منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الطهارة في الاسلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-03-22, 13:21   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال:


كنت أقرأ في بعض كتب الفقه فأتيت على "النجاسة الحكمية المغلظة" وذكر أنه يندرج تحتها الشرك والكفر والكبائر..

ثم ذكر النجاسة المخففة و وذكر أنه يندرج تحتها الحدث والصغائر..الخ.

فما صحة هذا التقسيم؟

وهل قال بهذا أحد من السلف؟

أرجوا الشرح والتفصيل؟.


الجواب
:

الحمد لله

الطهارة قسمان :

طهارة حسية ، وطهارة معنوية

والنجاسة قسمان :

نجاسة حسية ، ونجاسة معنوية .

فالطهارة الحسية :

هي الطهارة من الحدث والخبث (النجاسة) .

والنجاسة الحسية :

هي الأعيان التي حكم الشرع بنجاستها وقذارتها
ومنها ما نجاسته مغلظة، وهو الكلب

ومنها ما نجاسته مخففة :

كبول الصبي الرضيع ، ومنها ما نجاسته متوسطة
كنجاسة البول والدم والميتة .

والكلام عن الطهارة والنجاسة الحقيقية

هو محور اهتمام الفقهاء في كتبهم .

وأما الطهارة والنجاسة المعنوية فليست محل اهتمام أهل الفقه ، ولذلك لا يذكرونها إلا نادرا على سبيل الاستطراد .

والطهارة المعنوية :

هي طهارة المؤمن من الشرك والكفر

والنجاسة المعنوية :

هي نجاسة الكفر والفسوق والعصيان .

ومن النصوص الشرعية الدالة على الطهارة والنجاسة المعنوية :

قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/ 42.

قال ابن جرير الطبري:

" وَقَوْلُهُ : ( وَطَهَّرَكِ ) يَعْنِي : طَهَّرَ دِينَكِ مِنَ الرِّيَبِ وَالأَدْنَاسِ الَّتِي فِي أَدْيَانِ نِسَاءِ بَنِي آدَمَ ". انتهى

" تفسير الطبري" [5 /392] .

وقال تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [التوبة / 103]

قال الطبري:

" يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مُحَمَّدُ خُذْ مِنْ أَمْوَالِ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ فَتَابُوا مِنْهَا صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ ذُنُوبِهِمْ ( وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) تُنَمِيهِمْ وَتَرْفَعُهُمْ عَنْ خَسِيسِ مَنَازِلِ أَهْلِ النِّفَاقِ ، إِلَى مَنَازِلِ أَهْلِ الإِخْلاَصِ ". انتهى

" تفسير الطبري" [11 /659] .

وقال تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ، وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ، وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ ، وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) [الأحزاب / 33]

والمراد بها الطهارة المعنوية .

وقال عن قوم لوط : ( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ، إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) [النمل / 56]

أي عن المعاصي والقبائح .

وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ، فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) [التوبة / 28]

قال ابن القيم :

" وقد وسم الله سبحانه الشرك ، والزنا ، واللواطة ، بالنجاسة والخبث في كتابه دون سائر الذنوب وإن كانت مشتملة على ذلك ، لكن الذي وقع في القرآن قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) ، وقوله تعالى في حق اللوطية : ( وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ) .

وقالت اللوطية : (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) ، فأقروا مع شركهم وكفرهم أنهم هم الأخباث الأنجاس ، وأن لوطا وآله مطهرون من ذلك باجتنابهم له .

قال تعالى في حق الزناة :
( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات) .

فأما نجاسة الشرك فهي نوعان :

نجاسة مغلظة ، ونجاسة مخففة .

فالمغلظة :

الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله عز وجل .

والمخففة :

الشرك الأصغر ، كيسير الرياء ، والتصنع للمخلوق ، والحلف به ، وخوفه ، ورجائه ...

والمقصود : أن النجاسة تارة تكون محسوسة ظاهرة ، وتارة تكون معنوية باطنة ". انتهى

" إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " [1 /59]

وقال الشيخ ابن عثيمين :

" الطهارة معناها :

النظافة والنزاهة ، وهي في الشرع على نوعين :
طهارة معنوية ، وطهارة حسية.

أما الطهارة المعنوية :

فهي طهارة القلوب من الشرك والبدع في عبادة الله ، ومن الغل ، والحقد ، والحسد ، والبغضاء ، والكراهة ، وما أشبه ذلك في معاملة عباد الله الذين لا يستحقون هذا ....

ولهذا وصف الله عز وجل المشركين بأنهم نجس ، فقال تعالى : ( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ )، ونفى النبي صلى الله عليه وسلم النجاسة عن المؤمن ، فقال صلى الله عليه وسلم : (إن المؤمن لا ينجس) ، وهذا هو الذي ينبغي للمؤمن أن يعتني به عناية كبيرة ليطهر قلبه منه ". انتهى

وقال الشيخ صالح الفوزان:

" الطهارة المعنوية : هي الطهارة من الشرك ، والطهارة من البدع ، والطهارة من الذنوب ، قال تعالى : ( إنهم أناس يتطهرون ) فالطهارة هنا معنوية وهي النزاهة عن المعاصي والذنوب .

والشرك نجاسة ، قال تعالى : ( إنما المشركون نجس ) نجاسة معنوية ، والتوحيد طهارة معنوية " انتهى من

الشرح المختصر على زاد المستقنع (1/52).

والله أعلم .









رد مع اقتباس