منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مصادر القانون
الموضوع: مصادر القانون
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-17, 17:58   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 مصادر القانون

مقدمـــــــــــــــــة

إن كلمة قانون توحي بأكثر من معنى و تعطي أكثر من مدلول، فقد يقصد بكلمة قانون الإشارة إلى

القواعد التي تحكم الظواهر الطبيعية، كالقوانين الفيزيائية، كقواعد الجاذبية الأرضية، و تعتبر قاعدة

تقريرية، أو وصفية. لأنها تكون مقررة لواقع يتحقق كما تحققت أسبابه دون أي استثناء.

إلا انه هناك مفهوما خاصا للقانون.إذ يقصد به مجموعة من قواعد قانونية تحكم سلوك الأفراد في

المجتمع، و تقيم النظام فيه عن طريق تحديد التزامات الأفراد من ناحية، و حقوقهم من ناحية أخرى

حتى يتحقق التوازن في المجتمع بين مصالح الأفراد المختلفة.

كما يقوم القانون بإيضاح التصرفات ليغير مشروعة للأفراد ليتجنبوها، حتى ليتعرضوا للجزاء

القانوني الذي يحدده المشروع.و القانون لا يتكون من قاعدة قانونية. بل من مجموعة من هذه

القواعد، و كذلك الدول لا تعبر عن أرادتها اتجاه الأفراد بطريقة واحدة بل بعدة طرق مختلفة

و أما هذا التعدد في القواعد القانونية. و في طرق التعبير عنها تتعدد المصادر القانونية

فالقاعدة القانونية جانبان: ينبغي النظر أليهما :جانب تستقي منه مادتها أو جسمها و هذا ما يسمى:

بالمصادر المادية و مهمتها تتمثل في تحديد مضمون و معنى القاعدة القانونية بعد أن تصبح قاعدة

ملزمة أي رسمية(1).

أما عن الجانب الآخر فهي تستمد منه قوتها الملزمة و هو ما يطلق عليها بالمصادر الرسمية و هي

تختلف باختلاف المجتمعات و العصور



المرجع:-(1) توفيق حسن درج المرجع:ص 180








1

أمــا عــن أهميـــة الموضــوع. فلقـــد لعبــت المصـــادر القانونيـــة، سواء كانــت مصـــادر مــادية،

أو مصــــــــادر رسمــــــــية. دورا بـــــــارزا في تحديــــد مضمـــون و معنــى القاعــــدة القانونيـــة،

كمـــا لعـــب هــذان المصــدران دورا بـــارزا فـــي

تنضم سلـــوك الأفراد و علاقاتهـــم بالمجتمــــع.

-وان دقة الموضـــوع يستلــزم تحديــــد أركان الدراســـــة، حيـــث تتوقــف بتحليـــل حصيـــــلة مــن

المسائـــــل القانونيـــة المبنيــــة علـــى إشكاليــــة رئيسيـــــة تتمثــــل فــــي:

-فيمــا تتمثـــل مصــادر القانــون أو بأحــر المنابــع التــي تخــرج منهــا القواعـد القانونيـة التـي

تحكـم و تنظــم سلـــوك الأفـــراد فـــي المجتمــع؟.

هذا و تنـــدرج تحتـــــــــها:

-فيمـــا تتمثــــل أهــــم مصــــادر القانــــون؟.





















2

الفصـــــل الأول :التشريـــــــــع

المبحــــــث الأول:التشريــــــــع

يعد التشريع من أهم المصادر الرسمية للقانون في المجتمعات الحديثة و هو المرجع الأول الذي يلجا إليه

القضاة في فض المنازعات المعروضة إمامهم في المحاكم(1).

و يعتبر التشريع وضع قواعد قانونية في نصوص تنظم العلاقات بين الأشخاص في المجتمع بواسطة السلطة

المختصة طبقا للإجراءات المقررة لذلك.

و يعتبر التشريع المصدر الرسمي الأول للقانون الجزائري و في معظم الدول بإنشاء الدول الانجلوسكسونية

التي تعتبر السوابق القضائية المصدر الأول للقانون(2).

المطــــلب الأول:مزايـــــــا التشريــــــــــع.

ا)يتضمن التشريع قواعد عامة و مجردة تخاطب كافة الأمر الذي يؤدي إلى وحدة النظام القانوني في جميع

أقاليم الدولة كما انه يصدر مكتوبا فلا يدع بذلك أي مجال للشك حول إثبات وجود القاعدة القانونية او تاريخ
صدورها (3).

ب)التشريع يحقق وحدة القانون في الدولة، لأنه يسري على جميع الأفراد و يصاغ صياغة موحدة تطبق على الجميع دون اختلاف.

ج)التشريع يستجيب بسرعة لضرورات المجتمع كذلك يمكن تعديله أو إلغاؤه كلما تطلبت التغيرات الاجتماعية أو الاقتصادية ذلك (4).



المرجع:

-1)د/سوزان علي حسن: الوجيز في مبادئ القانون ص 53

-2)د/محمدي فريدة زواوي :المدخل للعلوم القانونية نظرية القانون.

-3)د/سوزان علي حسن المرجع السابق

-4)د/أنور سلطان المبادئ القانونية العامة دار النهضة العربية 1974 ص50.

3


المطــــــلب الثاني:عيوب التشريع.

ا) يعاب على التشريع على انه يصدر عن السلطة العامة غير ملائم لظروف المجتمع كما أن إصداره

مكتوبا قد يكون ذلك عائقا أحيانا أمام تغيير المشروع لنصوصه و أحكامه فيختلف بذلك عن مسايرة

التطور فيبقى جامدا أو لا يتماشى مع تطور المجتمع (1).

ب) يعاب على التشريع بأنه يخدم مصالح السلطة التي يصدر عنها و يعاب على هذا العيب بأنه التشريع

الذي يصدر عن هذا التحول لا يبقى طويلا(2).

ج)يعاب على التشريع بأنه قد يكون ملائما عند صدوره بحيث يلبي حاجياته، و لكن قد تتغير ظروف

المجتمع و لا يتغير التشريع فتتراخى أو تتقاعس السلطة التشريعية تحت ادخلا تغيير عليه(3).


يمكننا القول أن مزايا التشريع أكثر من عيوبه، إذ يحقق وحدة القانون و ما يترتب على ذلك من استقرار

في الدولة،كما يتصف التشريع بالمرونة بحيث يمكن تعديله بسرعة نظرا لسرعة صدوره و بالتالي

سيستجيب لتطور المجتمع.

المرجع:

1)د/سوزان علي حسن المرجع السابق ص55.

-2)د/مصطفى محمد الجمال عبد المجيد محمد الجمال القانون و المعاملات(الدار الجامعية).

-3)د/أنور سلطان ص111 ، 1987 ص53.












4


المبحــــــــث الثاني: سن التشريــــــــع و نفاذه.

مثل أن نتطرق لسن التشريع و نفاذه يمكننا التحدث عن أنواع التشريع بإيجاز فقد يكون التشريع:تشريعا

أساسيا و هو الدستور الذي عبارة عن مجموعة القواعد الأساسية التي تبين شكل الدولة و قد يكون

تشريعا عاديا و هو القوانين و قد يكون فرعيا و هو القرارات و اللوائح الأول تضعه جمعية تأسيسية و

يصدر في شكل أمر رئيس الدولة و الثاني تصدره السلطة التنفيذية(1).

يمر التشريع العادي عند سنه بمراحل متعددة منها:

المطلـــب الأول: سن التشريع.

1مرحلــــة اقتراح التشريع.

و معناه عرض التشريع على الهيئة النيابية في الدولة و هي تتمثل في المجلس الشعبي الوطني و هذا ما

تقضي بهالمادة92 من الدستور الجزائري بقولها :"يمارس السلطة التشريعية مجلس واحد يسمى

المجلس الشعبي الوطني و له السلطة في إعداد القانون و التصويت عليه "و يحقق للحكومة و الأعضاء

المجلس الشعبي الوطني في اقتراح القوانين(2) .

2مرحلــــــــة الفحـــــــص.

تقوم لجان متخصصة في الهيئة التشريعية أي المجلس الوطني بالنسبة للجزائر يفحص مشروعات

القوانين و دراستها ثم تضع تقارير بشاتها (1)و قد تقوم باد خال تعديلات عليه وفقا للمادة 55من القانون

المتضمن تنضم و سير المجلس.أما اقتراح التشريع فقد ترفضه اللجنة المختصة بعد دراسته اذا رات

عدم صلاحيته للمناقشة(2).وفقا للمادة 121 من الدستور آما إذا رأت اللجنة صلاحية القانون المقترح

فيعرض على المجلس للاقتراع عليه.
المرجع:
1)د/نادية فضيل دروس في مدخل للعلوم القانونية(النظرية العامة للقانون في القانون الجزائري ص46/47

-2)نادية فضيل المرجع السابق ص47.

-3)د/سعيد بوشعير النظام السياسي الجزائري دار الهدى الجزائر ص372/373.
5


03-موافقــــــــــة الهيئــــة التشريعــــــــية.

يعد تحضير التقارير بشان مشروع القانون و اقتراحه، يعرض على السلطة التشريعيةاي المجلس الشعبي

الوطني للتصويت عليه ،و تتم الموافقة عليه بالأغلبية المطلقة من الحاضرين(1).

أما إذا تعادلت الأصوات فيعتبر المشروع مرفوضا(2). و تنص المادة 20 الفقرة 3على انه "يجب أن

يكون كل مشروع أو اقتراح قانون موضوع مناقشة من طرف المجلس الشعبي الوطني . مجلس الأمة
على التوالي حتى تتم المصادقة عليه"(3).

المطلـــب الثاني:مرحلة نفاذ التشريع
و هي تتم على مرحلتين:

الفـــــــــرع الأول: مرحلة إصدار التشريع:

يتم إصدار التشريع من رئيس الدولة ،و هذا بإصدار أمر إلى السلطة التنفيذية يخطرها بضرورة تنفيذ

مشروع القانون الذي تمت الموافقة عليه من السلطة التشريعية(1).

إذ تنص المادة 126 من الدستور على "يصدر رئيس الجمهورية القانون في اجل ثلاثين يوما ابتدءا من

تاريخ تسلمه إياه غير انه إذا أحظرت سلطة من السلطات المنصوص عليها في م 166التالية المجلس

الدستوري قبل صدور القانون يوقف هذا الأجل حتى يفصل في ذلك المجلس الدستوري وفق الشروط التي
تحددها المادة 167 التالية".

الفــــرع الثاني:نشـــــر التشريـــــع.

يكون إصدار القانون بأمر نشره في الجريدة الرسمية و يرمي النشر إلى إعلام

الناس بوجود القانون و سيرانه في حقه و هذا ما قضت به المادة4 من القانون المدني الجزائري بقولها

المرجع:
2)د/أنور سلطان المبادئ القانونية العامة الطبعة الثانية 1978 دار النهضة ص115

-3)د/محمدي فريدة زواوي المدخل للعلوم القانونية نظرية القانون ص55

-1)د/نادية فضيل دروس في مدخل العلوم القانونية (النظرية العامة للقانون في القانون الجزائريص48.

