارا باردا يجمد أعصابه و يتركه جثة بلا روح ، يمسح دموعها، يجلس بجانبها ، يحاول أن يقوي من عزيمتها ، أصوات الدفوف تمزق نياط القلب ،تتعالى الزغاريد ، صراخ يصم الأذان، صفير الصغار بمزاميرهم يذكره بيوم النشور و البعث ، يزداد الخوف و ينتشر الرعب ، يحس و كأنه قادم على مغامرة نهايتها الموت ،،يعربد الموج بقوة ، يصطدم بالصخور الشاطئية الباردة فيعود القهقرى ، يعاود الكرة ، و يعاود و لكن دون جدوى ،،يجمع كيانه الممزق ، يدير قفل الباب ، تتوقف أصوات الدفوف و المزامير و الحناجر ، تنظر إليه النسوة ، يلتف حوله الصغار ،أصوات عديدة تقرع مسامعه : ( واشي ربي سهل ...) بماذا يجيب ؟! تمنى لو صرخ في وجوههم : / ربي دائما يسهل أنتم مصيبتي ../ ، تموت الكلمات في الحنجرة ، يندفع بسرعة خارجا ، يعترضه والده و رفاقه : / واشي ربي سهل ../ هل يكذب عليهم ؟! تضيع العبارات فيسقط على البلاط يلتمس برودته حتى تطفئ نار قلبه المشتعلة .
-
/ يا حسرة ،، ربطوه زي أصاحبه ../
-
/ إذا تربط الرجل لازم يروح – للطالب – يحل له العقدة ../
تتبادر إلى مسامعه الكلمات خافتة كالهدوء الذي يسبق العاصفة ،، هل قدر عليه أن يعيش إلا مع (الطالب ) و العقد ؟!!.
علموه منذ الصغر إن الأبالسة و بنات الجن تسكن أفئدة البشر فعلقوا على صدره و طرزوا في ثيابه الحروز و تركوه يواجه الحياة ، ينهش من كبريائه الجريح و يمتص من دمه المتدفق ،، يغمض عينة ثانية ، صوت الدف يمزق صمت المكان ، ضجيج رقص، غناء أشبه بالبكاء: ( يا أولاد الصالحين..) مقطع واحد بقي مستقرا في ذاكرته المبعثرة ، " الطالب " بجبته البيضاء في حوار لا ينتهي مع من يسميهم الجن ،، العرق يتصبب من جبينه ،،الفوضى،، الدفء ،، الغناء ،، البكاء ،،و يختلط كل شيء ، لم يعد يبصر إلا – الطالب – بشعره المتدلي على الكتفين و لم يعد يسمع إلا أصوات آدمية تتخاطب فيما بينها ../ يا شهبار يا ولد بنت الأخيار أخرج و إلا كويتك بالنار ،،/ يزداد الضجيج ، ثم فجأة ينتهي كل شيء ، صمت رهيب عرف بعده أن ما يدعى – الجن – قد خرج من جسده لكنه عليه أن لا يتخلى على الحرز و إلا عاد قرينه ليستقر في أعماق قلبه .
-/ شوف يا ولدي ،، إذا لم تقدر هذه المرة لازم تشوف أنت و امرأتك – الطالب ../ أعادته كلمات والده للواقع ،، هل يرجع ثانية – للطالب – و قد حمد الله على أن الماضي لم يعد إلا ذكرى ؟ ينظر إلى والده بعين نصف مغمضة ، هل يصارحه بالسبب الذي جعله عاجزا إلى هذا الوقت ؟! هل يقول له :/ إنه أنتم و هذا الضجيج الذي يزيد المرء خوفا ورهبا ../ .
يعتدل في جلسته ، يمسح العرق المنسكب، يجمع كل قواه ، يمط شفتيه ، يخرج سيجارة ، يشعلها ، يأخذ نفسا كبيرا ، ينفث ، يحوقل في سره ، ينظر إلى والده ، يجمع الكلمات المبعثرة في ذاكرته ثم .....
-
/ لن أدخل هذه المرة إلى الغرفة حتى يتفرق كل هذا الجمع و تغادر النسوة الغرفة المجاورة ../ ، ينظر إليه والده ، يبدو على وجهه تصميم على تنفيذ ما أقتنع به، قرر والده أن يدعه يجرب حظه للمرة الأخيرة قبل أن يحمله – للطالب - ،، يحس بالسكينة تعود إلى كيانه المهزوز ، يدوس بقية السيجارة بعقب الحذاء ، يندفع صوت الغرفة ، يدفع الباب و يدخل .....
هامش
: لم يمض إلا وقتا يسيرا على دخوله الغرفة حتى خرج مبتسما مع صوت طلقة نارية .
للأسف أخي بهذه الحالات قلّ ما نجِدُ من يُهدّيئ الأمور..بل تجِدُ من يغتنمون فُرصة إظرام لهيبِ الشكّ مما ينتج عليه الطّلاق و فُقدان الثّقة بالنّفس
و أغلب النّاس يقعون ضحيّة جهلِهِم بوجوب أن يتوفّر جوّا للعريسين خالٍ من الصّخب والضّرب، فينسبون العجزَ للرّجل أو يقذفون الزّو جة بباطلٍ
أو يتحجّجون بالسّحر الذي يتسبب في إيقاع الأزواج بهذه الحالات التي غالباً ما تعصِفُ بحياتِهِم من بداية الطّريق.
لهذا فعلينا أن نتّخِذ من ديننا حمايةً تحول دون وقوعنا ضحايا جهلِنا و إن يكن تحول دون تمكّن السّحرة من تحقيقِ مساعيهم الدّنيئة
لأنّ ديننا يحصّن المسلم من كلّ مكروه إلاّ ماكتبه الله لعباده المؤمنين.
بارك الله فيك أخي محرز..
دمت ودام وفاؤك لهذا الفنّ..
كلّ التقدير والاحترام









رد مع اقتباس