منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدول العربية وحقوق الإنسان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-11-06, 23:34   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










M001 تابع

فإذا انتقلنا إلى العقد التالي (1988) لوجدنا أن حصيلة الدول المصدقة المنضمة ارتفع من ستة دول إلى عشرة دول فقط، أما الدول الثلاث التي صدقت على العهدين الدوليين (كنا قد ذكرنا المغرب سابقاً) فهي مصر والسودان واليمن الديمقراطية ولم تصدق أية دولة عربية على البروتوكول الاختياري كما هو مبين في الجدول التالي(31) :
الدولة
العهد الدولي للحقوق الاقصادية والاجتماعية والثقافية العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية البروتوكول الاختياري
تصديق انضمام تصديق انضمام
مصر
السودان
اليمن الديمقراطية 14/1/82
-
1986 -
18/3/86
- 14/1/82
-
1986 -
18/3/86
- -
-
-
وإذا استعملنا لغة المنظمة العربية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر لعام 1988 فإنه حتى العام المذكور لم تزل ثلاث دول عربية بدون دساتير، ودولتين أخريين لا يوجد فيهما دستور بالمعنى الكامل، وأغلب الدول الأخرى لها دساتير مؤقتة.
وعشر دول عربية فقط انضمت إلى العهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وهناك دولتان لم تنضما إلى أية اتفاقية.
ولم تنضم إلى اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة غير ثلاث أقطار عربية، وإلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة غير دولتين.(32)
لأدركنا بجلاء مدى (السير السلحفائي) الذي تخطوه الدول العربية في التصديق أو الانضمام للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
أما العقد الثالث (عقد التسعينات) فإننا نجد أن هناك اتجاهاً متزايداً (نسبياً) ومقارنةً مع العقود السابقة، نحو التصديق أو الانضمام إلى تلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وهذا ما سندرسه بعد قراءة الجدول التالي(33):

لقد زاد عدد الدول العربية المصدقة على العهدين الدوليين بحيث أصبحت ثلاث عشرة دولة بعد أن كانت عشر دول في عقد الثمانينات.
غير أن الملاحظ هو أن هناك أربع دول عربية قد وقعت على البروتوكول الاختياري وهي (الجزائر - السودان - الصومال - ليبيا).
وارتفع عدد الدول العربية الإفريقية المصدقة على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان من ثلاث دول عام 1978 (وتشمل كلاً من الجزائر والسودان وموريتانيا) إلى سبع دول هي بالإضافة إلى الدول المذكورة تونس والصومال وليبيا ومصر.
فضلاً عن ذلك فقد ارتفع -بشكل ملحوظ- عدد الدول العربية المصدقة على الاتفاقيات المتعلقة بالقضاء على التمييز العنصري بكافة أشكاله، وجريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والاتفاقيات المتعلقة بإلغاء التمييز ضد المراة وإعطائها حقوقها السياسية واتفاقية حقوق الطفل والاتفاقيات الخاصة باللاجئين.
بعد ذلك علينا أن نقوم بتفسير ظاهرتين، أولاهما تتعلق -كما قلنا- بالزيادة النسبية في عدد الدول العربية المصدقة على الاتفاقيات الدولية، ويعلل ذلك على أثر المتغيرات والانعكاسات الدولية وأهمها سقوط الاتحاد السوفييتي وغيره من الأنظمة الشمولية والفشل الذريع الذي منيت به هذه الدول وانعكاسات ذلك على شعوبها، مما أدى بشكل غير مباشر إلى طرح المسألة على الأنظمة العربية، إضافة إلى ما نستطيع تسميته (هيمنة المفهوم) والحكم الأخلاقي الذي تواجه به الدول المتخذة موقفاً سلبياً من قضايا حقوق الإنسان واتفاقياتها الإقليمية أو الدولية، ويمكن التحدث أيضاً -ولو بشيء من الحذر- عن منع الدول الغربية إعطاء المساعدات إلى الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان حسب التعبير السياسي والإعلامي السائد.
كل هذه الظروف أثرت بشكل مباشر أو غير مباشر على موقف الدول العربية من قضاياحقوق الإنسان ودفعتها إلى التوقيع أو التصديق على الاتفاقيات المتعلقة بهذه القضايا إضافة إلى ما سيتركه توقيعها على هذه الاتفاقيات من آثار إيجابية على موقفها أمام الرأي العام العالمي، وعلى موقفها -وإن يكن غير ظاهر بشكل واضح - أمام شعوبها.
أما الظاهرة الأخرى فهي تقف على النقيض من الأولى، وهي تفسير إحجام عدد من الدول العربية عن التوقيع على مثل هذه الاتفاقيات.
لا شك أن التعليل الأول الذي تطرحه الدول نفسها هو أن موضوع حقوق الإنسان يندرج ضمن الاختصاص الداخلي للدولة ولا ينبغي إخضاعه لأي نوع من التشريع أو الرقابة الدولية إضافة إلى طرح بعض الدول العربية الرأي الذي يتعلق بأن الإعلانات والاتفاقات الدولية إنما تعبر عن المفهوم الغربي للإنسان وفي هذا ما يتعارض مع الفهم الإسلامي لدور الإنسان ووظيفته، وبالتالي فهذه الاتفاقيات ليست عالمية كما تدعي ذلك بقدر ما هي نتاج حضارة خاصة بعينها، وسنتعرض إلى هذه النقطة بشكل وافي في فصل قادم.