-1)د/حبيب إبراهيم الخليل المدخل للعلوم القانونية (النظرية العامة للقانون )ص97

6


بقولها :"تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتدءا من يوم نشرها في

الجريدة الرسمية، تكون نافذة المفعول بالجزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل من تاريخ نشرها......."

ونشير إلى أن النشر في غير الجزائر قد يتم في الصحف اليومية أو في الإذاعة أو التلفزة حتى يتمكن

الناس من العلم بأحكام القانون (1).هذا كأصل عام لان هناك استثناء إذ تقوم السلطة التنفيذية بسن

التشريع بدلا من السلطة التشريعية و هذا في حالتي الضرورة و التفويض.

1/حالة الضرورة :

تقوم السلطة التنفيذية بسن التشريع العادي إذا اقتضت الضرورة سرعة اصدارهو كانت السلطة لتشريعية

إثنائها في عطلة أو كان قد تم حلها فتحل محلها السلطة التنفيذية و تقوم بمهمتها و هي سن القانون

(1)وتكون لتشريعات السلطة التنفيذية قوة القانون على تعرض الهيئة التشريعية في أول اجتماع لها ؛ولم

تنص دستور1989 على ذلك إلا أن الفقه ينجه بالإجماع إلى إمكانية صدور تشريعات من السلطة التنفيذية
إذا تطلبت الضرورة ذلك.

2/حالة التفويض:

تفوض السلطة التشريعية مهمتها إلى السلطة التنفيذية حتى تقوم هذه الأخيرة بسن

القوانين العادية؛ و هذا عندما ترى السلطة التشريعية إن المصلحة العامة تقتضي اتخاذ تدابير تشريعية

بشيء من السرية قبل إصدارها.و تقع هذه الحالة عند حدوث أزمة اقتصادية أو خطر يهدد الوطن(2)(1).

و تفويض تمنحه السلطة التشريعية لرئيس الدولة و قد كان منصوصا عليه في دستور 63و كذلك في

دستور 1976(المادة153)،و لكن لم ينصص عليه دستور 1989.

المرجع:

1)د/توفيق حسن فرج مدخل للعلوم القانونية (النظرية العامة للقانون،النظرية العامة للحق ص220،221).

-1/أنور سلطان المرجع سابق ص119 ،120.

-(1)(2)نادية فضيل المرجع سابق ص49

7


3/التشريع الفرعي:

يقصد به اللوائح و القرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية في حدود اختصاصاتها

التي بينها لها الدستور مفعول اختصاص أصيل لها لأنها تحل محل السلطة التشريعية و يقتصر اختصاص

السلطة االتنفذية على وضع لوائح محددة و هي نوعان:

ا)اللوائح التنظيمية:

و هي تصدر عن رئيس الجمهورية أو عن الوزراء المختصين أو عن الإدارات العامة تنص المادة125/1

من الدستور:"يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل الغير مخصصة للقانون.

ب)اللوائـــح التنفيذيــــة:

تتضمن القواعد التفصيلية لتنفيذ التشريعات العادية، فتفسر إحكامها و تبين كيفية تطبيقها

و رئيس الحكومة هو المختص بوضع اللوائح التنفيذية إذ تنص المادة 125/2 على "يتدرج تطبيق القوانين

في المجال التنظيمي الذي يعد لرئيس الحكومة ".

فعند وجود نص يتضمن وجوب صدور لوائح تنفذيه لتفصيل قواعد معنية، فان التأخير في إصدار هذه

اللوائح يؤدي إلى تعطيل تنفيذ القانون ذاته ،كما يجب إن تكون اللوائح التنفيذية مطابقة للتشريع فلا يجوز

لها إن تخالفها تعدل منه.

ج)لوائح الضبط أو البوليس:

تهدف هذه اللوائح إلي المحا فضة علي الآمن العام آو الصحة العامة و مثالها :لوائح تنضم المرور و

للوائح المتعلقة بمراقبة الأغذية ،و تلك التي تتعلق بانتشار الأوبئة فهذه اللوائح مستقلة و قائمة بذاتها

وتتضمن عقوبات على من يخالفها.






8

المبحـــث الثالـــــث:إلغـــــــاء التشريع

المطــــــــلب الأول:تعريـــــــف الإلغــــاء

.يقصد بالإلغاء أنها العمل بالقاعدة القانونية بحيث تنتقي قوتها ولا يكون لها اثر بالنسبة إلى المستقبل وبعبارة

أخرى تجريد القاعدة القانونية من قوتها الملزمة بالنسبة للأشخاص

الذين كانوا يخاطبون احكامهاو تعود سلطة الفاء القانون إلي السلطة التي قامت بسنه أي السلطة التشريعية(1).

كما يجب أن يكون القانون الذي يقوم بعملية الإلغاء من نفس الدرجة أو أقوى منه درجة فالتشريع

الأساسي لا يلغى ألا بتشريع يحل محله.إذ يحترم الفاء التشريع تدرجه.

المطلـــب الثــــاني:أنـــواع الإلغـــاء

.يستخلص من نص المادة الثانية من القانون المدني.أن الإلغاء نوعان:الغاء صريح و الغاء ضمني.

الفـــــــرع الأول:الإلغـــاء الصريـــح:

يحدث عندما يتضمن التشريع الجديد نصا يقضي بالفاء التشريع السابق أو بالفاء بعض مواده و يعد

الإلغاء الصريح ابسط أنواع الإلغاء و أوضحها (1) و لا يشرط أن يتمثل النص الملغي علي بديل للحكم

الملغي بل قد يقتصر الأمر علي الفاء الحكم الأول فقط مثال ذلك القانون رقم83-1 المؤرخ في 29 يناير

سنة 1938و المتضمن تعديل القانون المدني فقد الغي هذا القانون صراحة المواد 751،752،753.و

المواد:757،الى762.من القد المدني دون إحلال مواد أخرى محلها و لكن الإلغاء قد يتضمن الإبدال بمواد

أخرى كالفاء القانون 83,01.المذكور أعلاه المادة:756.مدني وتم إبدالها بخمس مواد أخرى هي المواد: 756، و756 مكرر 3مدني(2).

المرجع:

1)د/توفيق حسن فرج المرجع السابق ص 309

-1)د/نادية فضيل المرجع السابق ص 54.

-2)د/محمدي فريدة زواوي المرجع السابق ص 63.
9

.الفـــــــرع الثانــــي:الإلغــــاء الضمنـــــي.


في هذه الحالة لا يتم الإلغاء بنص صريح و إنما يستخلص ضمنا من موقف المشرع و له صورتين:

ا)صدور تشريع ينظم من حديد نفس الموضوع الذي كان ينظمه التشريع القديم فيعتبر التشريع اللحق ملغيا للتشريع السابق.

ب)وجود تعارض بين التشريع الجديد و التشريع القديم ،فيلزم ان تكون الأحكام الجديدة و القديمة من نوع

واحد وأداة صفة واحدة بحيث يكون الحكم القديم خاصا و الجديد خاصا أيضا فيلغي الحكم الجديد العام الحكم القديم العام.

المطلـــــب الثالــــــث:رقابــــــة إلغـــــاء التشريــــــــع.

-الجهة التي تملك الرقابة على إلغاء التشريع هي المحكمة الدستورية العليا و تتلخص اختصاصات هذه المحكمة فيما يلي:

1-النظر في دستورية القوانين و اللوائح
.
2-النظر في تفسير القانون
.
-و مفاد ذلك أن المحكمة الدستورية العليا هي الجهة الوحيدة المختصة دون غيرها بالفاء القوانين و المواد المخالفة للدستور.






المرجع:
-1)د/سوزان علي حسن المرجع السابق ص 67









10
































11







بالرغـــم من الدور الكبيـــر الذي يلعبــــه التشريــــع في تنظيم القانـــون إلا أنـــها قـــد لا يحيـــــط

التشريــــــع بكـــــــل الأمــــــــور

بحيـــث يجـــــــد القاضــــــي نفســـه أمـــــام ثغـــــــره فــــــي التشريــــــــع.أي لا يجــــــد حكـــــــما

تشريعيــــــا يطبقـــــــه علــــى الــنــــزاع المطـــــــــروح إمامــــــــــه.

.فأمــــام هــــــــذا الموقـــــــف نجــــــد المشـــــــروع يحيـــــــل القاضـــــي علــــــى مصــــادر

احتياطيـــة و التـــــــي سنتطـــــــــرق إليهــــــا فـــــي الفصـــــــل الثانـــــــي.
























12



















الفصــل الثانــــــــي:مبــــــــادئ الشريعـــــة الإسلاميــــة.


المبحـــــث الأول:مبـــادئ الشريعــة الإسلاميـــة كمصـــدر أصلــــي احتياطي للقاعـــدة القانونيـــــة.

المطلب الأول: :مبـــادئ الشريعــة الإسلاميـــة كمصـــدر أصلــــي خـــاص للقاعـــدة القانونيـــــة

-كانت الشريعة الإسلامية منذ الفتح الإسلامي في المصدر الأصلي العام للقاعدة القانونية فكانت تطبق

على كافة علاقات الأفراد سواء كانت كتعلقه بالمعاملات المالية أو بالأحوال الشخصية و الإرث و الوصايا

و الوقف و الولاية و أصبح التشريع هو المصدر الأصلي للقاعدة القانونية ثم صدرت عدة وانين متلاحقة

تنضم تلك المسائل فانحصر نطاق تطبيق الشريعة الإسلامية على مسائل الآسرة كالزواج و الطلاق و ما

يترتب عليهما مسائل البنوة و النفقة بين القارب و الأصهار و مسائل النسب و التبني (1)و تعتبر اليوم

مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأصلي و الأساسي الذي يرجع إليه القاضي بعد التشريع في

مسائل الأحوال الشخصية من زواج و طلاق .

المطلب الثاني:مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر احتياطي للقاعدة القانونية.

-المقصود بمبادئ الشريعة الإسلامية هنا.المبادئ العامة الكلية التي لا تختلف باختلاف المذاهب و حتى

أن وجد مثل هذا الاختلاف فان القاضي لا يتقيد بمذهب واحد بل يستطيع المفاصلة بين المذاهب و اختيار

الأكثر ملائمة للتطبيق على النزاع المطروح أمامه(2).

-كما يجب أن لا يخالف القاضي عند آخذه بمبادئ الشريعة الإسلامية التنسيق بينها و بين المبادئ العامة

التي يقوم عليها القانون حتى لا يفقد القانون ما يجب أن يتوافر له لتجانس أحكامه.








13
















المبحــــث الثانـــــــي:التفرقـــــة بيــن الفقـــــــه الإسلامـــي و مبــــادئ الشريعــــــة الإسلاميــة

ليتضح المقصود بمبادئ الشريعة الإسلامية لابد من التفرقة بينها و بين الفقه.

المطـــــــلب الأول: الفقــــــه

.يعتبرا لفقه الجانب العملي من الشريعة الإسلامية و هو اجتهاد للتواصل إلى استنباط الأحكام

الشرعية،و قد نشا منذ عصر الصحابة و ظهرت عدة مذاهب فقهية إلى أن أصبحت أربعة مذاهب رئيسية

تتميز باختلافها في بعض الأحكام و تتمثل هذه المذاهب في المذهب المالكي-الحنفي-الشافعي-الحنبلي.(1)

المطلــــب الثانـــــــــي:الشريعـــــــة الإسلامية.

