منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - رد الشبهات عن صحابه الرسول صلي الله عليه وسلم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-03-05, 04:45   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل السلف أولوا آيات المعية ووقعوا في التناقض؟

لسؤال


: سؤالي هو عن تنزيه الله وتأويل الآيات ، كثيرا ما ناقشت بعض الأشاعرة عن مسألة التأويل فقالوا لي إن أهل السنة يكيلون بمكيالين فيصرفون بعض الآيات الى التأويل مثل ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) فيقولون هنا بقدرته ,وعلمه وليس بذاته ومثلها ( وهو معكم أينما كنتم ) و ( لا تحزن إن الله معنا ) ثم يصرفون بعضها إلى الأخذ بالظاهر دون التأويل مثل ( الرحمن على العرش استوى ) ( أأمنتم من في السماء ) فعلى أي أساس تم صرف بعض الآيات الى التأويل وبعضها إلى الظاهر ؟ حقيقة قد عجزت عن الإجابة ... أريد منكم إجابة شافية وشاملة لكل الآيات في هذا المجال وردود كل الشبهات التي تثار حولها لأن هذا الأمر قد أهمني كثيرا .


الجواب :

الحمد لله

أولا:

مذهب السلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم إثبات ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه ويسلم من الصفات، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تأويل ولا تعطيل .

والنقول عنهم في ذلك مستفيضة.

والتأويل المتنازَع فيه : هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر ، إلى معنى مرجوح ، لدليل وقرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، كتأويل اليد بالقدرة، أو القوة، وتأويل الاستواء بالاستيلاء .

وهذا التأويل : لم يثبت عن أحد من الصحابة والتابعين.

ثانيا:

قد ظن قوم أن ظاهر بعض النصوص يقتضي التشبيه أو يوهم التشبيه، فقالوا: الظاهر غير مراد، وحملهم ذلك على تأويل نصوصها ، أو تفويض معانيها .

والحق : أن ظواهر النصوص لا يمكن أن تقتضي التشبيه، ولو كانت كذلك لم تكن حقا ولا هدى ولا بيانا ولا شفاء.

والظاهر هو المتبادر إلى الذهن بحسب السياق، فإذا قيل: يد، فهذا يشمل كل يد .

فإذا قيل: يد الإنسان، ويد الكرسي، ويد النملة، كان لكل مضاف ما يخصه ، وليست اليد كاليد .

فإذا قيل: يد الله، علم أنها صفة عظيمة لا يوقف على كنهها وحقيقتها، كما لا يوقف على كنه الذات الموصوفة بها.

ومن ظن أن ظاهر النصوص التشبيه، فقد أساء؛ إذ لو كانت كذلك للزم التحذير من هذا الظاهر، وبيان المعنى الحق؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

والنبي صلى الله عليه وسلم أفصح الخلق، وأنصح الخلق، وقد قام بالبيان على وجهه، كما أمره الله، فلو كان في النصوص ما ظاهره الكفر ، أو يؤدي إلى الكفر : لكان أسرع الناس إلى كشفه وبيانه.

وبهذا تعلم أن هذه الدعوى فيها من القدح العظيم في بلاغ النبي صلى الله وعليه وسلم وبيانه، ما يتنزه بيانه وشرعه عنه ؛ بل فيها من القدح العظيم في كتاب الله تعالى ما فيها ؛ إذ كيف يكون هدى ونورا وبيانا وشفاء، ثم يكون مشتملا على ما هو كفر في حق الله تعالى!

ثالثا:

التأويل : إذا قام عليه دليل فلا ينكر، ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) النحل/98 ، فإن ظاهره أن الاستعاذة تكون بعد القراءة، ودلت السنة على أن الاستعاذة قبل القراءة، فيكون المراد: فإذا أردت القراءة فاستعذ بالله.

ولا دليل على تأويل شيء من الصفات؛ لأن التأويل فرع عن استحالة المعنى الحقيقي ، أو أنه يلزم منه باطل ، يتنزه الشرع عنه ، كالتشبيه ، على حد زعمهم ؛ وقد بينا بطلانه.

