منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - السلسلة المُحمّدية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-04-20, 12:47   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
السَّحابة البيضاءْ
مشرف سابق
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

المفتاح


كل النّاس حيارى ... إلاّ محمّد ﷺ . هو وحده يقف بعيداً يبتسم للحيارى ويلوّح لهم بيده الّتي فيها مفتاح الحياة السحري

فما هو هذا المفتاح ؟

هو قوله : ﴿ إنّما الأعمال بالنّيات ، وإنّما لكل امرئ ما نوى
و يدير محمّد ﷺ هذا المفتاح فإذا به يفتح خزائن علمه كلّها للجميع بدون أجر و بدون ضوضاء ، كما تشرق الشّمس فتغمر الأرض كلها بنورها في غير ضجّة ولا رجّة .
ماذا في تلك الخزائن ؟
فيها لكل مشكلات البشرية حلولاً .
ما هي الحياة ؟ لماذا الحياة ؟ كيف الانطلاق في هذه الحياة ؟ لحساب من نعيش هذه الحياة ؟
ويبتسم محمّد ﷺ ويعجب لماذا كل هذه الحيرة و إنما المسألة أبسط مما يتصور النّاس ؟!
ما هي الحياة ؟
يجيب محمّد ﷺ نيابةً عن ربّه : ﴿ إنّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ﴾ يس 82
أراد الله أن تكون هذه الحياة فكانت ، و إرادة الله ليست شيئاً يستطاع منعه ، كلاّ إنما هي شيء نافذ قاهر يستحيل إيقافه .
والآن لماذا الحياة ؟
يجيب محمّد ﷺ نيابةً عن ربّه : ﴿ وما خلقت الجنّ و الإنس إلاّ ليعبدونِ ﴾ الذاريات 56
إله خلق كائنات أوجدها من عدم ولم تكُ قبل شيئاً فكان أمراً طبيعياً أن تتجه هذه الكائنات كلها إلى موجدها ومبدئها : وهذه هي العبودية لله في أبسط صورها .
كائنات تتجه إلى خالقها ولكن هل تتجه في ترفع أم في خضوع ؟
الجواب : في خضوع لأنّها تشعر بالحاجة إلى ذلك القّهار الجّبار الّذي أبدعها من عدم .
وهذه هي العبادة أو هذا هو السّجود بين يدي الله .
ثمّ لماذا جعل الله هذه الحياة شراً وخيراً ألماً وسروراً غنى وفقراً صحةً ومرضاً موتاً و حياةً ؟
يجيب محمّد ﷺ نيابةً عن ربّه : ﴿ الّذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً ﴾ الملك 2
فكرة الحياة أو التصميم الإلهي للحياة أن تكون اختباراً للإنسان
ثمّ كيف الانطلاق في هذه الحياة ؟
الجواب عند محمّد ﷺ فيما يذيعه نيابةً عن ربّه : ﴿ تلك حدود الله فلا تعتدوها ﴾ البقرة 229
عيشوا أيّها النّاس كيف شئتم ولكن في حدود الدائرة الّتي سمح لكم الله أن تنتشروا فيها ، وهذه هي حدود الله أو الخطوط العامة العريضة الّتي خططها الله لينتظم عليها البشر جميعاً فيحيوا حياةً سعيدةً .
ثمّ لحساب من نعيش هذه الحياة ؟
الجواب عند محمّد ﷺ فيما يذيعه نيابةً عن ربّه : ﴿ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و إن أسأتم فلها ﴾ الإسراء 7