فهي المبادئ العامة التي لا تختلف في جوهرها من مذهب لآخر ،فهو نظام قائم على قواعد و أحكام أساسية

في كل الميادين ونصوص الشرعة الإسلامية أتت في القرآن و السنة بمبادئ اساسيةلا تقبل أي تأويل.






















المرجع:

1)د/وهيبة الزحيلي:الفقه الإسلامي و أدلته،دار الفكر الجزء الأول ص 15الى26.




14





المبحـث الثالـــــث:مصـــــادر الأحكـــــــام الشرعيـــــة المتفـــــق عليـــــــها.

لقد جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: "الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه و سلم، قاضيا

بالإسلام في اليمن، فقال له الرسول:كيف تقضي يا معاذ إذا عرض لك القضاء؟قال اقضي بكتاب الله قال:قال

فان لم تجد في كتاب الله ؟قال:فبسنة رسول الله.قال:فان لم تجد في سنة رسول الله ؟قال اجتهد برأي و لا الو

أي لا اقصر في الاجتهاد.فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدره و قال :الحمد لله الذي وفق

رسول الله لما يرضي الله و رسوله .و على هذا الأساس يمكننا القول إن مصادر الأحكام الشرعية هي أربعة:

المطلــــب الأول:القــــــرآن الكريــــــــــم.و السنة

01-القرأن الكريم

و هو قول الله تعالى:و يعتبر الأصل لأحكام الشريعة "فهو الذي انزل على النبي صلى الله عليه و سلم

.على مدى ثلاث و عشرين سنة فنجد مثلا آيات العنادات و المواريث و آيات تحريم الزنا و القذف و

القتل بغير حق فقد صرحت بالإحكام مباشرة و حددتها تحديدا قاطعا.

الاا ن هناك بعض الآيات لم يعين المراد منها على وجه التحديد فكانت محل الاجتهاد كالآيات المتعلقة

بالمعاملات المالية جاءت بصيغة الإرشاد و التوجيه، كآيات المدينة، و لم يختلف الفقهاء في نسخ القران

بالقران و لكنهم اختلفوا في نسخ القران بالسنة.

فجمهور الفقهاء لا يتقبلون نسخ الكتاب بالسنة و لو كانت متوترة لقوله تعالى:"ما ننسخ من آية أو

سنتها بخير منها أو مثلها الم تعلم إن الله على كل شيء قدير.

02-السنة.

و هي الأصل الثاني للشريعة الإسلامية.و هي أحكام صادرة عن النبي صلى الله عليه و سلم.

1)د/وهيبة الزحيلي أصول الفقه الإسلامي دار الفكر 1986 الجزء الأول ص 418.

15


فتسمى سنة فولية و قد تكون فعلية و هي ما تستخلص من أفعال الرسول صلى الله عليه و سلم.و قد

تكون سنة تقريرية و هي أن يسكت الرسول صلى الله عليه و سلم عن عمل وقول و هو حاضر أو غائب

بعد علمه به،و قد يبدي موافقته أو يظهر استحسانه له و قد اختلفت المذاهب في الأخذ بالأحاديث وفقا

للثقة في الراوي و الصفات التي يجب أن تتوفر فيه.

المطــــلب الثــــــاني: الإجمـــــــاع و القيــــــــاس.

الإجماع:

و هو اتفاق المجتهدين بين العلماء على الحكم الشرعي(1)فبعد وفاة النبي صلي الله عليه و سلم أصبح

هناك حاجة ماسة إلى الحكم في القضايا الجديدة في عصر الصحابة مما أدى إلى نشأة فكرة الإجماع عن

طريق الاجتهاد الجماعي ،و الذي يعني اتفاق المجتهدين من امة محمد صلى الله عليه و سلم بعد وفاته

على حكم شرعي، فهناك من يرى ضرورة اتفاق جميع المجتهدين لقوله صلى الله عليه و سلم "لا تجتمع

أمتي على ضلالة"فحيث يرى بعض الفقهاء على انه يكفي إجماع اكسر المجتهدين و يستدلون بقوله

صلى الله عليه و سلم."أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم، أهديتم"

-و يرى الأستاذ أبو زهرة انه بعد إجماع الصحابة الذي كان متواتر أو الذي لم يختلف على إجماعهم

احد، نازع الفقهاء في الاجتماع و لا يكادون يجمعون على إجماع (2)و لكن يرد على هذا الرأي بأنه لا

يمكن قصر الإجماع على الصحابة فهو في متناول أهل كل عصر لقول الرسول صلى الله عليه و سلم:"لا

تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم خلاف من خالفهم حتى يأتي أمر الله".

المرجع:

1)د/نادية فضيل مرجع سابق ص 60.

-2)د/الإمام محمد أبو زهرة أصول الفقه دار الفكر القاهرة ص 198.




16






القيـــاس:

وهو يتمثل في أن القاضي يطبق حكما نص عليه في حادثة معينة على حادثة أخرى لم ينص عليها نضرا

لاتحاد الحادثين في العلة(1).

و هو مشتق من أمر فطري تقره العقول و يفرضه المنطق، إذ أساسه ربط بين الأشياء المتماثلة إذا

وجدت صفات موحدة بينها، فلا بد من اشتراكها في الحكم و القياس و هو أعمال للنصوص الشرعية

بأوسع مدى للاستعمال، فهو ليس تزايد فيها و لكن تفسيرا لها (2).

و للقياس أركان هي:

-الأصل: و نقصد به المصدر من النصوص الذي بين الحكم.

-الفرع: و هو الموضوع الذي لم ينصص على حكمه .أما الحكم فهو الأمر الذي اتجه القياس إلى تعديه من

الأصل إلى الفرع لوجود علة مشتركة بينهما .

و القياس الصحيح هو الذي يتعارض مع الكتاب و السنة بل يعد تطبيقا لهما.













المرجع:
-1)نادية فضيل المرجع السابق ص 60

-2)الإمام محمد أبو زهرة المرجع السابق ص 204 إلى 209




17


المبحــــــث الرابــــع:مكـــانة مبادئ الشريعــة الإسلاميـــة مـــــن بيـــن مصـــادر القانــون الجــزائـــري و مــــدى إمكانيـــة الأخــذ بهــــا كمصـــدر للقانــــــــون.

المطـلـــــــــب الأول:مكانـــة مبـــادئ الشريعـــة الإسلاميـــــــة مــن بيـــــن مصادر القانون الجزائري.

-تعتبر الشريعة الإسلامية المصدر الرسمي الثاني بعد التشريع إذ تعد مصدرا رسميا للقانون الجزائري

بحيث تنص المادة الأولى من القانون المدني على ذلك فيلزم على القاضي إذ لم يجد حكما في التشريع

الرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية إذ يستنبط الحكم من الكتاب و السنة و الإجماع و القياس.

فالمجتمع الجزائري مجتمع إسلامي محض و لذا نجد بعض نصوص القانون استمدها المشرع من

مبادئ الشريعة الإسلامية لتنظيم كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية (1).

فيعد قانون الأسرة مستمد من الشريعة الإسلامية، إذ طبق المشروع الجزائري أحكام الشريعة الإسلامية

فيما يتعلق بالزواج و الطلاق و الولاية و الميراث و الوصية و الوقف إذ تعد أحكام شريعتنا العزاء بمثابة

المصدر المادي و التاريخي لقانون الآسرة .

إما فيما يتعلق بالمعاملات فإننا نلمس في القانون المدني أحكام الشريعة الإسلامية و على غرار ذلك نجد

القانون الفرنسي بنص على حوالة الحق دون حوالة الدين .

كذلك فيما يتعلق بالمريض مرض الموت، فقد استمد القانون المدني أحكامه الخاصة من الشريعة

الإسلامية و قد جعل المشرع الجزائري القرض بفائدة بين الأشخاص باطلا وفق المادة:454 من القانون

المدني و المصدر المادي لها و هو الشريعة الإسلامية.




المرجع:

-1)نادية فضيل المرجع السابق 60


18





-أما فيما يتعلق بالمادة 794 من القانون المدني الجزائري فقد نص."الشفعة رخصة تجيز الحلول محل

المشتري في بيع العقار ضمن الأحوال و الشروط المنصوص عليها في المواد التالية.

يتضمن هذا النص فكرة الشفعة التي هي عبارة عن رخصة تجيز الحلول محل المشتري في العقار ضمن

الأحوال و الشروط المنصوص عليها في القانون.

بينما القوانين الغربية لا تعرف الشفعة، و إذا كان القانون الفرنسي يعرف حكمها بالنسبة لمستأجري

الأراضي الزراعية في حالة ما إذا أراد مالكها يبيعها لغيره فتكون الأولوية لمستأجر الأرض.

و يلاحظ أن القاضي ملزم بالنص التشريعي ، و لا يرجع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية إلا لمساعدته

على تفسير النصوص المستمدة منها.




























19


المطـلــــب الثـــــــاني:مـــــدى إمكـــــــان الأخــــــذ بمبـــــــادئ الشريعــــــة الإسلاميــة كمصدر للقانـــون.

نبين في هذا المطلب مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر أصلي و مصدر احتياطي

-لكل تشريع منهج خاص به أما منهج الشريعة الإسلامية فهو منهج القرآن ،جامعا لكل المعاني التي اشتملت

عليها بجانب بعضها البعض.

و قد اتبع فقهاء المسلمين هذا المنهج و سارو عليه، لذلك لا يلاحظ تقسيم قواعده بحسب طبيعة العلاقات و لا

يوجد عندهم تقسيم القانون إلى عام و خاص .

كما لا يستطيع أي مجتهد فقهي اجلآ كل حقائق و معاني و أحكام الشريعة ،إلا إذا كان المجتهد على إلمام

كامل بهذا التشريع و بمصادره الأصلية ،الكتاب و السنة التي تتطلب معرفة كبيرة بها.

-و القول بمبادئ الشريعة و الحكم عليها من خلال رأي صادر من شخص واحد او عدة أشخاص قول غير

سليم لأنه قد يكون غير أهل لذلك ،فقد كان الفقهاء رضي الله عنهم عندما يتصدون للاجتهاد يقولون "ان كان

صوابا فمن الله وان كان خطأ فمن الشيطان ".

فالأخذ بالمبادئ العامة للشريعة أمر صعب و ليس في متناول إلا من بلغ درجة من الاجتهاد.

الفـــــــرع الأول:مبــــــــادئ الشريعـــــــة الإسلاميـــــــة كمصــــــدر أصلــــــــي خاص.

-كانت الشريعة الإسلامية منذ الفتح الإسلامي هي المصدر الأصلي العام للقاعدة القانونية .فكانت تطبق على

كافة علاقات الأفراد سواء كانت متعلقة بالمعاملات المالية أو بالأحوال الشخصية إلى أن صدرت المجموعات

المختلطة، و المجموعات الأهلية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر.فمنذ هذا العصر انحصر تطبيق

مبادئ الشريعة الإسلامية على الأحوال الشخصية و الإرث......الخ.
و أصبح التشريع هو المصدر الأصلي للقاعدة القانونية.

20




الفـــــــرع الثانـــــــــي:مبـــــادئ الشريعــــــــة السلاميـــة كمصــــدر احتياطــي للقاعـدة القانونيـــة.


