منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الشعب يحاكم جلاده.
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-08-04, 15:10   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
جماعي لخضر
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية جماعي لخضر
 

 

 
إحصائية العضو










Wah محاولة للاستعطاف؟

نهاية مبارك و'الخدعة الاخيرة': التسويف واستدرار العطف للإفلات من الإدانة
خالد الشامي


2011-08-03

لندن ـ 'القدس العربي': في محاولة واضحة لاستدرار العطف، ظهر الرئيس المصري المخلوع على فراش متحرك داخل قفص الاتهام في محاكمته التاريخية التي بدأت امس بتهم الاشتراك، عبر الاتفاق مع وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي، في القتل العمد للمتظاهرين.
وحسب تصريحات وزير الصحة التي اكدت استقرار صحته، فلا يبدو وجود مبرر لعدم حضوره على مقعد متحرك، خاصة انه لا يعاني من اي مرض يمنعه من الجلوس.
ويمثل ظهور مبارك بهذه الهيئة جزءا من استراتيجية الدفاع التي اتضحت معالمها منذ تولي المحامي المخضرم فريد الديب للقضية، وبدت بوادرها واضحة عبر تصريحاته التي زعمت اصابة مبارك بسرطان المعدة، والغيبوبة، وهو ما نفاه مدير المستشفى الذي اكد ان نتائج تحاليل الدم والفحوص الشاملة التي خضع لها قبل يومين جاءت 'عادية بالنسبة الى مريض في هذا السن'، وهو ما يجب ان يثير اسئلة حول اسباب بقائه في شرم الشيخ طوال الشهور الماضية ان كان قادرا على الحضور للقاهرة.
وباستثناء الصعوبة في السمع وهي المشكلة التي يعاني منها منذ سنوات عديدة بسبب التهاب مزمن في الاذن الوسطى اليمنى، والصوت المشروخ الذي طالما اصابه في الشهور الاخيرة، والتأثر النفسي البالغ الذي جعل المصريين يرونه وقد اغرورقت عيناه بالدموع للمرة الاولى، فقد بدا مبارك في لياقة ذهنية عالية، وحالة مزاجية متحدية، كما ظهر من رده الشفوي على اتهامات النيابة، وكذلك من تحليل ما يعرف بلغة الجسد، اذ استخدم اصبعه في اشارة التحذير التي اشتهر بها، بينما كان يوجه كلامه الى رئيس المحكمة، في علامة اعتبرت انها تفتقد للاحترام الواجب للمحكمة.
وحاول الديب ان يحقق اكبر قدر من 'المكاسب العاطفية' عندما طالب المحكمة بضم استاذ معالجة الاورام في جامعة القاهرة الى الفريق الطبي المعالج لمبارك، رغم انه كان يتلقى بالفعل رعاية طبية رفيعة المستوى في مستشفى شرم الشيخ.
كما ساهم جمال وعلاء في اظهار 'صورة عائلية' بوقوفهما الى جانب والدهما، ومحاولتهما حجب الكاميرات عنه، والهمس في اذنه، بينما كان مضطرا للانتظار نحو ساعتين داخل القفص حتى ينادي عليه القاضي، بعد ان انتهى من التعامل من القضية الاولى.
وربما بدا حمل علاء للمصحف في يده متسقا مع ما عرف عنه من اتجاه للتدين بعد وفاة طفله محمد قبل عامين، الا ان جمال الذي بدا شاحبا ومهزوما وهو يتحرك في توتر وبيدين مضمومتين، كما لم يره المصريون من قبل، فكان اقرب الى الانهيار النفسي من والده وشقيقه، بعد ان انتهى الى سجن طرة بدلا من سدة الرئاسة التي كان يظن انه على قاب قوسين منها.
