منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مسؤولية الناقل البحري للبضائع
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-02-26, 15:19   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
abbes8
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية abbes8
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الـفـصل الأول
مفهوم مسؤولية الناقل البحري للبضائع

تحتل مسؤولية الناقل البحري أهمية بالغة بين شتى موضوعات القانون البحري وهي بذلك تحتل الصدارة بين موضوعات النقل نظرا لما تثيره من منازعات عديدة أمام القضاء.


ولما كان الإلتزام الرئيسي للناقل هو نقل البضاعة وتسليمها إلى المرسل إليه سليمة في الميعاد المحدد. فإنه يكون مسؤولا عن الهلاك إذا لم يسلم البضاعة إلى المرسل إليه، وعن التلف إذا لم يسلمها في حالة سليمة وعن التأخر إذا لم يسلمها في الميعاد المحدد ولا ترفع هذه المسؤولية عن الناقل إلا إذا أثبت أن الهلاك أو التلف أو التأخر يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيهكقوة قاهرة أو خطأ من المرسل إليه أو عيب خاص في البضاعة. على أن هذه المسؤولية لم تكن عملا إلا مسؤولية مخففة بسبب ما درجعليه الناقلون في عقود النقل من إشتراط إعفائهم من المسؤولية او الحد من اثارها واستتبع ذلك أن أهمل الناقلون في تنفيذ التزاماتهم مما أثار شكوى الشاحنين و المؤمنين. وكان من أثره أن بادرت الولايات المتحدة الأمريكية بإصدار قانون هارتر في 13 فبراير 1893، الذي يفرق بين الأخطار التجارية و التي لا يجوز إشتراط عدم المسؤولية عنها والأخطار البحرية التي تقع في الملاحة أو في إدارة السفينة و يعفى الناقل من المسؤولية عنها بقوة القانون بشرط أن يكون قد بدل قبل السفر اليقظة المعقولة لجعل السفينة في حالة صالحة للملاحة.

وقد إكتسب قانون هارتر الأمريكي أثرا دوليا، فاقتبسته بعض التشريعات الأخرى كما عقدت جمعية القانون الدولي مؤتمرا في لاهاي سنة 1921 اتفق فيه الشاحنون والمؤمنون والناقلون إلى وضع سند شحن نموذجي يقرر قواعد تستمد قوتها من إتفاق أصحاب الشأن عليها، غير أن الشاحنين لم يقفوا عند هذا الحد بل إستمر ضغطهم من القانون وإنتهى الأمر بالتوقيع في بروكسل في 25 أوت 1924 على المعاهدة الدولية المتعلقة بتوحيد بعض القواعد الخاصة بسندات الشحن، وقد أدخلت كثير من الدول أحكام هذه المعاهدة في تشريعاتها الداخلية

والجدير بالذكر بأن الجزائر بالرغم من أنها لم تصادق على إتفاقية هامبورج لسنة 1978 إلا أنها إستمدت منها أحكام مسؤولية الناقل البحري في القانون البحري الجزائري ولهذا الأساس إرتأى لنا أن نقسم هذا الفصل إلى مبحثين، في المبحث الأول إلى مجال مسؤولية الناقل البحري مع الطبيعة القانونية لهذه المسؤولية وفي المبحث الثاني إلى إعفاء الناقل البحري من المسؤولية وبطلانه.

الــمــبــحث الأول



النطاق الزمني لمسؤولية الناقل البحري للبضائع

الـمـبـحـث الأول: النطاق الزمني لمسؤولية الناقل البحري للبضائع
تنص المادة 802 من القانون البحري الجزائري على أن مسؤولية الناقل البحري تبدأ من لحظة تكفله بالبضاعة في ميناء الشحن وتستمر إلى غاية تسليم البضاعة في ميناء الوصول إلى المرسل إليه. ذلك أن البضاعة تمر بمراحل متعددة بما يسمى بالرحلة البحرية وهنا تكون مسؤولية الناقل البحري وسنتطرق لهذه المراحل كالتالي :

المطلب الأول: إستلام البضائع وشحنها على متن السفينة من طرف الناقل
يتعين على الناقل البحري إستلام البضائع من الشاحن، وتعتبر واقعة الإستلام بداية النطاق الزمني لعقد النقل البحري وتبدأ إلتزامات الناقل ومسؤولياته بمجرد إستلامه البضاعة.

