منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تحضير ماجستير الملكية الفكرية 2010-2011
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-07-31, 10:00   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الزين رضا
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الحماية القانونية لبراءة الاختراع

تعتبر البراءة الوسيلة القانونية لإضفاء الحماية القانونية على الاختراع ، الذي هو موضوع البراءة، هذه الأخيرة تعتبر سند الملكية لصاحبها،و ما يترتب على ذلك من قصر الاستئثار بالاختراع و الاستفادة منه بالطرق القانونية لصاحبه أو لمن يريده هذا الأخير.
غير أن هذه الحماية (المتجسدة في البراءة) يجب أن تنصب على الاختراع ، على هذا الأساس نقوم بالتعرض إلى موضوع الحماية الذي تمنحه هذه البراءة عن طريق تعريف هذه البراءة و المقصود منها (المبحث الأول) ثم الشروط اللازمة توفرها في الاختراع - الشروط الموضوعية- و الإجراءات التي يجب على المخترع القيام بها للحصول على البراءة- الشروط الشكلية- (البحث الثاني) .
المبحث الأول: تعريف براءة الاختراع.
نتعرض في هذا المبحث إلى التعريف الفقهي لبراءة الاختراع ثم التعريف التشريعي.
المطلب الأول: التعريف الفقهي لبراءة الاختراع.
قبل التطرق إلى التعريف الفقهي لبراءة الإختراع يجب التعرض للتعريف الفقهي للاختراع (فرع أول) ثم التعريف الفقهي للبراءة (فرع ثاني).
الفرع الأول : التعريف الفقهي للاختراع.
الأصل في كل اختراع INVENTION حتى تضفي عليه هذه الصفة،أن يكون فيه تحقيق شيء جديد لم يسبق بمثله كما أنه يقدم خدمة للإنسان .
وفيما يأتي بعض التعريفات الفقهية المنتقاة لبراءة الاختراع:
عرفها الدكتور محمد حسني عباس على أنها: "كل اكتشاف أو ابتكار جديد و قابل للاستغلال الصناعي، سواء تعلق ذلك الاكتشاف أو الابتكار بالمنتج النهائي أو وسائل الإنتاج و طرقه"
و عرفها جانب من الفقه الفرنسي بالتركيز على مفهوم "النشاط الإختراعي " L'activité Inventive بقوله : <<الاختراع ما هو إلا تحقيق الإبداع الناجم عن عمل اختراعي للإنسان >> و لا ريب أنه لا يوجد نشاط اختراعي إلا إذا كان تحقيق الإبداع أمر غير بديهي عند رجل المهنة أي رجل الحرفة .
نلاحظ أن معظم المؤلفات قد أهملت تعريف الاختراع على الرغم من أهميته القصوى في نظري ،على العكس من التعريف التشريعي للاختراع و مع ذلك يبقى أنه يمكن تعريف الاختراع من خلال شروطه الموضوعية مجتمعة و هذا ما سوف نتعرض له لاحقا.
الفرع الثاني :التعريف الفقهي لبراءة الاختراع.
قدم الفقه تعريفات عديدة و متنوعة لبراءة الاختراع ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1. فقد عرفها الدكتور عبد اللطيف هداية الله بأنها: << الرخصة أو الإجازة التي يمنحها القانون لصاحب ابتكار، لإنتاج صناعي جديد أو اكتشاف لوسائل جديدة على إنتاج صناعي قائم، و نتيجة صناعية موجودة أو تطبيق جديد لوسائل معروفة للحصول على نتيجة أو إنتاج صناعي >>
2. و عرفها الدكتور عز الدين بنسني بأنها : << الشهادة التي تمنحها الدولة مجسدة في شخص المكتب المغربي للملكية الصناعية لمن توصل إلى اختراع جديد لمنتوج جديد أو لاكتشاف طريقة جديدة للحصول على إنتاج قديم >>
3. و عرفها A. Chavanne et J J Burst بأنها :<< وثيقة تسلم من طرف الدولة ، تخول صاحبها حق استغلال اختراعه الذي هو موضوع البراءة >>.
4. و عرفت على أنها وثيقة يعترف بمقتضاها بالإختراع من طرف الحكومة مع الحق في احتكار الإنتاج ، الإستعمال ، البيع ، أو اقتناء الربح لعدد معين من السنوات
5. و عرفت أيضا بأنها :" البراءة تعطي حقا مانعا على الإختراع ، الذي هو منتوج أو يعطي طريقة جديدة لفعل شيء معين أو يأتي بحل تقني لفعل شيء أو يأتي بحل تقني جديد لمشكل ما"
6. وعرفها البعض بأنها " :وثيقة تنشئها السلطة الحكومية ، تحمل أوصافا لإختراع، وترتب له وصفا قانونيا تجعله في حمى عن كل تجاوز خارجي" .
المطلب الثاني: التعريف التشريعي لبراءة الإختراع
قبل التطرق إلى التعريف الشريعي لبراءة الإختراع يجب التعرض للتعريف التشريعي للاختراع (فرع أول) ثم التعريف التشريعي للبراءة (فرع ثاني)
الفرع الأول: التعريف التشريعي للاختراع
عرفت بعض القوانين الاختراع نذكر من بين هذه التعريفات على سبيل المثال:
• عرفه قانون براءات الاختراع الأردني رقم 32 لسنة1999 في المادة الثانية بأنه:<<أي فكرة إبداعية يتوصل إليها المخترع عن أي مجال من مجالات التقنية و تتعلق بمنتج أو بطريقة أو بكليهما تؤدي عمليا إلى حل مشكلة معينة في أي من هذه المجالات >> غير أن قانون براءات الاختراع الأردني الجديد استغني عن هدا التعريف و لم يعطي تعريفا بديلا ، وهذا مأخذ يؤخذ على هذا القانون الجديد .
• كما عرف قانون الملكية الصناعية السوري الاختراع في المادة الأولي منه على أنه :<< يعتبر اختراعا صناعيا ابتكار أي إنتاج صناعي جديد أو اكتشاف طريقة جديدة للحصول على إنتاج صناعي جديد أو اكتشاف طريقة جديدة للحصول على إنتاج صناعي قائم ، نتيجة صناعية موجودة أو الوصول إلى تطبيق جديد لطريقة صناعية معروفة >>
• وعرفه قانون براءات الاختراع والنماذج الصناعية العراقي على أنه:<<كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي ، سواء كان متعلقا بمنتجات جديدة أم بطرق ووسائل مستحدثه أو بهما معا >>
• أما قانون دولة الإمارات العربية المتحدة فقد عرفه في المادة الأولى على أنه :<<الفكرة التي يتوصل إليها أي مخترع وتتيح عمليا حلا فنيا جديدا لمشكلة معينة في مجال التكنولوجيا >>
• المشرع الجزائري فقد عرف هو الآخر الاختراع في المادة2ف من الأمر 07- 03 على النحو الآتي :<<الاختراع هو فكرة المخترع، تسمح عمليا بإيجاد حل لمشكل محدد في مجال التقنية >> .
وبعد انتقائنا لبعض التعريفات التشريعية من القوانين العربية نلاحظ أن أقرب التعريفات للدقة هو تعريف المشرع العراقي ، و كذلك المشرع السوري ، حيث أنهم ركزوا على قوائم و أركان أي إختراع بصفة عامة ، و حصروها في : الجدة ، القابلية للإستغلال الصناعي ، أن يكون متعلقا بمنتجات صناعية جديدة أو بطرق و وسائل مستحدثة (القانون العراقي ) أو اكتشاف طريقة جديدة للحصول على أنتاج صناعي قائم ، أو نتيجة صناعية موجودة ، أو الوصول إلى تطبيق جديد لطريقة صناعية معروفة .
أما المشرع الجزائري ، فكان تعريفه غير دقيق و يحتمل العديد من التأويلات، لذلك و من وجهة نظري اقترح أن يعدل هذا التعريف و يجعله أكثر دقة و ذلك للتطبيق الأمثل و الأيسر للقانون على أرض الواقع ، وحتى تصبح لدينا مرجعية قانونية سليمة من الناحيتين النظرية و العلمية.
على الرغم من ذلك ، يبقى وضع تعريف دقيق للإختراع أمر صعب نظرا لتطور مفهوم الإختراع، لذلك فضلت الكثير من التشريعات العالمية عدم تعريفه واقتصرت على ذكر شروطه الموضوعية و من التشريعات من استغنى عن تعريفه كالمشرع الأردني.
أما بالنسبة للجانب القضائي، فقد حاول القضاء العربي الإجتهاد على ضوء النصوص التشريعية و التطبيق الواقعي للمفهوم ، فنجد القضاء الأردني قد فسر الاختراع بأنه" فكرة ابتكاريه تجاوز تطور الفن الصناعي القائم والتحسينات التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج أو تحقيق مزايا فنية أو اقتصادية في الصناعة مما تتوصل إليه عادة الخبرة العادية أو المهارة الفنية" .
الفرع الثاني: التعريف التشريعي لبراءة للاختراع
نذكر بعض التعريفات التشريعية لبراءة الاختراع على سبيل المثال :
تعريف القانون الجزائري:
لم يعرف المشرع الجزائري في المرسوم التشريعي رقم 93-17 و المتعلق بحماية الاختراع البراءة غير أنه استدرك الوضع في الأمر 07 - 03و عرفها في المادة 2ف 2:<<البراءة أو براءاة الاختراع :وثيقة تسلم لحماية الاختراع >>.
تعريف القانون الفرنسي:
ينص القانون الفرنسي على أن كل اختراع يمكن أن يكون موضوع لسند ملكية صناعية تمنح من طرف الهيئة الرسمية، والتي تمنح لصاحبه حق الاستغلال الاستثنائي، ففي المادة L611-1 من قانون الملكية الفكرية سنة 1999 حددت الاختراعات الجديدة المستحقة للبراءة بتلك التي تتضمن نشاط اختراعي وقابل للتطبيق الصناعي، أما المادة L611-10 من نفس القانون فتعرف "براءة الاختراع سند لملكية صناعية ممنوحة من طرف مصلحة عمومية تسمح لمالكها احتكار الاستغلال المؤقت، وهي سلاح هجومي ودفاعي تحت تصرف المبدعين والمؤسسات، يمكن بيعها أو تمنح كترخيص استثنائي أو لا و تعطى كرهن حيازة، التنازل عنها بدون مقابل، تنقل إلى الورثة" .
تعريف المشرع العراقي:
<<البراءة – الشهادة الدالة على تسجيل الاختراع.>> هذا التعريف اعتبر البراءة كدليل أي قرينة قاطعة على تسجيل الإختراع دون الإشارة إلى دورها في الحماية .
أما المشرع الأردني:
عرفها بقوله:<<الشهادة الممنوحة لحماية الاختراع>>
تعريف المنظمة العالمية للملكية الفكرية :
تعرف المنظمة العالمية للملكية الفكرية OMPI أو WIPO البراءة على أنها "حق استئثاري" يمنح نظير اختراع يكون منتج أو عملية تتيح طريقة جديدة لإنجاز عمل ما، أو تقدم حلاً جديدا لمشكلة ما، وهي تكفل بذلك لمالكها حماية اختراعه وتمنح لفترة محدودة (20 سنة على العموم)، وتتمثل هذه الحماية بموجب البراءة في أنه لا يمكن صنع أو الانتفاع من الاختراع، أو توزيعه، أو بيعه لأغراض تجارية دون موافقة مالك البراءة.
المبحث الثاني:الشروط اللازمة لبراءة الاختراع للاستفادة من نظم الحماية.
نص المشرع الجزائري على جملة من الشروط لحصول المخترع على براءة الاختراع منها ما يتعلق بالاختراع في حد ذاته وهي ما اصطلح عليها بالشروط الموضوعية وهي شروط متفق عليها في معظم التشريعات العالمية ومنها يتعلق بما يقوم به المخترع من إجراءات طلب الحصول على براءة الاختراع.
المطلب الأول:الشروط الموضوعية.
نصت المادة:03 من الأمر 07- 03 على هذه الشروط بقولها:<<ويمكن أن تحمى بواسطة براءة الاختراع الاختراعات الجديدة والناتجة عن نشاط اختراعي و القابلة للتطبيق الصناعي> >
وهي نفسها المادة 3من المرسوم التشريعي رقم 93- 17الملغى
و في المادة السابعة من نفس المرسوم ذكر المواضيع التي لا تعتبر اختراعات و هي:
• المبادئ و النظريات و الاكتشافات ذات الطابع العلمي و كذلك المناهج الرياضية.
• الخطط و المبادئ و المناهج الرامية إلى القيام بأعمال ذات طابع ثقافي أو ترفيهي محض .
• المناهج ومنظومات التعليم والتنظيم والإدارة أو التسيير.
• طرق علاج جسم الإنسان أو الحيوان بالجراحة أو المداواة وكذلك مناهج التشخيص .
• مجرد تقديم المعلومات.
• برامج الحاسوب .
• الابتكارات ذات الطابع التزيني المحض.
نستنتج من المادتين سالفتي الذكر وجوب توفر شروط 3 لمنح براءة الاختراع ألا وهي:
• أن يكون ثمة اختراع أو ابتكار.
• أن يكون الاختراع جديدا.
• أن يكون هذا الاختراع قابلا للاستغلال الصناعي.
إضافة إلى هذه الشروط الثلاثة يجب أن لا تتوفر قي الاختراع حالة من الحالات المنصوص عليها بالمادة8 حيث أن المشرع الجزائري قد استثنى 3حالات لا يمكن منح براءات الاختراع مراعاة لعدة ظروف( أمنية ,اجتماعية ,أخلاقية) و حماية للمصلحة العامة و هذه الحالات هي:
• الأنواع النباتية أو الأجناس الحيوانية و كذلك الطرق البيولوجية المحضة للحصول على نباتات أو حيوانات .
• الاختراعات التي يكون تطبيقها على الإقليم الجزائري مخلا بالنظام العام أو الآداب العامة.
• الاختراعات التي يكون استغلالها على الإقليم الجزائري مضرا بصحة و حياة الأشخاص و الحيوانات أو مضرا بحفظ النباتات أو يشكل خطرا على حماية البيئة.
و بمقارنة المادة 8 من الأمر 07-03 مع المادة11 من المرسوم التشريعي رقم 17-93 نجد أن حالة من الحالات و هي :"المواد الغذائية و الصيدلانية و التزينية و الكيميائية ,غير أن هذا الإجراء لا ينطبق على طرق الحصول على هذه المواد"وبما أن الأمر07 -03 قد الغي المرسوم سالف الذكر، فبمفهوم المخالفة أن هذه المواد الغذائية والصيدلانية تمنح بشأنها براءة الاختراع ، و هذا في نظري إضرار كبير بالمواطن حيث أن هذه الأشياء معدة للاستهلاك اليومي، وهذا سيؤثر سلبيا لو طبق القانون تطبيقا فعليا على الموطنين وأعني بهم خاصة الشعوب النامية.
الفرع الأول : وجود الإختراع.
سبق لنا في الفقرات السابقة تعريف الاختراع،سواء من الناحية الفقهية أو التشريعية وحتى القضائية ، لذالك نكتفي في مجال التعريف بالإحالة إلى ما سبق.
فيجب أن ينطوي الاختراع على خطوة إبداعية تتجاوز المستوي المألوف في التطور الصناعي بمعني أنه يشترط لمنح البراءة ألا يكون الاختراع بديهيا لرجل الصناعة المختص في المجال التكنولوجي للاختراع.
والمقصود بالخطوة الإبداعية، أن تمثل الفكرة التي يقوم عليها الاختراع تقدما ملموسا في الفن الصناعي لا يتوقع أن يصل إليه الخبير المعتاد في مجال التخصص الذي ينتمي إليه الاختراع، وهذا يعني أن الفكرة الابتكارية يجب أن تمثل درجة من التقدم في تطوير الفن الصناعي تجاوز ما يصل إليه التطور العادي المألوف في الصناعة ونوضح فكرة وجود الاختراع أي احتواء على خطوة إبداعية بالاستشهاد بالقضاء العربي ونقصر الذكر هنا على قضيتين فقط.
قرار صادر عن محكمة العدل العليا الأردنية حيث جاء في حيثيات القرار: ((.... عرفت المادة الثانية من قانون امتيازات الاختراعات والرسوم رقم 22 لسنة 1953 على إن الاختراع هو إنتاج جديد أو سلعة تجارية جديدة أو استعمال أية وسيلة اكتشفت أو عرفت أو استعملت بطريقة جديدة لأية غاية صناعية.
لا تتوافر في المغلف متعدد الاستعمال الذي طلب المستأنف تسجيله كاختراع مزايا وصفات الاختراع كما لا يعد استعمالا جديدا لوسيلة مكتشفة أو معروفة لغايات صناعية إذ أن تعدد استعمال المغلفات طريقة معروفة قديما وحاليا تؤدي إلى التوفير في استهلاك المغلفات نتيجة إلصاق قطعة بيضاء على فتحة المغلف كلما استعمل يحرر فيها اسم المرسل إليه بينما الاختراع فكرة ابتكارية تجاوز تطور الفن الصناعي القائم والتحسينات التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج أو تحقيق مزايا فنية أو اقتصادية في الصناعة مما توصل إليه عادة الخبرة العادية أو المهارة الفنية. ))
و قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في 3 إبريل 1965 في قضية تتعلق ببراءة اختراع محلها استعمال الزيت المعدني المجدد ، بدلا من الزيت المعدني الجديد، في تركيبة حبر الطباعة. وقالت المحكمة بحق أن صاحب البراءة لا يكون قد ابتدع أو ابتكر ما يضيف جديدا إلى الفن الصناعي القائم، وما يعد اختراعا بالمعنى الذي تقررت حماية القانون له، إذ هو لم يدخل تغييرا على التركيب الكيميائي لحبر الطباعة، الذي أساس صناعته فعلا هو الزيت المعدني ، وقد بقيت هذه المادة الأساسية على حالها. وهدا هو موقف معظم التشريعات العالمية حيث قررت على سبيل المثال المحكمة العليا الأمريكية أنه كل ما هو مصنوع من يد الإنسان ابتداء من التدخل البشري في هذا الشيء جعله اختراعا يكون قابلا للحصول على البراءة
نلاحظ أن القضاء الأمريكي قد وسع من مفهوم الإختراع .
الفرع الثاني : أن يكون الإختراع جديدا .
لا يكفي لكي يحصل المخترع على براءة الاختراع أن تكون الفكرة التي بنى عليها الاختراع أصلية , بل يجب فوق ذلك أن يكون الاختراع جديدا لم يسبق لأحد استعماله أو تقديم طلب للحصول على براءة بشأنه , أو الحصول فعلا على براءة الاختراع أو سبق النشر عنه و إلا فقد الاختراع شرط الجدة فلا تمنح عنه براءة الاختراع
و يحق حينئذ لأي شخص استغلال الإختراع دون أن يعتبر ذلك اعتداء على حق صاحبه الأصلي لأن هذا الأخير لم يحرص على كتمان سر اختراعه حتى يكافأ بإعطائه حق الاستئثار بهذا الاختراع
فالجدة هي إذن عدم علم الغير بسر الاختراع قبل إيداع طلب التسجيل، فإذا شاع سره بعد وضعه أصبح حقا للجميع و يسمح لهم استغلاله في التجارة أو يستعمله في المختبرات و غيرها دون موافقة المخترع
هذا و قد حددت المادة 4من الأمر 03-07 متى يكون الاختراع جديدا بقولها :"يعتبر الاختراع جديدا إذا لم يكن مدرجا في حالة التقنية و تتضمن هذه الحالة كل ما وضع في متناول الجمهور عن طريق وصف كتابي أو شفوي أو استعمال أو أي وسيلة أخرى عبر العالم و ذلك قبل يوم إيداع طلب الحماية أو تاريخ مطالبة الأولوية بها". و بالتالي نجد أن هذه المادة قد اعتبرت أن يوم إيداع طلب الحماية ،أو يوم مطالبة الأولوية بها هو الذي يحدد فيما إذا كان الاختراع جديدا أم لا.
