منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أيّها الأئمّة احذروا الإعتداء في الدّعاء .
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-11-17, 20:12   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عَبِيرُ الإسلام
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية عَبِيرُ الإسلام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي أيّها الأئمّة احذروا الإعتداء في الدّعاء .


أيّها الأئمّة احذروا الإعتداء في الدّعاء


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

إنّ مما لا شك فيه أنّ «الدّعاء هو العبادة» كما صَحّ بذلك الخبر عن المصطفى من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه(1). ومادام أنّ الدّعاء عبادة فإنّه يشترط لقبوله شرطان:

الأول: الإخلاص، فلا يدعو العبد إلاّ وهو يبتغي وجه الله لا رياءً ولا سمعةً،
والثاني:
المتابعة: أي يقتفي فيه طريقة وهدي محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا اختل واحد من هذين الشرطين فإن العمل يكون باطلاً مردوداً على صاحبه كائناً من كان؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في «الصحيحين» قالت: قال عليه الصلاة والسلام: «مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» ولمسلم: «مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».

وقال شيخ الإسلام في "الفتاوى"(15/24): (وقوله تعالى:{إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} عقيب قوله: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} دليل على أنّ من لم يدعه تضرعاً وخفيةً فهو من المعتدين الذين

لا يحبهم).اهـ.

ولاشك أنّه مما ينبغي للعبد أن يتفطن له هو ما يتقرب به إلى الله من الطاعات وخاصة الدعاء الذي نحن بصدد الكلام عليه، هل وافق فيها مراد الله وتابع فيها رسول الله ؟ فإنْ كان كذلك فليحمد الله وليسأله المزيد، وإن كان غير ذلك فليتدارك ما بقي من عمره وليصحح ما أفسد من عمله قبل ألا ينفع الندم.

ألا وإنّ مما ابتليت به الأمة في بعض الأمصار من محدثات في طريقة الدعاء أو في ألفاظ الأدعية حتى رأينا وسمعنا ألوانا منها صعب علينا إحصاؤها فضلاً عن إنكارها، وربما توارثها الناس جيلاً بعد جيل إلى أن استقر الأمر عند بعضهم أنها من السنة وهي ليست كذلك، فإذا تُركِت قال: تُركت السنة، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصّغير ويتّخذها الناس سُنَّة فإذا غُيِّرَت قالوا: غُيِّرَت السُّنَّة» قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال: «إذا كَثُرَت قُرَّاؤُكُم وقَلَّت فقهاؤكم وكَثُرت أُمَراؤكم وقلّت أمناؤكم والْتُمِسَت الدّنيا بعمل الآخرة [ وتُفُقِّهَ لغير الدِّين ]». رواه الدرامي (1/64) والحاكم (4/514-515) بسند صحيح.

فمن تلك الأمور المحدثة:

أولا: التّغنّي بالدّعاء والتّطريب والتّلحين وهو أمر مُحدَث ويدل لذلك:

1- أنّ الأصل في العبادات المنع والتّوقّف لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة: «مَن أحدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَد» رواه البخاري، فليس المنع مقتصراً على أصل العبادة فحسب بل حتى في صفتها ووقتها وعددها وزمنها ومكانها وهيئتها، ولا دليل على صفة التّغنّي بالقنوت فكيف نتعبّد الله بما لم يشرع لنا، ولو كان خيراً لسبقونا إليه ونقل إلينا .

2- إنّ الأمر بالتّغني والترتيل إنما ورد في تلاوة القرآن لما روى البخاري في «صحيحه» عن أبي هريرة: «ليس مِنّا مَنْ لم يتغن بالقرآن» فلم يقل: تغن بالدّعاء، وإنّما بالقرآن، وقال عليه الصلاة والسلام: «زيّنوا القرآن بأصواتكم» ولم يقل: زَيِّنُوا الدعاء ...

3- ذَكَرَ شيخ الإسلام أنّ إدخال الألحان في الصلوات هي من طريقة النصارى حيث قال في «الفتاوى» (28/611): (وكذلك إدخال الألحان في الصلوات لم يأمر بها المسيح ولا الحواريون) اهـ، وخير شاهد على هذا في العصر الحاضر ما تبثه بعض القنوات والإذاعات من الأدعية البدعية والابتهالات الملحنة .