ويتم إستلام البضاعة من ميناء الشحن في الموعد المتفق عليه، وهذا ما نصت عليه المادة 772 من القانون البحري الجزائري بقولها : '' يجب على الشاحن أو من ينوب عنه أن يقدم البضائع في الأوقات و الأمكنة المحددة بالإتفاقية المبرمة بين الأطراف أو حسب العرف في ميناء التحميل وفي حالة عدم تقديم الشاحن البضائع في الأوقات و الأمكنة المحددة يدفع تعويضات للناقل الذي يقدر الخسائر التي لحقت به على ألا تتعدى مبلغ أجر الحمولة المتفق عليها : '' إذ يمكن أن يتم إستلام البضائع خارج حدود الميناء كأن يتم في مخازن الشاحن أو مخازن الناقل ويبقى على الناقل إتمام الإجراءات اللازمة لنقل البضاعة إلى رصيف الميناء مع مراعاة الإجراءات الجمركية.

فاستلام البضائع هي واقعة قانونية ترتب إلتزاما على عاتق الناقل البحري، لكن يجوز الإتفاق على خلاف ذلك وهي حالة إستلام البضائع وهي على ظهر السفينة أي أن مسؤولية الناقل البحري على البضائع لا تكون إلا في حالة تواجدها على ظهر السفينة.
بعد إستلام البضائع من طرف الناقل، يقوم بشحنها على متن السفينة كما نصت على ذلك المادة 773 من القانون البحري الجزائري و المقصود هنا هو تحميل البضاعة في السفينة ما لم يتفق على غير ذلك، إذ أن إلتزام الناقل البحري بالشحن لا يتعلق بالنظام العام وهذا ما يدفعنا إلى القول بأنه يمكن أن يكون عبء الشحن على عاتق الشاحن خلافا للقانون الفرنسي الدي يجعل من التزام الناقل بالشحن من النظام العام.

من خلال المادة773 من القانون البحري الجزائري نلاحظ ان المشرع وقف موقفا وسطا حيث جعل القاعدة القانونية تلزم الناقل البحري بالشحن ولكنه ارادها مكملة لارادة الاطراف فيجوز ان يتحمل الشاحن عبء الشحن إذا إتفق على ذلك ويبلغ الشاحن على ذلك كتابيا.



هذا من الناحية القانونية، لكن من الناحية العملية لا يتولى الناقل البحري أو الشاحن تنفيذ الشحن المادي، وإنما يتولاه المقاول البحري أو مقاول الشحن أو التفريغ أو مؤسسة الميناء ولكن تحت إشراف الناقل البحري.
وقد يحدث أن يتضمن سند الشحن شرطا يقضي بالتزام الشاحن باتمام شحن البضائع، فعادة ما يقترن هذا الشرط باتفاق أخر على توكيل الناقل البحري في التعاقد مع المقاول البحري و يترتب على ذلك أن الناقل يستطيع إنجاز الشحن بالكيفية التي يراها ملائمة وتحت إشرافه مع نقل تبعة المخاطر التي قد تنجم عنه بالإضافة إلى أعبائه المالية إلى الشاحن1
(1) الشاحن.
وتنص المادة 774 من القانون البحري على وجوب إعلام الشاحن في حالة تحميل البضائع على سطح السفينة.

الـمـطـلـب الـثـانـي: تسليم البضائع إلى المرسل إليه

نصت المادة 782 من القانون البحري " يتعين على الناقل أو من يمثله تسليم البضائع في المكان المتفق عليه للمرسل إليه القانوني أو من يمثله و الذي يطالب على إستلامها بناءا على نسخة من وثيقة الشحن ...''.

وعليه فإن عملية التسليم لا تتم بمجرد تفريغ الناقل للبضاعة في ميناء الوصول بل تنتج أثرها عند قبول الأطراف بالوثائق وهذا ما أكده القضاء المصري على أن عقد النقل البحري لا ينقضي ولا تنتهي مسؤولية الناقل عن البضاعة إلا بتسليمها إلى المرسل إليه أو ممثله تسليما فعليا و التسليم الفعلي هو التسليم الذي يتم بعد عملية الفحص و المراقبة للبضائع و إستلام وصل تسلم البضاعة.

وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في القرار الصادر بتاريخ 30/06/1991 بين الشركة الجزائرية لتأمين النقل بالجزائر ضد أليبال لاينس كليبارا سترات بلجيكا و الذي جاء في إحدى حيثياته '' من المقرر قانونا أنه يبدأ عقد النقل البحري بمجرد ما يأخذ الناقل البضاعة على عاتقه وينتهي بتسليمها إلى المرسل إليه ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا للقانون. ولما كان من الثابت في قضية الحال أن قضاة الموضوع عندما إعتبروا تفريغ البضاعة في الميناء بمثابة تسليمها وأعفوا بذلك الناقل من المسؤولية أخطأوا في تطبيق القانون.وإستقر إجتهاد المحكمة العليا على هذا المبدأ في عدة قرارات أخرى.