تلعب الشريعة مصدرا احتياطيا للقاعدة القانونية فقد نصت المادة الأولى من القانون المدني على انه اذ لم

يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه،

حكم القاضي بمقتضى العرف فإذا لم يوجد، فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية.

و المقصود بمبادئ الشريعة الإسلامية هنا، المبادئ العامة الكلية التي لا تختلف باختلاف المذاهب و

حتى أن وجد مثل هذا الاختلاف فان القاضي لا يتقيد بمذهب واحد بل يستطيع المفاضلة بين المذاهب و

اختيار الأكثر ملائمة للتطبيق على النزاع المطروح إمامه.

و يجب أن يراعي القاضي عند أخذه بمبادئ الشريعة الإسلامية التنسيق بينهما و بين المبادئ العامة

التي يقوم عليها القانون، بمعنى انه لا يجب أن تخالف القاعدة التي يطبقها القاضي النظام العام حتى لا يفقد

القانون ما يجب أن يتوفر له لتجانس أحكامه.

















21



ممــــــــــا سبــــــــق يمكننـــــــــا القـــــــــول إن الشريعــــــــــة الإسلاميــــــــــــــــة لعبـــــــــت دورا


كبيـــــــــــرا فـــــــــي تبيــــــــان مصــــــــادر القانــــــــون و هذا فـــــــي حالـــــــة مـــــــا اذا لـــــــــم


يوجـــــــد نــــــــص فــــــــــي التشريــــــــــع أو العــــــــــرف .


و علـــــــــى القاضـــــــي اختيـــــــار المـــــــذهــــــب الصحيـــــــح الـــذي لا يخــــــــالــف القاعــــدة


القانونيـــــــة وبالتالــــــــي النظـــــــــام العــــــــام.

























22

































23

الفصـــــــل الثالث:العرف كمصدر للقانـــــــون.

المبحــــــث الأول :تعريــف العــرف و بيـــان مزيــــــاه و عيوبـــــــه.

كان العرف قديما أهم مصدر للقانون إذ كانت تصرفات الأفراد تحكمها عادات و تقاليد ،اعتاد الناس على

إتباعها غير انه بتطور المجتمعات و تقدمها أصبح العرف لا يلائما و لا يستجيب لتنظيم مختلف العلاقات

التي تنشا بين الأفراد مما أدى إلى فقدانه لمكانته كمصدر أول للقانون و يحل محله التشريع .

سأتعرض، و هذا الموضوع لتعريف العرف و مزياه و عيوبه،كما أبين الأركان الرئيسية المكونة للعرف و

التي تمكننا من تحديد الفرق بينه و بين العادة باعتبارها الركن المادي للعرف.و تبيان النتائج المترتبة على
هذا الاختلاف.

المطلب الأول:تعريف العرف.

ينصرف اصطلاح العرف إلى مجموعة القواعد القانونية التي تنشا من اظطراد سلوك الناس على نحو معين

من إتباعها زمنا طويلا.مع اعتقادهم بإلزامها ،و بان مخالفتها تتبع توقيع جزاء مادي ،فالقواعد القانونية

العرفية تنشا في ضمير الجماعة و في العلاقات بين أفراد المجتمع دون تدخل من سلطة أخرى خارجية (1)

كما طرحت عدة تعار يف للعرف منها :العرف مجموعة عادات ملزمة تنظم سلوك الأشخاص في
المجتمع.(2).

-و قد يضاف إلى كلمة "العرف"وصف يوسع من معنى المقصود منه ،فيقال مثلا العرف القضائي ،و ذلك

بقصد التعبير عن القضاء المستمر في أمر من الأمور .و لا شك إن هذا يختلف كذلك عن اصطلاح العرف

كمصدر من مصادر القانون .لأن القضاء ليس مصدرا ملزما ،كما انه ليس مصدرا منشأ للقاعدة القانونية و

بالتالي لا ينشا العرف ليطبقه فقط.

المرجع:
-3)د/توفيق حسن فرج المرجع السابق ص 251.

-2)د/حبيب إبراهيم الخليلي المرجع السابق ص 102.


24



المطلـــــب الثانـــي:مزايــــا العــــرف و عيـــــوبـــــه.

الفـــــــرع الأول:مزيــــــا العـــــرف.

إن تبيان أهمية العرف و مزياه يرجع إلى المدرسة التاريخية التي أعطته الأولوية في التشريع،

1)العرف وسيلة تلقائية تعبر عن إرادة الجماعة في وضع قواعد تحكم سلوكها و علاقاتها، مما يجعلها اصدق تعبير عن رغبة الجماعة.

2)العرف يعبر عن أنواع من السلوك المختلفة فينشا و ينمو في البيئة الاجتماعية بحيث تجعله مرنا و قابلا لمسايرة ظروف المجتمع و تطورها.

3)بلائم العرف أو يوافق حاجات الجماعة لأنه ينشا باعتياد الناس عليه فيأتي على قدر متطلبات

المجتمع باعتباره ينبثق من هذه المتطلبات، فبظهور متطلبات جديدة تنشا أعراف جديدة تزول بزوال هذه المتطلبات.

4)إن العرف قابل للتطور وفقا لتطور الظروف الاجتماعية و الاقتصادية فهو يتطور بتطور المجتمع و يزول إذا زالت الحاجة التي أدت إلى ظهوره.

الفرع الثاني: عيوب العرف.

يمكن إبراز عيوب العرف في المسائل التالية
.
1)العرف بطيء في تكوينه و تطوره ،لذا فهو يصلح كمصدر رئيسي للقانون في المجتمع الحديث الذي يقوم الآن على سرعة التطور في جميع المجالات

2) العرف عبارة عن قواعد غير مكتوبة، الأمر الذي يجعل من الغير تحديد مضمونها إذ فد يتبعها بعض

الغموض نظرا لافتقارها إلى الصيغة التي يتميز بها نصوص التشريع و التي تكون أكثر وضوحا منها.




المرجع

-1)د/حبيب إبراهيم الخليل المرجع السابق ص 111

-3)د/أنور سلطان المرجع السابق ص66.


25




3)بما أن العرف محلي:فانه يؤدي إلى اختلاف القواعد العرفية التي تحكم المسالة الواحدة باختلاف المنطقة


التي يسود فيها هذا العرف، و هو ما من شانه إعاقة الوحدة الوطنية أو القومية التي تقتضي خضوع الجميع


إلى قواعد موحدة، و هذا ما يحققه التشريع.الذي انتزع من المكانة الأولى التي كان يحتلها العرف القديم(1).


4)بالرغم من العيوب التي يحملها العرف فهذا لا ينقص من أهميته و لكن مقارنة بالتشريع يعد اقل فائدة


من التشريع، كما إن المشرع يستعين بالعرف في مسائل معينة و هذا في حالة عدم وجود نص تشريعي.























26


المبحـــث الثـــانــــي:شروط العرف و الأركان المكونة له.

نبين في هذا المبحث الشروط الواجب توفرها في العرف حتى يصبح مصدرا من مصادر القانون ثم نبين الأركان المكونة له.

المطــــلب الأول:شروط العرف.

تتمثل شروط العرف فيما يلي:

1)أن يكون عاما:ذلك أن العرف ينشئ قاعدة قانونية ،و القاعدة لا بد أن تكون عامة مجردة ،فلا ينصرف

حكمها إلى شخص معين بذاته،أو إلى أشخاص معنيين بالذات .و ليس معنى أن يكون العرف شاملا لكل

الأشخاص في الدولة و لكنه قد يكون خاصا بإقليم معين منها، و في هذه الحالة يعتبر العرف محليا و قد

ينشا العرف و يكون خاصا بصفة من الأشخاص فقط، ومع ذلك لا يفقد صفة العمومية و هذا هو الشأن

بالنسبة للعرف، الذي ينشا بين طائفة التجار أو الفرار عين أو أصحاب مهنة معينة،و في هذه الحالة يعتبر

العرف مهنيا أو طائفيا.بل إن العرف قد ينشا من تعود شخص آخر،شخص غير معين بذاته،على سلوك

مسلك معين فيأمر من الأمور ،كما إذا تعود رئيس الدولة على إصدار قرارات من نوع خاص في امر من

الأمور،إذ قد يترتب على هذا أن تتكون قاعدة عرفية تخول رئيس الدولة إصدار مثل تلك القرارات.

2)يلزم كذلك أن يكون العرف قديما:و معنى ذلك أن يمضي على إتباعه فترة طويلة بحيث يمكن أن يقال أن

الأمر استقر في الجماعة على إتباعه.و لا يوجد حد معين لهذه المدة ،إذ تختلف المسالة باختلاف

الظروف، و لهذا يترك للقضاة تقديرا ما إذا كان اعتياد الناس على القيام قد أصبح قديما بحيث يمكن القول

انه استقر أو لم يستقر.



المرجع:

-1)د/توفيق حسن فرج المرجع السابق ص 253.



27




3)و يلزم كذلك أن يكون العرف ثابتا:

و معنى ذلك أن يتبعه الناس بانتظام.بطريقة لا تتغير ولا تنقطع، فلا يتبعه الناس في بعض الأوقات، و

يتركونه في أوقات أخرى، و يترك تقديرا هذا الموضوع كذلك للقضاء.

4)و يلزم أن يكون العرف مطابق للنظام العام و الآداب في المجتمع.

فإذا جرت عادة الناس في أمر من الأمور التي تتنافى مع النظام العام مثلا:كما هو الشأن بالنسبة لعادة الأخذ

بالثار في بعض الأقاليم،فانه لا ينشا عنها علاف ملزم قانونيا.لان هذا يتعارض مع قاعدة أساسية من

القواعد التي يقوم عليها المجتمع.مقتضاها أن الدولة عي التي تتولى القصاص من الأفراد الذين يعتدون على

حياة الغير.

5)يجب أخيرا أن يتولد أذهان الناس الشعور بضرورة احترامه و إن مخالفته تستوجب توقيع الجزاء

عليهم، و هذا الشعور بالإلزام شرط جوهري لتكوين العرف، فإذا ما استقر هذا الشعور لدى الأفراد بصورة

قديمة و ثابتة يصبح بعد ذلك قاعدة قانونية واجبة الاحترام أي تصبح ملزمة للأفراد.














28

الفصــــــــل الأول

المطلب الثاني:للعرف ركنان أحداهما مادي لا يكفي وحده لتكوين العرف،و ثانيهما معنوي . و يعتبر عنصرا

جوهريا يجعل العادة عرفا أي قانونا واجب التطبيق

الفــــــرع الأول:الركن المــادي

ويدخل تحت هذا الركن الشروط الأربعة الأولى السابق ذكرها و هي أن تكون متبعة من مجموع من الناس و

لا بد أن يكون قد تكرر العمل بها وان لا تكون منافية للآداب العامة

الفــــــــرع الثانـــــي: الركن المعنوي.

لا يكفي العنصر المادي وحده وهو الاعتياد على إنشاء العرف،بل يجب أيضا أن يتوفر العنصر النفسي و هو

اعتقاد الأفراد أن قاعدة السلوك الني تتضمنها العادة هي قاعدة ملزمة واجبة الإتباع و أن مخالفتها توجب

توقيع جزاء مادي على من يخالفها(1).