4- أنّك لو سألت الخطيب على المنبر هل تتغنّى بالدّعاء ؟ لقال: لا، ولو سألت المصلي هل يتغنّى بالدعاء في سجوده ؟ لقال: لا، ولو سألت المصلي الذي في المسجد ينتظر الصلاة: هل تتغنى بالدعاء ؟ لقال: لا، إذاً فما الذي خَصَّ دعاء القنوت بهذا التغني والتلحين والترتيل الذي نسمعه اليوم دون بقية الحالات ؟؟ فإنّ الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ولا تجمع بين المختلفات(1).

5- أنّ التّغنّي والتّطريب بالدّعاء من أسباب ردّه وعدم قبوله لأنّه اعتداء في الدعاء، قال الكمال بن الهمام الحنفي: (ومما تعارف عليه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغة في الصياح و الإشتهار لتحريرات النغم إظهار للصناعة النغمية لا إقامة العبودية؛ فإنه لا يقتضي الإجابة بل هو من مقتضيات الرد ... فاستبان أن ذلك من مقتضيات الخيبة والحرمان ). «فيض القدير» للمناوي (1/229).

وقال: (ولا أرى أنّ تحرير النغم في الدعاء كما يفعله بعض القراء في هذا الزمان يصدر ممن يفهم معنى السؤال والدعاء وما ذاك إلا نوع لعبٍ، فإنه لو قدر في الشاهد سائل حاجة أدى سؤاله بتحرير النغم فيه من الخفض والرفع والتطريب والترجيع كالتغني نُسب البتة إلى السخرية واللعب إذ مقام طلب الحاجة هو التضرع لا التغني) اهـ.

ولك أخي الكريم أن تتأمل وأنت تسمع بعضهم وهو يدعو وكأنه يقرأ القرآن بالمدود والقلقلة والإخفاء والإظهار، حتى إنك ترى بعض المصلين عند سماعه للقنوت لا يفرق بين القرآن وبين الدعاء .

ثانيا: من المحدثات: رفع الصّوت بالدّعاء وهو فعل منكر لأمور:

1-أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام أنكر على الصحابة عندما رفعوا أصواتهم بالدعاء، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أيّها الناس إِربَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمّ ولا غائباً، إنه معكم إنه سميع قريب تبارك اسمه وتعالى جده». قال الحافظ في «الفتح» (6/135): (قال الطبري: فيه كراهية رفع الصّوت بالدّعاء والذِّكر، وبه قال عامة السلف من الصحابة والتابعين).اهـ.

1- 2- قال شيخ الإسلام في «الإستقامة» (1/322): (إن رفع الأصوات في الذِّكر المشروع لا يجوز إلا حيث جاءت به السنة كالأذان، والتلبية، ونحو ذلك، فالسنة للذاكرين والداعين ألا يرفعوا أصواتهم رفعاً شديداً .... وقد قال تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [سورة الأعراف: 55 ] وقال عن زكريا: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً} [سورة مريم: 3 ]؛ وقال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} [سورة الأعراف: 205] وفي هذه الآثار عن سلف الأمة وأئمتها ما ليس هذا موضعه كما قال الحسن البصري: رفع الصوت بالدعاء بدعة. وكذلك نصّ عليه أحمد ابن حنبل وغيره).اهـ.

3- وقال الألوسي في «روح المعاني » (8/139): (وترى كثيراً من أهل زمانك يعتمدون الصّراخ في الدّعاء خصوصاً في الجوامع حتى يعظم اللغط ويشتد، وتستك المسامع وتستد، ولا يدرون أنهم جمعوا بين بدعتين: رفع الصوت في الدعاء، وكون ذلك في المسجد، وروى ابن جرير عن ابن جريج: أنّ رفع الصوت بالدعاء من الإعتداء المشار إليه بقوله سبحانه: {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}).اهـ.

4- أخرج البخاري في «صحيحه» (5/2331): عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} أنها قالت: (أُنزِلَت في الدّعاء).

ثالثاً: من الأمور المحدثة في الدعاء: السّجع:

1- فقد كرهه السلف ونهوا عنه، قال ابن عباس رضي الله عنهما لمولاه عكرمة: «انظر السّجع من الدعاء فاجتنبه فإنّي عهدت رسول الله وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الإجتناب .. » رواه البخاري.









 


رد مع اقتباس