كما تجدر الإشارة إلى وجوب التفرقة بين تفريغ البضاعة وبين التسليم فالأول هو واقعة مادية تتمثل بإنرال البضاعة من السفينة ووضعها على رصيف الميناء أو شحنها إلى المخازن أما التسليم فهو تصرف قانوني فهو إعطاؤها ومنحها لصاحبها أو من ينوبه بعد تفريغها وقد يقترن التفريغ بالتسليم أي أن يكون التفريغ و التسليم في وقت واحد. وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرار صادر في 22/07/1997 جاء فيه : '' ... لما تبين من قضية الحال أن قضاة المجلس أخلطوا بين التسليم و التفريغ في يوم واحد وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا قي قرار صادر في 22/07/1997 جاء فيه : ""... لما تبين من قضية الحال أن قضاة المجلس أخلطوا بين التسليم و التفريغ، إذ جاء في قرارهم أن عملية التفريغ من إختصاص المؤسسة المينائية متناسين أن ذلك لا يعني الإعفاء الكلي أو الجزئي لمسؤولية الناقل إلى حين تسليم البضاعة إلى المرسل إليه تسليما قانونيا، فإنهم بذلك قد خرقوا القانون وعرضوا قرارهم للنقض.

فللتسليم أثر هام إذ يحول المخاطر وتبعة الهلاك، فقبله يكون الناقل هو المسؤول عن البضاعة وبعده تحول وتنتقل إلى صاحب الحق في البضاعة فهو تصرف قانوني من حيث أن فيه إيجاب و قبول، فالناقل تتجه إرادته إلى تسليم البضاعة إلى صاحبها و ينتهي عقد النقل البحري للبضائع عندما يقبل صاحب البضاعة هذا التسليم بدون تحفظ و إخطار للناقل.
فإذا قبل صاحب البضاعة هذا التسليم بدون تحفظ وإخطار للناقل، فهذا قرينة على التسليم الصحيح وأنه تسلم البضاعة كما كانت عليه.

أما العمل المادي في التسليم فيتمثل في تقديم البضائع من الناقل إلى المرسل إليه أو وكيله. وهنا يختلف التسليم عن التفريغ لأن هذا الأخير هو واقعة مادية تثبت بكافة الطرق ومعناه إنزال البضاعة من سياج السفينة إلى البر في ميناء الوصول. وبذلك قد يرافق التفريغ عملية التسليم مباشرة وقد يأتي سابقا عليه وبالتالي فهو يمتد إلى مسؤولية الناقل البحري للبضائع لأن عقد النقل البحري لا ينتهي بعملية التفريغ الذي تقوم به شركات الشحن و التفريغ في الموانئ بل ينتهي بعملية التسليم وهو ما حاد عنه قضاؤنا في الجزائر إذ إعتبرت بعض المجالس القضائية أن الخسائر اللاحقة بالبضائع أثناء عملية تفريغها من السفينة جزء من مسؤولية المؤسسة المينائية باعتبارها هي المسؤولة عن تفريغ و تخزين البضاعة وذلك طبقا لنص المادة 873 من القانون البحري الجزائري وبذلك يعتبر الناقل البحري معفى من المسؤولية.

وفي نظرنا، فإن الناقل البحري للبضائع يبقى مسؤولا مسؤولية كاملة عن البضائع محل النقل البحري أثناء عملية التفريغ الذي تقوم بها شركات التفريغ و الشحن لأن عقد النقل البحري لا ينتهي بالتفريغ و إنما بالتسليم الصحيح إلى المرسل إليه المحدد في سند الشحن وهو الأمر الذي أكدته عدة قرارات للمحكمة العليا على كون عقد النقل البحري لا ينتهي إلا بعد تسليم البضائع إلى المرسل إليه وأن عملية التفريغ تدخل ضمن تنفيذ عقد النقل البحري مهما كان منفذه طبقا لأحكام المادتين 780 و 875 من القانون الجزائري

الــمــبــحث الـثانـي
مجال مسؤولية الناقل البحري للبضائع

المبحث الثاني : مجال مسؤولية الناقل البحري للبضائع
تأخذ مسؤولية الناقل البحري للبضائع حكم المسؤولية المدنية طبقا للقواعد العامة إذ أنها تقوم على الخطأ و الضرر و العلاقة السببية بينهما.