قانون طبيعي كل من أحسن حياته إنما يُحسن لنفسه وكل من أساء حياته إنما يسيء إليها . ويسارع محمّد ﷺ بعد ذلك كله ويلوح بمفتاحه السحري الّذي هو الأصل العام لهذه النواميس كلها ويعلن : ﴿ إنما الأعمال بالنّيات ﴾ فيكشف الغطاء عن أخطر قضية . قضية متى يكون العمل ذا قيمة ومتى يفقد قيمته ؟ متى يكون عمل الإنسان معتبراً عند الله ، ومتى يكون لا وزن له عند الله ؟
﴿ إنما الأعمال ﴾ إنما الأعمال أيّاً كانت .. ظاهرة أم باطنة ، جليلة أم حقيرة
﴿ بالنّيات ﴾ بما يضمر الإنسان في قلبه ، ماذا كان يريد الإنسان بهذا العمل الّذي عمل ؟ هل كان يريد مجرد العمل ؟ هل كان يريد منافع الدنيا وحدها ؟ هل كان يريد الوصول إلى قضاء شهواته و نزواته ؟ أم كان يريد بعمله هذا الإله الّذي تفضّل عليه و منحه الحياة ؟
و لذلك يقول محمّد ﷺ ﴿ و إنما لكل امرئ ما نوى ﴾ و إنما لكل امرئ جزاء ما نوى عند همّه بذلك العمل .
ثمّ يزيد محمّد ﷺ البشرية إشعاعاً فيقول : ﴿ فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ﴾ أخرجه البخاري
وهكذا فصل محمّد ﷺ في القضية أخطر قضية في بساطة محيّرة للعقول ، و انفتحت بذلك خزائن النّور و تمددّت آفاق الحياة .
إن كنت تريد الله بعملك قبِل الله منك ذلك العمل و أعطاك عوضاً عنه في الآخرة نعيماً أبدياً ، وإن كنت تريد شيئاً آخر غير الله فلا وزن لعملك عنده ، هذا هو تقييم محمّد ﷺ للأعمال . و هو ميزان رفيع يرتفع بقيمة العمل البشري و يحوله إلى طاقة ، و يرتفع بالطاقة و يحولها إلى ما هو أرق من الطاقة إلى نور ، و يرتفع بالنور فيحوله إلى ما هو ألطف من النور ، إلى نيّة تصدر عن القلب فتتحرك إرادة الإنسان فتُحرّك جوارحه لتنفيذ الأعمال .
فلم تعد الأعمال مجرد مجهود يبذل وإنما أصبحت ذات هدفٍ تهدف إليه ، ولم يعد المجهود الّذي يبذله المرء ضائعاً بمجرد انتهائه و إنما ممتداً إلى مالا نهاية ممتداً هناك عند الله ، يضاعف الله تعالى له عليه أجراً ، حتّى إذا جاءه وجده عملاً عظيماً جدّاً .. نعيماً أبدياً لا نهاية له .
وهذا هو الانفساح الّذي يضيفه محمّد إلى هذه الحياة الّتي ضاقت بأهلها ، يفتح أمام كل إنسان آمالاً من واقع عمله لا من وهم خياله .
و لكن ما هي هذه النية الّتي اعتبرها محمّد ﷺ ميزان الأعمال كلّها ؟
هي شيء عجيب جدّاً ! شيء لا يطّلع عليه ولا يعرفه أحد إلاّ الله تعالى ، ولذلك يستحيل التدليس فيها لأنّها مختصة بالله وحده ، فقد يعمل النّاس أعمالاً عظيمة جداً تعود على مجتمعاتهم بالخير العميم و لكنها عند الله لا قيمه لها . لماذا ؟ لأنّهم لم يريدوا بها وجه الله !
وقد يعمل الإنسان عملاً تافهاً فيما يبدو للنّاس ، ولكنه يتحوّل إلى عملٍ رائع ، عظيم عند الله . لماذا ؟ لأنه أراد وجه الله حين همَّ بذلك العمل !
و العجيب أيضاً في هذه النيّة أنها شيء سهل مستطاع لمن أرادها ، إنها مجرد تحويل الإرادة إلى الله .

متى وجهتَ قلبك إليه تعالى ، فقد ثبت لكَ عند الله فوزاً و أجرٌ عظيم ، ومتى وجهتَ قلبكَ إلى ما سواه ، فلا شيء لكَ عنده !!









آخر تعديل السَّحابة البيضاءْ 2015-04-21 في 11:00.
رد مع اقتباس