فقول الجوهرة:

فكل نص أوهم التشبيها *** أوله أو فوّض ورم تنزيها

يقال فيه: ليس عندنا نص في صفات الله يوهم التشبيه، ولا يفهم أهل السنة من نصوص الصفات إلا العظمة والكمال لله تعالى.

ومثله قول المقّري:

والنـــص إن أوهـــم غيــر اللائــق *** بــالله كالــتشبــــيه للخـــــــــــــلائق

فاصــــرفه عن ظاهــره إجـماعــا *** واقـطـع عن المـمـتنـع الأطـمـاعـــــا

قال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:

" ... فاتضح بما ذُكر أن الشرط في قول المقرئ في إضاءته:

والنص إن أوهم غير اللائق ..

شرط مفقود قطعا ; لأن نصوص الوحي الواردة في صفات الله لا تدل ظواهرها البتة ، إلا على تنزيه الله، ومخالفته لخلقه في الذات والصفات والأفعال.

فكل المسلمين الذين يراجعون عقولهم، لا يشك أحد منهم في أن الظاهر المتبادر السابق إلى ذهن المسلم : هو مخالفة الله لخلقه، كما نص عليه بقوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى/11] ، وقوله: (لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )[الإخلاص/4] ، ونحو ذلك من الآيات .

وبذلك تعلم : أن الإجماع الذي بناه على ذلك في قوله:

فاصرفه عن ظاهره ، إجماعا

إجماع مفقود أصلا، ولا وجود له البتة ; لأنه مبني على شرط مفقود لا وجود له البتة.

فالإجماع المعدوم المزعوم : لم يرد في كتاب الله، ولا في سنة رسوله، ولم يقله أحد من أصحاب رسول الله، ولا من تابعيهم، ولم يقله أحد من الأئمة الأربعة، ولا من فقهاء الأمصار المعروفين.

وإنما لم يقولوا بذلك ; لأنهم يعلمون أن ظواهر نصوص الوحي : لا تدل إلا على تنزيه الله عن مشابهة خلقه، وهذا الظاهر الذي هو تنزيه الله : لا داعي لصرفها عنه كما ترى.

ولأجل هذا كله قلنا في مقدمة هذا الكتاب المبارك: إن الله تبارك وتعالى موصوف بتلك الصفات حقيقة لا مجازا ; لأنا نعتقد اعتقادا جازما لا يتطرق إليه شك أن ظواهر آيات الصفات وأحاديثها، لا تدل البتة إلا على التنزيه عن مشابهة الخلق ، واتصافه تعالى بالكمال والجلال.

وإثبات التنزيه والكمال والجلال لله حقيقة لا مجازا - لا ينكره مسلم" انتهى من أضواء البيان (7/ 277).

رابعا:

الأصل في كلام العرب حمل اللفظ على حقيقته، وعدم صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى لفظ مرجوح إلا بدليل وقرينة .

فعلم بهذا أن الأصل عدم التأويل، وعلى مدعيه : إثبات الدليل ، والقرينة الصارفة .

فإنه ليس ثمة قرينة لهم على ذلك ، إلا دعوى الاستحالة العقلية .

وهذا وهم لا يعول عليه .

ولهذا لا يمكن النقل عن أحد من السلف أنه قال: إن الظاهر محال، فيجب تأويله.

وقد صرح غير واحد من الأئمة بأن صفات الله تعالى على الحقيقة، لا على المجاز، بل حكوا الإجماع على هذا.

قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: " أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة ، والإيمان بها ، وحملها على الحقيقة لا على المجاز .

إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك ولا يحدّون فيه صفة محصورة.

وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج : فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة . ويزعمون أن من أقر بها مشبه . وهم عند من أثبتها : نافون للمعبود.

والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله ، وهم أئمة الجماعة والحمد لله" انتهى من التمهيد (7/ 145).











رد مع اقتباس