منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - *«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»*
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-11-29, 22:31   رقم المشاركة : 129
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تطبيق

التفسير النفسي لنموذج من الحكايات الشعبية الخرافية( بقرة اليتامى)التفسير النفسي لنموذج من الحكايات ا


التفسير النفسي لنموذج من الحكايات الشعبية الخرافية( بقرة اليتامى)
ملخص الحكاية: كان لامرأة طفلان؛ بنت وولد. قبل أن تتوفى حذرتهم من شرب الماء الراكد، كما أوصت زوجها أن لايبيع البقرة التي تملكها. تزوج الأب امرأة لها بنت. عرفت بأن الطفلين يتغذيان
من حليب البقرة ولذلك هما يتمتعان بالصحة والجمال. غارت منهما فدفعت بابنتها إلى الاقتراب من البقرة والرضاع من ضرعها، لكن البقرة رفستها وفقأت عينها، قامت زوجة الأب ببيع البقرة، ثم بحرق قبر الأم الذي يلتجئ إليه الطفلان فيوفر لهما بدوره الغذاء، ودفعت بهما إلى الرحيل من موطنهما الأصلي، أثناء الطريق شرب الولد من الماء الراكد فتحول إلى غزال بحث اليتيمان عن ملجأ، كبرت البنت وكانت فائقة الجمال عاشت مع أخيها عند عجوز، تزوجت البنت من شاب وأخذت عليه عهدا بأن لايذبح أخاها الغزال، تبعت زوجة الأب ربيبتها و التحقت بها، وظلت معها هي وابنتها العوراء، بايحاء من زوجة الأب قامت البنت العوراء باستدراج الفتاة اليتيمة نحو البئر ودفعتها فيه، وأخذت مكانها، وعندما استفسرها الشاب عن سبب قبحها، ذكرت له بأن ذلك بسبب طبيعة ماء بلاده، كان الشاب قد شاهد ما حصل فأنقذ زوجته الحقيقية وأخفاها عن الأعين في مكان أمين، عاقب الشاب البنت العوراء ،وبعد تكليفها بمهام شاقة ذبحها ووضعها في تليس وقدمها لأمها.فندبتها هذه الأخيرة. (المصدر: البطل الملحمي والبطلة الضحية في الأدب الشفوي الجزائري، الملحق، عبد الحميد بورايو، الديوان الوطني للمطبوعات، الجزائر، 1998).

إن الملاحظ لهذه الحكاية يستوقفه دور الأم فيها منذ أول وهلة. ويمثل هذا الدور الدليل الواضح على الحضور المكثف لنموذج"الأم" طيلة تطور أحداث القصة.إذن يمثل النمط الأصلي للأم الكبرى المدخل الواضح لدراسة هذه القصة وتحليلها من منظور علم النفس التحليلي اليونغي نسبة إلى "كارل غوستاف يونغ". يجد متلقي الرواية نفسه في مواجهة وجهين لهذا النمط الأصلي؛ الوجه السلبي الذي جسدته زوجة الأب الشريرة، والوجه الإيجابي الذي مثله دور الأم الضحية، التي تبدت في عدة صور خلال مراحل تطور الحكاية؛ في البداية تجلت في شكل نبعين من عسل وسكر يغذيان الطفلين المحرومين من الغذاء من طرف زوجة الأب الشريرة، ثم في شكل البقرة الحنون التي تسقيهما حليبا طيبا يساعد جسميهماعلى النمو، وقد ظل نفس الدور منوطا بضرع البقرة الملتصق بالجلد الذي حمله الأب من السوق إلى ولديه. يمثل توفير الغذاء للطفولة الملمح الأساسي الذي تتأكد من خلاله إيجابية النمط الأصلي. على العكس من ذلك يمثل التسبب في الحرمان من الغذاء الملمح السلبي لهذا النمط الأساسي.تتجسد إيجابية النمط أو سلبيته أيضا من خلال الثنائي: الجمال/ القبح، فالأثر السلبي لنمط الأم الكبرى يظهر من خلال التشوهات التي تصيب الأبناء؛ فمتن الحكاية يذكر بقبح ابنة زوجة الأب الشريرة، أما الولدان اللذان تمتعا بحماية النمط الأصلي في صورته الإيجابية فقد تغنت الرواية طويلا بتمتعهما بالجمال وحسن البناء الجسدي، مما أثار غيرة الزوجة الشريرة. أبرزت الحكاية ملمحا ثالثا على جانب كبير من الأهمية، ميز بدوره بين إيجابية النمط وسلبيته، هو التبعية المطلقة للأم ، وهو وجه سلبي طبع علاقة زوجة الأب الشريرة بابنتها وانعكس عليها، فظلت مسيرة من طرف أمها مما تسبب في هلاكها في نهاية القصة بينما تمتع الشقيقان باستقلال نسبي عن أمهما بعد وفاتها، وخاضا تجربة الحياة فتكونت شخصيتهما وحققا نضجا مرحليا خلال كل قسم من أقسام الحكاية.