فإذا وقع الاختراع في متناول الجمهور قبل هذين التاريخين لم يعتبر الاختراع جديدا غير أن الفقرة الثانية من نفس المادة أضافت :"لا يعتبر الاختراع في متناول الجمهور بمجرد ما تعرف عليه الجمهور خلال 12 شهرا التي تسبق تاريخ إيداع البراءة أو تاريخ الأولوية أثر الفعل طبقا للمادة 14 أدناه أو إجراء تعسف من الغير إزاء المودع أو إزاء سابقه في الحق"
فهذه الفقرة وضعت حالات لا يعتبر فيها الاختراع في متناول الجمهور، أي جاءت باستثناء عن الفقرة الأولى و هذه الحالات هي:
• على اثر الفعل الذي قام به المودع (أي ليس صاحب الاختراع ).
• على اثر الفعل الذي قام به من سابقه لاختراع و لكن عن حسن نية
• على اثر تعسف من الغير سواء إزاء المودع أو إزاء سابقه في الحق.
و ذهبت بعض التشريعات العربية أن الاختراع لا يعتبر كله أو جزء منه جديدا في حالتين هما:
• سبق طلب البراءة عن ذات الاختراع أو سبق صدورها:هذا يعني أنه إذا قدم من قبل طلب للبراءة عن اختراع فلا يمكن إعادة نفس طلب على نفس الاختراع.
• سبق استعمال أو استقلال الاختراع أو الإفصاح عنه .
والقضايا التي مرت على القضاء العربي كثيرة جدا أوضعت أساسا ومرجعية سليمة في هذا المجال
هذا و يجب الإشارة إلى إن هناك دول تأخذ بنظام الجدة المطلقة(absulte novelty) ، و هناك من الدول من تأخذ الجدة النسبية بحيث تعطي للمخترع مريد البراءة مهلة قد تصل إلى سنة في بعض الأنظمة (grace period) مثال نظــــــــام الو.الم .
الفرع الثالث: قابلية الاختراع للتطبيق الصناعي.
يشترط لمنح براءة الاختراع أن يكون قابلا للتطبيق الصناعي، وهذا يعني أن البراءة لا تمنح إلا للاختراعات القابلة للاستغلال في مجال الصناعة. مثل: اختراع سلعة أو آلة أو مادة كيميائية معينة.
ويعتبر الاختراع قابلا للتطبيق الصناعي، إذا كان موضوعه قابلا للصنع أو الاستخدام في أي نوع من الصناعة
أما الأفكار المجردة والنظريات العلمية البحثة فهي لا تحمي في ذاتها عن طريق البراءة وكذالك الاكتشافات المتعلقة بالطبيعة وقوانينها والمعادلات الحسابية أو الرياضية مهما كانت القيمة العلمية لهذه الأفكار والنظريات العلمية الجديدة ومهما بدل في سبيل التوصل إليها من مجهودات وأبحاث إذ يلزم لكي يكون الاختراع مؤهلا للحماية أن يتضمن تطبيقا لهذه الأفكار أو النظريات العلمية عن طريق تصنيع منتح جديد أو طريقة صناعية جديدة . .
ولتوضيح ذلك نذكر على سبيل المثال واقعة اكتشاف اينشتين لقانون الطاقــــــــة E = MC2
هذا الاكتشاف لا يحمى عن طريق براءة الاختراع لأنه مجرد اكتشاف لقانون من قوانين الطبيعة. أما من يبتكر طريقة صناعية جديدة لتوليد الطاقة الذرية أو لقياسها لتطبيق قانون اينشتين فإن اختراعه يكون قابلا للحماية عن طريق البراءة.
وهذا يعنى أن البراءة تمنح للمنتج الصناعي ذاته أو طريقة تصنيعه ولا تمنح عن الفكرة النظرية أو المبدأ العلمي .
وهذا فعلا ما أكدته المادة 7من الأمر 07-03حيث أحرجت مجموعة من فئة الاختراع :ذلك أننا لو تأملناها جيدا لوجدناها غير قابلة للتطبيق الصناعي.
وما نلاحظه أن المشرع الجزائري وضح فكرة التطبيق الصناعي في أنها: إذا كان موضوع الاختراع قابلا للصنع أو الاستخدام في أي نوع من الصناعة كما سبق ذكر ذلك أي انه أخرج من فكرة التطبيق الصناعي قابلية الاختراع للتطبيق على مجالات الفلاحة وهذا ما ذكره في المادة 4من المرسوم التشريعي 17-93 وبما إن الأمر 03-07 يعد لاغيا المرسوم السابق الذكر، نستنتج بمفهوم المخالفة ضرورة إخراج فكرة التطبيق الصناعي على الفلاحة.
تعتبر هذه الشروط الموضوعية سالفة الذكر شروط يكاد يكون متفقا عليها عالميا.
المطلب الثاني :الشروط الشكلية(إجراءات طلب الحصول على البراءة)
يتوجب على كل مخترع اجرءات دقيقة للحصول على البراءة، يتقدم دوما طالب الحصول على براءة الاختراع لدي الهيئة المكلفة بحماية الملكية الصناعية وهيئة برءات الاختراع في كل دولة ،وهدا طبقا للمادة 12ف 1من اتفاقية باريس أين التزمت كل الدول الموقعة على إنشاء مصلحة أو هيئة خاصة بالملكية الصناعية ومكتب يسمح للجمهور بالاطلاع على براءات الاختراع والنماذج الصناعية والعلامات التجارية والصناعية ، ويقوم بهده المهام في الجزائر المعهد الوطني للملكية الصناعية INAPI
وتشمل الجهة التي تقوم بإيداع الطلب المخترع نفسه وهذا ما تنص عليه المادة 20من الأمر 07-03حيت أوجبت على كل من يرغب في الحصول على براءة اختراع أن يقوم بتقديم طلب كتابي صريح إلى المصلحة المختصة.
ويتوجب على المخترع( شخص طبيعي، تنظيم، مؤسسة) الذي يريد حماية اختراعه في الجزائر إيداع طلبه لدى الهيئة المختصة INAPI وهو يأخذ شكل مطبوعة مكتوبة حسب المقاييس تفرضها هذه الهيئة و يتضمن طلب البراءة ما يلي:
1. استمارة طلب ووصف للاختراع أو عدد من المطالب ورسم أو عدد من الرسومات عند اللزوم ووصف مختصر .
2. وثائق إثبات تسديد الرسوم المحددة.
ويحدد كيفيات تطبيق أحكام هذه المادة عن طريق التنظيم الذي صدر في شكل مرسوم تنفيذي رقم 275-05 ، حيث جاء في المادة 3: <<يتضمن طلب البراءة الوثائق التالية:
1. طلب التسليم يحرر على استمارة توفرها مصلحة المختصة .
2. وصف الاختراع ،المطلب أو المطالب رسوما ت إذا كانت ضرورية لفهم الوضع ومختصر وصفي لا يتجاوز محتواه 250 كلمة يجب أن تقدم هذه الوثائق في نسختين وتحرر باللغة الوطنية ، و يمكن المصلحة المختصة أن تطلب ترجمة لهذه الوثائق في أي لغة أخرى .
3. وصل دفع أو سند دفع رسوم الإيداع و النشر .
4. وكالة الوكيل ، في حالة ما إذا كان المودع ممثلا من طرف الوكيل تحرر وفقا للمادة 8أدناه .
5. وثيقة الأولوية ووثيقة التنازل عن الأولوية في حالة ما إذا كان المودع شخصا آخر غير صاحب المطلب السابق الطالب به.
6. تصريح بثبت حق المودع أو المودعين في براءة الإختراع يحرر وفقا للمادة 9 أدناه. >>
واشترطت المادة 4 من نفس المرسوم أن يتضمن طلب التسليم المعلومات الآتية:
1. اسم المودع ولقبه وجنسيته وعنوانه وإذا كان الأمر يتعلق بشخص معنوي اسم الشركة وعنوان مقرها على أن لا يكون عنوانا عسكريا أو عنوان البريد الماكث و إذا شمل إيداع عدد من الأشخاص مشتركين يطلب من كل و احد منهم تقديم البيانات المنصوص أعلاه .
2. اسم وعنوان الوكيل للقيام إن وجد المخول له بالإيداع وكذا تاريخ الوكالة المذكورة في المادة أدناه.
3. عنوان الإختراع ،أي تسميته المدققة و الموجزة على أن لا تكون تسمية مستعارة أو اسم شخص ، أو أي تسمية قد تشكل علامة صنع أو علامة تجارية أو تحدث لبسا مع أي علامة .
4. و عند الاقتضاء تسمية المخترع أو المخترعين.
5. و عند الضرورة، البيانات المتعلقة بمطلب الأولوية لإيداع أو مجموعة إيداعات سابقة.
6. البيانات المذكورة في المادة 28 ( الفقرة الثانية ) أدناه في حالة وجود عدة طلبات ناتجة عن انقسام طلب أولي.
7. قائمة المستندات المودعة، تبين عدد صفحات الوصف و عدد لوحات الرسوم، و كذا الوثائق الملحقة بها و المتعلقة بالأولوية.
و في حالة ما إذا تم الإيداع باسم عدة أشخاص ينبغي أن يتضمن الطلب على الأقل إمضاء أحدهم.
و في حالة ما إذا أراد مالك البراءة أو ذوي الحقوق إدخال تغيرات أو تحسينات أو إضافات على إختراعه (وهذا حسب المادة 15من الأمر 07-03) فيجب عليه حسب المادة 6 من المرسوم التنفيذي 275-05أن يقدم رقم تاريخ الإيداع وعند الإقتضاء رقم البراءة الأصلية.
و في حالة ما إذا غير رأيه صاحب طلب الإضافة و أراد تحويل طلبه إلى طلب براءة و هذا قبل أن يسلم للمصلحة المختصة تصريحا وهو محرر لهذه الغاية مصحوب ببيان إثبات تسديد الرسم ويبين في هذا التصريح تاريخ ورقم الإيداع وعنوان الاختراع
وفي حالة ما إذا كان الأمر متعلق بشخص معنوي يبين اسم الشركة (المادة 8 ( ويجب أن تكون الوكالة مؤرخة وممضاة من طرف صاحب الطلب ، إذا كان الأمر المتعلق بشخص معنوي يبينإسم شركته وعنوان مقرهاتكون هذه الوكالة مؤرخة و ممضاة من طرف صاحب الطلب و إذا كان الأمر يتعلق بشخص معنوي تبين صفة صاحب الإمضاء.
و في حالة إيداع طلب يتضمن المطالبة بالأولوية لإيداع سابق أو عدة إيداعات سابقة يجب أن يتضمن الوكالة التصريح المنصوص عليه في الماذة 5اعلاه.
هذا و أضافت المادة 9من نفس المرسوم انه في حالة ما إذا تم الإيداع بشخص آخر غير مخترع يجب إن يتضمن التصريح المذكور في المادة 10من الامر03-07 إسم و عنوان 'المخترع و الشخص أو الأشخاص المرخص لهم بالاستفادة من الحق في براءة الاختراع.
إضافة إلى هذه الشروط المحددة سواء في الأمر 07-03 أو المرسوم التنفيذي رقم 275-05 فقد حدد المعهد الوطني الجزائري الملكية الصناعية الفكرية إن يتضمن طلب براءة اختراع الوثائق التالية وهي الوثائق نفسها المذكورة في المادة 03 سالفة الذكر ولكن بمزيد من التفصيل ) :
1. طلب الحماية في 5نظائر في المطبوعات الموزعة من قبل (INAPI) أو المتوفرة على مصلحة المعلومات
2. وصف واضح للاختراع باللغة الوطنية مترجمة بلغة الفرنسية (في نظيرين) ويجب أن توصف المميزات الأساسية للاختراع موضوع طالب الحماية
3. وصف مختصر للاختراع في نص لا يتجاوز 15سطرا
4. وصل تسديد أو الشيك المسطر باسم INAPI بمبلغ 7400.00للإيداع الأول بقيم 5000د.ج ورسم للنشر بقيمة 2400 د.ج.
تفصل عملية ايداع طلب البراءة ومنحها فترة (عادة 18شهرا ) يتم خلالها دراسة الطالب على الممتحن او عدة ممتحنين لابداء آراءهم فيه ، هؤلاء الممتحنين هم مختصون في مجالات التكنولوجيا التي يتبعها الاختراع وخضعوا لتكوين في مجال براءة الاختراع ، ودور الممتحن يقتصر في الحكم على جدة الاختراع .على توفر ميزة الاختراعية في الاختراع وبمقارنة موضوع ادعاءات صاحب الطلب مع الحالة التقنية للمنشور إلى انه يوم الإيداع يتم بعد ذالك منح رموز للاختراع كما في المقدمة.
و يجب إن نشير إلى أن هناك بلدان لا تقوم بإجراء فحص دقيق للبراءة ، و دول أخرى تقبل قرار سلطات ممتحنة أو فاحصة أخرى ، مثل بلجيكا التي تمنح البراءة تلقائيا أو مع الفحص البسيط ( أي في أدنى المستويات ) إذا منحت براءة على نفس الإختراع في الو. الم. الأ ، الاتحاد الأوربي أو اليابان .
إن عملية ايداع طلب البراءة شرط ضروري وجوهري للحصول على البراءة ، هذا ما دفع معظم الدول المتقدمة إلى إحداث طريقة جديدة لهذا الإيداع ألى وهي : الإيداع الإلكتروني و التي أصبحت تمثل 26.5من أجمال طلبات الإيداع العالمية في الدول المتقدمة ولكن هذه الطريقة لم نجدها في الجزائر
Electronic filing accounts for more than 26.5% of applications filed in 2006.
مما سبق نستنتج أن الشروط الشكلية(اجرءات طلب الحصول على البراءة) معقدة للغاية لذلك ينصح باللجوء إلى محامي مختص في مجال حقوق الملكية الفكرية بصفة عامة ، و في مجال براءة الإختراع بصفة خاصة ، لذلك عمدت مختلف التشريعات الدولية( ومنها المشرع الوطني) إلى إنشاء معاهد خاصة بهذا المجال ، وإلى إنشاء مواقع تعطي إستشارة في هذا المجال مثل INAPI- INPI-USPTO
الفصل الثاني: الحماية القانونية لبراءة الإختراع
يترتب على منح براءة الإختراع لشخص معين بالذات أو عدة أشخاص ، تملك هذه البراءة و التمتع بجميع الحقوق المترتبة على ملكيتها من حق احتكار استغلالها
و التصرف فيها بكافة أنواع التصرفات القانونية .
و في المقابل تضع التزاما على الكافة بعدم الإعتداء على حق صاحب البراءة، و قد درج الفقه على تقسيم الحماية القانونية المخصصة لبراءة الإختراع إلى حماية داخلية ( وطنية ) تتمثل في الدعاوى المدنية و الجنائية ( المبحث الأول ) ، و إلى حماية خارجية ( دولية ) تكفلها الاتفاقات الدولية ( المبحث الثاني )، إضافة إلى هذا لا ننسى دور القضاء في تكريس هذه الحماية القانونية ( المبحث الثالث ).
المبحث الأول: الحماية الداخلية ( الوطنية).
أقر المشرع الجزائري صراحة بحق مالك البراءة في احتكار استغلالها لمدة محدودة ، ولحماية صاحب البراءة نص المشرع الجزائري على عقوبات مدنية، وأخرى جزائية في حالة الإعتداء : دعوى جزائية ترفع أمام المحاكم الجزائية، وأخرى مدنية ترفع أمام المحاكم المختصة.
على هذا الأساس نتناول موضوع الحماية في مطلبين :
المطلب الأول: الحماية المدنية.
المطلب الثاني: الحماية الجزائية.
المطلب الأول :الحماية المدنية لبراءة الاختراع
إذا سلك صاحب البراءة الطريق المدني فانه يستفيد من دعويين مدنيتين:
• دعوى الاعتداء على البراءة
• دعوى المنافسة غير المشروعة
ونتناول كل من هاتين الدعويين على التفصيل الآتي :
الفرع الأول: دعوى الاعتداء على البراءة (دعوى التقليد المدنية).
يعطي القانون لصاحب البراءة حقا قبل الكافة إن ورد على حقه المانع (droit privatif) اعتداء ولو كان غير مصحوب بسوء نية وهي وسيلة حماية هذا الحق. والشرط الجوهري لقيام دعوى الاعتداء على الحق هو وجود هذا الحق وتكامل عناصره فيجب أن يقوم المخترع بتسجيل طلب براءة الاختراع للاستفادة من الحق في هذه الدعوى ، فتسجيل الطلب كاف للجوء للقضاء واستعمال هذه الدعوى ولو لم تصدر البراءة وهذا ما تنص عليه المادة 57من الامر 07-03 " استثنى من ذلك الوقائع السابقة لتسجيل طلب براءة الاختراع والتي تحدث بعد تبليغ المقلد المشتبه به بواسطة نسخة رسمية لوصف البراءة تلحق بطلب براءة الاختراع " ففي هذه الحالة لو قام شخص بتقليد الاختراع بالرغم من أن المخترع لم يقم بتسجيل طلب براءة اختراع وقام المخترع بعد علمه بهذا الاعتداء المقلد المشتبه به بواسطة نسخة رسمية لوصف البراءة تلحق بطلب براءة الاختراع فيستفيد المخترع (صاحب البراءة ) من الحق في اللجوء إلى هذه الدعوى بالرغم من أن الإعتداء كان سابقا لطلب التسجيل وقد حدد المشرع أفعالا على سبيل الحصر لا يجوز للغير القيام بها ذلك لأنها تعد مساسا بالحقوق الاستئثارية لمالك البراءة و هذا ما نصت عليه المادة 58 بقولها " يمكن لصاحب الاختراع رفع دعوة قضائية على كل شخص قام أو يقوم بإحدى الأعمال حسب مفهوم المادة 56 أعلاه"بالرجوع إلى المادة 56نجدها بدورها قد أحالت على المادة11 لمعرفة الأعمال التي تشكل اعتداءا على حقوق مالك البراءة ، إذا نصت:<< مع مراعاة المادة 14 أدناه تخول براءة الاختراع لمالكها الحقوق الاستئثارية الآتية :
1. في حالة ما إذا كان موضوع الاختراع منتوجا يمنع الغير من القيام بصناعة المنتوج أو استعماله أو بيعه أو استيراده لهذه الأغراض دون رضاه .
2. اذا كان موضوع الاختراع طريقة صنع يمنع استعمال نفس طريقة صناعة المنتوج أو عرضه للبيع أو استيراده دون رضاه .>>
فمتى ارتكب أي احد الأفعال التي نص عليها المشرع على سبيل الحصر في المادة سالفة الذكر يستفيد صاحب البراءة من حق متابعته مدنيا على أساس دعوة التقليد المدينة هذه الدعوى على غرار دعوى المنافسة غير المشروعة لا يشترط تحقيق الضرر والعلاقة السببية ، فبمجرد ارتكاب احد الأفعال المنصوص عليها في المادة 11 يحق لمالك البراءة المطالبة بالتعويض و/ أو وقف الأعمال.
وقد بدأت هذه الدعوى جنائية في أصلها التاريخي ، و هي دعوى التقليد الجنائية . و إذا كان لكل من تقع عليه جريمة جنائية الحق في أن يطالب فاعلها بالتعويض أمام القضاء الجنائي تبعا للدعوى الجنائية أو أمام القضاء المدني بدعوى أصلية فقد ظهرت دعوى التقليد المدنية واستقر القضاء على وحدة التقليد في الدعويين الجنائية والمدنية مع هذا الفارق وهو أنه لما كان التقليد الجنائي جريمة عمدية قد تحكم المحكمة بالبراءة لعدم توفر القصد الجنائي و مع ذلك لا تنقضي دعوى التعويض إذ يمكن تأسيسها على المنافسة غير المشروعة كما سيأتي لاحقا .
وترفع دعوى التقليد من صاحب الحق المتعدي عليه ضّّّّّّذ من يتعدى على هذا الحق بإحدى الصور التي ورد النص عليها في القانون واعتبرها المشرع من قبل التقليد أو الإعتداء المعاقب عليه جنائيا.
