منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - وتجرّع مرارة الغربة صبيّا ...( بقلمي طبعا )
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-03-12, 12:41   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
رَكان
مشرف عـامّ
 
الأوسمة
المشرف المميز **وسام تقدير** وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام التميز وسام الحضور المميز في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي

صوت الشيخ ثانية ..يقفز من سريره وجلا..يتعثر في طريقه الى زر الضوء ليسقط مرتين بعد لأي ينير الغرفة ..فيجد ثيابه يرتديها عجلا ..يتوجه لميضأة المسجد يتوضأ ويصلي منفردا في غرفته ..كانت الساعة بعدها تقارب السابعة والنصف صباحا.. لم يعد من الوقت ما يكفي .يخرج مسرعا حاملا أغراضه وفي طريقه الى المتوسطة يتوقف بالمقهى يكتفي بهلالية وكأس حليب على عجل يتناولهما كان يتحاشى نظرات تحدق به من هنا وهناك ..كان يرى ذلك حتى من دون ان يلتفت ...بعض السرور ينتابه مساحا شيئا من حزن خيّم على نفسه ..ولِم لا وهو ستكتحل عينيه برؤية زملاء الدراسة يشتم فيهم رائحة البلاد ..وصل وكان متأخرا فلم يجد أحدا كما توقع فيوجهه المراقب لقاعة الدرس ولجها يأخذ مقعدا في المؤخرة الهدوء يخيم ..ينظر في كل ناحية يحاول التعرف على اصدقائه ..عرف بعضهم ..الأستاذ يشرح الدرس ..لم يكن يجد القدرة على المتابعة .سوى التفكير في أحمد ترى أين يقيم ..وسليم ..وقدور هل هم مثله هل يسكنون فندق أم هناك عائلة تأويهم ..كل ذلك يدور بمخيلته ليعود من وقت الى آخر يتذكر أمه تراها ماذا تفعل الآن هل هي كعادتها الضحى تمضخ الحليب ..
أو ترتب البيت بعدما تركه سكانه لكل شانه ..ذهب في كل صوب سابحا في خياله ..الى ان اعلن الجرس ..ساعة المغادرة .ليهرع لأصدقائه يحضن هذا يسلم على ذاك يكاد يطير فرحا بلقائهم ..مر اليوم عليه بأطيب مالم يكن يتصوره لكنه وبحلو المساء مع آخر حصة عاودته الهواجس بجحافلها.. ليل ينتظره وكأنه الوحش يترقب ابتلاعه ...أوصاه والده أن يكون تواجده بالغرفة قبيل المغرب ببعيد...يدخل صحن المسجد محملا يمينه خبزا لعشائه وحين عبوره الصحن الى الغرفة حانت منهالتفاتة الى يمنيه ليرى في زاوية تكاد تقابل باب غرفته تابوتين أحدهما بني اللون والآخر بلون أخضر ..شعر رجفة تسري ببدنه ..اشاح بوجهه لهول ما رأى يسرع الى الغرفة لشدة فزعه ارتبك وهو يحاول فتح قفل بابها ليهرع الى الداخل موصدا الباب بعنف لم يتعمده ..ومنظر التابوتين لايفارق موضعا يقع عليه بصره . ..هاجس جديد الموت خارج الغرفة...هكذا ..أهذا ماكان ينقصه الصغير ..
يارب ارحم ..جلس على السرير ورغم مايشعره كم ارهاق لم يجد متعة في الإستلقاء فانكمش و رأسه ملاصقة ركبتيه ليقضي ماشاء الله من الوقت يبكي تارة ويحدث نفسه أخرى بأن مارآه سوى أداة من خشب.قد يحتاجها ا الناس يوما لنقل الموتى ..ولكن كان هناك ميت وميت وميت تم حمله على ذلك التابوت ربما بالأمس وربما ..ويقولون أن الموتى يعودون ووو صراع نشب داخل رأسه الصغيرة ولم ينتبه الا والعِشاء يؤذن للصلاة ..قام ليصلي المغرب والعشاء جمعا ..
ثم يتناول بعض ما تركه أبوه طعاما ..ولم يطل به الأمر ليكون قد تهيأ خلوده للنوم بعدما اطفأ المصباح ..وفي ظلمة الليل الحالكة ..وبكل صفاء يتجلى أمامه منظر ذلك التابوتين ..أغمض عينيه ضاغطا عليهما بكلتا يديه ..وعبثا يفعل ..اشتد عليه الأمر ..فأجهش بالبكاء ولم تسعفه دموعه بل زادت مرآهما نقاء ..واسعفته بادرة الى ذهنه أن يشعل المصباح ففعل ..شعر الإرتياح بعدما تلاشى من أمام عينيه ذلك المشهد الرهيب ..كان يحدق في السقف والجدران وماحوله من مكونات الغرفة ..محاولا نسيان هول ما يوجد خارج الغرفة ...لينام وضوء الغرفة مشتعلا ..
في اليوم التالي قضى صبيحته كسابقه..يعود مساء لغرفته لاأثر معه لدرس تلقاه أو حكاية سمعها غير حزن يثقل تفكيره لصعوبة ما يلاقيه من فراق أهله ...بعد صلاة المغرب يدق الشيخ باب الغرفة مستأذنا فيدخل ملقيا السلام على الطفل الصغير سائله عن حاله ودرسته والصبي يوجب إماء أكثر منه كلاما ..حياء... ليطول الحديث آخذا وُجهة تفطن الصبي بنباهته
منتهاها...ليطرق الشيخ استغرابه من شأن ضوء الغرفة مضيئا طوال ليلة البارحة ويضيغ يا عمر يا ولدي لم يكن عليك تركه مشعولا ..فأنت لابد وأنك لاتعلم أن لصوص الليل يستهويهم ولوج الأمكنة المُضاءة ليلا ..
وعليه فلتحرص على اطفاء النور قبل نومك بارك الله فيك ..كانت آخر كلماته ترافق خطواته نحو الباب مغادرا ليترك الصبي يرتعش خوفا كالطائر المذبوح ...ليقتحم مسرح خوفه هاجس آخر اللصوص ..فمجرد سماع اللفظة يهز أوصاله ..هاهو يغمض عينيه لم تعد لديه طاقة ليفكر ماذا يفعل يشعر أنه مُحاصر بما يوجد قبالة الغرفة أين يهجع ذينك التابوتين في صمت فتهديد زوار الليل .وحرمانه إضاءة الغرفة ..يخرجه من كل ذلك صوت أذان العِشاء ..لم يصل المغرب عليه أن يتوضأ كيف يجرؤ مغادرة الغرفة ينهض من مكانه يقلب في ركام اغراض على ارضيتها ليجد قطعة من حجر يتيمم ويصلي المغرب والعشاء ..تعود تناول عشاءه في ذلك الوقت لكنه فقد الشعور بالحاجة للأكل لما استجد.. يتوجه نحو باب الغرفة يجر مكتبا كان هناك لم يستطع يحالو دفعه كم هو ثقيل يثابر على ذلك يزحزحه شبرا شبرا الى أن يوصله لغاية الباب من أجل تحصينه ..يتثبت من أن النافذة مغلقة بإحكام ..

يتبع









رد مع اقتباس