وتراهن استراتيجية 'استدرار العطف' على ما يعرف به المصريون من انهم 'عاطفيون'، وسريعو التأثر بالمواقف الانسانية، الا ان الاعتماد على هذه الاستراتيجية ربما ينم عن ادراك الديب، وهو الخبير في القضايا الجنائية الصعبة، لضعف موقف موكله في القضية، اذ انه يبذل جهدا كبيرا من الان للتمهيد لطلب الرأفة لمبارك بسبب عمره.
وقد يذهب البعض الى اتهام المحامي بعدم الفهم لطبيعة ومعطيات الواقع الجديد الذي افرزته الثورة في مصر، حيث سيشكل اصدار عفو عن مبارك انتحارا سياسيا في مواجهة مجتمع قد يقبل الصبر او التفاوض في بعض مطالب الثورة، الا انه يتشبث باجماع وطني وسياسي صلب ونادر على ضرورة معاقبة المسؤول عن قتل الشهداء ايا كان اسمه او منصبه.
بل ان الهجمات التي شنها عدد من البلطجية على اهالي الشهداء خارج المحكمة امس تذكر بممارسات نظام مبارك، وبأن فلوله ما زالت فاعلة رغم مرور نحو ستة شهور على خلعه.
وسرعان ما سيدرك المجلس العسكري ان محاكمة شفافة وسريعة لمبارك قد تكون الاجابة الوحيدة الممكنة عن اسئلة الفجوة والاستقطاب والتخوين والتوتر التي اصبحت تحكم علاقته الصعبة مع الشارع والقوى الثورية. كما ان المحاكمة قد تمكنه من الاستقواء مجددا بدعم شعبي ضروري في مواجهة ضغوط قوية من بعض دول الخليج واسرائيل للعفو عن مبارك.
بل ان جلسة واحدة من محاكمة مبارك امس نجحت في ازالة قدر كبير من مشاعر الاحتقان الشعبي والاحباط والغضب التي هيمنت على الساحة المصرية في الاونة الاخيرة.
وربما لا يكون من المبالغة القول ان المصريين نجحوا امس في طي عصر بأكمله تميز بسطوة الثقافة الفرعونية على النظم الحاكمة لهم منذ الاف السنين، رغم التنوع الشديد في اشكالها وهوياتها، واصبح 'الفرعون' للمرة الاولى 'موظفا عاما' دونما هالات مقدسة، ما يعني انه قابل للمحاسبة والعقاب ان قرر الشعب ذلك.
اما الجزء الثاني من استراتيجية الدفاع عن مبارك التي ظهرت ملامحها امس، فتمثل بطلب محاميه استجواب كافة شهود الاثبات في القضية، والبالغ عددهم اكثر من الف وستمائة شخص، ما يتطلب شهورا ان لم يكن سنوات حتى تتمكن المحكمة والمحامون من مناقشتهم.
ومرة اخرى فإن هذه التكتيكات يستخدمها المحامون لشراء الوقت او التسويف في المحاكمات بقدر الامكان، ربما لتبريد الرأي العام، كما فعل الديب في قضية مقتل سوزان تميم، التي استغرقت اكثر من عامين في المحاكم حتى صدر حكم نهائي العام الماضي.
اما ما يراهن الدفاع عليه في هذه القضية فهو وفاة مبارك قبل ان يدان، ما سيمثل' نهاية مريحة' لاطراف عديدة، قد يكون مبارك نفسه واحدا منها، كما يقول بعض التقارير.
ومن غير المتوقع ان تنجح هذه الخدعة ايضا، حيث ان الاطراف الاقوى في المعادلة تتفق على ان انتظار ستة شهور كان اكثر من كاف لتبدأ المحاكمة، وان تكلفة التسويف ستكون باهظة في ظل المعطيات الحالية.
وهكذا فإن مبارك الذي طالما نجا بأعجوبة من نهايته، سواء على المستوى السياسي او الشخصي، ومع التوقعات بفشل 'خدعته الاخيرة' للمصريين، ربما قد وصل اخيرا الى نهاية الطريق.. نهاية سيكتبها الد اعدائه واقرب اصدقائه في آن: شهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير، حسين سالم واسرائيل.
وعلى المستوى السياسي فقد تكون محاكمة مبارك نقطة الانطلاق الحقيقية للتحول الديمقراطي المتعثر، خاصة اذا تواصل ما بدا من اسلوب شفاف وحضاري في تناول القضية امس.










رد مع اقتباس