عادة ما أتجول بين النصوص المختلفة الأغراض فأجدها على وجهين مختلفين .. وجه فيه سطور قد جند لها الكثير من الحبر واستدعيت لها الكثير من المعاني و المفردات ذات الصيغ المبهرة لكني أمثلها ببناء إجتهد صاحبه في وضع لبناته رغم عدم تناسقها ويحاول أن يخفي عيوبها بطلاء السجع والكناية والإستعارة فيذهب روح النص ... أو أجدها كوصفة الطبيب الذي لا يدرك سر المرض لدى مريضه فيرصد له أدوية تعالج أعراض مرضه لكنها لا تعالج مصدر العلة وربما تتسبب له في خلق أدواء أخرى ....
ووجه آخر أجد فيه نصوصا مقتضبة لكنها محملة بفيوضات المعاني تنقلك من عالم إلى عالم وكأنك مع صديق يحدثك بما يسرك فتحب سماعه وسماعه .... ومجالسته و مجالسته.....
نصوص تعرض لك حالات نفسك وواقعك بدون أن تصطدم بزيف أو تغرق في أوحال التكلف الذي يعطيك منه صاحبه ويشعر في قرارات نفسه أنه قد تفضل عليك بمنتج أو أسدى إليك معروفا يضل يتابعك من خلاله ...
هذه الكتابة المتجردة التي تنقل لك المسرات والمسرات وقد تصفعك بألم الحقيقة لأنها خالية من التملق والتصنع وربما تجد منها نفورا ....
أقلام هذه الكتابة ليس بالضرورة تجدها مرموقة أو ملبسة بأساور من ذهب وليس لسان حال يعبر عن مفرداتها ولا تتاح لها الكلمة للتعبير في المنديات والمحافل لكنها إذا انزوت بين هموم المجتمعات وجدران المعاناة أبدعت في نقل الحقائق التي قد تزعج الكثيرين وتنزل عليهم كصواعق الأعاصير .... فكتاباتهم هي تسونا مي التغيير .. وهي مواساة للمحزونين والمستوحشين في عوالم الغربة المادية التي تعيشها الحضارة الإنسانية اليوم التي تقتات من معاناة هذه الطبقات ... تقرأها القلوب المتجردة من الأغراض والأطماع والأهواء فتتحسس فيها الأمل الذي يعطيهم رغبة في الحياة وتقضي على سياسات التيئيس .....
و بين الكتابتين تجد النفوس الظمآنة تتلقف هذه وتلك وكأنها الأرض تتعرض لسيول بعد طول جفاف ... ومها كانت الكتابة فإنها نفس يتنفسها الإنسان ولابد أن يلفظ جهازه التنفسي الهواء الملوث ولا يبقى داخل الرئة إلا الهواء النقي ........................