منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - قانون الأعمال : العلاقات التجارية الدولية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-02-28, 08:22   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
'' أمة الرحمن ''
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية '' أمة الرحمن ''
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز 2014 أحسن مشرف لسنة 2013 المرتبة الثالثة 
إحصائية العضو










افتراضي

2ـ العوامل المساعدة لانتعاش العلاقـات التجارية الدولية .
إن كل ماسبق بيانه يعتبر ركائز أساسية لنشوء العلاقات التجارية الدولية وإلى جانبها تقوم مجموعة من العوامل المساعدة والمشجعة لانتشار وانتعاش العلاقات التجارية الدولية ، وهي في الحقيقة عوامل كثيرة ومتعددة ولكننا سوف نشير فقط إلى أهمها على التوالي :

أ ـ الإنفتاح والتعاون الإقتصادي بين الدول :
لا يمكن للعلاقات التجارية الدولية أن تزدهر إلا إذا توافرت النية الحقيقية للدول في فتح حدودها البرية والبحرية والجوية لاستقبال أوعبـورالتجارة الدولية . فمن حيث الإنفتاح الإقتصادي الدولي والذي يبرز من خلال إستعداد الدولة لاستقبال التجارة الدولية , وفتح أسواقها أمامها , وأمام رؤوس الامـوال الأجنبية في شكل إستثمارات إقتصادية وتجـارية أجنبية , وقد سبق أن بيننا بأن الدولة تتمتع إزاء ذلك بكل الحرية والإستقلالية اعمالا لسيادتها الوطنية الكاملة , فكلما توافـرت لديها رغبة في فتح أسواقها لتجارة غيرها من الدول أمكن تحقيق التبادل التجاري الدولي , والعكس ، وهذه الرغبة لا تتحقق بمجرد توافر الإرادة لدى الدول المستقبلة , بل لابد من إيجاد ميكانيزمات إقتصادية ووسائل قانونية تحقق هذه الغاية , ومن جملة ذلك إزالة العوائـق الإقتصـادية أمام التبـادل التجاري الـدولى وحماية رأس المال التجاري الاجنـبى بنصوص قانـونية لا يرقى إليها الشك , لأن المتعاملين الإقتصاديين إنما ينشدون هذه المسـائل الميـدانية في التكامل التجاري الدولي ولا يأبهون مطـلقا لمجرد التصريحات السياسية لمسؤولي الدولة , فهم يدرسـون الأسواق المتاحة لهم , ويختارون أنسبها لإستثـمار رؤوس أموالهم حسبما توفره الدولة من إمكانيات المحافظة على المال الأجنبي , ويعتبر الإستقرار الإقتصادي , وارتفاع القدرة الشرائية , وتوفير الظروف الأمنية من الأسباب التي يبني عليها المتعاملين الإقتصاديين قراراتهم في مجال العلاقات التجارية الدولية والإستثمار الدولي .

أما من حيث التعاون الإقتصادي وعادة ما يتم لأسباب إستيراتيجية سياسية أو إقتصادية , فإن التبادل التجاري تحكمه الغاية التي ترمي إليها الدولة من خلال التعاون الإقتصادي مع دولة أخرى , وعادة ما تراعى في ذلك المصالح المشتركة لطرفي التعـاقد , وليس شرطا أن تكون مصلحتهما واحدة ولكنها قد تتباين , فقد ترمي الدولة المستقبلة إلى تحقيق الانتعاش الاقتصادي , أوخلق فرص للعمل , أوتوفير السلعة بأسعار معقولة , أورفع مستوى معيشة الفرد , أو تشجيع الاقتراض بديون تدفع بشكل ميسر دون فائدة , ومهما تباينت أهداف الدول في التعامل التجاري الدولي ، إلا أن التعاون في حد ذاته يعتبر سببا مهما لنمو وازدهار العلاقات التجارية الدولية .

