إخباره صلى الله عليه وسلم عن كتاب حاطب الذي بعثه إلى مكة
روى البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال: «ائتوا روضة خاخ([1])فإن بها ظعينة([2])معها كتاب فخذوه منها» فانطلقنا تعادي([3]) بنا خيلنا فإذا نحن بالمرأة فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي كتاب, فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها([4]) فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا حاطب؟ ما هذا» قال: لا تعجل عليَّ يا رسول الله إني كنت امرأً ملصقًا في قريش (قال سفيان: كان حليفًا لهم ولم يكن من أنفسها وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذا فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتخذ فيهم يدًا يحمون بها قرابتي ، ولم أفعله كُفرًا ولا ارتدادًا عن ديني ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق», فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق, فقال: «إنه قد شهد بدرًا, وما يدريك لعل الله اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم»([5]).
([1]) روضة خاخ بين مكة والمدينة وهي إلى المدينة أقرب.
([2]) الظعينة هي الجارية، وأصلها الهودج وسميت به الجارية لأنها تكون فيه.
([3]) تعادي: أي تجري.
([4]) عقاصها: أي شعرها المضفور جمع عقيصة.
([5]) الفتح ومسلم (1941).