وهناك نقطة أخرى تتعلق بالدول العربية التي ترفض الإشراف الدولي على قضايا حقوق الإنسان وما يتبع ذلك من تدخل في شؤونها الداخلية (لاسيما البروتوكول الاختياري) الذي يرتب التزامات محددة بالنسبة للدول التي صدقت عليه.
غير أنه علينا أن لا نغرق في التفاؤل ونعتقد أن مجرد التصديق أو الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية يمثل كل شيء بالنسبة للإنسان وحقوقه. لا شك أن ذلك يمثل خطوة مهمة في سبيل الإقرار والاعتراف بها، إلا أنه ينبغي الاتجاه نحو الخطوة الأهم وهي التطبيق الفعلي والعملي لهذه الاتفاقيات على أرض الواقع الأمر الذي يحوّلها من مجرد نصوص تتلى وتقرأ إلى واقعٍ يعيشه المواطنون داخل أوطانهم وبلادهم.

الباب الرابع
المجتمع المدني وحقوق الإنسان
الفصل الأول
المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان في الوطن العربي

من المؤسف له أنه عند الحديث عن حقوق الإنسان بمعناها المؤسسي في دول العالم الثالث عموماً والدول العربية خصوصاً، فإنه يجب الحديث عن شقين، غالباً ما يكونان متعارضان ذلك أن القطيعة بين الدولة والمجتمع تتفاقم باستمرار داخل المجتمعات العربية مما يفرض على الباحث أن يتكلم عن الإجراءات التي تقوم بها الدولة في مجال حقوق الإنسان -وغالباً ما تكون في مجال انتهاك حقوق الإنسان- وبين الآليات والوسائل التي يقوم بها المجتمع المدني ليحمي نفسه من (تغوّل) الدولة ومن أخطبوطها المخابراتي أو الشُرطي الذي يمارس وظيفته بشكل تام دائماً في التدخل في شؤون الأفراد وحياتهم في كافة المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية والإعلامية وغيرها.
لذلك فإن الكتابة عن دور المنظمات والمؤسسات غير الحكومية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان في العالم العربي تفرض نفسها على الباحث، كونها تمثل جزءاً مهماً من مسيرة حقوق الإنسان في العالم العربي.
المنظمة العربية لحقوق الإنسان
نبدأ من مدينة ليماسول (قبرص) حيث اتفق نحو مئة من المثقفين العرب على القيام بمبادرة عربية لحقوق الإنسان، وبعد أن رفضت الحكومات العربية تمكين هؤلاء المثقفين من عقد مؤتمرهم الأول في أي عاصمة عربية، اضطر المنظمون إلى عقد الجمعية التأسيسية في ليماسول (قبرص) في الأول من ديسمبر 1983، وتمت الدعوة إلى إنشاء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وتقرر أن تكون القاهرة هي مقر الأمانة العامة للمنظمة، وعندما حاولت أن تعقد مؤتمرها الثاني في القاهرة في تشرين ثاني 1986 رفضت الحكومة المصرية أن تعطيها إذناً بذلك. فعقدت مؤتمرها في الخرطوم 1987 وحاولت الحصول على وضعية استشارية لها في المجلس الاقتصادي-الاجتماعي للأمم المتحدة المعروف باسم (ايكوزول) إلا أن الدول العربية مجتمعة عارضت ذلك.
غير أن المنظمة تابعت مسيرتها ونمت ببطء شديد، وتمكنت من فتح مكتب دائم لها في كل من جنيف ولندن، وفيينا، وباريس، وتورنتو، ولها أيضاً فروع في ثمان دول عربية (الكويت، مصر، المغرب، تونس، الجزائر، الأردن، لبنان، اليمن)، ومجموعات عمل وعضوية فردية في كل البلاد العربية، وفروعاً في خمسة دول غربية هي -كما ذكرنا- (فرنسا، ألمانيا، النمسا، المملكة المتحدة، كندا).(1)
وللمنظمة الأم مجلس أمناء منتخب، ورئيس، وأمين عام، وكان رئيسها الأول هو المرحوم فتحي رضوان، الذي كان يلقب في حياته باسم «شيخ المعارضين» وكان أمينها العام الأول د. سعد الدين إبراهيم، ثم خلف الأستاذ فتحي رضوان في الرئاسة المعارض العراقي الكبير المهندس أديب الجادر، وخلف سعد الدين إبراهيم كأمين عام، الأستاذ محمد فائق وزير الإعلام المصري الأسبق، في عهد جمال عبد الناصر.
ويرأس المنظمة حالياً الدكتور علي أومليل، المفكر المغربي، وأستاذ الفلسفة، وأعيد انتخاب الأستاذ محمد فائق أميناً عاماً لدورة ثالثة.(2)
ووفقاً للمادة الأولى من النظام الأساسي، فإن المنظمة تهدف إلى العمل على احترام وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الوطن العربي لجميع المواطنين والأشخاص الموجودين على أرضه طبقاً لما تضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وذلك بالدفاع عن كافة الأفراد والجماعات التي تتعرض حقوقهم الإنسانية للانتهاك خلافاً لما هو منصوص عليه في تلك المواثيق، وهي في سعيها لذلك -كما تنص المادة الثانية- لا تنحاز مع أي نظام عربي أو ضده.