ولقد كرست إتفاقية هامبورج لسنة 1978 مسؤولية الناقل البحري للبضائع في مادتها الخامسة و نصت على حالات قيام هذه المسؤولية وهي حالة هلاك البضاعة، حالة تلفها بالإضافة إلى حالة التأخير في تسليم البضاعة وهي حالات تلاثة جميعها إذا تحققت فتحقق معها مسؤولية الناقل البحري للبضائع.وهي نفس الحالات التي اتى بها المشرع الجزائري ضمن القانون البحري.

ولهذا سوف ندرس هذه الحالات التلاثة في المطلب الأول من المبحث الأول الذي نحن بصدد دراسته.

المطلب الاول: صور مسؤولية الناقل البحري للبضائع


نص المشرع الجزائري في المادة 802 من القانون البحري على أنه " يعد الناقل البحري مسؤولا عن الخسائر أو الأضرار التي تلحق بالبضاعة منذ تكلفه بها حتى تسليمها إلى المرسل إليه أو ممثله القانوني، باستثناء الحالات المدرجة في المادة التالية.
'' فإذا ثبتت مسؤولية الناقل البحري فعليه التعويض عن مدى الأضرار الناتجة بسببه، لذلك يجب أن يتبث أن عدم التسديد يرجع لسبب أجنبي لا يد له فيه''. ولذلك فمن خلال هذه المادة، يتضح لنا جليا أن مسؤولية الناقل للبضائع تتحقق في:

الفرع الأول: المسؤولية عن هلاك البضاعة


يسأل الناقل البحري للبضائع عن الضرر الذي يحدث في حالة هلاكها من وقت تسلمه الأشياء محل النقل.
ويقصد بالهلاك في مجال نقل البضائع بتخلف تسليم البضائع إلى صاحب الحق في تسلمها في مكان الوصول، وقد يكون الهلاك كليا يتخلف أدنى تسليم للبضائع في مكان الوصول وذلك إما لزوال الكيان المادي للأشياء أو لسرقتها أو لتسليمها لغير صاحب الحق في تسلمها سواء في مكان الوصول أو أي مكان أخر.
ويكون الهلاك جزئيا إذا لحق بأجزاء فقط من الأمتعة أو البضائع مع مراعاة في شأن نقل البضائع بما يجري عليه العرف من التسامح عن عجز الطريق .


وكما سبق و أن تطرقنا إلى نص المادة 802 من القانون البحري الجزائري " يعد الناقل البحري مسؤولا عن الخسائر و الأضرار التي تلحق البضاعة".
ويقصد بالخسارة هنا الفقدان أو الهلاك غير أنه يجدر بنا ذكر بأن المشرع الجزائري لم يفرق بين الهلاك الكلي أو الجزئي للبضائع حيث جاءت صياغة المادة 802 سالفة الذكر صياغة عامة حول ذكر الخسائر و الأضرار.

ويجب دائما مراعاة كما سبق و أن أشرنا في شأن نقل البضائع بما يجري عليه العرف من التسامح عن عجز الطريق مثل تبخر جزء من السوائل أو سقوط كمية من الحبوب ومنه فقد جرى العرف على تقدير نسبة معينة لا يترتب من نقصانها أية مسؤولية على عاتق الناقل

ونشير أيضا أن هلاك البضائع إما أن يكون ماديا كاحتراقها أو غرقها مثلا وإما أن يكون حكميا كحالة السرقة و إما أن يكون قانونيا لتسليم البضائع إلى شخص أخر يتمسك في مواجهة المرسل إليه بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية.
ويتبث فقدان البضائع بإتباث واقعة تسليم البضائع للناقل وواقعة عدم تسلمها من المرسل إليه وعلى طالب التعويض أن يقدم سند الشحن لإتباث واقعة تسلم الناقل للبضاعة.
أما نقص البضاعة أو هلاكها فيتم إتباثه بتسجيل تحفظات من قبل المرسل إليه أو ممثله القانوني.