وإذا رفعت دعوى التقليد أمام المحكمة الجنائية ثم تبين أن الأفعال موضوع الدعوى لا تكون جريمة جنائية ولا تدخل تحت معنى التقليد الجنائي وأنها مجرد منافسة غير مشروعة أي خطأ مدني فلا يجوز للمحكمة الجنائية أن تقضي في موضوع الدعوى لتبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية أمام القضاء الجنائي وإنما تقضي بعدم قبولها ،والحكم الصادر بعدم توفر أركان الجريمة التقليد من المحكمة الجنائية ،و عدم قبول الدعوى المدنية لا يمنع من رفع دعوى أخرى مدنية على أساس المنافسة غير المشروعة ولا محل هناك للإحتجاج بحجية الأمر المقضي لأن الدعويين وإن إتحدتا في الموضوع فقد إختلفتا في السبب .
ولو أننا نجد بعض الشراح لا يفرقون بين دعوى الإعتداء على براءة الإختراع و دعوى المنافسة غير المشروعة لذلك يصفون دعوى المنافسة غير المشروعة بأنها أقرب إلى دعاوى الملكية منها إلى دعوى المسؤولية المدنية وفى ذلك يقول ريبار(Ripert) عن دعوى المنافسة غير المشروعة أنها ليست مجرد دعوى مسؤولية تقصيرية ولكنها دعوى عينية حقيقية تهدف إلى الدفاع عن ملكية المال
( Il ne faut pas considérer seulement cette action comme une forme de l'action en responsabilité délictuelle c'est une véritable action réelle destinée à la défense de la propriété du fonds.)
وبعد استقرائنا لنصوص المواد من56-60 نستنتج أن المشرع الجزائري تبنـــى –و لو لم يقل ذلك بصراحة– دعوى التقليد المدنية، ذلك أنه لم يشترط توفر ركنا الضرر والرابطة السببية (والتي يجب توفرهما في المنافسة غير المشروعة )،وإنما إقتصر على توفر ركن الخطأ الذي يتمثل في عمل من الأعمال المنصوص عليها في المادة 11.
نتيجة رفع دعوى التقليد المدنية :
تنص المادة 58 /2 : << إذا أثبث المدعي ارتكاب إحدى الأعمال المذكورة في الفقرة أعلاه فإن الجهة القضائية المختصة تقضي بمنح التعويضات المدنية و يمكنها الأمر بمنع مواصلة هذه الأعمال و اتخاذ أي إجراء آخر منصوص عليه في التشريع الساري المفعول .>>
و عليه تتمثل نتيجة هذه الدعوى في إما :
• التعويض .
• إيقاف الاستمرار في التقليد .
وتتناول كل منهما على التفصيل الآتي:
أولا: التعويض
نصت المادة 58/2 على التعويض ولكنها لم تحدده بل جاء بصفة عامة أي انه تترك السلطة التقديرية للقاضي في تحديده وبالرجوع إلى المرسوم التشريعي 93-17 نجده لم ينص على كيفية تحديد التعويض ومقداره؛غير أنه بالجوع إلى الأمر 66-54 المتعلق بشهادة المخترعين وبراءات الاختراع نجده نص في المادة 66 على:<< يجوز الحكم ولو في حالة التبرئة على المقلد أو المخفي والمدخل أو البائع بحجز الأشياء المحقق من تقليدها وعند الاقتضاء وبحجز الأدوات والأواني المعدة خصيصا لصانعها.
و يجوز تسليم الأشياء المحجوزة إلى صاحب الإجازة و ذلك مع عدم الإخلال بما قد يستحق من تعويض أكثر من نشر الحكم عند الاقتضاء."
و من هذا النص يتبين بأن المشرع قد أقر صراحة تعويض الضرر المادي الذي يصيب صاحب براءة الاختراع. غير أنه في النص الحالي لم ينص المشرع على مثل هذه المادة التي كانت صريحة و مباشرة و عليه نرى بأن صاحب براءة للاختراع يمنح التعويض وفقا للقواعد العامة.
ثانيا: وقف الأعمال.
الجزء الطبيعي لدعوى التقليد هو عادة وضع حد للأعمال التي تشكل تقليدا و أن المنطق يفترض أن تحكم المحكمة بإزالة العمل غير المشروع تأكيدا للقاعدة الفقهية (الضرر يزال ) و وقف العمل غير مشروع لا يعني إزالة الحرفة بصفة نهائية لأن ذلك لا يكون إلا في حالة المنافسة الممنوعة ، و إنما يقصد بذلك أن تقوم المحكمة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استمرار الوضع غير القانوني.
و بالرجوع إلى الأمر 03-07 نجده لم ينص على أي إجراء لمنع مواصلة الأعمال المحددة في المادة 11. غير أنه بالرجوع إلى الأمر 66-54 السالف الذكر يبدوا لنا من المادة 66 السابقة أنه للمحكمة أن تحجز الأشياء المحقق من تقليدها و الأدوات و الأواني المعدة خصيصا لصناعتها ، وهذا ما يدل على أن المشرع قد انتبه إلى حالة الاستمرار فأراد إيقافها عن طريق حجز هذه الأدوات والقوالب الخاصة بالتقليد .
و لا ندري ما الحكمة من إلغاء هذه المادة في القوانين الجديدة الخاصة ببراءة الإختراع ، و عدم استبدالها على الرغم من صراحتها و فائدتها الجمة .
الفرع الثاني: دعوى المنافسة غير المشروعة
إذا كان المبدأ العام يعطي لمن تقع عليه جريمة جنائية الحق في أن يطالب فاعلها بالتعويض أمام القضاء الجنائي تبعا للدعوى الجنائية , و أمام القضاء المدني بدعوى أصلية , و في كلتا الحالتين يجب توفر شرط الأدانة
و المسؤولية وفقا للقواعد العامة تقوم على أساس القاعدة القانونية القائلة "كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض"
وهذا ما يسمى بالمسؤولية التقصيرية التي توجب على من أحدث ضررا بسبب خطأه أن يصلح ما أخطاه عن طريق التعويض
غير أن هذه المسؤولية اصطلح عليها في قوانين التجارة بما يسمى بالمنافسة غير المشروعة , إذا ارتكب الشخص خطأ أدى إلى الإضرار بنظيره التاجر . و عليه نتعرض فيما يأتي إلى مفهوم المنافسة غير المشروعة ثم إلى الأساس القانوني لها,ثم إلى أركانها وأخيرا للنتيجة المترتبة على هذه المنافسة غير المشروعة .
أولا : تعريف المنافسة غير المشروعة
المنافسة غير المشروعة لا تكون إلا بين شخصين يمارسان نشاطا مماثلا أو على الأقل متشابها , و تقدير ذلك متروك للقضاء , على أن وجود المنافسة في حد ذاتها لا يكفي أي تترتب المسؤولية ,بل يجب أن يتحدد الخطأ مع المنافسة بمعنى أن تكون هناك منافسة غير مشروعة وأن تتركز هذه المنافسة على خطأ من قام بها
و قد قدم الفقه تعريفات عديدة للمنافسة غير المشروعة ,نذكر منها على سبيل المثال:- فيعرفها الأستاذ شكري أحمد السباعي بقوله" التزاحم على الحرفاء أو الزبناء عن طريق استخدام وسائل منافية للقانون أو الدين أو العرف أو العادات أو الإستقامة التجارية أو الشرف المهني "
-و عرفها محمد المسلومي : " هي التي تتحقق باستخدام التاجر وسائل منافية للعادات و الأعراف و القوانين التجارية و المضرة بمصالح المنافسين و التي من شأنها التشويش على السمعة التجارية و إثارة الشك حول جودة منتجاته لنزع الثقة من منشآته أو وضع بيانات غير صحيحة على السلع بهدف تضليل الجمهور "
و قد عرفها محمد محبوبي بأنها :"كل عمل مناف للقانون و العادات والأعراف والاستقامة التجارية و ذلك عن طريق بث الشائعات والإدعاءات الكاذبة التي من شأنها تشويه السمعة التجارية لمنافس أو استخدام وسائل تؤدي إلى اللبس أو الخلط بين الأنشطة التجارية و ذلك بهدف اجتذاب زبناء أو صناع منافس"
و يجب الإشارة إلى أن المنافسة تعتبر عملا ضروريا و مطلوبا في ميدان النشاط التجاري متى كانت في حدودها المشروعة , أما إذا انحرفت عن هذه الحدود بأن تحولت إلى صراع بين التجار يحاول كل منهم جلب عملاء غيره من التجار و إلحاق الضرر بهم بوسائل غير مشروعة ,فانه تصبح واجبا للمحاربة و يكون ضررها أكبر من نفعها .
مع الإشارة إلى أن هناك اختلاف بين المنافسة غير المشروعة و المنافسة الممنوعة هذه الأخيرة هي تلك التي يحرمها القانون بنص خاص أو عن طريق اتفاق الأطراف.
ولا يشترط لإعتبار الفعل المكون للمنافسة غير المشروعة أن يكون مرتكبه متعمدا أو سيئ النية بل يكفي أن يكون منحرفا عن السلوك المألوف للشخص العادي حتى يعتبر خطأ موجبا للمسؤولية أساسا لدعوى المنافسة غير المشروعة وهذا ما سنتعرض له فيما بعد(شروط المنافسة غير المشروعة ) .
ثانيا: الأساس القانوني للمنافسة غير المشروعة.
لقد ثار جدل فقهي حول الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة فهناك من يعتبر العمل غير المشروع خطأ يلزم مرتكبه بتعويض الضرر الحاصل للغير شريطة أن يثبت هذا الأخير شروط هذه الدعوى من خطأ أو ضرر و علاقة بسبيبة , بينما ارتكز منتقدوا هذه النظرية على كون دعوى المنافسة غير المشروعة ترمي إلى أبعد مما ترمي اليه دعوى المسؤولية التقصيرية اذ أنه إذا كانت هذه الأخيرة تهدف إلى تعويض الضرر فان دعوى المنافسة غير المشروعة ترمي بالإضافة إلى ذلك اتخاذ تدابير وقائية مستقبلا.
بينما يرى البعض الآخر أن أساس هذه الدعوى ليس عملا تقصيريا بل أساسها مستمد من الحق المانع الإستئثاري الذي يتمتع به صاحب الحق بحيث أن هذه الدعوى تقترب من دعاوى الحيازة.
و يمكن تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة على نص المادة 124 من القانون المدني الجزائري والتي تعتبر الأصل العام :"كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضرر للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض "وإذا كان الاختراع معدا للتسويق التجاري أو يستعمله التاجر في نشاطه التجاري فيمكن أن نجد أساسا آخر لدعوى المنافسة غير المشروعة على أساسها التجاري فنصت المادة 6 من الأمر 95-06المؤرخ في 23شعبان1415الموافق ل 25يناير1995و المتعلق بالمنافسة .حيث نصت "تمنع الممارسات و الأفعال المدبرة و الاتفاقيات الصريحة أو الضمنية عندما تهدف إلى عرقلة أو الحد والإخلال بحرية المنافسة في سوق ما..."
ثالثا : شروط دعوى المنافسة غير المشروعة .
يشترط لقبول دعوى المنافسة غير المشروعة أن تكون منافسة أولا ، ثم أن تكون هذه المنافسة غير مشروعة و أن يكون ثمة ضرر بحق المعتدي المدعي ، و يفترض القضاء وقوع الضرر مادامت المنافسة غير مشروعة من غير حاجة إلى إثباته و إجمالا لا يؤسس القضاء دعوى المنافسة غير المشروعة على قواعد المسؤولية التقصيرية ، فقد ذهب العميد (Ripert )إلى أن تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة على قواعد المسؤولية التقصرية أمرا أصبح لا يستقيم مع الإعتراف للتاجر بحقوق الملكية التجارية و الصناعية لأن هذه الملكية تتطلب حماية هذه الحقوق بدعوى خاصة تحمي الملكية المادية بدعوى الاستحقاق . ولقيام المنافسة غير المشروعة يشترط توفر أركان ثلاثة مثلها مثل المسؤولية التقصيرية:
1. الخطأ:
يجب أن يتوفر الخطأ في المنافسة غير المشروعة , و بعكسه لا يمكن إقامة هذه الدعوى على شخص لم تكن له يد في الضرر الذي أحدثه لصاحب البراءة فلا يمكن مساءلة شخص لم يرتكب خطأ .
و الخطأ هو ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه و ذلك من غير قصد ولا إحداث ضرر .
يتبين أن شرط الخطأ من أهم شروط المنافسة غير المشروعة و ذلك أنه حسب الأستاذ "عبد الله درميش" إذا كان الأصل في المنافسة في ميدان التجارة و الصناعة حق مشروع فإنه يتعين معرفة متى يعتبر الخطأ مستوجبا للمسؤولية , مما يجعل معه صعوبة في تحديد معنى الخطأ في مجال التجارة و الصناعة ,حيث يصعب وضع حد فاصل بين ما يعتبر مشروعا وما لا يعتبر مشروعا . و يمكن اعتبار العادات التجارية و المهنية لنوع التجارة و مبادئ الأمانة و الشرف والاستقامة المتعارف عليها معايير لتحديد مشروعية المنافسة من عدمها.
و يفترض في من يرتكب خطأ أنه قام بتقليد اختراع لا لأجل القضايا العلمية أو للاستغلال الشخصي في المختبرات ,و إنما قيامه بالبيع و كسب عملاء صاحب براءة الإختراع , بحيث يترتب على هذه الأعمال جذب الجمهور و منافسة صاحب حقوق البراءة بطرق غير قانونية.
هذا ويمكن الإشارة أن القواعد العامة في الخطأ تقتضي توفر ركنين في الخطأ:
• ركن مادي:و هو التعدي و مقياسه موضوعي لا ذاتي.
• ركن معنوي: و هو الإدراك ذلك أن هذا الأخير هو مناط المسؤولية .
ومن الجدير بالذكر في هدا المقام أن المشرع في الأمر رقم 03-07 لم يحدد ما يعتبر خطأ على عكس دعوى التقليد المدنية والتي حددها على سبيل الحصر في المادة 11من نفس الأمر (كما سبق الإشارة إلى ذلك) وبالتالي نري أن المشروع قد أخضع هذه الدعوى إلى القواعد العامة.
2. الضرر :
ذهب معظم الفقه إلى أنه لا يكفي لدعوى المنافسة غير المشروعة توفر ركن الخطأ وحده،وإنما يجب أن يترتب على الخطأ ضرر يصيب المدعي ،ولذلك يجب عليه إثبات الضرر وبدون ركن الضرر لا يمكن أن توجد دعوى المنافسة غير المشروعة، ولا يشترط في الضرر حسب الفقه أن يكون جسيما أو طفيفا وإنما يعتبر هذا الركن متوفرا حتى لو كان الضرر طفيفا .
ويتمثل الضرر في مجال المنافسة غير المشروعة في فقد التاجر لزبائنه ضحية لأعمال غير مشروعة ،وإذا كان إثبات الضرر في إطار القواعد العامة يكون بكافة وسائل الإثبات فإنه في ميدان حقوق الملكية الصناعية يتم إثبات الضرر الناتج عن الاعتداء على الحق المالي طبقا للقواعد العامة .
وأخيرا فإن تقدير الضرر بكل دقة في دعوى المنافسة غير المشروعة يكون جد صعب نتيجة وجود عناصر مساعدة على ذلك ،لهذا كثيرا ما تقدر المحاكم النصوص تقديرا جزافيا مما يخرجنا من دائرة المسؤولية المدنية إلى نطاق العقوبة المدنية التي لا يرتبط فيها الجزء بقيام الضرر ولا بمقداره.
رابعا :أطراف دعوى المنافسة غير المشروعة .
إن أطراف دعوى المنافسة غير المشروعة هما: المدعي و المدعى عليه.
الطرف الأول:المدعي:هو كل شخص لحقه ضرر من عمل المنافسة غير الشرعية , و في حالة تعدد المتضررين أمكن رفع هذه الدعوى من طرف كل متضرر على حدا أو من طرف مجموع المتضررين إذا كانت تجمع بينهم مصلحة مشتركة.
و يحق أيضا للشخص الطبيعي و المعنوي رفع دعوى المنافسة غير المشروعة
الطرف الثاني : المدعى عليه : هو كل شخص مرتكب للفعل الضار أو مسؤول عنه ، و قد يكون شخصا ذاتيا أو شخصا معنويا ، و في حالة التعدد يمكن توجيه دعوى المنافسة غير المشروعة ضدهم جميعا بصفة تضامنية .
و إذا رفعت الدعوى على الشخص المعنوي ، فانه يتحمل المسؤولية المدنية التي تقع و يؤديها من ماله و مساءلة الشخص المعنوي تكون بطريق غير مباشر ، وذلك عن الأعمال التي يرتكبها ممثله على أساس مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه ، كما إذا قوضيت شركة لمنافسة غير شرعية أو لتقليد الاختراع بناء على قرار صادر من إحدى هيئات كمجلس إدارة الشركة أو جمعيتها العامة.
و ترفع الدعوى على كل من اشترك في تنفيذ هذه الأعمال إذا كان سيئ النية و لا يمكن أن ترفع هذه الدعوى من غير صاحب البراءة أو خلفه .
خامسا : نتيجة دعولى المنافسة غير المشروعة.
كما سبق القول فإنه يجب إخضاع هذه الدعوى إلى القواعد العامة و عليه تتمثل نتيجة هذه الدعوى في إما:
• التعويض
• إيقاف الاستمرار في المنافسة غير المشروعة ونتناول كل منهما على التفصيل الأتي
أولا: التعويض:
نرى بأن صاحب براءة للاختراع يمنح التعويض وفقا للقواعد العامة.
ثانيا: وقف الأعمال.
الجزاء الطبيعي للمنافسة غير المشروعة هو عادة وضع حد للأعمال التي تشكل منافسة غير مشروعة و أن المنطق يفترض أن تحكم المحكمة بإزالة العمل غير المشروع تأكيدا للقاعدة الفقهية (الضرر يزال ) و وقف العمل الغير مشروع لا يعني إزالة الحرفة بصفة نهائية لأن ذلك لا يكون إلا في حالة المنافسة الممنوعة ، و إنما يقصد بذلك أن تقوم المحكمة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استمرار الوضع غير القانوني .
المطلب الثاني : الحماية الجزائية لبراءة الإختراع.
نصت المادتين 61 ،62 من الأمر 03-07 على حماية جزائية لبراءة الإختراع ، بأن جعلت التعدي عليها يشكل جريمة يعاقب عليها القانون .
ويمكن رد صور الأفعال التي تشكل تعديا على الحق في براءة الإختراع إلى ما يلي: - جنحة تقليد اختراع موضوع براءة
• جريمة بيع أشياء مقلدة.
• جريمة بيع أشياء مقلدة أو عرضها للبيع.
• جريمة إخفاء شيء مقلد .
و نلاحظ بأن المشرع الجزائري من خلال الأمر 03-07 تبنى جرائم جديدة لم يتبناها سواء في المرسوم التشريعي 93-17 أو الأمر 66-54 أين كان ينص فيهما على جنحة التقليد فقط.
و سأتناول بيان كل جريمة من هذه الجرائم على التوالي:
الفرع الأول: جريمة تقليد الاختراع
التقليد بوجه عام هو عكس الابتكار. إذ هو محاكاة لشيء ما, و المقلد ناقل عن المبتكر و التقليد في الأصل لا يشكل جريمة و لكنه يصبح كذلك إذا كان فيه تعد على حقوق تتمتع بحماية القانون, كما هو الحال في حقوق صاحب براءة الاختراع.
و يتم التقليد عن طريق قيام الفاعل عمدا بارتكاب أحد الأفعال المحددة في مفهوم المادة56.
و قبل التعرض إلى جنحة التقليد عن طريق بيان أركانها و نظامها القانوني نتعرض أولا إلى تمييز جنحة التقليد عن بعض المفاهيم القريبة.