جعلت الحكاية الشقيقين اليتيمين يمثلان فضاء الصراع الذي احتدم بين التوجهين السلبي والإيجابي للنمط الأصلي، وبالتالي فهما النموذجان الممثلان للشخصية البشرية في خوضها للصراع النفسي في علاقتها بالنموذج الأصلي الموروث للام الكبرى المستكن في أعماق اللاشعور. وقد قدمتهما الحكاية على أنهما النموذجان المثاليان الجديران بالإقتداء، وجعلت نهايتهما نهاية سعيدة مبشرة بالخلاص من عقدة الارتباط بالأم التي تولد معنا وتظل في أعماق لاشعورنا، تتحين الفرصة للبروز خلال مراحل العمر المختلفة. ومثلت البنت الشوهاء النموذج السيء لسيطرة عقدة الارتباط بالأم، والذي سرعان ما يتحول إلى عائق لنمو الشخصية، وسببا في اللاتوازن الذي عبرت عن مغزاه القصة في نهايتها عن طريق بيان النهاية الكارثية التي تعرضت لها بنت زوجة الأب الشريرة.

إلى جانب النمط الأصلي المتعلق بالأم، تبرز الحكاية نمطا أصليا آخر لا يقل أهمية عن النمط السابق، وهو "القرين" و" القرينة"؛ لقد مثل الشقيقان اليتيمان هذا النمط، كل منهما بالنسبة للآخر، بحيث جسدت الفتاة نمط" القرينة" بالنسبة للطفل، بينما جسد الولد نمط" القرين" بالنسبة للفتاة. وقد تميزت قرينة الفتى بالملمح الايجابي، فساعدته على اجتياز الصعوبات، ومكنته من النضج النفسي، وتغليب الشعور في النهاية، وتجاوز مرحلة اللاشعور بينما مثل القرين بالنسبة للفتاة القوى السلبية التي كانت تشدها للمرحلة اللاشعورية، فتكبح نموها النفسي وتعرضها للخطر، وتخلق عراقيل في سبيل تطور قواها النفسية تقول نبيلة إبراهيم عن هذا النمط:" ...القرين أو القرينة جزء خفي في الإنسان مرتبط به وملازم له فهو جزء من محتوى اللاشعور" ولعل التحول السحري إلى حيوان والذي أصاب الطفل(تحوله إلى غزال) يمثل سمة لاشعورية تؤكد ما ذهبنا إليه تقول الدكتورة نبيلة إبراهيم:" ومن المعروف أن الحيوان المسحور في الحكايات الخرافية يرمز إلى هذا الجزء البهيمي
أو الغريزي الذي يمكن أن يقود الإنسان إلى متاهات اللاشعور المظلمة









رد مع اقتباس