منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أسماء الله الحسنى وصفاته
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-03-30, 17:10   رقم المشاركة : 189
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18



ثانياً:

إذا فهمنا هذه القاعدة المهمة في باب أسماء الله وصفاته ، تبين لنا أن الله جل جلاله هو الخالق حقيقة لكل ما في الكون ، لا يشركه في ذلك أحد من خلقه

وأن تسمية بعض خلقه بالخالقين ، لا يعني أنه شريك لله في شيء من خلقه ، أو شبيه له في صفة من صفاته ، بل هذا جار على ما هو معروف من لغة العرب ، من تسمية بعض أفعال المخلوقين "خلقا" .

وقد اختلف أهل العلم في قوله تعالى عن نفسه المقدسة : ( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) المؤمنون /14

وقوله سبحانه : ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) الصافات / 125 .

فقيل : المعنى : أحسن الصانعين . قال مجاهد : يصنعون ويصنع الله ، والله خير الصانعين
.
"تفسير الطبري" (19 / 19)

ورجحه ابن جرير رحمه الله

وقال : " لأن العرب تسمي كل صانع خالقاً ، ومنه قول زهير:

وَلأنْتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وَبَعْـ ـضُ القَوْمِ يخْلُقُ ثمَّ لا يَفْرِي

"تفسير الطبري" (19 / 19)

وقال القرطبي رحمه الله :

" ( أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) : أتقن الصانعين . يقال لمن صنع شيئاً : خلقه .

ولا تُنفى اللفظة عن البشر في معنى الصنع ؛ وإنما هي منفية بمعنى الاختراع وإيجاد من العدم "

انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (12 / 110)

وقال ابن القيم رحمه الله :

" (الخالق والمصور ) : إن استعملا مطلقين غير مقيدين لم يطلقا إلا على الرب

كقوله : ( الخالق البارئ المصور ) ، وإن استعملا مقيدين أطلقا على العبد

كما يقال لمن قدَّر شيئا في نفسه ، أنه خلقه . قال :

وَلأنْتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وَبَعْـ ـضُ القَوْمِ يخْلُقُ ثمَّ لا يَفْرِي

أي : لك قدرة تُمضي وتنفذ بها ما قدَّرته في نفسك

وغيرك يقدِّر أشياء وهو عاجز عن إنفاذها وإمضائها ، وبهذا الاعتبار صح إطلاق خالق على العبد

في قوله تعالى : ( فتبارك الله أحسن الخالقين )

أي : أحسن المصورين والمقدرين ، والعرب تقول : قدرت الأديم ، وخلقته : إذا قسته لتقطع منه مزادة أو قربة ونحوها . قال مجاهد : يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين

. وقال الليث : رجل خالق

أي : صانع ، وهن الخالقات : للنساء . وقال مقاتل : يقول تعالى : هو أحسن خلقاً من الذين يخلقون التماثيل وغيرها ، التي لا يتحرك منها شيء .

وأما البارئ : فلا يصح إطلاقه إلا عليه سبحانه ؛ فإنه الذي برأ الخليقة وأوجدها بعد عدمها "

انتهى من "شفاء العليل" (ص 131)

وينظر : "أضواء البيان" ، للشنقيطي (26 / 41) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ما ورد من إثبات خلق غير الله

كقوله تعالى : ( فتبارك الله أحسن الخالقين )

وكقوله صلى الله عليه وسلم في المصورين: ( يقال لهم أحيوا ما خلقتم )

فهذا ليس خلقاً حقيقة ، وليس إيجاداً بعد عدم ، بل هو تحويل للشيء من حال إلى حال

وأيضاً ليس شاملاً ، بل محصور بما يتمكن الإنسان منه ، ومحصور بدائرة ضيقة

فلا ينافي قولنا : إفراد الله بالخلق " انتهى .

"القول المفيد" (1 / 1-2) .

ومن ذلك يتبين أن هذه الآية الكريمة ، وما يشابهها، ليس فيها شيء من تشبيه أحد بالخالق سبحانه

فيما يختص به من صفة الخلق ، أو غير ذلك من الصفات ، وأن ما سمي به المخلوق من أسماء الخالق

فإنما تحمل على ما يليق بالمخلوق ، وأما أسماء الله تعالى وصفاته ، فهي على ما يليق بكماله ، وجماله ، وجلاله : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

وهذا هو عين ما تدل عليه سورة الإخلاص :

( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) .

فليس لله من خلقه ، شبيه ، ولا مثيل ، ولا ند ، ولا نظير .

وهذا أصل محكم في دين الله ، لا يعارضه

ولا يشكل عليه شيء من نصوص الكتاب والسنة.

والله أعلم