أولا: تمييز جنحة التقليد عن بعض المفاهيم القريبة
• وجوب عدم الخلط بين جريمة تقليد نموذج صناعي مع جريمة تقليد براءة اختراع
جريمة تقليد براءة الاختراع و جريمة تقليد نموذج صناعي: ليس فقط الأفراد يخلطون أحياناً بين الأنواع المختلفة للملكية الصناعية, فحتى بعض المحاكم تفعل ذلك أحياناً, وهذا ما اضطر محكمة النقض المصرية في قرار صادر عام 1965 إلى توجيه المحاكم الدنيا إلى وجوب عدم الخلط بين جريمة تقليد نموذج صناعي مع جريمة تقليد براءة اختراع, ومما جاء في القرار المذكور المتعلق بنموذج صناعي لصناعة الطرابيش:
"إتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم وآخر بأنهم في يوم 9 أغسطس سنة 1958 دائرة قسم الموسكى: أولا – قلدوا موضوع نموذج صناعي مسجل قانوناً. ثانياً: حازوا بقصد الاتجار منتجات القبعات المبينة بالمحضر عليها نموذج صناعي مقلد مع العلم بذلك. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و4 و37 و38 و39 و48/2-3 و57 و60 من القانون 132 لسنة 1949 واللائحة المرفقة. وقد إدعى........مدنياً قبل المتهمين متضامنين طالباً القضاء قبلهم بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح الموسكى تنازل المدعى المدني عن دعواه المدنية قبل المطعون ضده الرابع. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 18 مايو سنة 1961 عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين من التهمة المسندة إليهم ورفض الدعوى الدنية قبل المطعون ضدهم الثلاثة الأول وإثبات تنازل المدعى المدني عن دعواه المدنية قبل المطعون ضده الرابع مع إلزامه بمصروفاتها ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة لكل من المطعون ضدهم الثلاثة الأول فإستئناف المدعى بالحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة إستئنافية – قضت بتاريخ 2 ديسمبر سنة 1961 – حضورياً للثلاثة الأول وغيابياً للأخير بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه.وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعي المدني المصاريف المدنية الإستئنافية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ........ وقد توفى المطعون ضده الأول أثناء نظر الطعن وحل محله ورثته..... الخ.
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهم من جريمة تقليد نموذج صناعي مسجل قانوناً ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على أن القانون لا يحمي إلا الإبتكار الذي تمنح عنه براءة الإختراع – قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن التهمة المسندة إلى المطعون ضدهم ليست تقليداً لإختراع حتى يصح في شأنها ما ذهب إليه الحكم بل تقليد نموذج صناعي لها حكمها الخاص في القانون رقم 132 لسنة 1949.وحيث أن الدعوى الجنائية رفعت على كل من ......... – الذي توفى بعد صدور الحكم المطعون فيه وحل محله ورثته – و . . . . و . . . . و . . . . بوصف أنهم: أولاً- قلدوا موضوع نموذج صناعي مسجل قانوناً. ثانياً: حازوا بقصد الإتجار منتجات القبعات المبينة بالمحضر عليها نموذج صناعي مقلد مع علمهم بذلك,وطلبت النيابة عقابهم بالمواد 1 و4 و37 و38 و39 و48/2-3 و57 و60 من القانون رقم 132 لسنة 1949 واللائحة المرفقة به. وقد إدعى الطاعن مدنياً قبل المطعون ضدهم بتعويض مقداره 51 ج ثم تنازل عن مخاصمة المطعون ضده الرابع . . . . ومحكمة أول درجة قضت ببراءة المطعون ضدهم ورفض الدعوى المدنية. وإثبات تنازل الطاعن عن دعواه قبل المطعون ضده الرابع وإلزام الطاعن المصاريف المدنية. وإذ استأنفت النيابة والطاعن فقد قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام الطاعن المصاريف المدنية الإستئنافية.وحيث أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن استصدر تسجيل لرسومات ونماذج صناعية لقبعات تصنع من الخوص المصري ثم تبين أن المطعون ضدهم يقومون بتقليدها ويعرضونها للبيع, عرض لدفاع المطعون ضدهم وإلى تقرير إدارة الرسوم والنماذج وخلص إلى قضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية بقوله: "ومن حيث إن المشرع نظم الأحكام الخاصة ببراءات الاختراع من حيث الشروط الموضوعية الواجب توافرها في الإختراع وما يترتب على منح البراءة من حقوق.
ومن حيث إن المشرع عرف الإبتكار الذي يمنح عنه البراءة بأنه كل إبتكار قابل للإستغلال الصناعي سواء أكان متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أم بطريق أو وسائل ناعية مستخدمة أو بتطبيق جديد بطريق أو وسائل صناعية معروفة "المادة الأولى" فالشرط الواجب توافره في الاختراع الذي تمنح عنه البراءة هو شرط الجدة – ويعتبر عنصر الجدة متوافراً إذا لم يكن قد نشر عن الإختراع في مصر. ومن حيث إنه هدياً بهذه المبادئ يبين أن صناعة البرانيط التي تصنع من الخوص هذه الصناعة معروفة في مصر وفي الخارج من مئات السنين متداولة بين الكافة, منتف عنها عنصر الإبتكار. وحيث إنه متى تبين ذلك فإن الصناعة التي يقرر المدعي المدني – الطاعن – أنه حصل على براءة إختراعها لم يكن له فضل إبتكارها بل هي من الصناعات القديمة المنتشرة في مصر وفي الخارج من مئات السنين وأن صناعة الخوص بألوانه من الصناعات المنتشرة برشيد وتتناولها أيدي الصناع في هذه البلدة بالتهذيب والتطوير حتى بلغت صورتها الحالية التي جعلت منها صناعة صالحة لعمل القبعات . . . . وأن مجرد تسجيل براءة الاختراع لا يضفي على هذه الصناعة أي حماية نظراً لأنها من الصناعات التي ليس بها أي فكرة مبتكرة جديدة وإلا كان هذا مدعاة لنشر الاحتكار بأوسع معانيه فضلاً عن أن المحكمة لاحظت أن القبعات المقلدة ليس بها أي طابع مميز خاص, فإذا كانت لهذه القبعات طابع مميز لها لما سجل النموذج الذي يقول المدعي المدني وجرت وراءه النيابة على ذلك أنها قلدت – إذ أن المتهمين قدموا ما يدل على تسجيل القبعات التي قلدت". لما كان ذلك, وكان القانون رقم 136 لسنة 1949 قد عالج أحكام نوعين من التقليد, هما تقليد براءة الاختراع وتقليد الرسوم والنماذج الصناعية وبينت نصوصه ماهية كل منهما, وكانت واقعة الدعوى هي تقليد نموذج صناعي مسجل وليست تقليد براءة الاختراع, فإن الحكم إذ أقام قضاءه على ما تحدث به فيما سلف إيراده عن تقليد براءة الاختراع – يكون قد خلط بين نوعي التقليد رغم اختلاف الأحكام الخاصة لكل منهما ويكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون تطبيقا صحيحاً على الواقعة مما يعيبه ويستوجب نقضه, وذلك بالنسبة إلى الدعوى المدنية محل الطعن. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن أن تقول كلمتها في موضوع الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة. مع إلزام ورثة المطعون ضده الأول والمطعون ضدهما الثاني والثالث المصاريف"
دعوى التقليد و المنافسة غير المشروعة:
تختلف دعوى المنافسة غير المشروعة من دعوى التقليد من عدة أوجه :
1. دعوى التقليد : تفترض أساسا بأن هناك حقا قد تم الاعتداء عليه أي الاعتداء مس بحق المدعي ، بينما في دعوى المنافسة غير المشروعة فإن المدعى ينتقد أمام القضاء موقف أو تصرف المدعي عليه غير اللائق أي أن الدعوى تنصب على التصرف المنتقد للمدعي عليه (17).
2. دعوى التقليد تحمي الحق المعتدى عليه بجزاءات متعددة تصل إلى عقوبة الحبس فهي دعوى زجرية في حين أن دعوى المنافسة غير المشروعة لا تصل إلى نفس صرامة الدعوى الأولى فهي دعوى خاصة ترمي إلى ردع التصرفات غير المشروعة في إطار مدني صرف (18).
3. دعوى التقليد هي جزاء للاعتداء على الحق بينما المنافسة المشروعة هي جزاء لعدم احترام الواجب .
4. لا يمكن إقامة دعوى التقليد إلا إذا توفرت شروطها الخاصة في حين أن دعوى المنافسة غير المشروعة لا تتطلب نفس الشروط ، فشروطها هي شروط كل دعوى وبذلك تكون دعوى التقليد أضيق نطاقا من دعوى المنافسة غير المشروعة (19).
ثانيا: أركان جنحة التقليد
إن الاعتداء على حق صاحب البراءة في احتكار استغلال اختراعه يكون جنحة التقليد، و كأي جريمة من الجرائم يجب أن تقوم جنحة التقليد على أركان ثلاثة أساسية هي:
1. الركن المادي:
و هو الفعل الذي بواسطته يكتمل جسم الجريمة , إذ لا توجد جريمة بدون ركن مادي. تنص المادة 61 من الأمر 03-07 تحت عنوان الدعاوى الجزائية "يعد كل عمل متعمد يرتكب حسب مفهوم م 6 أعلاه جنحة تقليد"
و بالرجوع إلى المادة 56 من نفس الأمر نجدها قد أحانشا بدورها إلى م 11 لتحديد الأعمال التي إذا ارتكبت بصفة عمدية شكلت جنحة التقليد, و هذه الأعمال تتلخص في:
في حالة ما إذا كان موضوع الاختراع منتجا، فإن الأعمال التي تشكل عند ارتكابها جنحة التقليد في هذا الصدد هي:
• القيام بصناعة المنتج
• استعمال المنتج
• بيع المنتج
• عرض المنتج للبيع
• استيراد هذا المنتج لهذه الأغراض
أما إذا كان موضوع الاختراع طريقة صنع, فمن الأعمال التي تشكل عند ارتكابها جنحة التقليد هي:
• استعمال طريقة الصنع.
• استغلال المنتج الناتج مباشرة في هذه الطريقة .
• بيع أو عرض المنتج الناتج مباشرة في هذه الطريقة.
• استيراد المنتج الناتج مباشرة في هذه الطريقة لهذه الأغراض.
نلاحظ أن المشرع عند تكلمه في جنحة التقليد في م 61 قام بتحديد طبيعة الأفعال التي تشكل هذه الجريمة, و ذلك بإحالتنا بطريقة غير مباشرة على المادة 11 السالفة الذكر, و بالرجوع إلى هذه المادة نجد أن هناك أفعال تعتبر تقليدا كبيع الأشياء المقلدة أو عرضها للبيع أو استيرادها هذا الغرض أو استغلال المنتوج الناتج مباشرة عن هذه الطريقة.
إذا قمنا بتحليل هذه الأفعال نجدها لا تشكل تقليدا بطبيعتها, و لذلك نرى بأن المشرع الجزائري قد أخطأ بعد هذه الجرائم جرائم تقليد(م 61).
و في نفس الوقت نجده تناقض مع نفسه عندما عدها جرائم مستقلة و ذلك وفقا لمفهوم المادة 62 , و عليه سنقتصر بذكر تقليد المنتج موضوع البراءة و استعمال الطرق أو الوسائل التي هي موضوع البراءة.
‌أ- تقليد المنتوج موضوع البراءة:
المشرع يعاقب على عملية الصنع بغض النظر عن عملية الاستعمال, فالنقل المادي للمنتج المحمي بالبراءة يكون العنصر الجوهري لجنحة التقليد المرتكبة عن طريق الصنع, و زيادة على ذلك يمكن متابعة كل استعمال للمنتج المحمي بالبراءة أو تسويقه أو حيازته لهذا الغرض.
‌ب- استعمال الطرق أو الوسائل التي هي موضوع البراءة:
يمكن أن يكون الاعتداء بواسطة استعمال الطريقة أو الوسائل التي هي موضوع البراءة, فيعاقب جزائيا كل من اعتدى على حقوق صاحب البراءة باستعمال طريقة الصنع أو الوسائل التي تكون موضوع البراءة.
2. الركن الشرعي:
لا يمكن معاقبة الشخص إلا بوجود نص قانوني يقرر تلك العقوبة و يجرم الفعل المركب و هذا ما يسمى "بمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات", و بما أن قانون براءة الاختراع قد وضع جريمة التقليد و بين عناصرها المادية و المعنوية و العقوبات المقررة لها لذلك تعتبر الجريمة التي يقترفها مرتكبها معاقبا عليها حسب نص المادة 61 فالركن الشرعي يوضح الأفعال المادية غير المشروعة التي تتكون منها هذه الجريمة و هي جوهر الركن المادي .
و الاعتداء على الحق في البراءة يجب أن تتوفر فيه شروط منها:
أنه يجب أن يتعلق ببراءة موجودة و صحيحة, و ألا يستطيع القائم بالعملية التمسك بأفعال مبررة و أن يتمسك باستنزاف حق صاحب البراءة.
‌أ. ضرورة وجود براءة اختراع صحيحة:
لتجريم أفعال التقليد يلزم أن تنص على الموضوع الذي تغطيه شهادة البراءة وما يدخل في الحماية أي أن تكون هناك براءة اختراع قانونية، فلا تقوم جريمة التقليد متى وقع التقليد على اختراع ليس محلا لبراءة اختراع صحيحة قائمة بالفعل أو تم سقوطها أو بطلانها لأي سبب من الأسباب التي قد تؤدي إلى ذلك .
ذهب فريق من الفقه إلى أنه لا يعد تقليدا للاختراع باستعمال الطريقة الصناعية متى كان استعمالها سابقا لتاريخ صدور البراءة، ثم امتد الاستعمال بعد ذلك، كما لا يقوم التقليد لاختراع سقط في الملك العام بسبب انتهاء مدة حمايته أو تركه أو التنازل عنه. فمتى صدرت البراءة صحيحة لا يستطيع المقلد بأن يرفع الدعوى لأن الاختراع لا تتوفر فيه عناصر الجدة، ففي قرار محكمة النقض المصرية بينت المحكمة بأنه متى صدرت البراءة فإنها تضمن لصاحبها حق احتكاري ، ولا يستطيع المقلد بأن يرفع الدعوة بأن الاختراع موضوع البراءة لا تتوفر فيه عناصر الاختراع كعدم الجدة مثلا ، لأن هكذا دفوع يجب أن، تثار أمام محكمة القضاء الإداري بطلب خاص لإبطال البراءة ضمن الشروط التي يحددها القانون لذالك وليس أمام المحكمة التي تنظر في دعوى ا لتقليد ، فمتى صدرت البراءة من الجهات المتخصصة أصبحت ضامنة للحقوق التي فيها حتى يتم إلغاؤها بالطرق القانونية (أنظر الطعن 708 لسنة 1954 ق تجاري جلسة 21/02/1983 س 34 ص 503. منشور في معوض عبد التواب. الموسوعة النموذجية لشرح جرائم الغش و التدليس و تقليد العلامات التجارية من الناحيتين المدنية و الجنائية. الجزء 3. الطبعة الأولى سنة 2003. ص 548) .
‌ب. عدم وجود أفعال مبررة:
تستبعد جنحة التقليد في حالة وجود أفعال مبررة, و بالتالي فالأعمال التي ينجزها شخص شريك في براءة الاختراع لا تعتبر جنحة تقليد إذ أمكن أن يشترك شخصان أو أكثر في الاختراع , و لا يعتبر مقلدا الشخص الذي يقوم عن حسن نية بصناعة المنتج المحمي بالبراءة أو استعمال الطريقة المغطاة بالبراءة وقت تقديم طلب البراءة, أو عند تاريخ المطالبة بأولية اختراع مقدمة بصورة شرعية حيث يسمح له بمواصلة نشاطه رغم وجود البراءة , كما لا يعتبر مقلدا الشخص الذي يستفيد من رخصة –اتفاقية أو جبرية- شريطة ألا يتجاوز حدود العقد
‌ج- عدم استنزاف حق صاحب العلامة:
أنشئت نظرية استنزاف حقوق صاحب البراءة في ألمانيا, و مفادها أن صلاحيات مالك البراءة تصبح محدودة بعد أن تحققت بعض العمليات من قبله شخصيا أو من قبل الغير برضاه.
إن المشرع الجزائري و على غرار نظيره الفرنسي قد تبنى هذه النظرية, إذ يقضي بأن الحقوق الناجمة عن براءة الاختراع لا تمتد إلى الأعمال المتعلقة بالمنتج موضوع البراءة بعد أن وضع في التداول التجاري على الوجه الشرعي.
3. الركن المعنوي:
إن دراسة الركن المعنوي لجنحة التقليد تطرح إشكالا حول نسبة القائم بالعمل,هل يفترض في هذا الركن سوء نية الشخص المعتبر مقلدا؟
بالرجوع إلى القواعد القانونية الجزائرية تبين أن المشرع ميز بين حالتين:
حالة ما إذا كان الشخص يمس بطريقة مباشرة حق صاحب البراءة و الشخص الذي يمس بطريقة غير مباشرة هذا الحق.
‌أ- المقلد المباشر: (عدم اشتراط سوء النية)
قد يكون تقليد الإختراع محل البراءة متقنا بصورة يصعب معها على المرء القدرة على تلمس الفرق بين الاختراع المقلد و الاختراع الأصيل, أي يصعب تقدير قيام التقليد من عدمه, و المعايير التي يجب إتباعها حسب الدكتورة سميحة القليوبي هي:
الاعتداد بأوجه الشبه لا بأوج الاختلاف, إذ يأخذ عند مقارنة الاختراع المقلد و الاختراع الأصيل بالأمور المتشابهة بينهما و ليس بالأمور المختلفة بينهما,أي يأخذ بنقاط التقارب بين الاختراعين لا بنقاط الاختلاف.
الاعتداد بالجوهر لا بالمظهر, إذ أن إجراء بعض التعديلات على الاختراع الأصيل بالحذف منه أو الإضافة إليه لا ينفي جريمة التقليد ما دامت تلك التعديلات قد اقتصرت على مظهر الاختراع و لم تمس جوهره.
لا أثر لإتقان المقلد للتقليد من عدمه, إذ تقوم جريمة التقليد بصرف النظر عن نجاح المقلد في تقليد الاختراع أو فشله في ذلك.
و أيا كان الأمر فإن تقليد الاختراع موضوع البراءة يعد من مسائل الواقع التي تدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
و القصد الجرمي لدى مرتكب فعل التقليد أمر مفترض لسببين:
الأول: لأن أفعال التقليد بطبيعتها تنطوي على علم الفاعل بحقيقة ما يفعل.
الثاني: لأن إشهار -إعلان- البراءة له حجة في مواجهة الكافة, و بالتالي يشكل قرينة قانونية قاطعة على علم مرتكب التقليد.
و بما أن هذا التصرف يمس مباشرة بحقوق مالك البراءة و حسب المرسوم التشريعي 93-17 فلا يمكن للمقلد التمسك بحسن نيته للتهرب من مسؤوليته, و لا يشترط في تطبيق العقوبة وجود عنصر القصد إذ يعاقب المقلد قانونا مهما كانت نيته حسنة أو سيئة .
غير أن المشرع في الأمر رقم 03-07 عدل عن موقفه القديم, وأصبح يشترط سوء النية كركن أساسي لارتكاب جنحة التقليد.
فيجب أن يكون المقلد المرتكب لأحد الأفعال المنصوص عليها في م 11 من الأمر 03-07 على علم بأنه يقلد منتوجا أو طريقة صنع محميين ببراءة اختراع فإذا سقط العلم سقطت الجريمة, وهذا لا يمنع صاحب البراءة من متابعته مدنيا و ليس جنائيا, و هذا ما نصت عليه المادة 61 التي اشترطت سوء النية بصريح العبارة حيث جاء فيها: "يعد كل عمل متعمد يرتكب حسب مفهوم المادة 56 أعلاه جنحة تقليد".
و نرى أن المشرع قد أصاب مبدئيا باشتراط سوء النية (كل عمل متعمد) لقيام جنحة التقليد ذلك أنه في القانون الجنائي يجب توفر ثلاثة أركان لقيام الجريمة, و متى سقط ركن منها سقطت الجريمة.
غير أنه من الناحية العملية يصعب إثبات حسن النية إن لم نقل يستحيل خاصة في المقلد المباشر, و نرى بأن ما فعله المشرع هو ضرورة قانونية لاكتمال بناء الجريمة من الناحية القانونية لا من الناحية الواقعية.