و ى يوجد ضابط يمكن الاستناد إليه لتحديد الوقت الذي يتم فيه توافر الشعور بإلزام العرف، و لكن ينشا هذا

الشعور تدريجيا، و الركن المعنوي هو الذي يفرق بين العرف و العادة، و لو افتقدت العادة الركن المعنوي

ظلت عادة فقط و ليس عرفا، فتكون غير واجبة التطبيق كما أن التقاليد الاجتماعية كالعادات المتعلقة بآداب

الزيارات و التهنئة و تقديم الهدايا في المناسبات حتى و لو كانت عادات عامة ثابتة و قديمة فإنها ليست

عرفا

لعدم شعور الناس بالزاميتها فمخالفتها لا يترتب عنها أي جزاء(2).





29


المبحـــــــــث الثالـــث:أنواع العرف بعدها تنتقل إلى الأساس قوة إلزامية العرف و دوره في فروع القانون المختلفة.

المطلــب الأول:أنواع العـــــرف.

ينقسم العرف إلى نوعين.

الفـــــــرع الأول:العــــــرف المكمـــــــل للتشريــــــع.

يعتبر هذا النوع من العرف اسبق من الظهور في حياة الناس من التشريع بحيث يرجع اليه في حالة عدم

وجود نص في التشريع.ذلك ان دور العرف المكمل للتشريع اقل دور من العرف المساعد للتشريع(1).

فالمشروع الجزائري كما سبق و ذكرنا على انه في حالة عدم وجود نص في التشريع يرجع إلى

مبادئ الشريعة الإسلامية فان لم يوجد فيرجع إلى العرف، فمهما يكن من أهمية للدور الذي يقوم به العرف

المكمل للتشريع فانه قائم لا يمكن إنكاره.

و من أمثله العرف المدني احتفاظ المرأة بلقبها العائلي بعد الزواج إلى جانب لقلب زوجها التي تكتسبه بعد

الزواج و مصدره العرف، إذ لا يوجد نص تشريعي بهذا و كذلك بالنسبة للبيع بالعربون فقد جرى العرف

على فقدان المشتري العربون الذي دفعه في حالة عدوله عن الشراء.

كما إن للعرف أهمية خاصة في العلاقات التجارية، نظرا لتنوعها و تطورها المستمر، و قصور التشريع

على الإلمام بها ،و من ذلك تضامن المدنيين لدين واحد فيستطيع الدائن الرجوع على أي منهم شاء و

مطالبته بالوفاء بالدين و قد فتن القانون المدني هذا العرف.











30


أما بالنسبة للقانون الدستوري فيعتبر من الأعراف الدستورية إعطاء تفويض للسلطة التنفيذية لسن

تشريعات معينة إذا تطلبت السرعة و السرية لذلك.أما بالنسبة للقانون الدولي الخاص فيلاحظ أن

معظم قواعده نشأة عرفية كقاعدة إخضاع شكل العقد إلى قانون البلد الذي ابرم فيه و قاعدة خضوع

الميراث في المنقول القانوني موطن المتوقي.

و يعتبر العرف أيضا مصدرا هاما لكثير من قواعد القانون الدولي العام،إذ تنصص المادة 38 من قانون

محكمة العدل الدولية "العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال".

و بالنسبة للتشريع الجزائري يلاحظ انه إذا كان العرف مكملا للتشريع فهو أيضا مكمل لمبادئ

الشريعة الإسلامية،إذ لا يجوز للقاضي تطبيق العرف اذ وجدت مبادئ الشريعة ،و لا يرجع إلى

العرف إلا إذا لم يوجد حكم للمسالة في الشريعة الإسلامية.

إلا انه هناك من يرى انه لا محل للعرف المكمل إذا أخذنا بمبادئ الشريعة الإسلامية لأنها مبادئ

كلية تمدنا بالحل لجميع المسائل.

و قد اعتبر الفقهاء خاصة الحنفية و المالكية العرف دليل شرعيا و أصل من أصول الاستنباط و لقد

كان العرف الصحيح العام المطرد دليلا شرعيا منذ عهد الصحابة و هو العرف الذي لم يخالف نصا

شرعيا و لا قاعدة أساسية.

و لا شك إن العرف يعتبر مصدر للقانون الوضعي الجزائري و يعتبر عرفا مكملا للتشريع اذ وجد

نقص فيه أرقى مبادئ الشريعة الإسلامية إذا لم تتناول حلا للمسالة المطروحة.

و يلاحظ كذلك إن من المفروض أن يكون العرف المكمل، مكملا لمبادئ الشريعة الإسلامية، و لكن

يبقى العرف عندنا مكملا للتشريع أيضا في المسائل التشريعية التي لم تتضمنها مبادئ الشريعة

الاسلاميةمطلقا.كالتعامل في الأموال المستقيلة.



31













الفـــــرع الثــــــــاني:العــرف المســـــــاعد للتشريـــــــــع.

يعتبر العرف مساعد للتشريع،إذ كثيرا ما تحيل النصوص التشريعية إلى العرف،فيستعين القاضي بالعرف لتفسير إرادة المتعاقدين إذ تنص المادة 111-2 مدني على مايلي:

"اذاكان هناك محل لتأويل العقد،فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى

الحرفي للألفاظ،مع الاستهداء،في ذلك بطبيعة التعامل و بما ينبغي أن يتوافر من أمانة بين المتعاقدين

، وفقا للعرف الجاري في المعاملات"

فإذا كانت عبارة العقد غير واضحة بحيث ستعصي على القاضي معرفة النية الحقيقية

للمتعاقدين، فيستعين بالعرف لمعرفة نية المتعاقدين الفعلية وفقا لما هو جار في المعاملات.

كذلك سيعان بالعرف لاستكمال النقص الذي سينوب الاتفاقات إذ أن التشريع لا ينظم إلا المسائل

الجوهرية، تاركا التفاصيل للمتعاقدين،فهم أحرار في الاتفاق على المسائل التفصيلية يرجع القاضي إلى

العرف و مثال ذلك ما تضمنه نص المادة:387 مدني التي تنص على مايلي "يدفع ثمن البيع في مكان

تسليم المبايع مالم يوجد عرف أو اتفاق يقضي بغير ذلك".

فان لم يتفق البائع و المشتري على دفع الثمن في مكان آخر وجب دفع الثمن في مكان تسليم المبايع".

كماان العرف يساعد على تحديد مضمون النصوص التشريعية فيبعض المعايير المرنة.مثال ذلك:نص

المادة:488 مدني على مايلي:"يضمن المؤجر للمستأجر جميع ما يوجد بالعين المؤجرة من عيوب

تحول دون الانتفاع بها أو نتقص هذا الانتفاع نقصا محسوسا، و لكن لا يضمن العيوب التي جرى

العرف على التسامح فيها".

دور العرف المساعدة للتشريع يبدو بارزا من خلال النصوص التشريعية و هو ذو أهمية قصوى.

32






المطلــــــب الثانـــــــي:أساس إلزامية قــــــوة العــــــرق.

لماذا تعتبر القواعد العرفية قواعد ملزمة ؟ومن أين تستمد هذه القوة؟

حول ذلك اختلفت الآراء فيهذا الصدد.

1)تأسيس القوة الملزمة للعرف على إرادة المشروع الضمنية:لأنه يرضى عن قيام العرف في المجتمع

، ولا يعترض عليه(1) و يجوز وفقا لهذا المذهب إن يلقي العرف التشريع أو يخالفه و يستند

أصحاب هذا الرأي إلى بعض السوابق التاريخية كالأمر الملكي الصادر في سنة 1934 .الذي كان

يجعل التدخين جريمة معاقبا عليها، فقد سقط هذا الأمر بعد الاستعمال أي العرف(2).
نقد هذه النظرية:


انتقدت هذه النظرية بأنها تخلط بين العرف و التشريع، إذ يعتبر قانونيا مكتوبا تصدره السلطة

التشريعية في عبارات صريحة ،فضلا عن ان العرف اسبق في الوجود من التشريع،او ضمنية اذ لا

يمكن عمليا تصور كيفية حصول الرضا الضمني في جماعة معينة.

2)تأسيس القوة الإلزامية للعرف على الضمير الجماعي:

يرى هذا الجانب الفقهي إن العرف ينشا و يتطور بصفة آلية في المجتمع و بالتالي يعد تعبيرا مباشرا
و تلقائيا عن الضمير الجماعي.

نقد النظرية:
على الرغم من أن هذا الرأي قد ابرز أهمية العرف كمصدر مستقل كمصادر القانون فانه

انتقد من ناحية فكرة الضمير الجماعي، إذ يحيط هذه الفكرة الغموض،و الإلمام حول وجود الضمير
الجماعي و عدم وجوده؟

المرجع:
1)د/خليل احمد قدادة المرجع سابق ص 102،103.
2)د/رضا فرج المدخل للعلوم القانونية معهد بن عكنون ص 169.


33



3)تأسيــس القــوة الإلزاميـــة علـــــى قضاء المحاكـــــــم:

يرى جانب آخر من الفقه أن العرف ينشا تلقائيا و إنما يتكون بعد تطبيقه من المحاكم عندما ترفع

النزاعات أمامها فتصدر حكما به ، الأمر الذي يضفي عليه القوة الإلزامية (1)فلا يمكن للعرف ان

ينشا في فكر مجموع الناس، فهذا أمر تصوري و غير ممكن التحقق عمليا وفقا لهذا المذهب.
نقد هذه النظرية:

تخلط هذه النظرية بين مصدرين متميزين من مصادر القانون و هما العرف و القضاء(1)ذلك إن

وضيفة القضاء في تطبيق القانون لا استثناؤه،و في بعض الأحيان فإنها توصف بالقواعد القانونية

القضائية و ليس بالقواعد العرفية و فضل عن هذا فان القضاء عند تطبيقه للقانون يطبق أي كان

مصدره سواء كان التشريع أو العرف أو غير ذلك.

4)المذهـــــب الرابـــــــع:

إلزامية العرف تفرضها الضرورة الاجتماعية عندما لا يوجد تشريع او يكون التشريع ناقصا ،فللعرف

إذا قوة ذاتية مستمدة من نشأته تمليها الضرورة الاجتماعية فهو الوسيلة الطبيعية التي تستعملها كل

جماعة في تنظيم ما قد يستعصى عادى التشريع أو ما قد يتاخر التشريع عن تنظيمه،و يعتبر هذا

المذهب ملائما للواقع، و لهذا بجدر تابيده لان العرف قفوضة الحاجة الاجتماعية فعلا.

على كل فان الرأي الراجع كأساس للقوة الإلزامية للعرف يستند على إرادة الجماعة، المباشرة في

المجتمع، فالعرف لا يتكون من الركن المادي فحسب المتمثل في إتباع سلوك معين و انم يتكون أيضا

من الركن المعنوي المتمثل في اعتقاد الناس في إلزامية القاعدة العرفية و بالتالي فلا تعود القوة

الإلزامية للعرف إلى المشروع و إلا إلى القضاء و إنما إلى الجماعة،التي تؤدي دورا أساسيا إلى خالق
العرف(1).
المرجع:
1)د/خليل احمد حسن قدادة المرجع السابق ص 106،107.