الفرع الثاني: المسؤولية عن تلف البضاعة


يقصد بتلف البضاعة العيب الذي لحق الأمتعة أو البضائع أثناء النقل وقد ياخد شكل تهتك الأشياء الجامدة أو تعطل مفعولها بسبب النقل أو تعفن المواد المنقولة وغيرها من صور العيوب الأخرى
وقد نصت المادة 802 من القانون البحري الجزائري عن الخسائر و الأضرار وبالتالي تدخل من ضمنها التلف أو العيب الذي يصيب البضائع المنقولة.
ومسؤولية الناقل البحري للبضائع تتحقق في حالة تلف البضاعة وبالأخص إذا كان سند الشحن الذي تسلمها الشاحن خالية من كل نقص أما إذا أدرجت بسند الشحن تحفظات فهذا معناه أن الناقل إستلم البضاعة على غير الحالة المتبثة في سند الشحن وبالتالي فعلى المرسل إليه إتبات العكس.
وقد قررت المحكمة العليا أن الناقل مسؤول عن الخسائر التي تلحق البضاعة منذ تكفله بها حتى تسليمها إلى المرسل إليه طبقا للمادة 802 من القانون البحري وأن قضاة الموضوع طبقوا صحيح القانون عندما قضوا بمسؤولية الناقل عن الضرر الذي لحق بالبضاعة لكون الحادث وقع نتيجة إهمال وعدم صيانة.




وقد جاء في حيثيات القرار أن الضرر ثابت بموجب خبرة تشير إلى أن السبب في نقص و تلف البضاعة راجع إلى عدم الصيانة مما جعل المياه تتسرب عبر أنابيب البضاعة وأدت إلى هلاكها
الفرع الثالث: المسؤولية عن التأخر في تسليم البضاعة


يسأل الناقل البحري للبضائع عن الضرر الذي يترتب عن التأخير في تسليم البضائع، فبغض النظر عن ما إذا كان هناك ثمة هلاك أو تلف يلحق البضائع، يسأل الناقل البحري عن التأخير بشرط إقامة الدليل عن الضرر الذي يترتب عن التأخير في الوصول، فخلافا للهلاك أو التلف الذي يتضمن في طيه الضرر الذي يلحق المرسل اليه و المتمثل في فوات قيمة الأشياء أو الانقاص منها لا يتضمن التأخير في حد ذاته وجه للضرر الذي يلحق بمتلقى خدمة النقل وبعبارة أخرى قد لا ينتج عن التأخير ثمة ضرر فلا تقوم مسؤولية الناقل البحري للبضائع، أما إذا ترتب على التأخير أضرار بمتلقى خدمة النقل يصبح الناقل مسؤولا عن التعويض عن هذا الضرر .

فالناقل يسأل عن التأخير إذا وصلت البضاعة بعد الميعاد المتفق عليه للوصول وقد يكون الإتفاق صريحا أو مستفادا ضمنا من جداول الرحلات المنتظمة للسفينة كذلك يسأل الناقل عن التأخير إذا تجاوز الميعاد الذي يستغرقه الناقل العادي في الظروف المماثلة وذلك في الحالة التي لم يتفق فيها على ميعاد وصول البضائع.

وقد أخد المشرع الجزائري بالضرر الإقتصادي الناجم عن التأخر في تسليم البضائع المنقولة بحرا للمرسل اليه ضمن قواعده و يتبين دلك من خلال النصوص القانونية في المواد ( 771، 775، 805) من القانون البحري، إذ نصت المادة 771 من القانون رقم 80 لسنة 1976 على حالة التأخر في تسليم البضاعة عند إستبدال الناقل سفينة بسفينة أخرى أثناء تنفيذ عقد النقل البحري على أنه " يحق للناقل الإختيار بين تبديل السفينة بسفينة أخرى بنفس صنف السفينة المعينة وصالحة للقيام بالنقل المتفق عليه بدون تأخير" ويتضح من النص السابق أن الناقل مسؤول عن كل تأخير في تسليم البضائع وأنه في حالة إستبدال الناقل السفينة المعينة في العقد بسفينة أخرى، يجب أن لا يؤثر ذلك على الوقت المتفق عليه بين الأطراف الذي يتم خلاله تسليم البضاعة.

ولتوضيح عبارة " بدون تأخير" الواردة في نص المادة 775 على انه " يجب أن تنقل البضائع في مدة مناسبة وأن المدة المناسبة هي نفسها المدة المعقولة" التي يسلم فيها الناقل الحريص البضاعة للمرسل إليه .
وللتمييز بين الوقت المحدد المتفق عليه بين أطراف عقد النقل البحري على أن تسلم فيه البضاعة و الوقت المعقول الذي يطلب للناقل حريص أن يسلم فيه البضائع، نصت المادة 805 من القانون البحري الجزائري على أنه " إذا لم يصرح الشاحن أو ممثله بطبيعة أو قيمة البضائع قبل شحنها