‌ب- المقلد غير المباشر ضرورة وجود سوء النية)
و يتعلق الأمر بالأشخاص الذين قاموا عمدا بإخفاء شيء مقلد أو إخفاء عدة أشياء مقلدة أو بيعها أو عرضها للبيع أو إدخالها إلى التراب الوطني, وهذا ما نصت عليه المادة 62. و هؤلاء الأشخاص لا يعتبرون الفاعلين الأصليين لواقعة التقليد و لهم الحق في دفع المسؤولية عن أنفسهم بأنهم قد كانوا على غير علم بحقيقة الأمر.
و نرى بأن سوء النية (كل من يتعمد...) يجب توافرها لقيام جريمة المقلد غيرالمباشر. إذا سوء النية في جريمة التقليد متطلب, سواء كان التقليد مباشرا أو غير مباشر غير أنه من الناحية العملية فحسن النية يمكن إثباته في المقلد غير المباشر أين تسهل طرق الإثبات على عكس المقلد المباشر كما سبقت الإشارة فإنه يصعب إن لم نقل يستحيل إثبات حسن النية.
4. ركن الضرر:
هناك اختلاف كبير بين فقهاء القانون الجنائي حول اعتبار الضرر في ركن الجريمة, فقد ذهب فريق من الفقه إلى أن ركن الضرر توفره في جميع الجرائم, لأنه في حالة عدم وجود الضرر ينعدم أثر الجريمة, و تبعا لانعدام الأثر تنعدم الجريمة, لذلك فإن مجرد تقليد الاختراع (عن طريق صنعه) دون استعماله أو استغلاله أو التصرف به فتحقق الجريمة بشكلها الكامل عند استغلال أو استعمال أو التصرف في الاختراع موضوع التقليد.
و يحدث التقليد في هذه الحالة سواء أدى هذا الأخير إلى المنافسة أم لا, لأن المنافسة غير المشروعة هو فعل آخر يمكن إقامة دعوى خاصة به, و لو لم يوجد تقليد لموضوع البراءة. و لم تنص القوانين على شرط الضرر لأن ركن الضرر مفترض .
غير أنه و بالرجوع إلى الأمر 03-07 نجد أن المشرع لم يشترط هذا الركن لإثبات وقوع جريمة التقليد, ولو كان ركن الضرر ركنا كما ذهب إلى ذلك بعض الفقه لكان من الأحرى على المشرع أن ينص عليه تطبيقا لمبدأ "شرعية الجرائم و العقوبات" .
غير أنه لا ننكر دور الضرر في الجريمة لأنه على هداه يستطيع المشرع تحديد التعويض المناسب في حالة ما إذا طالب صاحب البراءة به, لذلك نقول أن ركن الضرر هو ركن واقعي أكثر منه قانوني.
ثالثا: النظام القانوني لدعوى التقليد
تتحقق حماية صاحب البراءة ضد الاعتداء على حقه في احتكار استغلال اختراعه عن طريق دعوى التقليد مما يستوجب بيان القواعد الأساسية التي تشكل نظامها القانوني و هذا بتحديد كيفية ممارسة هذه الدعوى في جهة و توضيح آثارها من جهة أخرى.
4. ممارسة دعوى التقليد:
باعتبار أن صاحب البراءة هو المدعي في دعوى التقليد, و القاعدة في قانون الإجراءات الجزائية أن "البينة على من ادعى" فتجب على صاحب البراءة بصفته مدعي في دعوى التقليد إثبات عملية التقليد التي ارتكبها الشخص المدعى عليه.
و لقد نص المشرع في القانون 66-54 (الملغى بموجب المرسوم التشريعي 93-17 بموجب الأمر 03-07 ) في هذا الشأن على إجراء خاص يتمكن صاحب البراءة بواسطته بإثبات العمل المعاقب عليه قانونا و بالتالي سنتكلم عن هذه الإجراءات المنصوص عليها في الأمر 66-54 على سبيل الإستئناس ذلك أن المشرع لم ينص على أي إجراء من هذه الإجراءات في الأمر 03-07.
‌أ- أطراف الدعوى:
لا يجوز رفع دعوى التقليد حسب مفهوم م 58 من الأمر 03-07 إلا من قبل صاحب براءة الاختراع أو خلفه ( و لقد بينا فيما سبق حسب رئينا الخاص المقصود بالخلف).
أما المادة 33 الفقرة الأولى من المرسوم 93-17 فقد جعلت الحق في رفع دعوى التقليد لمالك البراءة أو من له الحق في امتلاكها. و نحن نرى بأن لفظ "الخلف" (الأمر 03-07 ) و لفظ "من له الحق في امتلاكها" (الأمر93-17) لهما نفس المعنى ذلك أن من يخلف صاحب البراءة الأصلي يصبح مالكا لها.
و إذا اشترك شخصان أو عدة أشخاص في إنجاز اختراع ,فيؤول هذا الحق إلى كل واحد منهم .
و فيما يتعلق بعقد الترخيص, فالمنطق يقضي بضرورة تمييز الترخيص البسيط عن الترخيص المطلق, و من ثم يتسحيل على المرخص له المستفيد من رخصة بسيطة رفع دعوى التقليد, بينما إذا كانت الرخصة مطلقة يسوغ للمرخص له رفعها في حالة عدم وجود بند مخالف في العقد أو شريطة أن يكون قد قام بإنذار مالك البراءة و بقي هذا الإنذار دون جدوى, و أعني بالذكر أن الأمر يتعلق بعملية التقليد التابعة لعقد الترخيص المسجل و المنشور بصورة منتظمة.
و أخيرا ينبغي الإشارة إلى أنه يجوز رفع دعوى التقليد ضد مرتكبي الجنحة إما جماعيا و إما انفراديا, و يجوز للمدعي رفع الدعوى ضد البعض منهم فقط, كما يلاحظ أن دعوى التقليد في المرسوم التشريعي 93-17 تتقادم بمرور خمس سنوات اعتبارا من تاريخ ارتكاب الجنحة. أما الأمر 03-07 فلم ينص على مدة تقادم جنحة التقليد .
‌ب- طريقة إثبات التقليد: عملية حجز التقليد:
يتوجب على المدعي في الدعوى إثبات عملية التقليد أي يجب أن يتحمل عبئ الإثبات و يتمكن صاحب البراءة من جمع كافة الدلائل.
كان التشريع السابق (66-45)ينص على إجراء خاص و هو حجز التقليد ( la saisie-contrefaçon) و على ذلك يجوز لصاحب البراءة على غرار صاحب الرسم أو النموذج الصناعي , أو صاحب العلامة التجارية أو صاحب التأليف , القيام بإجراءات تحفظية قبل قيام دعوى التقليد, الغرض منها حفظ حقوقه و الحصول على الأدلة اللازمة لإثبات الاعتداء على حقه في احتكار استغلال الاختراع غير أن حجز التقليد ليس إجراءا إجباريا و تمهيديا لدعوى التقليد لكن فعاليته جعلته كثير الاستعمال, و هكذا يجوز لصاحب البراءة أن يطلب بموجب أمر من رئيس المحكمة المختصة إجراء التعيين و الوصف المفصلين الأشياء المعتبرة مقلدة مع حجزها أو بدونه .
و يباشر هذا الإجراء عون مكلف بمساعدة خبير عند الاقتضاء.
و يتضح من هذه الأحكام أنه لا يمكن القيام بحجز التقليد إلا بتشخيص قضائي, و ينبغي أن يبقى الوصف محصورا على الأشياء المذكورة في الترخيص, و إذا خرج عن مضمونه يصبح الحجز باطلا.
و فيما يتعلق بالوثائق فلا يمكن حجزها إلا إذا كانت ضرورية لإثبات عملية التقليد, ويلاحظ أنه يجوز لرئيس المحكمة إلزام الطالب بدفع كفالة قبل مباشرة إجراءات الحجز.
و تجدر الإشارة إلى أن صاحب البراءة ملزم –بعد استيفاء الإجراءات التحفظية- برفع القضية أمام قاضي الموضوع حيث يجب الالتجاء إلى السلطة المختصة في أجل شهر تحت طائلة ببطلان مفعول الوصف و الحجز, مع عدم الإخلال بما قد يطلب من تعويضات .
و إذا حسمت الدعوى لصالح صاحب البراءة فإن المحكمة ستقرر مصادرة الأشياء المحجوزة أو التي تحجز و استنزال ثمنها من الغرامات أو التعويضات أو أن تتصرف فيها بأي طريقة تراها مناسبة أو حتى إتلافها عندما لا ترى ضرورة لبقائها أو أن أضرارها يسبب أضرارا كبيرة.
و يجب أن نشير إلى أن بطلان حجز المقلد لا يؤثر على صحة دعوى التقليد فالغاية التي يسعى إليها صاحب البراءة من وراء الحجز هي الحصول على الأدلة الكافية و القاطعة لإثبات جنحة التقليد, و على ذلك يبقى الحجز وسيلة من وسائل الإثبات.
و يلاحظ أنه بالرغم من فعالية عملية الحجز كوسيلة من وسائل إثبات التقليد فإنها لا تعتبر الوسيلة الوحيدة, فإذا كان الإثبات في القضايا المدنية يستند أساسا على أدلة تكون معدة مسبقا تقدم للقاضي المدني, فإن الإثبات في القضايا الجزائية يستند أساسا على قناعة القاضي الجزائي فيما يقدم إليه من أدلة. في حين أن الإثبات في القضايا الإدارية يستند على الأمرين معا ، أي على أدلة تكون معدة للإثبات مسبقا و على قناعة القاضي الإداري .
و يلاحظ أن الامر 03-07 لم يحدد طرق معينة لللإثبات ، و خاصة عملية الحجز ، على عكس الأمر 66-54 الذي تعرض و بالتفصيل إلى هذه الطريقة ( الحجز ) ، ونظن أن المشرع لو وضع مرسوما تنظيميا يحدد طرق الإتباث و عملية الحجز بصفة خاصة وحدا حذو الأمر 66-54 الذي حددها بنوع من التفصيل، يؤدي إلى التطبيق السليم .
‌ج- آثار دعوى التقليد :
إن فاعلية الحماية القانونية لبراءة الإختراع ، موقوفة على نوعية العقوبة المطبقة على الشخص المقلد ، ولا شك أنه يجب أن تكون العقوبة صارمة و ذات طابع ردعي ، حتى يحترم الغير حقوق صاحب البراءة فمتى تبث أن دعوى التقليد كانت مؤسسة قانونا ( بتوفر جميع الأركان سالفة الذكر ) وجب في هذه الحالة حماية صاحب البراءة ، و تتمثل هذه الحماية في عقوبات أصلية توقع على مرتكب جنحة التقليد ،و أخرى تبعية ، وفي نفس الوقت يجب تعويض صاحب البراءة عما أصابه من ضرر ، و اتخاذ تدابير لمنع المقلد من مواصلة تقليد الإختراع موضوع النزاع،وعلى هذا سوف نتعرض إلى كل هذه الآثار على التفصيل الآتي:
ج1- العقوبات الأصلية : كل من وقع منه تعد على الحق في براءة إختراع بصفة عمدية ، وكان ذلك بتقليد الإختراع موضوع البرءة أي ارتكاب أفعال حسب مفهوم المادة 11 يصبح عرضة لإحدى العقوبات التالية :
• الحبس من 6أشهر إلى سنتين .
• غرامة من 2500000 دج إلى 10.000.000دج.
• أو بالعقوبتين مجتمعتان معا.
ويجب الإشارة إلى أن المحكمة الجزائية المختصة هي صاحبة الصلاحية في توقيع العقوبات المذكورة على المعتدي على البراءة .
كذلك تعد العقوبات أصلية بما فيها الغرامة كون هذه الأخيرة إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ المقدر من قبل المحكمة .
ويجب عدم الخلط بين الغرامة و التي هي حق الدولة ، و التعويض الذي هو حق مالك البراءة إذ كل منهما مستقل عن الآخر .
كما يلاحظ ارتفاع قيمة الغرامة المالية ارتفاعا واضحا ، مما جعل القوة الرادعة للغرامة المالية ذات أثر في الوقت الحالي إذا ما طبق القانون تطبيقا فعليا ، ولقد واكب المشرع فيما يخص تحديد الغرامة التطورات الاقتصادية نظرا لانخفاض قيمة الدينار الجزائري ، إذ لا شك أن مبلغ 40000دج و 400000 دج سنة 1993 و ما قبلها ليست هي نفسها سنة 2006
ج2- العقوبات التبعية :لأي شخص ألحق به حيف أوضرر من جراء تعد في براءة الإختراع و كان ذلك التعدي في صورة تقليد الإختراع موضوع البراءة ، الحق في اتخاذ إجراءات قانونية لتأمين حقوقه عن طريق استصدار أمر تحفظي أو الحصول على عطل أو ضرر أو اتخاذ أي تدابير أخرى قد تؤدي إلى محاكمة مرتكب الجرم . ومن قبيل ذلك ، نذكر مايلي :
• المصادرة : سبق لنا التكلم عن عملية الحجز كطريقة من طرق الإثبات التي يلجأ إليها صاحب البراءة لإثبات الاعتداء على حقه ، فمتى تثبت الإدانة جاز للمحكمة أن تأمر بالمصادرة ، وذلك يؤدي إما إلى الحيلولة بين حائز تلك الأشياء و إمكانية استعمالها مستقبليا في ارتكاب الجريمة من جديد ، و إما بيعها و دفع الغرامات والتعويضات من ثمنها كما قد تقوم بالتصرف فيها بأي طريقة أخرى تراها مناسبة ، ويجوز الحكم بالمصادرة حتى في حالة الحكم بالبراءة لعدم توفر العقد ، كما يجوز للمحكمة أن تأمر بالمصادرة ولو لم يحدث ضرر من واقعة التقليد ، و الحكمة من جوازة المصادرة ، هي وزن الأضرار التي ستلحق من وراء هذه المصادرة
• الإتلاف :فللمحكمة أن تأمر بإتلاف المنتجات المقلدة و إتلاف الأدوات و الآلات التي استعملت في تقليدها ، وذلك أمر جوازي يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة .
و يكون الإتلاف مقبولا متى كانت المنتجات متعلقة بالدواء و الغداء و لم تتوفر فيها المواصفات المطلوبة و الصحيحة ، و لا يكون مقبولا في غير هذه الأحوال ، إذ لا ينبغي اللجوء إلى الإتلاف إلا في حالة الضرورة القصوى ، أي يجب الربط بين المنتجات المقلدة من جهة ، وعدم صلاحية تلك المنتجات للاستفادة منها بصورة مناسبة تراها المحكمة ، كتسليم تلك المنتجات إلى الجمعيات الخيرية للاستفادة منها و توزيعها على الفقراء و المساكين .
و في الأخير يجب الإشارة إلى أن وزن التقليد حاليا يمثل 10 % من التجارة العالمية و هذا في جميع المجالات : المنتجات الرقمية ،أدوية ، ...الخ مابين 200 و300 مليار أورو ضائعة من الإقتصاد العالمي منها 6 مليار يورو في فرنسا وحدها و تدمر كل سنة ما بين 30000 و 200000 منصب عمل في فرنسا وحدها .
ويترتب على هذا نتائج إقتصادية وخيمة :
1. نقص في الربح بالنسبة للمؤسسات .
2. تاثير سلبي على البحث العلمي .
3. كما أن التقليد يضع مصحة المستهلك على حافة الخطر ، و ذلك يرجع إلى نقص في جودة المنتجات المقلدة .
و يجب الإشارة إلى أن جريمة التقليد لا تهم قطاع الملكية الفكرية فحسب و إنما جل القطاعات الإقتصادية فعلى سبيل المثال نجد فرنسا قد خلقت شبكة un reseau بين كل من المديرية العامة للمالية والسياسة الإقتصادية ( DGTPI ) و الجمارك والمعهد الوطني للملكية الفكرية INPI تتكون من 35 خبير في مجال التقليد .
هذه الشبكة تغطي 75 ولاية .
هذا وانطلاقا من 30 أفريل 2006 تقوم وزارة الإقتصاد و المالية بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لمحاربة التقليد (Cnac) و المعهد الوطني للملكية الصناعية (INPI) للقيام بالتوعية عن طريق وسائل الاتصال كالتلفاز و الإنترنيت .
هذا وقد وضعت السلطات المختصة الفرنسية موقع خاص بالتوعية .
و للأسف كل هذه الإجراءات المتخذة من قبل الدول المتقدمة وغيرها لا نجدها في الجزائر ، وهذا ما يدل بشكل واضح على تخلفنا .
الفرع الثاني: جريمة بيع المنتجات المقلدة
تعتبر هذه جريمة و ذلك بمقتدى المادة 62 من الأمر 03-07 حيث نصت (يعاقب بنفس العقوبة... أو بيعها).
تمثل هذه المادة الركن الشرعي للجريمة و يجب لتمام الركن الشرعي من ضرورة وجود براءة اختراع صحيحة و لا يستطيع القائم بهذه العملية التمسك بأفعال مبررة أو أن يتمسك باستنزاف حق صاحب مالك البراءة.
نلاحظ أن هذه الشروط تتمثل نفسها في شروط الاعتداء على الحق في البراءة لذلك نحيل إلى ما تم مناقشته في السابق مع التذكير فقط بطبيعة هذه الجريمة و التي تتمثل في البيع و ليس فعل التقليد الذي بيناه في السابق.
و تفرض هذه الجريمة بأن تقليد الاختراع تم بالفعل, و بالتالي فإن موضوعها ليس تقليد موضوع البراءة و إنما هو بيع المنتجات المقلدة و هذا يعني أن جريمة بيع المنتجات المقلدة لابد أن يكون قد سبقها ارتكاب جريمة تقليد الاختراع و ترتبط عادة جريمة تقليد الاختراع بجريمة بيع المنتجات المقلدة.
الأصل في الشخص المرتكب في جريمة التقليد إنما يرتكب هذه الجريمة خاصة لبيعة الإختراع و الاستفادة ماديا مما يجنيه من وراء ذلك غير أنه لا تلازم بين الجريمتين بالضرورة.
و يجب الإشارة إلى أن بيع المنتجات المقلدة يشكل فعلا يقوم به الركن المادي للجريمة و على هذا إذا كان تاجر لديه منتجات مقلدة و لكنها في مخزنه و لم يقم ببيعها أو عرضها للبيع أي لم يقم بعقد البيع فإنه لا يمكن متابعته على أساس جريمة بيع المنتجات المقلدة ذلك أن الركن المادي غير قائم و لا يمكن متابعته أيضا على أساس الشروع في الجريمة بناءا على توفر لدية نية البيع ذلك أنه حسب المادة 62 من الأمر سالف الذكر فالجريمة تشكل جنحة و لا يعاقب على المشروع في الجنحة إلا بنص.
غير أن هذا لا يمنع من إعادة تكييف الجريمة على أساس الركن المادي مثل جريمة إخفاء الشيء المقلد أو جريمة العرض للبيع.
إذن فيجب لتحديد نوع الجريمة التركيز على الركن المادي من نشاط و نتيجة.
النشاط: في الحقيقة أن النشاط هنا يتمثل في عرض المنتجات للبيع و نلاحظ أن النشاط في جريمة بيع المنتجات المقلدة يشترك مع النشاط في جريمة عرض المنتجات للبيع و الفارق الوحيد بين الجريمتين هو عدم تحقق النتيجة في الجريمة الثانية و يشتركان في القصد حيث يتصرف القصد في الجريمتين إلى البيع غير أن النتيجة لا تتحقق في جريمة عرض المنتجات للبيع.
النتيجة: يجب لكي نقول أن هناك جريمة بيع منتجات مقلدة لابد من تحقق النتيجة. هذه الأخيرة تتمثل في عملية البيع و لا يشترط في البيع أن يتم تسليم المبيع للمشتري أو استلام الثمن بل يكفي تحقق ركن الرضا بأن يتفق كل من البائع و المشتري على الأشياء الجوهرية في العقد خاصة الثمن و الشيء المبيع.
و هذا الجزء الثاني من الركن المادي مهم جدا في تحقق الجريمة, و أنا لا أدري لماذا معظم المؤلفات التي كتبت في هذا المجال لم تركز على هذه النقطة و اعتبروا أن جريمة بيع المنتجات كجريمة عرضها للبيع أو كجريمة استردادها مؤسسين قولهم على أساس النية الجرمية في جميع الجرائم السابقة واحدة مع أنهم لم ينتبهوا أو يركزوا على الركن المادي في الجريمة و خاصة فيما يتعلق بالنتيجة.
