منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - *«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»*
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-08-20, 23:47   رقم المشاركة : 336
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع الرسالة: التناص في'أنشودة المطر 'للسياب *عدم وجود صاحب العمل *


التناص
التناص مصطلح نقدي أشيع في الأدب الغربي بعد عام 1966 ووظف بشدة كآلية نقدية
في معالجة النصوص الأدبية,و هذا المفهوم ظهر عند جوليا كريستيفا تأثرا بأستاذها ميخائيل باختين العالم الروسي الذي وضح مفهوم التناص من خلال كتابه "فلسفة اللغة" وعنى باختين بالتناص "الوقوف على حقيقة التفاعل الواقع في النصوص في استعادتها أو محاكاتها لنصوص_أو لأجزاء_من نصوص سابقة عليها و الذي أفاد منه العديد من الباحثين" إذ استوى مفهوم التناص بشكل تام على يد جوليا كريستيفا و قد عرفته بأنه {التفاعل النصي في نص بعينه}أو بتعبير آخر {أن النص عبارة عن لوحة فسيفسائية أوقطعة موزاييك من الشواهد,و كل نص هو امتصاص أو تشرب لنص آخر أو تحول عنه}
"في دراسة بعنوان "لغات جاري",نجد ميشيل أريفي يقدم تعريفا جامعا مانعا لمفهوم التناص :"انه مجموع النصوص التي تدخل في علاقة مع نص معطى ,هذا التناص يمكن أن يأخذ أشكالا مختلفة ,الحالة المحدودة هي بدون شك ,مكونة من مجموع المعارضات ,حيث التناص يكون مجموع النصوص المعارضة.
و التناص في الأدب العربي مر ببدايات غنية تحت مسميات نقدية تناسب عصوره القديمة و عاد من جديد للظهور متأثرا بالدراسات اللسانية الغربية الحديثة كمصطلح مستقل له أصوله و نظرياته و تداعياته ففي الأدب العربي المعاصر حظي مفهوم التناص باهتمام كبير.
و قد التقى حول هذا المصطلح عدد كبير من النقاد الغربيين و توالت الدراسات حوله و توسع الباحثون في تناوله.و بعد ذلك اتسع مفهوم التناص و أصبح بمثابة ظاهرة نقدية جديدة و جديرة بالدراسة و الاهتمام .
و تعد ظاهرة التناص إحدى تجليات النص الشعري الإبداعي الجديد الذي يتسم بخاصية انفتاحه على نصوص أخرى لاسيما التراثية منها فهو{النص الجديد}يتميز عن الأشكال الشعرية السابقة بكونه قابلا لاحتضانها و التفاعل معها,و الشاعر العربي الحديث و المعاصر استثمر التناص في كثير من انتاجاته الشعرية قبل أن يلد هذا المصطلح العصري و يعرفه النقاد العرب المعاصرون وسواء كان الشاعر من الإحيائيين أمثال البارودي فأحمد شوقي أو كان من رواد الشعر المعاصر مثل نازك الملائكة , بدر شاكر السياب ,احمد مطر..... و غيرهم .
و تعتمد تقنية التناص على إلغاء الحدود بين النص و النصوص أو الوقائع أو الشخصيات التي يضمنها الشاعر نصه الجديد حيث تأتي هذه النصوص موظفة و مذابة في النص,مما يجعل من النص ملتقى لأكثر من زمن و أكثر من حدث و دلالة فيصبح النص غنيا حافلا بالدلالات و المعاني .
لقد لجأ الشاعر العربي المعاصر من خلال ظاهرة التناص إلى تكثيف تجربته و شحنها بفيض دلالي عارم ,و لقد كانت الاستعانة بالتراث العربي القديم النثري أو الشعري وجانبه التاريخي خاصة من أهم مرتكزات قصيدة الشاعر العربي المعاصر خلال الاستعانة بالألفاظ و المعاني و الدلالات النصية و هذا ما نجده في شعر السياب و البياتي...وغيرهم.
كما أفادوا من البنية العميقة للقصيدة العربية القديمة و أسلوبها و صياغتها اللفظية و التركيبية.