وتعمل على تحقيق أهدافها تلك عن طريق وسائل من شأنها نشر وتعميق وعي المواطن بحقوقه، كوسائل الاتصال والإعلام، وتنسق مع جميع المنظمات والهيئات والجماعات العاملة في مجال حقوق الإنسان.
ويقوم تنظيمها الداخلي على جمعية عمومية تعد بمثابة السلطة العليا في المنظمة وتعقد كل ثلاث سنوات، ومجلس أمناء منتخب يجتمع مرة سنوياً، ولجنة تنفيذية تتولى متابعة العمل بين دورات انعقاد مجلس الأمناء وأمانة عامة يرأسها أمين عام ينتخب من بين أعضاء مجلس الأمناء.
وتعمل المنظمة من خلال عدد من اللجان الداخلية المتخصصة، مثل اللجنة القانونية، لجنة حرية الرأي والتعبير، لجنة حقوق المرأة.
لقد كان أمام المنظمة وفروعها مهام شائعة للغاية، ليس فقط التعامل مع الحكومات العربية التي ناصبتها العداء منذ البداية، ورفضت الاعتراف بها وقامت بملاحقة أعضائها ومطاردتهم، ولكن أيضاً في تنمية ثقافة عربية لحقوق الإنسان مجردة عن الهوى الأيديولوجي، كأن تدافع المنظمة عن الشيوعي والإسلامي، عن الناصري والبعثي والليبرالي، بنفس القوة والحماس مادام الأمر يمس حقوقهم الإنسانية.(3)
لقد كان ومازال واجب المنظمة الدفاع عن حقوق الإنسان مجرداً عن أيديولوجيته ومذهبه وعقيدته، حتى وإن كان لا يؤمن بحقوق الإنسان نفسها.
ويعتمد نشاطها على البيانات والنشرة الشهرية لمتابعة انتهاكات حقوق الإنسان السياسية والمدنية، والمرجع الأساسي الذي تميل إليه المنظمة في مباشرتها لأنشطتها المختلفة هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق والحريات الواردة في الدساتير العربية، كما أن التقرير السنوي الذي تصدره المنظمة منذ عام 1987 عن حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي يعد مصدراً عالي المستوى في التعرف على أوضاع هذه الحقوق فضلاً عن أن بعض هذه التقارير يتضمن دراسات مهمة في مجال تعميق الوعي السياسي لدى المواطنين العرب بشأن كل ما يخص حقوقهم وحرياتهم المختلفة.
وإلى جانب التقرير السنوي، تصدر المنظمة نشرة شهرية بعنوان «النشرة الإخبارية» وكتاباً غير دوري بعنوان «حقوق الإنسان في الوطن العربي» وسلسلة ثقافية بعنوان «ندوات فكرية» تعرض فيها خلاصة الندوات التي تنظمها فروع هذه المنظمة.
ومن إصدارات هذه السلسلة:
- التعليم والإعلام والتوثيق في مجال حقوق الإنسان عام 1987.
- الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وأحوال الوطن العربي، وهي الندوة الأولى التي عقدت بمناسبة الذكرى 40 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وذلك في أيار/ مايو من العام 1988، في فيينا.(4)
-النظام الدولي وحقوق الإنسان في الوطن العربي، وهي الندوة الفكرية الثانية التي نظمتها المنظمة خلال الفترة 6-8 أكتوبر/ تشرين أول 1989 في النمسا وشارك فيها أديب الجادر رئيس المنظمة ومنصور الكيخيا عضو مجلس أمناء المنظمة العربية وغيرهم.
وتبحث الندوة في الترابط بين حقوق الإنسان والنظام الدولي الذي بات وثيقاً له للغاية، وتكتسب الندوة أهمية عامة من دراسة التأثير الكبير الذي يقوم به النظام الدولي على مستقبل البشرية بصرف النظر عن الأنظمة الاجتماعية-السياسية المتنوعة السائدة في العالم، وأهمية ذات طابع خاص تتعلق بأحوال الوطن العربي التي تأثرت ومازالت تتاثر بصورة مباشرة وغير مباشرة بطبيعة واتجاهات النظام الدولي (world order) عبر مراحل تطوره ولاسيما منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية على التوالي.(5)
وتتابعت الندوات التي تبحث في:
- آفاق الديمقراطية في الوطن العربي (1990).
- صناعة القرار في الوطن العربي في ضوء الشرعية الديمقراطية (1991)(6).
- الديمقراطية في الوطن العربي. المفاهيم والضمانات (1992).
- الاختفاء القسري في الوطن العربي (1994).
- حقوق الإنسان والأمم المتحدة في عيدها الخمسين (1995) وقد عقدت بمناسبة مرور نصف قرن على تأسيس الأمم المتحدة، وبحث علاقتها مع حقوق الإنسان والآليات التي اتبعتها الأمم المتحدة لضمان هذه الحقوق.
- المنظمات العربية غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والأمم المتحدة (1996).
كما تصدر المنظمة أشكالاً أخرى من المطبوعات مثل البيانات الصحفية المرتبطة بمناسبات معينة، والتقارير الخاصة بنتائج الزيارات الميدانية وبعثات تقصي الحقائق التي تعمل في الكشف عما يقع للمواطنين من تعذيب، وتعمل على علاج ضحايا هذا التعذيب، جسدياً ونفسياً، وإعادة تأهيلهم اجتماعياً.