ب ـ تطور وسائل النقل .
إن المتتبع للتجارة الدولية يلاحظ بأنها قد مرت بمراحل كبيرة من التطور , ففى العصور البدائية كانت البضائع لاتنقل الا بصعوبة بالغة وبكميات محدودة جدا , ثم برز نظام القـوافل التجـارية العابرة لحدود الدول في شكل تجمعات التجار طلبا للحماية الجماعية ضد اللصوص وقطاع الطرق والقراصنة , فامكن تنظيم نقل البضـائع التجارية من دولة لأخرى بكميات أكبر.
ولكن مع التطور الذى شهدته وسـائل النقل فقد أصبح اتسعت رقعة التبادل التجارى الدولى ، اذ من المعروف أنه بظهور خطوط السكك الحديدية والقاطرات والحاويات أمكن نقل كميات هامة من السلع والبضائع من دولة لأخرى ، كما أن تطوير وانتشار الأساطيل التجارية البحرية قد ساهمت إلى حد كبير في انتعاش التجارة بين أكثر من دولة ، ومن جهة أخرى فإن الأساطيل التجارية الجوية أمكنها ضرب الرقم القياسي في نقل البضائع الى أبعد مراكز الإستقبال في الكرة الأرضية , وفي زمن قياسي , بحيث أصبح في حتى في الامكان نقل البضاعة سريعة التلف من دولة لأخرى في سويعات قليلة , وفي ظروف لائقة للمحافظة عليها ضد أى تلف , وذلك من خلال تطويرحـاويات النقل التجارى التى أدخل عليها نظام الحفظ والتبريد والتكييف وقد واكب ذلك ادخال نظام التأمين على الشحن ونقل البضائع وتنظيم المسؤوليات القانونية لكل من الناقل والشـاحن بما جعل التجارة الدولية تتدفق بحرية بعيدا عن المخاطر التى كانت تتهددهاوهـذا ماساهم بشكل فعال في انتعاش التجارة الدولية بعيدا عن التلف والضياع وفى أمان يكاد يكون تاما وكاملا .

ج ـ نشـوء الأحـلاف الإقتصـادية .
إن فكرة الأحلاف الإقتصادية مستقاة أساسا من الأحلاف العسكرية , وهي قد لاتسمى أحلافا ولكنها تكتلات إقتصادية تسعى إلى تحقيق غايات مشتركة بشكل إنفرادي أو جماعي , وقد برزت هذه التكتلات في الوقت الراهن بشكل بارز لدرجة أنه لم يعد هناك مجال للدول المنفردة في مواجهة هذه الأحلاف أو التكتلات إلا بالإنضمام إليها أو خلق تكتلات إقتصادية موازية لها .
ومن المعلوم أن الإقتصاد العالمي لا تحكمه القيم الأخلاقية بل تطغى عليه الهيمنة المصلحية وأضحت هذه التكتلات الإقتصادية الكبرى تتنازع فيما بينها مناطق النفوذ والمتمثلة في الدول المنفردة , وكأنها أمام إستعمار إقتصادي من نوع جديد , مما يحتم على الدول الإنضمام لهذه الأحلاف أو إنشاء أحلاف مماثلة وذلك مثل تنظيم السوق الأوروبية المشتركة , والتكتل الإقتصادي الأمريكي , و تكتل دول شرق آسيا ، والتكتلات العربية مثل السوق العربية المشتركة , واتحاد دول الخليج العربي , وتكتل دول إتحاد المغرب العربي ( الجزائر ـ تونس ـ ليبيا ـ موريطانيا ـ المغرب ) , فالصراع الإقتصادي قائم بين كل هذه التكتلات لاحتلال الساحة الإقتصادية العالمية , مما يلـزم الدول في عدم البقـاءعلى الحياد أو اتخـاه مسلك سلبى إتجاه هذه التكتلات الإقتصادية العالمية .