على السفينة ولم يدون هذا التصريح في وثيقة الشحن أو أية وثيقة نقل أخرى مماثلة فلا يعد الناقل مسؤولا عن البضائع المتأخرة التي لم تسلم في الوقت المتفق عليه أو في الوقت المعقول المطلوب من ناقل حريص أن يسلم فيه البضاعة.
ويتضح من هذا النص أن المشرع الجزائري قد أخضع التأخير في تسليم البضائع المنقولة بحرا للمرسل إليه لقواعد القانون البحري مع إمكانية تسليم البضائع في حالتين إما في الوقت المتفق عليه بين الأطراف وإما في الوقت المعقول أو المناسب. ويقاس الوقت المعقول أو المناسب في تسليم البضائع بالنسبة للرجل الحريص ولا يقاس الناقل البحري بالناقل الحريص إلا إذا وضع هذا الأخير في نفس ظروف الحال المحيطة بالنقل .

تجدر الإشارة إلى أن المرسل إليه لا يكتف فقط بإثبات مسؤولية الناقل البحري عن التأخير فلا يكتف بإثبات التأخير وإنما أيضا يجب عليه إثبات الضرر الذي أصابه جراء هذا التأخير ويكون هذا الإثبات بجميع وسائل الإثبات ولكن بدون انتظار وصول البضاعة من أجل إجراء المعاينة.

غير أن الناقل البحري يمكن إعفاء نفسه من المسؤولية بسبب التأخر في تسليم البضاعة إذا أثبت أن الضرر إنما مرده حالة من حالات الإعفاء القانونية المنصوص عليها في المادة 803 من القانون البحري.
و تجدر الاشارة الى أن شرووط الإعفاء من المسؤولية بسبب التأخر في تسليم البضائع تعد في نظر القانون باطلة وفقا لنص الفقرة (ب) من المادة 811، التي تنص على انه : " يعد باطلا وعديم المفعول كل شرط تعاقدي يكون هدفه أو أثره المباشر أو غير المباشر تحديد مسؤولية الناقل بمبلغ يقل عن المبلغ الذي حدد في المادة 805.
و لم يرد أي نص في معاهدة بروكسل لسنة 1924 يشير إلى إنطباق تأخر الناقل البحري في تسليم البضائع المنقولة بحرا للمرسل إليه على نصوصها وأن كل ما ورد في المعاهدة هو تعبير "الهلاك أو الخسائر" وتعبير " التلف أو الأضرار" وذلك في المادة الثالتة في الفقرة السادسة و في المادة الرابعة فقرات أولى، ثانية، ثالتة، رابعة. دون أن تكون متبوعة بأية عبارة تفيد أو توحي إنطباق هذا الضرر على نصوصها.

غير أنه وردت بعض العبارات في مواد هذه المعاهدة أثارت كثيرا من الجدل منها عبارة " ... المتعلقة بالبضائع..." التي تلت عبارة " الهلاك أو التلف" و قد أثارت مثل هذه العبارات كثيرا من الجدل حول المقصود منها، هل تفيد إنطباق التأخر في تسليم البضائع المنقولة بحرا على نصوص المعاهدة أم لا؟


وقد أدى هذا كله إلى إختلاف وجهات النظر بين الفقهاء وحتى إلى إنقسام الموقف القضائي غير أن خلاصة ما سبق ذكره يمكن أن التأخر في تسليم البضائع المنقولة بحرا ينطبق على نصوص معاهدة بروكسل بالرغم من أنها لم تتضمن نصوص حول هذه الحالة .
أما فيما يخص باتفاقية هامبورج لنقل البضائع سنة 1978، فلقد نصت الفقرة الثانية من المادة الخامسة بصدد مسؤولية الناقل عن التأخير بأن ثمة تأخير في التسليم يستدعي تلك المسؤولية عندما لا تسلم البضائع في ميناء التفريغ المنصوص عليه في عقد النقل وذلك في المدة المحددة أو المتفق عليها في العقد. أما في حالة غيبة مثل هذا الإتفاق في العقد فإن معيار التأخير في التسليم يتمثل في عدم تسليم البضائع في المدة التي تتطلب من جانب الناقل الحريص ومع مراعاة ظروق الواقع.