إضافة إلى الكتب الوثائقية التي تساعد في ترويج مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وتعمل المنظمة بفاعلية كبيرة على تنسيق جهودها في هذا المجال مع كافة المنظمات والمؤسسات غير الحكومية في الوطن العربي، ولعل من أبرز نماذج هذا التنسيق المشترك مبادرة المنظمة عام 1989، بالاشتراك مع اتحاد المحامين العرب، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، وبمساعدة مركز حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بإنشاء المعهد العربي لحقوق الإنسان، ومقره تونس، للنهوض بأهدافها في التعليم والتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان، وكذلك مبادرتها، في عام 1993، بالدعوة إلى عقد المؤتمر العربي لحقوق الإنسان للتحضير للمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا.
وتتمتع المنظمة العربية لحقوق الإنسان بوضع استشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة منذ عام 1989، وبصفة المراقب في اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب عام 1989 أيضاً، كما أن لها صلات وعلاقات خارجية وثيقة مع العديد من المنظمات الدولية الحكومية منها وغير الحكومية، العاملة في مجال حقوق الإنسان، فتشارك بانتظام في أعمال لجان الأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة وفي مقدمتها مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة اليونسكو.(7)
المعهد العربي لحقوق الإنسان
وهو مؤسسة عربية مستقلة أسستها سنة 1989 ثلاث منظمات عربية -كما ذكرنا- غير حكومية هي اتحاد المحامين العرب والمنظمة العربية لحقوق الإنسان والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
ومن أهداف المعهد نشر الوعي والمعرفة بحقوق الإنسان في الوطن العربي، والعمل على حمايتها وتطويرها عن طريق نشر المعلومات وتوثيقها والإعلام بها والتكوين والتدريب وتطوير البحوث والدراسات والنشر في هذا المجال.
ويرأس المعهد حسيب بن عمار ويمثل كل من فاروق أبو عيسى ومحمد فائق نائب الرئيس، أما أعضاء المعهد فهم حسن مرعبي، محمد نور فرحات، ليلى شرف، يحيى الجمل، محمد الشرفي، توفيق بودربالة، خميس قسيلة، الطيب البكوش، ويمثل الهيئة العلمية، وجمال بن عمر ويمثِّل مركز الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في المعهد، وفرنشيسكو منتاسينوس ويمثل اليونسكو. أما فرج فنيش فيشغل منصب مدير المعهد.
ويصدر المعهد مجلة نصف سنوية يطلق عليها (المجلة العربية لحقوق الإنسان) وهي مجلة متخصصة في مجال حقوق الإنسان، وتجعل من أهدافها:
- المساهمة في تطوير ثقافة حقوق الإنسان في البلدان العربية وفتح فضاء للتعبير والنشر وإبراز التكامل الفكري بين مختلف الاختصاصات.
- العناية بكل ما فيه تأصيل للفكر الإنساني العربي بالبحث في أصوله وتوجيه النقد الحر والبناء لجذوره.
- دعم التنظير في مجال حقوق الإنسان وتطويره والبحث في مفاهيم حقوق الإنسان داخل البلاد العربية.
- تشجيع الدراسات الميدانية حول واقع حقوق الإنسان في البلاد العربية.
- وكان من أهم نشاطات المعهد قيامه بندوة دولية حول (التربية من أجل الديمقراطية) وذلك في أيام 8-9-10 نوفمبر 1992، وتزعمتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وبمناسبة افتتاح الندوة، تسلم المعهد العربي لحقوق الإنسان جائزة اليونسكو لتدريس حقوق الإنسان لسنة 1992 من قبل فريدريكو مايور، المدير العام للمنظمة.
لقد جعل المعهد العربي همه الرئيس نشر الوعي بحقوق الإنسان عن طريق وظيفة التعليم المنتظم والشامل والمدروس لهذه الحقوق أو ما يسمى بوظيفة التثقيف.
ولقد قام المعهد بإجراء دورات ثلاثة من أجل ذلك، في أعوام 1990، 1991، 1992 وقد استغرقت كل من الدورتين الأولى والثانية ست أيام بينما استغرقت الدورة الثالثة قرابة أسبوعين، وقد استقر الرأي في المعهد منذ سنة 1992 على أن تعقد الدورة في شهر مارس من كل عام، وأن تستغرق أسبوعين على الأقل.
ويتضمن برنامج كل دورة محاضرات ومناقشات حول موائد مستدير وزيارات ميدانية. وهناك موضوعات ثابتة في كل دورة تدور حول المفهوم العالمي لحقوق الإنسان ودور الأمم المتحدة في توفير الاحترام له، بالإضافة إلى موضوع خاص يتغير من دورة إلى أخرى، فكان موضوع الدورة الثانية هو تدريس حقوق الإنسان(8) ، أما الدورة الثالثة فقد كان محور الاهتمام فيها هو حرية التعبير في التشريعات العربية.
