منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - عشر ذي الحجة وشيء من فضائلها وأحكامها وآدابها
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-09-04, 11:52   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

القول الأول: وجوبها؛ وهو مذهب أبي حنيفة، وقول في مذهب الإمام أحمد، وقول في مذهب الإمام مالك، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية.


والقول الثاني: استحبابها وعدم وجوبها، وهو مذهب الإمام الشَّافعيّ، والمشهور في مذهب الإمام أحمد، والإمام مالك، وهذا هو الصحيح، ولكنَّها من السُّنَن المؤكَّدة، ويدلُّ على هذا عدَّة أدلَّة:


الدَّليل الأول: أنَّ الأصلَ براءةُ الذِّمَّة، ولا نعلم دليلاً صحيحاً صريحاً يدلُّ على وجوب الأضحية، والأحاديث التي فيها الأمر بها لا يصحُّ منها شيء ([1]).


والدَّليلُ الثَّاني: روى أبو داود (2789) من حديث عيَّاش بن عبَّاس القتباني عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت بيوم الأضحى عيداً جعله الله- عز وجل- لهذه الأمة». قال الرجل: أرأيت إن لم أجد إلا أضحية أنثى، أفأضحِّي بها؟ قال: «لا، ولكن تأخذ من شعرك وأظفارك، وتقصُّ شاربك، وتحلق عانتك؛ فتلك تمامُ أضحيتك عند الله عز وجل».


وهذا في يوم العيد؛ فلو كانت الأضحية واجبةً لأمره أن يضحِّيَ بهذه المنيحة الأنثى.


والدَّليلُ الثَّالثُ: ما رواه مسلم في «صحيحه» (1977) عن سعيد بن المسيَّب عن أمِّ سلمة أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي...» الحديث، فعلَّق الأضحيةَ بإرادة الشَّخص ([2]).


والدَّليل الرَّابع:أنَّه لم يَثْبُتْ عن أحد من الصَّحابة أنَّه أوجب الأضحية؛ قال أبو محمد ابن حزم في «المحلى» (7/358): (لا يصحُّ عن أحد من الصَّحابة أنَّ الأضحيةَ واجبةٌ). اهـ.


وروى البيهقيُّ (9/265) بإسناد صحيح عن الشّعبيِّ عن أبي سريحة الغفاريّ– وهو حذيفة بن أسيد– قال: أدركت أبا بكر– أو رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما– كانا لا يضحِّيان كراهيةَ أن يُقتدَى بهما.


وروى البيهقيُّ أيضًا (9/265) بإسناد صحيح عن أبي مسعود الأنصاريِّ قال: إنِّي لأدع الأضحى وإنِّي لموسر؛ مخافةَ أن يرى جيراني أنَّه حتمٌ عليَّ.


وقد جاء معنى هذا عن ابن عبَّاس وبلال وغيرهما من الصَّحابة رضوان الله عليهم أجمعين .


وعلَّق البخاريُّ في «صحيحه»([3]) عن ابن عمر أنَّه قال عن الأضحية: سنَّة ومعروف.


ولا يعلم لهؤلاء الصَّحابة مخالف؛ بل الذي ثبت عنهم أنَّها سنَّةٌ.


وقد روي عن أبي هريرة مرفوعاً وموقوفاً ما يفيد الوجوب.


أخرج الإمام أحمد (2/ 321) وابن ماجه (3123) وغيرهما من حديث عبد الله بن عيَّاش عن الأعرج عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان له سعة ولم يُضَحّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانا».


هذا الإسناد فيه عبد الله بن عيَّاش وفيه ضعف، وقد اختلف في رفعه ووقفه.


قال ابنُ الجوزيّ في «التَّحقيق»- كما في «التَّنقيح» (3/566): (قال أحمد: هو حديث منكَر. وقال الدَّارقطنيُّ: قد روي موقوفًا، والموقوف أصحُّ). اهـ.


وقال ابن عبد الهادي في «التَّنقيح» (3/563): (وقد رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن زيد بن الحباب عن عبد الله بن عيَّاش، وكذلك رواه حيوة بن شريح وغيرُه عن عبد الله بن عيَّاش.


ورواه ابنُ وهب عن عبد الله بن عيَّاش عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفًا، وكذلك رواه جعفر بن ربيعة وعبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفًا، وهو أشبهُ بالصَّواب).اهـ.


قلت: رواية عبد الله بن أبي جعفر لا يصحُّ إسنادُها إليه، ورواية جعفر بن ربيعة لم أقف على إسنادها.


والخلاصَةُ أنَّ كبارَ الصَّحابة رضوان الله عليهم لم يَثْبُتْ عن أحد منهم إيجابُ الأضحية؛ فدلَّ هذا على أنَّها سنَّةٌ وليست بواجبة.

([1]) وأما ما جاء في حديث جندب بن سفيان، وحديث البراء بن عازب، وحديث أنس – وكلها في (الصحيحين) – فهو مقيَّد بمن ذبح قبل الصلاة، ولذا جاء في حديث جندب: (من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله).

([2]) في عدم دلالة تعليق الأمر بالإرادة على وجوب العبادة كلام لأهل العلم؛ فهو ليس على إطلاقه؛ فالإرادة أحيانًا لا تنافي الوجوب؛ كما في قوله r عندما وقَّتَ المواقيت، قال: «هن لهن ولمن أتى عليهن ممن أراد الحج والعمرة»، ولا شكَّ أنَّ الحجَّ واجب، والرَّاجح في العمرة أنَّها واجبة أيضًا؛ ولكنَّ الإرادةَ في الغالب تدلُّ على عدم الوجوب، والأدلة الأخرى في هذه المسألة كافية، والله تعالى أعلم.

([3]) في كتاب الأضاحي، باب سنة الأضحية (5/2109).










رد مع اقتباس