34



المطلـــــب الثالــــث:دور العـــــرف فــــــروع القانـــــون المختلفـــــــة.
يقوم العرف بور كبير في جميع فروع القانون المختلفة بصورة تتفاوت من فرع إلى أخر باستثناء

القانون الجنائي الذي يستعبد منه العرف كمصدر للقانون استنادا إلى مبدأ"لا جريمة و لا عقوبة إلا
بنص".

أي إذا لم يجذذ القاضي الجنائي نصا تشريعيا يعاقب على الفعل الذي نسب إلى المتهم يظهر إلى
القضاء بالبراءة بالنسبة لباقي فروع القانون.

فالعرف يلعب دورا يختلف في أهميته باختلاف الفروع الآتية.

في مجال القانون الدولي العام:

و هو القانون الذي ينضم و يحكم العلاقات بين الدول المختلفة، فيلعب العرف فيه دورا هاما، أو يعد

مصدرا أساسيا من مصادر هذا القانون، فيتكون من تكرار أعمال متماثلة تقع بين الدول على الصعيد
الدولي.

في مجال القانون الدستوري:

يختلف الأمر باختلاف الدول،فهي انجلترا مثلا:يعتبر العرف المصدر الرئيسي للقانون الدستوري،إما

بالنسبة للدول التي توجد فيها دساتير مكتوبة فان للعرف للعرف دورا محدودا.
في مجال القانون الإداري:

اعتبر العرف أيضا مصدرا من المصادر الرسمية ينشئ قواعد قانونية حيث لا يوجد نص تشريعي

فكل قاعدة تقوم الإدارة بتطبيقها بشكل اضطراري، تعد قاعدة تنظيمية.
في مجال القانون المدني:

في هذا المجال بلغ التشريع أوجه و من ثم فدور العرف فيه محدود و رغم ذلك فالمجال المدني لا يخلو

من القواعد العرفية في المجال المدني القاعدة التي تضع فريضة على أن أثاث المنزل يعد مملوكا

للزوجة ما لم يقم الدليل على عكس ذلك(1) إذ جرت العادة.
المرجع:

1)د/توفيق حسن فرج المرجع السابق ص 171،172

35

على أن تأتي الزوجة إلى محل الزوجية محمله بالمنقولات لتأثيث البيت.

في مجال القانون التجاري:

يلعب العرف في هذا المجال دورا كبيرا، نضرا لتجدد و سرعة مطالب الحياة التجارية و مثال عن

القواعد العرفية في القانون التجاري، افتراض التضامن بين المدنين و قاعدة الحرية في الإثبات مهما

قيمة الالتزام.






































36





المبحـــــــث الرابــــــع:
نبين في هذا البحث الفرق بين العرف و العادة الاتفاقية كما نبين النتائج المترتبة على هذا الفرق، كما

نضيف و ذلك من اجل تقوية الموضوع الفروق الموجودة بين العرف و التشريع.
المطـــلب الأول:الفــــرق بيــــــن العــــــــرف و العـــــــادة.

ينبغي أن نفرق بين العرف و العادة ذلك انه إذا كان يلزم لقيام العرف توافر الركنين المادي و

المعنوي، فان العادة تقوم توافر الركن المادي فقط،دون الركن المعنوي،فالعادة لا تطبق إلا إذا قبل

الأفراد إتباعها فإلزامهم بها مصدر إرادتهم،إذ هي ليست بقانون فلا تلزمهم إلا باتفاقهم ،لذلك سميت
بالعادة الاتفاقية و هي التي تعنينا في هذا المجال.

و مثال ذلك هو جار في بيع السيارات، من تسامح البائع بنسبة معينة من الثمن على سبيل

الهبة(القهوة).و ما يجري في زادة نسبة معينة في حساب الفنادق و المطاعم.و هذه عادات غير

ملزمة و تصير ملزمة إذا اشتملتها الحسابات إجباريا و من أمثلة هذه العادات الاتفاقية ما كان يجري

عليه التعامل بين الأفراد في حالة بيع بعض أنواع الفاكهة على أساس المائة، فقد اختلفت العادة

بالنسبة لما يباع على انه مائة، إذ في بعض الجهات تباع مائة فقط، و في بعض الجهات الأخرى تكون

المائة و عشر أو مائة و عشرين أو ثلاثين.


و كذلك ما جرت به العادة من انه إذا قامت شركة بين شخصين و قدم احدهما رأس المال و قدم الثاني

العمل فقط، فان الإرباح توزع بينهما على أساس الثلثين للأول و الثلث للثاني..........

و العادة الاتفاقية لا تلزم الأفراد إلا إذا اتفقوا عليها انصرفت إرادتهم إلى التقيد بها،و ذلك إن العادة

تنشا إذا توافر الركن المادي فقط للعرف، و لا يكون هناك عرف من مجرد إتباع الناس لقاعدة معينة

مدة طويلة بصورة ثابتة لا تنافى مع النظام العام و الاذاب،دون أن يتوفر الركن المعنوي و هو الشعور
بالإلزام.



37



فالعادة كما قدمنا ينقصها الركن المعنوي حتى تتحول إلى العرف .و من التصور انه إذا بلغت العادة

درجة تجعلها تولد في أذهان الناس الشعور بصورة احترامها و بإلزامها،فإنها في هذه الحالة تتحول

إلى عرف طالما تكامل لها العنصر المعنوي.

فإذا تكامل العنصران المادي و المعنوي نشأت قاعدة عرفية .و هي قاعدة قانونية تحكم سلوك الأفراد

في الجماعة و يلزمون بها، شانها في ذلك شان القواعد القانونية الأخرى التي مصدرها التشريع.

أما إذا لم يكتمل للعادة الركن المعنوي فلا تصير بذلك عرفا و لا يلزم بها الأفراد، فهي لا تكون ملزمة

للأفراد من تلقاء نفسها، و إنما هي تلزمهم فقط إذا ما اتفقوا فيما بينهم على أتباع حكمها،و تطبيقها في

هذه الحالة لا يكون على اعتبار أنها قاعدة قانونية، و لكن تطبيقها يأتي من اتفاق الأفراد فيما بينهم

على أتباعها بأنها شرط من شروط الاتفاق،و هذا بخلاف العرف،إذ يلتزم الأفراد باعتباره قاعدة

قانونية.

و اتفاق الأفراد على إتباع حكم العادة قد يكون صريحا أي قد ينقون صراحة فيما بينهم على إتباع

حكمها، و هذه المسالة لا تثير صعوبة إذ يعمل في الاتفاق فيما بينهم، و لكن الرضا بها قد يكون

ضمنيا أي يتضح من ظروف الاتفاق بين الأفراد و الغرض منه و من المعاملات السابقة بينهم و مهنة

كل منهم و يكفي لاستخلاص هذا الرضا الضمني، بقبول الخضوع لحكمها،أن يعلم الأفراد بوجود عادة

معينة،و لا يستعبدون العمل بها في اتفاقاتهم و هذه مسالة تترك للقاضي لكي يتبينها من الظروف. و

إذا كانت العادة لا تلزم إلا إذا انصرفت أليها إرادة الأفراد صراحة أو ضمنا،فإنها في هذا تختلف عن

القواعد المكملة أو المفسرة التي تلزم الطرفين إلا إذا انصرفت إرادتهما صراحة ما يخالفها.

المرجع:
د/توفيق حسن فرج المرجع السابق ص 255، 256، 257.



38




المطلب الثاني:النتائج المترتبة على التفرقة بين العرف و العادة.
رأينا انه ينشا عن العرف قاعدة قانونية، أما العادة فلا يلتزم بها الأفراد إلا إذا اتفقوا عليها و أصبحت

ضمن شروط العقد و يترتب على هذا الفارق نتائج هامة هي:

1) بالنسبة للعرف، يفترض في القاضي العلم لأنه قانون، و من واجب القاضي أن يكون ملما بالقانون

فلا يلزم الخصوم بإثباته بل بتعيين على القاضي البحث عنه و و تطبيقه من تلقاء نفسه و في الحالة

التي تكون فيها القاعدة العرفية غير واضحة لا يسهل على القاضي الوقوف عليها، فان معاونة

الخصوم له على إثبات هذه القاعدة لا يعني أن القاضي يترك لهم إثباتها، بل أنهم في الحقيقة يثبتون

العناصر التي يتكون منها العرف حتى يتثبت و هو من قيامه،فالتثبيت من قيام العرف أمر يترك

للقاضي الذي يكون عليه أن يبين الدليل على قيامه و المصدر الذي استقى منه ذلك ،إذ نازعه احد
الخصوم في وجوده.

و لكن الأمر يختلف بالنسبة للعادة الاتفاقية، ذلك أنها ليست قاعدة قانونية كما قدمنا، و لذلك فانه لا

يفترض في القاضي العلم بها و لا يطبقها من تلقاء نفسه، و لكنه يتعين على ذوي المصلحة أن يطلبوا

من القاضي تطبيقها كما يتعين عليهم كذلك القيام بإثبات وجودها و إثبات أنهم قصدوا إتباعها، فإذا ما

تم ذلك يقوم القاضي بتطبيقها عليهم، شانها في ذلك شان العقود الأخرى.

بالإضافة إلى ذلك فانه يتعين مراعاة الحالة التي يحيل فيها القانون إلى العادة.حيث يكون على

القاضي الرجوع إليها،مالم يتفق الأفراد على اختلاف ذلك.

2)إن العرف يعتبر احد مصادر القانون كالتشريع بينهما لا تعتبر العادة مصدر للقانون و إنما تطبقا

أحيانا ،إذا تبين إن قصد المتعاقدين كان ينصرف إلى التمسك بها.


المرجع:

1)د/توفيق حسن فرج مرجع سابق ص 258.2)د/حبيب إبراهيم الخليل المرجع السابق ص 103، 104.


39









3) القواعد العرفية تلزم الأفراد سواء علمو بها أو لم يعلموا بها .أي حتى و لو كانوا يجعلونها،لان

العرف قانون، و لا يعذر احد بجهله بالقانون، أما العادة فهي لا تطبق إلا إذا قصد المتعاقدان إتباعها،

و هذا يفترض العلم بها، فإذا كان الطرفان أو احدهما يجهل حكم العادة، فلا تطبق لأنه لا يمكن القول

في مثل هذه الحالة إن أرادتها قد قصدت تطبيقها.


4)بما أن العرف قانون ،يخضع القاضي عند تطبيقه و تفسيره لرقابة المحكمة العليا كما في الجزائر او

المحكمة النقص في الحال في كل ن مصر و فرنسا، بينما لا يخضع القاضي لمثل هذه الرقابة عند تغيير

أو تطبيق العادة الاتفاقية، لأنها تعتبر من قبيل الواقع.

















المرجع:
4)خليل احمد حسن قدادة المرجع السابق ص 102،103.






40



و كالخاتمة لفصل الثالث:ارتأينا أن نجعل مقارنة بين التشريع و العرف وهذا من باب الإيضاح فقط:

رأينا فيما سبق أن العرف كان أقدم مصادر القانون في الجماعات، لأنه هو الطريق الطبيعي الذي بلائم

المجتمعات في أول مراحل تقدمها، و لهذا كانت القواعد العرفية اصدق القواعد القانونية في تعبيرها

عن حاجات الجماعة و أكثرها ملائمة لضر وفها الاجتماعية.