وقد شارك في الدورة الأولى 43 شخصاً وفي الثانية ثلاثون وفي الثالثة ستون جاؤوا من عديد من الدول العربية.(9)
وبنفس الأسلوب تقريباً نظّم المعهد دورتين مغاربيتين لحقوق الإنسان، عقدت الأولى في الجزائر في الفترة من 8-12 ديسمبر 1990 والثانية بالمغرب في الفترة من 12-16 ديسمبر سنة 1991 بمدينة الرباط، وكان الموضوع الخاص في الدورة الأولى هو قضايا الهجرة، أما الدورة الثانية فقد عقدت في تونس في الفترة من 26-29 يونيو/ 1991 وكان موضوعها الإدارة وحقوق الإنسان في المغرب العربي، وشارك في هاتين الدورتين ممثلون لمنظمات حقوق الإنسان ونقابات المحامين والمنظمات غير الرسمية والجهات الحكومية المعنية في كل من دول المغرب العربي.(10)
إضافة إلى ذلك فقد قام المعهد في عام 1993 بعقد ندوة حول (التربية على حقوق الإنسان والديمقراطية في الوطن العربي) في الفترة ما بين 18-20 فبراير/ 1993 وذلك بالتعاون مع اليونسكو، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) وجامعة الدول العربية (مركز تونس)، ووزارة التربية والعلوم (تونس) وكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية (تونس) وقد شارك فيها عدد كبير من الباحثين والمختصين في هذا المجال، وكنا قد عرضنا للكثير عما دار في هذه الندوة في ثنايا فصول الكتاب.
اتحاد المحامين العرب
تعد المنظمة العربية لحقوق الإنسان، واتحاد المحامين العرب، من أكثر المنظمات العربية التي تعمل على تطوير بنى السلوك وأنماطه المميزة للمجتمع المدني، إذ أن الفلسفة التي تتبناها المنظمتان تقوم على الحد من سلطة الدولة، والالتزام بالأحكام الدستورية والقانونية، واحترام حقوق الإنسان، كما سعت المنظمتان إلى تكوين تنظيمات مماثلة لهما كنقابات المحامين في البلدان التي لا توجد فيها نقابات للمحامين، وتكوين روابط الدفاع عن حقوق الإنسان، وهما بذلك تشجعان على شيوع اتجاهات تكوين التجمعات والمؤسسات على مستوى الوطن العربي(11).
وقد بدأ اتحاد المحامين العرب نشاطه في دمشق عام 1944، إلا أن تأسيسه الفعلي كان عام 1956 وذلك أثناء انعقاد المؤتمر الثاني للمحامين العرب بالقاهرة، حيث قرر المؤتمرون أن تنبثق عن مؤتمرهم منظمة دائمة هي اتحاد المحامين العرب، يجمع في كنفه نقابات المحامين العرب في هيئة قانونية عربية دولية تنطق باسمهم جميعاً وتعمل لتحقيق ما يصبون إليه من أهداف ومُثُل.
وقد تكّون الاتحاد في البداية من نقابات سبع دول عربية، وهذا اليوم يضم نقابات المحامين العربية في الأقطار التالية:
سوريا، لبنان، العراق، مصر، الأردن، ليبيا، السودان، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا، فلسطين، الكويت، البحرين، اليمن الجنوبي واليمن الشمالي حيث انضمت نقابة المحامين اليمنية إلى الاتحاد منذ 7 نوفمبر 1987.
وعند تأسيسه عام 1956 لم يكن للاتحاد أمانة عامة متفرغة أو جهازاً إدارياً دائماً أو نظاماً مالياً وميزانية ثابتة ومستمرة. وكانت الأمانة العامة تلمس باستمرار أن افتقار الاتحاد لمثل هذه المؤسسات يحد من قدرته على أداء واجباته، لذلك تقدمت الأمانة العامة للاتحاد إلى المكتب الدائم المنعقد في دورة ديسمبر/ كانون أول عام 1993 بالقاهرة بطلب استكمال هذا النقص، فأوصى المكتب بقراره التاسع بتعيين أمين عام متفرغ ومقيم وأن يكون له جهاز إداري دائم مرتبط به ومقر ثابت لأمانته وجهازه وانتخب المرحوم شفيق الرشيدات لهذا المنصب منذ مطلع عام 1964،. وقامت الجمهورية العربية المتحدة بتأمين بناء مستقل مكون من ثلاثة أدوار وحديقة بحي (جاردن سيتي) بالقاهرة وأوصت بتأجيره مقراً للاتحاد بأجرة رمزية وقد اتخذ مقراً دائماً له.
لقد حدد الاتحاد في نظامه 1956 أهدافه في العمل لمصلحة الوطن العربي في سبيل تحريره «والتعارف بين المحامين العرب»، ودعم ونشر التقاليد السامية لمهنة المحاماة وغيرها مما يتعلق بالمحامين ونقاباتهم.(12)
وقد شغل منصب الأمين العام للاتحاد منذ تأسيسه كل من د. عدنان القوتلي (سوريا) والأستاذ شفيق الرشيدات (الأردن) وزهير الميداني (سوريا) وفاروق أبو عيسى (السودان). وما يهمنا هنا أن نعرض لنشاطه في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن قضاياه، وتجلى ذلك في نشرة (المحامون العرب) التي يصدرها شهرياً، وتعنى بمتابعة أخبار الاتحاد ونقابات المحامين العرب، ومنظمات حقوق الإنسان.