و تتحقق واقعة بيع المنتجات المقلدة سواء كان البائع تاجرا أو غير تاجر و سواء قام ببيع المنتجات المقلدة واحدة أو أكثر و سواء حقق من جراء ذلك ربحا أو لم يحقق ربحا على الإطلاق أو حتى لحقته خسارة.
بالإضافة إلى كل من الركن الشرعي و المادي فإن بناء هذه الجريمة لا يكتمل إلا بعد توفر القصد الجرمي والذي يمثل الركن المعنوي في الجريمة, و إلى جانب شرط الإرادة و الذي يشكل مناط المسؤولية الجزائية يجب أن يكون على علم بأنه يقوم ببيع منتجات مقلدة أي يجب أن يكون سيء النية حتى يطاله العقاب.
كذالك فان الفاعل يستطيع يضحض عنه الجريمة وذالك باتبات انه كان على غير علم بان هذه المنتجات كانت مقلدة فإذا ما نجح انتفت عنه الجريمة .
وقد ألزم المشرع في القانون الجديد أن يكون مرتكب الجريمة سيئ النية وذلك ماجاء في المادة 62 <<كل تعمد<<
وهذا ويلاحظ إن سوء النية (القصد الجرمي) لدي الفاعل أمر مفترض في جريمة التقليد (على الأقل من الناحية الواقعية –العملية –لا من الناحية القانونية ) (كما سبق وان أوضحنا ذالك في الفقرات السابقة ) وكذلك هو الشأن فيما يخص جريمة بيع منتجات مقلدة (على الأقل من الناحية العملية أيضا لا القانونية ) غير أنه قابل لاتبات العكس ويرجع ذالك إلى اشهار براءة الاختراع بعد حجة قاطعة على الصانع بوجود تلك البراءة .الذي عليه واجب الإطلاع على سجل البراءات ، في حين لا يعد إشهار براءة الإختراع حجة قاطعة عى البائع بوجود تلك البراءة الذي ليس عليه واجب الإطلاع على سجل البراءات.
هذا وقد عاقب المشرع مرتكب هذه الجريمة بنفس العقوبة التي عاقب بها المقلد.
هذا فيما يخص جريمة بيع المنتجات المقلدة اما فيما يخص الجرائم الأخرى التي عدها المشروع في المادة 62 ففي :جريمة إخفاء شيء أو أشياء مقلدة , جريمة عرض أشياء مقلدة , للبيع , جريمة إدخال (أي استيراد ) أشياء مقلدة إلى التراب الوطني ونلاحظ إن هذه الجرائم كلها هي جرائم تابعة للجريمة الأصلية والتي هي جريمة التقليد فلولها لما قامت هذه الجرائم الأخرى.
وأنا لا أدري لماذا وحد المشرع العقوبة في كل من هذه الجرائم وجريمة التقليد لذالك أرى بان يرفع المشرع من عقوبة جريمة التقليد مقارنة مع عقوبات الجرائم الأخرى أو كان يخفض من عقوبات الجرائم الأخرى
ونلاحظ بان هناك جرائم أخرى غير الجرائم سالفة الذكر لم يذكرها المشرع في الأمر 03-07 بالرغم من انه سبق وان تبناها نذكر من بينها :
• جريمة وضع بيانات بغير وجه حق .
• جريمة حيازة براءة بغير وجه حق .
ولا ندري لمادا تخلى المشرع الوطني عن هذه الجرائم ، بالرغم من أهميتها العظمى ، و انتشارها في معظم الدول المتقدمة و نسبيا في الدول النامية .
المبحث الثاني : الحماية الخارجية لبراءة الإختراع
قبل التطرق إلى أهم الاتفاقيات المقررة للحماية لا بد من التعرض و لو بصفة موجزة إلى أسباب لجوء الدول إلى تقرير هذه الحماية ( المطلب الأول ) ، ثم نقتصر بالذكر على القاعد المقررة للحماية في كل من اتفاقية باريس (المطلب الثاني ) و اتفاقية تريبس .
المطلب الأول :الطابع الوطني لحقوق الملكية الصناعية وظهور الحاجة للحماية الدولية.
براءة الإختراع ظهرت وتطورت ولا زالت حتى الآن حقاً وطنيا، بمعنى أن الحق المعني يتم إكتسابه والاعتراف به أساسا ضمن إقليم دولة معينة ومن قبل قانون هذه الدولة. النصوص الأولى التي حمت براءة الإختراع هي قوانين وطنية، والجهات التي تضمن الحماية وتنفذ هذه القوانين هي جهات وطنية. فاكتساب حق في براءة اختراع يتم أساسا بناء على منح صك براءة الاختراع من قبل الجهة المعنية في دولة ما، ولكن هذا الصك المسمى براءة اختراع له من حيث المبدأ مفعول قانوني محصور ضمن نطاق الدولة التي منحته, ولا يمتد إلى إقليم الدول الأخرى.. هذه الحقوق هي بالأساس إقليمية أو وطنية، بمعنى أنها تكتسب نتيجة لإستعمال الإختراع أو تسجيله في إقليم الدولة المعنية، وبناء على ذلك يتم الاعتراف بهذا الحق من قبل قانون تلك الدولة, ولكن هذا الاعتراف ليس له مفعول مبدئياً في أقاليم الدول الأخرى.
بناء على هذه الخاصية لقانون الملكية الصناعية، كان يتوجب من أجل الحصول على حماية لبراءة الإختراع في أكثر من بلد أن يتم اكتساب الحق على موضوع الحماية في كل من هذه البلدان، بمعنى أن يتم الحصول على براءة لإختراع معين من كل البلدان التي يراد حماية الاختراع فيها .
وإذا أخذنا بعين الاعتبار اختلاف كل من قوانين البلدان المختلفة فيما يتعلق بطرق إكتساب براءة الإختراع وحمايتها لأدركنا مقدار تعقيدات الحصول على حماية في كل من البلدان المختلفة. من اجل حماية اختراع في أكثر من بلد يتوجب أن يتم التقدم بطلبات تسجيل متعددة لهذا الاختراع في كل البلدان المراد حمايته فيها خوفاً من أن يؤثر تقديم الطلب والنشر للاختراع في بلد معين على جدة الاختراع في بلد آخر كونه سبق نشره في الدولة التي سجل فيها .
و من بين الإعتبرات التي دعت إلى التفكير في الحماية الدولية للإختراعات ، عزوف الدول عن المشاركة في معرض الإختراعات الذي عقد في فيينا عام 1873 بدعوة من حكومة الإمبراطورية النمساوية – الهنغارية – آنذاك ، بسبب ضعف الحماية القانونية للإختراعات الأجنبية ، و عدم ملاءمتها لمن لديهم الرغبة في عرض إختراعاتهم، خوفا عليها من التقليد و التعدي ، و لقصور الحماية المتوفرة لها . مما دفع الحكومة النمساوية إلى القيام بسن قانون يوفر الحماية القانونية للإختراعات الأجنبية التي شاركت في المعرض.
وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر شهد تطوراً كبيراً على الصعيد الاقتصادي والتجاري والتقني حتى أصبح البعض يسمي ذاك العصر بعصر الثورة التقنية، حيث أن اختراعات عديدة بدأت تظهر بسرعة مترافقة مع تدفق في الإنتاج وتوسع في طرق توزيعه عالمياً وانفتاح الأسواق الدولية على بعضها البعض. في هذا الوقت بدأت القوانين الوطنية لعناصر الملكية الصناعية تظهر عاجزة عن حماية براءة الإختراع الوطنية في الأسواق الخارجية وعن منع تقليدها ، وذلك نتيجة لخصائص هذه القوانين الوطنية المشار إليها أعلاه. هنا بدأت تظهر الحاجة إلى إيجاد نوع من الحماية على المستوى الدولي، والى جعل هذه القوانين الوطنية للملكية الصناعية قريبة من بعضها البعض.
بعض الكتاب يشير إلى أن أول من أشار إلى ضرورة إيجاد شكل من أشكال الحماية للملكية الصناعية كان الأمير<< ألبرت>> زوج الملكة<< فيكتوريا>> في مناسبة المعرض الدولي الكبير لعام 1851 حيث اقترح أنه من الضروري إيجاد حماية دولية للاختراعات وذلك لمعالجة مشكلة عزوف الكثير من المخترعين عن المشاركة في المعرض خوفاً من تقليد اختراعاتهم
وتجدر الإشارة إلى أنه قبل 1883 لم يكن هناك تنظيم دولي لحماية حقوق الملكية الصناعية بصفة عامة ، حيث كان لكل دولة مطلق الحرية في سن تشريعاتها كما تريد بدون قيد ولا شرط، لكن مع تطور التجارة وانتقال السلع والبضائع خارج إقليم الدولة ( وغيرها من الأسباب سابقة الذكر ) دون أن تجد إطارا قانونيا يحميها من التزييف والتقليد، مما بدأ التفكير في توحيد قوانين الملكية الفكرية بإبرام اتفاقيات دولية.
و ذهب فريق من الفقه إلى القول بأن من مصلحة الدول النامية التي لم تصل بعد إلى المستوى الصناعي و الإقتصادي التي وصلت إليه الدول المتقدمة تقضي عدم الدخول كطرف في مثل هذه الإتفاقيات حتى تتمكن من الحصول على الأسرار الصناعية لإختراعات الدول التي سبقتها صناعيا و استغلالها دون قيد أو شرط .
وهذا في رأيي موقف غير صائب نسبيا ذلك أنه لو انتهجت هذه السياسة لاازدادت نوما إلى نومها و خمولا إلى خمولها فلكل مجتهد نصيب ولكل الحق في تقرير الحماية لما أنتجه من إبداع خاص .
هذه بصفة عامة أسباب اللجوء إلى الحماية الدولية للإختراعات ، وهكذا تتالت الاتفاقيات الدولية إبتداءا من الإتفاقية الأم << اتفاقية باريس >> حتى وصلت إلى اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من الملكية الفكرية (التريبس) التي تديرها منظمة التجارة الدولية.
المطلب الثاني: نظرة عامة على الاتفاقيات الدولية للملكية الصناعية
قبل أن نتعرض إلى اتفاقية باريس و اتفاقية تريبس نشير إلى أن الاتفاقيات الدولية المتصلة بحماية ببراءة الإختراع يمكن تقسيمها الى الاقسام التالية:
• اتفاقيات التسجيل الدولي لعناصر الملكية الصناعية: الغاية منها إيجاد نظام دولي لتسجيل براءة الإختراع, يتم من خلاله إجراء عملية إيداع واحدة دولية يكون لها مفعول في دول عديدة من دول الأطراف في الاتفاقية وذلك بعد انجاز إجراءات معينة. هذا الإيداع الدولي يهدف ,من جملة ما يهدف إليه , إلى تسهيل إجراءات الإيداع وخفض الرسوم والوقت اللازمين لإجراء تسجيل في كل من الدول على حدى.
أهم الاتفاقيات المتعلقة بتسجيل براءة الإختراع دولياً هي التالية: ، معاهدة التعاون بشأن براءات الاختراع لعام 1970
• اتفاقيات التصنيف: المقصود بها الاتفاقيات التي تتضمن معاييراً وطرقاً موحدة متفق عليها من أجل تصنيف براءة الإختراع الخاضعة للتسجيل. الاتفاقية الأساسية للتصنيف التي تم التوصل إليها هي: اتفاق ستراسبورج الخاص بالتصنيف الدولي لبراءات الاختراع المؤرخ في 24 آذار 1971.
التصنيفات المعتمدة بموجب هذه الاتفاقيات غايتها تسهيل التعاون الدولي فيما يتعلق بالتسجيلات الوطنية براءة الإختراع ، وتجنب اعتماد تصنيفات مختلفة من قبل الدول المختلفة مما قد يربك عمليات التسجيل.
• معاهدة التعاون فى مجال البراءات (PCT) ( سنة 1970 ) :تنشئ هذه المعاهدة اتحادا يعرف بالاتحاد الدولي للتعاون في مجال البراءات ، ويهدف إلى التعاون في مجال البحث والفحص للطلبات الخاصة بحماية الاختراعات وتقديم خدمات فنية خاصة . والغاية في النهاية هي الوصول إلى نظام موحد يستطيع طالبوا البراءات من خلاله أن يتقدموا بطلب دولي واحد يكون صالحاً لكل الدول الأعضاء .
ـ عدد الدول الأعضاء ( 123 دولة حتى الآن ) .
• اتفاقيات الحماية: أهم اتفاقيات حماية الملكية الصناعية هي التالية: اتفاقية باريس لعام 1883 و تعديلاتها حتى تعديل استكهولم في و اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (التريبس) التي تعتبر أجد الاتفاقيات الثلاثة الرئيسية التي تديرها منظمة التجارة الدولية .
اتفاقيات الحماية هي التي تتضمن قواعداً متصلة بمضمون حقوق الملكية الفكرية, توفيرها, الأشخاص المستفيدين منها والى ما هنالك. هذه الاتفاقيات هي التي تشكل الاساس في الحماية الدولية والتي طبعت القوانين الوطنية في معظم دول العالم بطابعها لجملة الأمور المذكورة. هذه الاتفاقيات يكون موضوعها تعزيز الحماية الموضوعية في المجال الدولي براءة الإختراع إما عن طريق تعزيز حماية حقوق رعايا كل دولة عضو في الاتفاقية في الدول الأخرى الأعضاء في الاتفاقية كما هو الحال في اتفاقية باريس مثلاً, أو عن طريق إيجاد معايير موضوعية أساسية للحماية يتوجب على الدول الأعضاء أن تتبناها في قوانينها كما في اتفاقية التريبس.
المطلب الثالث : أهم اتفاقيات حماية براءة الإختراع.
الاتفاقية الأولى لحماية براءة الإختراع في العالم هي اتفاقية باريس لعام 1883 المعدلة حتى عام 1967, حيث تشكل الدستور الأساسي للحماية الدولية للملكية الصناعية, ويأتي بعدها اتفاقية التريبس المعتبرة إحدى اتفاقيات المنظمة الدولية للملكية الفكرية . ولأهمية هاتين الاتفاقيتين سنستعرض أهم إحكامهما فيما يلي.
الفرع الأول : اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ( 1883 )
1. إنشاء اتحاد لحماية الملكية الصناعية وتحديد نطاقها :
أبرمت هذه الإتفاقية في باريس 1883-03-20 و ثم توقيعها من 11 دولة و قد دخلت هذه الإتفاقية حيز التنفيذ في 1884-06-07 .
وقد استكملت هذه الإتفاقية ببروتوكول تفسيري في مدريد سنة1891 ،وأعيد النظر فيها ببروكسل سنة 1900 وفي واشنطن سنة 1911 وفي لاهاي سنة 1925 و في لندن سنة 1934 و في لشبونة سنة 1958في ستوكهولم سنة1967وتم تعديلها سنة1979 .
تتضمن هذه الإتفاقية نظامين :
الأول : وخصص للتوفيق بين دول الإتحاد .
الثاني : وخصص لإنشاء نظام المساواة بين دول الإتحاد .
بموجب الانضمام إلى هذه الاتفاقية تشكل الدول الأعضاء اتحاداً لحماية الملكية الصناعية التي تشمل براءات الاختراع ونماذج المنفعة ، الرسوم والنماذج الصناعية ، العلامات والأسماء التجارية، تسميات المنشأ أو المؤشرات الجغرافية ، قمع المنافسة غير المشروع .
ويعنى بالملكية الصناعية أوسع معانيها فكما تسرى على الصناعة والتجارة تطبق أيضاً على الصناعات الزراعية والاستخراجية وعلى جميع المنتجات الطبيعية أو المصنعة .
تعتبر اتفاقية باريس بمثابة الدستور فيما يتعلق بالحماية الدولية لحقوق الملكية الصناعية، حيث أنها تمثل أولى الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، وتضم القواعد الأساسية للحماية الدولية لكل عناصر الملكية الصناعية ولا تقتصر على عنصر واحد منها. والمواد من 1 حتى 12 والمادة 19 من اتفاقية باريس اصبحت واجبة التطبيق ايضاً بموجب اتفاقية التريبس التي تلزم الدول الأعضاء بتطبيق أحكام بعض الاتفاقيات الدولية في مجال الملكية الفكرية ومنها المواد المذكورة من اتفاقية باريس.
2. الأحكام الأساسية التي حوتها إتفاقية باريس :
النصوص الموضوعية في اتفاقية باريس يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي: مبدأ المعاملة الوطنية, مبدأ الأسبقية ومجموعة القواعد التي يجب على جميع الدول إتباعها بخصوص حماية عناصر الملكية الصناعية المختلفة.
• مبدأ المعاملة الوطنية : بحسب هذا المبدأ, يجب أن يتمتع رعايا كل دولة من دول اتفاقية باريس في جميع دول الاتفاقية الأخرى، بالنسبة لحماية براءة الإختراع ، بالمزايا التي تمنحها حاليا أو قد تمنحها مستقبلا قوانين تلك الدول للمواطنين، وذلك دون الإخلال بالحقوق المنصوص عليها بصفة خاصة في هذه الاتفاقية. ومن ثم فيكون لهم نفس الحماية التي للمواطنين ونفس وسائل الطعن القانونية ضد أي إخلال بحقوقهم، بشرط إتباع الشروط والإجراءات المفروضة على المواطنين. ومع ذلك لا يجوز أن يفرض على رعايا دول الاتفاقية أي شرط خاص بالإقامة أو بوجود منشأة في الدول التي تطلب فيها الحماية للتمتع بأي حق من حقوق الملكية الصناعية. يحتفظ صراحة لكل دولة من دول الاتفاقية بأحكام تشريعها المتعلقة بالإجراءات القضائية والإدارية وبالاختصاص وكذلك بتحديد محل مختار أو تعيين وكيل، والتي قد تقتضيها قوانين الملكية الصناعية.
ويعامل بذات المعاملة رعايا الدول غير الأعضاء في الاتحاد بشرط :
 إما أن يكونوا مقيمين على أرض إحدى الدول الأعضاء .
 أو تكون لهم فيها منشآت صناعية أو تجارية حقيقية وفعالة.
و من الجدير بالذكر أن الشخص الطبيعي و الشخص المعنوي يستفيد من الحماية التي توفرها اتفاقية باريس .
لذلك فإن الأشخاص الذين لهم حق الاستفادة من مبدأ المعاملة الوطنية ، هم الأشخاص الذين يتمتعون بجنسية إحدى الدول الأعضاء في اتفاقية باريس، و الأشخاص الذين يقيمون في دولة عضو في هذه الإتفاقية ، الأشخاص الذين يملكون مؤسسة صناعية أو تجارية في دولة عضو في هذه الاتفاقية .
و تطبيقا لذلك ، فإن لكل من يتمتع بجنسية إحدى الدول الأعضاء في اتفاقية باريس، أو يقيم في دولة عضو في هذه الاتفاقية ، أو يملكون مؤسسة صناعية أو تجارية في دولة عضو في هذه الاتفاقية ، الحق في التقدم بطلب الحصول على براءة اختراع في الجزائر .
هذا وعند التعارض بين أحكام القانون الداخلي ( الوطني ) مع أحكام الاتفاقية بشأن الحماية فيكون لرعايا دول الاتفاقية – ومن يأخذ حكمهم – أن يتمسكوا بأحكام هذه الاتفاقية
• مبدأ الأسبقية : تنص الاتفاقية على مبدأ الأسبقية فيما يتعلق ببراءات الاختراع, نماذج المنفعة , العلامات والنماذج الصناعية. هذا المبدأ يعني أنه يكون للذي يودع للمرة الأولى طلباً لتسجيل احد عناصر الملكية الصناعية في إحدى الدول الأعضاء بالاتفاقية الحق بالأسبقية, خلال مدة 12 شهراً بالنسبة لبراءات الاختراع ونماذج المنفعة وستة أشهر بالنسبة للعلامات والنماذج الصناعية, لتقديم نفس طلب إيداع في أي دولة أخرى عضو في الاتحاد، وتعتبر هذا الطلب وكأنه قدم بتاريخ الإيداع الأول. بهذا يكون لهذه الإيداعات اللاحقة التي تمت ضمن المدد المذكورة حق بالأسبقية على أي إيداع حاصل لنفس عنصر الملكية الصناعية يقدم من قبل أشخاص آخرين بعد تاريخ الإيداع الأول وقبل تاريخ الإيداع اللاحق. أيضا هذه الإيداعات اللاحقة لن تتأثر بما يكون قد حصل من حوادث بعد تاريخ الإيداع الأول ويكون من شأنه أن يؤثر على الإيداع الثاني مثل أن يكون الاختراع قد تم الإعلان عنه.