ثــالثــا : ـ مجـــالات العلاقــــات التجــــاريــــة.
إن مجالات الدولية العلاقات التجارية الدولية جد متسعة وجد متشعبة , ومن خلال ذلك التشعب والتنوع تبرز حركة التجارة العالمية في شتى صورها بقدر مايلبي حاجة المتعاقدين الدوليين .

ومع ذلك فإن هنالك مجالات حيويـة محددة تبقى هى الركيزة في مجال العلاقات التجارية الدولية يقع في مقدمتها البيوع الدولية , مع آلية حركة التصدير والإستراد اللتين ظهرتا لنشاط تجاري مستقل قد تقوم بها جهة مستقلة عن المتعاقدين ترمي إلى تحقيق الربح الجاري وبذلك نشأت مكاتب التصدير والإستراد وتأسست شركات لتنفيذ هذه العملية بأسطول بحري أو بري يقوم بتنفيذ العقدين المتعاقدين وهذا ماقد يصنف ضمن عقود تقديم الخدمات اللازمة لتحقيق غرض التجارة الدولية .

1 ـ عقــــود البيـــــوع الدوليــــــة :
هذا النوع من العقود يبرز كلما وجد في العلاقة القانونية عنصر أجنبي, من خلال أطراف العلاقة, أو محلها ,أو سببها ,وبموجبه تتحدد المراكز القانونية للمتعاقدين , ويصنف العقد التجاري الدولي ضمن العقود الملزمة للجانبين بحيث يقع العبء على كلا طرفي العلاقة القانونية في تحقيق ما اتفق عليه في عملية البيع , بحيث تسبقه عملية التفاوض على محل البيع , وتحديد نوعه وكميتة , ودراسة سعره , ثم تحديده بشكل تفاوض بين الطرفين يتوج ذلك باقتران الإيجاب والقبول بين طرفي عملية البيع التجاري الدولي , ثم تحرر بنود التعاقد في عقد رضائي وفق الأشكال النموذجية المعروفة في هذا المجال ، كما أن للأطراف إبتكار نموذج خاص بهما مع مراعاة جميع الشروط القانونية الواجب توافرها في العقود بوجه عـام تطبيقا لمبدأ سلطان إرادتهما التعاقدية ، كما أنه يجوز أن يلجأ الطـرفان إلى قانون محل إبرام العقد لاستقـاء الشكل القانوني الذي تصب إرادة المتعاقدين فيها.
ومحل عقد البيع الدولي لا يختلف عن محل العقد الداخلى بحيث يتضمن تقديم البضاعة المتفق عليها من البائع إلى المشتري وحسب المواصفات المتفق عليها , فقد يشمل بيع أدوية أو مواد غذائية أو كهرومنزلية أو غيرذلك من المواد المعروضة للبيع , ويتم التركيز فيها باستمرار على المواصفات الطبيعية أو التقنية المتفق عليها ضمن بنود التعاقد , فإن لم يتم بتحديد هذه المواصفات بدقة وقع الإعتداد بالنوع والكمية أو العدد المتفق عليه , كشراء قمح أو قهوة أو موز , فإن لم تحدد المواصفات الدقيقة لهذه المنتجات اكتفى بنوعها المقبول عادة في التعاقد دون إشتراط مواصفات لم يؤكد عليها صراحة في بنود العقد ، ولذلك فإنه يجب التركيز على هذه المواصفات الدقيقة والتقنية ضمن هذا النوع من العقود , وإلا فإنه يعتـد بالمواصفات العامة والعادية وفقا للعرف التجاري السائد .