وقد قام الاتحاد بإنجاز عدد من البحوث والدراسات المتعلقة بحقوق الإنسان منها مثلاً:
- حقوق الإنسان بين التقييد والإطلاق وهو (دراسة لمناهج التنظيم القانوني لحقوق الإنسان في العالم العربي) وأعده الدكتور مصطفى عفيفي وقد صدر باللغة العربية.
- الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية في الدساتير العربية والمقارنة، وقام بإعداده أيضاً الدكتور مصطفى عفيفي.
- مسح تشريعي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والنقابية للمواطن العربي في الدساتير العربية وأعد بإشراف الأستاذ حمدي ياسين.
- تدريس حقوق الإنسان في كليات الحقوق بالجامعات العربية، وأعده الدكتور محمد ميرغني خيري.
كما عمل على عقد ندوات تهدف إلى بلورة الاتجاهات حول القضايا القانونية والاجتماعية العامة التي تهم المواطن العربي، كما تهدف إلى تعميق الوعي العام حول هذه القضايا.(13)
وكانت الندوة الأولى حول (أوضاع حقوق الإنسان في الوطن العربي) وقام بها بالاشتراك مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وقد عقدت في القاهرة في إبريل عام 1985، وشارك فيها حوالي مائتان من أبرز المفكرين والباحثين العرب، وقدم إليها أربعة وثلاثون بحثاً تفرعت إلى الحماية القانونية لحقوق الإنسان، وحقوق الإنسان في الإسلام، والقضايا النظرية والعملية المتعلقة بحقوق الإنسان العربي، وواكبت الندوة دائرتان للنقاش، إحداهما حول حقوق الصحافة والنشر والتعبير في التشريعات العربية، والأخرى عن تدريس حقوق الإنسان.
كما أصدر الاتحاد سلسلة شهرية تحت اسم «سلسلة حوار الشهر» كان من بين أعدادها عدد خصص لبحث (تدريس حقوق الإنسان وتطوير التعليم القانوني بالجامعات العربية).
وإن المتتبع للقرارات والتوصيات التي صدرت عن المؤتمرات التي قام بها اتحاد المحامين العرب منذ عام 1944 وحتى الوقت الحاضر، ليدرك الدور الكبير الذي لعبه ويلعبه الاتحاد في الدفاع عن حقوق الإنسان في الوطن العربي وحرياته الأساسية.
ولا بد أن نذكر في النهاية أن اتحاد المحامين العرب يتمتع بصفة استشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة.
اتحاد الحقوقيين العرب:
خلال النصف الثاني من عام 1984 وجهت جمعية الحقوقيين العراقيين الدعوة إلى الجمعيات القانونية في الأقطار العربية للتحضير للمؤتمر التأسيسي لاتحاد الحقوقيين العرب فاستجابت معظمها وتم تأسيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي حيث عقدت اجتماعاتها في بغداد خلال الفترة من 16-19 نوفمبر (تشرين ثان) 1974 فتم الاتفاق على أن ينشأ في الوطن العربي منظمة للحقوقيين العرب تسمى «اتحاد الحقوقيين العرب» تكون مدينة بغداد مقراً لها. وفي الموعد الذي حددته اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي للاتحاد في بغداد خلال الفترة من 11-15 يناير (كانون ثان) 1975 ثم إنشاء الاتحاد وقد حَضَر المؤتمر ممثلو الحقوقيين في ستة عشر قطراً عربياً.
وقد انتخب الأستاذ شبيب المالكي أميناً عاماً للاتحاد، ود. عز الدين فودة والأستاذ أحمد مطاطلة أمينين مساعدين.
وقد كان من بين أهدافه التي حددتها المادة الثانية من النظام الأساسي ما يلي:
- حماية حقوق الإنسان في الوطن العربي وتوفير الضمانات القانونية لها والعمل على تطبيقها.
- إقامة أوثق الصلات بين الحقوقيين العرب وبين التنظيمات المشابهة في العالم، والعمل على تعضيد مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
ويتكون الاتحاد من الجمعيات والاتحادات العربية للحقوقيين المؤسسة للاتحاد وهي (الأردن، البحرين، تونس، الجزائر، السودان، سوريا، الصومال، العراق، فلسطين، لبنان، مصر، ليبيا، المغرب، موريتانيا، اليمن الديمقراطية)، وكذلك من الجمعيات العربية للحقوقيين والتنظيمات المشابهة لها التي تتفق أهدافها مع أهداف الاتحاد والتي يقبل انضمامها إليه.
كما يجوز للاتحاد أن يقبل كأعضاء منتسبين، الحقوقيين من أبناء الأقطار العربية والتي لا توجد فيها جمعيات للحقوقيين.(14)
وكان من نشاطاته في مجال حقوق الإنسان عقد ندوات خاصة حول ذلك، منها الندوة التي عقدت ببغداد في الفترة من 18-20 مايو (أيار) 1979 تحت عنوان (حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الوطن العربي) وكان من موضوعاتها:
1- أوضاع حقوق الإنسان في الوطن العربي وتشمل:
- التشريعات والمحاكم الاستثنائية المقيدة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الوطن العربي.
- المعتقلون والسجناء السياسيون، التعذيب والممارسات اللاإنسانية.
- حرية الرأي والصحافة في الوطن العربي.
- حقوق المرأة في الوطن العربي.
- حقوق الإنسان في التنقل والإقامة في الوطن العربي.
2- حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني.