ولكن تقدم الجماعات و تعقد العلاقات بين الأفراد اظهر عجز العرف مساوئ التطور، مما يجعله

يتراجع إلى الوراء تاركا مكان الصدارة بين مصادر القانون للتشريع .
1
) العرف يتفق و ما تدعو إليه الحاجة من الناحية العملية فهو يعبر تعبيرا صادقا عن حاجات الجماعة

،و هذا بخلاف التشريع إذ أن قواعده قد توضع و لا تتلاءم مع ظروف الجماعة ،نظرا لوجود إرادة

واعية مدبرة تتدخل في وضعه و هي إرادة المشروع، ولا تنمو قواعده في ضمير الجماعة كالقواعد

العرفية.

2)و يختلف العرف عن التشريع كذلك من حيث انه مصدر بطيء التكوين ينشي القواعد القانونية

تدريجيا و بذلك لا يتسنى أن يستجيب لرغبات الجماعة إذ اقتضت الحالة تغييرا سريعا،و هذا بخلاف

التشريع أداة سريعة يستطيع أن يتمشى مع حاجات المجتمع إلى إنشاء قواعد جديدة لمواجهة ما

يستجد من مشاكل تحتاج إلى حلول سريعة.










41















































42


الفصـــل الرابـــــــــع:قواعـــــــــد القانون الطبيعي و العدالة كمصدر للقانون.

تبين في هذا الفصل قواعد القانون الطبيعي و العدالة كمصدر للقانون أي ماذا نعني بهما كما نبين

المصادر التفسيرية و التي تتمثل في القضاء كجانب عملي للقانون و الفقه الذي يعتبر الجانب العملي.

المبحــــث الأول:قواعـــد القانـــــون الطبيـــــعي و العدالـــــــة كمصدر للقانــــون و التفرقـــة بينهــــما.

إن القانون الطبيعي هو عبارة عن مجموعة القواعد العامة الثابتة التي يصل اليها العقل البشري

بصرف النضر عن الزمان و المكان ،أي القواعد المثلى التي كان من المفروض يتضمنها التشريع.

و يتمثل القانون الطبيعي أساسا في الحق في الحياة و الحرمة في المساس بها و الحق في الحرية إلى

تلك الأصول و المواجهات العامة للعدل التي تعتبر مثلا أعلى لتنظيم القانون لان القوانين الوضعية لم

تصل إلى هذا الكمال، و يتمثل ذلك في العدل الذي يشمل كل الفضائل، و هو الأساس الذي يجب أن

تقوم عليه الدول لتحقيق الغاية منها و هو الخير العام.فقواعد العدالة هي الشعور يدفع القاضي إلى

اختيار أفضل الحلول المناسبة للنزاع المطروح، و ذلك بمراعاة الظروف و الملابسات الواقعية.

و قد نصت المادة الأولى من القانون المدني على أن القاضي يحكم بالقانون الطبيعي و قواعد العدالة

في حالة عدم وجود نص في التشريع، و مبادئ الشريعة الإسلامية و عدم وجود عرف.

وقد تعرضت فكرة اعتبار القانون الطبيعي مصدر للقانون الوضعي لنقاش فقهي حاد و قد ورد هذا

النص لأول مرة في المادة 11 من القانون المدني المصري الصادر 1875 و الذي سوف ينته لاحقا.













43

إن رجوع القاضي إلى مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة ،هي قواعد يستلهمها من تراث مجتمعه

و تاريخه و السلوك الذي يسري عليه مجتمعه بصفة عامة فهي ليست بقواعد قانونية و لكنها تلتزم

القاضي بان يجتهد حتى يصل إلى حزم النزاع المعروض عليه إذ من غير العدل أن يمتنع القاضي عن

الفصل في النزاع المعروض عليه بحجة عدم وجود مصدر له فيذلك، فالغرض

إذن هو حث القاضي على الاجتهاد حتى يكون لكل دعوى حكم، و ذلك في حالة عدم وجود نص في

التشريع أو في المصادر الأخرى.يقول الأستاذ تناغوا"إن حكم القاضي وفقا لمبادئ القانون الطبيعي

هو حكم يعبر فعلا عن العدل المصنوع و ليس حكما للقانون الطبيعي ذاته"(1).

و القاضي عندما يحكم في النزاع المطروح يستوحي حكمه من العدل.مع مراعاة ظروف مجتمعه و

ملابسات الواقعة و سيكون حكمه هذا وفقا لقواعد العدالة و ليس وفقا للقانون الطبيعي.

المطلـــب الثانـــــي:التفرقـــــة بيــــــن القانــــون الطبيعــــي و قواعــــــد العدالــــــة.

إن التفرقة القائمة بين القانون الطبيعي و قواعد العدالة هي ذاتها التفرقة القائمة بين القانون الوضعي
للقانون الطبيعي:

إذا كان القانون الوضعي يستوجبه المشروع من القانون الطبيعي الذي هو جوهر القانون فغاية

القانون هو العدل ،و لكن المشرع يراعي في ذلك أيضا وقائع محسوسة اجتماعية و اقتصادية و
دينية......................الخ.

فيأتي القانون الوضعي مستمدا من القانون الطبيعي و لكنه مختلف عنه ،و كذا قواعد العدالة

يستوحيها القاضي من القانون الطبيعي و لكنها تختلف عنه بمراعاة ظروف الواقعة و حكم القاضي

يكون وفقا لقواعد العدالة لهذا لم ينصص المشروع الفرنسي على.




لمرجع:
1)د/نتافو النظرية العامة للقانون ،منشاة المعارف لإسكندرية 1986،ص 243.

44



على القانون الطبيعي كمصدر للقانون، بل يجب على القاضي في حالة عدم وجود نص في التشريع في

العرف الرجوع إلى المبادئ العامة للقانون ،و هي مباديءتستخلص من روح القانون أو

جوهره، كمبدأ افتراض حسن النية، و مبدأ نسبة العقود، و مبدأ الغش يحشد كل شيء.........فهذه

المبادئ مستمدة من القانون و تختلف عن القواعد القانونية التي أشار إليها المشروع صراحة

كقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز،و قاعدة الملحقات تتبع الأصل.......الخ.


و المبادئ العامة للقانون تعبر في نفس الوقت عن إرادة المشروع عامة ثم عن مبادئ القانون

الطبيعي التي هي جوهر القانون الفرنسي.


و قواعد العدالة يستمدها القاضي حتما من القانون الطبيعي و السماح للقاضي بان يستند في حكمه

إلى قواعد العدالة من شانه أن يخوله سلطة كبيرة في الحكم.و لكنها سلطة مقيدة نوع ما، فالقاضي لا

يستطيع أن يقضي طبقا لهواه وإنما وفقا لمباديءيفرضها العدل و للجوء إلى قواعد العدالة في حالة

عدم وجود مصادر أخرى .أمر ضروري ،و القاضي الذي يرفض الحكم في مسالة معينة يعد مرتكبا

لجريمة إنكار العدالة.

















45

المطلـــب الثالــــث:مـــــدى اعتبـــــار القضـــــاء مصـــــدر للقانـــــــون.
يعتبر القضاء من بين المصادر التفسيرية للقانون و هو مجموعة الأحكام التي تصدر عن المحاكم

حينما تطبق القواعد القانونية.

و قد لعب القضاء قديما دورا هاما كمصدر من مصادر القانون، لا سميا في القانون الروماني، و يرجع

الفضل إلى البيريتور(1) و كان يتولى مهمة الفصل في النزاعات قاض يعين لمدة سنة،و كان حيث

يتولى شؤون القضاء يقوم بتوجيه منشورات إلى الشعب الروماني بين له فيها الطريق التي سوف

يسلكها في مباشرته لمهام منصبه و كان يصدر منشورا رسميا سمي بالمنشور الدائم و عندما يعين

حاكم قضائي جديد لا يكون لا يكون ملزوم بمنشور القاضي الذي سبقه، بل كان له أن يعدل القواعد و
يضيف إليها ما يراه مناسبا(2).

أما في العصر الحاضر فقد تقلص دوره كمصدر رسمي للقانون لان وضيفته تتمثل في تطبيق القانون

و ليس في خلقه، و لكن رغم ذلك فان بعض الدول تعطي أهمية كبيرة للقضاء و تعتبر كمصدر رسمي

للقانون و هذه الدول التي تأخذ بالقانون غير المكتوب أي الدول الانجلوسكسونية و التي تعتمد على ما

يسمى بالسابقة القضائية(3) و هي التي يقصد بها إن الأحكام القضائية التي تصدر من المحاكم تعود

بمثابة قواعد واجبة التطبيق في القضايا المماثلة، أما بالنسبة للدول التي تأخذ بالقانون المكتوب و هي

الدول اللاتينية و تتبعها الدول العربية و منها الجزائر فان القضاء فيها يعد مصدرا تفسيريا يستأنس

به القاضي في تفسير القواعد القانونية.



المرجع:
-1)د/ خليل احمد قدادة المرجع السابق ص 121.

/2)د/ توفيق حسن فرج المرجع السابق ص 187.

-3)د/ حبيب إبراهيم الخليل المرجع السابق ص 118.




46


المبحـــــث الثانـــــــي:الاجتهــــــاد القضائـــــي بالنسبـــــة للقانــــــون الجزائـــــــري.
سأتعرض في هذا المبحث إلى الأجهزة القضائية في الجزائر لما لها من اهمية للموضوع،كما انه من

الضروري التعرض للمراحل التي تمر بها الدعوى لتفهم مراحل التقاضي،ثم التعرض للامور التي

تعترض و التي تؤبد باعتبارها القضاء مصدر للقانون و اخيرا ادرس القضاء باعتباره مصدرا فعليا
للقانون الجزائري.

المطلــــب الأول:الأجهـــــــزة القضائيــــــة فــــــي الجزائــــــر.

يتشكل الجهاز القضائي الجزائري من المحكمة في أول درجة ثم المجلس القضائي كما تقوم المحكمة في

أول درجة ثم المجلس القضائي كما تقوم المحكمة العليا بالنظر في الطعون المرفوعة لها ضد الأحكام

النهائية الصادرة من المجالس القضائية.

أولا: المحكمـــــــة.
تنضر المحاكم ابتدائيا في جميع القضايا او في دعاوي الشركات التي هي مختصة بها محليا وفقا

للمادة الأولى من قانون الإجراءات المدنية.

و الأصل أن تكون أحكام المحاكم قابلة للاستئناف أمام المجالس القضائية إلا إذا كانت داخلة في

اختصاص المحاكم ابتدائيا و نهائيا،و هذا وفقا للمادة(2)إجراءات مدنية.

ثانيــــــا:المجلـــــس القضائـــــــي.
ينضر المجلس القضائي استئنافي، فيعتبر محكمة بثاني درجة،و يختص بالفصل في الطعون المقدمة

ضد الأحكام الصادرة من المحاكم، و توجد بالمجلس القضائي غرف منها:الغرفة المدنية،الغرفة

الإدارية، الغرفة الاجتماعية، غرفة الاتهام،

كما توجد في مقر المجلس القضائي محكمة الجنايات المختصة بالجرائم و الجنح.


المرجع:
د/محمدي فريدة زواوي المرجع السابق ص 94،95.