هذا الحق و الذي هو حق بالأسبقية يحرر المودع من ضرورة أن يتقدم بطلبات عديدة في نفس الوقت في الدول العديدة التي تريد الإيداع فيها, وهذا له أهمية خاصة بالنسبة لبراءات الاختراع حيث يكون للمخترع المجال بأن يتقدم بالطلبات التالية خلال مدة 12 شهراً من الإيداع الأول.
ويعتبر منشأ لحق الأولوية كل إيداع له حكم الإيداع الوطني الصحيح بمقتضى التشريع الداخلي لكل دولة من دول الاتحاد أو بمقتضى معاهدات ثنائية أو متعددة الاطراف مبرمة فيما يلي بين دول الاتحاد ، و عبء الإثبات يقع على من يدعى أولوية طلب سابق ، إذ عليه أن يحدد رقم هذا الإيداع .
جواز تجزئة طلب براءة الاختراع وأثره على حق الأولوية :
ـ يجوز للطالب أن يجزئ طلب براءة الاختراع إلى عدد معين من الطلبات الجزئية في إحدى حالتين :
( أ ) إذا تبين من الفحص أن طلب البراءة يشتمل على أكثر من اختراع .
(ب) من تلقاء نفسه .
وفى هاتين الحالتين يحتفظ الطالب بتاريخ الطلب الأول لكـل طلـب جزئي وكذا التمتع بحق الأولوية إن وجد .
و عليه يمكن القول أن تسجيل الإختراع في دولة من الدول الأعضاء في هذه الإتفاقية يجعل ذلك الإختراع فاقدا لشرط الجدة في الدول الأخرى لمدة 12 شهرا ، تبدأ من تاريخ التسجيل ، و ذلك لتمكين صاحب ذلك الإختراع ، خلال المدة المذكورة ، من تسجيل اختراعه في الدول التي يرغب في حماية اختراعه فيها ، و القيام بالتدابير الضرورية بهذا الخصوص خلال تلك المدة ، وإلا سقط حقه في حماية اختراعه في تلك الدول إذا ما مضت تلك المدة ، دون أن يقوم بتسجيل اختراعه فيها وفق الأصول المقررة بهذا الشأن ، لذلك عمدت معظم الدول الصناعية الكبرى ، إلى إيجاد نوع جديد من الإيداعات وهو كما سبق لنا و أن قلنا الإيداع الإلكتروني Electronic Filing ، وذلك تفاعلا مع متطلبات العصر ، ومن المؤسف أننا نجد دولتنا لا تعرف هذا النوع أبدا في تشريعاتها .
قواعد الحماية : القاعدة العامة هي وطنية البراءة الممنوحة في دولة معينة من دول الاتحاد عن نفس الاختراع واستقلالها عن غيرها من البراءات الممنوحة في الدول الأعضاء الأخرى. وهذا يعني أن منح براءة معينة عن اختراع في دولة متعاقدة لا يلزم باقي الدول الأعضاء على منح براءة لذات الاختراع. أيضا, منح البراءة في دول عضو لا يمكن أن يرفض, أو أن البراءة تبطل أو تنهى لأن البراءة عن ذات الاختراع قد تم رفضها أو إبطالها أو إنهائها في أي دولة أخرى عضو. المخترع له الحق لأن يسمى كذلك في البراءة الممنوحة له على الاختراع.
أيضا من القواعد، أن منح البراءة لا يجوز أن يرفض أو أن يتم إبطال البراءة لأن بيع المواد الخاضعة للبراءة, أو المواد التي تم الحصول عليها نتيجة لعملية صنع تم الحصول على براءة بشأنها, تخضع تحت القانون الوطني للدولة المعنية لتقييدات أو ضوابط أو موانع معينة.
الاتفاقية تنص على أنه في حال أن أي بلد عضو ينص على إجراءات قانونية معينة لمنح ترخيص إجباري ليمنع إساءة استخدام الحق الاحتكاري الحصري الذي تمنحه البراءة, فإن هذه الإجراءات القانونية يجب أن تكون مضبوطة ومحدودة. بناء على ذلك, في حال أن الترخيص الإجباري يكون سبب منحه هو عدم وضع صاحب براءة الاختراع محل البراءة في التطبيق العملي, فإن الترخيص الإجباري لا يمنح إلا بناء على طلب مقدم بعد ثلاثة أو أربعة سنوات لا يقوم فيها مالك البراءة بالتطبيق الجدي للاختراع محل البراءة ويجب رفض طلب الترخيص الإجباري في حال أن مالك البراءة أن عدم التطبيق يعود لأسباب مبررة. أيضا تنص الاتفاقية على أن إبطال البراءة يجب أن لا يتم طالما أن منح ترخيص إجباري لها يكون كافياً لمنع إساءة استخدامها. في هذه الحالة يجب أن يمر على الأقل سنتان من تاريخ منح الترخيص الإجباري عليها.
الحماية المؤقتة في المعارض الدولية :
ـ تمنح دول الاتحاد حماية مؤقتة للاختراعات التي يمكن أن تكون موضوعاً لبراءات ، وذلك عن المنتجات التي تعرض في المعارض الدولية الرسمية أو المعترف بها رسميا والتي تقام على إقليم أية دولة عضو .
ـ ولا يترتـب علـى تلك الحماية امتداد المواعيد المتعلقة بحق الأولوية ، إذ يجوز لكل دولة ـ في حالة مطالبتها بحق الأولوية ـ أن تجعـل سريان الميعاد يبدأ من تاريخ إدخال المنتج في المعرض ، مع حقها في أن تطلب ما تراه لازما من المستندات التي تثبت ذاتية المعروض وتاريخ إدخاله المعرض .
كانت تلك أهم ما احتوته اتفاقية باريس من أحكام رئيسية و مبادئ عامة ، يلزم التقيد بها من الدول الأعضاء و لا بد من الإشارة إلى أن العضوية في اتفاقية باريس متاحة لكل الدول . مع وجوب إيداع وثائق الانضمام لهذه الإتفاقية لدى المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية .
وقد تقدم القول أن هذه الاتفاقية قد بدأت ب 11 دولة في عام 1883 ، ومن ذلك الحين وعدد الدول الأعضاء فيها يزداد في استمرار ، و قد بلغ عدد الدول الأعضاء فيها 164 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 1997 .

استحقاق البراءة وإبطالها وإسقاطها والترخيص الإجبارى بإنتاج المنتجات محلها :
ـ لا يجوز رفض منح براءة اختراع ، كما لا يجوز إبطال براءة اختراع استناداً إلى أن القانون الوطني يحد من بيع المنتج الذي تحميه براءة أو أنتج وفقاً لطريقة محمية ببراءة .
ـ لا يجوز إسقاط البراءة إذا استورد مالكها في دولة الحماية أشياء مصنعة في أية دولة عضو في الاتحاد .
ـ يجوز للدول أن تنص في تشريعاتها على منح تراخيص إجبارية لمواجهة التعسف في مباشرة الحق الاستئثارى الناتج عن البراءة .
ـ إذا تبين أن الترخيص الإجباري لم يكن كافياً لتدارك التعسف جاز النص على سقوط البراءة ، على أنه لا يجوز اتخاذ أية إجراءات لإسقاط البراءة أو إلغائها قبل سنتين من منح الترخيص الاجبارى .
ـ لا يجـوز أن يكـون الترخيـص الاجبارى استئثار يا ، كما لا يجوز انتقاله إلا بخصوص جزء المشروع أو المحل التجاري الذي يستغل هذا الترخيص.
لا يجوز طلب الترخيص الاجبارى على سند من عدم الاستغلال للاختراع محل البراءة أو عدم كفاية هذا الاستغلال قبل انقضاء أربع سنوات من تاريخ إيداع طلب البراءة أو ثلاث سنوات من تاريخ منحها أيهما أبعد ، ويرفض منح هذا الترخيص إذا اثبت صاحب البراءة أن توقفه يعود إلى أسباب مشروعة .
3. النظام القانوني للمنافسة غير المشروعة في اتفاقية باريس:
إن اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية تنص في الفقرة الثانية من المادة الأولى على انه :-
(( تشمل حماية الملكية الصناعية براءات الاختراع ونماذج المنفعة والرسوم والنماذج الصناعية والعلامات الصناعية أو التجارية وعلامات الخدمة والاسم التجاري وبيانات المصدر أو تسميات المنشأ وكذلك قمع المنافسة غير المشروعة and the repression of unfair competition. )).
كما تنص المادة 10 (مكررة - ثانيا) تحت عنوان المنافسة غير المشروعة على انه :
(( 1 - تلتزم دول الاتحاد بأن تكفل لرعايا دول الاتحاد الأخرى حماية فعالة ضد المنافسة غير المشروعة.
2 - يعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع العادات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية.
3 - ويكون محظورا بصفة خاصة ما يلي :
أ- كافة الأعمال التي من طبيعتها أن توجد بأية وسيلة كانت لبسا مع منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
ب- الادعاءات المخالفة للحقيقة في مزاولة التجارة والتي من طبيعتها نزع الثقة عن منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
ج- البيانات أو الادعاءات التي يكون استعمالها في التجارة من شأنه تضليل الجمهور بالنسبة لطبيعة السلع أو طريقة تصنيعها أو خصائصها أو صلاحيتها للاستعمال أو كميتها. )))
ويعد نص المادة (10- مكررة /ثانيا) من اتفاقية باريس الأساس التشريعي لنظام المنافسة غير المشروعة القانوني والمصدر للنصوص الوطنية المقررة لدى النظم القانونية التي تضمنت تشريعاتها تنظيما للحماية من المنافسة غير المشروعة ، وتجدر الإشارة أيضا أن المادة 9 والمادة 10 (مكررة -أولا) من اتفاقية باريس نظمتا حظر استيراد وأوجبت مصادرة المنتجات التي تحمل بيانات الإنتاج على نحو غير صحيح ، كما أن المادة 10 (مكررة- ثالثا) من ذات الاتفاقية أوجبت على الدولة العضو في الاتفاقية أن تكفل للدول الأعضاء فيها وسائل الطعن القانونية التي من شانها حمايتهم من المنافسة غير المشروعة ومن الاعمال المحظورة بموجب المواد 9 و10 و10(مكررة /ثانيا) من الاتفاقية .
الفرع الثاني :إتفاقية الملكيـة الصناعية في اتفاقية جوانب التجارة المتصلة بحقوق الملكية الفكرية ( سنة 1994) المعروفة ب TRIPS:
1. نظرة عامة
التريبس هي إحدى الاتفاقيات التي أسفرت عنها جولة أورغواي للمفاوضات التجارية المتعددة الأطراف خير مثال على ذلك ويجري تطبيق هذه الاتفاقية في إطار المنظمة العالمية للتجارة التي تم إنشاءها بتاريخ 15 أبريل 1994 في إطار اتفاقية مراكش، وشرعت في العمل في فاتح يناير 1995 بمدينة جنيف ويبلغ عدد الدول في هذه المنظمة 154 دولة إلى غاية 5 فبراير 2003.
التريبس كما يشير اسمها (إتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من الملكية الفكرية) تضم مجموعة من القواعد والمعايير القانونية في قانون الملكية الفكرية التي تعتبر ذات أهمية لدعم التجارة والإستثمار الأجنبي. منظمة التجارة الدولية هي منظمة مابين حكومات يترأسها مجلس وزاري يجتمع مرة على الأقل كل سنتين. منظمة التجارة الدولية هي الإطار المؤسساتي الذي يدير اتفاقية التريبس وغيرها من الاتفاقيات والوثائق القانونية الأخرى التي تمت الموافقة عليها في جولة الأورغواي وهي: الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الجات) ، الاتفاقية العامة للتجارة بالخدمات (الغاتس)، اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من الملكية الفكرية (تريبس)، تفاهم تسوية المنازعات (د س يو)، آلية مراجعة السياسات التجارية (ت ب ر م)، القرارات والإعلانات الوزارية التي اعتبرت كملاحق للإتفاقيات المذكورة.
الإنضمام لمنظمة التجارة العالمية مشروط بقبول جميع الاتفاقيات المذكورة كحزمة واحدة. كثير من الدول العربية انضمت للمنظمة المذكورة وأصبحت بالتالي ملتزمة بالتريبس مثل: البحرين، مصر، جيبوتي، الأردن، الكويت، المغرب، موريتانيا، عمان، قطر، تونس، والإمارات العربية المتحدة، وعدد من الدول العربية تقدمت بطلب للإنضمام مثل الجزائر، لبنان، السودان، السعودية، سورية و الجمهورية اليمنية. الدول تقدمت بطلب للإنضمام أصبحت ملزمة بتعديل قوانين الملكية الفكرية فيها وجعلها متوافقة مع تريبس والاتفاقيات الأخرى التي تشير تريبس إليها وذلك كشرط من أجل قبول عضويتها في منظمة التجارة الدولية.
أما بالنسبة للجزائر فقد التزمت دوليا بالإنضمام إلى اتفاقية اتريبس ، وكان ذلك في اتفاق الشراكة بين الجزائر و الإتحاد الأوربي في المادة الأولى من الملحق السادس ، حيث جاء فيها :<< قبل انقضاء السنة الرابعة اعتبارا من دخول هذا الإتفاق حيز التنفيذ تنضم الجزائر و المجموعات الأوربية و- أو دولها الأعضاءإن لم يقوموا بذلك بعد ، إلى الإتفاقيات المتعددة الأطراف التالية و تضمن التطبيق الملائم و الفعال لللإلتزامات المترتبة عن هذه الأخيرة :.....
• الإتفاق حول حقوق الملكية الفكرية التي تمس بالتجارة ( مراكش 15 أفريل 1994 )>>.
لتقيد بأحكام اتفاقية التريبس يجب أن تعتبر كعامل مهم لدعم وجذب الإستثمارات الأجنبية واستقدام وتطوير التكنولوجيا في الدولة العضو، وليس فقط كواجب مفروض فرضاً بموجب اتفاقية منظمة التجارة العالمية. ومن ناحية أخرى يتوجب على الدولة العضو أن تستفيد من الاستثناءات والامتيازات التي تمنحها التريبس للدول النامية والأقل نمواً. الإستفادة من هذه الامتيازات والاستثناءات سوف يؤدي للتقليل من النفقات الاجتماعية والاقتصادية في الدولة العضو الناجمة عن تطبيق التريبس ويراعي متطلبات التنمية فيها.
2. الاتفاقيات الدولية الأخرى للملكية الفكرية التي تلزم تريبس الاطراف بها
التريبس تلزم الأعضاء بتطبيق أجزاء معينة من بعض اتفاقيات الملكية الفكرية الرئيسية، وبالإنضمام لمنظمة التجارة العالمية، الدولة العضو سوف تصبح ملزمة بتطبيق هذه الأجزاء على الرغم من أنها غير منضمة للاتفاقيات التي تحتويها. الاتفاقيات التي تلزم تريبس الأعضاء بتطبيق نصوص معينة منها والتي لم تنضم الدولة العضو إليها بعد هي:
• اتفاقية باريس للملكية الصناعية
المواد 2(1) و 9(1) من تريبس تلزم الأعضاء بالتقيد بالنصوص الموضوعية في اتفاقية باريس للملكية الصناعية بحسب آخر تعديل طرأ عليها (اتفاقية باريس لعام 1967). هذه الاتفاقية تضم الحدود الدنيا من الحقوق التي يتوجب على الدول الأعضاء أن تمنحها في أراضيها فيما يتعلق بالملكية الصناعية لمواطني الدول الأخرى الأعضاء في هذه الاتفاقية. الدولة العضو ملزمة بموجب التريبس بالتقيد بالنصوص المذكورة من اتفاقية باريس وجعل قوانينها متوافقة معها.
• اتفاقية برن الناظمة لحق المؤلف
المواد 2(1) و 9(1) من تريبس تلزم الأعضاء بالتقيد بالنصوص الموضوعية في اتفاقية اتفاقية برن الناظمة لحق المؤلف بحسب آخر تعديل طرأ عليها (اتفاقية برن لعام 1971)..
• اتفاقية واشنطن للتصميمات التخطيطية للدوائر المتكاملة
المادة 35 من التريبس تلزم الدول الأعضاء بالتقيد بالمواد: 2-7 (ما عدا المادة 6(3))، 12 و 16(3) من اتفاقية الملكية الفكرية المتعلقة بالدوائر المتكاملة (معاهدة واشنطن لعام 1989). هذه النصوص تمنح حماية للتصميمات التخطيطية للدوائر المتكاملة.
3. الأحكام الأساسية التي حوتها إتفاقية تريبس :
مبدأ المعاملة الوطنية :
تنص اتفاقية تريبس على مبدأ المعاملة الوطنية بأن يطبق كل عضو على مواطني سائر الدول الأعضاء الأخرى المعاملة المنصوص عليها فى الاتفاقية وذلك وفقاً للحقوق المماثلة المنصوص عليها فى اتفاقية باريس واتفاقية برن واتفاقية روما ومعاهدة الملكية الفكرية فيما يتصل بالدوائر المتكاملة . وتراعى اتفاقية تريبس الاستثناءات الواردة فى الاتفاقيات المعنية . ويطبق هذا المبدأ على جميع الحقوق الخاصة بالملكية الصناعية وتستثنى أيضاً من هذا المبدأ الإجراءات المنصوص عليها فى الاتفاقيات متعددة الأطراف المبرمة تحت رعاية المنظمة العالمية للملكية الفكرية والخاصة باكتساب حقوق الملكية الفكرية أو الحفاظ عليها ( المادة 5 ) .

مبدأ الدولة الأكثر رعاية :
تضيف اتفاقية تريبس مبدأ الدولة الأكثر رعاية ، والذي لم يرد سابقاً فيما يتعلق بالملكية الفكرية ، وفى الاتفاقيات المتعددة الأطراف على الأقل.
و ينص هذا المبدأ على أن أي ميزة أو مزية أو أفضلية أو حصانة يمنحها عضو لمواطني أي بلد آخر ( عضواً كان أو غير عضو ) يجب منحها فوراً ودون أي شرط لمواطني سائر الأعضاء ، مع وجود بعض الاستثناءات المحددة (المادة 4) وكما هو الحال في مبدأ المعاملة الوطنية ، تستثنى من هذا المبدأ الإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقيات المتعددة الأطراف المبرمة تحت رعاية المنظمة العالمية للملكية الفكريـة والخاصـة باكتسـاب حقـوق الملكية الفكرية أو الحفاظ عليها (المادة 5) .
هذا و قد رخصت هذه الاتفاقية للبلدان الأعضاء الحق في إرجاء تنفيذ أحكامها و ذلك لمدة زمنية معينة – كمرحلة انتقالية – حددها في ضوء تقسيم ثلاثي للبلدان على النحو الآتي :
• البلدان الأعضاء النامية devloping country members : أجاز اتفاق تريبس لهذه البلدان ، تأخير تطبيق أحكام الإتفاق الحالي لفترة زمنية أخرى علاوة على مدة سنة الممنوحة لكل الدول مدتها 4 سنوات يضاف إليها فترة إضافية مدة 5سنوات إذا ما كان البلد العضو النامي سيوسع نطاق منح حماية المنتجات المغطاة المتمتعة ببراءة الاختراع ليشمل مجالات التكنولوجيا غير المتمتعة بمثل هذه الحماية في أراضيها أي إن المجموع 10سنوات كاملة . على أن "ًيراجع مجلس الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية تنفيذ الإتفاق الحالي عقب انقضاء هذه الفترة الإنتقالية بناء على الخبرة العملية المكتسبة في تنفيذه فتتم المراجعة بعد مضي سنتين على هذا التاريخ و على فترات مماثلة بعد ذلك" .