3- تعميم تدريس حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في الوطن العربي.
4- وسائل تأمين وحماية الإنسان في الوطن العربي: وتشمل:
- تقويم دور المؤسسات العربية، الحكومية وغير الحكومية، في حماية حقوق الإنسان.
- مقترحات من أجل إقامة نظام فعال لحقوق الإنسان في الوطن العربي.
وفي النهاية نذكر أن اتحاد الحقوقيين العرب قد لعب دوراً شبيهاً بالدور الذي لعبه اتحاد المحامين العرب في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان في مؤتمراته ولجانه.
وقد حصل على صفة استشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة.
مشروع ميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي (معهد سيراكوزا)
كنا قد عرضنا سابقاً مشاريع اتفاقيات أو مواثيق عربية لحقوق الإنسان تمت في نطاق جامعة الدول العربية لكن شيئاً منها لم يتم، وأمام هذا الفشل قام المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية في سيراكوزا بإيطاليا بتقديم مشروع ميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي وطلب من الحكومات العربية مراجعته من أجل التصديق عليه.
وإننا إذ نعرضه هنا في سياق المنظمات غير الحكومية الناشطة في مجال حقوق الإنسان فإن ذلك بغية التحدث عن هذا المشروع أولاً والتنويه بدور هذا المعهد الكبير في مجال الدراسات القانونية والمتخصصة في حقوق الإنسان وخاصة ضمن دائرة العالم العربي.
كان هذا المشروع نتاج عمل مؤتمر الخبراء العرب وقد انعقد بمدينة سيراكوزا في عام 1986 وضم المؤتمر عدداً من الخبراء من عشر دول عربية، بناء على دعوة من المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية، وذلك في الفترة من 5-12 كانون أول/ ديسمبر 1986، للنظر في وضع مشروع لميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي.
وكانت ورقة العمل الأولى المطروحة أمام المؤتمر هي، مشروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي أعدته الإدارة العامة للشؤون القانونية بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية كثمرة للجهود التي بدأتها الجامعة منذ عام 1970، ولقد رئي في الجلسات الأولى للمؤتمر أن يكون هذا المشروع واحداً من بين وثائق أخرى يستند إليها الخبراء أعضاء المؤتمر في مناقشتهم توطئةً للتوصل إلى الصيانة المثلى لمشروع ميثاق حقوق الإنسان العربي، وكان في مقدمة هذه الوثائق الإعلانات والاتفاقيات الدولية لعام 48 ولعام 1966، إضافة إلى الاتفاقيات الإقليمية كالإعلان الأمريكي والميثاق الأفريقي، وكان أيضاً تحت أنظار الخبراء العرب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام الصادر في 19 سبتمبر 1981 في باريس عن المجلس الإسلامي الأوربي، وإعلان "دكار" الصادر عن الدول أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي.
عقد المؤتمر ابتداءً، بصبع جلسات عامة أحيط من خلالها بتجارب بعض المجموعات الإقليمية وبصفة خاصة المجموعة الأوربية. فعرض على المؤتمر تقرير تقدم به ممثل مركز حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما تقدم كل من مدير الإدارة الثانونية للمجلس الأوربي بتقرير حول نظام هذا المجلس لحماية حقوق الإنسان، والأستاذ الكسندر كيس الأستاذ بجامعة ستراسبورج والأمين العام للمعهد الدولي لحقوق الإنسان بدراسة مقارنة عن حقوق الإنسان في المواثيق الدولية والاتفاقية الأوربية والإعلان الأمريكي والميثاق الأفريقي، وقد جرت مناقشة هذه التجارب، والأوراق المقدمة للمؤتمر، كما ناقش أعضاء المؤتمر الإطار العام للمشروع المقترح للاتفاقية العربية لحقوق الإنسان، ثم انقسم الأعضاء إلى اللجان الخمس الآتية:
1- لجنة الحقوق المدنية.
2- لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
3- لجنة الحقوق السياسية.
4- لجنة حقوق الشعوب.
5- لجنة الأجهزة القائمة على تنفيذ الاتفاقية.
ورغبة في التنسيق بين أعمال اللجان، حرص رؤساؤها على الالتقاء بصفة منتظمة عقب الجلسات، ثم في أعقاب انتهاء أعمال اللجان، ثم عرضت أعمال اللجان على الجمعية العمومية للمؤتمر، واستمرت المناقشات بضع جلسات، شكلت على أثرها لجنة لصياغة المشروع بالصورة التي جرى إقرارها بالإجماع.
سمي المشروع «مشروع ميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي» وكانت هذه التسمية حصيلة نقاش، انتهى إلى ضرورة تضمين الميثاق ما يتعلق بحقوق الشعب العربي في مجموعة وليس الشعوب العربية، وكان ذلك حرصاً من أعضاء المؤتمر على التأكيد على وحدة وانتماء الشعب العربي إلى أمته، ومن ناحية أخرى رأى أن يجيء النص على حقوق الإنسان سابقاً على حقوق الشعب العربي باعتبار أن حماية الحقوق تبدأ بالفرد وتنتهي بالجماعة، وفي ذلك يفترق مشروع الميثاق العربي عن الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، ومن ناحية ثالثة رأى ألا يقتصر الميثاق على تنظيم حقوق الإنسان العربي إذ أن الاهتمام بصفة أساسية بحقوق كل إنسان ضمن الوطن العربي. لذلك كانت تسمية مشروع «ميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي».