ـ عقـــــود الإستــيـراد والتصديــر:
لا يمكن أن تتحقق التجارة الدولية دون تصدير أو إستيراد فيتحقيق التصدير كلما خرج موضوع التعاقد من نظام قانوني ليدخل في نظام قانوني آخر, وعادة ما يكون معيار ذلك هو خرق حدود الدولة التي دخلت إليها تلك البضاعة ولهذا فإن عملية تحرير السلعة تحكمها ضوابط قانونية , كما أن إستقبال تلك السلعة في الطرف الآخر تحكمها ضوابط أخرى .
وهذه العملية لا تحكمها ولا تنظمها نصوص التعاقد بين المصدر والمستورد ولكن تحكمها القوانين السارية والقواعد التنظيمية , بمعنى أن عملية التصدير والإستيراد تحكمها قوانين الدولة المصدرة بشأن التصدير و قوانين الدولة المستوردة بشأن الإستيراد , فقد تفرض هذه القوانين منعا أو حضرا أو قيودا على عملية التصدير والإستيراد حماية لبعض المقاصد الإقتصادية , فمثلا لا يسمح في الجزائر بإستيراد مواد تنتجها مصانع وطنية , كما لا يجوز تصدير بعض المنتجات الحيوية مثل الأنعام ( الماشية ) إلى الخارج حماية للثروة الحيوانية الوطنية والإقتصاد الوطني في هتـين الحالتين , وعليه فإن المتعاقدين في مجال العلاقة التجارية الدولية يستوجب عليهم مراعاة هذه القواعد التنظيمية ودراستها قبل تحرير عقد التجارة الدولية وهذا ما يعتبر من البديهيات التي لا تندرج ضمن مفهوم العقد التجاري الدولي.
وعادة ما ينصرف مفهوم عملية التصدير والإستراد إلى انتقال سلعة أو بضاعة من دولة لأخرى بشكل إنسيابي بمعنى أن القانون لا يمانع في حركة التصدير و الإستيراد , وآنذاك فإنه عملية التصدير و الإستراد تظهر في أحد مظهرين :
أ ـ أن المصدر هو يضمن تقديم السلعة إلى حدود دولته عند نقطة التصدير, ويقع على المستورد نقل السلعة منها إلى محل الإستيراد , بحيث يضمن كلا منهما السلعة في حدود مسؤليته , فيضمنها المصدر إلى نقطة التصدير التي يتم فيها التسليم , ويقع الضمان بعد ذلك على المستورد فيما يطرأ على السلعة من عيوب .

ب ـ وقد تلجـأ الأطراف المتعاقدة إلى طرف ثالث توكل له عملية التصدير والإستيراد تحت مسؤوليته القانونية فيما ينجم عن نقل البضاعة من المصدر إلى المستورد ، و هذا النمط كثير و شائع بحيث توكل العملية إلى جهة متخصصة في نقل ذلك النوع من البضائع , و خاصة تلك التي تحتاج إلى مواصفات خاصة و ظروف ملائمة لنقلها من جهة إلى جهة كنقل الخضروات و الفواكه و الحيوانات و اللحوم و المواد الكيماوية و غيرها , و من ثـم فإنه يبرز على مستوى عملية التصدير و الإستراد وسطاء تجاريين يعتبرون منفذين للعقد التجاري الدولي و يقع عليهم الضمان القانوني فيما تـلـف من البضاعة المسلمة لهم قصد نقلها من مكان لآخر .

رابعــــا : المصــادر القــانــونيـة للعلاقــة التجـاريـة الدوليـة :
إنّ المصادر التي تستقي منها القواعد المنضمة للعلاقة التجارية الدولية عديدة ومتنـوعـة نوردها حسب أهميتها في التسلسل التالي :