47



و المخالفات المرتبطة بها، و التي تحال عليها بقرار من غرفة الاتهام، وهذا ما تنص عنه المادة 248

إجراءات جزائية المعدلة بقانون 90-24 المؤرخ في 18 أوت 1990،

ثالثــا: المحكمـــــــة العليـــــا و مجـــلس الدولــــــة.

تراقب المحكمة العليا الأحكام الصادرة من الجهات القضائية الدنيا،فهي تفصل في الأحكام و ليس في

القضايا، فلا تعيد النضر في الوقائع ،لهذا لا تعتبر درجة من درجات التقاضي،و في حالة قبولها لطعن

مقدم لها،تحيل الدعوى إلى الجهات القضائية التي أصدرت الحكم،إذ تنصص المادة:206 إجراءات مدنية

على مايلي: "إذا قبلت المحكمة العليا الطعن ،تنقص الحكم الطعون فيه أو جزءا منه و تحيل الدعوى

إلى الجهة القضائية التي أصدرت الحكم التفويض مشكلة تشكيلا آخر أو تحليلها إلى جهة قضائية

أخرى من نوع و درجة الجهة التي أصدرت الحكم المنقوض".

و تتكون المحكمة من ثمان غرف و هي:الغرفة المدنية،و غرفة الأحوال الشخصية و المواريث،و

الغرفة التجارية و البحرية، و الغرفة الاجتماعية، تتناول القضايا الناشئة عن علاقات العمل، و الغرفة

الجنائية و غرفة الجنح و المخالفات،و أخيرا غرفة العرائض .و هي غرفة أنشاها القانون رقم:89-22

المؤرخ في:12/12/1989،و تختص هذه الغرفة بفحص الطعون قبل إحالتها على الغرفة المختصة.

و تختص المحكمة العليا ابتدائيا و نهائيا بما يتعلق بالفاء و تفسير القرارات الإدارية و التنظيمية و

الفردية ،وهذا ما تضمنه المادة274 إجراءات مدنية.

أما مجلس الدولة فيعتبر هيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية فقط و قد يثور تنازع

الاختصاص بينه و بين المحكمة العليا،لهذا تضمن المادة152/4 دستور 1996 تأسيس محكمة تنازع

تتولى الفصل في حالة النزاع بينهما


48



المطلــــب الثانـــي:الأمور التـي تعتــرض و تلك التي تؤيـد اعتبــــــار القضـاء مصدرا للقانون.

أولا:مبدأ الفصـــل بيـــن السلطــــات.

يقتضي مبدأ الفصل بين السلطات عدم تدخل أي سلطة في اختصاص سلطة أخرى، فوضع القواعد

القانونية من اختصاص السلطة التشريعية،و لا يجوز للسلطة القضائية التدخل في هذا الاختصاص،و

اختصاص السلطة القضائية هو تطبيق القواعد القانونية على ما يعرض عليها من منازعات و لا يجوز

لها تجاوز ذلك.

ثانيـــــــا :بالنسبـــــــة للأحكام القضائيـــــــة

تنص المادة:338 مدني على مايلي:"الأحكام التي حازت قوة الشيء المقضي يهتكون حجة بما فصلت

فيه من الحقوق،و لا يجوز قبول أي دليل ينقص هذه القرينة و لكن لا تكون لتلك الأحكام هذه القوة في

نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم و تتعلق بحقوق لها نفس المحل و السبب.


و لا يجوز للمحكمة أن تأخذه بهذه القرينة تلقائيا".

فقاعدة حجية الشيء المحكوم فيه محدودة الآثار (نسبية)و قاصرة على أطراف النزاع بصفاتهم التي

صدر بصفتها الحكم،كما إن الحكم يقتصر على موضوع النزاع،و على السبب الذي صدر بصدده ،فلا

يجوز للقاضي الالتزام بحكم سابق مادامت الشروط المطلوبة في حجية الشيء المحكوم به لم تتوافر

، أذن فالحكم القضائي ملزم لأطراف النزاع فقط فيمكن نفس المحكمة التي قدمت حلا معينا لنزاع معين

إن تقدم حلا آخر بالنسبة لوقائع مماثلة تضعها نزاع آخر.





49


و من الأمور التي تؤيد اعتبار الاجتهاد القضائي مصدرا للقانون هي:

أولا:توحيــــد الأحكام القضائيـــــــــة.

إن اعتبار الاجتهاد القضائي مصدرا من مصادر القانون لا يعد تدخلا من السلطة القضائية في

اختصاص السلطة التشريعية، و ذلك لان النظام القانوني لا يشمل على قواعد قانونية تتضمن حلول

كلية لجميع الأوضاع، بل قد يجد القاضي نفسه أوضاع جديدة لم يتوقعها المشرع، فيلزم الفصل فيها

وفقا لمقتضيات قواعد العدالة و لكي يختلف هذا الحكم من قاض لاخر تعمل المحكمة العليا على توحيد

الأحكام القضائية.

ثانيــا:مبدأ التقاضـــي على درجتين و الطعن بالقص أمام المحكمـــــــة العليا،

مما سبق شرحه نستنتج إن هناك اعتباريين تؤدي حتما إلى تقييد المحاكم الابتدائية و المجالس

القضائية، أو لهما يتمثل في احترام قضاة المحاكم الدنيا لأحكام قضاة المحاكم لأعلى درجة,

و ثانيهما عملي يتمثل في أن قضاة المحاكم لا لدنيا يدركون إن الحكم بخلاف ما استفسرت عليه

المحكمة العليا سيعرض حكمهم دائما للنقص لذلك غالبا مايعملون على تجنب تعارض أحكامهم لما هو

مستقر عليه قضاءا.
















50




المطــــــــلب الثالـــــث: الاجتهــــــاد القضائـــــي مصـدر فعلـــــي للقانــــــون الجزائـــــري:

إذا استقر الحكم على نحو معين من الأمور التي لا يوجد فيها نص قانوني قاطع و لا يوجد حل في

مصادر القانون الأخرى و بداية المحكمة باستقرار ،فينشئ اجتهادا قضائيا و هذا هو الذي يعد من

الناحية الفعلية و العملية مصدرا للقانون الجزائري و ليس الحكم القضائي و الحل الذي يقدمه القاضي

وفقا لمقتضيات قواعد العدالة ،فتواتر عمل القضاء على نفس الحل هو الذي يعد مصدر للقانون ،و اذا

تكررت الأحكام بصفة معينة فهذا ينشئ اجتهادا قضائيا يعمم تدريجيا.


إذا كان الاجتهاد القضائي لا يعد مصدر للقانون من الناحية القانونية بحيث لايمكن إجبار المحاكم على

إتباع الأحكام مهما تعددت و تكررت على منوال واحد فلا يلزم القاضي بالسوابق القضائية ،و لكن من

الناحية العملية الواقعية يعد الاجتهاد القضائي مصدرا فعليا للقانون الجزائري إذ تنص المادة:193

دستور"يحدد قانون عضوي تحديد المحكمة العليا ،و مجلس الدولة ،و محكمة التنازع و عملهم،و

اختصاصاتهم الأخرى".

تضمن المحكمة العليا توحيد الاجتهاد القضائي في جميع أنحاء البلاد و يسهر على احترام القانون".

و يعني ذلك قبول الطعن في الأحكام المخالفة للاجتهاد القضائي المستقر عليه فيكون دور المحكمة العليا

هو تجنب تعديل المحاكم للاجتهاد القضائي،و يتحقق بذلك توحيد المحاكم القضائية.

و قد تضمن المجلة القضائية التي تصدر عن قسم المستدات و النشر للمحكمة العليا أحكاما تقرر أن

الاجتهاد القضائي مصدر فعلي للقانون الجزائري بحيث



51



يقبل الطعن في جميع الأحكام المخالفة للاجتهاد القضائي المستقر عليه، من ذلك استقرار الاجتهاد

القضائي على إعطاء المستأجر الحق في رفع دعاوي الحيازة ضد من تعرض له (1) و تقضي جميع

الأحكام التي تعتمد على الاجتهاد القضائي.

بان الحكم بما يخالفه يعد مخالفا للأحكام القضائية المعمول بها(2) و هذا يؤدي فعلا اعتبار الاجتهاد

القضائي مصدرا للقانون.























المرجع:
-1) المجلة القضائية العدد 1 سنة 1992ص116.
-2) المجلة القضائية العدد 2 سنة 1992 ص 117،126،129،148،198،182،185.












52





و من خلال ما سبق عرضه يمكننا القول إن القانون أو بأحر مصادر القانون تلعب دورا كبيرا فبازلت

الإبهام عن القاضي و نظرا لخطورة الدور الذي يقوم به القضاة، إذ يتولون الفصل في المنازعات

بين الأفراد

أو بينهم و بين جهات الإدارة و بين الموظفين و الجهات الإدارية التي يتبعونها، ولذلك فان مصادر

القانون

تكفل لهم الحرية فيما يقضون دون سلطان عليهم في ذلك إلا سلطان القانون و الضمير.ففي حالة عدم

وجود نص في القانون للمسالة المعروضة أمامه يلجا القاضي إلى التشريع أو العرف أو مبادئ الشريعة

الإسلامية حتى يصل إلى حسم النزاع المعروض عليه أي يجب الا يصدر القاضي حكمه وفقا لأفكاره و

معتقداته الخاصة و مما لا شك فيه هو أن القانون هو أداة المجتمع في تحديد النطاق المشروع لتصرفات

و علاقات و معاملات الأفراد لذا لابد من قواعد عامة تحد من حريات أفراده و رغباتهم المطلقة و تعمل

على التوفيق بين مصالحهم المتعارضة و من هذه القواعد التي تحكم سلوك الأفراد تتكون القاعدة

القانونية














53














































54



قائمـــــــة المراجــــــــــع:

1)الدكتور سوزان علي حسن الوجيز في مبادئ القانون
( النظرية العامة للقانون –النظرية العامة للحق-النظرية العامة للالتزام أساسيات القانون التجاري).

2)الدكتورة محمدي فريدة زواوي(المدخل للعلوم القانونية-نظرية القانون).

3)الدكتور أنور سلطان (المبادئ القانونية العامة دار النهضة العربية1974 ).

4)الدكتور مصطفى محمد الجمال عبد المجيد محمد الجمال(القانون و المعاملات الدار الجامعية 1987).

5)الدكتورة نادية فضيل دروس في المدخل للعلوم القانونية( النظرية العامة للقانون في القانون الجزائري).

6)الدكتور سعيد بوشعير(النظام السياسي الجزائري)دار الهدى الجزائر.

7)الدكتور حبيب إبراهيم الخليل (المدخل للعلوم القانونية)(النظرية العامة للقانون).

8) الدكتور توفيق حسن فرج (مدخل للعلوم القانونية، النظرية العامة للقانون-النظرية العامة للحق).

9)الدكتور إسحاق إبراهيم منصور(نظريتا القانون و الحق و تطبيقاتهما في القوانين الجزائرية).

10)احمد سلامة (الوجيز في الأحوال الشخصية).

11)الدكتور حمدي عبد الرحمان.

12)الدكتورة وهيبة الزحيلي(الفقه الإسلامي و أدلته –دار الفكر الجزء الأول).

13)إمام محمد أبو زهرة.

14)الدكتور نتاغو.