حرص واضعو المشروع في الديباجة على إظهار الروابط القوية التي تجمع أبناء الأمة العربية في كافة أقطارها، والتي تؤكد على الخصوصية العربية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها. كما حرصوا على التأكيد على التحديات التي تواجهها الأمة العربية والتي توجب الالتقاء على فهم مشترك لحقوق الإنسان والحقوق الجماعية للشعب العربي.(15)
لقد اتفق بعد مناقشات محتدة، أن يكون ترتيب الحقوق وفقاً لاعتبارين معاً، الأول: هو النظر إلى الإنسان باعتباره إنساناً فرداً، ثم النظر إليه باعتباره فرداً في مجتمع.
الثاني: النظر إلى الإنسان في علاقته ببني جنسه وبني وطنه، ثم النظر إليه في علاقته بالدولة التي ينتمي إليها، لذا جاء النص على الحقوق المدنية سابقاً على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وانتهاء بالحقوق السياسية، ثم جاءت بعد ذلك الحقوق الجماعية للشعب العربي.(16)
ولما كان تقرير الحقوق وضماناتها يكاد يكون أمراً نظرياً بدون تنظيم الأجهزة التي تسهر على هذه الضمانات، أفرد المشروع آخر أجزائه للنص على إجراءات ضمان حماية حقوق الإنسان، وسنعرض بشكل موجز لأجزاء الميثاق.(17)
الجزء الأول يشتمل على الحقوق المدنية (المواد 1-12) فنصت المادة الأولى على حق الإنسان في أن يعترف له أينما وجد بالشخصية القانونية، والمادة الثانية نصت على الحق في الحياة، ثم أقرت المواد (3-4-5-6-7) حق كل إنسان في سلامة شخصه وحقه في الحرية والأمن، ولا تجوز العقوبة أو الجريمة إلا بقانون، ولا يجوز حبس إنسان ثبت عجزه عن الوفاء بالتزام مدني.
أما المواد (8-9-10) فقد نصت على حق الإنسان في التنقل داخل بلده، والحق في حرية العقيدة والفكر والرأي والتعبير أما المادتان (11-12) فقد نصتا على المساواة أمام القانون وعلى حرمة الحياة الخاصة.
الجزء الثاني ويشتمل على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية (المواد 13-35) وهي شبيهة بالحقوق التي أقرها العهدين الدوليين.
الجزء الثالث وينص على الحقوق السياسية، المواد (36-43) كالحق في الجنسية وحرية التجمع وتكون الجمعيات، وحقوق اللاجئين السياسيين.
أما الجزء الرابع فيشتمل على الحقوق الجماعية للشعب العربي (المواد 44-49) كالحق في تقرير المصير، وحق الشعب العربي الطبيعي في الوحدة والعمل في سبيلها، وحقه في مقاومة احتلال أي جزء من وطنه.
أما إجراءات ضمان حماية حقوق الإنسان فقد أقرت لجنة عربية لحقوق الإنسان المواد (50-54) ومحكمة عربية لحقوق الإنسان (المواد 55-61).
وفي النهاية أحكام ختامية (المواد 62-65) تنص على تعهد الأطراف باحترام نصوص الاتفاقية، واتخاذ التدابير الشرعية وغيرها من أجل إعمال أحكام الاتفاقية.
لقد حرصت إدارة المعهد الدولي للدراسات العليا على نشر هذا المشروع وإبلاغه إلى كل الجهات المعنية وكليات الحقوق بالدول العربية، وجاء كثير من الردود والتعليقات الإيجابية على هذا الجهد الذي بذلته لجنة الخبراء التي عكفت على وضع هذا المشروع.
وقرر المؤتمر السادس عشر لاتحاد المحامين العرب الذي انعقد في الكويت في أبريل 1987 بالإجماع في جلسته الختامية تبني المشروع، وناشد جميع نقابات المحامين في الدول العربية أن تدعو الحكومات العربية إلى التصديق على هذا المشروع.
وفي النهاية لا بد أن نذكر بالدور الكبير الذي لعبه المعهد الدولي في مجال الدراسات المتخصصة والمتعلقة بحقوق الإنسان، سواء على مستوى عقد الندوات التي أشرنا إليها كثيراً عند حديثنا عن موقف الدساتير العربية من حقوق الإنسان، أو على مستوى خلق ثقافة حقوقية مبنية على احترام حقوق الإنسان وحرياته، وتجلى ذلك في تصديه لنشر كثير من الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية لجعلها في متناول أيدي الجميع، والقيام حولها بدراسات وقراءات متعددة ومتنوعة.
ويرأس المعهد الدكتور محمد شريف بسيوني الذي يقوم أيضاً بدور الأمين العام للمنظمة الدولية للقانون الجنائي إضافة إلى الدكتور عبد العظيم وزير أستاذ القانون الجنائي في جامعة المنصورة، والدكتور محمد سعيد الدقاق أستاذ القانون الدولي العام بجامعة الاسكندرية اللذان يشرفان على الكثير من أعمال المعهد. المنظمات غير الحكومية الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان.
- كان الحديث سابقاً عن المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والتي أخذت صبغة قومية وجعلت دائرة عملها على مستوى الوطن العربي كله.