1 ـ المعـــاهــدة أو الإتفــــاقيـــة
تعتبر المعاهدة أسمى صورة لتحقيق التبادل التجاري الدولي و هي قد تكون ثنـائية تتم بين دولتيـن فقط , و قد تكون جماعية أي بين عدة دول , مثل إتفاقية دول الإتحاد المغرب العربي , كما أن للهيئات العامة أو الخاصة , و أيضا يكون للأفراد العاديين إبرام إتفاقيات بينهم يتم على أساسها تحقيق عقود التجارة الدولية .
فالمعاهدة و هي أعلى صورة لتحقيق إرادة دولتين أو هيئتين في التعاون الإقتصادي أو التجاري بينهما تعتبر نموذجا أكثر بروزا على مستوى إيجاد قواعد قانونية منضمة للعلاقة التجارية الدولية , و يقع بموجبها حل التنازع الواقع بين المتعاقدين بتطبيق بنودها و تحقيق أغراضها , و لهذا فقد نص الدستور الجزائري في المادة 132 منه على أنّ " المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور تسمو على القانون ".
و قد أكد القانون على ذلك في المادة 21 من القانون المدني الجزائري بتفضيل أحكام المعاهدة على أحكام القانون , وعلى إعتبار أنّ المعاهدة تكتسي هذا الطابع من الأهمية فإنه يقع علينا التوقف عند بعض ملاحمها فيما يمس موضوع دراستنا.

أ ـ أشكـــــال المعـــــاهـــدة :
تأخـذ المعـاهـدة إحـدى الأشـكـال التـاليـة :
ـ معاهدة ثنائية و هي التي تقع بين دولتين فقط و لا يسمح لدولة ثالثة بالإنضمام إليها أو التدخل في موضوع المعاهدة الحاصل بين الدولتين المتعاهدتين , كما لو إتفقت الجزائـر مع تونس أو فرنسا في شأن تنظيم بعض مسائل العلاقة التجارية المشتركة بينهما .
ـ معاهدة متعددة الأطراف و هذا النموذج يكون بين أكثر من دولتين , مهما كان عدد الدول المنظمة لها , وفي هذا النمط يمكن أن نميز صورتين من المعاهدات المتعددة الأطراف :
ـ فهناك المعاهدة المفتوحة و المعاهدة المغلقة ، فالمعاهدة المغلقة هي التي تتم بين عدة دول و لا يسمح لغيرها بإلانظام إليها , وذلك مثل معاهدات إتحاد المغرب العربي , وإتفاقيات السوق الأوروبية المشتركة ، فلا يسمح من لاتتوافر فيه تلك الصفة الانضمام إلى تلك المعاهدات باعتبارها معاهدات مغلـقة , وهذا لا يمنع التعامل مع تلك التكتلات الإقتصادية فيما يسمى بالشراكة الإقتصـادية

ب ـ الغـــرض من إبـــرام المعـــاهــدة
إن الغرض الأساس من إبرام المعاهدة هو صياغة قواعد قانونية تلتزم بها الدول المتعاهدة نظرا لغياب سلطة تشريعية تعلو الدول , فتلجأ الدول إلى سن تلك القواعد القانونية بإرادتها المستقلة ويقع عليها إحترام وتجسيد تلك القواعد على أرض الواقع , وقد يكون الغرض من ذلك إنهاء بعض المنازعات الواقعة في أي مجال من المجالات الإقتصادية وغير الإقتصادية , وكأن المعاهدة هي عقد بين الدول ولكن هذا العقد يكرس قواعد قانونية تكون ملزمة للدول المتعاقدة .