وفي الحقيقة أن هذا الحكم الوارد في الفقرة الثانية إعترضته الكثير من الصعوبات في تفسيره عند تطبيقه وذلك بالنسبة لمعيار التأخير في حالة غيبة الإتفاق في شأنه، إن عبارة المدة التي تتطلب من الناقل الحريص في مضمونها كثير من الميوعة إذ كيف يستطيع المفسر أن يضع معيارا للحرص في هذا الشأن وخاصة حين راحت الفقرة المشار إليها تنص على ضرورة مراعاة ظروف الواقع فيما يتصل بتحديد فترة التسليم المتطلبة من الناقل الحريص

وبهذا تكون الإتفاقيات الدولية إختلفت في مسألة إدراج موضوع التأخر في تسليم البضائع المنقولة بحرا ضمن نصوصها كما سبق وأن رأينا ومنه تكون التشريعات الوطنية المقتبسة منها مثل القانون البحري الجزائري إختلفت في مدى إنطباق الضرر الإقتصادي الناجم عن التأخير في تسليم البضائع للمرسل إليه .

ملاحظة : إذا كان الضرر الذي يلحق بمتلقى خدمة النقل من هلاك اوتلف البضائع يستقل عن الضرر الذي يلحق به من جراء التأخير في وصول البضائع، فلا مانع من الجمع بين طلبات التعويض عن كل ضرر على حدة وذلك بمراعاة أمرين الأول أنه لا يقضي بالتعويض عن التأخير في حالة الهلاك الجزئي إلا بالنسبة إلى الجزء الذي لم يهلك و الثاني أنه لا يجوز في جميع الأحوال أن يزيد التعويض الذي يقضي به على ما يستحق في حالة هلاك البضائع هلاك كليا
تلكم هي حالات أو صور تحقق مسؤولية الناقل البحري للبضائع.



الـمـطلـب الـثانـي: الطبيعة القانونية لمسؤولية الناقل البحري



تعتبر مسؤولية الناقل البحري للبضائع مسؤولية عقدية مصدرها عقد النقل البحري، ومع ذلك فإنها لا تبدأ من وقت إبرام العقد بل من وقت تسليم البضاعة إلى الناقل. وإلتزام الناقل بمقتضى عقد النقل البحري للبضائع هو إلتزام بتحقيق نتيجة وهي نقل البضاعة وتسليمها إلى المرسل إليه كاملة، سليمة في الميعاد المحدد. ولذلك يكون مسؤولا بمجرد هلاك البضاعة أو أو تلفها أو التأخر في تسليمها. ولا ترتفع عن الناقل إلا إذا أثبت أن عدم التنفيذ إنما يرجع إلى سبب أجنبي لا يدله فيه كقوة قاهرة أو خطأ المرسل أو عيب البضاعة.

وطبقا للقواعد العامة فإن المسؤولية العقدية تقوم على أساس فكرة الخطأ أو الضرر و العلاقة السببية بينهما. فإذا إجتمعت هذه الأركان التلاثة تتم مساءلة الناقل.أما إذا انتفى أحدها فتنتفي المسؤولية العقدية عن الناقل البحري للبضائع. ومقتضى دلك انه ادا لم يقم الناقل بتنفيد التزامه بنقل البضاعة سليمة إلى جهة الوصول في الميعاد المتفق عليه، فإنه يفترض خطؤه ويلتزم بتعويض الشاحن عن الضرر الذي أصابه من جراء ذلك. ولا فرق بين أن يكون عدم تنفيذ الإلتزام راجعا إلى خطأ الناقل البحري الشخصي أو أخطاء تابعيه البريين أو البحريين. ويتضمن التعويض طبقا للقواعد العامة إذا تحققت أركان المسؤولية العقدية ما لحق الشاحن من خسارة وما فاته من كسب، شرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لاخلال الناقل بالتزامه و لم يكن في إستطاعته أن يتوقاه ببذل جهد معقول، ولا يلتزم الناقل الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه وقت التعاقد، غير أن معاهدة بروكسل، وضعت نفس القواعد العامة بالنسبة لطبيعة مسؤولية الناقل البحري للبضائع ورسمت حدودها ثم أوردت الإستثناء على ذلك من ناحيتين :

الأولى : نصت المعاهدة على إعفاء الناقل من كل مسؤولية في بعض الحالات.
و الثانية:قررت المعاهدة تحديد مسؤولية الناقل البحري ووضعت الأساس الذي يراعى في إحتساب مقدار التعويض الذي يحكم به للشاحن و الأحكام التي نصت عليها.