كما يجوز للمجلس إجراء عمليات استعراض في ضوء أي تطورات جديدة ذات صلة قد تستلزم تعديل هذا الإتفاق أو تنقيحه .
• البلدان الأعضاء الأقل نموا least developeded country members: أجاز اتفاق تريبس لهذه البلدان أن لا تلتزم بتطبيق أحكام هذه الإتفاقية فيما عدى المواد 3، 4 ،5 ، لفترة زمنية قدرها 10 سنوات اعتبارا من تاريخ تطبيق هذه الإتفاقية .
و أجازت المادة نفسها ل : مجلس الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الفكرية تمديد هذه الفترة بناء على طلب وجيه من البلد العضو.
كم ألزم الاتفاق ، البلدان الأعضاء المتقدمة ، بإتاحة حوافز لمؤسسات الأعمال و الهيئات في أراضيها بغية حفز و تشجيع نقل التكنولوجيا لأقل البلدان الأعضاء نموا لتمكنيها من خلق قاعدة تكنولوجية سليمة قابلة للاستمرار ، حيث أوضح واضعوا الاتفاقية أن سبب النص على هذه الميزة لصالح هذه البلدان هو مواجهة احتياجاتها و متطلباتها الخاصة و العقبات الاقتصادية والمالية والإدارية التي تعاني منها وحاجتها للمرونة لخلق قاعدة تكنولوجية قابلة للاستمرار .
• البلدان الأعضاء الأخرى any other members : أجاز اتفاق تريبس لأي من البلدان الأعضاء الأخرى السائرة في طريق التحول من النظام الاقتصادي المركزي (التخطيط) إلى نظام الاقتصاد الحر (التخطيط) و التي تتخذ حاليا عمليات إصلاح هيكلي لنظام حقوق الملكية الفكرية فيها و تواجه مشاكل خاصة في إعداد و تنفيذ قوانين الملكية الفكرية و لوائحها التنظيمية الاستفادة من" مهلة التأخير- الفترة الانتقالية" المنصوص عليها لصالح البلدان الأعضاء النامية .
غيرأنه بعض التحفظات ، واستثناءات يمكن ان ترد كاستثناء على المبدأ نذكرها فيما يأتي :
1. التحفظات :
يحظر على الأعضاء إبداء أى تحفظات بشأن أى حكم من أحكام اتفاقية تريبس دون موافقة سائر البلدان الأعضاء الأخرى ( المادة 72 ).
2. الاستثناءات الأمنية :
تمنح هذه الاتفاقية استثناء عاماً للدول الأعضاء من اتخاذ أى إجراءات قد تمس مصالحها الأمنية الأساسية . وعلى وجه الخصوص ، لا تلزم الاتفاقية أى عضو بتقديم أى معلومات يعتبر الإفصاح عنها منافياً لمصالحه الأمنية الأساسية . وبالإضافة إلى ذلك ، يمكن لأى عضو اتخاذ إجراءات يعتبرها ضرورية لحماية مصالحه الأمنية الأساسية فيما يتعلق بالمواد القابلة للانتشار أو المواد التى تشتق منها، أو فيما يتعلق بتجارة الأسلحة والذخائر والمعدات الحربية والتجارة فى سلع ومواد أخرى تتم التجارة فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة بغية تزويد المؤسسات العسكرية باحتياجاتها أو اتخذت فى أوقات الحرب أو الطوارئ الأخرى فى العلاقات الدولية . كما يجوز لأى من الدول الأعضاء اتخاذ أى إجراء فى سياق القيام بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة لصون الأمن والسلام الدوليين (المادة 73) .
4. المعايير المتعلقة بتأمين حقوق الملكية الفكرية :
الجزء الأساسي من تريبس مكرس للنص على المعايير الأساسية التي يجب التقيد بها من قبل الدول الأطراف بالنسبة لتأمين حماية حقوق الملكية الفكرية فيها. التريبس تنص على قواعد تمثل حدوداً دنيا يتوجب على الأطراف الالتزام بها لجهة نوع الحق المتاح, مدى هذا الحق من ناحية موضوعه ومدة الحماية. هذه القواعد موزعة على ثمانية أقسام يحتويها الجزء الثاني من الاتفاقية ومقسمة بحسب موضوعات الملكية الفكرية من حق المؤلف والحقوق المجاورة, العلامات التجارية.والبيانات الجغرافية...الخ .
وقد وردت فيها معايير متعلقة بتأمين براءة الإختراع و تتضمن الشروط الاساسية للمعايير المتعلقة باتاحة حقوق براءات الاختراع ونطاقها والانتفاع بها على النحو الآتي:
• تتاح امكانية الحصول على براءات الاختراع لأي منتجات وعمليات في ميادين التكنولوجيا, شريطة أن تكون جديدة ومنطوية على خطوة ابداعية وقابلة للتطبيق الصناعي (المادة 27-1), ويجوز للبلدان أن تستثني الاختراعات التي يكون منع استغلالها التجاري في اراضيها ضروريا لحماية النظام أو لآداب بما في ذلك حماية الحياة أو الصحة البشرية أو الحيوانية او النباتية أو لتجنب الاضرار الشديد بالبيئة, شريطة ألا يكون ذلك الاشتثناء ناجما فقط عن حظر قوانينها لذلك الاستغلال (المادة 27-2)؛ ويجوز ايضا للبلدان الاعضاء استثناء طرق التشخيص والعلاج والجراحة اللازمة لمعالجة البشر أو الحيوانات خلاف الاحياء الدقيقة والطرق البيولوجية في معظمها لانتاج النباتات أو الحيوانات خلاف الأساليب والطرق غير البيولوجية الدقيقة (المادة 27-3)؛ وعلى البلدان الاعضاء منح الحماية لأنواع النباتات اما عن طريق براءات الاختراع او بنظام فعال خاص بهذه الانواع او باي مزيج منها (المادة 27-3)
• تمنح براءات الاختراع ويتم التمتع بحقوق ملكيتها أيا كان مكان الاختراع أو مجال التكنولوجيا وسواء كانت المنتجات مستوردة او منتجة محليا (27-1)
• تخول الحقوق الاستئثارية لمالك البراءة, حين يكون موضوع البراءات منتجا ماديا, حق منع أطراف ثالثة من صنع أو استخدام أو عرض أو بيع أو استيراد ذلك المنتج, كما تعطيه, حين يكون موضوع البراءة عملية صناعية, حق منع أطراف ثالثة من استخدام العملية واستخدام وعرض وبيع أو استيراد المنتج الذي يتم الحصول عليه مباشرة بهذه الطريقة لهذه الاغراض (المادة 28-1), ويجيز الاتفاق للأعضاء فرض استثناءات محدودة (المادة 30)
• لأصحاب الحق في التنازل عنها للغير أو تحويلها للغير واتاحتها للترخيص (المادة 28-2)
• تفرض بعض الشروط الخاصة بالكشف عن الاختراع في طلب الحصول على البراءة (المادة 29)
• حين يسمح باستخدام براءة الاختراع دون الحصول على موافقة اصحاب الحق في البراءة (ويعرف عادة بالترخيص الاجباري) بما في ذلك الاستخدام من قبل الحكومة يتعين احترام أحكام مفصلة (المادة 31)؛ ويكون هذا الاستخدام في حالة تعلقه بتكنولوجيا أشباه الموصلات محدودا لاغراض مفصلة (المادة 31(ج))
• تتاح فرصة لاعادة النظر أمام القضاء في أي قرار بإلغاء البراءة أو اسقاطها (المادة 32)
• لا تنتهي مدة الحماية المتاحة قبل انقضاء 20 سنة اعتبارا من تاريخ الايداع (المادة 33)
• يقع عبء اثبات أن طريقة تصنيع منتج تختلف عن الطريقة المشمولة ببراءة اختراع, على الشخص المتهم بالتعدي في بعض الحالات(المادة 34)
وبالاضافة الى الالتزامات السابقة, فان أي عضو لا يمنح الحماية بموجب البراءات للمستحضرات الصيدلية والمنتجات الزراعية الكيمائية وفقا للمادة 27 من اتفاق تريبس, اعتبارا من دخول اتفاق منظمة التجارة العالمية حيز التنفيذ (أي في الاول من يناير/كانون الثاني 1995), عليه أن يقبل بايداع طلبات البراءات لتلك المستحضرات والمنتجات, وعليه أن يفعل ذلك اعتبارا من الاول من يناير/كانون الثاني 1995. وما ان يصبح اتفاق تريبس قابلا للتطبيق في البلد العضو, يلتزم ذلك البلد أن يطبق على تلك الايداعات معايير الاهلية للبراءة كما لو تم تطبيق تلك المعايير في تاريخ الايداع وتاريخ الاولوية للطلب. وفي حالة استيفاء الطلب لمعايير الاهلية للحماية, فان العضو يلتزم بتوفير حماية البراءة لما تبقى من مدتها اعتبارا من تاريخ الايداع (المادة 70-8).
على ان البلد العضو ملزم بمنح حق استئثاري في التسويق, بشأن الاختراع موضوع الطلب المذكور, لمدة خمس سنوات اعتبارا من منح التسويق وينتهي حق التسويق متى رفض العضو طلب البراءة المودوعة فيه أو منح البراءة على أساس ذلك الطلب, على أن الرفض أو المنح اذا وقع بعد أكثر من خمس سنوات لاحقة على الموافقة على التسويق في العضو, فإن حق التسويق في العضو ينقضي عندئذ بعد خمس سنوات من منح الموافقة على التسويق في العضو وذلك اذا أودع طلب للبراءة ومنحت براءة وتم الحصول على موافقة على التسويق في عضو اخر, بعد دخول اتفاقية منظمة التجارة العالمية حيز التنفيذ (المادة 70-9)
5. النظام القانوني للمنافسة غير المشروعة ضمن اتفاقيات التجارة الدولية:
ان الميزة الاساسية لاتفاقية تريبس والتي تميزها عن غيرها من الاتفاقيات و المعاهدات الخاصة بمجال حقوق الملكية الفكرية أنها ولأول مرة اوجدت مركزا آخر لادارة نظام الملكية الفكرية عالميا ، الا وهو منظمة التجارة العالمية ، التي خصصت اتفاقية انشائها من بين هيئاتها مجلسا خاصا باتفاقية تريبس ، وإيجاد مركز جديد كان يوجب تنبه المجتمع الدولي لاحتمالات التناقض بين مركزي إدارة الملكية الفكرية ، الوايبو ومنظمة التجارة ، لهذا ابرم بروتوكول او اتفاق تعاون بين المنظمتين عام 1996 لتنظيم العلاقة بينهما وتعاونهما بشان إدارة نظام الملكية الفكرية دوليا .
وفي تنظيم اتفاقية تربس لمسائل المنافسة غير المشروعة المرتبطة بالملكية الفكرية اعتمدت بشكل اساسي على ما هو مقرر في المادة 10 (مكررا - ثانيا) من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية السابق عرضها ، وباستقراء نصوص اتفاقية تربس يظهر أن النصوص المنظمة للمنافسة غير المشروعة تتمثل فيما يلي :- تنص الفقرة 2 من المادة الاولى من اتفاقية تربس على انه (( في هذه الاتفاقية يشير اصطلاح الملكية الفكرية الى جميع فئات الملكية الفكرية المنصوص عليها في الاقسام 1-7 من الجزء الثاني)) وبالرجوع إلى الأقسام المذكورة نجد براءات الاختراع في القسم 5منها وجرى في هذه الأقسام الإحالة للمادة 10 (مكررة) المنظمة لأحكام المنافسة غير المشروعة في اتفاقية باريس
وتنص الفقرة 2 من المادة الثامنة المتضمنة للمبادئ العامة على انه :- (( قد تكون هناك حاجة لاتخاذ تدابير يشترط اتساقها مع أحكام الاتفاق الحالي لمنع حائزي حقوق الملكية الفكرية من إساءة استخدامها أو منع اللجوء إلى ممارسات تسفر عن تقييد غير معقول للتجارة أو تؤثر سلبا على النقل الدولي للتكنولوجيا )) وبهذا المبدأ تكرس الاتفاقية وجوب عدم إساءة استخدام حقوق الملكية الفكرية الاستئثارية على نحو يعرقل جهود نقل وتبادل التكنولوجيا.
أما فيما يخص الرقابة على الممارسات غير التنافسية في التراخيص التعاقدية:
توافق البلدان الأعضاء على إمكانية أن يترتب على بعض الممارسات أو الشروط المتعلقة بترخيص حقوق الملكية الفكرية والتي تقيد المنافسة, أثار سلبية على التجارة, وقد تعرقل نقل التكنولوجيا وتعميمها (40-1), ويسمح اتفاق تريبس للأعضاء ان تحدد في تشريعاتها الممارسات أو شروط الترخيص التي يمكن أن تشكل في حالات معينة اساءة لاستخدام حقوق الملكية الفكرية ويكون لها أثر سلبي على المنافسة في السوق ذات الصلة كما يجوز لأي من البلدان اتخاذ تدابير ملائمة لمكافحة ومنع هذه الممارسات (المادة 40-2)
يلتزم كل من البلدان الاعضاء بالدخول في مشاورات, حين الطلب, مع أي عضو آخر لضمان الامتثال لهذه التشريعات (المادة 40-3) أو عندما يخضع أحد مواطني البلد العضو للمحاكمة في بلد عضو آخر (المادة 40-4).
6. انفاذ حقوق الملكية الفكرية
من المميزات الاساسية لإتفاقة تريبس أنها نصت على فصل خاص (الجزء الثالث) يتعلق بإنفاذ حقوق الملكية الفكرية بشكل عام. هذا الجزء يلزم الاعضاء بتوفير إجراءات اساسية معينة لحاملي حقوق الملكية الفكرية تضم الاجراءات المدنية لحماية الحقوق والتعويض على اصحابها في حالة الاعتداء عليها, إجراءات جنائية هذا بالاضافة لإجراءات مؤقتة واحتياطية تتخذ من اجل الحفاظ على الادلة المتعلقة بواقعة تتصل بالاعتداء على حق الملكية الفكرية وعلى منع وقوع اعتداء وشيك عليها. وعلى تدابير حدودية لضمان عدم تسرب البضائع المقلدة الى السوق.
تريبس تنص على أن جميع الاجراءات المذكورة اعلاه, وكل اجراءات انفاذ حقوق الملكية الفكرية يجب أن تكون منصفة وعادلة، ولا يجوز أن تكون معقدة أو باهظة التكاليف بصورة غير ضرورية، ولا تنطوي على مهل غير معقولة أو تأخير لا داعي له (المادة 41-2).
7. نظام تسوية النزاعات
بصفتها احدى اتفاقيات منظمة التجارة الدولية, فإن تريبس خاضعة ايضاً لنظام حل النزاعات الذي تديره المنظمة هذا النظام يعتبر احد اهم ميزات تريبس التي تميزها عن كل اتفاقيات الملكية الفكرية السابقة. هذا النظام يوفر للاعضاء الية لحل نزاعاتهم الناجمة عن تطبيق اتفاقية تريبس وبالفعل قد تم حتى الان حل الكثير من النزاعات من خلال هذا النظام. ويلاحظ بأن جميع الاعضاء متساوون امام هذا النظام بغض النظر عن حجمهم الاقتصادي أو السياسي.
وفي الأخير يمكننا القول بأن أتفاقية التريبس هي الإتفاقية الأكثر شمولية أي أنها تطرقت لجميع النواحي .
المبحث الثالث : أهمية دور القضاء في حماية براءة الإختراع
المشكلة الرئيسية فيما يتعلق بحماية براءة الإختراع في الدولة العربية والنامية بشكل عام هي ليست في انعدام النصوص القانونية الموضوعية التي تعترف و تقر هذه الحقوق وإنما في تطبيق هذه القوانين و إنفاذ هذه الحقوق لمصلحة أصحابها من قبل الأجهزة المختصة، على رأسها الجهاز القضائي. قوانين براءة الإختراع التي تضمن الحد الأدنى من الحماية لهذه الحقوق موجودة في الدول المذكورة منذ أكثر من قرن، ويندر أن نجد دولة في العالم لم تدخل قوانين براءة الإختراع إليها حتى الآن. كذلك فقد عرفت معظم الدول العربية قوانين الملكية الفكرية بصفة عامة بمعناها الحديث منذ أيام الإمبراطورية العثمانية، ناهيك عن آفة العصر المتمثلة في هجرة الأدمغة من جراء الإضطهادات الفكرية .
أهمية دور القضاء في حماية براءة الإختراع تفوق أحيانا أهمية وجود النص التشريعي نفسه الذي يقرر و يعترف بالحق. وجود قضاء جيد مع عدم وجود نص تشريعي خاص يحمي براءة الإختراع يعطي نتائج أفضل على صعيد الحماية من وجود قضاء و أجهزة ملحقة به غير مؤهلة حتى و لو كانت تتوفر بين يديها أفضل النصوص التشريعية و أحدثها التي تحمي حق الملكية الفكرية. القضاء الكفء يمكن أن يستند على المبادىء العامة للقانون المدني وقواعد العدالة من أجل حماية حق الملكية الفكرية.
1. أهمية دور القضاء في العالم في حماية حقوق الملكية الفكرية
القضاءبشكل عام، في كل الدول، لعب ولا يزال يلعب دوراً أساسيا في حماية براءة الإختراع وتطوير القوانين المنظمة لهذه الحماية. السبب الرئيسي لذلك هو أن الحماية المنظمة المنهجية لبراءة الإختراع بدأت في فترة تاريخية متأخرة نسبياً بالمقارنة مع حماية باقي الحقوق المتصلة بالأموال المادية الثابتة والمنقولة.
الاعتراف بحق المخترع على إختراعه، بدأ يأخذ هذا الطابع المنظم خلال الثلاثمائة سنة الأخيرة بعد ظهور الثورة الصناعية و ظهور أهمية هذا الحق في العملية الاقتصادية. فكان هذ الحق ولا زال، يتطور بسرعة تفوق سرعة المشرع على تنظيمه في قوانين و نصوص موضوعية، مما استدعى تدخل القضاء بشكل إيجابي وفعال، ليس فقط لتنفيذ القوانين الموضوعة المتعلقة بهذا الحق وتطبيقها بشكل إلى جامد، إنما لتطبيقها وتفسيرها بطريقة بناءة إيجابية بحيث يضع القواعد الأساسية التي تسهم في تطويرها وسد ثغراتها والتعامل مع التطورات التي لم يتعامل معها . وهكذا نجد أن الكثير من المبادئ المكرسة حالياً في قوانين براءة الإختراع تم تطويرها بالأساس و الاعتراف بها من قبل القضاء في الدول المختلفة. ولعل أحد الأمثلة على هذه المسالة هي كما سبق القول إرساء القضاء لقواعد براءة الإختراع وهو ما شاهدناه عند حديثنا عن الشروط الموضوعية الواجب توفرها في الإختراع لكي يحصل على البراءة ، لذلك نكتفي بالإحالة على ما سبق فيما يخص الأمثلة القضائية التي ضربناها .
وهكذا لعب القضاء ولا يزال يلعب دوراً أساسياً في تطوير قواعد حماية الملكية الفكرية وقوانينها.
1. أداء القضاء العربي في حماية حقوق الملكية الفكرية:
أهمية دور القضاء في حماية براءة الإختراع تفوق أحيانا أهمية وجود النص التشريعي نفسه الذي يقرر و يعترف بالحق. وجود قضاء جيد مع عدم وجود نص تشريعي خاص يحمي براءة الإختراع يعطي نتائج أفضل على صعيد الحماية من وجود قضاء و أجهزة ملحقة به غير مؤهلة حتى و لو كانت تتوفر بين يديها أفضل النصوص التشريعية و أحدثها التي تحمي حق الملكية الفكرية. القضاء الكفء يمكن أن يستند على المبادئ العامة للقانون المدني وقواعد العدالة من أجل حماية براءة الإختراع ، كما حصل في بعض البلدان العربية التي تأخر وجود قوانين لحماية براءة الإختراع ، و يمكن لقضاء غير مؤهل أن لا يطبق بشكل فعال أفضل و أحدث القوانين.