ج ـ تعــــارض المعـــــاهـدة مع القــانـــون :
قد يتصور أن تتعارض أحكام المعاهدة مع نصوص القانون , ويبرز هذا التعارض وفق الأشكال التالية :
ـ تعارض المعاهدة مع قانون سابق لها : ففي حالة تعارض المعاهدة مع قانون سابق لها فإنه يعتبر بان المعاهدة قد جمدت حكم القانون , وبالتالي فتطبيق بنودالمعاهدة فلا يلتفت الى نصوص القانون .
ـ تعارض المعاهدة مع قانون لاحق عنها: وتتحقق هذه الصورة إذا وجدت معاهدة نافذة ثم صدرت قوانين تناقضها من حيث الأحكام التشريعية الواردة بها.
وفي هذه الصورة عادة مايتم النظر ماإذا كان التعارض بينهما تعارضا صريحا أو أن التعارض لا يعدو أن يكون تعارضا ضمنيا , ففي حالة التعارض الضمني فإنه يطبق القانون كقاعدةوتعتبر المعاهدة كاستثناء من أحكام القانون , أما إذا كان التعارض صريحا بينهما فإن أحكام القانون هي التي يجب مراعاتها , وتتحملالدولة مسؤولية في تعطيل أحكام المعاهدة بنصوص قانونية صريحة , وهذا بالرغم من أن المعاهدة تعتبر أسمى من القانون من حيث المركز التشريعي ، الا أنه من المسلمات أن للدولة أن تعطل المعاهدة بنصوص قانونية صريحة , ويقع عليها تحمل مسؤوليتها اتجاه الطرف الآخر..

د - العلاقـــة بين المعاهدات وعقود التجارة الدولية
إن العلاقة بين المعاهدات والعلاقات التجارية جد وثيق لأن تلك المعاهدات تعتبر مصدرا مباشرا لقواعد العلاقات التجارية الدولية , فمثلا لو تم الإتفاق بين دول اتحاد المغرب العربي على حرية تنقل البضائع والسلع ورؤوس الأموال, وهو الأمر المتفق عليه فعلا بين هذه الدول , فإن العقود التي تنجز في هذا الصدد كلها تستند الى أحكام معاهدة إتحاد المغرب العربي و وتتم في إطار بنود المعاهدة المبرمة بين هذه الدول.
فهي من جهة تلعب دور المحفز , ومن ناحية أخرى تكون إطارا قانونيا لتلك العلاقات التجارية التي تقوم بين هذه الدول أومؤسساتها أو أفرادها الطبيعيين .
هذا بالنسبة للمعاهدات الدولية التي قد تقع بين دول مختلفة أما الإتـفاقـيات التي قد تحصل بين هيئات أو أفراد ينتمون إلى دول مختلفة فإن هذه الإتفاقيات تكون بمثابة عقود ملزمة للجانبين ويصدق عليها مقولة {العقد شريعة المتعاقدين } إلا أن هذه الإتفاقيات يستوجب أن تراعي القواعد الآمرة في القانون , وأن لا تخالف النظام العام أوالآداب العامة , وإلا فإنه لايعتد بالإتفاق الواقع بين طرفين لا يحترمان فكرة النظام العام أو الآداب العامة من حيث سبب العلاقة القانونية أو محل العقد التجاري الدولي , فيعتبر الإتفاق الذي تم في بيع المخدرات أو وسائل لا أخلاقية إتفاق يتنـاقض مع القانون , وبالتالي فانه لايعتد به ويعتبر كأنه لم يكن , بل وقد يتحمل المتعاقدان نتيجة خرقهما لفكرة النظام العام والآداب العامة المسؤولية القانونية على ذلك الخرق .

2 ـ التشريـــع كمصــدر لقواعـد العقــد التجــاري الدولـي
إن المعاهدة وإن كانت مهمة إلا أنها لا تتصف بالديمومة بمعنى أن وجودها ليس مضمونا في كافةالأحوال ,عكس القانون الذي يوصف بالديمومة , ولذلك يبرز التشريع كمصدر أساسي ورسمي لتنظيم العقد التجاري الدولي., وما يهمنا في سياق هذه الدراسة بشأن العقد التجاري الدولي هي مجموعة من المسائل المحددة والتي قد يقع بشأنها الخلاف بين طرفي العقد التجاري الدولي وهي :
أ- تطبيق مبدأ سلطان الإرادة على العقد
إن القانون لا يقف حائلا ضد مبدأ سـلطان الإرادة التعاقدي , بل إن القانون يشجع بكل نصوصه إجتهاد الأفراد في إيجاد قواعد تنظم العلاقة بينهم , سواء بإبتكار قواعد جديدة منظمة للعلاقة التجارية , أو بإتباع أي نموذج قانوني موجود في أي تشريع آخر غير تشريع الطرفين المتعاقدين.
فليس هناك ما يمنع أن يستقى الأطراف نموذجا قانونيا منظما للعلاقة التجارية من أي تشريع آخر غير تشريعهما المشترك , وهو ما أكده مثلا القانون الجزائري في المادة18 من القانون المدني .