فكما قلنا فإن الناقل البحري حسب القواعد العامة يلتزم بنتيجة معينة هي توصيل البضاعة سالمة إلى جهة الوصول ولذلك يكون مسؤولا عن التعويض إذا تخلفت هذه النتيجة بسبب هلاك البضاعة أو تلفها أو تأخير وصولها دون أن يكلف الشاحن بإثبات خطأ الناقل، فالخطأ هنا هو مفترض ، فإذا أراد الناقل دفع هذه المسؤولية وجب عليه إثبات السبب الأجنبي. فهذه القواعد برمتها إعتمدتها معاهدة بروكسل في تنظيم مسؤولية الناقل البحري. فنصت المادة 04 فقرة 02 من المعاهدة على أنه " لا يسأل الناقل أو السفينة عن الهلاك أو التلف الناتج أو الناشئ عن أي سبب آخر غير ناشئ عن فعل الناقل أو خطأه أو فعل وكلاء الناقل أو مستخدميه أو أخطائهم أية صلة بالهلاك أو التلف".
فهذا النص يرسم حدود مسؤولية الناقل ويقرر مسؤوليته عن خطئه وأخطاء تابعيه فإن أراد دفع المسؤولية فلا يكفي لذلك مجرد إثبات عدم وجود علاقة سببية بين فعله أو أفعال تابعيه وبين الضرر الذي حصل ولكن يتعين عليه أن يرد هذا الضرر إلى سببه الحقيقي. ومعنى ذلك أن مجرد وقوع الضرر يستوجب مسؤولية الناقل إلى أن يثبت السبب الأجنبي الذي سبب هذا الضرر ولكن معاهدة بروكسل لم تقتنع بتنظيم مسؤولية الناقل البحري للبضائع على نحو ما هو مقرر في القواعد العامة ولكنها نصت على إعفاء الناقل من المسؤولية في عدة حالات بحيث يكفي أن يثبت الناقل أن الضرر الذي أصاب الشاحن كان بسبب واحدة منها حتى يعفى من المسؤولية .
أما إتفاقية هامبورغ، فالخطأ مفترض و المادة 05 من هذه المعاهدة نصت على أن " الناقل مسؤول عن الضرر الناتج عن هلاك البضائع أو تلفها وكذلك الناتج عن التأخير في التسليم مالم يثبت أنه ووكلاؤه وتابعوه إتخذوا كل التدابير المعقولة لاتقاء وقوع الحادث وتفادي نتائجه فالخطأ هنا أيضا مفترض وعلى الناقل أو تابعوه أن ثبتوا أنهم إتخدوا التدابير الممكنة لدفع الحادث لنفي المسؤولية.
أما بالنسبة للقانون البحري الجزائري فقد أكد في المادة 770 منه و المادة 773 على أن إلتزامات الناقل هي إلتزامات ببذل عناية، وحسب نص المادة 803، فقرة أ-ط- ل، فلا يمكن للناقل التخلص من الخطأ إلا بإثباته أنه قد بدل العناية اللازمة، أما الإلتزام بتوصيل البضاعة فهو إلتزام بتحقيق نتيجة ولدرء المسؤولية، فعلى الناقل إثبات خطا الغير القوة القاهرة أو السبب الأجنبي.

اما الضرر في المسؤولية العقدية التي يتحملها الناقل البحري للبضائع فهو كما أشرنا سلفا في المطلب الأول فإنه يتمثل في إما فقدان البضاعة أو هلاكها وإنما في التأخر في وصولها وهو ضرر مادي، على أنه يجب أن تربط بين الخطأ المفترض و الضرر المادي علاقة سببية لقيام هذه المسؤولية.
ومن هنا يمكننا القول أن مسؤولية الناقل البحري للبضائع في القانون البحري الجزائري هي مسؤولية عقدية مناطها إرادة الأطراف أي مبدأ سلطان الإرادة.
إلا أن هذه المسؤولية من نوع خاص حيث أن الكثير من أحكامها هي قواعد آمرة متعلقة بالنظام العام. مثال المادة 811 قد جعلت باطلا وعديم المفعول كل شرط تعاقدي يكون هدفه وأثره المباشر إبعاد أو تحديد المسؤولية الخاصة بالنقل و الناجمة عن المواد 770، 780، 802، 803، 804.
في حين المادة 812، فقرة 01 تنص على أنه يمكن الإتفاق على إبعاد أو تحديد المسؤولية خلافا في المرحلة السابقة للشحن و اللاحقة على التفريغ.
وكذلك يمكن الإتفاق على تحديد المسؤولية وإبعادها في حالة نقل الحيوانات على السطح أو البضائع نظرا لخصوصية النقل في هذا النوع من البضائع، لأن البضائع المشحونة على السطح تتعرض لأخطار متعددة كالسرقة و التبلل بمياه البحر.