فقصيدة {أنشودة المطر }للسياب تمثل تجربة جديرة بالتأمل و الدراسة تمثل بشكل عام صراعا بين الأمل و الفرحة و الألم و الحزن و الحصرة ,في إشارات واضحة لذلك على مدار القصيدة يعاني فيها الشاعر حصرته على أمور كثيرة فمن الحصرة على خيرات البلاد إلى ضياع الهوية,و التحدي و الإصرار على المواجهة ,فأنشودة المطر رمز الأمل و الانتصار على القمع ,حيث ألقى الشاعر في قصيدته جل همومه.حيث لجأ إلى تصويرها باستدعائه للتناص في أشكاله المتنوعة.
و تعد القصيدة نموذجا لنص يحفل بالعديد من التقنيات التعبيرية المتضافرة يقوم فيها الإنشاء و التناص و الأسطورة و الترميز بالدور الأساسي في تكوين بنية النص و توليد دلالاته المشعة طبقا لإستراتيجية حيوية فعالة تحقق درجة عالية من شفافية التوازن.
التناص و التراث الشعبي :
تكون المحاكاة فيه على مستوى توظيف القص الشعبي و الحكايات القديمة
حيث يأتي الشاعر في قصيدته هاته بصورة يشبه بها حالة المكروب في الليلة الماطرة، وهي صورة صياد فقير يلقي شباكه ثم يجمعها فإذا هي فارغة فيمضي يلعن حضه النكد يقول الشاعر:
كأن صياد حزينا يجمع الشباك
و يلعن المياه و القدر
و ينثر الغناء حيث يأفل القمر
و هو تناص مع الحكايات الشعبية الكثيرة عن صياد اصطاد سمكة كبيرة أهداها إلى الملك فأجزل له العطاء ، أو صياد اصطاد سمكة فعثر في جوفها على خاتم أو اصطاد سمكة رجته أن يعيدها إلى البحر ففعل فأنعمت عليه بخير وفير.
و هي جميعا حكايات تدل على حلم الفقير بالخلاص من فقره مصادفة و بأساليب عمادها الحظ و السحر و الخيال و الوهم.
و الصياد في قصيدة أنشودة المطر رمز للشعب اليائس الحزين الذي يصارع الحياة.
التناص و الأسطورة :
يذكر الشاعر (السياب) الطغاة و المستبدين المستغلين الذين يسرقون خيرات البلاد وينهبونها فيقول :
و في العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يربها الفرات بالندى
يظهر من هذه الأسطر الشعرية أن السياب قد تناص مع أسطورة جلجاميش حيث أن ذكر الأفعى تشرب الرحيق من زهرة يربها الفرات يقتضي على الفور استدعاء ملمحة جلجاميش
حيث يسعى جلجاميش خلف أسرار الحياة و عشبة الخلود,فقد جاب المسافات بحثا عن زهرة الحياة و الخلود وفيها يعثر جلجاميش على زهرة الحياة ، و يحملها ليعود بها إلى أوروك ولكن العطش ينال منه في الطريق فينزل إلى بئر ليشرب فتأتي الأفعى و تقضم زهرة الحياة .
و الغرض من استلهام الأسطورة فنيا هو محاولة لإعادة بناء عالم جديد بديلا للعلام الذي يرفضه الشاعر.
يقول السياب:
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
العينان اللتان تبعثان الحياة في الكون فتخضر الكروم بعد يباس تستدعي عشتار
ربة الخصب و الحب في الأساطير لما كانت عشتار مرهفة الحس و جامحة الرغبة جذابة الملامح ساحرة القول فقد تعددت قصص غرامها و كثر عشاقها و كل واحد يطمع في الفوزبها لتهطل الأمطار على أراضيه و تكثر الغلال في حقوله و تزداد محاصيله و يرفل بالرفاء و الغنى(رؤية تشير إلى انبعاث الحياة بعد الموت).
التناص القرآني:
وظف السياب تناصا قرآنيا في قصيدته و ذلك باستدعاء قصة أهل ثمود ,قال الشاعر :
لم تترك الرياح من ثمود
في الواد من أثر
إذا تأملنا في هذين السطرين سنلاحظ استدعاء الشاعر لقصة أهل ثمود الدين طغوا و أفسدوا في البلاد فأنزل المولى عز و جل غضبه عليهم فزلزل ديارهم.

منقوووول للفائدة












رد مع اقتباس