ب ـ الخضوع لأحكام القانون الواجب التطبيق .
إذا لم يتفق المتعاقدان على قانون يحكم العلاقة التجارية بينهما فإنه ساعتـئذ يلجأ إلى قواعد القانون لتنظيم تلك العلاقة وحينها نفرق بين أمـرين أسـاسـيين :
ـ شكــل العقــد: وهو الصورة الخارجية التي يتخدها العقد التجاري الدولي , وقد نص القانون المدني الجزائري على ذلك في المادة 19 بالقول :" تخضع العقود مابين الأحياء في شكلها إلى قانون البلد الذي تمت فيه ويجوز أن تخضع إلى القانون الوطني المشترك للمتعاقدين " .
من هذا يتضح بأنّ القانون يضع قاعدة عامة و هي أن شكل العقد يكون محكوما بقانون الدولة التي وقع فيها تحرير العقد , و قد أجاز القانون أن يكون العقد محكوما بالقانون المشترك للمتعاقدين إذا كان يجمعهما قانون مشترك, و إلاّ خضعت العلاقة القانونية من حيث شكلها لقانون محل إبرامها.

ـ موضوع العقد :
و موضوع العقد هو ما ينصب عليه العقد من مراكز قانونية متبادلة بين طرفي العقد فقد أشارت المادة 18 من القانون المدني الجزائري إلى إخضاع موضوع العقد لقانون المكان الذي وقع فيه إبرامه بقولها { يسري على الإلتزامات التعاقدية قانون المكان الذي ينبرم فيه العقد مالم يتفق المتعاقدان على تطبيق قانون آخر } .
و بذلك فقد أوجد القانون معيارين يحكمان العقد على سبيل المفاضلة , فإن إختار الطرفان إعمال سلطان إرادتهما كان لهما ذلك بحكم القانون , و إن لم يقع بينهما إتفاق فإنه يلجأ إلى تطبيق القاعدة العامة و المتمثلة في إخضاع العقد إلى مكان نشوئه وهذه قاعدة كلاسيكية في القانون تـمّ التأكيد عليها في القانون الجزائري على غرار باقي التشريعات المختلفة .

3 ـ العرف التجاري الدولي :
من المصادر المعترف بها في تنظيم قواعد العلاقات التجارية الدولية تلك الأعراف التجارية الدولية ، و يعتبر عرف تجاريا دوليا كل قاعدة عرفية تم الإتفاق عليها من قبل مجموعة من الدول إلى درجة أنها أصبحت تتمتع بالإستقراريـة، ففي حالة عدم إتفاق أطراف العقد التجاري الدولي على بعض المراكز القانونية فإنّه يرجع فيها إلى تلك القواعد العـرفية التجـارية الدولـية , كما لو تم الإتفاق مثلا بين البائع و المشتري على تسليم بضاعة معينة , و لم يتفق المتعاقدان على الوقت الذى يتم حساب وزنها هل هو وقت الشحن أو وقت وصول السلعة لأنّ المعروف أنّ الخضروات قد ينقص وزنها بالتبـخر من يوم الشحن إلى يوم التسليم , فإنه يلجأ هنا إلى القواعد العرفية التجارية في شأن تلك المسألة , وبالتالي فإنّ كل ما لم يتفق عليه المتعاقدان فإنه يرجع فيه إما إلى حكم القانون , و في حالة غيابه إلى قواعد العرف التجاري الدولي .










رد مع اقتباس